إسلام فضل _ أكد عدد من خبراء سوق المال، أن غالبية القطاعات المدرجة في البورصة المصرية من المتوقع أن تتأثر سلبًا خلال الفترة المقبلة، نتيجةً لموجة التضخم التي تجتاح الأسواق العالمية وكذا الضغوط التضخمية المحلية والتي بدأت تنعكس في معدلات التضخم لمصر لتشهد ارتفاعًا ملحوظًا مؤخرًا.
وأضافوا خلال حديثهم مع جريدة “حابي” أن نحو 4 قطاعات في البورصة المصرية ستتأثر بشكل إيجابي خلال الفترة الراهنة وقد تستفيد من ارتفاع معدل التضخم عالميًّا وهي: العقارات والصناعة والتعليم والصحة.

وأوضحوا أن القطاعات التي تعتمد على استيراد بعض خاماتها المستخدمة في الإنتاج من الخارج هي التي ستتأثر سلبًا بشكل أكبر، حيث ستضطر تلك الشركات لإقرار زيادة في أسعار السلع التي يتم إنتاجها لتمرير زيادة التكاليف والحفاظ على عدم تراجع الإيرادات والأرباح.
وأكدوا أن القطاع العقاري من أبرز القطاعات التي ستستفيد من ارتفاع معدل التضخم خلال الفترات المقبلة نتيجة توجه عدد كبير من العملاء لشراء الوحدات السكنية التي ستصبح استثمارًا آمنًا لهم في ظل المخاوف من الركود والكساد.
وعلى الصعيد المحلي، أظهرت بيانات الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية ارتفع إلى 6.6% في سبتمبر من 5.7% في أغسطس.
وظل معدل التضخم في نطاق 5 إلى 9% التي يستهدفها البنك المركزي، ومن المقرر أن تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك اجتماعها الدوري في 28 أكتوبر الجاري لتحديد مصير أسعار الفائدة الرئيسية على الجنيه.

الشركات المستوردة للمواد الخام ومستلزمات الإنتاج ستتضرر بصورة أكبر
بداية لفت هاني توفيق، خبير أسواق المال، ورئيس جمعيتي الاستثمار المباشر المصرية والعربية السابق، إلى ارتفاع حجم فاتورة الاستيراد في الدولة المصرية عن قيمة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية ووجود فارق شاسع في الميزان التجاري.
وأوضح توفيق، أن السوق ستشهد تأثر عدة شركات في البورصة المصرية نتيجة ارتفاع التضخم عالميًّا والذي ألقى بظلاله على مصر، مضيفًا أن القطاعات التي تقوم باستيراد بعض الخامات من الخارج ستتأثر سلبًا من تلك الارتفاعات، بعكس القطاعات التي تستخدم مواد الإنتاج محلية الصنع فقط.
وأشار توفيق، إلى أنه سيكون هناك عدة ارتفاعات في أسعار بعض السلع بالسوق المصرية خلال الفترة المقبلة نتيجة ارتفاع أسعار الخامات المستوردة من الخارج، مؤكدًا أن الشركات إذا لم تفعل ذلك ستتأثر إيراداتها ومستويات أرباحها بشكل ملحوظ.
نجاح طرح إي فاينانس عزز وضع البورصة وأداء المؤشر لن يتأثر بموجة التضخم العالمي
أضاف خبير أسواق المال، أن أداء البورصة المصرية بشكل عام لن يتأثر خلال الفترة الحالية نتيجة لارتفاع التضخم عالميًّا أو محليًّا، لافتًا الى أن طرح شركة إي فاينانس في البورصة يساندها بشكل كبير في المرحلة الحالية.

الضغوط التضخمية تؤثر على رغبة الشركات في التوسع والاقتراض
ومن جانبها قالت رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، إن ما تشهده الساحة العالمية من ارتفاع في معدل التضخم سيسهم في ارتفاع مستويات الأسعار بالدول المتقدمة ما ينعكس بدوره ويضغط على الدول النامية في أسعار عدد كبير من السلع والمنتجات.
أضافت رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن ذلك الارتفاع أيضًا سيكون مؤثرًا على رغبة الشركات المدرجة في البورصة المصرية بالتوسع في مشروعاتها أو الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية، مما سيؤثر وينعكس على إيراداتها وربحيتها.
وأوضحت السويفي، أنه في حالة قيام لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة بنهاية شهر أكتوبر الجاري سيؤثر ذلك على عجز الموازنة؛ لأن العائد على أدوات الدين الثابت سيشهد ارتفاعًا، ما يشكل ضغطًا على الموازنة وعبء الدين.
وأكدت السويفي، أن المركزي المصري على الأرجح سيحافظ على أسعار الفائدة خلال الفترة المقبلة دون تغيير.
أسهم القطاع العقاري الأكثر استفادة والطلب على العقار سيرتفع باعتباره مخزنًا للقيمة
وأشارت إلى أنه في فترات ارتفاع معدل التضخم في مصر كانت أسهم القطاع العقاري في البورصة المصرية من أكثر القطاعات استفادة، نتيجة توجه عدد كبير من العملاء لشراء وحدات سكنية للحفاظ على قيمة العملة.
وأكدت السويفي، أن الشركات التي قد تتأثر سلبًا في البورصة المصرية من ارتفاع معدل التضخم العالمي وأيضًا المحلي ستكون تلك التي لديها معدل دين عال، وأيضًا الشركات التي تقوم باستيراد جزء من الخامات ومستلزمات الإنتاج من الخارج.
وذكرت رئيس قطاع البحوث في شركة الأهلي فاروس لتداول الأوراق المالية، أن ارتفاع معدل التضخم في السوق المصرية يساهم في ضعف القوة الشرائية نتيجة ارتفاع الأسعار، مؤكدة أن البورصة لن تتأثر من ارتفاع معدل التضخم خلال الفترة الراهنة.

