أحمد رضوان: نرحب بكم في الجزء الثاني من لقاء صالون حابي الأول.. نرغب أن يكمل الدكتور محمد فريد المناقشة التي تم فتحها في الجزء الأول عن الملف الضريبي فيما يتعلق بسوق المال.
محمد فريد: الملف الضريبي أعتقد أنه أوسع من ملف سوق رأس المال، إذ إنه بالأخذ في الاعتبار بعضًا من النقاط التي تحدث عنها الزملاء المشاركون في الندوة، وخاصة ما أشار إليه الأستاذ كريم عوض بشأن الاندماجات وما إلى ذلك.
يجب أن نشير في البداية إلى ما تم إتخاذه لحل الإشكاليات المرتبطة بتطبيق الضريبة التي دار حولها حديث كبير جدًّا، أول إشكالية تمثلت في فتح الملف الضريبي، وهل المستثمر إذا ما أراد شراء سهم أو اثنين عليه أن يفتح ملف ضريبي، وتم بالفعل التواصل مع وزارة المالية وأتحدث هنا عما تم التوصل إليه وإعلانه من قبل مجلس الوزراء، عقب اجتماع موسع تم عقده بحضور وزيري المالية وقطاع الأعمال العام، ورئيسي اللجان الاقتصادية بمجلسي الشيوخ والنواب، ورئيس البورصة ورئيس هيئة الرقابة المالية، ورؤساء الجمعيات المهنية العاملة بمجال سوق المال.
استقطاع المقاصة للضريبة وتوريدها للمصلحة منطقي أسوة بما يتم بالاستثمار في الأذون والسندات
تم الاتفاق على أن المقاصة هي التي ستقوم باحتساب الضريبة وتوريدها إلى مصلحة الضرائب، وهو أمر منطقي؛ لأنه عندما تنظر لمن يستثمر في الأذون والسندات من الأفراد لا يتم عمل ملف ضريبي منفصل له، وإنما يتم الخصم من المنبع.
أيضًا فيما يتعلق بتحديد سعر السهم عند الاقتناء والتي كان يفضل أن يكون منصوصًا عليها صراحة، وقد نصت وزارة المالية على أنه سيتم احتسابها على أساس سعر السهم وقت الشراء أو سعر الإغلاق في آخر جلسة للتداول أيهما أعلى، حتى يعطي ميزة للمستثمرين عند الدخول إلى مستوى تطبيق الضريبة.
تشجيع الطروحات عبر حافز أو خصم 50% من الضريبة في أول سنتين بعد الطرح ثم تنخفض إلى 25%
وهذا التوضيح لم يكن منصوصًا عليه صراحة في تعديلات القانون، لكن في القانون الأصلي كان مكتوبًا، وهو ما يعني أن ما تم هو تأكيد على تلك الجزئية.
الشق الإضافي الذي كان محل مناقشة مع عدد من الأطراف، وهو الرغبة في الحصول على حوافز تكون مناظرة لتكلفة الإقراض والخصم على إجمالي المبالغ المستثمرة لفترة زمنية والتي تم بيعها فيما بعد، بحيث يتم قبل احتساب ضريبة الأرباح الرأسمالية فصل الحافز الإضافي من الأرباح حتى تكون استثمارات الأسهم مناظرة للأوعية الادخارية والاستثمارية الأخرى، وأيضًا سيتم خصم كل التكاليف والمصاريف سواء الوساطة أو الحيازة والتداول والمقاصة والتسويات من الوعاء الضريبي قبل احتساب الضريبة.
الإشكاليات الضريبية المرتبطة بالتعاملات السريعة في البورصة تم حسمها مع وزارة المالية بوضوح
كانت هناك ملفات أخرى لم تكن مرتبطة بالتداولات في سوق الأوراق المالية مثل الرغبة في الحصول على حافز للطروحات في الأسهم، وأن تكون هناك خصم للضريبة على الأرباح خلال أول عامين بحيث تكون 50% من الفارق بين تكلفة الاقتناء وسعر الطرح ثم تنخفض بعد ذلك إلى 25%.
الجزء الهام المرتبط بخلق كيانات كبيرة والتي كانت أحد المستهدفات، فإنه قبل التعديل المقترح الذي تعمل وزارة المالية على الانتهاء منه وأيضًا الجهات التشريعية المختلفة، كانت ضريبة عمليات مبادلة الأسهم 22.5% سواء كانت الشركات المستحوذ عليها مقيدة أو غير مقيدة.
تعديل مقترح بخفض الضريبة على مبادلة الأسهم إلى 10% .. وسداد الضريبة عند البيع نقدًا
أما المقترح الجاري العمل عليه فتضمن أنه في حالة قيام إحدى الشركات المقيدة بالاستحواذ على شركة أخرى غير مقيدة من خلال مبادلة أسهم، وأصبح مساهمو الشركة المستحوذ عليها حاملين لأسهم مدرجة بالبورصة فإن الضريبة في تلك الحالة أصبحت 10% ولا يتم دفعها إلا في حالة التصرف في تلك الأسهم، وهو أمر منطقي، إذ أنه سيكون في تلك الحالة سيقوم المستثمر ببيع تلك الأسهم ولن تصبح عملية مبادلة، وسينتج عنها تعاملات نقدية ما يستوجب ضرورة فرض ضريبة عليها.
تعاملات الكيانات المرخصة من الرقابة المالية في مجال رأسمال المخاطر والتي تستثمر في الشركات النابغة معفاة من الضريبة
هذا الأمر سيفتح الباب أمام خلق كيانات كبيرة بسوق الأوراق المالية المصرية، فالشركات المقيدة تستطيع الاستحواذ على شركة أو عدة شركات أخرى غير مقيدة من خلال عمليات مبادلة الأسهم بزيادات رؤوس الأموال في البورصة.
هناك جزء أيضًا مهم وهو أن بعض الطروحات تتم من خلال زيادة رؤوس الأموال، ولسرعة تنفيذ الطرح، كان يتم بيع جزء منه للمستثمرين وخاصة غير المصريين، وتظل هذه الأموال في مكانها وعند عزم الشركة إجراء زيادة رأسمال في البورصة يتم استخدامها، وفي حقيقة الأمر على المستوى الاقتصادي فإنه ليس هناك استفادة نقدية من عملية بيع الأسهم الأولية، وبالمناقشات الحثيثة مع وزارة المالية تم التوصل إلى أن هذه المعاملة لا تستحق أن تطبق عليها الضريبة في وقتها، وإنما ستؤجل لحين بيع هذه الأسهم.
وقبل الحديث عن النقاط المهمة المرتبطة بصناديق الاستثمار، سأشير إلى توزيعات الأرباح والتي تتم للاحتياجات الاقتصادية ولا يمكن القول بأنها إقرار ضريبي، وإنما ازدواج اقتصادي فيما يتعلق بالضريبة، فمثلًا شركة تمتلك 3 أو 4 شركات أخرى تحت مظلتها، كان مع كل مرحلة توزيع للأرباح النقدية فإنه كان يتم خصم الضريبة المفروضة على الشركات غير المقيدة والمحددة بنسبة 10%، حتى يتم الوصول إلى الشركة المقيدة فيتم خصم 5%، ولذلك تم الاتفاق مع وزارة المالية في المناقشات على أنه لن يكون هناك ازدواج اقتصادي فيما يتعلق بالضريبة.
وقف الازدواج الاقتصادي في ضريبة أرباح الشركات القابضة وتوابعها عبر الخصم أو الرد الضريبي
وبطريقة احتساب وزارة المالية للضرائب، فإنه بعد دفع الضريبة ووجوب الدفع مرة ثانية يتم عمل خصم أو رد ضريبي لما تم دفعه من ضرائب، ونتحدث هنا عن جزئية في غاية الأهمية ستمكن الشركات القابضة عندما تكبر ويكون لديها توابع متعددة، فإن الأموال والأرباح المحققة والتي تذهب إلى المستفيد الفعلي وهو الشركة الأم ومساهميها، لا يتم دفع الضريبة عنها أكثر من مرة على ذلك الربح المتحقق من أول شركة موجودة في الطبقة الأولى، وهو ما سيشجع الشركات على التوسع وأن يكون لديها توابع وأن يكون لديها ملكية مستقرة، تعمل من خلالها.
وبالنسبة لصناديق الاستثمار، كانت هناك إشكالية كبيرة، خاصة ما يتعلق بتطبيق الضريبة، وكما أشار الأستاذ شريف سامي فإنه ستكون هناك مخصصات لضرائب محققة وأخرى غير محققة، لا بد أن يتم أخذها في الاعتبار، ولذلك فإن الوعاء الوحيد الذي سيأخذ في الاعتبار الضرائب سواء هذه الأرباح تحققت أم لم تتحقق هو الوعاء الخاص بصناديق الاستثمار، لأنه لا يريد تحميل الضريبة على مستثمر آخر، ولذا سيكون مضطرًّا لتحميلها للمستثمر الذي يرغب في الخروج من الصندوق، على الرغم من أنه لم يحقق أرباحًا على الأوراق التي يستثمر بها، ولكن سيتم خصم الضريبة على الأرباح المحتملة، ولذا سيتم التعامل مع الأرباح المحققة وغير المحققة.
وما تم التوصل إليه بالمناقشات مع وزارة المالية بهذا الشأن والتي تفهمت رؤية المتخصصين الذين قاموا بعرضها تفصيلًا، وكانت هناك روح طيبة للاستماع والاقتناع، أن تكون الأدوات التي يستثمر فيها الصندوق معفاة بالكامل.
قبل التوصل إلى ذلك، كان الريع الذي يأتي من الودائع البنكية عليه 22.5% ضريبة، فمثلًا إذا كان الصندوق يستثمر 70% من أمواله في الأسهم و30% في ودائع لمقابلة للاستردادات، فإنه كان يتم خصم 22.5% ضريبة على الريع الخاص بها، على الرغم من أن الأساس الضريبي لصناديق الاستنثمار هو الشفافية الضريبية، ولا يمكن معاملة المستثمر من خلال الصناديق معاملة ضريبية أسوأ من الاستثمار بشكل فردي.
ما تم التوصل إليه حاليًا، أن تلك الأوعية أصبحت معفاة، سواء من ضريبة توزيعات الأرباح أو الأرباح الرأسمالية على الأسهم، أو العوائد الواردة من الاستثمار في الودائع، والصندوق ذاته أصبح معفى من ضريبة الدخل، وأصبح من يتحمل الضريبة هو المستفيد الفعلي أو حامل الوثيقة، وتحفيزًا للأفراد المستثمرين فإن تلك الضريبة ستكون 5% وبالنسبة للأشخاص الاعتبارية 15% من الأرباح المحققة.
ومن سيكون مكلفًا باحتساب الضريبة هم جهات إدارة الصناديق من مديري الاستثمار وشركات إدارة الاستثمار وغيرها، وعند قيام الأفراد بعمل الاستردادات ستقوم تلك الجهات بخصم الضريبة ومن ثم توريدها إلى مصلحة الضرائب، وهذا الجزء المعني بما هو مقيد بالبورصة.
الاجتماع مع الشركات الناشئة للنظر في مدى الحاجة لتعديل الأنظمة الإرشادية لإصدار الأسهم الممتازة
على صعيد ما هو غير مدرج، ناقشنا أيضًا في المباحثات مع وزارة المالية بناء على ما ورد من الجمعيات المهنية المختلفة، وضع استثمارات الصناديق فيما هو غير مقيد، وخاصة ما يتعلق بما ذكره الأستاذ شريف سامي بشأن الاستثمار في الشركات الناشئة، وتم التوصل إلى أن الشركات والصناديق المؤسسة والمرخصة لها من الهيئة العامة للرقابة المالية كشركة أو صندوق متخصص في مجال رأس المال المخاطر، والذي يستثمر في الشركات النابغة التي لديها رؤية، أصبحت كل تعاملات هذه الصناديق في شركات غير مقيدة معفاة، والصندوق ذاته معفي، وأصبحت الضريبة محملة على حامل الوثيقة أو الشريك المتضامن في حالة أن هذه شركة بالنسبة لهذه الاستثمارات، وأيضًا بنسبة 5 و15%.
