حسين شكري في حوار مع حابي: 3 تحديات تواجه سوق المال وعودة الرواج مرهونة بتطور فلسفة الإدارة
إلغاء العمليات آخر حل يجب أن يلجأ إليه الرقيب
ياسمين منير ورضوى إبراهيم ورنا ممدوح _ على خلفية الفترة الاستثنائية التي تختبرها سوق المال المحلية، رأت جريدة حابي أهمية استطلاع رأي حسين شكري مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار وأحد أقدم الخبرات في مجال بنوك الاستثمار وأسواق المال، للوقوف على أهم التحديات في الوضع الراهن في ضوء حزمة الحوافز التي أعلن عنها مجلس الوزراء خلال الشهر الجاري بالتوازي مع توجيهات واسعة لدعم بيئة الاستثمار وخفض تكلفة تعاملات البورصة.
وحدد شكري في حواره مع حابي عددًا من التوصيات التي يرى لها دورًا محوريًّا في استقرار أوضاع سوق المال المحلي واستعادة نشاطه وجاذبيته أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، وكذلك عودة المؤسسات لتعاملات البورصة، والعمل على إعادة إحياء صناعة صناديق الاستثمار التي تراجعت بصورة ملحوظة خلال السنوات الأخيرة.
كما أكد شكري على أهمية العمل على توصيل رسالة واضحة للمستثمرين بشأن تغير فلسلفة التعامل مع سوق المال، والحد من الرقابة الزائدة التي قد تأتي بمردود عكس النتائج المستهدفة منها وذلك من خلال تقليل الاعتماد على إلغاء العمليات وجعلها آخر الحلول الرقابية لمنع الإضرار بباقي المتعاملين مع الحفاظ على حق الجهات الرقابية في ضبط التلاعبات والتحقيق المباشر مع المتلاعبين.
كما تطرق الحوار لمناقشة الوضع التنافسي بين بنوك الاستثمار العاملة بالسوق المصرية خلال الفترة الأخيرة والتي شهدت تغيرات كبيرة في هياكل ملكية بعض المؤسسات الكبرى وتحول بعض العملاء الرئيسيين للاعبين جدد، وهو ما انعكس على تسعير خدمات بنوك الاستثمار.
وكشف شكري عن خطط ومستهدفات شركة إتش سي خلال الفترة المقبلة، والتي تركز على التوسع في إدارة وترتيب صفقات الاستحواذ والاندماج محليًّا وإقليميًّا بشكل أكبر، في ظل اعتماد هذا النشاط على مكون فكري وفني واستثماري دون الحاجة لإمكانيات مالية كبيرة، كما سيعمل بالتوازي على تجديد المحاولة لاقتناص أولى صفقات الشركة بمجال الاستثمار المباشر.
وأشار إلى خمس صفقات استحواذ تعمل عليها شركته خلال الوقت الحالي بقطاعات الرعاية الصحية وصناعة الأدوية والتعبئة والتغليف، متوقعًا تنفيذ صفقتين قبل نهاية العام الجاري أحدهما بالسوق المحلية.
حابي: كيف ترى وضع سوق المال في ضوء القرارات الحكومية الأخيرة التي تخص البورصة المصرية؟
شكري: بالتأكيد القرارات التي تم اتخاذها إيجابية وبالتحديد خفض الرسوم التي تحصلها الهيئة العامة للرقابة المالية، والسؤال هنا لماذا لم يتم هذا من قبل، حيث إن هذه الهيئات السيادية والخدمية ليست هادفة للربح، ولا بد أن تتقاضى من المتعاملين ما يكفي لاحتياجاتها المالية فقط دون الحاجة لتحقيق فائض.
وعلى الجانب الآخر، لم يحدث تفاعل إيجابي من السوق مع المعالجات الضريبية الأخيرة التي أقرتها الحكومة وبالتالي ما زال هناك مزيد من التعديلات التي تحتاج السوق إليها لتستجيب.
حابي: في تقديرك، ما هي الخطوات القادمة التي تحتاجها السوق بعد أن تم حسم ملف تطبيق ضرائب الأرباح الرأسمالية وتخفيض تكلفة التداول؟
شكري: هناك خلل في بنية السوق ما زال واضحًا، يتمثل في سيطرة شريحة الأفراد على الحصة الأكبر من التداولات اليومية وهو أمر غير معهود في باقي بورصات العالم، ويرجع إلى غياب المؤسسات عن سوق المال.
