أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم.. أهلًا وسهلًا بحضراتكم في الجزء الثاني من لقاء صالون حابي عن الكيانات الأم والشركات القابضة
نعود مرة أخرى للأستاذ أيمن سليمان.. كانت هناك تجربة تأسيس منصة استثمارية مشتركة مع شركة أبو ظبي القابضة ADQ، نود التعرف على الوضع الآن في هذه المنصة، وما وصلت إليه على مستوى طبيعة الاستثمارات التي تم الاتفاق عليها أو يجري التفاوض بشأنها. وهل هناك فرصة لبناء منصات مماثلة مع صناديق خليجية أو إقليمية أو شركات قابضة أخرى خلال الفترة القادمة؟
إضغط لمشاهدة الجزء الثاني من اللقاء
أيمن سليمان: الاستراتيجيات التي بنيت عليها المنصة المشتركة مع أبوظبي القابضة تمثل تواءمًا فيما بيننا حول مستهدفات البنية الأساسية والقطاع الغذائي والقطاع الصحي والتصنيع الدوائي، كما أن قطاع التعليم بدأ يدخل على الرادار الخاص بهم أيضًا.
مستهدفات استثمار ADQ القابضة متوائمة مع أهدافنا في قطاعات كثيرة.. والتعليم على رادار الشراكة
مستهدفاتهم بالنسبة للاستثمار في السوق المصرية متوائمة جدًّا مع مستهدفاتنا في هذه القطاعات وكذلك في القطاع اللوجيستي، فكما تحدثنا عن اللوجيستيات توجد لدينا استثمارات مشتركة في هذا المجال.
فهناك بعض التوجهات التي تم بالفعل الاستثمار والاتفاق عليها، ويجري بناء المخطط الخاص بالصفقات الجديدة، وبالطبع خطط الاستثمار المتفق عليها في مجال البنية الاساسية يعد مُجديًا جدًّا، فهذه الكيانات الضخمة عادة ما يكون الحد الأدنى للمشاركة في الاستثمار -minimum ticket- كبيرًا للغاية، فضلًا عن كونها بالدولار.
أحمد رضوان: كم تبلغ القيمة التي تقصدها في هذا الإطار؟
أيمن سليمان: تتراوح بين 50 إلى 100 مليون دولار كحد أدنى، وذلك ينطبق على أغلب الكيانات وليس ADQ بشكل خاص، فكل الصناديق العالمية الضخمة التي تتعامل في مليارات الدولارات ومئات المليارات من الدولارات، دائمًا ترغب في المشاركة بحجم استثمار كبير، وهو ما يدفعها للبحث عن المساهمات -Tickets- الضخمة، والبنية الأساسية تعد أكبر قطاع متاح به فرص لمجالات تعاون تتميز بوجود مساهمات استثمارية كبيرة، ذلك فضلًا عن الاستحواذات الضخمة، فقد شاركت ADQ بمفردها في الاستحواذ على شركة سوديك، كما تنظر في بعض الاستحواذات بالقطاع الغذائي وقطاع التصنيع الدوائي، وتم بالفعل الاستحواذ على شركة أمون للصناعات الدوائية، مما يعكس وجود بعض فرص الاستثمار الضخمة المتاحة.
50 إلى 100 مليون دولار حدًّا أدنى للاستثمار الجاذب للصناديق الضخمة.. والبنية الأساسية الأكثر فرصًا
ونفس نموذج العمل نحتذي به ولكن بخطوات متأخرة نسبيًّا عن أبو ظبي القابضة، مع صناديق استثمار أخرى من المنطقة العربية، فبخلاف التعاون مع السعودية من خلال صندوق الاستثمارات العامة السعودي، توجد تكتلات تعمل وفقًا لرؤى متحدة مع الصناديق السيادية العربية الأخرى مثل التكتلات الخضراء.
وصندوق مصر السيادي انضم بعد مرور أقل من عام على تأسيسه إلى One Planet، والتي تمثل مبادرات لمديري الاستثمار ومديري الأصول والاستثمار المباشر، وأيضًا للصناديق السيادية، وخدمات الاستشارات المالية، تهدف جميعها لخلق نظام بيئي -Ecosystem- يستثمر في الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأخضر لديه عدة أولويات، وتتمثل أولوياته الحالية في التهيئة والتحول Adaptation & Transition، وهذا التكتل يتواءم مع أجندة COP26 وكذا مفاوضات COP27، ونحن كصندوق سيادي مصري عضو فاعل في مبادرة One Planet، وتم الانضمام لهم بشكل رسمي خلال عام 2021 وأعلن هذا الانضمام.
وهناك كتلة مشابهة على الصعيد الإفريقي تضم الصناديق السيادية الإفريقية، منها الصناديق السيادية لشمال إفريقيا كالمغرب ومصر، ويجري التحدث مع ليبيا في هذا الإطار، فهذه التكتلات لديها لنفس الرؤى، حيث يرون أن جميع الفرص تتجه نحو الاقتصاد الأخضر، وهو ما يعكس تواؤم الفكر والرؤى بين هذه الاقتصادات والاقتصاد المصري.
الصندوق السيادي اتفق على المساهمة بحصص أقلية في رؤوس أموال المخازن التموينية الأربعة مع التحالفات الثلاثة الفائزة
والتجربة الرائدة للصندوق السيادي المصري والمتمثلة في الاستثمار جنبًا إلى جنب مع المستثمرين، والانحياز لجذب استثمارات من القطاع الخاص، ودمج القطاع الخاص في استثمارات الدولة، يعد نموذج عمل كانت إفريقيا تنفذه بشكل مختلف تمامًا، حيث يقوم الصندوق السيادي بالاستثمار داخل البلد وخارجها وفقًا لتوجه استثماري مستقل، ويعمل كمستثمر منفرد، في حين أن توجهنا بسبب كوننا دولة ليس لديها وفرة في رؤوس الأموال تركز في استراتيجية استثمار تقوم على مضاعفة الأموال التي يتم ضخها، فإذا ضخ الصندوق جنيهًا في أحد الاستثمارات يكون عليه في المقابل استقطاب نحو 9 أو 10 جنيهات من بالقطاع الخاص.