وبهذه الطريقة فإننا نعمل على تحفيز الاستثمار وحل الإشكاليات التي تحدث عنها الأستاذ شريف سامي لتشجيع الشركات الناشئة والشباب على أن يصبح لديهم مشروعاتهم وأن يدخلوا إلى السوق، وأصبحت المؤسسات التي تمولهم تعمل في السوق المصرية بصورة طيبة.
والشق المكمل لهذا وغير مرتبط بالضريبة ولكنه أحد الأسباب التي أشار إليها من بعيد الأستاذ شريف سامي، والخاصة بأسباب ذهاب تلك النوعية من الشركات للتأسيس بأسواق كأمريكا أو هولندا لسهولة إصدار أسهم وبالأخص فيما يتعلق بالأسهم الممتازة، فهذه النوعية من الشركات عند التأسيس كل مستثمر يأتي للاستثمار فيها له منافع مختلفة.
أما في مصر ربما يكون غير مفهوم للشركات أن إصدار الأسهم الممتازة سهل، وكان من مخرجات الاجتماع والمناقشات مع الهيئة العامة للاستثمار، أننا في حاجة إلى الجلوس مع الشركات الناشئة والعاملة في هذا المجال للتعرف على التعديلات المطلوبة في الأنظمة الاسترشادية الخاصة بإصدار الأسهم الممتازة، حتى نمكن هذا النوع من الشركات من إصدار الأسهم الممتازة والتي يكون لها الأولوية، وهذه هي المرونة المطلوبة في تلك النوعية من الشركات عند إدخال مستثمر ما يساعدها على أن تكبر بسهولة.
ياسمين منير: هل هناك مطالب أخرى لا تزال محل مناقشة أو تم طرحها أمام مجلس الشيوخ أو مجلس النواب؟
محمد فريد: ما طُرح أو تمت مناقشته هو نتاج ما قدمته الجمعيات المهنية وأيضًا كل الجهات المرتبطة بالسوق، فمثلًا الجزء الخاص بتوزيعات الأرباح أو الازدواجية الاقتصادية المتعلقة بهذه الضريبة تم تقديم مقترحاتها من الشركات المقيدة، وهو ما يعني أن إدارة البورصة قامت بتجميع كل المطالب من جميع الأطراف المعنية قبل البدء في التواصل مع وزارة المالية، وتمت المناقشات وبذل مجهود كبير مع كل الأطراف المرتبطة بالسوق، وبالتالي تم التوصل إلى تلك النتائج والتي تم إعلانها من قبل دولة رئيس مجلس الوزراء صراحة للجميع.
ياسمين منير: مما رأينا في مناقشات صالون حابي.. هل سيتم التجهيز لطرح مطالب أخرى الفترة المقبلة؟
محمد فريد: لا يوجد من سيقوم بتجهيز هذه المطالب.
ياسمين منير: هذا أيضًا سؤال من يفترض أن يقوم بذلك! هل هي جمعيات السوق أم هيئة الاستثمار أم البورصة؟
محمد فريد: من جانب إدارة البورصة فلا يوجد شيء مطروح.
ياسر زكي: أود التعقيب، الحقيقة أن الملف الضريبي شائك ومهم جدًّا، ولذا فإنني بدأت بالخطوة مع الجمعيات المعنية كافة وعقدنا جلسة مع كل الأطراف وقمنا بإعداد مذكرة وتوجهنا إلى مجلس الشيوخ، ثم وجهنا الدعوة للدكتور محمد فريد، وكان من أكثر الجهات المعنية بسوق المال، وكان له دور كبير في العديد من النقاط الهامة التي تمت إضافتها ولم تكن موجودة في المقترحات المقدمة من الجمعيات، وكان مطلبهم في البداية –ومن الجيد أنه لم تتم الموافقة عليه- هو إلغاء الضريبة، وكان واضحًا من وزارة المالية والحكومة أنها لن تلغي عملًا يحقق مبدأ العدالة الضريبية.
تأجيل الضريبة كان أسوأ بكثير من الاستقرار على تطبيقها خاصة في ظل السعي لجذب مستثمرين
طالبوا أيضًا بتأجيل الضريبة، وفي رأيي أن تأجيلها أسوأ بكثير من تطبيقها؛ لأن الوصول لمرحلة التطبيق الفعلي أفضل من التأجيل لمدة زمنية ثم عودة الجدل بالسوق مرة أخرى.
كما أن التأجيل بالتزامن مع العمل على تنفيذ طروحات جديدة والسعي لجذب سيولة من الخارج، سيؤثر على قرارات المستثمرين الراغبين في المشاركة بتلك الطروحات حيث سيكون من الصعب بالنسبة لهم اتخاذ قرار في ظل عدم وضوح الرؤية لما هو قادم.
تطوير سوق المال ضمن أولويات مجلس الشيوخ.. ويجب التفكير في حوافز أخرى غير الضريبية
وفق الدراسات المتعارف عليها، فإن ثبات السياسات التشريعية والضريبية أمر هام جدًّا لجذب المستثمرين ويسهل اتخاذ القرار الاستثماري بناء عليه، مقارنة بأن تكون غير مستقرة أو إذا ما كان يأمل المتعاملون في تخفيض الضريبة بعد تأجيلها.
ذلك الثبات والاستقرار هو الذي يمكن من خلاله استقطاب الأموال وبما يتوافق مع مصلحة المستثمرين، ولذا فإنها نقطة هامة أن يقفل بعمل تعديل تشريعي ليغلق هذا الملف إلى الأبد.
أنا لست من أنصار عمل تعديل على الملف الضريبي وإنما البحث عن حوافز جديدة، وأشير هنا إلى أنه قبل إثارة الحديث عن تطبيق الضريبة لم تكن أوضاع التداولات بسوق المال عند مستويات مرتفعة وفقدتها بسبب الحديث عن تطبيق الضريبة، حدث بالفعل انخفاض إلى حد ما، إلا أن الضريبة وحدها لن تحل أزمات سوق المال.
ومشكلة السوق من وجهة نظري هي كيفية استقطاب رؤوس أموال من الخارج، وجميعنا يعرف أنه لن يستثمر أحد في سوق المال المصرية ما لم تكن تلك السوق كبيرة.
رضوى إبراهيم: ما هو شكل الحوافز وخطتكم التي يتم العمل عليها داخل مجلس الشيوخ؟
ياسر زكي: لا يمكنني الحديث عن مقترح، ولكني أؤكد أن مجلس الشيوخ وضع دراسة ملف تطوير سوق المال على جدول أعمال اللجنة بهذه الدورة، وفور صدور الكتاب الدوري بشأن تطبيق الضريبة قمنا بتغيير جدول أعمال اللجنة وإعادة ترتيب الأولويات للمشاركة، وذلك نظرًا للأهمية الكبيرة التي يمثلها ذلك الملف.
أحمد رضوان: ذكرت أن اللجنة الاقتصادية بمجلس الشيوخ تضع ضمن أولوياتها ملف تطوير سوق المال.. ما هي النقاط التي سيتم من خلالها تحقيق ذلك؟
ياسر زكي: حتى أكون واضحًا وصريحًا لا يمكنني القول بأننا سنقوم بتطوير سوق المال والذي سيتحقق بالأساس من خلال جهات أخرى، دورنا في المجلس هو التشريع فقط، ولكن دائمًا ما نقوم بعمل دراسات ونقاشات داخل اللجنة لما يرد إلينا من قرارات ومقترحات، وما يرتقي منها إلى درجة الحاجة إلى تشريعات فإنه يتم بدء ذلك، ولا يمكنني حاليًا القول بأننا لدينا خطط وملامح واضحة لذلك، ولكن ملف الضريبة كان أولوية وتعاملنا معه كملف هام.
أحمد رضوان: بالفعل، ولكن ملف ضريبة الأرباح الرأسمالية جاء إليكم بالمجلس.
ياسر زكي: نعم الملف جاء إلينا وكنا بالفعل على مقربة منه، وبدأنا العمل عليه بصورة فورية، وكانت له أولوية، وفي المجمل فإن سوق المال في حاجة إلى تطوير، وخاصة البورصة المصرية، إذ إننا في عام 2008 وصلنا في إحدى الفترات إلى حجم تداولات بنحو 3 مليارات، وهي الآن وبعد 14 عامًا أقل بكثير وتسجل في بعض الأيام نحو 300 مليون جنيه.
رضوى إبراهيم: الآن ننتقل بالحديث إلى الأستاذ محمد متولي لاستغلال خبراته الكبيرة في الأسواق الخارجية وفي السوق المصرية، قبل تولي الرئاسة التنفيذية لبنك الاستثمار إن أي كابيتال، خاصة أنه من المتعارف عليه أن بنوك الاستثمار تعمل على مسارين، الأول هو العميل الذي يأتي إليها، والآخر هو العميل الذي تسعى لاستقطابه وإقناعه، وعند حديثك عن دور NI Capital في الطروحات الحكومية ذكرت أن وزارة المالية هي من تقترح الشركات وأنتم كبنك استثمار يقدم رأيه واستشارته، وسؤالي لماذا لم تتخذ شركتكم المسار الآخر لاقتراح الفرص من جانبكم وتحديد الشركات التي ترون أنها أكثر جاهزية أو محل قبول لدى المستثمرين ولم يتم إدراجها في البرنامج وإقناع وزارة المالية بها؟
ولدي سؤال آخر بشأن وضع سوق المال، وفق تقديرات أغلب ممثلي سوق المال بأن التعديلات التي تمت على ضريبة الأرباح الرأسمالية -والتي ظل يتردد لفترة طويلة أنها السبب في وضع السوق- حققت إلى حد كبير وربما أكثر من مطالب جمعيات سوق المال، ورغم ذلك لم نرَ تحسنًا ملحوظًا في السوق! من وجهة نظرك ما هي مشاكل سوق المال؟ ونود الاستماع أولًا لجزئية دور بنك الاستثمار في إقناع العميل.
محمد متولي: دعيني أبدأ أولًا بمناقشة ورؤية من الأعلى للمشهد، عندما ننظر إلى الأسواق الناشئة المماثلة لمصر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، ما هو حجم السوق مقارنة بالناتج المحلي لتلك الدول، سنجده بين 30 و80% وأحيانًا يزيد على ذلك.
قبل عام 2010، وصلت مصر إلى تمثيل السوق ما يعادل 70% من الناتج المحلي، وخلال الفترة الحالية ولأول مرة في تاريخي المهني أجد أن الاقتصاد الحقيقي يسابق السوق بمراحل كبيرة جدًّا.
يجب أن يصل حجم سوق الأسهم إلى 3 تريليونات جنيه لتوازي نصف حجم الناتج المحلي.. وهذا لن يحدث دون طروحات جديدة
النمو الذي شهده الاقتصاد والذي كان ناتجه المحلي أقل من تريليون جنيه عام 2010 وأصبح الآن يعادل 7 تريليونات جنيه وتضاعف 7 مرات، بينما لم تنمُ القيمة السوقية للأسهم المتداولة في البورصة بالنسبة ذاتها على الإطلاق، بل إنها لا تزال عند نفس معدلاتها، وبالتالي فإن إجمالي القيمة السوقية لسوق رأس المال إلى الناتج المحلي انخفضت لتصل إلى 11 أو 12%، ما يعني أن البورصة المصرية لم تشهد نموًّا حقيقيًّا خلال سبع سنوات شهدت فيها مصر طفرة كبيرة في الاقتصاد.