ومع غياب المؤسسات انتظرنا أن تغطي صناديق الاستثمار تلك الفجوة ولكنها اختفت، بسبب فرض ضرائب عليها.
ففي عام 2010 كان حجم صناديق الأسهم وفقًا لإحصائيات الرقابة المالية 8.5 مليارات جنيه، وبعد 10 سنوات وصل حجم صناديق الأسهم إلى 3.5 مليارات جنيه العام الماضي، ففي أي سوق بالعالم من الطبيعي مع مرور السنوات أن تشهد نموًّا حتى من باب الزيادة السعرية للتضخم.
وفي القرارات الحكومية الأخيرة أعفيت صناديق الاستثمار من الضرائب فيما عدا نسبة 5% على أرباح المتعاملين في الوثائق، ولكن من وجهة نظري أرى أن يتم إلغاء تلك النسبة أيضًا لإنعاش صناعة الصناديق وتشجعيها على العمل من جديد.
وأرى أن من ضمن الإيجابيات في القرارات الأخيرة خصم تكلفة الفرصة البديلة من الوعاء الضريبي لأرباح الأسهم، وهو بند هام وأشيد وأثني عليه بقوة، ولكن في ظل غياب صناديق الاستثمار وقلة الثقافة المالية لدى شريحة الأفراد المتعاملين داخل السوق ظهرت ثقافة المضاربات لتحقيق أرباح، مستخدمين آلية الشراء بالهامش، وفي المقابل تأتي قرارات إلغاء العمليات المنفذة على بعض الأسهم بنتيجة عكسية على المستثمرين ينتج عنها فقد للثقة، حتى وإن كان هناك تلاعب دفع الرقيب لاتخاذ قرار بالإلغاء.
حابي: ما هي البدائل القانونية أو التنظيمية التي ترى إمكانية استخدامها كبديل لإلغاء العمليات، خاصة أن قانون سوق المال ينص على حق الرقيب في ذلك؟
شكري: أرى أن يكون قرار إلغاء العمليات آخر ما يلجأ إليه الرقيب ويتم التعامل مع صاحب التنفيذات غير المنضبطة بشكل مباشر وامتثاله أمام الجهات للتوضيح طالما هناك دلائل واضحة للتلاعب، فالتعامل المباشر مع الشخص المخطئ أفضل من إلغاء العمليات لكل المنفذين في ذات اليوم.
حابي: ما هي الإجراءات المعمول بها في الأسواق الخارجية في حالات ارتفاع الأسهم بصورة غير مبررة؟
شكرى: لم أسمع من قبل في الأسواق الخارجية عن هذا الكم الهائل من العمليات التي يتم إلغاؤها في البورصة.
حابي: في تقدريك، ما السبب الرئيسي وراء تراجع وضع سوق المال في الفترة الراهنة؟
شكري: ليس سببًا واحدًا، إنما عدة أسباب يتصدرها ملف الضرائب على البورصة المصرية الذي كان نقطة تحول مؤثرة في أداء السوق، يليه غياب المؤسسات وسيطرة شريحة الأفراد مع تراجع دور صناديق الاستثمار، بجانب زيادة عدد الشركات الحاصلة على ترخيص الوساطة في التداول، مما تسبب في منافسة زائدة عن الحد نتج عنها تراجع قيمة مقابل الخدمات المالية التي تقدمها الشركات إلى مستويات زهيدة جدًّا لا تسمح بالارتقاء بمستوى الخدمة، كما انحفضت أتعاب إدارة الأموال إلى مستويات غير مسبوقة في أسواق العالم نتيجة أن عددًا كبيرًا من مقدمي الخدمات اتجه نحو حرق الأسعار، وكل ذلك يتم في بيئة غير صديقة لسوق المال في ظل أسعار فائدة مرتفعة.
وكنت أطلب في هذا أن يتدخل الرقيب الذي أرى أن من صميم أدواره ضبط السوق ومعاقبة المخالف، وهناك أيضًا دور خفي لا يتم التحدث عنه، وهو أن ينمو بالسوق والشركات ويقوم بالحفاظ عليها والدفاع عنها، فهو الصوت الأعلى في ملفات الأوراق المالية وسوق المال.
