مستشار وزير المالية: خصم جميع تكاليف الاستثمار بالبورصة من وعاء ضريبة الأرباح الرأسمالية بما في ذلك الشراء الهامشي

العدالة الاجتماعية الفلسفة الأساسية للتطبيق.. فلا يجوز تحميل الموظف ضريبة على راتبه الشهري وإعفاء من يستثمر فوائض أمواله

ياسمين منير ورضوى إبراهيم _ طرحت جريدة حابي على رامي يوسف مستشار وزير المالية للسياسات الضريبية، أغلب الانتقادات والتساؤلات التي تناولتها أطراف السوق المختلفة خلال الفترة الأخيرة حول تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية على التعاملات في البورصة بما في ذلك الأمور الفنية المتعلقة بوضع صناديق الاسثمار وآليات حساب الضريبة وحدود التكاليف المخصومة، وكذلك الطروحات الجديدة خاصة للكيانات التي تتسم بالارتفاع الكبير في قيمتها السوقية عن الدفترية مثل شركات التكنولوجيا، علاوة على أسباب التفرقة في المعاملة الضريبية بين الاستثمار في البورصة وقنوات الاستثمار الآمن مثل الودائع والشهادات البنكية.

إقرأ أيضا.. كريم عوض: ضريبة الأرباح الرأسمالية تحتاج إعادة نظر بحل جذري وليس التأجيل.. والدمغة أكثر فائدة للجميع

E-Bank

في البداية قال مستشار وزير المالية إن الوضع القائم حاليًا هو الالتزام بتطبيق القانون الذي خضع لمناقشات مطولة وتم اعتماده من البرلمان نهاية العام الماضي، وهو ما أكد عليه الوزير الدكتور محمد معيط مؤخرًا، مشيرًا إلى أنه لا توجد اجتماعات على أجندة وزارة المالية خلال هذه المرحلة مع أي من أطراف سوق المال لمناقشة ملف ضرائب البورصة مرة أخرى.

الصناديق مثل باقي الكيانات يجب أن تخضع للضرائب.. ومستعدون لمناقشة آليات احتسابها مع مديري الاستثمار

وأكد يوسف أن صناديق الاستثمار مثل باقي الكيانات الاقتصادية يجب أن تخضع للضريبة المقررة، مستنكرًا الاستشهاد بالتجارب العالمية في هذا الشأن في ظل اختلاف السياسة الضريبية من دولة لأخرى وبالتالي يصعب تبني تجربة بعينها كنموذج أمثل للسياسة الضريبية والتي تتحكم بها عناصر مختلفة وفقًا لأهداف وخطط والوضع الاقتصادي لكل دولة بشكل منفرد.

تابعنا على | Linkedin | instagram

لا توجد ممارسات عالمية نموذجية بشأن الضرائب.. وكل دولة تضع النظام الضريبي الملائم لاحتياجاتها وأهدافها

وأضاف: “يجب تطبيق العدالة الاجتماعية عند فرض الضرائب على الدخل.. كما أن أغلب الدول الناشئة المحيطة تفرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية بأسواق المال سواء للمستثمر المباشر أو صناديق الاستثمار، كما أن الأسواق المتقدمة تتجه إلى رفع نسبة الضرائب على الأرباح الرأسمالية مثل الولايات المتحدة التي رفعت نسبة الضريبة من 21% إلى 26%.. كما أن هناك دولًا أخرى لا تفرض ضرائب بما يؤكد على أن السياسات الضريبية تختلف من دولة لأخرى وفقًا لاحتياجاتها ومستهدفاتها”.

أغلب الدول الناشئة تطبق ضرائب أرباح رأسمالية وأداؤها أفضل من السوق المحلية.. والأسواق المتقدمة مثل أمريكا تتجه لزيادتها من 21% إلى 26%

وأشار إلى أن إعفاء صناديق الاستثمار يتسبب في خلل في السياسة الضريبية المطبقة على باقي السوق لأن التعامل على الأسهم في هذه الحالة سيكون معفى في جانب الصناديق وغير معفى للمستثمر المباشر، مشيرًا إلى أن ما يثار عن اختلاف التعامل الضريبي بين أنماط الصناديق غير دقيق، داعيًا مديري الصناديق للاجتماع مع وزارة المالية لمناقشة آليات التطبيق على أنواع الصناديق المختلفة ولكن مع الاتفاق مسبقًا على قبول مبدأ فرض الضريبة على الأرباح المحققة.