وقد وجدوا أن انحيازنا للقطاع الخاص يمثل نموذجًا أكثر جدوى في جذب رؤوس الأموال عن الاعتماد على منظمات الترويج للاستثمار، وعلى هذا الصعيد هناك تعاون كبير جدًّا مع الصناديق الإفريقية، وبالطبع الاقتصاد المصري تقدم عليهم، فنجاحنا بمشروع بنبان للطاقة الشمسية، أثبت القدرة على اجتذاب رؤوس الأموال للبنية الأساسية في هذا المشروع، وهم حاليًا يريدون السير على نفس النهج وهو ما يعد فرصة لمحاكاة هذه النجاحات وتكرارها مع الشركاء من المستثمرين الذين يتم التعاون معهم في تطوير البنية الأساسية في مصر، لتنفيذ استثمارات مشابهة في إفريقيا.
أحمد رضوان: إذا رغبنا في الحديث ليس عن فرص بعينها ولكن عن صفقات تمت المناقشة حولها مثل محطات كهرباء سيمنس.. هل هناك وضع ما من المفاوضات مع ADQ على سبيل المثال؟
أيمن سليمان: ADQ كسائر المجموعات الاستثمارية الضخمة من صناديق الاستثمار وصناديق الاستثمار المتخصصة في البنية الأساسية والصناديق السيادية الأخرى، جميعهم لديهم الشهية لاقتناص أجزاء من البنية الأساسية.
وبالطبع طرح مكونات البنية الأساسية يتم بأشكال مختلفة، فعندما تم طرح شركة أدنوك -شركة بترول أبو ظبي الوطنية-، كان لديهم طروحات أخرى لأجزاء من خطوط الأنابيب الخاصة بهم والتي تم عرضها كمنتج استثماري مع طرح حصة أقلية، فالدولة تستعيد استثماراتها في هذا الجزء من البنية الأساسية، ولكن نظرًا لكونه خط أنابيب فله نصيب محدد من الدولارات على كل برميل بترول يمر عبر هذا الخط، مما يجعل اقتصاديات خط النقل معروفة وله هامش ربح معروف، وفي ظل النشاط الذي تتسم به هذه الدولة في مجال تصدير البترول، فإن كل المعطيات الاقتصادية واضحة وجاذبة لرؤوس الأموال.
نموذج الشراكة مع ADQ يتكرر مع صناديق عربية.. بجانب التعاون مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي
وفي مصر هناك مكونات كثيرة جدًّا يمكن طرحها بنفس النظام، ومحطة الكهرباء التي تم بناؤها بتكنولوجيا سيمنس تعد أحدها، والتي تتميز بكونها أحد محطات توليد الطاقة النظيفة التي تعمل بأحدث تكنولوجيا وأكثرها فعالية في مجال الغاز الطبيعي، والتي تقوم على نظام الدورة المركبة -Combined Cycles- والذي يتميز بكونه أكثر فعالية وأقل استخدامًا للطاقة، فضلًا عن كونه يضمن أقل انبعاثات كربونية، كما أنه من المؤكد أنه لا غنى عن توافر ما يسمى بالـ Base Load – الحمل الأساسي-، وهذا ما تعلمناه من الدكتور محمد شاكر -وزير الكهرباء والطاقة المتجددة- والذي أوضح لنا كيفية عمل هذه المنظومة.
ولكننا قمنا بترجمة وجود طاقة إنتاجية لكهرباء أكثر فعالية من خلال هذه الآلية، لا سيما أنه معترف بأن الغاز الطبيعي يتسم بكونه تحولًا بعيدًا كل البعد عن الفحم وأنواع المحروقات ذات نسب التلوث المرتفعة وهو ما يجعل المحطات الخاصة بها أقل فعالية من غيرها، مما يعكس أن هذا الأمر يعد البديل الأمثل الذي يجب التركيز عليه ليكون ذلك بمثابة ركن أساسي من محفظة توليد الطاقة النظيفة في مصر، وهو ما يتواكب مع التطوير الذي يشهده السد العالي، والذي يتزامن مع النمو بمحفظة الطاقة المتجددة، بما يؤدي إلى منظومة تشهد معدلات نمو كبيرة لمكوّن الطاقة الخضراء في المحفظة الاستثمارية.
ونرى في ذلك وجود فرصة لطرح جزء من هذه الطاقة الإنتاجية في شكل شركة هادفة للربح، يكون هامش الربح الخاص بها معروفًا، ونظرًا لكونها جزءًا أساسيًّا من البنية الأساسية، والتي تتسم بكونها جاذبة لرؤوس الأموال حيث إنها الأساس الذي تقوم عليه البلدان، فلا غنى عن وجود كهرباء ومياه حيث إنها خدمات لا تنقطع مطلقًا.
كما أن هذه المنظومة أصبح لها اقتصاديات واضحة ومعروفة، ومع النمو في النشاط الصناعي وغيره من الأنشطة الحيوية، الأمر الذي سيخلق طلبًا أكبرعلى الطاقات الكهربائية الموجودة في مصر، تكون هناك معدلات طلب مضمونة ومنتج مؤكد بيعه مما يجعله جاذبًا لرؤوس الأموال، لذا من الممكن طرحه في السوق سواء من خلال طرحه كشركة في البورصة أو عن طريق مستثمرين استراتيجيين، علمًا بأن آليات الطرح تمثل بدائل ستفرضها ظروف السوق، والأهم هنا هو اتخاذ القرار ما إذا كنا سنطرح هذه الأجزاء أو هذه الأصول للقطاع الخاص أم لا.
أحمد رضوان: هل تم حسم هذا القرار؟
أيمن سليمان: وفقًا لتصوري نعم.
رضوى إبراهيم: نحتاج إلى مزيد من التوضيح حول ما تم ذكره بشأن سيناريو الطرح في البورصة للمحطات التي تم بناؤها بتكنولوجيا سيمنس باعتباره سيناريو بديلًا، فقد تم قطع شوط كبير منذ فترة طويلة للدخول في شراكات مباشرة مع بعض المشغلين، في حين صدر بيان رسمي مؤخرًا يتحدث عن الاتجاه لطرح هذه المحطات في البورصة وبالتالي يكون الطرح في البورصة ليس بديلًا.