فعلى سبيل المثال الدولة تتدخل في ضبط الأسواق مثلما حدث في قطاع الأسمنت وأيضًا الحديد مؤخرًا لحماية المتعاملين، ولم يقتصر دورها على تطبيق العقوبة فقط، فلماذا لم يطبق ذلك على قطاع سوق المال
حابي: بما أنك ذكرت الضريبة هناك رأي يرى أن ضريبة الدمغة هي الأقل ضررًا على السوق وآخر ينحاز إلى وجهة نظر أن ضريبة الأرباح الرأسمالية هي الأكثر عدالة.. فماذا ترى؟
حسين شكري: دائمًا كنت من المناصرين لضريبة الدمغة ورافضًا لتطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالي، فالاختيار بالنسبة لي كان بين السيئ والأسوأ.
حابي: ذكرت أن غياب الأجانب من ضمن الأسباب وراء ضعف البورصة في الوقت الراهن.. في تقديرك كيف نجذب الاستثمارات الأجنبية مرة أخرى؟
شكري: نحتاج إلى إجراء بعض التعديلات التي تعكس تطور فلسفة الإدارة بشكل عام في السوق لاستعادة ثقة المتعاملين، فسوق المال أصبحت منذ فترة لا تحظى بالاهتمام الذي تستحقه ولا تجد من يدافع عنها أو يهتم بمصالحها.
حابي: أيهما تراه أكثر تأثيرًا.. وزير استثمار أم مسؤول مباشر عن سوق المال؟
شكري: الأهم من تسمية المنصب هو المهام المقرر تطبيقها وفلسفة العمل التي تؤثر إيجابيًّا في السوق.
اهتمام رئيس الوزراء بسوق المال خطوة على الطريق الصحيح
وأرى أن اهتمام رئيس الوزراء بسوق المال وتدخله القوي في هذا الملف عبر عقد اجتماعات مع أطراف السوق يعد شيئًا إيجابيًّا للغاية ويمثل خطوة على الطريق الصحيح، نأمل أن تعقبها تغيرات إيجابية أخرى تبرهن على تغير فلسفة إدارة سوق المال.
فإذا صدر اليوم خطاب للمستثمرين يؤكد أن إلغاء العمليات سيكون آخر الحلول الرقابية بالتأكيد سيكون لذلك مردود ايجابي، فالرقابة الزائدة قد تأتي بنتائج عكسية وهذا ما حدث في تقديري.
حابي: لعبت الجمعيات المهنية بقيادة إيكما –الجمعية المصرية للأوراق المالية- على مدار سنوات طويلة دورًا مؤثرًا في عملية اتخاذ القرار وتنمية سوق المال.. مع تزايد عدد الجمعيات المتخصصة خلال الفترة الأخيرة، كيف تقيم تأثيرها في القضايا الجدلية التي تواجه السوق حاليًا؟
شكري: صوت الجمعيات أصبح غير مسموع، لذلك فتأثيرها غير ملموس في كثير من الأزمات.
ومثال على ذلك، أنه مع اتجاه البنوك لوقف منح تمويلات لشركات السمسرة اتجهت الرقابة المالية لفتح باب آخر للتمويل عبر شركات التخصيم، وهو قرار محمود يحسب لهيئة الرقابة المالية، جدير بالذكر أن إتش سي كانت من أولى الشركات التي تعاقدت مع شركة تخصيم حينها لتأمين مصدر تمويل مناسب.
حابي: شهدنا في الفترة الأخيرة خطابات من البنوك تتعلق بوضع شروط تتعلق بنسب التركز عند تمويل عمليات الشراء بالهامش لأسهم بعينها.. فكيف ترى هذا التطور؟
شكري: إيجابي من جانب البنوك حيث إنها تسعى لتطبيق قواعد ائتمانية سليمة لإدارة المخاطر، فهذا شيء لا يمكن الجدال حوله، وتقوم إتش سي بإدارة المخاطر المرتبطة بنشاط التمويل الهامشي عن طريق توزيع تعاملاتها على عدد كبير من العملاء لتمويل الأسهم التي لها نسبة عالية من التداول الحر وحجم تداول يومي مرتفع، مع وجود رؤية لتقييم السهم الممول. وبصفة عامة يجب على الجهات الرقابية نشر الوعي لدى المتعاملين في سوق الأوراق المالية، سواء كانت شركات ممولة أو عملاء مقترضين بأهمية قيمة السهم وليس فقط كثافة التداول.
