سي إن إن عربية – سارعت العديد من الدول إلى فرض قيود سفر، عقب الإعلان عن اكتشاف متحور “أوميكرون” الجديد في جنوب إفريقيا، واحتمال انتشاره السريع، الأمر الذي أثار قلقًا حول ما ستكون عليه المرحلة التالية من الجائحة.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية الجمعة، أنّ السلالة الجديدة “تثير القلق”، وتخضع لدراسات عدة حاليًا، وأنّ مستشاريها (المنظمة) يتابعون مراقبة المستجدّات في شأن المتحوّر الجديد.
ورغم أن العلماء يقولون إن هناك سببا يدعو للقلق من هذا المتحور الجديد، شدّدوا على أنهم لا يعرفون الكثير عنه، مثل ما إذا كان سريع الانتشار، أو يتسبّب بأعراض مرضية شديدة، أو تأثير اللقاحات عليه.
وقال عالم الأوبئة الدكتور عبد الرحمن السيد في تصريحات لـCNN “علينا أن نأخذ خطوة إلى الخلف وننتظر رأي العلم في هذا المتحور الذي يثير القلق، وفق ما أعلنت منظمة الصحة العالمية”.
أين اكتُشف؟
إلى الآن، تمّ رصد متحوّر “أوميكرون” في جنوب إفريقيا، وبوتسوانا، وهونغ كونغ، وبلجيكا.
وقد أّخذت عينة من أول إصابة أُعلن عنها في جنوب أفريقيا في 9 نوفمبر، وفق منظمة الصحة العالمية، الجمعة. أمّا معدل التلقيح الكامل لمجمل سكان جنوب إفريقيا فنسبته 36%، وقد ارتفع هذا المعدل في الأيام الأخيرة، بحسب قطاع الصحة في البلاد.
وقال مسؤولون في جنوب إفريقيا بداية، إن هناك حالة مثبتة لدى مسافر من جنوب إفريقيا إلى هونغ كونغ. وقد رصدت السلطات الصحية في هونغ كونغ الجمعة إصابة بين مسافرين عائدين في الطبقة عينها من فندق الحجر المحدّد من قبلهم.
وعليه، أجبرت السلطات الصحية 12 شخصًا في الحد الأدنى توزّعوا على غرف مجاورة إجراء اختبار “كوفيد-19″، والمكوث مدّة أسبوعين في حجر صحي داخل مركز تابع للحكومة.
وأعلنت الحكومة البلجيكية الجمعة عن إصابة شخص بالمتحور الجديد، سافر إلى مصر أخيرًا من دون تلقيح، مسجّلة بالتالي أول حالة في أوروبا.
وقال المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها الجمعة، انطلاقًا من المعطيات المتوافرة حول المتحور الجديد أنّه “يتمتّع ربّما بالقدرة على التحايل على المناعة وقد تتخطى سرعة انتشاره تلك التي شهدناها مع متحور دلتا”، وتابع أنّ هناك “خطر، إلى خطر كبير” من انتشاره في أوروبا.
من جهته، كشف الدكتور فاوتشي، مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية لـCNN، أن “لا مؤشرات” حول وجود المتحور الجديد في الولايات المتحدة الأمريكية حاليًا، لافتًا إلى أنه على ما “يبدو قد تمّ تقييده”، لكن كل شيء ممكن.
طفراته تثير القلق
وسبق وأعلن علماء من شبكة مراقبة الجينوم في جنوب أفريقيا، أنّ مفتاح البروتين الشوكي الخاص بالمتحور الجديد اختبر عددًا كبيرًا من الطفرات، تزيد عن 30، وهو البنية التي يستخدمها الفيروس للدخول إلى الخلية التي يهاجمها.
وأعرب العلماء عن قلقهم من أنّ هذه الطفرات قد تساهم في جعل “أوميكرون” سريع الانتقال ومتفلّتًا من المناعة.
وقال فاوتشي لـCNN الجمعة إنّ العلماء يجهدون لمعرفة إن كان في إمكان هذا المتحوّر التملّص من المناعة، لافتًا إلى أن طفراته قد تدل إن كان هذا أمرًا واقعًا.
وأضاف “ما نحتاج إليه، هو الحصول على التسلسل الخاص بهذا الفيروس، وإخضاعه للاختبار مع العديد من المضادات الحيوية، الأمر الذي يسمح لنا بتوقّع إن كان ثمة إمكانية للتفلّت منها أو لا”.
أما الدكتور أشيش جها من كلية الصحة التابعة لجامعة “براون”، فلا يعتقد أنّ هذا المتحوّر سيؤدي إلى حالة “تكون فيها اللقاحات غير نافعة”.