نمو سوق رأس المال يتم من خلال طريقين، الأول أن أسعار الأسهم تنمو قيمتها مع نمو هذه الشركات، وحاليًا في مصر نرى أن مضاعفات نمو الشركات لا تزال ضعيفة مقارنة بالإقليم وأيضًا الأسواق العالمية، والمقارنة هنا بالأسواق الناشئة.
لدينا شركات تحقق مضاعفات ربحية بنحو 4 أو 5، إلا أنها كان من المفترض أن تحقق 10، القيمة السوقية لسوق المال المصرية الآن وصلت لنحو 750 مليار جنيه، وإذا قلنا إن السوق تعاني من ضعف وستنمو بمعدل 1.5 مرة، وأن مضاعفات السوق المصرية تبدأ تكون مثيلة لمضاعفات الربحية بالعالم، فإننا سنصل بالقيمة السوقية إلى نحو 1.2 تريليون جنيه، ونحن نريد الوصول إلى 3 تريليونات على الأقل حتى يعادل ذلك نحو 50% من الناتج المحلي، ومعنى ذلك أنه لا بد من استقطاب شركات جديدة.
حوار ذو اتجاهين بين إن أي كابيتال ووزارة المالية حول الشركات المرشحة للطرح
السوق المحلية عندما ننظر إلى بعض الطروحات التي حاولت ولم تنجح وهي عددها قليل جدًّا وذلك يحدث في مناطق العالم كافة، إلا أننا نجد أن الحجم كان صغيرًا؛ لذا لم يجذب الطلب من المستثمر الأجنبي وكل الطلب كان من المستثمر المحلي ولم يكن كافيًا لتغطية تلك الطروحات، رغم أن الشركات ممتازة ومن ينظر إليها تكون لديه الرغبة في شرائها.
ولذا وحتى نتمكن من جذب المستثمر الأجنبي بطريقة جدية لا بد ألا تقل قيمة الطروحات عن 300 مليون دولار، فعندما نرغب في التواصل مع بنك استثمار عالمي حتى ينظر إلى فرصة في مصر أو أن يتولى إدارة أحد الطروحات كالتي تديرها شركتا المجموعة المالية هيرمس أو سي آي كابيتال، فلا بد ألا تقل قيمة هذا الطرح عن 250 – 300 مليون دولار حتى يقتنع بالمجئ ويتمكن من جذب الأسماء القوية العالمية.
وبالنظر إلى الاستفادة التي تحققها السوق المصرية جراء استقطاب بنوك الاستثمار العالمية هي أن تلك المؤسسات وبعد انتهاء عملها تقوم بتسويق عالمي للسوق المصرية بين المستثمرين والصناديق في الأنحاء كافة، وهذا ما حدث في مصر ببداية التسعينيات، ووقتها كان المعدل الذي يبحثون عنه للدخول في اتفاقيات بالدول ناشئة في حدود 100 أو 120 مليون دولار، ووقتها تم تنفيذ أكثر من طرح من بينها البنك التجاري الدولي CIB، ثم السويس للأسمنت، وبنك مصر الدولي وغيرها من الطروحات، والتي تولت إداراتها أكثر من مؤسسة عالمية.
يمكن القول بأن تلك المؤسسات العالمية الختم الخاص بها أو ما يقومون بكتابته في التقارير البحثية لتسويق الفرص بمصر أشبه بحملة إعلانية تقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات، ولكنها حملة تسويقية تستهدف في الأساس مؤسسات مالية تستثمر في الأسواق الناشئة، وما أريد قوله هو أن الحجم اليوم أصبح مهمًّا جدًّا لإنجاح الطرح.
رضوى إبراهيم: أليس الحجم الذي تتحدث عنه متوفرًا بالفعل في الشركات التابعة للحكومة؟
محمد متولي: جزء منها متوفر في الشركات الحكومية وأيضًا الشركات الخاصة، والغالبية في الحكومية بالطبع.
القيمة البالغة 300 مليون دولار التي أتحدث عنها عندما نقول إننا لدينا شركة وسيتم طرح 50% من أسهمها بالبورصة بهذه القيمة، فبالتالي يجب ألا تقل قيمة الشركة عن 600 مليون دولار أو ما يعادل نحو 12 مليار جنيه تقريبًا.
لجذب المستثمر الأجنبي بطرق جدية يجب التحدث عن طروحات لا تقل قيمة الواحد عن 300 مليون دولار
أحجام الطروحات تحدث فارقًا في عرض سوق المال عن طريق طرح عدد كبير من الشركات، بينما طرح عدد كبير من الأسهم على غرار ما يحدث في شركة أبو قير للأسمدة، فإن ذلك يزيد من حجم السيولة وعمق في السوق وليس العرض والذي يحتاج إلى طرح شركات جديدة، وهو ما يرفع إجمالي القيمة السوقية للشركات المدرجة.
وردًّا على الجزئية الخاصة بالحوار الذي يدور مع وزارة المالية باعتبارها المنسق العام لبرنامج الطروحات، هل هو في اتجاه واحد أم في اتجاهين؟ الإجابة هي أن الحوار في اتجاهين، فنحن مثلًا عندما نعرض فرصة لطرح إحدى الشركات ففي حالة الحصول على رد إيجابي يتم عرض الأمر على مساهميها هل لديهم قبول لتلك الخطوة، ولو كان الرد سلبيًّا يتم البحث عن فرص أخرى، ولذا فإن الحوار يسير في اتجاهين، وبالفعل نذهب لهم باقتراحات لفرص يتم التباحث حولها.
ياسمين منير: سؤالي مرتبط باقتصاديات الحجم التي نتحدث عنها، وأيضًا النموذج الذي أشار إليه الأستاذ شريف سامي في الجزء الأول من اللقاء، حيث يمكن من خلال أصول الدولة طرح كيانات كبيرة سواء بدمج أو بتدشين كيانات قابضة لتسطير قصص نجاح جديدة بالبورصة، وكما ذكرت أن الأسماء الجديدة تكون محل اهتمام من المستثمرين، فهل سيكون هناك تحديث للبرنامج الحكومي يتضمن كلتا الجزئيتين؟
محمد متولي: دعونا ننظر إلى ما حدث في طرح إي فاينانس، فهي شركة تم تقييمها بنحو 22 مليار جنيه تقريبًا، وما تم طرحه منها فعليًّا في طرح ثانوي نسبته 15%، والمساهمون بالفعل طرحوا 15%، ولكنها حققت زيادة في رأس المال بنسبة 10%، بهدف توسع الشركة في نشاطها ولذا فإنه تقريبًا 40% من الطرح كان لزيادة رأس المال و60% هو البيع من قبل المساهمين، وإذا طرح أحد تساؤلًا عن طالما أنه تم الوصول إلى 2.5 مليار جنيه، لماذا تمت زيادتها بنحو 3.4 مليار جنيه أو إلى 15% ؟
لدينا معايير لاختيار الطرح.. والتسعير السليم بالغ الأهمية.. ونحن في حاجة إلى دفعة غير عادية في العدد والحجم
والإجابة هي أن هذه هي القيمة المضافة التي طلبتها «إن أي كابيتال»، وقلنا إننا بحاجة لسيولة في هذا السهم وأن نصل إلى هذا الحجم حتى نتمكن من جذب الاستثمار، وبالفعل هناك أسماء شاركت في هذا الطرح لم تدخل مصر منذ 15 عامًا، وهناك أسماء أخرى تستثمر للمرة الأولى في مصر، و68% من هذا الطرح ذهب لمؤسسات أجنبية.
رضوى إبراهيم: ما هي الطروحات الأولية المرتقبة للحكومة على غرار طرح إي فاينانس وتعمل إن أي كابيتال على تجهيزها حاليًا؟
محمد متولي: لا يمكنني الحديث عن عمليات يجري تنفيذها، ولكن يمكنني القول إننا وضعنا معايير معينة تضمن لنا نجاح الطرح، والنقطة الثانية أنه من المتعارف عليه في الطروحات، أن البائع يرغب دائمًا في الحصول على أعلى سعر، لكن في الواقع فإننا نسعى إلى طرح ناجح وهذا هو الأهم، ولنا في إي فاينانس مثال، فبعد أخذ بزيادة رأس المال في الحسبان، فإن المساهمين الأصليين بالشركة محتفظين بنحو 76.5% من الأسهم أي سيطرة كاملة على الشركة، وعندما يتضاعف سعر السهم فإن قيمة حصتهم في الشركة تضاعفت هي الأخرى.
طرح إي فاينانس جذب مستثمرين لم يدخلوا مصر من 15 عامًا.. وبعضهم لأول مرة
وخلال الشهر الماضي كان هناك طرح في الهند لشركة مثيلة لشركة إي فاينانس، وهو أكبر طرح في تاريخ الهند، وخلال أول يومين من الطرح انخفض السهم بنحو 37% وتم وقف كل الطروحات الأخرى التي كانت ستتبعه حتى نهاية العام الجاري، ولذا فإن ملف التسعير يعد الأكثر أهمية وخاصة مع إتاحة مساحة للمستثمر تمكنه من تحقيق عائد وبالتالي يحقق أهدافة ويكون سعيدًا ويعاود الاستثمار مرة أخرى.
ومن الطبيعي أننا عندما نتحدث عن الطروحات الكبيرة، فإن ذلك لا يعني أننا ضد الشركات الصغيرة، ولكن نحن في مرحلة تحتاج إلى عمل ما يشبه الصدمة الكهربائية لجذب الانتباه وتحقيق عودة قوية للسوق المصرية على المستوى العالمي، وأن نصل إلى مرحلة أن يكون هناك طرح في مصر يظهر على الصفحة الأولى في جريدة فاينانشيال تايمز FT، وهذا هو ما سيلفت انتباه المستثمرين الأجانب إلى مصر، وطالما هناك تجربة للاستثمار في مصر فسينظرون إلى البورصة ليرون ما هو متاح أيضًا.
وكما قلت فإن أي مؤسسة مالية تقرر وضع موارد بشرية مهمتها متابعة سوق بعينها، ومن هنا فإن مراحل الاستثمار في مصر، وفي البداية تكون هناك لجنة استثمار للموافقة على دخوله للاستثمار في مصر، ثم بعد ذلك يتم تحديد قيمة الاستثمار في مصر وليكن 20 مليون دولار، ولذا فإنه لا بد من وجود شخص لمتابعتها وهو ما يعد تكلفة، ولذا فإن الشركات ترغب في ضخ أكثر من 100 مليون دولار حتى تتمكن من تغطية التكاليف الخاصة بمتابعة الاستثمارات، وبالتالي فإن استثمار تلك المؤسسة يرتفع كلما كانت هناك طروحات كبيرة لشركات جيدة تمكنه من تحقيق عائد جيد.