حابي: كيف ترى قواعد الشراء بالهامش والتعديلات المقررة عليها؟
شكري: بحاجة إلى التغيير، وكذلك الحدود السعرية.
قواعد الشراء بالهامش والحدود السعرية بحاجة إلى تغيير
فعند تمويل شراء سهم ونفاجأ في اليوم التالي بانخفاضه بنسبة 20% لا يكون أمام الشركات وقت كافٍ للبيع، وهناك أمر آخر فني يتعلق بالحدود المقررة التي تلجأ عندها الشركات لبيع محفظة الأسهم الممولة، فطبقًا لقواعد الهيئة عندما تصل قيمة التمويل إلى 60% من قيمة المحفظة عند الإقفال يتم إخطار العميل بذلك، وعندها يتوجب على العميل في خلال 48 ساعة أن يقوم بالبيع أو الإيداع ليعيد نسبة قيمة التمويل إلى 50% من قيمة المحفظة.
أضاف أنه ووفقًا لهذه القواعد يجب على شركات السمسرة الانتظار جلستين، في خلالهما إذا استمر انخفاض قيمة التمويل إلى 70% من قيمة المحفظة يمكن وقتها فقط أن تقوم شركة السمسرة بالبيع الجبري، ولكن في اليوم التالي. مع تحريك الحدود السعرية إلى 20% بدلًا من 10% أصبح الاحتمال الأكبر ألا تستطيع شركة السمسرة استعادة أموالها حيث يمكن أن تقفز نسبة التمويل إلى قيمة المحفظة من 55 إلى 75% مثلًا في جلسة واحدة، ولكن مع ذلك تنص القواعد على انتظار شركة السمسرة لجلسة اليوم التالي. كل هذه التفاصيل كان لا بد من دراستها لمعرفة آثارها المحتملة ومع ذلك يمكن تدارك الموقف الآن.
حابي: شهدنا سيناريوهين مطروحين، أحدهما من الرقابة المالية والخاص بتعديل قواعد الشراء الهامشي، كان من المفترض تطبيقه مع بداية العام وتم تأجيله لحين الانتهاء من النظم الإلكترونية، والآخر اقترحته إدارة البورصة المصرية كبديل ثم تم الإعلان عن دراسته كقواعد مكملة تتعلق بإدارة المخاطر على مستوى شركات السمسرة.. ما تقييمك لهذه القواعد؟
شكري: أيًّا كانت هذه القواعد التي سوف تنشر فيما بعد أرحب بأن يتم تطبيقها بعد اكتمال البنية الأساسية المطلوبة، ولكن في جميع الأحوال يجب مناقشتها مع الشركات التي ستقوم بتطبيقها. وأرى أن التنظيم الجيد لهذه الآلية وتوضيح قواعدها ومخاطرها بصورة جيدة للمتعاملين قد يدفع نحو ازدهار السوق.
ضرورة انضمام «القيمة» إلى معايير تحديد أوراق الشراء بالهامش
فعلى الجميع تطبيق عمليات الشراء بالهامش بطريقة صحيحة في البداية وعلى شركات التداول أن يكون لديها وعي أكبر بمخاطر منح الائتمان.
المشكلة تكمن في أن المعيار الأساسي المطبق الآن لآلية الشراء بالهامش هي حجم التداول فقط وتغفل قيمة السهم. فعلى سبيل المثال تطابق نفس القواعد المنظمة للشراء بالهامش على أسهم المؤشر الثلاثيني وأسهم المؤشر السبعيني.
حابي: هل ترى أن يتم وضع معيار الأسهم المسموح بتطبيق آلية الشراء بالهامش عليها على أساس الوزن النسبي للورقة في المؤشر؟
شكري: هناك عدد من العوامل وليس فقط الوزن النسبي فالخطورة الائتمانية داخل أسهم المؤشر السبعيني أعلى من أسهم الثلاثيني، ولكن عند الشراء بالهامش تتساوى جميع الأوراق المالية في نسب تسليفها طبقًا لقواعد الهيئة، بالرغم من اختلاف نسبة المخاطرة بها.