أيمن سليمان: هذه الآليات تعد بدائل، وترجع البدائل إلى القدرة على اجتذاب رؤوس أموال، فمن الممكن استقطاب مستثمر استراتيجي يقوم بالاستحواذ على 70 % من رأس مال المحطة، أو بمعنى أدق الشركة الحاصلة على حق تشغيل المحطة لمدة 25 عامًا، فلن يستحوذ أحد على المحطة نفسها وإنما سيتم الاستحواذ على حق الانتفاع والتشغيل POOT، وفي حال كانت هذه المحطات مبنية بالفعل يطلق على هذه العملية TOOT، حيث يتم تحويل أصل قائم إلى حق امتياز بالتشغيل والانتفاع لمدة 25 عامًا، وخلال هذه الفترة يتم شراء الكهرباء من هذه الجهة المنتفعة، على أن يتم تسليم المحطة إلى الدولة بعد صيانتها وبكامل طاقتها التشغيلة في نهاية المدة المتفق عليها، وهو ما يعد أحد أشكال نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وهذه المنظومة يمكن أن تتحقق بأكثر من طريقة، منها إنشاء كيان قانوني يكون منوطًا بتوقيع اتفاقيات الشراكة والتعاقدات الخاصة بالتحويل إلى امتياز POOT أو TOOT، ومن ثم يتم عمل مزاد على رأس مال هذه الشركة، واستقطاب المطوريين لمعرفة الأكثر قدرة على دفع قيمة أكبر في رأس مال الشركة التي تتمتع بحق تشغيل هذه المحطة.
ويتمثل الخيار الثاني في تسجيل هذه الشركة في البورصة، علمًا بأن التسجيل في البورصة يتطلب وجود مستثمر أو مشغل استراتيجي يملك حصة الأغلبية في رأس المال، وهو ما يعكس وجود عدة بدائل لآليات الطرح وهو ما يتم مناقشته خلال هذه الفترة، حيث إن هذه البدائل تعكس وجود سيناريوهات مختلفة توضح مدى القدرة على اجتذاب سيولة دولارية بصورة أكبر، كما تكشف أيضًا عن مدى القدرة على جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وكذلك تظهر ما إذا كانت هناك أعباء ديون إضافية ستترتب على ذلك.
ففي حال كان المستثمر الاستراتيجي الخارجي سيقوم بإعادة التمويل واستبدال الدين المصري بدين أجنبي، قد يسفر ذلك عن زيادة الأعباء بالعملة الصعبة، أم سيكون هناك عبء بالجنيه المصري في حال قيام هذا المستثمر بشراء قيمة هذه الورقة الخاصة بالشركة بالجنيه المصري، وهو ما يعكس أنه سيقوم ببيع دولارات لشراء جنيه مصري، الأمر الذي من شأنه خلق استثمارات أجنبية مباشرة، علمًا بأن المستثمر في هذه الحالة يكون تحمل مخاطر الجنيه المصري، وهو ما يجعله في انتظار الحصول على عائد الجنيه المصري والذي يتسم بكونه أعلى من عائد الدولار، مما يجعل التقييم مختلفًا وفقًا لكل حالة ومعطياتها.
لذا من الضروري طرح كل هذه المواءمات والموازنات بمنتهى الشفافية لمتخذ القرار، وأؤكد أننا راضون عن السيناريوهات كافة، خاصة أن كل سيناريو لديه الشريك المتأهب للدخول للاستثمار به، وعليه أؤكد على أهمية إتاحة جميع الطروحات أمام متخذ القرار، وأن تتم ترجمة أولويات الدولة إلى قرار في اختيار أحد هذه البدائل، وعلى هذا الأساس يتم الطرح.
رضوى إبراهيم: متى تتوقع حسم هذا الأمر واختيار السيناريو القابل للتنفيذ؟
أيمن سليمان: اتخيل أنه من اللازم أن يتم اتخاذ هذا القرار في غضون الأسابيع القادمة، خاصة أن الشق الخاص بتكلفة رأس المال المنخفضة ينكمش بسرعة شديدة، وقد شاهدنا إعلان الفيدرالي الأمريكي عن استراتيجيته التي تتجه إلى رفع أسعار الفائدة، وعند حدوث ذلك سيسفر عن ارتفاع سعر الدولار، كما سيصاحبه ارتفاع في سعر الفائدة على العملات الأخرى، الأمر الذي من شأنه رفع تكلفة رأس المال وكذا العائد المطلوب عليه، وهو ما سيكون له تأثير عكسي على تقييم الأصول وفقًا لمعدل الخصم كمعادلة حسابية تلقائية.
لذا فإن تعظيم قيمة الأصل في الطرح يتطلب تنفيذه في بيئة تتسم بانخفاض أسعار الفائدة، وأن تكون تكلفة رؤوس الأموال منخفضة أيضًا، بما يعظم قيمة الأصل في الطرح، وفي حالة ارتفاع هذه القيم سنضطر إلى طرح حصة أقل من المقررة، ثم ننتظر الظروف المواتية لطرح حصة أكبر بعد ذلك، وهو ما قد يكون أحد البدائل المتاحة أيضًا.
والأهم بالنسبة لي هو دخول رأسمال أجنبي في البنية الأساسية؛ لأن ذلك يعد بمثابة علامة ثقة في الاقتصاد المصري على المدى الطويل.
وأرى أننا أمام فترة لن أطلق عليها فترة ريبة وإنما فترة حرص، فما نشهده من الشهية الاستثمارية على أدوات الدين المصرية ينذر بأهمية منح الثقة بوجود موارد دولارية أخرى متاحة لدى الاقتصاد المصري، سواء من الصادرات أو السياحة أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الأدوات الرأسمالية، لذلك يجب علينا تنمية البورصة، فهي تعد بوابة كبيرة جدًّا لدخول رؤوس الأموال، وعلى ذلك إذا كان أمامي بديلان إما الطرح في البورصة أو الطرح الخاص، سأنحاز للطرح في البورصة نظرًا لكونه قادرًا على تحقيق الهدفين في الوقت ذاته، ويعد هذا هو نفس المنظور المتبع في طرح محطات البترول.
