ماهر عشم يكتب.. كنوز الصعيد

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ تشرفت الأسبوع الماضي بزيارة إلى الصعيد الذي أفتخر بانتمائي له فمسقط رأسي مدينة أسيوط التي قضيت بها المرحلة الأولى من حياتي حتى المرحلة الجامعية التي انتقلت بسببها إلى محافظة القاهرة.

منذ تلك الفترة وأنا شديد الانتماء ودائم الزيارة لها وعندما فكرت في 2008 في تأسيس جمعية للقروض متناهية الصغر بدأتها بأسيوط. أنا دائم الزيارة أيضًا لقري المنيا وبني سويف لأسباب مختلفة متعلقة بالتنمية والعمل الاجتماعي .

E-Bank

اختلفت الزيارة الأخيرة عن الزيارات السابقة في مداها فقد كنت وجهتي هذه المرة إلى مركز نقادة بمحافظة قنا والتي تبعد نحو 330 كيلومترًا جنوبًا عن أسيوط.

وأود في مقالي أن أسجل بعض الحقائق والملاحظات والاقتراحات حبًّا في بلدي عامة وفي الصعيد على وجه الخصوص وقناعة مني في دور تلك المنطقة وأهلها الذي لا يمكن أن نتقدم من دونه.

أولًا: يشكل عدد السكان بمحافظات الصعيد نحو ثلاثين بالمئة من عدد سكان مصر هذا لو اعتبرنا أن الجيزة تابعة للقاهرة الكبرى ولم نأخذها في الاعتبار. وتمتد محافظات الصعيد بطول 960 كيلومترًا تقريبًا حتى محافظة أسوان وأكثر من ألف ومئتي متر إلى الحدود الجنوبية.

ولا يمكن أن نحقق التنمية الشاملة مع إغفال أكثر من نصف مساحة مصر وثلث عدد السكان. هذا بالإضافة إلى الامكانات والموارد الموجودة بالصعيد والتي هي أحد أعمدة مكونات التاتج المحلي لمصر كالآثار والسياحة.

ثانيًا: يوجد طريقان رئيسيان الغربي والشرقي نسبة إلى موقعهما من نهر النيل وهما الشرايين الأساسية في نقل البضائع والركاب بالإضافة إلى القطارات. الطريقان تحت الإصلاح وأعمال الصيانة في وصلات تمتد بطول المسافة بين محافظات رئيسية أحيانًا.

فالطريق الشرقي يعمل اتجاهًا واحدًا من الكريمات حتى بني سويف وأيضًا جنوب أسيوط إلى سوهاج والطريق الغربي مليء بالمدقات والتحويلات الخطيرة من أسيوط إلى المنيا. وللحقيقة تحول إلى طريق مثالي من المنيا إلى القاهرة.

الإشكال هنا في أن تلك الأعمال مستمرة من سنوات ومؤثرة جدًّا على كفاءة وسلامة النقل بين تلك المحافظات وبعضها وبينها وبين القاهرة وشمالها.

وغير خاف على أحد أن الطرق هي عماد التجارة والاستثمار وقد أثبتت الدولة قدرات خارقة وكفاءة لا مثيل لها في بناء وإصلاح شبكات الطرق في أنحاء متعددة لذلك أطالب الدولة بالاهتمام بطرق الصعيد والانتهاء من تلك الأعمال التي امتدت منذ سنوات للآن بنفس السرعة والكفاءة.

ثالثًا: الصعيد به موارد وإمكانات إن أحسنّا استغلالها لحققنا التنمية التي نأمل فيها واللازمة لرفع مستوى معيشة أهالينا في تلك المناطق ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

موارد بشرية: فجامعات الصعيد تخرج لنا شبابًا وشابات لديهم العلم ولكن يحتاجون إلى التدريب على المهارات المكملة والاستثمارات التي يمكنها الاستفادة منهم. فلو أخذنا صناعة البرمجيات على سبيل المثال واستفدنا من وجود الشابات خاصة لأنهن الأقل احتمالًا للسفر والاستقرار في مدن أخرى لتوصلنا إلى معادلة صعبة من كوادر مدربة بتكلفة أقل واستطعنا المنافسة في مجال الحضر.

موارد سياحية: فالأقصر وأسوان هما دائمًا قبلة السياحة الداخلية والخارجية والمعالم السياحية الغنية بالآثار منتشرة في جميع المدن والقرى ولكن تفتقر إلى الطرق الممهدة الحضارية المؤدية لها. كما تفتقر إلى الاستثمارات اللازمة لحسن استغلالها وقبل كل هذا تحتاج إلى التعريف بوجودها وتقديمها للمستثمر وتذليل العقبات أمامه فقد يكون المستثمر أقرب جغرافيًّا ويحتاج إلى التسهيلات.

موارد زراعية: فالصعيد غني بالإنتاج الزراعي القابل للتوسع الرأسي بصناعات غذائية مكملة عالية الجودة والثمن والتي لها أسواق تصدير متعطشة لمنتجات مثيلة كالطماطم المجففة والمعبأة والفواكه المجففة والنباتات والزيوت العطرية إلى آخره.

حرف يدوية: ففي زيارتي إلى نقادة أذهلني النسيج اليدوي ومهارة أهلها في استخدام النول التراثي والتاريخي فمصر هي أول من أنتجت المنسوجات الملونة والمطرزة ومنها شواهد بالمتاحف العالمية كاللوفر. كما أبهرني جمال منتجاتهم بالرغم من الظروف القاسية التي يعملون بها ببيوتهم والتي أن أحسنا تسويقها عالميًّا لتغيرت تلك المدينة تمامًا من الناحية الاقتصادية. وهناك أمثلة شبيهة أخرى كثيرة كحجازة وإخميم وغيرهم.

بالصعيد كنوز ومواهب وأصالة وعراقة وموارد أن أحسنا استغلالها لساهمنا مباشرة في رفع مستوى المعيشة لأهلها، بل وفي زيادة إجمالي الناتج المحلي لمصر. نحتاج إلى الاهتمام بالطرق وزيادة المجهود المبذول في التدريب المكمل للتعليم. كما نحتاج إلى جذب الاستثمارات اللازمة لاستغلال تلك الموارد وتعريف المستثمرين بتلك الفرص وتذليل العقبات أمامهم فهل من مجيب؟

الرابط المختصر