شركات السمسرة الأجدر بتحديد النسب التسليفية عند الشراء بالهامش
وبما أن الأموال المقرضة هي بالأساس ملك لشركات السمسرة فهي الأجدر بتحديد النسب التسليفية طبقًا للمخاطر التي تراها. ويكون دور البورصة هو توعية الشركات بأهمية التقييم المالي للأسهم والتأكد من أدائها المالي قبل تمويلها عبر آلية الشراء الهامشي.
حابي: فيما يخص آلية بيع الأسهم المقترضة -الشورت سلينج- لماذا لم يظهر تأثيره حتى الآن داخل السوق رغم حصول عدد كبير من الشركات وبينهم إتش سي على رخصة تفعيله؟
شكري: لا أدري فربما لم يصل المتعاملون لمستوى فهم سليم لآلية الشراء بالهامش حتى الآن، على الرغم من وجود الآلية لفترة طويلة، فمن الطبيعي أن يجدوا صعوبة أكبر في تبني آلية الشورت سيلينج.
غياب الثقافة المالية وراء تعطيل تطبيق آلية الشورت سيلينج
حابي: إذن أين تقع المشكلة في تطبيق آلية الشورت سيلينج؟
شكري: هناك عدد من الأسباب وراء ذلك منها غياب الثقافة المالية وتوضيح بنود الآليات الجديدة داخل السوق، وأيضًا غياب الاستراتيجية الاستثمارية لدى المتعاملين وخاصة الأفراد الذين قلما تكون لديهم رؤية لتقييمات الأسهم وبالتالي يصعب عليهم استخدام الآلية بطريقة رشيدة.
صانع السوق يتطلب رؤوس أموال غير متوفرة لدى الشركات المحلية
حابي: ماذا عن صانع السوق وهو احتياج تاريخي مطلوب من المتعاملين؟
شكري: صانع السوق معناه خارجيًّا أن كل سهم له شركة تتولى عمليات البيع والشراء وتوفير السيولة داخله وهي آلية تتطلب رؤوس آموال غير متوفرة لدى الشركات المحلية، ولذا لا تستطيع القيام بدور صانع السوق.
حابي: لماذا بنوك الاستثمار لم تلعب هذا الدور وهي تمتلك الملاءة المالية والفنية لذلك؟
شكري: أحجام السيولة داخل البورصة المصرية لا تشجع على ذلك وأرى أن عام 2008 كان آخر عام ازدهار شهدته السوق.
حابي: كانت البنوك سابقًا من أهم عملاء شركات الوساطة وبنوك الاستثمار، ولكن في الوقت الحالي أصبح لدى أغلب البنوك أذرعها الخاصة بها في الخدمات المالية غير المصرفية فكيف ترى وضع السوق في ظل ازدحام المنافسة؟
شكري: ترتب على ذلك إضافة مستوى جديد من التنافسية نظرًا للإمكانيات المالية المرتفعة للبنوك مقارنة ببنوك الاستثمار المحلية.
حابي: ما هي أدوات شركتك في مواجهة الوضع التنافسي المتزاحم في الوقت الراهن؟
شكري: تقديم خدمات جيدة في حدود الإمكانيات المتاحة لدينا، ونراهن على الكفاءة الفنية بشكل خاص في إدارة صفقات الاندماج والاستحواذ محليًّا وإقليميًّا.
حابي: لماذا لم تفكر في استقطاب كيانات أجنبية لتكون داعمًا للشركة؟
شكري: أحجام التداولات اليومية التي تنفذ داخل البورصة المصرية غير مجزية لبنوك الاستثمار العالمية، وهناك عدم اهتمام من الكيانات الخارجية بالدخول للسوق المحلية في ضوء ضعف نشاط بنوك الاستثمار بصفة عامة.
الانتظار لحين نهوض البورصة من جديد أفضل لنجاح الطروحات
حابي: هل ترى أن الطروحات الجديدة تمثل الحل الأسرع لتعافي السوق، أم الأفضل الانتظار لحين نهوض البورصة من جديد حتى تنجح هذه الطروحات؟
شكري: أرى السيناريو الثاني هو الأقرب لوجهة نظري ولكن على أن يصاحب نهوض السوق في البداية استئناف برنامج الطروحات.