أحمد رضوان: هل تقصد محطات تموين السيارات أم محطات بترول أخرى؟
أيمن سليمان: محطات تموين السيارات المتمثلة في “محطات وطنية”.
أحمد رضوان: إلى أين وصل هذا الأمر؟
أيمن سليمان: تم الانحياز إلى خيار الطرح في البورصة.
أحمد رضوان: سنعود للحديث عن تفاصيل أكثر والتطرق لباقي الفرص.. ولكن ننتقل الآن إلى الأستاذ باسل الحيني..
لقد حدثنا رئيس الصندوق السيادي عن فكرة الضخامة وأن الاستثمار الأجنبي يحتاج إلى وجود كيانات ضخمة خاصة بالشركات التي يتم طرحها في البورصة.. كما شهد اللقاء الأول لصالون حابي مناقشات موسعة حول هذا الشأن، وتم التطرق كذلك إلى التحديات التي تحول أمام هذا الأمر، ومناقشة الأسباب التي تعوق -على سبيل المثال- وجود شركة كهرباء واحدة كبيرة منوطة بتمثيل قطاعات الكهرباء في مصر سواء التوزيع أو الإنتاج، ونفس الأمر تمت مناقشته على صعيد الموانئ..
وفي ظل وجود مجموعة كبيرة قائمة متمثلة في شركة مصر القابضة للتأمين إلا أن ما يتم الإعلان عنه هو طرح إحدى شركاتها التابعة بالبورصة.. لماذا لم يتم التفكير في طرح مصر القابضة للتأمين لا سيما وأن الكثيرين يسعون نحو التكتل حتى يتمكنوا من الطرح؟
باسل الحيني: أود التوضيح في البداية أن مصر القابضة للتأمين ليست هي من اتخذ هذا القرار، حيث يرجع هذا القرار إلى عام 2017، عندما تم الاعلان عن طرح 50 شركة ببرنامج الطروحات الحكومية، ومن بينهم شركتا مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة. الفكرة أنه عندما تمت إعادة إحياء ملف الطروحات في البورصة في ذلك الوقت، بالتأكيد نظرت اللجنة المسؤولة عن هذا الملف إلى جميع الشركات الحكومية في شتى القطاعات، ثم قامت باختيار أفضل وأكبر الشركات الحكومية سواء بالقطاع المصرفي أو القطاع المالي غير المصرفي، وكذا بقطاعات التأمين والبترول وخلافه، وعلى ذلك جاء اختيار مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة في هذا الإطار باعتبارهما شركات مملوكة للدولة.
مصر القابضة للتأمين ليست صاحبة قرار طرح شركة مصر للحياة.. وأعتقد أن السبب هو أن الشركات القابضة أقل جاذبية
وأرى أن عدم التفكير آنذاك في طرح الشركات القابضة يرجع إلى أسباب كثيرة جدًّا، أبرزها أن هذا النوع من الشركات لا تحظى بالجماهيرية التي تجعلها واجهة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال والمستثمرين، فعلى سبيل المثال تتسم شركة إي فاينانس بكونها من الشركات المحببة للمستثمرين خلال هذه الفترة، في حين أنه في المقابل نشاط التأمين لن يكون قادرًا على جذب الاستثمارات بنفس السهولة، نظرًا لكونه نشاطًا متخصصًا وهو ما يجعله في حاجة لمستثمر على وعي كبير به، وسيتم النظر بشكل مدقق أكثر في وضع الشركة وفرصها الاستثمارية واستراتيجيتها، لا سيما أن هذا القطاع ليس محببًا كالاستثمار في شركة مثل إي فاينانس.
وهذا لا يعني أن الشركات القابضة غير مطلوبة، ولكن الطلب عليها ليس بنفس قابلية الطلب على الشركات التي تقوم على نظم التشغيل، واذكر أنه أثناء عملي بالبنوك والنظر في اتخاذ قرار بتمويل إحدى الشركات، لم نكن نفضل حينها تمويل الشركات القابضة والتي تقوم مواردها بشكل أساسي على جمع المكاسب والأرباح من الشركات التابعة لها، حيث كانت الأفضلية الأكبر آنذاك للشركات التي تولد الأموال والمكاسب للشركة القابضة.
مشكلة البورصة لا يمكن اختزالها في قواعد وتشريعات ومحفزات.. ولكن مناخ الاستثمار بصفة عامة
لذا أتكهن أن هذا القرار الذي تم اتخاذه حينها بشأن طرح الشركات التابعة وليس الشركة القابضة نفسها يرجع إلى هذا الفكر الذي كان يركز على طرح الشركات العاملة عوضًا عن طرح الشركة القابضة.
وعندما توليت قيادة الشركة كان القرار تم اتخاذه فعليًّا، وبصراحة لم نجد سببًا لإعادة التفكير في هذا الأمر مرة أخرى خاصة فيما يتعلق بطرح الشركة القابضة بدلًا من الشركات التابعة، خاصة أن الشركات التابعة ليست جميعها في نفس المستوى من التقدم والتطوير، وبذلك يكون الأسهل هو طرح الشركات المتطورة والمتقدمة والتي تتسم بوصولها إلى مستويات جاذبة للمستثمر في البورصة عوضًا عن التحدث عن طرح المجموعة كاملة بكل مشكلاتها ومعوقاتها وأيضًا بمقومات نجاحها، حيث سنكون حينها مطالبين بشرح التكامل والتضافر الذي تمثله الشركات لبعضها، وأن نقاط الضعف بأحدهم يعوضه نقاط قوة في جانب آخر، لا سيما أنه قد تم التركيز بالفعل على شركة عاملة وقد تم إعدادها لعملية الطرح. لذلك أعتقد أن هذه هي الأسباب التي اتخذ على أساسها قرار الطرح كما لم نجد سببًا يدعو إلى إعادة النظر في القرار أو الاقتراح للحكومة بإعادة النظر فيه.