وأكد أن كل الدول التي تطبق ضرائب على الأرباح الرأسمالية عن التعاملات بالبورصة لديها أسواق مال نشطة وتدفق جيد لحركة رؤوس الأموال، وأداؤها أفضل من السوق المحلية، ما يشير إلى أنه لا يوجد تأثير سلبي لفرض الضرائب على جاذبية الأسواق.

ولفت إلى أن المطالب حاليًا التي تتداولها أطراف السوق تسعى إلى الوصول إلى إعفاء عدد كبير من العناصر الأساسية بالسوق مثل صناديق الاستثمار والاكتتابات الأولية وكذلك الشركات، الأمر الذي يخل بمدأ العدالة الاجتماعية في ظل تحمل الموظفين لضرائب عن الدخل الأساسي في حين أن المتعاملين بالبورصة يستثمرون الأموال الفائضة لديهم، مضيفًا أنه حتى وإن كان المستثمر يعتمد دخله الأساسي على عوائده من الاستثمار من البورصة فسيكون متساويًا في ذلك مع الموظف الذي تستقطع الضريبة من راتبه الشهري.

وفيما يتعلق بمدى تأثير الضرائب على جاذبية تأسيس صناديق استثمار محلية كبديل عن الصناديق الأوف شور التي ستتمتع بالإعفاء المقرر لغير المقيمين، قال يوسف إن اللجوء لتأسيس صناديق بالملاذات الضريبية أمر قائم منذ سنوات حتى في ظل عدم وجود ضريبة على الأرباح الرأسمالية، وهذا الاتجاه قد يعود لأسباب أخرى بخلاف الإعفاء الضريبيي مثل إخفاء الثروات، لافتًا إلى أن مساعي تشجيع تأسيس الصناديق محليًّا لم تؤتِ بثمارها طوال ما يزيد على 18 عامًا لم تطبق خلالها الضرائب على الأرباح الرأسمالية ما يؤكد أن الضرائب ليست السبب وراء العزوف عن تأسيسها محليًّا.

وأشار إلى أن الاتجاه للملاذات الضريبية تتم مواجهته عالميًّا عبر تطبيق ضريبة بحد أدنى 15% على كل الاستثمارات وفقًا لاتفاق مجموعة العشرين G20 وما يتبعه من إجراءات عالمية، يقضي بتطبيق هذه النسبة على الاستثمارات الوافدة من الدول التي تتمتع بملاذ ضريبي، وهي نسبة أعلى من سعر الضريبة المطبقة محليًّا والبالغة 10%، وهذا الاتجاه سيقضي تلقائيًّا على الاتجاه للملاذات الضريبية.

احتساب الضرائب على الأرباح غير المحققة بنشاط الصناديق يرجع إلى التفرقة بين المستثمر والشركة ولها معالجة محاسبية خاصة

وفيما يتعلق بأسباب إخضاع الأرباح غير المحققة بالصناديق للضريبة، أوضح مساعد وزير المالية أن الأمر يرجع إلى اختلاف التعامل الضريبي بين الأفراد والشركات، كما أن الأرباح غير المحققة لها معالجة محاسبية خاصة تعتمد أيضًا على التفرقة بين الأسهم التي سيتم الاحتفاظ بها والمتاحة للتداول. وأمور أخرى فنية تحقق العدالة في الحساب الضريبي.

وأكد إمكانية اتجاه مديري الاستثمار إلى بيع الأسهم الخاسرة قبل نهاية العام للحماية من الضرائب عبر تحويل الربح إلى خسائر دون الوقوع في مساءلة تتعلق بالتهرب الضريبي، مؤكدًا أنه في هذه الحالة سيتم اعتماد الخسائر وترحيلها للعام التالي بما قد يغطي أرباحه دون تحمل ضرائب أيضًا لثلاثة أعوام تالية، باعتبار هذه المعاملات ضمن السياسة الاستثمارية للمستثمر أو الصندوق على حد سواء.