حابي: رأينا أن اعتماد السوق في التعاملات اليومية بصورة كبيرة على شريحة الأفراد نتج عنه زيادة في أحجام المضاربات قادت السوق نحو خسائر متتالية، فكيف يمكن إعادة هيكلة سلوك الأفراد، خاصة الشريحة التي تعزف عن الدخول في صناديق الاستثمار؟
شكري : في غياب الدور الذي تلعبه صناديق الاستثمار باعتبارها الوعاء المجمع لاستثمارات الأفراد، والتي تدار من خلال شركات مهنية على مستوى عالٍ من الكفاءة اعتمد الأفراد على نفسهم في اتخاذ قرارهم الاستثماري مباشرة، مع اعتمادهم على آلية الشراء بالهامش وبخلو الساحة
تنشيط صناديق الاستثمار الحل الأمثل لإعادة هيكلة سلوك الأفراد بالبورصة
الحل له شقان: 1) الاستمرار في توعية المستثمرين الأفراد بمزايا ومخاطر الإستثمار في البورصة واستخدام آلية الشراء بالهامش، ويقع عبء هذه التوعية على عاتق الجهات الرقابية وشركات التداول.
2) إعادة تنشيط صناديق الاستثمار بحيث لا تترك الساحة خالية من وجود مستشار مالي مؤهل لإدارة الأموال، ويشمل ذلك المراجعة الضريبية وتخفيض الضرائب والمصاريف والرسوم التي تتكبدها الصناديق لمزاولة نشاطه. إلى جانب أن تحظى صناديق الاستثمار باهتمام الإدارات العليا في البنوك كمنتج استثماري وتحفيز العاملين بها بالتسويق والترويج لهذا المنتج.
حابي: كيف يمكن معالجة انخفاض الثقافة المالية للمتعاملين داخل السوق؟
شكري: يجب استمرار حملات التوعية من جانب إدارة البورصة وهيئة الرقابة المالية لتدريب الكوادر العاملة في سوق الأوراق المالية، ومن جانبها يجب توعية البنوك بدور أكبر في التسويق والترويج لهذه الأوعية الاستثمارية الهامة.
حابي: هل ترى أنه في ظل غياب الثقة كما ذكرت لدى المستثمرين في السوق أن تستأنف الحكومة برنامج الطروحات عبر حصة إضافية من شركة مقيدة بالفعل أم تفضل الطرح الأولي لشركة جديدة؟
شكري: أرى أن التحدث عن استئناف برنامج الطروحات، سواء كانت زيادة في الحصة المتداولة أو طرح أولي، هو أمر إيجابي لجذب المتعاملين للبورصة، وإن كنت أفضل أن تعطى الأولوية لطرح الشركات الجديدة.
حابي: هل ترى تغيرًا في القطاعات الجاذبة للمستثمرين بما يعكس الحاجة لإجراء تعديلات ببرنامج الطروحات الحكومية؟
شكري: أرى أن نسرع بكل الكيانات التي نراها ناجحة لجذب المستثمرين إلى البورصة المصرية، وخاصة الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية والخدمات المالية غير المصرفية، خاصة أن رحلة شركتي فوري وإي فاينانس في السوق أفضل مثال يبرهن على ذلك.
حابي: أي من الشركات على برنامج الطروحات الحكومية تراه الأنسب للنزول إلى السوق في الوقت الراهن وفقًا للقائمة المعلنة، ومن بينها بنك القاهرة الذي تم قطع شوط كبير في إجراءات طرحه قبل توقف البرنامج؟
شكري: ذكرت في سؤالك بنك القاهرة وأرى أنه طرح مناسب، ومتفائل بنجاحه خاصة أنه ليس هناك بدائل في القطاع المصرفي، حيث يسيطر البنك التجاري الدولي CIB على الحصة الأكبر في تمثيل القطاع بالبورصة.
متفائل بالطرح المرتقب لبنك القاهرة
حابي: هل تعمل إتش سي على إدارة طروحات في الفترة القادمة؟
شكري: لا
حابي: منذ سنتين في حوارنا معك راهنت على اختراق نشاط الاستثمار المباشر، كما تحدثت عن دراسة دخول نشاط التأجير التمويلي، فما هي آخر المستجدات؟
شكري: التأجير التمويلي هو نشاط طويل الأجل وجني نتائجه يحتاج لمدة زمنية طويلة، بالإضافة إلى ذلك زيادة التنافسية في الفترة الأخيرة في ظل اتجاه القطاع المصرفي لإطلاق شركات تأجير تمويلي، والبنوك لديها ميزة تمويلية عن شركات التأجير التمويلي المستقلة.