رضوى إبراهيم: أستاذ شريف سامي.. باعتبارك كنت رقيبًا سابقًا على الأنشطة المالية غير المصرفية، وترأس حاليًا إدارة بنك هو الورقة المالية الرابحة ومحل نظر الجميع في البورصة.. الفترة الماضية كان ضمن ما سمعنا من مصادرنا، وخاصة شريحة الشركات الصغيرة والمتوسطة سواء العاملة في مجال الأوراق المالية أو المقيدة بالبورصة، أن أحد أسباب الأزمة بالسوق هي أن فلسفة الرقابة والإدارة باتت أكثر صرامة ومتشددة. فما رأيك؟ وما هي حدود مساهمته؟ وهل كنا في فترة زمنية استلزمت تلك الفلسفة في الإدارة؟ وهل انتهى وقتها أم أننا لا نزال في حاجة لها؟
أحمد رضوان: وهل تتفق في الأساس مع فكرة الرقابة الصارمة، أم أن هذا وضع طبيعي ونحن نواجه مشاكل؟
شريف سامي: هناك كثيرون أكدوا أننا نحتاج إلى تعديل في تشريعات سوق المال، وأنا أؤكد لكم وعلى ضمانتي أننا لسنا في حاجة لذلك، باستثناء كلمة تضاف أو أخرى تحذف، وتشريعات سوق المال جيدة.
على ضمانتي.. لا نحتاج تعديلات جوهرية في تشريعات سوق المال.. ولكن هناك حاجة لتعديلات في قوانين أخرى
ولسنا أيضًا في حاجة إلى خفض العمولات، والدليل على ذلك أننا عملنا منذ سنوات وكانت العمولات مرتفعة والقانون أقل تقدمًا مما نحن عليه الآن، وأنا أقول ذلك لأشير إلى أننا في حاجة إلى تعديلات ولكن في مناطق أخرى، إذ إن سوق المال لا تعمل بمعزل عن الاقتصاد، ولن أدخل إلى كل القطاعات الاقتصادية، ولكن سأعطي مثالًا واحدًا قانون الشركات القانون الأم، والذي ينطبق على البنك التجاري الدولي وعلى مكتب صغير والذي لم يشهد تغييرًا جوهريًّا.
وتوزيعات الأرباح مثال على ذلك، فهل يعقل ونحن في عام 2021 أن يتم توزيع الأرباح اليوم على مجلس الإدارة والعاملين حاليًا، رغم أنه تم تحقيقها على مدار 3 أو 4 سنوات؟ هذا أمر غير منطقي، وهل يجب أيضًا أن الشركات التي كانت تخسر وتمت إعادة هيكلتها وعادت للربحية ولا تكون هناك أرباح لمجلس الإدارة، لأن ما يخص توزيعات الأرباح كان بفكر قديم، وأعطيت مثالًا ينطبق على الكثير ومنها الجمعيات العمومية.
كما ينطبق أيضًا على ريادة الأعمال، والتي تحدث عنها الدكتور محمد فريد وهي ليست مجرد أسهم ممتازة، وإنما الأمر يرجع إلى أنه عند تأسيس الشركة مثلًا لا أحد يعلم قيمتها، فيتم وضع قيمة لها دون تحديد النسبة، وبعد عامين أو ثلاثة وعندما يتضح سعر لها، فيتم تحويل تلك القيمة إلى أسهم، وكل ذلك وفق قانون الشركات، وما أريد قوله هو أن ما تحدثت عنه أنه لا داعي لإضاعة الوقت في تعديلات بقانون سوق المال فهو جيد.
وهناك مثال بسيط على وضع القانون وتطبيقه، والتطبيق هو الأهم، فتطبيق القانون ومداخله مهما كان، فهناك جزء يرجع لتقدير القائم عليها، فهل هناك أمور تطبق انتقائيًّا، أم أنه تطبيق منضبط دون تسميته متشددًا أو مرنًا؛ لأن الرقيب المالي الفطن والذي يقوم بدوره بصورة صحيحة لا بد أن تكون لديه عين على الانضباط والرقابة وأخرى على تنمية السوق، لا سيما لو حاولت تحصين الرقيب من التدخل الزائد حتى تتاح إمكانية للعمل، وبالنهاية من يحكم في ذلك ليس الرأي العام لأنه غير متخصص، وإنما بالتأكيد أبناء المهنة، لأنهم جميعهم لن يكونوا متحيزين لجانب معين.
فالمواطن البسيط يمكن أن يتأثر بسبب أي مانشيت، ولكن أبناء المهنة في السوق نبضهم على وضع السوق واتجاهاته وتحركات المستثمرين الأجانب ورد فعل الصناديق، والأهم هو الشركات التي تسعى لطرح أسهمها، فأثناء جلوسي معكم أعلم أن هناك شركتين أو ثلاثًا من الشركات التي نشجعها على الطرح وهي من أفضل الشركات في مصر، إلا أن رأيها حاليًا يميل إلى الرجوع عن الخطوة.
أحمد رضوان: هل تلك الشركات حكومية أم قطاع خاص؟
شريف سامي: جميعها قطاع خاص، وأرى أن جميعنا خاسرون، والنتيجة لأن المقياس هو المرونة والنتيجة النهائية، وهو أمر يهمنا جميعًا، إذ إن الأمر ليس سن أو تعديل قوانين سوق مال فقط، وكل الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية لم تكن بهدف تطوير السوق، وإنما لحل مشكلات نتجت عن أمر مستجد.
نظرة الشركات الراغبة في الطرح مهمة جدًّا.. وأعلم أن هناك 3 شركات كبيرة تراجعت عن القرار
وما يحدث أننا نزيل المشكلة الخاصة بتفسير الضريبة وتأجيلها حتى نستطيع الحديث عن تطوير السوق والمنتجات الجديدة، فهذا يأخذ من وقت تطوير النشاط وحجمه، ولذا فأنا أرى أن تشريعات سوق المال جيدة، ولكن أرى قانون الشركات وغيره.
وأود القول إن ذاكرتنا قصيرة جدًّا، فنحن نقوم بإصدار قوانين ثم ننساها، فعندما كنتم تتحدثون عن حوافز على الاستثمار في الأسهم الخاصة بشركات رأس المال المخاطر، أو الشركات الجديدة، شعرت بالحزن؛ لأننا أصدرنا القانون رقم 152 لسنة 2020 والخاص بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن يطلع عليه يجد أنه منح مرونة كبيرة جدًّا في منح حوافز ضريبية وغير ضريبية للشركات الناشئة بأنواعها المختلفة، ولصناديق الاستثمار ولشركات رأس المال المخاطر التي تستثمر فيها، وللمؤسسات المالية المقرضة لها لأن مخاطرها مرتفعة.
والقانون سمح لمجلس الوزراء بإصدار ما يراه وإنما طالب بوضع معيار موضوعي، بحيث لا يقال شركة محددة، وإنما شركات وسائل الإعلام، وهذا القانون لم يطبق، ومن هنا أود أن يطالب البرلمان بالحصول على القانون والسؤال عما تم به خلال الفترة الماضية رغم صدوره منذ عامين وصدور لائحته منذ عام ونصف العام، وصدقوني لم يحدث بشأنه أي شيء حتى الآن، كم التيسيرات في هذا القانون كبيرة.
أحمد رضوان: هل هذا القانون اعتمد وصدر بالفعل؟
شريف سامي: القانون صدر بالفعل وصدرت لائحته التنفيذية وقرأتها وأشدت بالتيسيرات الكبيرة التي تضمنتها، وتساءلت هل صدرت الحوافز الخاصة بها ضريبية وغير ضريبية، وبعضها مربوط بموازنة الدولة وهو ما يعني أنها أرقام كبيرة، والغالبية لم تسمع عنها، وأتمنى أن تقوم جريدة “حابي” بعيدًا عن هذه الجلسة، بإعداد جدول يتضمن 20 أو 30 ميزة وتيسيرًا وقرارًا التي نص عليها القانون أو اللائحة التنفيذية له، وذكر ما تم بشأن كل منها.
حوافز ضريبية وغير ضريبية كبيرة في قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. لكنها لم تطبق
ومن الضروري أن تهتم جمعيات رجال الأعمال وروابط المستثمرين وتطالب بها، وهم إما لم يسمعوا عنها، كما أن البعض لا يهتم بقراءة التشريعات، لأن نصف القانون كان من الممكن أن يكون مخرجًا لعدد من النقاط التي نتحدث عنها ودون الحاجة إلى تدخل وزارة المالية.
وهناك مثال آخر، فالتشريعات الموجودة في السوق منذ السبعينيات والثمانينيات على ما يسمى التعاونيات، مثل التعاونيات الاستهلاكية والإنتاجية والتعليمية والزراعية، هل تعلمون أن بعضها يسمح بتلقي الودائع والتأمين على الأعضاء، والقوانين الجديدة لا يوجد بها ما يسمح بذلك، والمتعارف عليه أن هذه الأعمال تتم في البنوك فقط، ولا يعلم كثيرون أنها متاحة أيضًا بالتعاونيات ولكنها قوانين سارية، وفي مصر يوجد 12 مليون مواطن أعضاء في التعاونيات على مستوى الجمهورية، ويمكن تقديم خدمات مالية وتوعية لهم، ومن الممكن توجيه الفائض من تلك الأموال إلى صناديق استثمار على سبيل المثال.
واستكمالًا لما نتحدث عنه كم فردًا يعلم أنه بالرغم من أن التأمين الاجتماعي إجباري، أن لدينا ما يسمى “رخصة تأمين بديلة” تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي، والتي من الممكن أن تعطي مزايا أعلى ومدخرات أعلى، وهناك 4 شركات في مصر تعمل وفق قانون التأمينات منها البنك التجاري الدولي.
رضوى إبراهيم: ما هي الشركات الثلاثة الأخرى؟
شريف سامي: لا أتذكر أسماءها، ولكن ما أريد قوله إنها كمقارنة، ووقتها البنك التجاري الدولي رأى أنه يمكن تقديم مزايا أعلى لموظفيه ونظرًا لكونه إجباريًّا، فبدلًا من الدخول تحت مظلة التأمين الاجتماعي الإجباري بمبالغ متواضعة نسبيًّا نظرًا لأنها من الدولة، فاتجه للعمل على وضع مزايا أكثر وتحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي أيضًا، والتشريعات موجودة، وعلينا أن نستغلها.
هناك جزء تقديري في تطبيق القانون.. والرقيب الفطن يضع عينًا على الرقابة والثانية على تنمية السوق
وهذه هي الرسالة التي أسعى إلى توصيلها، لدينا الكثير من التشريعات التي تسمح للبرلمان ومجلس الشيوخ بالعمل، وأتمنى ألا يغضبوا من حديثي، فلائحتهم تصدر بقانون، وهي تمنع أن يكون أحد الأعضاء في المجلسين عضوًا بمجلس إدارة شركة، وحتى لو يملك 50% منها، ووقت الحديث عن هذا القانون أرسلت لرئيس مجلس النواب وأبلغته أنه صدور هذا النص سيحرم مواطنين من حقهم الدستوري، وأتفهم عدم السماح لذوي الخبرة نظرًا لفكرة القضاء على شبهة الرشوة على سبيل المثال.
كما أن أغلب قوانين الوظيفة العامة في الدولة تنص على منع الموظفين من شرب الخمر والمخدرات والمضاربة في البورصة، ودائمًا ما أتحدث مع مستشارين في ذلك عندما أجد نسخة تتضمن هذا النص، وأوضح لهم أن المضاربة في البورصة هي استثمار قصير الأجل وليست عيبًا أو حرامًا، وهناك بعضهم بالفعل يزيل النص عند القيام بتعديل، ولكن لو نظرنا في القوانين سنجد أن النص موجود وكأنه كازينو.
ياسمين منير: تحدثنا عن العديد من الملاحظات، وأن الأمر أكبر من قانون سوق المال، وهناك مقترحات مختلفة مطروحة.. فهل الوضع العام للاستثمار، والذي يمثل سوق المال جزءًا رئيسيًّا منه يقول إننا بحاجة إلى وزير للاستثمار، وأن تكون هناك عين واحدة قادرة على الإلمام بكل الخيوط، وضمانة لوجود حديث مستمر مع باقي الحكومة؟
شريف سامي: أو وزير للاقتصاد؛ لأن الاستثمار ليس أمرًا متخصصًا، والاستثمار لا يتحسن بوجود وزير للاستثمار ولكن التحسن الملموس في الاستثمار مرتبط بأوضاعنا، ولذلك نحن بحاجة إلى وزير نافذ، وله بقدر الإمكان صوت مسموع في الشأن الاقتصادي.