بصراحة.. لم نجد سببًا لاقتراح إعادة التفكير في القرار خاصة أن التوابع ليست على نفس الدرجة من الجاهزية
وعلى صعيد الحجم، أحسب أن الشركة محل الطرح حاليًا وهي مصر لتأمينات الحياة، أنت بالطبع محق فيما يخص عنصر الحجم، والذي لا يقتصر تأثيره فقط على المستثمر بل يؤثر أيضًا في بنك الاستثمار، فعندما تحدثنا مع بنوك الاستثمار الأجنبية حول اهتماماتهم بالمشاركة في ترويج هذا الطرح، وجدنا ترددًا، وبالطبع جزء من هذا التردد نابع من التجارب السابقة للشركة حيث أقدمت أكثر من مرة على الطرح ثم تتراجع، ما قلل من اقتناعهم بالصورة الكافية لوضع كل الإمكانيات الخاصة بهم في أمر قد يحدث أو لا، ولكن جزءًا كبيرًا من التردد جاء نتيجة لحجم الشركة.
فرغم أن الشركة ليست مقيمة، إلا أن القوائم المالية الخاصة بها متاحة، وعليه فإنه بالنظر إليها يمكن استنتاج الحجم، ووفقًا لاستنتاجاتهم الخاصة بحجم الشركة جاء تعليقهم أن هذه الشركة أقل من الحجم الملائم الذي يجعلهم يقبلون على المشاركة في هذه العملية، فهم يحصلون على نسبة من الطرح الناجح، وهو ما يبرهن على أهمية الحجم والذي أرى أنه يعد أحد التحديات التي سنواجهها عند الاقتراب من عملية الطرح، ولكن من المؤكد أيضًا أن الشركة تعد من الأحجام الكبيرة إذا تمت مقارنتها بأحجام الشركات بالسوق المحلية، وبالتالي إذا كان عنصر الحجم سيكون رادعًا لإقبال بنوك الاستثمار، فأرى أنهم لن يقبلوا على غيرنا أيضًا.
ومن وجهة نظري فإن العنصر الأهم هو ما لمسه رئيس الصندوق السيادي وبالتأكيد عايشه رئيس إي فاينانس بعد دخول السوق، والمتمثل في أن البورصة المصرية ليست مكانًا مثاليًّا، وهذا تعبير لطيف لوصف الوضع.
أيمن سليمان: تعبير دبلوماسي.
باسل الحيني: هذا حقيقي، فسوق المال المحلية ليست مكانًا مثاليًّا للطرح وهذه هي الحقيقة، لذلك لا بد من السعي لتحسين هذا الوضع بشتى الطرق، فالمسألة لا تتعلق بالبضاعة الجيدة فقط، فجودة السوق لا تقل أهمية عن جودة البضاعة، فإذا تم عرض بضاعة جيدة للغاية في سوق غير عميقة، ولا تتحلى بالجاذبية الاستثمارية، فإن الأمر لن ينجح، والعكس صحيح أيضًا.
لذلك لا بد من النظر إلى البورصة المصرية بجدية وبكل مشتملاتها، وعدم اقتصار الأمر على المحفزات فقط.
أحمد رضوان: هل تقصد بذلك التشريعات والضوابط أم الكوادر؟
باسل الحيني: التشريعات مصطلح كبير يتم استخدامه كثيرًا وفي مختلف المواقف، وعلى الرغم من أهميتها ووجوب النظر إليها إلا أنني أقصد ما هو أبعد من البورصة، وهو مناخ الاستثمار بصفة عامة، وأرى أنه من الضروري أن يكون هدفًا قوميًّا، فلا يقتصر الأمر على الخروج بمجموعة من المحفزات، حيث إن الأهم هو التركيز على النتائج، لا سيما أن المستثمر لا يلتفت إلى العمولة أو حتى الضريبة، وهو ما لا ينفي الأهمية التي تمثلها الضريبة، وفي هذا السياق أضم صوتي لكل الموجودين في اللقاء الأول للصالون بأن الوقت الحالي لم يكن هو الأفضل أو الأمثل لهذا الإجراء، ولكن أصبح من الممكن تقبلها في ظل الضوابط الجديدة التي تم إقرارها والتي خففت من وقعها إلى حد ما.
أعتقد أن توقيت ضريبة الأرباح الرأسمالية لم يكن الأنسب.. ولكن يمكن تقبلها في ظل التعديلات التي خففت وقعها
ولكن الأهم هو المناخ بصفة عامة لأنه قادر على تعويض الجوانب الأخرى مثل حجم الاستثمار على سبيل المثال وكذلك الإحجام الناتج عن التردد الذي حدث سابقًا في اتخاذ القرار، فتحسين مناخ الاستثمار يعكس وجود تطوير بالفكر وفي عوامل الجذب، الأمر الذي من شأنه تحفيز شهية المستثمرين وبنوك الاستثمار للإقبال بصورة أكبر على السوق المصرية وشركاتها.
نحن سعداء للغاية بنجاح طرح شركة إي فاينانس، وعلى قدر ما هو مؤشر على أهمية الإقدام وعدم التخوف من اتخاذ القرار، إلا أنه يجب الحرص أيضًا من عدم الانخداع وراء هذا النجاح، فهي شركة رائعة وتنتمي إلى قطاع يتمتع بالإقبال العالي وله جاذبية كبيرة، ولذلك ليس شرطًا أن يتكرر هذا النجاح عند طرح شركات أخرى سواء بقطاع البترول أو التأمين، وبالتالي من الضروري أن نكون أكثر حرصًا على إنجاح الطروحات المقبلة.
ففي الحقيقة ستكون مأساة شديدة إذا حدث بعد النجاح الباهر لشركة إي فاينانس كبوة أو ردة، فحدوث ذلك قد لا نتعافى منه، وبالتالي يجب أن يكون الأمر تحت أعين كل القائمين على البورصة المصرية، لا سيما أن هذا الأمر تخطى حدود إنقاذ البورصة وتنشيطها في ضوء الاعتبارات الهامة التي ذكرها رئيس الصندوق السيادي، ولكن أيضًا يشمل الأمور المستقبلية حيث من الضروري البناء على قصة النجاح، حتى لا يتم وأدها في مهدها نتيجة لخطوات لاحقة غير ناجحة، وأحسب أنه من المؤكد أن هذا الفكر في أذهان جميع المسؤولين عن هذا الملف الهام.