يمكن للمستثمر سواء أكان فردًا أو صندوقًا ببيع استثماراته الخاسرة لتجنب الضريبة في نهاية العام دون اعتباره متهربًا.. وسنعتمد الخسائر لثلاث سنوات تالية

وحول أسباب عدم فرض الضريبة على الوثائق بصورة مباشرة بدلًا من مديري الاستثمار، قال يوسف إن هناك أساليب متعددة لفرض الضرائب على صناديق الاستثمار قد تتجاوز السبعة ولا يوجد أسلوب أفضل من غيره حيث يتعلق الأمر بالسياسة الضريبية والنظام المتبع في كل دولة، مشددًا على أن الوضع الأنسب للجميع يكمن في الاستقرار التشريعي وعدم التورط في التعديلات التي لن تثمر عن قانون أفضل من القائم.

وأكد مستشار وزير المالية للشؤون الضريبية أن القانون 199 الذي ينص على ضرائب الأرباح الرأسمالية لم يكن مفاجئًا للسوق، كما أن الأطراف المختلفة كانت ممثلة في المناقشات التي تمت قبل اعتماده، بما في ذلك بنوك الاستثمار الكبرى إلى جانب الجمعية المصرية للأوراق المالية وأطراف أخرى، ما يشير إلى أن إعادة فتح الحديث عن الضريبة يمثل محاولة جديدة للضغط تجاه إلغائها لعدم تحمل تكاليف إضافية.

الحوار المجتمعي على القانون شاركت به بنوك استثمار كبرى وأطراف متعددة بخلاف جمعية إيكما.. والانتقادات الحالية وسيلة ضغط لإلغاء الضريبة

وحول آليات احتساب الضرائب على الاستثمار طويل الأجل السابق لتطبيق الضريبة، وهل تاريخ اقتناء السهم هو المحدد الأساسي أم تاريخ تطبيق الضريبة؟ أكد يوسف أن الأمر سيحسب من تاريخ الاقتناء مثلما يطبق في حال المبيعات العقارية، فالأمر يتوقف في النهاية على السعر السوقي وفارق بين الشراء والبيع، ولا يوجد ما يبرر استثناء الأرباح الكبيرة عن الأرباح الصغيرة.

سعر السهم في تاريخ الاقتناء المحدد بحساب مقدار الربح عند البيع وليس تاريخ تطبيق الضريبة.. وضخامة العائد لا تبرر خفض الإلزام الضريبي

وفيما يتعلق بالتفرقة بين الاستثمار في البورصة والودائع المصرفية، أكد يوسف أن الاتجاه للودائع كبديل عن الاستثمار في البورصة لا يعود إلى الوضع الضريبي حيث إن كل الشركات تخضع لضرائب ولم يتجه أحد لتصفية شركته لإيداع الأموال في الأوعية الآمنة، كما أن الودائع يتم استثمارها في أدوات استثمارية خاضعة للضرائب وبالتالي من غير المنطقي أن يتم احتساب ضريبة جديدة عليها، كما أن هناك بعدًا اجتماعيًّا يؤمن حدًّا أدنى من العائد الآمن، ومن يطمح في عوائد أكبر يتجه للاستثمار الذي يتسم بقدر من المخاطرة.

وفيما يتعلق بحالات الطرح بغرض زيادة رأس المال والتي يتم خلالها اللجوء لطرح حصة من المساهمين الرئيسيين ثم تنفيذ إجراءات الزيادة، أكد يوسف أن هذا المثال يشير إلى وجود عوائق تنظيمية تستدعي حلها بصورة هيكلية بدلًا من البحث عن استثناء قد يفتح الباب أمام ثغرات قانونية أخرى، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة ستطبق الضريبة على البيع وبالتالي على الجهات التنظيمية حل الأمر من خلال إزالة المعوقات التي تدفع تجاه ذلك.

وعلى صعيد طروحات الشركات ذات القيم السوقية المرتفعة رغم انخفاض قيمتها الدفترية مثل شركات التكنولوجيا، يرى يوسف أنه لا يوجد مبرر لوضع استثناء لهذه الكيانات مثلها مثل باقي الشركات الخدمية التي لا تمتلك قيمًا دفترية كبيرة، لافتًا إلى أن الضريبة لا يجوز أن تفرق بين حجم العائد المحقق سواء كان كبيرًا أو صغيرًا.