أحمد رضوان: بمعنى أن يكون الوزير مشرفًا على الحقيبة الاقتصادية بالكامل أو المجموعة الاقتصادية؟
شريف سامي: لا، المالية وضعها واضح، وكان لدينا وزير للاقتصاد حتى وقت تولي الدكتور يوسف بطرس غالي وزارة المالية، ثم بعد ذلك تم إلغاء الوزارة، كما تم إلغاء وزير التجارة، والمالية في كل بلد دورها واضح في وضع سياسات المالية العامة، والآن تجد أن المنظومة الاقتصادية جزء كبير من دورها تقوم به الدكتورة هالة السعيد والوزارة، وبالفعل تم تعديل مسماها إلى وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ووزارة الاستثمار موجودة بحكم أن رئيس مجلس الوزراء يتولى مهامها.
وفي واقع الأمر نحتاج إلى محفظة اقتصادية، ومسماها ليس أمرًا ضروريًّا، وكثير من المناقشات دارت حول ذلك الأمر، فوجود تلك المحفظة سيعمل على توفير أدوات لتحفيز القطاع الخاص، ووضع خطط للمحافظات الصحراوية أيضًا، وذلك يكون دورها، على غرار وزارة السياحة التي هي في الأساس ليست معنية بإحضار السياح، وإنما مهمتها تنظيم كل ما ينشط السياحة ووضع الآليات التي تحقق ذلك وإزالة كل ما يعرقل عمليات جذب السياح، وفور ما يقوم بذلك ترتفع معدلات قدوم السياح.
رضوى إبراهيم: ماذا يحتاج رئيس البورصة المصرية من بنوك الاستثمار؟ فدائمًا أهدافكم واحدة وهي الترويج وتنشيط السوق وزيادة أحجام التداول بالبورصة، وزيادة عدد الشركات المقيدة بها، إلى جانب طروحات جديدة لمنتجات أخرى بخلاف الأسهم، وكل ما له علاقة بالترويج، فما هي احتياجاتك منهم، خاصة أننا دائمًا ما نستمع أكثر لما يحتاجونه منك؟
د.محمد فريد: سوق الأوراق المالية ورأس المال يضم عدة أنشطة، وإن لم يكن هناك دور لتلك المؤسسات بصفة عامة، فكان لماذا سيتم استخراج رخصة لها، واسم النشاط منصوص عليه في القانون، ورخصة النشاط تدل على المطلوب منها، ولدينا على سبيل المثال اسم بنوك الاستثمار وهو العنوان الكبير الذي يقع تحته نشاط إدارة الاستثمار.
إدارات الاستثمار على سبيل المثال لها دور كبير في البحث وجذب مستثمرين جدد وتعريفهم بالمنتجات المتاحة
وإدارة الاستثمار إن لم تفعل ما عليها في بنوك الاستثمار وهي محاولة جذب مستثمرين جدد، ودائمًا ما أقول إننا عندما قمنا بعمل الحملة التوعوية للمستثمرين خلال هذا العام في شهر رمضان المنصرم، أوضحنا خلالها أنه لو لم يكن لديك الوقت والخبرة اللذان تعمل من خلالهما على تنويع محفظتك الاستثمارية والادخارية في البورصة، فهناك ما يسمى صناديق الاستثمار التي يمكن أن تستثمر من خلالها، والغرض هو فتح الطريق له، كما نقول مثلًا إن قطاعًا بعينه سيكون جيدًا عندما يكون هناك مختص بالقطاع.
ولذلك نقول إن هناك قنوات ادخارية واستثمارية جيدة تسمى صناديق الاستثمار، ولكن من الذي يجب عليه أن يتابع ذلك ويقوم بالجهد الترويجي، إلا إذا كانت صناديق هي التي ستقوم بذلك، وإذا لم تكن تمتلك قنوات التوزيع، فلا بد أن تعمل على خلق تلك القنوات، وذلك ما يحتاج إليه مديرو الاستثمار.
أحد مهام إدارات الترويج وتغطية الاكتتابات البحث عن شركات وتعريفها وإقناعها بمنافع القيد والطرح
والرخص الإضافية تسمى ترويج وتغطية الاكتتابات، وهذا هو الاسم القانوني للرخصة، وفي هذه الحالة ما نحتاجه من بنوك الاستثمار كما ذكر الأستاذ محمد متولي، هو البحث عن الشركات وإقناعها، وهذا ما نقوم به في البورصة على الرغم من أننا لسنا بنوك الاستثمار ولن نأخذ الشركة ونقوم بقيدها، وإنما هناك دور لبنك الاستثمار على مستوى الترويج وعمل الفحص النافي للجهالة، والمحاسبي والمالي وما إلى ذلك.
ولكننا نقوم بذلك حتى نتمكن من سد فجوة لم يقم أحد بسدها، وهناك العديد من الشركات التي ترغب في المعرفة، ولذا تم تخصيص إدارة لتعريف تلك الشركات بالمنافع التي ستعود عليها، ومثال على ذلك لا أحد يعلم بالمثال الذي ذكرناه والخاص، بفرق التكلفة المالية عند زيادة رأس مال الشركة من خلال سوق رأس المال بعد حساب سعر الخصم، مقارنة بتكلفتها حال إجرائها مباشرة من صندوق الاستثمار المباشر أو المستثمرين.
وهذه الجزئية تحتاج لمن يشرحها وتعريفها للمستثمرين، وليس من المفترض أن تقوم البورصة بذلك، وهي المؤسسة الوحيدة التي تعمل في هذا المجال على الرغم من وجود عشرات الشركات العاملة في مجال بنوك الاستثمار، وذلك احتياج آخر، وهو أن يكونوا على قناعة بأن التعريف للمستثمرين سيؤدي إلى أن أحدهم سيأتي وسيختلف الأمر على حسب القدرة على استهداف تلك الشركات وإقناعهم بعملية القيد والطرح.
وإذا كانوا بحاجة في هذا الملف إلى مؤسسات منظمة للسوق كالبورصة، فنحن بالطبع سنرحب بذلك؛ لأننا فعليًّا نقوم بذلك بمفردنا، ونصل لمرحلة من المراحل مع الشركات التي نرى منها قبول أننا نعرض عليهم كل الرخص التي صدرت من الهيئة العامة للرقابة المالية لبنوك الاستثمار للاختيار من بينها وذلك وفقًا للحجم أو الترتيب، وذلك يحدث بالفعل ولكن لا بد أن تكون المنظومة متكاملة في تلك الجزئية.
شركات الوساطة المستفيد الأكبر من زيادة أعداد المستثمرين وتداولاتهم.. وبالتالي لها دور تعريفي مهم
وعندما نتحدث عن شركات الوساطة أيضًا، فبالنسبة لشركات السمسرة في الأوراق المالية فإن السؤال هو، من المستفيد من زيادة أعداد المستثمرين في البورصة وتداولاتهم؟ فالإجابة هي شركة الوساطة، إذ إن العمولة أو مقابل الخدمات التي تحصل عليها أعلى من المصاريف التي تحصل عليها الهيئة والبورصة والمقاصة وصندوق حماية المستثمر مجتمعين، ولذا فإن من مصلحتها حدوث ذلك.
ومن هذا المنطلق فإنه لا بد أن يتم الاهتمام أكثر والاجتهاد من قبل تلك الشركات بعمليات الترويج، وتعريف المستثمرين بما يقومون به والتعامل معهم باحترافية، ومن يأتي إليك ولا يمتلك المعرفة ويحتاج للنصيحة فعليك توجيهه إلى مديري الاستثمار وصناديق الاستثمار، وبالتالي هناك حاجة للاستثمار في البنية التكنولوجية حتى تستطيع فعل ذلك، وإلا سيتطلب الأمر لعدد كبير من الكوادر حتى يتمكن من الترويج بالصورة المطلوبة، ولكن التكنولوجيا هي الحل.
وكما قال الأستاذ كريم إن هناك تطبيقًا إلكترونيًّا قادرًا على السماح بزيادة أعداد الأفراد الراغبة في التعرف على تلك الاستثمارات والاختيار بين أسهم وصناديق وسندات ومختلف القنوات الادخارية، والتي تمكنه من الاستثمار.
ولذا فإن الاستثمار في التطبيقات التكنولوجية ستمكن تلك الشركات من الوصول لأعداد كبيرة، وأصبح متاحًا بعض من التقدم في هذه الجزئية على المستوى الرقابي أيضًا، من خلال آليات التعرف الإلكتروني على الأشخاص، بدلًا من الحاجة إلى القيام بزيارة للتعرف، ولذا فهناك حاجة للاستثمار في تلك الجزئية.
ضرورة تبسيط عملية الادخار والاستثمار بمنتجات وآليات مبتكرة وسهلة
ويتبقى جزء هام ألا وهو أن المنتج من السهل الحديث عنه، وعندما نتحدث عن ودائع وهي منتج بنكي، ولذلك فإن الجميع لديهم معرفة بذلك، وعند الحديث عن شهادات الاستثمار فإن ذلك أيضًا منتج بنكي، أو وثيقة تأمين فهي منتج، فهذه جزئية هامة جدًّا أن تخرج من أسواق المال بمنتجات سهلة الاستيعاب من قبل الجمهور المستهدف ويكونون قادرين على التفاعل معها.
وذلك حتى يستطيع بنك الاستثمار أن يقول للعميل إن هناك منتج اسمه على سبيل المثال صندوق استثمار أو أيًّا ما كان يمكن استخدامه في جزء من ادخارك التراكمي المستمر، وذلك في أي قطاع، وإذا كان هذا القطاع هو العقاري مثلًا ويقوم الصندوق بالاستثمار في أسهم القطاع، وعلى بنك الاستثمار التوضيح للعميل إذا كان لديه تصور للمنتج العقاري فإن هناك شركات، ولكن هذا صندوق استثمار فقط إذا كان مهتمًّا بالقطاع العقاري، وما غيره من مسائل.
ودائمًا ما أقول بصورة بسيطة، إن سوق المال لو أننا نتحدث عن استثمار طويل الأجل، أستطيع بلا شك ولو بنسبة 1% أن الاستثمار لفترات طويلة تصل إلى 15 أو 20 عامًا وهو رقم ليس بكبير، لادخارك التراكمي بصورة تدريجية على مدار تلك الفترة، سينتج عنه أموال يمكن أن تتعامل بها في الحياة بطريقة مختلفة تمامًا.
ولكننا دائمًا ما نقول للجميع إن سوق المال جيدة وأداة ادخارية طيبة، وأداة استثمارية جيدة وتمول الشركات، ولكن يجب عليك متابعة الاستثمار، ومتابعة الأوراق المالية ومتابعة إفصاحاتها، ومتابعة توقيتات الصعود والهبوط؛ لأن أصعب ما في سوق المال هو التوقيت والاختيار، في حين أن هناك أشخاصًا مرخصًا لها قانونًا القيام نيابة عنك بهذا الأمر.
من المناسب تدشين مؤشر EGX30 متساوي الأوزان لتسهيل مقارنته مع مدارس المؤشرات الأخرى
فإذا تمكن هؤلاء من إخراج منتجات يستطيع الجميع استيعابها، فإن الرؤية ستكون اختلفت تمامًا، إذ إنك تستطيع الوصول إليه عبر التكنولوجيا، وستصبح لديك القدرة لتقول لهم إنهم يمكنهم استثمار الأموال التي يقومون بادخارها عبر صناديق الاستثمار المرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية، وعبر مديري استثمار مرخص لهم من الرقابة المالية، للاستثمار في الشركات الناشئة، وللاستثمار في شركات التكنولوجيا وغيرها.