مصر القابضة للتأمين لا تحتاج إلى الاستحواذ على بنك استثمار.. والخدمات التمويلية المباشرة هي هدف الشركة
ومن المؤكد أن شركة مصر القابضة للتأمين ستكون أحد المستفيدين من ذلك؛ لأنها ستطرح إحدى شركاتها التابعة كمالك مباشر، ولكن في النهاية المالك الأخير هو الحكومة، والتي تمثل الشعب، الأمر الذي يظهر أن المستفيد الحقيقي من ذلك هي مصر كدولة.
لذا نتمنى أن يؤخذ ذلك الأمر بعين الاعتبار لتجاوز الجوانب الأقل جذبًا التي تحدثنا عنها في هذا الإطار والمتمثلة في الحجم والنسبة، لا سيما أن ذلك سيتزامن مع توجهات البنك الفيدرالي الأمريكي لرفع سعر الفائدة وهو الذي من شأنه التأثير على المستثمر في هذا التوقيت الخطير والذي نستهدف فيه تحويل اهتمام المستثمرين الأجانب من أدوات الدخل الثابت والتي يطلق عليها البعض أموالًا ساخنة -Hot money- إلى الاستثمار الأجنبي المباشر المتمثل في المساهمات، مما يعكس الحاجة إلى مجهود مضاعف واجتهاد أكثر وأكثر.
ياسمين منير: المهندس إبراهيم سرحان.. نتحدث عن شركة إي فاينانس باعتبارها تجربة النجاح الأبرز في سوق المال خلال هذه الفترة، لذا نود التعرف منك على أبرز التحديات التي واجهتكم خلال تجربة الطرح في البورصة؟ وهل سيكون هذا النجاح حافزًا لطرح حصة جديدة من الشركة لا سيما في ظل الإقبال الكبير من الاستثمارات الأجنبية خلال عملية الطرح والذي قد ينبئ بطرح حصص مباشرة لكيانات أجنبية؟ وكذلك ما هي فرص طرح إحدى الشركات التابعة لإي فاينانس بإعتبارها كيانًا قابضًا يمتلك أذرعًا استثمارية متعددة وقادرة على تقديم تجربة نجاح جديدة بالسوق المحلية؟
إبراهيم سرحان: من المؤكد أن شركة إي فاينانس واجهت تحديات في هذا الإطار، فلا توجد تجربة دون تحديات، ولكن يمكنني القول إن جزءًا من التحديات التي واجهت الشركة كان متمثلًا في الضغوط التي تحدث عنها الأستاذ باسل الحيني والخاصة بكوننا أول الشركات التي تم طرحها ببرنامج الطروحات الحكومية.
كل تجربة ولها تحدياتها.. وأحد تحديات طرح إي فاينانس تمثل في كونه الأول بعد فترة توقف عن الطروحات
وكانت هناك آمال كبيرة تقع على عاتق الشركة في هذا الإطار، لذا فذلك يعد أول التحديات التي قابلت إدارة الشركة، في حين يتمثل التحدي الثاني في الدورة الخاصة بتحديد السعر العادل والتي لم تكن سهلة مطلقًا، كما أنها استغرقت وقتًا طويلًا، وهذا الوقت يتم احتسابه على إدارة الشركة في جانبين، أولهما يتمثل في الانشغال بإنجاز الأعمال خاصة وأن جميع الاستفسارات خاصة بأعمال الشركة والتوقعات الناتجة عنها، في حين يتمثل الجانب الثاني في الحاجة لتعظيم دور الطرح والذي يتم من خلال إنجاز حجم أعمال أكبر، حيث إنه كلما زادت مدة التقييم، يتطلب ذلك تعظيم دور الطرح بصورة أكبر.
وقد كانت الشركة تواجه هذه التحديات من جانبين الأول هو تحقيق المستهدفات وتخطيها لتحقيق الاستفادة القصوى بعملية التقييم، في حين يتمثل التحدى الثاني في أن هذا التقييم تم خلال تداعيات جائحة كورونا، وهو أمر خارج التوقعات، حيث إنه عند مناقشة الأمر مع بنوك الاستثمار في الظروف العادية يتم التناقش حول التوقيت الأفضل للطرح في العام المالي، فقد ينصحون بعدم الطرح في فترة الصيف، مفضلين الطرح خلال الربع الرابع من العام.
دورة تحديد السعر العادل لم تكن سهلة واستغرقت وقتًا طويلًا كان محسوبًا على إدارة الشركة
ولكن مناقشة هذا الأمر خلال تداعيات جائحة كورونا كان مصحوبًا بضبابية في الرؤية، حيث كان من الصعب تحديد أفضل موعد للطرح في هذه الظروف الاستثنائية، وهو ما يعكس أن ذلك كان بمثابة التحدي الأكبر في هذه التجربة، حيث إن إدارة الشركة ليست على وعي كبير بالتوقيت الأمثل للطرح، وهو ما يجعل الشركة غير قادرة على مساعدة بنك الاستثمار في هذا الخصوص، حيث إنها لا تستطيع المشاركة في اتخاذ القرار الخاص بأنسب توقيت للطرح.
ويعد الجانب الإيجابي في هذا الشأن هو ارتفاع شهية السوق تجاه هذا المنتج الاستثماري والمتمثل في سهم شركة e-finance، وهنا أود الإشارة إلى الدافع وراء اتخاذ قرار الطرح في هذا التوقيت والذي يتمثل في الجولة الترويجية التي شهدتها هذه الفترة والتي عكست إقبالًا كبيرًا من الصناديق الأجنبية والتي دخلت للاستثمار بالسوق المحلية لأول مرة من خلال الطرح، وهو ما ظهر في كم الاتصالات والطلبات المقدمة والتي برهنت على جدية المستثمرين في هذا الإطار، حيث كانوا يؤكدون خلال اتصالاتهم وطلباتهم المتتابعة على جديتهم ويطلبون الاطلاع على النسب.
