تأثير محدود لزيادة الفائدة الأمريكية على الاقتصاد المصري
بدعم من تحرك التضخم في النطاق المستهدف.. وارتفاع المعدل الحقيقي لعوائد الجنيه
باره عريان _ أصبح الاقتصاد العالمي قاب قوسين أو أدنى من التعامل مع تداعيات رفع الفائدة على الدولار الأمريكي بوتيرة ربما تكون الأسرع منذ عقود، فمع تأكيدات بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي على استعداده لتغيير مسار سياساته مستهدفًا السيطرة على معدلات التضخم، وسعيه إلى وقف سياسات التيسير المالي التي سعى من خلالها إلى مواجهة الركود الناجم عن تفشي فيروس كورونا.. توقعت بنوك استثمار عالمية من بينها جولدمان ساكس، أن يقدم الفيدرالي الأمريكي على رفع الفائدة الدولارية بنحو 4 مرات خلال 2022.
إقرأ أيضا.. كيف تستعد البنوك المركزية في الأسواق الناشئة لمخاطر السياسات الجديدة للفيدرالي الأمريكي؟
يتزامن ذلك مع اتجاه الفيدرالي الأمريكي إلى تسريع التخلص من برنامج التحفيز النقدي، عبر زيادة قيمة التقليص الشهرية في البرنامج إلى 30 مليار دولار بدءًا من يناير الجاري، وهو ما يجعل الانتهاء منه أسرع مما كان مخططًا له عند منتصف العام المقبل، الأمر الذي يعكس إمكانية البدء في رفع الفائدة المتوقع في وقت أبكر مما هو معتقد.
وفى هذا السياق، كشف خبراء اقتصاد عن توقعاتهم لتداعيات هذا الاتجاه على السوق المصرية، مؤكدين أن مصر تتحلى بمقومات تنافسية تؤهلها لتجاوز هذه التأثيرات، ورجحوا الحفاظ على استقرار سعر الفائدة على الجنيه خلال العام، مع احتمالات ضعيفة لرفعها في حدود 100 نقطة أساس خلال النصف الثاني من العام الجاري.
توقعات باستقرار أرصدة الاحتياطي الأجنبي عند حدود 41 مليار دولار
من جانبه، توقع محمد أبو باشا كبير محللي الاقتصاد بالمجموعة المالية هيرميس استقرار استثمارات الأجانب في الأذون والسندات المصرية، لا سيما بعد الانضمام لمؤشر جي بي مورجان لأوراق الدين، مضيفًا أن السوق المصرية لا تزال تتمتع بتنافسية مقبولة بالمقارنة بأسواق أخرى مثل تركيا وباكستان ونيجيريا والتي يعاني أغلبها من تقلبات حادة سواء في أسعار الفائدة أو قيمة العملة الوطنية.
الانضمام لمؤشر جي بي مورجان يحافظ على جاذبية أوراق الدين الحكومية
كان الدكتور محمد معيط وزير المالية، قد أعلن منتصف ديسمبر الماضي استعداد مصر للانضمام رسميًّا إلى مؤشر «جي. بي. مورجان» للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، اعتبارًا من نهاية يناير الجاري، لتصبح واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط وإفريقيا منضمة لهذا المؤشر.
احتمال محدود جدًّا للجوء إلى رفع الفائدة على الجنيه
ولفت إلى أنه من المتوقع أن تدخل مصر بـ 14 إصدارًا بقيمة إجمالية نحو 26 مليار دولار وأن تكون نسبتها في المؤشر 1.85% بما يُمكن صناديق الاستثمار الكبرى والمزيد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية بالعملة المحلية.
وحول وضع أرصدة الاحتياطي الأجنبي.. رجح كبير محللي الاقتصاد الكلي في هيرميس، ثبات الاحتياطي الصافي للبنك المركزي عند حدود 41 مليار دولار، لكنه توقع تراجع صافي الأصول الأجنبية للبنوك المصرية.
التضخم يتجه نحو 7% في 2022 تأثرًا بالأوضاع العالمية
وعلى صعيد التضخم، توقع أبو باشا ارتفاع التضخم إلى 7% خلال عام 2022، مقارنة بنسبة 5.3%، وذلك نتيجة استمرار انعكاس الموجة التضخمية العالمية على السوق المحلية وضعف سنة الأساس خاصة في النصف الأول من العام، لافتًا إلى أن مستويات التضخم المتوقعة ستظل متوافقة مع مستهدفات المركزي، وهو السبب الرئيسي وراء توقعات ثبات أسعار الفائدة خلال العام، مع وجود احتمالية فى حدود الـ 20% لارتفاع اسعار الفائدة بنحو 100 نقطة في النصف الثاني من 2022.
رفع الفائدة الأمريكية سيلقي بظلاله السلبية على الأسواق الناشئة
من جانبه، أكد أحمد أبو السعد، الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية أن توقعات جولدمان ساكس برفع الفائدة الأمريكية 4 مرات خلال 2022، تتوافق مع وجهة نظر السوق خلال الآونة الأخيرة، لا سيما في ظل تزامن هذه التوقعات مع اتجاه الفيدرالى الأمريكي لتسريع التخلص من برنامج التحفيز النقدي.
وأشار أبو السعد إلى أن الاتجاه لرفع الفائدة الأمريكية سيلقي بظلاله السلبية على الأسواق الناشئة بصفة عامة، متوقعًا أن تؤثر هذه التداعيات على السوق المصرية نسبيًّا.
مصر تتميز بسعر فائدة حقيقي مرتفع يعزز تنافسيتها
وأوضح أنه على الرغم مما تشير إليه التوقعات في هذا الإطار إلا أنه من المؤكد عدم تأثر السوق المصرية بشكل كبير.