رضوى إبراهيم: في رأيك ما هي المنتجات التي ترى أنها غائبة عن السوق؟
د.محمد فريد: هناك منتجات كثيرة غائبة.
ياسمين منير: بالنظر إلى وضع السوق.. ذكرت الصناديق القطاعية كأحد المنتجات الغائبة، ولكن القطاعات الممثلة بالبورصة لا يحتوي كثير منها على التنوع الكافي.
د.محمد فريد: هناك قطاعات عديدة تتمتع بالتنوع، ولكن المهم في النهاية هو تبسيط آليات السماح لمن يرغب في الشراء في مختلف أنواع الصناديق، وصناديق الاستثمار المتداولة تعد أحد المنتجات الغائبة والتي نحتاج كثيرًا منها وقطاعية أيضًا، فممكن أن يكون لدي صندوق استثمار متداول في القطاع العقاري.
هناك حاجة كبيرة لتصميم منتجات سهلة وقادرة على جذب المستثمرين لسوق المال
كذلك لا بد أن يكون لدي الإمكانية لأن أدخر إلكترونيًّا، بمعنى أنني عندما أقوم بعملية استهلاك على مستوى التطبيقات التكنولوجية، فأنا قادر على أنه مع كل عملية استهلاك على التطبيقات التكنولوجية أقوم مقابلها بوضع جزء من تلك الأموال في صندوق استثمار وها هو سعر الوثيقة للشراء فيها، وبهذه الطريقة أكون بالفعل قمت بتبسيط عملية الادخار ولم يصبح قرارًا فاعلًا في كل مرة، بحيث إنه يمكنني الادخار تدريجيًّا وتباعًا مع كل عملية استهلاك للقروض على سبيل المثال.
فهذا ليس منتجًا استثماريًّا ولكن تطبيق يساهم في زيادة عمليات الادخار، نتيجة مخاطبة الأشخاص بأنه مع كل عملية استهلاك تنفذها من أموالك وليس الائتمان تستطيع تجنيب مبلغ معين، وبعدها تتجمع المبالغ وتدخل على صندوق استثمار، وبذلك تكون بسطت عملية الاستثمار، وكلما تبسط عملية الاستثمار من خلال منتجات ستصب في النهاية إما في صناديق الاسهم أو بالصناديق النقدية.
ياسر زكي: لدي تعقيب على بعض ما قاله الأستاذ شريف سامي، أولًا لم أقل إن هناك تعديلًا تشريعيًّا في قانون سوق المال، وأريد أن أوضح أن البرلمان بغرفتيه النواب والشيوخ حتى نكون متفقين ليس هو من يقوم بتعديل القوانين، حيث تحال إلينا القوانين ولسنا أصحاب القوانين.
تنمية سوق المال ليس دور البرلمان وإنما مهمة القائمين على صناعة السوق
والنقطة الثانية تخص اللائحة التنفيذية للبرلمان بشقيه النواب والشيوخ، تنص حاليًا على أن عضو البرلمان يستمر في منصبه كعضو مجلس إدارة، طالما أنه في هذا المنصب قبل دخوله للبرلمان، وطالما أنه يمتلك حصة في تلك الشركة قبل دخوله البرلمان، فهذا منصوص عليه في اللائحة الجديدة، ومن الممكن أنها كانت كما ذكرت سابقًا في اللائحة القديمة.
والنقطة الثالثة أتفق فيها مع الأستاذ شريف سامي بشأن قوانين سوق المال فنحن بالعكس قد نكون نعاني من تخمة في القوانين، وما أود توضيحه أن تنمية وتطوير سوق المال ليس دور البرلمان وإنما هو مسؤولية القائمين على الصناعة وأنا أعتبر واحدًا منهم حتى وإن كنت اليوم أرتدي ثوبًا آخر، فالقائمون على الصناعة وكل العاملين بها عليهم دور تنمية وتطوير سوق المال، وإن كان للبرلمان دور فهو إعداد الدراسات لتطوير ما يُحال إليه، ولكن المعني بالتطوير هم القائمون على سوق المال.
كما أن زيادة أحجام السيولة التي نسعى إليها جميعًا هو أيضًا دور القائمين على سوق المال، لأن السوق بالفعل في حاجة إلى سيولة، حتى تصبح البورصة المصرية في المكان المناسب، خاصة أننا بعيد جدًّا عن المأمول لمكانة البورصة المصرية حاليًا.
علينا تذكر التاريخ.. والتداول اليومي وصل إلى 5 ملايين جنيه في 2002 بعد المستويات القياسية في التسعينيات
د.محمد فريد: لدي تعقيب هنا، فكلما مرت الدورات الاقتصادية، تجد أنه في الفترة من عام 1994 إلى 1998 وصلنا لمستويات قياسية على مستوى التداولات وغيرها من المؤشرات خلال تلك الفترة، ولكن مع حدوث أزمة في جنوب شرق آسيا وأزمة في السياسة المالية والنقدية وعجز الموازنة كذلك الفقاعة المتعلقة بشركات التكنولوجيا بأمريكا، وفي عام 2002 وأقول ذلك لكي نتذكر التاريخ، وصلنا إلى معدل تداول يومي يبلغ نحو 5 ملايين جنيه فقط، وأحيانًا كان يدور حول 2 أو 3 ملايين جنيه، ووصل المؤشر العام إلى 500 نقطة أنا هنا لا أتحدث عن أسعار.
ثم بعد ذلك ومع الإصلاحات وأمر آخر أيضًا يجب أن يؤخذ في الاعتبار، وهو أن الفترة ما بين 2004 وحتى 2008 والتي بدأت عالميًّا من عام 2002 وظهر تأثيرها في مصر اعتبارًا من عام 2004-2005، تعد فترة غير مسبوقة على الإطلاق على المستوى العالمي بأكمله، سواء على مستوى اقتصاديات دول أوروبا أو أمريكا أو في آسيا، وأيضًا في مصر، وهنا نتحدث عن فترة في غاية الأهمية.
شريف سامي: مثلت فترة ذهبية.
د.محمد فريد: بالفعل كانت فترة ذهبية على مستوى العالم كله، ومصر كانت من ضمن المستفيدين على المستوى الاقتصادي بالطبع، إذ إن رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر وهو أحد المعايير المهمة، سجل في تلك العام 13.2 مليار دولار، وذلك ما أود الإشارة إليه، كما وصلت قيمة رأس المال السوقي إلى 100% نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي، ثم في عام 2009 بعد الأزمة المالية العالمية وصل إلى 30% فقط.
وهذا لا يعني أن نكون جميعنا مقتنعين أو راضين عن الوضع القائم بل على العكس لا بد أن يكون لدينا جميعًا الحماس، وليس فقط القائمون على سوق رأس المال وإنما كل من هو مرتبط بالنشاط الاقتصادي، يجب أن تضم وجهات نظره شقًّا مرتبطًا بسوق رأس المال.
فالقائمون على سوق رأس المال من شركات وساطة أو بنوك الاستثمار وبورصة وهيئة رقابة وغيرهم في حاجة لمن يأتي من النشاط الاقتصادي للطرح بالسوق، وعلى ذلك هم مهما حاولوا العمل على تطوير السوق مع عدم اكتمال الرؤية لأسواق رأس المال من أطراف المنظومة كافة فإننا لن نصل إلى المستهدف.
أتوقع زيادة أعداد الطروحات وقيمها في 2022 .. والالتزام بطرح إي فاينانس وأبو قير للأسمدة رسالة مهمة
فرغم أننا في عام 2008 وصلنا إلى نسبة 100% لرأس المال السوق في مقابل الناتج المحلي، إلا أننا في العام التالي له وصلنا إلى 20 و30%، هل هذا أمر طبيعي؟ صحيح أنه في الأسواق الناشئة كانت النسبة 40 و50%، ومن هنا فإنه يجب العمل بطريقة أن يكون الوضع مستدامًا ومستمرًّا بأن الإصلاح يتم تنفيذه، من خلال جذب شركات كبيرة وأيضًا يكون هناك المزيد من صناديق الاستثمار وتكون أيضًا مقيدة ومتداولة، ويكون في هذه الحالة تم استقطاب استثمار مؤسسي؛ لأنه جاء ليستثمر في السوق، وهو نفسه يتم التداول عليه، وبالتالي ترتفع معدلات التداول.
البورصة المصرية ستستكمل في 2022 تطوير سوق السندات.. ومحاولة تحفيز مديري الاستثمار على إصدار وثائق متداولة على مؤشراتها
كذلك مع تنشيط سوق السندات، والذي لم يكن موجودًا من الأساس، لكننا اليوم نتحدث عن تسجل أعلى معدلات تاريخيًّا على مستوى تداول السندات وكذلك عدد الطروحات أو الإصدارات من سندات التوريق وغيرها، فلم تسجل السوق من قبل نسبًا أعلى من ذلك.
رضوى إبراهيم: سآخذ خيطًا من كلام الأستاذ شريف سامي حول صدور قوانين ولكن لم تصاحبها قرارات لتطبيقها وعدم ظهور من يطالب بالتطبيق، للانتقال إلى آلية بيع الأسهم المقترضة –Short Selling- فقد استغرقنا أكثر من 15 عامًا حتى الآن في الحديث عن هذه الآلية، وشهدت السنوات على جهود كبيرة ومتنوعة، كما حدثت تغيرات كبيرة في خطة تطبيقه أكثر من مرة.
وحتى الآن ما زال غائبًا عن السوق وما زال يتردد أنه سيكون فرصة ذهبية في أوقات التراجع سواء لماسندة أداء السوق أو لتلبية احتياجات المستثمر الراغب في الاستثمار خلال موجات الهبوط.. إذًا لماذا لم تطبق آلية Short Sellingفي السوق المصرية حتى الآن؟
د.محمد فريد: لا أعلم.
رضوى إبراهيم: ولكن إذا كانت هناك مشكلة تواجه الشركات في التطبيق بالتأكيد سيرجعون فيها إلى البورصة وبالتالي رئيس البورصة يكون مطلعًا دائمًا على الأسباب.
د.محمد فريد: الشورت سيلينج هو أحد الملفات التي عملت عليها البورصة، على الرغم من أن البورصة ليست هي الجهة المسؤولة عن إصدار التشريع المنظم لعملية الشورت سيلينج، أو حتى المسؤولة عن عملية تجميع الأسهم وإقراضها، ولكن إمعانًا وإدراكًا لأهمية بيع الأوراق المالية المقترضة، باعتبارها الشق المقابل لآلية التمويل بالهامش، حتى يكون في هذه الحالة تم تمكين جهتي التعامل سواء البائع أو المشتري من التعامل بآليات كثيرة ويحتاجها، بدليل أنها متاحة في الأسواق العالمية من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.
البورصة المصرية انتهت من أنظمة بيع الأوراق المالية المقترضة “الشورت سيلنج” وكذلك الربط مع المقاصة
وعندما وصلنا لمقترحات مختلفة بالتعاون مع شركة المقاصة وما إلى ذلك، كانت هناك رؤية مختلفة لدى هيئة الرقابة المالية.