القطاع المصرفي ليس في حاجة إلى مستثمرين جدد من خارجه.. وقد نوسع مساهمتنا في بنك أو نتخارج من آخر
وعليه بدأت الشركة في تجميع الرغبات المقدمة من المستثمرين والصناديق، وهو الأمر الذي منح الشركة الطمأنينة، مما ساعد لجنة الطروحات الحكومية في اعتماد نسبة الطرح التي تم الاتفاق عليها بين الشركة وبنوك الاستثمار، حيث تمت زيادة نسبة الطرح استنادًا إلى هذه الأدلة القوية، وأؤكد أن هذه المعطيات كان لها دور محوري في تقليل التخوفات في هذا الإطار، لا سيما في ظل وجود إقبال قوي خلال جولات الترويج.
ويتمثل التحدي الآخر الذي شهدته الشركة في هذه التجربة في أن التواصل مع جميع الجهات كان يتم عن بعد بتقنية الـOnline، سواء على صعيد الاتصالات أو الاجتماعات، وهو ما يجعل الأمر يفتقر للتواصل الفعلي من خلال المقابلات المباشرة والتي تلعب دورًا هامًّا في التأثير على مدى فاعلية اللقاء، حيث إنها تزيد من التوقعات الناتجة عن اللقاء، وذلك على العكس من التواصل عن بعد، بما لا تعطي انطباعًا واضحًا حول مدى جدية المستثمر.
صناديق استثمار جديدة تستفسر عن الشركة وتوقعات أدائها.. وبعضها يريد التعاون المشترك معنا
وفيما يخص الجانب الذي تطرق له الأستاذ باسل الحيني والخاص بالمثالية في التعامل مع البورصة والإجراءات الخاصة بها، أرى أن هذا الأمر يختلف من شركة إلى أخرى، حيث إنه فيما يخص شركة إي فاينانس لقد كانت هذه التجربة جديدة، وعلى الرغم من أنها لم تكن سهلة، إلا أن ذلك لا ينفي أن الشركة تلقت دعمًا كبيرًا من جميع الجهات، فقد كانت محظوظة نظرًا لأنها الشركة الأولى في هذا الإطار، ومن المؤكد أن أي شركة ستقبل على هذه الخطوة دون هذا القدر من الدعم لن تجد الأمر سهلًا.
تعظيم دور الطرح فرض جهدًا أكبر خاصة أنه تزامن مع كورونا التي جعلت تحديد الوقت المناسب تحديًا آخر
وردًّا على الجزء الثاني من السؤال والخاص بما تعتزمه الشركة خلال الفترة القادمة، أؤكد أنه مما لا شك به أن التوجه الخاص بالشركة خلال هذه الفترة هو التواجد في البورصة والتوسع في هذا الإطار، وأنوه إلى أنه حتى الآن هناك صناديق جديدة تحرص على التواصل مع الشركة ومقابلتها للاستفسار حول الشركة وتطلعاتها وخططها المستقبلية في السوق، وما الذي تعتزم تغطيته خلال الفترة القادمة، كما تستوضح هذه الصناديق حول متسهدفات الشركة التوسعية في الأسواق المختلفة كإفريقيا وغيرها.
وجزء من هذه الصناديق لديه الرغبة في الانضمام إلى الشركة ومشاركتها في نواحٍ أخرى، وهو ما أسفر عن انفتاح الشركة بصورة أكبر، حتى تكون هناك قناة مفتوحة بين الشركة والمستثمرين والمساهمين الحاليين خاصة بزيادة نسبة الأسهم المطروحة مستقبلًا.
وفيما يخص الشق الثالث من السؤال حول إمكانية طرح إحدى الشركات التابعة، أؤكد أن هذا الأمر مطروح ضمن مخططات الشركة، إلا أن الشركة حاليًا معنية بجزء هام قبل التفكير في ذلك، وهو الجزء الخاص بزيادة رأس المال، وذلك وفقًا للالتزام الذي حصلت إدارة الشركة مع كل من المساهمين الجدد والحاليين، حيث يجري النظر في كيفية استثمار هذه السيولة أولًا، نظرًا لضرورة تعظيم دور الأموال التي تم ضخها في رأس المال قبل التفكير في طرح إحدى الشركات التابعة، علمًا بأن طرح شركة جديدة يأتي ضمن مخططات الشركة التي تسير وفقًا للجدول الزمني المحدد لها.
ياسمين منير: نود الاطلاع على التوقيتات التي تستهدفها الشركة في هذا الإطار؟
إبراهيم سرحان: تلتزم الشركة بضخ الجزء المطلوب لزيادة رأس المال في 3 أو 4 مجالات محددة تستهدف العمل عليها خلال الفترة القادمة، وهو ما بدأت فيه الشركة بالفعل حيث من المقرر البدء بهذا الاستثمار، علمًا بأن أول التزام في هذا الخصوص يتمثل في أن يتم التنفيذ في غضون عامين وخلال هذه الفترة لن تتوانى الشركة، وانتهينا بالفعل من تهيئة جميع الشركات التابعة فيما يخص الحوكمة.
العنصر المتميز هو ارتفاع الشهية الاستثمارية في إي فاينانس.. والإقبال الذي ظهر خلال جولات الترويج حسم اختيار التوقيت
اما الشق الخاص بالمساهمين القدامى أو من يستجدون في هذا الإطار، أؤكد أنهم مستعدون للطرح في أي وقت حيث لم تعد الشركة في حاجة للسير بنفس دورة الإجراءات التي اتبعتها في أول مرة أقدمت فيها على تجهيز الشركة للطرح، وهو ما يعكس أن الشركة يمكنها القيام في أي وقت يتراءى لها أنه التوقيت المناسب بطرح إحدى الشركات التابعة لها بالبورصة أو للاستثمار المباشر من خلال السماح بالدخول لإعادة هيكلتها والاستثمار بها.
رضوى إبراهيم: أستاذ أيمن سليمان.. في ضوء اهتمام الدولة بالقطاع الزراعي خلال الآونة الأخيرة شهدنا خطة إحياء توشكى، وقد كان لدى الصندوق السيادي توجه منذ فترة من خلال شركة الصالحية للاستثمار الزراعي والحيواني في إطار تفعيل البرتوكول الذي تم توقيعه مع بنك الاستثمار القومي.
