أحمد رضوان يكتب.. يا صديقي

بقلم أحمد رضوان رئيس تحرير جريدة حابي _ يصدر هذا العدد الخاص في ظروف صعبة تسابق فيها التعب والألم على إضعاف طاقتنا وخطف تركيزنا، لدرجة جعلتنا قاب قوسين أو أدنى من تأجيل صدوره، ولكن إرادة الله شاءت في الأيام الأخيرة أن نستجمع قوانا لننهي هذا العمل في موعده.

أما التعب.. فلم يسلم أحد من «الدور اللي ماشي». لا يتعافى زميل حتى يصاب آخر، لو لم تخنِّي الذاكرة المرهقة بالأساس، ففي لحظة ما، كنا جميعًا نعاني، هذا لديه عرض وهذه تشك، هذا تغير صوته، وهذه شحب لونها.. الحمد لله على العافية، ويحفظ الله الجميع.

E-Bank

وأما الألم.. فكان رحيلًا مفاجئًا لصديق وأخ كبير، طيب بكل ما تحمله كلمة «طيب» من صفاء وجمال وإيثار وتسامح وحب، أرهقه المرض وأشياء أخرى، لكنه وحده الشخص الذي لم يبك في هذا الصباح، ولم ير الموت المحلق فوقنا كالصقر، كما قال محمود درويش.

أسامة الشناوي صديقي الذي كان ظهوره مفاجئًا أيضًا كرحيله، لقائي الأول به كان عام 2008، استقبلني بترحاب كبير وقتما تقدمت لخطبة ياسمين منير، فهو خالها، أذكر أنه لم يجادلني أو يسألني عن التفاصيل المعتادة، رغم أنني وقتها لم أكن أمتلك إلا راتبي.

منذ ذلك التاريخ كانت لقاءاتنا على فترات بعيدة، تكاد تنحصر في المناسبات والتجمعات العائلية، ثم زادت تدريجيًّا، إلى أن شاء القدر الجميل في أكتوبر 2020 أن ينتقل للسكن إلى جوارنا، فكانت بداية جديدة لصداقة تشاركنا فيها الوقت والمائدة، السعادة والمتاعب، الصمود واليأس، حتى السفر والسكون، وخطفنا في الكثير من الليالي دقائق بوح جميلة، لن تعود.

كم حزنت على رحيلك يا صديقي، ولكن في داخلي إيمان كبير بأنك الآن في مكان أكثر راحة وسعادة، يلائم قلبك الصافي، وروحك الجميلة، يحيط بك الطيبون، وأسأل الله لك المزيد.

بعيدًا عن التعب والألم.. كان الإصرار على صدور العدد الخاص في موعده رهانًا صعبًا، وأي من رهاناتنا كانت سهلة؟ هذا المشروع من بدايته كان محاطًا بكل الرهانات الصعبة، هل ننسى يومنا الأول، كنا مجموعة عمل تعد على أصابع اليد الواحدة، نظمنا أول مؤتمر سنوي أشاد بمحتواه وحضوره الجميع، اقترضنا تكلفة طباعة عددنا الأول وجزءًا من تكلفة تنظيم المؤتمر، رعاية الله كانت دائمًا معنا، والحقيقة.. نشعر باعتزاز كبير لهذه البداية ونحفظ جميع لحظاتها عن ظهر قلب، فرحتها لا تزال تطغى علينا كلما عبرت أمامنا ذكرى منها.

ورعاية الله في هذا العدد ظهرت في كل التفاصيل، ومنها البداية المبكرة لاستطلاع الرأي، الذي شارك به مائة من قادة مجتمع الأعمال والشركات والبنوك، بجانب كبار المسؤولين الرسميين ممن أداروا ملفات وحقائب اقتصادية مختلفة. هذا الاستطلاع بدأ العمل عليه قبل نحو شهر ونصف، وقد تم الانتهاء من استيفاء الجانب الأكبر من استماراته قبل المرور بفترات الإرهاق والتعب.

نفس الأمر بالنسبة للقاء الثاني من صالون حابي، والذي انعقد في الثلث الأول من شهر يناير الجاري، فمنحنا فرصة لإتمام جزء من مونتاجه ومعالجته، أما الجزء الآخر خاصة فيما يتعلق بالتجهيزات الأخيرة والصياغة والإعداد للنشر في النسخة المطبوعة، فتم في الأيام الأربعة السابقة لصدور العدد.

يثقل على قلبي العمل في أجواء يحيطها الإرهاق والتعب، ولكن ظهرت رعاية الله أيضًا في فريق حابي الذي اعتاد مقاومة جميع الظروف، كل بطل من هذا الفريق يدرك جيدًا ما يجب فعله وكيف يفعله في فترات صعود الطاقات وهبوطها. فلهم الشكر جميعًا، شكر الزميل المتعب بفتح العين وكسرها أيضًا، لمن أجادوا التكاتف لمقاومة ظروف صعبة واستثنائية، بمنتهى الهدوء والاحترافية والمسؤولية.

أخيرًا.. بين يديك عزيزي القارئ إصداران أحدهما يضم استطلاعًا سنويًّا لآراء قادة مجتمع الأعمال والاقتصاد عن 30 عنصرًا نراها الأهم فيما يتعلق بتوقع مسار الاقتصاد بمختلف فروعه ومؤشراته في عام 2022، بداية من المؤشرات المالية والنقدية، ووصولًا بتوقعات الربحية وأداء مكونات ميزان المدفوعات، وانتهاء بتقييم جهود الحكومة في التعامل مع القطاع الخاص.

والإصدار الثاني يضم الصالون الذي نظمته جريدة حابي بعنوان «قصص القوابض – دورة حياة الشركات الأم» بأدق تفاصيل المناقشات التي تمت به، والتي كانت زاخرة بالعناوين والقصص الخبرية والتفاصيل العميقة الغنية البعيدة عن القشور ورؤوس المواضيع.

نأمل عزيزي القارئ أن يلقى هذا الجهد ولو بعض الاستحسان، وعلى موعد آخر مع أعداد خاصة جديدة، وكعادتنا دائمًا في انتظار تعليقات وملاحظات تعيننا على ما نصبو إليه دائمًا من تجويد وتطوير.

الرابط المختصر