وأضاف: “أعتقد أن هذا الأمر مستبعد جدًا”، متابعًا أنّ “السؤال الذي يطرح نفسه هو، هل ثمة تأثير صغير أو كبير على فعالية اللقاح؟ أعتقد أننا سنحصل على بعض البيانات الأولية على الأرجح في الأيام القليلة المقبلة.”
كيف تتم مقارنة “أوميكرون” بالمتحوّرات الأخرى؟
رغم انّ الطفرات والمتحوّرات الجديدة للفيروس متوقعّة مع استمرار انتشاره، إلا أنّ العلماء يقولون إنّ هناك أكثر من سبب يدعو للقلق من متحوّر “أوميكرون”.
وقال جها “لقد شهدنا على بروز العديد من المتحورات خلال الأشهر الخمسة أو الستة الماضية، لكنّها لم تتكاثر إلى حد كبير، فيما يبدو هذا المتحور مختلفًا”. وتابع “أداؤه مختلف ومغاير، حتى أنّه ينتقل بسرعة أكبر من المتحور دلتا”.
وأوضح جها أنّه خلال بحث الخبراء عن متحوّرات جديدة، تحتاج هذه الأخيرة أشهرًا عدة قبل أن تصبح السلالة الشائعة من الفيروس التي تنتشر في منطقة معينة.
وأشار إلى أنّ “هذا المتحور انتشر بسرعة في أجزاء جنوب أفريقيا التي اكتشف فيها، وذلك خلال أيام وأسابيع”. وأضاف “ما برحت الأرقام في جنوب أفريقيا قليلة نسبيًا، وقد يعود ذلك لأسباب أخرى أيضًا. لكن سرعة انتقاله لا تشبه أي شيء شهدناه سابقًا”.
كما أشار مسؤولون في منظمة الصحة العالمية أيضًا في بيان الجمعة، إن الأدلة الأولية تشير إلى أنّ احتمال الإصابة بـ”أوميكرون” مرة أخرى أكبر، مقارنة مع المتغيرات الأخرى المثيرة للقلق.
ماذا يقول صنّاع اللقاحات؟
وجاء في بيان صادر عن “موديرنا” الجمعة، أنهم يعملون بسرعة على اختبار قدرة لقاحهم على إبطال فعالية هذا المتحور، ويتوقعون الحصول على البيانات في الأسابيع المقبلة.
وأشار البيان إلى أنّ السلالة الجديدة من فيروس كورونا “، تتضمن طفرات “شهدناها لدى المتحوّر دلتا وتتسبّب بانتقال العدوى بسرعة، إلى طفرات أخرى رصدناها لدى متحوّرات بيتا ودلتا تساهم بتعزيز التهرّب من المناعة”. وأضاف البيان “أنّ المزج بين هذه الطفرات يشكّل خطرا كبيرا محتملا بؤدي إلى تراجع سريع في المناعة الطبيعية او الممنوحة من خلال اللقاح”.
وبرأي “مودرنا” أنه إن اكتشفنا أنّ اللقاح والجرعة المعززة منه غير كافية لمكافحة المتحور، ثمة حل يكمن في إعطاء جرعة معززة أكبر، تعمل على اختبارها حاليًا. كما تختبر الشركة جرعتين معززتين متعددتي التكافؤ تحوي كلّ منهما على بعض طفرات فيروس مختلفة متواجدة في المتحور الجديد، لترى إن كانتا تؤمنان حماية أفضل ضد “أوميكرون”.
وقال المتحدث باسم شركة أسترازينيكا الجمعة، “إنّنا نُجري أبحاثًا في الأماكن التي اكتُشف فيها المتحور، بينها بوتسوانا واسواتيني، ما يسمح لنا بالحصول على بيانات في العالم الحقيقي للقاحنا “فاكسزيفريا” لمكافحة المتحوّر الجديد”.
كما تختبر المضاد الحيوي الخاص بها للعلاج azd7442 على المتحور. وكانت أسترازينيكا تقدمت بطلب الحصول على الإذن الطارئ للاستخدام من إدارة الغذاء والدواء، في أكتوبر.
ويستقصي العلماء في شركة “بيو إن تك” الألمانية شريكة “فايزر” في تصنيع اللقاح المضاد لـ”كوفيد-19″، تأثير المتحور على جرعاتهم، مع توقّع حصولهم على البيانات في غضون أسبوعين.
أما المتحدث باسم شركة “جونسون إند جونسون” فقال لـCNN في بيان، أن الشركة تختبر فعالية لقاحها ضد “أوميكرون”.