محاولة جديدة لتنفيذ أولى صفقات الشركة بمجال الاستثمار المباشر
حابي: ماذا عن نشاط الاستثمار المباشر؟
شكري: كنا ننوي التوسع في ذلك النشاط واتخذنا خطوة بالفعل ولكن لم نوفق، ونركز حاليًا على إدارة وترتيب صفقات الاستحواذ والاندماج إقليميًّا بشكل أكبر، والتي تعتمد أساسًا على مكون فكري وفني واستثماري عالي المستوى، ولا تعتمد على وجود إمكانيات مالية كبيرة، وبالتوازي قد نجدد المحاولة لاقتناص أولى صفقات الاستثمار المباشر.
حابي: أعلنت في أغسطس الماضي عن إدارة صفقتين بمجالي التغليف والأدوية.. ما هي التطورات؟
شكري : أنهينا مؤخرًا صفقة كبيرة لصالح شركة كوكاكولا، ويجري حاليًا العمل على إغلاق صفقة شركة التغليف في شمال إفريقيا.
الشركة تعمل على صفقة لشركة أدوية بقيمة مليار جنيه
وهناك صفقة لشركة أدوية من المتوقع الانتهاء منها بنهاية العام الجاري بقيمة نحو مليار جنيه، وذلك للاستحواذ على حصة مؤثرة وليست أغلبية.
حابي: هل يمكن الكشف عن أطراف صفقة الأدوية؟
شكري: الصفقة تخص شركة محلية تبيع جزءًا من أسهمها وتجري زيادة رأسمال، والمستثمر المستحوذ صناديق استثمار أجنبية.
إدارة 3 صفقات استحواذ بمجال الرعاية الصحية بقيمة إجمالية 800 مليون جنيه
كما نعمل على ثلاث صفقات أخرى بقطاع الرعاية الصحية، الأولى تدور قيمتها حول 350 مليون جنيه، والثانية في حدود 250 مليون جنيه، والثالثة في حدود 200 مليون جنيه.
حابي: يلعب مكتب دبي دورًا مؤثرًا في نشاط إدارة الصفقات بشركة إتش سي.. هل تفكر في التواجد بأسواق أخرى؟
شكري: نحن نستطيع الدخول إلى جميع الأسواق دون الحاجة لوجود أفرع قائمة، فإحدى الصفقات التي أدارتها الشركة العام الماضي كانت لصالح شركة مراعي السعودية التي استحوذت على البيك مارت في الإمارات، وهذا يبرهن على قوة تواجدنا بالأسواق الخارجية حتى نتولى إدارة صفقة لطرفين من الخارج.
محاولة لجذب إحدى الشركات للاستحواذ على شركة وطنية
حابي: هل تعتزم شركتك لعب دور في جذب مستثمرين للشركات والأصول التابعة للصندوق السيادي مثل شركة وطنية التي تعد من أهم الفرص الاستثمارية المتاحة خلال الفترة الأخيرة؟
شكري: ذكرت في سؤالك شركة وطنية، ونحن نحاول جذب إحدى الشركات العاملة في هذا المجال للاستحواذ عليها، ولكن ما زال من المبكر الحديث عن تفاصيل.
حابي: حصلت إتش سي مؤخرًا على رخصة التعامل على أسهم أجنبية فكيف تتوقع مستقبل هذا النشاط في ظل اضطرابات وضع السوق المحلية؟
شكري: الحصول على هذه الرخصة كان من أجل تلبية احتياجات العملاء الراغبين في اقتناص أسهم في الدول العربية.
التقلبات العنيفة في البورصات الخارجية وراء عزوفنا عن التوسع في نشاط السمسرة بالخارج
حابي: هل تعتزم إتش سي التوسع في نشاط السمسرة في الدول الخارجية؟
شكري: لا، بعد تجربتنا في دبي رأيت عن قرب التقلبات العنيفة في البورصة في دبي مقارنة بالسوق المحلية، مع ارتفاع كبير في التكلفة رغم أن شركتنا كانت تحتل مكانة جيدة بهذه السوق، لذلك فضلنا التوسع في نشاط بنوك الاستثمار الذي يعتمد في الأساس على الكفاءة والمهارة.