وأكد أن الضعف الذي تعاني منه سوق المال المحلية لم تتسبب فيه الضرائب، مستشهدًا بعام 2014 الذي شهد تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية لعدة أشهر قبل تجميدها، وشهد بالتزامن أكثر من طرح لشركات كبيرة تم تغطيته عدة مرات من أبرزها طرح شركة إيتيدا الذي تمت تغطيته نحو 13 مرة رغم تفعيل الضريبة.

وحول التكاليف التي يتحملها المستثمر والمتاح خصمها من الوعاء الضريبي عند احتساب الأرباح الرأسمالية مثل فوائد الشراء بالهامش والتكاليف المرتبطة بالجهات التنظيمية المختلفة، أوضح يوسف أن القانون بالفعل ينص على خصم تكلفة الاقتراض من الوعاء الضريبي، مؤكدًا في الوقت نفسه على إمكانية خصم كل التكاليف التي يتحملها المستثمر لممارسة النشاط في البورصة بخلاف عمولة السمسرة من الأرباح الخاضعة للضريبة.

وضرب مثالًا بفرض ضرائب على المحتوى عبر اليوتيوب والذي تم الاتفاق مع أطراف هذا النشاط على خصم تكاليف استخدام النت مع وضع معادلة توازن بين الاستخدام الشخصي والاستخدام بغرض مزاولة النشاطـ، علمًا بأن هذا النشاط يمثل مصدر دخل للعملة الصعبة كما يثري المحتوى المصري على شبكة الإنترنت، كما أن نقل الإقامة يضمن لمزاول النشاط إعفاء تامًّا من الضرائب مع إمكانية بث المحتوى محليًّا.

واستبعد وجود أي صعوبة في فتح ملفات ضريبية لصغار المستثمرين بالبورصة، مشيرًا إلى أنه في ظل الاتجاه نحو الميكنة في منظومة الضرائب سيكون على المستثمر استقطاع وقت صغير على الإنترنت لملء الاستمارة الضريبية لفتح ملف ونفس الأمر سيتكرر مرة واحدة سنويًّا دون أي عناء.

لا توجد اجتماعات جديدة على أجندة وزارة المالية مع أطراف السوق.. ونرد على المخاطبات المستمرة باستفاضة

وحول فرص إجراء حوار مجتمعي جديد مع أطراف السوق لمناقشة القانون قال يوسف: “لا يوجد لدي مانع، كما تم عقد أكثر من اجتماع مؤخرًا عبر الفيديو كونفرانس لمناقشة المشاكل المطروحة من أطراف السوق، وكذلك نقلت وزارة المالية أكثر من خطاب وتم الرد بصورة متكاملة على كل النقاط التي أثيرت وعلى استعداد للرد على كل التساؤلات المطروحة.. لكن لا يوجد قانون جديد حتى تتم الدعوة لمناقشته في حوار مجتمعي جديد”.

وأشار يوسف إلى أن هناك اتجاهًا للتقدم للبرلمان بطلب رسمي أو مشروع قانون لتعطيل تفعيل الضريبة، ما قد يترتب عليه دعوة الحكومة لمناقشة القانون مع النواب وأطراف السوق خلال الفترة المقبلة.

وفي ختام حديثه مع حابي، أكد يوسف وجود المرونة الكاملة لدى وزارة المالية للمناقشة والتفاهم حول آليات تطبيق الضريبة ومختلف الأمور الفنية المتعلقة بها، مع مطالبة أطراف السوق بعدم اتهام وزارة المالية بأمور معيبة مثل عدم إدراكها للصورة الكاملة أو ضعف الخبرة لديها لأن هذا الحديث يعتبر إساءة ولا يجوز استخدامها في المناقشات المطروحة حول القانون.

وأشار يوسف الى أن عدم تطبيق ضريبة أرباح رأسمالية حتى الآن على التعاملات بالبورصة يمثل خللًا ضريبيًّا في المنظومة، وهو ما أكد عليه صندوق النقد في أكثر من تقرير وأوصى بضرورة تفعيلها لتحقيق المساواة الضريبية والعدالة الاجتماعية.

الرابط المختصر