ارتفاع متوقع في مستويات أسعار السلع حتى الربع الأول من عام 2022
وعلى صعيد متصل قال منصف مرسي، الرئيس المشارك لقسم البحوث في بنك الاستثمار سي آي كابيتال، إن موجة الارتفاع في معدل التضخم عالميًّا والتي انعكست على التضخم في مصر تأتي نتيجة تأثرها بارتفاع أسعار الطاقة وبعض السلع المغذية ومستلزمات الإنتاج التي ساهمت بدورها في زيادة أسعار أغلب السلع الأخرى.
وأكد مرسي، أن ارتفاع معدل التضخم عالميًّا مرتبط بشكل كبير بأزمة قطاع الطاقة خاصة في الدول الأوربية، وتوقع أن تشهد السوق المصرية سلسلة ارتفاعات في بعض أسعار السلع التي ستستمر بوتيرة بطيئة حتى الربع الأول من عام 2022، متوقعًا أن تشهد السوق المحلية بعد ذلك تراجعًا في مستويات الأسعار.
وارتفعت أسعار النفط والغاز الطبيعي مؤخرًا إلى أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة لمستويات غير مسبوقة في الوقت الذي يعصف فيه عجز الطاقة بآسيا وأوروبا بشكل كبير.
أزمة الطاقة السبب الرئيسي في موجة التضخم العالمية
وأِوضح مرسي، أن مصر لم تصل حتى الآن إلى المعدل الاستهلاكي الجيد ومستويات ما قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد حتى يسهم ارتفاع معدل الطلب في رفع الأسعار بشكل كبير في مصر، مشيرًا إلى أنه مع ارتفاع الحد الأدنى للأجور في يناير المقبل فقد يسهم ذلك في تحسن مستويات الاستهلاك.
وأشار الرئيس المشارك لقسم البحوث في بنك الاستثمار سي آي كابيتال، إلى أن ارتفاع معدلات التضخم يكون له تأثير سلبي على أغلب القطاعات في البورصة المصرية، لافتًا إلى أن أبرز القطاعات التي قد تتأثر إيجابيًّا مع ارتفاع التضخم هي: العقارات والتعليم والصحة، بسبب أنها من القطاعات التي يوجد عليها طلب دائم.
وذكر مرسي، أن القطاع العقاري قد يحقق استفادة كبيرة بسبب توجه عدد من العملاء لشراء وحدات سكنية باعتبارها استثمارًا آمنًا في تلك الفترات العصيبة والتي تشتد فيها موجات وضغوط التضخم.
وأضاف مرسي، أن ارتفاع معدل التضخم في مصر لن يؤثر على أداء سوق الأسهم خلال الفترة الراهنة، موضحًا أن البورصة المصرية تشهد حالة رواج وارتفاع في المؤشر نتيجة طرح شركة إي فاينانس والذي شهد نجاحًا وإقبالًا ملموسًا للاكتتاب فيه من المؤسسات العالمية والمحلية.
واستطرد قائلًا: قد نشهد طرح 4 شركات حكومية وخاصة قبل نهاية العام الجاري، تسهم في ارتفاع مؤشرات البورصة المصرية بصورة أكبر خلال الفترة القادمة.

