منى بدير: العالم يودع مرحلة التضخم المنخفض وأسعار الفائدة الصفرية
الضغوط التضخمية تبطئ وتيرة تغيير السياسات الحالية للبنك المركزي المصري
رنا ممدوح _ استبعدت منى بدير، كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم، أن يتجه البنك المركزي المصري في الوقت الراهن إلى تغيير سياساته الحالية لحين القيام بالتقييم بالشكل الوافي للضغوط التضخمية ومدة استمرارها وانعكاساتها على مستويات الأسعار بالسوق المحلية.
وقالت بدير، إن الاقتصاد المحلي يواجه مرحلة جديدة الآن، مؤكدة أن البنك المركزي المصري أكثر ثقة والتزامًا بالمحافظة على توقعات التضخم في نطاق المستهدف وهو من نجح في تحقيقه منذ قرار تحرير سعر صرف الجنيه في عام 2016.
الإبقاء على توقعات التضخم بالمنطقة المستهدفة مهمة ليست سهلة
أضافت كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم: “مهمة الحفاظ على توقعات ومستهدفات التضخم لا تبدو سهلة، خاصة أن مصر من الدول المستوردة الصافية لسلع استراتيجية مثل الغذاء وهو ما يشكل 33% من مؤشر أسعار المستهلكين”.
وأوضحت بدير، أن البنك الدولي أشار في تقريره الأخير إلى أن ارتفاع مستويات الأسعار عالميًّا لا يهدد فقط استقرار الأسعار في الدول المستوردة في المنطقة ولكنه أيضًا يهدد مسار التعافي الاقتصادي، مشيرة إلى أن مستويات التضخم لا تزال في نطاق المنطقة المستهدفة من قبل البنك المركزي المصري وذلك بفضل تراجع اعتماد مصر على بعض الواردات ومنها المنتجات البترولية بجانب كفاية المخزونات الاستراتيجية من السلع المهمة مثل القمح.
تراجع الاعتماد على بعض الواردات كالمواد البترولية وكفاية المخزونات الاستراتيجية من السلع الأساسية يدعم بقاء التضخم في نطاق المستهدف
وقالت بدير، إن هناك مجموعة كاملة من العوامل التي اجتمعت لتوليد هذا الوضع غير المسبوق لمسارات التضخم وتوقعاته في عالم ما بعد كوفيد 19.
وأوضحت كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم، أن الاضطرابات الناشئة عن أزمة الوباء غير متوقعة وتركت العالم خاضعًا للسيناريو الأسوأ وهو ما أثبت عكسه حين تسارعت وتيرة التطعيمات بلقاحات كورونا خاصة في دول العالم المتقدم، مفسحةً المجال للتعافي أسرع من المتوقع.
آثار ارتفاع الأسعار عالميًّا لا تقتصر على الأسواق المستوردة وتهدد مسار تعافي الاقتصاد الدولي
وتابعت بدير: لم يستطع العرض مواكبة التسارع الكبير في الطلب خاصة أن مجموعة من العوامل الأخرى فاقمت أزمة تراجع القدرة الإنتاجية لقطاعات عديدة.
وطرحت كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم، مثالًا على ذلك أن قطاع الطاقة كان من ضمن أكثر القطاعات تأثرًا بالتغييرات المناخية حيث كان للشتاء القاسي لعام 2020 تأثير كبير على المخزونات من الغاز الطبيعي اللازم للتدفئة.
التضخم المرتبط بسرعة فتح الاقتصاد والسياسات النقدية التيسيرية في متناول السيطرة من البنوك المركزية
ولفتت بدير، إلى أنه في الوقت نفسه كانت إعادة بناء المخزونات بطيئة بسبب ارتفاع الطلب على الغاز في صيف 2021 والذي كان أعلى من المتوقع بسبب ارتفاع درجة الحرارة وتزايد الاعتماد العالمي على الغاز في توليد الكهرباء بالإضافة لانخفاض إنتاجية محطات توليد الطاقة الكهرومائية في دول مثل البرازيل وتوقف صادرات الغاز المسال من النرويج وتراجع إمدادات الغاز من روسيا وأوروبا نتيجة لضغوط الطلب من مناطق أخرى والمواقف الجيوسياسية.
وحددت 6 عوامل يشترط توافرها عند الحديث عن بيئة التضخم العالمي وما يترتب عليه من ضغوط على التعافي ومخاطر الركود التضخمي وهي: حجم السيولة الكبيرة التي ضختها البنوك المركزية وتأثيرها على التضخم، والتعافي السريع في الطلب العالمي وغير المتوقع وما ترتب عليه من قصور العرض في اللحاق به واتساع اضطرابات سلاسل التوريد، والفجوة بين العالم المتقدم والنامي في درجة التعافي من أزمة كوفيد 19.
الاضطرابات الناشئة عن أزمة الوباء غير متوقعة وتركت العالم خاضعًا للسيناريو الأسوأ
وقالت بدير، إن من ضمن العوامل التي تؤثر في بيئة التضخم العالمي، سرعة التحول نحو الطاقة النظيفة وما يترتب عليها من تغييرات هيكلية في الاقتصاد العالمي، والتغيرات المناخية وتأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، وكذلك التوترات الجيوسياسية بين الصين مقابل أمريكا وروسيا في مواجهة أوروبا.
ولفتت إلى أن التضخم المرتبط بسرعة فتح الاقتصاد والسياسات النقدية التيسيرية يبدو في متناول البنوك المركزية للسيطرة عليه، ولكن يبقى تأثير العوامل الأخرى في نطاق عدم التأكد.
قوة العرض لم تواكب التسارع الكبير في الطلب مع زيادة آمال التعافي واتساع رقعة التطعيم بلقاحات كورونا
وأوضحت بدير، أنه في الوقت الذي يعتقد فيه الكثيرون أن اضطرابات سلاسل التوريد وأزمة الطاقة ستنتهي مع استمرار التعافي الاقتصادي وانتهاء فصل الشتاء، تظل التغيرات الهيكلية في سوق العمل في الدول المتقدمة واضطرابات المناخ وسياسات التحول نحو الطاقة النظيفة والتوترات الجيوسياسية عوامل لا يمكن التقليل من تأثيرها على مسار التضخم العالمي.
وقالت كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم: “العالم يودع مرحلة التضخم المنخفض وأسعار الفائدة الصفرية”.
وواصل معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية الارتفاع خلال شهر سبتمبر الماضي، ليسجل أعلى مستوى له منذ أكثر من عام ونصف، مدفوعًا بارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية، وفقًا للبيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وقفز معدل التضخم السنوي العام في المدن المصرية إلى 6.6% في سبتمبر الماضي، مرتفعًا من 5.7% في أغسطس الماضي، وارتفع المعدل الشهري للتضخم بنسبة 1.1%، مقابل 0.1% في أغسطس.
وعلى صعيد التضخم الأساسي الصادر عن البنك المركزي المصري والذي يستبعد السلع متقلبة الأسعار كالخضروات والفاكهة، ارتفع المعدل السنوي الأساسي 0.3 نقطة مئوية، ليسجل 4.8% في سبتمبر، مقارنة بنحو 4.5% في أغسطس.
وسجل التضخم الأساسي الشهري 0.4% في سبتمبر، مقارنة بسالب 0.3% في أغسطس، فيما ارتفع التضخم السنوي العام في إجمالي الجمهورية إلى 8% في سبتمبر، من 6.4% في أغسطس، حسبما أظهرت بيانات المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.