تخارجات محدودة من الاستثمارات الأجنبية في السندات والأذون الحكومية
وأضاف أن مصر قد تشهد خروج بعض الاستثمارات الأجنبية من السندات والأذون الحكومية، إلا أن هذه التخارجات ستكون محدودة، نظرًا لما تتمتع به مصر من سعر فائدة حقيقى مرتفع، وذلك على العكس من أمريكا والتي تقدر معدلات الفائدة بها سالب 4%، في حين أن معدلات الفائدة في مصر +4، وهو ما سيمنح المركزي المصري مساحة أكبر للإبقاء على سعر الفائدة خلال هذه الفترة.
استبعاد حدوث تغير بالسياسة النقدية قبل الربع الرابع من عام 2022
واستبعد أبو السعد حدوث تغيرات كبيرة في الإطار العام للسياسة النقدية قبل الربع الرابع من عام 2022.
مصر تستطيع الحفاظ على استثمارات الأجانب في أوراق الدين
ومن جانبها، أكدت رانيا يعقوب، رئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية أن توقعات رفع الفائدة التي أعلن عنها الفيدرالي الأمريكي، من شأنها أن تؤدي إلى رفع جاذبية أوراق الدين الأمريكية.
وتوقعت خروج الأموال من الأسواق التي تعاني من عدم الاستقرار، وانخفاض حاد بأسعار عملتها. ولفتت إلى أن أغلب دول العالم بشكل عام وبالأخص الأسواق الناشئة قد تلجأ إلى رفع الفائدة في ضوء هذا التوجه، مما سيدفع الأموال للبحث عن مواطن الاقتناص من خلال البحث عن الاقتصاديات التي تتحلى بالاستقرار.
الاقتصاد المصري الأكثر استقرارًا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط
ورأت رانيا يعقوب أن مصر من أكثر الدول التي من المتوقع أن تتحلى بالقدرة على الحفاظ على استثمارات الأجانب في السندات وأذون الخزانة خلال الفترة القادمة، نظرًا لما يتميز به الاقتصاد المصري بأنه من أكثر الاقتصاديات المستقرة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ذلك فضلًا عن تقديم أوراق الدين الحكومية المصرية عوائد حقيقية من بين الأعلى عالميا، وأكدت أن مصر لن تتأثر بصورة كبيرة نظرًا للاستقرار الاقتصادي الذي تحظى به، واستمرار خطط الإصلاح الاقتصادي.
معدلات التضخم لا تزال في نطاق مستهدفات البنك المركزي
أضافت أن الانضمام إلى مؤشر JP Morgan للسندات الحكومية للأسواق الناشئة خلال الشهر الجاري يعد حدثًا هامًّا جدًّا بالنسبة لسوق الدين المصرية، ومن شأنه جذب شريحة جديدة من المتعاملين والمستثمرين، وتعزيز الطلب على أدوات الدين الحكومية وزيادة نصيب السندات المصرية من استثمارات الصناديق العالمية.
انخفاض قيمة الأصول يعزز جاذبيتها في أعين المستثمرين
وأكدت رئيس مجلس إدارة شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية أن الاقتصاد المصري يحظى بميزة مهمة، نظرًا لكونه من الاقتصاديات القليلة التي تتسم بالاستقرار، وهو ما يبرهن عليه نجاحه في المحافظة على نسب التشغيل في عدد كبير من القطاعات رغم تعاقب الأزمات العالمية.
ولفتت إلى أن استمرار حالات الإغلاق الكلي والجزئي لبعض الاقتصادات الأخرى، والذي يتزامن مع مواصلة الاقتصاد المصري لانفتاحه، سيؤدي إلى الحفاظ على معدلات النمو في مصر، لا سيما في ظل التعافي التدريجي للسياحة المصرية، وهو ما يأتي بالتوازي مع نجاح قناة السويس في تحقيق أعلى عوائد، لذا من غير المتوقع أن تشهد مصر تراجعًا في الاحتياطي الأجنبي على المدى المتوسط ، متوقعة أن تحافظ مصر على معدل الاحتياطي الأجنبي عند مستويات مستقرة.
وترى أن الاتجاه لرفع الفائدة الأمريكية يعد نقطة الأساس التي تتبعها أغلب البنوك المركزية على مستوى العالم، وعليه تتوقع أن تشهد السياسات النقدية في مصر خلال العام الجارى اتجاهين، وهما التثبيت والرفع، الأمر الذي من شأنه التأثير على أداء البورصة على المدى القصير، ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أن الأصول المصرية تتسم بانخفاض قيمتها، مما يعزز جاذبيتها في أعين المستثمرين.
وأشارت إلى أن معدلات التضخم لا تزال في ضوء مستهدفات البنك المركزي المصري، لافتة إلى أنه في حال خروج هذه المعدلات عن المستهدف سيدفع البنك المركزي إلى تدارك الأمر سريعًا من خلال رفع أسعار الفائدة، وهو أمر غير متوقع حدوثه خلال الربع الأول من عام 2022.
وأوضحت أن الربع الأخير من عام 2021 شهد انجذاب الاستثمارات الأجنبية إلى الأصول المصرية ذات القيم المنخفضة، لا سيما في ضوء الاستقرار الاقتصادي والسياسي، مشيرًا إلى أن هذه المقومات انعكست من خلال ارتفاع شهية الأجانب، والتي ظهرت جليه في أكثر من عملية أستحواذ في مختلف القطاعات الاقتصادية، منوهة إلى أنه على الرغم من احتمالية تأثر السيولة على المدى القصير إلا أنه على المدى المتوسط والطويل لا تزال الأصول المصرية جاذبة وقادرة على استقطاب سيولة كبيرة.