الشركات المعتمدة على المواد الخام المحلية وتصدر جزءًا من إنتاجها للخارج تستفيد من الوضع الحالي
وفي السياق ذاته قالت علياء ممدوح، كبير الاقتصاديين بقطاع بحوث بنك الاستثمار بلتون، إن جميع الشركات الصناعية المدرجة بالبورصة المصرية، والتي تعتمد في صناعتها على المواد الخام والمدخلات المحلية وتصدر منتجاتها للأسواق الخارجية ستتأثر إيجابيًّا من ارتفاع أسعار السلع عالميًّا، نظرًا لزيادة إيراداتها ومعدلات ربحيتها.
أضافت ممدوح، أن الشركات العاملة في السوق المصرية التي تستورد جزءًا من خاماتها في التصنيع هي التي ستتأثر سلبًا خلال الفترة الحالية، حيث من المتوقع أن تشهد السوق ارتفاعًا في أسعار المنتجات خاصة تلك التي يدخل في مكوناتها عناصر مستوردة من الخارج، وذلك دفاعًا عن الإيرادات والأرباح.
وأكدت ممدوح، أن قطاع الأغذية من أبرز القطاعات التي ستسهم في زيادة موجة التضخم المحلية نتيجة اعتماده على استيراد المواد الخام ومدخلات الإنتاج من الخارج وسيبدأ بالتأثر بموجة الارتفاعات العالمية.
أسعار المواد الغذائية تساهم بالجانب الأكبر في زيادة موجة التضخم المحلية
وأشارت إلى أنه على النقيض فإن القطاع العقاري لن يتأثر بارتفاع معدل التضخم في مصر خلال الفترة المقبلة، متوقعة أن ترتفع أسهم القطاع العقاري في البورصة تزامنًا مع توجه عدد كبير من العملاء الأفراد لشراء الوحدات العقارية كمخزن للقيمة.
وذكرت كبير الاقتصاديين بقطاع بحوث بنك الاستثمار بلتون، أن مؤشرات البورصة لن تتأثر سلبًا بالتضخم العالمي أو المحلي خلال الفترة المقبلة، موضحة أن السوق لم تشهد تأثيرًا ملموسًا على نتائج أعمال أغلب الشركات المدرجة بسوق المال المصرية ما عدا الشركات المصدرة.

الأدوية والمواد الغذائية الأكثر تأثرًا بالأزمة الحالية
ومن جانبه قال هشام الشبيني، مدير إدارة البحوث في شركة مباشر تداول، إن أغلب الشركات المدرجة في البورصة المصرية تضع خطة استثمارية توضح أمامها جميع التحديات التي قد تطرأ خلال العام لتضع لها حلولًا مسبقة للتعامل معها.
وأوضح الشبيني، أن التخوف الأكبر خلال الفترة الحالية هو أن ينتج عن أزمة ارتفاع معدل زيادات الأسعار عالميًّا ركود تضخمي مثل الذي حدث في بداية عام 1970 نتيجة نقص الوقود وارتفاع أسعاره بشكل كبير، مشيرًا إلى أن ارتفاع معدل التضخم يسهم في تراجع النمو وزيادة معدل البطالة في جميع أنحاء الدولة.
وأكد الشبيني، أن أبرز الشركات التي ستتأثر إيجابيًّا في البورصة المصرية بسبب ارتفاع معدل التضخم عالميًّا ومحليًّا هي التي تقوم بتصدير جزء من منتجاتها، ولا تستورد أي خامات من الخارج، مشيرًا إلى أن شركات كالدلتا للسكر وأبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية وحديد عز وسيدي كرير للبتروكيماويات ستشهد ارتفاعًا في نتائج أعمالها بنهاية العام الجاري، نتيجة اعتمادها على المدخلات المحلية.
شركات السكر والأسمدة والبتروكيماويات تستفيد من الوضع لاعتمادها على مواد خام محلية
وذكر أن شركات السكر تعتمد بشكل كامل على زراعة بنجر السكر وقصب السكر في مصر، حيث يتم تصدير حصة من الإنتاج إلى الخارج مما يساهم في زيادة إيراداتها وأرباحها الفترة المقبلة مع ارتفاع الأسعار عالميًّا، متوقعًا تصدير حصة كبيرة من إنتاجية السكر خلال الفترة المقبلة بسبب الاكتفاء الذاتي الذي ستحققه مصر قريبًا.
وأضاف الشبيني، أن من أبرز القطاعات التي ستتأثر من ارتفاع معدل التضخم في مصر الأدوية والمواد الغذائية، موضحًا أن شركتي عبور لاند ودومتي ستقومان برفع أسعار منتجاتهما خلال الفترة المقبلة نتيجة زيادة أسعار المواد الخام التي يتم استيرادها من الخارج، مؤكدًا أنه في حالة عدم تحريك الشركتين أسعار منتجاتهما من المتوقع أن تشهد إيراداتهما وأرباحهما تراجعًا ملحوظًا.
وأشار إلى أن هناك تخوفًا حاليًا من خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة من الدول النامية ومن بينها مصر، وذلك نتيجة الاتجاه لرفع أسعار الفائدة في الدول المتقدمة والذي سيسهم في جذب عدد كبير من المستثمرين الأجانب بشكل سريع، لافتًا إلى أن لجنة السياسات النقدية في البنك المركزي المصري من المحتمل أن ترفع أسعار الفائدة في حالة رفعها عالميًّا.
وأوضح أن الطروحات التي تعمل عليها البورصة المصرية حاليًا سواء الشركات الحكومية أو الخاصة تسهم في جذب شريحة جديدة من المستثمرين الأجانب.