فالمنحى الخاص بتكوين محفظة مجمعة تضم إجمالي الراغبين في القيام بعملية إقراض للأسهم كصورة أولية، ثم بعد ذلك إعادة إقراضها مباشرة، وتكون شركة مصر للمقاصة هي الجهة المركزية لذلك قابلته الرقابة المالية بوجهة نظر آنذاك وأعتقد أنها مستمرة، تقول إن هذه ليست الممارسة العالمية لتطبيق الآلية، حيث إن الأنظمة العالمية لا تقوم على تكوين محفظة مجمعة مركزية يمكن الأفراد من خلالها إقراض أو اقتراض الأسهم، حتى لو كان ذلك هو الأنسب، أو ما يعتقد أنه الأنسب للسوق المصرية.
وكانت وجهة نظرها أنه بدلًا من أن تكون هناك محفظة مجمعة على مستوى شركة المقاصة التي بحوزتها الأرصدة، فيمكن الاعتماد على الجهات التي لديها أرصدة أيضًا، وبالتالي يمكن إسناد الأمر لأمناء الحفظ، بحيث يقوم أمين الحفظ بالتجميع من وسط عملائه من لديه الرغبة في بيع الأوراق المالية المقترضة.
تفعيل الشورت سيلنج ينتظر تكوين أمناء الحفظ للمحافظ المركزية لديهم والبحث عن الراغبين في التعامل بالآلية
وبالنسبة لنا على مستوى البورصة المصرية، عند الحديث عن أنظمة التداول، فإننا انتهينا منها، وهناك عدة تفاصيل فنية أخرى مثل “الأب تك والزيرو تك” التي تنظم عمليات البيع والتداول وكل هذه المسائل تم الانتهاء منها، وكذلك تمييز العملية على أنها شورت سيلينج تم الانتهاء منها، وأيضًا الربط مع المقاصة تم الانتهاء منه.
ويتبقى الدور على أمناء الحفظ أن يكون لديهم المحافظ المركزية –وهي مركزية بالنسبة له وليس للسوق ككل- وأن يبحث عمن لديه الرغبة في بيع الأوراق المالية المقترضة ثم ينفذ العملية، وهذا كل ما في الأمر.
فبالنسبة للجانب التكنولوجي انتهينا منه، وبالنسبة للمقترحات كنا تحدثنا أكثر من مرة أنه إذا توافرت الرغبة في التفعيل فإن الممارسات العالمية الأفضل أو الأنظمة المتبعة عالميًّا، تقضي بوجود عقود ما بين أمين الحفظ وشركة الوساطة والعملاء، دون وجود وعاء مركزي يضم الأسهم المتاحة للاقتراض لدى شركة الإيداع والقيد المركزي، والذي يعمل كمحفظة مركزية تسمح لأي شخص يرغب في الاقتراض أن يتمكن من ذلك، وهذا هو الاختلاف الرئيسي بين ما كان مقترحًا منا وبعض من الشركات أيضًا لديها الرغبة في أن تنظر إليه بهذه الطريقة، وما هو مطبق حاليًا.
أحمد رضوان: نعلم أننا أطلنا على حضراتكم، لكن لدينا سؤال أخير نود أن نختتم به الندوة..
ما هي توقعاتكم لأداء سواق المال في عام 2022؟ وقياسًا بعدد الطروحات التي نفذت خلال العام الجاري.. ما هو عدد الطروحات الذي نتوقعه خلال العام الجديد؟
شريف سامي: سأعكس السؤال والإجابة، وأقول إني أرى أن عام 2022 سيكون عام التمويل المتخصص، بمعنى سنقوم بالعزف على لحن الاستثمار صديق البيئة والتمويل الأخضر وأيضًا المتوافق مع الشريعة، خاصة أن العامين أو الثلاثة الماضية التشريعات سمحت بذلك، وهذا يعطيها ميزة نسبية.
2022 هو عام التمويل المتخصص والعزف على ألحان التمويل الأخضر والمستدام والمتوافق مع الشريعة
ولا يمكنني أن أنسى أن قمة المناخ العالمي 27 ستستضيفها مصر العام المقبل في مدينة شرم الشيخ، وبالتأكيد سنحشد كل الجهود وسيكون بالتالي هناك فرص للشركات الصناعية والخدمية والتجارية واللوجيستية بأن تقوم بالترويج لإصداراتها وستلقى الاهتمام، ولكن بشرط أن تقوم بتقديم سليم لمشروعاتها، وأتصور أن هذا سيعطينا دفعة.
ورأينا وفقًا للمعلن أن البنك التجاري الدولي أسس صندوق للتمويل الأخضر، كما أن الحكومة نفسها تطرح الصكوك والسندات الخضراء، كما بدأت تظهر أنواع أخرى مثل سندات المسؤولية المجتمعية والاستدامة وما إلى ذلك.
أتصور أن الاتجاه سيكون للجديد كما أصبحت هناك شهية لدى المؤسسات الأجنبية عليها، فكثير من أكبر الصناديق التي تحدثنا عنها لا يرغب مثلًا في الدخول إلى صناعات البترول التقليدية أو الأسمنت، بل يسعى للدخول إلى قطاعات وأنشطة غير مضرة بالبيئة، لذا علينا الالتزام مثلما يقال “بما يطلبه المستمعون”، والعمل على توفير منتجات جديدة يتم تقديمها.
كما أتصور أيضًا أن تأثير أزمة كورونا في اتجاهها للتراجع ما لم يحدث جديد في هذا الشأن، وبالتالي فإن الكثير من الأنشطة التي كانت مؤجلة ستظهر، ولا نملك إلا التفاؤل بما هو آت.
أحمد رضوان: بالتأكيد هناك تفاؤل بالفترة المقبلة.. لكني ما زلت متمسكًا بسؤالي حول العدد المتوقع للطروحات في البورصة خلال العام الجديد؟
شريف سامي: الأمر ليس بالعدد، فبالنسبة لي طرحان فقط لكيانين كبيرين أفضل بكثير من 10 كيانات متوسطة لا تأتي بجديد للسوق.
أحمد رضوان: الأستاذ محمد متولي أتوجه لك بنفس السؤال الخاص بتوقعات أداء البورصة خلال عام 2022 وكذلك عدد الطروحات… وهل هناك ما يمنع بنك الاستثمار إن أي كابيتال من العمل لصالح القطاع الخاص؟
محمد متولي: هذا سؤال جيد جدًّا، أولًا أنا متفائل جدًّا بالعام 2022، فالحكومة أعلنت أنها تستهدف في العام المالي 2021/2022 أن تقوم بعمل 4 طروحات، تم منهم طرحان حتى الآن، قيمتهما المجمعة 8 مليارات جنيه، والطرحان جذبا طلبات واكتتابات من الخليج وأوروبا وأمريكا وكيانات عالمية رائعة، على أساس أننا في هذه الطروحات قادرون على تسليم مساهمات بقيمة 10 و20 و50 مليون دولار للمستثمر الواحد، وهي قيم لا يستطيع المستثمر جمعها من السوق، فعلى سبيل المثال إذا رغب مستثمر في جمع ما يوازي 50 مليون دولار من أسهم شركة أبو قير للأسمدة قد يحتاج لعام ونصف حتى يستطيع شراءها، وذلك وفقًا لحجم التداولات اليومية على الشركة والذي يسجل في المتوسط 10 ملايين جنيه.
وهذا الطلب الذي حدث من المستثمرين الأجانب يدل على أن تلك المؤسسات ترى الاقتصاد المصري واعدًا، وأن السوق المصرية بالمضاعفات التي تتداول عليها الشركات حاليًا تعد جذابة جدًّا، لذا أنا متفائل جدًّا بمستقبل البورصة، بناء على الطلب المتواجد حاليًا ما بين المستثمرين الدوليين للدخول في مصر.
كذلك معدل نمو الاقتصاد المصري جيد بوجه عام، وكما قلت فالبورصة تحتاج إلى أن تقوم بمعمل ملاحقة للاقتصاد، ومجددًا أنا متفائل بمعدلات النمو التي ستسجلها البورصة في عام 2022، والسنوات القادمة، وأنا أرى أن عدد الطروحات التي نعمل عليها سيكون لها مستقبل واعد جدًّا، وستتم خلال عام 2022.
شريف سامي: يجب أن نأخذ في الاعتبار أن من يتحدث –رئيس بنك الاستثمار إن أي كابيتال- قام بشراء شركة للوساطة، ما يعني أن آراءه المتفائلة ليست مجرد كلام وإنما قام بضخ استثمارات بالفعل في نفس الاتجاه الذي يراه.
استلمت إن أي كابيتال من عامين و 4 أشهر وبها تعاقدان مع جهات حكومية.. أما الآن فأكثر من 80% من أعمالها مع القطاع الخاص
محمد متولي: بالنسبة للجزء الثاني من السؤال والخاص بشركة إن أي كابيتال، فأنا تسلمت رئاسة الشركة منذ عامين و4 أشهر تحديدًا، وكان لديها حينها عقدان فقط مع جهات حكومية، واليوم بفضل الله ثم مجهودات جميع العاملين في الشركة، أكثر من 80% من حجم أعمال إن أي كابيتال مع القطاع الخاص، وأصبح حجم عملنا مع الحكومة يمثل 20% فقط من الإجمالي في الوقت الحالي، وهي نسبة من الممكن أن تزيد أو تقل، ولكن هذا هو التحول الذي حدث في شركة إن أي كابيتال.
الإيرادات التشغيلية لشركة إن أي كابيتال تضاعفت 5 مرات آخر عامين.. وطرحها بالبورصة قرار أصحاب رأس المال
كما أن الإيرادات التشغيلية بالشركة خلال آخر عاميين تضاعفت 5 مرات، والأرباح المتوقعة بنهاية هذا العام ستسجل مضاعفات كبيرة أيضًا، ولكني لن أتحدث عن الأرقام خشية من الحسد.
ياسمين منير: هل من الوارد التفكير في طرح شركة إن أي كابيتال؟
محمد متولي: هذا القرار بالطبع ليس قراري، فهو قرار أصحاب المال.
أحمد رضوان: ولكن هل ستوصي بذلك؟
محمد متولي: في وقت ما، إذا وصل حجم شركة إن أي كابيتال إلى المستوى الذي يسمح لها بالطرح فإن ذلك سيكون خيارًا جيدًا جدًّا أمام بنك الاستثمار القومي.
رضوى إبراهيم: هل لديكم طروحات تابعة للقطاع الخاص بخلاف طروحات البرنامج الحكومي؟
محمد متولي: لا، لا يوجد لدينا على مستوى الطروحات شركات خاصة.
ياسمين منير: ما هي ملامح الحجم المناسب الذي تحدثت عن ضرورة الوصول إليه قبل التوصية بطرح إن اي كابيتال؟
محمد متولي: لن أحدد.
أحمد رضوان: ما هو الطرح الحكومي المقبل بعد الحصة الإضافية من شركة أبو قير للأسمدة؟
محمد متولي: توقع أن ترى طروحات حكومية جديدة وفقًا للأحجام التي تحدثت عنها، وبوجه عام لا نفصح عن الأسماء أو القطاعات.
طرح بنك القاهرة ممتاز ومرتفع الجاذبية للمستثمرين بالخارج.. ولا أعرف الجدول الزمني
أحمد رضوان: كثيرون ينتظرون طروحات البنوك على سبيل المثال.. فهل سنرى ذلك قريبًا؟
محمد متولي: هناك معلومات عامة أن بنك القاهرة يأتي ضمن الطروحات المقررة، وهو طرح ممتاز، إذ إن المستثمرين الأجانب دائمًا ما ينجذبون لطروحات البنوك وهي قاعدة عامة، وخاصة إذا كان البنك بحجم جيد، وهذا ما أعلمه مثل كثيرين بأن بنك القاهرة هو أحد الطروحات التي ستتم خلال وقت ما ولكني لا أعلم الجدول الزمني الخاص بها.
أحمد رضوان: النائب ياسر زكي، ما هي توقعاتك لأداء سوق المال بالعام المقبل وكذلك عدد الطروحات التي من الممكن أن تحدث خلال العام الجديد؟
ياسر زكي: أنا أيضًا متفائل بما سيشهده العام المقبل، ليس بسبب الطروحات، وإنما بسبب حجم الإنفاق الحكومي الكبير، وكما نقول إن البورصة مرآة للاقتصاد، والاقتصاد الآن في مرحلة رائعة، كما أن حجم الاستثمارات مرتفع، فبالتالي سينعكس ذلك على وضع البورصة كمرآة للاقتصاد حتى وإن كانت في حالة غير جيدة بالنسبة لنا جميعًا ونرى أنها تستحق الأفضل، وهو ما نأمل أن يتحقق في العام القادم.
الاقتصاد يمر بمرحلة متميزة وهناك إنفاق حكومي ضخم.. وطرحان كبيران ناجحان أفضل من طروحات كثيرة صغيرة الحجم
وما أراه وأضم صوتي لصوت الأستاذ شريف سامي هو أن طرحين فقط لكيانين أقوياء وناجحين أفضل كثيرًا من عدد شركات دون جدوى، وكما قال ذكر الأستاذ محمد متولي فإن طرحًا سيئًا تم في الهند منع الطرح الذي يتبعه من النزول، فالطرح الناجح يجذب طرحًا ناجحًا.
أحمد رضوان: دكتور محمد فريد.. ما هي أهم الملفات على أجندة رئيس البورصة المصرية، سواء لمناقشتها أو حسمها بالعام الجديد؟ ونريد منك نظرة اقتصادية عن توقعاتك لأداء الاقتصاد المصري؟
د.محمد فريد: الاقتصاد المصري في تحسن وفي أداء جيد، وذلك عندما ننظر إليه على مستوى معدلات النمو الاقتصادية، وإذا نظرنا لعجز الموازنة نجد أنه أصبح لدينا فائض أولي، بما يعني أن مصروفاتك أقل من إيراداتك الضريبية، وذلك دون الحديث عن معدلات الفائدة وتأثيرها على الموازنة، الأمر الذي يقلل نسبيًّا من الفوائد أو الدين الذي يسدد سنويًّا.
وهناك بعض الملفات التي بها عمل كبير على مستوى التصدير والاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك بطبيعة الحال لأننا في فترة شائكة، وجزء مهم أن نكون مدركين أننا في العام 2019 مررنا بفترة في غاية الصعوبة، نتيجة الصراع التجاري بين أمريكا والصين، والأزمة على مستوى الأسواق الناشئة والتي دفعت أغلب المستثمرين للخروج من أسواق الدين وغيرها من قنوات ادخارية واستثمارية بالنسبة لهم كان يتم استثمارها في السوق المصرية وذلك أثر أيضًا على السوق فيما يتعلق بالأسهم وليس فقط أسواق الدين.
وفي عام 2020 فإننا تأثرنا أيضًا بصورة كبيرة بسبب كورونا، وتبعاتها، فعندما ننظر إلى استثمارات غير المصريين في تلك الفترة نجد أنهم تخارجوا بصورة كبيرة جدًّا، وعندما انخفضت استثمارات غير المصريين أو استثمارات الصناديق الأجنبية بصورة كبيرة، أثرت بالتبعية على استثمارات الصناديق المحلية، وخاصة الذي كان بينهم تعاون، وهذه المؤسسات هي كانت عنصر الجذب لباقي المستثمرين للاتجاه نحو أسهم الشركات الكبيرة.
وعندما ننظر في عام 2020 على مستوى العالم كله، ووفق الاستقصاءات التي تم عملها بالبورصات العالمية، فإن 72% من البورصات بناء على استقصاء أجري مع اتحاد البورصات العالمية سجلت زيادة في معدلات التداول المتعلقة بالمستثمرين الأفراد خلال العام الماضي، وهذه الفئة تقوم باختيار الشركات الأصغر حجمًا بطبيعة الحال، لأنه طالما أن هناك حركة صعود وهبوط فإن المستثمر يتوجه للاستثمارات الصغيرة.
وعندما تنظر إلى أسواق الولايات المتحدة التي تعد من أكبر الأسواق التي بها استثمارات مؤسسية تجد أن تعاملات الأفراد زادت من 10% إلى 25% من هذا السوق، وهذا دليل على أن هناك شيئًا جللًا حدث في 2020 أدت إلى تركز عملية الاستثمارات من مستثمري الأفراد، بينما هدأت وتيرة استثمارات المؤسسات بصورة كبيرة.
وفي عام 2021 كنا ما زلنا في تبعات أزمة كورونا، ولكن يمكنني القول إن عام 2022 في حال لم يظهر أي متحور جديد شديد البأس من كورونا، فإن الرؤية إيجابية سواء على مستوى الطروحات أو قيد الشركات، وكذلك حالة التفاؤل التي بدأنا نشعر بها مؤخرًا مع طرح إي فاينانس.
كما أن التأكيد عبر تنفيذ الطروحات الأخيرة يمثل رسالة قوية، خاصة أن برنامج الطروحات تم الإعلان عنه في يناير 2016، وما تم على مدار السنوات الماضية هو جزء إضافي من الشرقية للدخان، بينما بدأت الطروحات تعود بقوة مع طرح إي فاينانس خلال شهر أكتوبر الماضي، إذ بدأ تداولها في السوق في 19 أكتوبر تحديدًا، ثم نجد بعد ذلك تأكيدًا من الدولة والحكومة وإعلان رئيس الوزراء ووزير المالية واللجنة بعودة استئناف البرنامج، وبعد ذلك نرى مرة أخرى طرحًا فعليًّا جديدًا يتم تنفيذه لشركة أبوقير، فبذلك وصل للجميع أن هناك نبرة مختلفة إلى جانب تأكيد الحكومة أيضًا أنه سيكون هناك عدد من الطروحات قبل شهر يونيو المقبل، فهنا تكون الرسالة وصلت للجميع أن الرؤية اختلفت، وتأكدوا أن هناك اهتمامًا بذلك الملف.
وأعتقد أننا نرى طلبات بالفعل، ولكن لن أستطيع الإفصاح عن أرقام أو قطاعات لأن في النهاية الشركات هي من لها الحق في التحدث بهذا الأمر، وسنجد شركات من القطاع الخاص تتبع هذه الطروحات، بصورة أكثر تفاعلًا مما رأيناه سواء في 2020 أو 2021.
وحتى في عام 2021 إذا ما أردنا التحدث عن أرقام فإنها أعلى من 2020 بكثير، فمن بين 5 شركات كان هناك أكبر طرح في تاريخ البورصة، بقيمة 5.8 مليارات جنيه، وما قبله كان 5.2 مليارات جنيه، وهذا على مستوى الرقم نفسه دون حساب فارق معدل التضخم وغيرها من العناصر.
كما تحدثنا عن تكملة تطوير سوق السندات وطرح مؤشرات فرعية، ومحاولة تحفيز الصناديق ومديري الاستثمار لإصدار وثائق صناديق متداولة على المؤشرات التي تم إصدارها لأول مرة في التاريخ، حيث خرج عن البورصة مؤشر عام للسندات لم يكن له وجود من قبل، بحكم أن أصبح لدينا تداولات، ومؤشرات فرعية تتيح لمن يرغب في عمل صندوق استثمار متداول بأن يتمكن من عمله على هذا المؤشر، وهو ما سيتيح للمتعاملين الأفراد للدخول إلى ذلك.
كما نعمل على تطوير مستمر لسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة وسنكمل ذلك بقوة، فهذه هي المنصة التي يمكن أن تخدم الشركات لتكبر من خلالها وتتحول إلى السوق الرئيسية، وهي بالفعل مهمة صعبة وأخذت جهدًا كبيرًا، لكنه جهد في غاية الأهمية، حتى تتوافر للشركات الإمكانية، سواء التي تدخل إلى السوق من خلال مبادلة الأسهم، وفي هذه الحالة فإن الشركات الصغيرة يمكنها أن تكبر عبر الاستحواذ على شركات أخرى، من خلال زيادات رؤوس الأموال، وهذا أصبح هدف واضح لمبادلة الأسهم في غاية الأهمية، ونحن مستمرون في هذا الاتجاه عبر تعريف الشركات المختلفة بذلك.
وسنعمل أيضًا فيما يتعلق بمؤشرات السوق حتى نتمكن من مقارنتها بصورة أكثر واقعية، فعلى سبيل المثال هناك بعض المؤشرات منهجيتها مختلفة، لكن هناك من يقارنها ببعض، فمثلًا مؤشر EGX 30 مرتبط بأحجام الشركات، فتجد سهم CIB له وزن نسبي كبير جدًّا في هذا المؤشر، في مقابل المؤشرات الأخرى التي تتسم بأنها متساوية الأوزان، التي تحولت إلى نظام المساواة في الأوزان بعدما كانت تعتمد على سعر السهم وليس حجم الشركة، وأسفر عن ذلك أن المؤشر السبعيني كانت تستحوذ شركة واحدة على 60% منه لأن سعر السهم مرتفع، في حين أن باقي الشركات بالمؤشر البالغ عددهم 96 تسيطر على نسبة 40% فقط وبالتالي لا يتحرك المؤشر تقريبًا، في حين أن التذبذبات التي نشهدها اليوم في تحركات المؤشر السبعيني ترجع لكونه متساوي الأوزان.
لذلك قد يكون من المناسب، وهذا أمر نعلن عنه لأول مرة هنا، أن يتم إطلاق مؤشر EGX 30 يكون متساوي الأوزان حتى تتم مقارنة هذه المدرسة من المؤشرات، وترى المقارنات بين مدارس المؤشرات الأخرى، وهذا شق من عمليات التطوير.
كما سنعمل على التباحث بصورة حثيثة مع الرقابة المالية على المشتقات المالية، باعتبارها إحدى القنوات والأدوات التي تتيح للمستثمر حتى وإن كانت آلية الشورت سلينج غير مفعلة بالطريقة المطلوبة، حيث يتيح للمستثمر الدخول كطرف بائع في العقود الآجلة على المؤشرات كإحدى القنوات المتاحة.
ياسمين منير: هل البورصة بصدد تقديم مقترح للهيئة كجهة تنفيذ لسوق المشتقات؟
د.محمد فريد: هذه التفاصيل سابقة لأوانها، فنحن سنتحدث مع الرقابة المالية عن الحيثيات نفسها ونحاول الانتهاء منها قريبًا.
فنحن كان لدينا في مصر بالفعل مشتقات مالية عام 1870-1860، تتمثل في عقود آجلة على القطن، فنحن كنا مبدعين في هذه الجزئية، لذلك نحناج إلى أن نتحمس ونحاول الانتهاء منها خلال الفترة المقبلة حتى تكتمل المنتجات أو ما هو متاح، ثم يأتي دور بنوك الاستثمار في التفعيل، عبر إنشاء شركات للتداول في العقود وغيرها من المشتقات المالية، لكن على الأقل علينا إتاحتها.
أحمد رضوان: في الحقيقة أنا وزميلتاي ياسمين منير مدير تحرير جريدة حابي والشريك المؤسس، ورضوى إبراهيم مدير تحرير حابي والشريك المؤسس، نتقدم بخالص الشكر لكم ونتمنى أن تكون الندوة مفيدة لكل من يراها، وأن نلتقي دائمًا في أجواء من الحميمية والحديث المفيد والثري، كما نشكر زملاءنا خلف الكاميرات، ونلتقي بإذن الله خلال الشهر القادم في ندوة جديدة من “صالون حابي”.