وقد استعرضت خلال حوار سابق مع “حابي” كيف يمكن أن تبدأ شركة الصالحية كنموذج لمنصة زراعية قابلة للتقسيم تتبنى أكثر من اتجاه من خلال الأنشطة المكملة، لذا وبالتوزاي مع المستجدات في مشروع توشكى نود معرفة ما التطورات التي شهدتها المحفظة الاستثمارية لشركة الصالحية للاستثمار الزراعي والحيواني؟ وكيف يمكن للصندوق الاستفادة من الزخم الذي شهده هذا القطاع مؤخرًا في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية، لا سيما أننا لاحظنا أن اهتمام الدولة بأحد القطاعات يفتح الباب أمام المستثمرين، خاصة في ظل التأكيد على إتاحة دور أكبر للقطاع الخاص، وهو ما لا يقتصر على كونه تصريحات بالمؤتمرات، حيث قام مجلس الوزارء بالإعلان عن العمل على صياغة وثيقة لزيادة دور القطاع الخاص والتي من المقرر الانتهاء منها قريبًا، فكيف تستهدفون الاستفادة من هذه المعطيات كافة؟
أيمن سليمان: سأبدأ بالتعليق حول الوثيقة، حيث إنه في ظل هذه الوثيقة أصبحنا قادرين على الإعلان عن الانحياز للقطاع الخاص، حيث إن ذلك يمثل بداية الوقوف على الطريق الصحيح، ففي حالة العمل على البنية الأساسية أو دخول الاستثمارات في القطاع الزراعي فإن ذلك يتطلب العمل خلال الفترة القادمة على إيجاد الإدارة المتميزة، لا سيما أن أهم مقومات النجاح هى الإدارة وليس رأس المال.
نعمل مع مشغلي القطاع الخاص على وضع خريطة رئيسية لاحتياجات مصر اللوجيستية وتأمين الأراضي اللازمة لها
وقصص النجاح الموجودة في مصر كما ذكرنا في بداية الحديث نحن نسعى لخلق قصص نجاح، ومن ثم يتم العمل على النمو بها أو تعظيمها، إلى أن يتم الارتقاء بسقف التطلعات ليفوق قصص النجاح المحققة.
القطاع الزراعي في مصر يتسم بكونه مفتتًا جدًّا وبالأخص في الدلتا، ولكن هناك كيانات مؤسسية بدأت في الظهور بالنشاط الزراعي منها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية والذي قدم جهودًا ملموسة على صعيد الصوب الزراعية، ذلك فضلًا عن المطورين الزراعيين من القطاع الخاص الذين تمكنوا من النمو وقاموا بإنشاء شركات مصدرة للحاصلات الزراعية لأوروبا، مما أسفر عن أن تكون مصر أكبر دولة مصدرة للموالح على مستوى العالم.
وفى هذا السياق تمت دراسة الجهود المبذولة كافة في هذا الإطار والتعرف على قصص النجاح وكيفية بلوغه، وتم مناقشتهم حول الدورة الزراعية القادمة للمنتجات الأخرى بعد النجاح الذي تحقق على صعيد الموالح، وما إذا كانوا يستهدفون القيام بدور ريادي في التوسع بهذه المنتجات، كما تم بحث كيفية استقطاب الإدارة الناجحة من القطاع الخاص والقيام بعمل مشروعات مشتركة في هذا الإطار، إما عبر إتاحة فرص للتعاون مع شركة الصالحية في التصنيع الزراعي لأحد المنتجات التي تحتاج إلى محصول زراعي قابل للتخزين والتعبئة، والتي يوجد منها أمثلة عديدة، منها قطاع السكر ولكنه ليس النموذج الوحيد الذي لديه دورة محاصيل زراعية مستدامة ومعروفة.
صناديق استثمار كثيرة تسعى لاقتناص حصص من مكونات مشروعات البنية الأساسية المصرية.. منها محطات سيمنس
فالمستثمر دائم التطلع إلى الاستدامة في الاستثمار، فهو لا يتطلع للمضاربة في بورصة قطن أو بطاطس، أو زراعة محصول وتحقيق ربح من ذلك في موسم دون التفكير في الدورة الزراعية الجديدة، لذلك من الضروري الحفاظ على تكوين علاقات طويلة الأجل، لذا عادة ما يسعى كبار المطورين الزراعيين الذين يملكون 5000 فدان فأكثر إلى التعاون مع المؤسسات الكبيرة، وذلك بهدف زراعة المحاصيل لتوريدها لهم، فعلى سبيل المثال يتم زراعة محصول بطاطس لتوريدها لإحدى المؤسسات التي تعمل في هذا المجال، أو زراعة محصول طماطم لشركات صناعة الصلصة، أو زراعة محاصيل بنجر لشركات السكر، أو زراعة محصول شعير ونباتات طبية لشركات المنتجات الطبية، أو زراعة فواكه مثل الفراولة لشركات التصدير.
ويبرهن ذلك على أن كبار المطورين الزراعيين يبحثون عن الطلب المؤسسي، وقد أظهرت دراستنا للسوق والتي لم يتم الانتهاء منها حتى الآن، عن وجود التخصص في هذا الإطار، لذا نسعى لاكتشاف هذه التخصصات كافة، وقد لوحظ أن المطور الزراعي المتخصص لا يفضل الخروج عن إطار تخصصه، فعلى سبيل المثال المطور المتخصص في زراعة البنجر نطلب منه التوفيق بين الآليات الخاصة بزراعة هذا المحصول وفقًا للدورة الزراعية الخاصة به، وتتم مناقشة إمكانية إدخال محصول آخر يتناسب مع المعطيات الخاصة بالمحصول الذي يعمل به، وهو ما يتطلب ضرورة وجود المؤسسات القادرة على إدارة مخاطر هذا النموذج من الأعمال، هذه المنظومة هي التي نسعى لبنائها، وأؤكد أن تنفيذ منظومة كبيرة بهذا الحجم يتطلب الخضوع لدراسات متأنية.
أود الإشارة إلى وجود المكون المتمثل في شركة الصالحية والتي تتميز إدارتها بتحقيق نجاحات ملموسة على أرض الواقع، وهو ما يتزامن مع وجود علاقات مؤسسية لديهم، وكذا عقود تصدير وأنشطة جيدة، ولكننا نحتاج بالتوازي إلى بناء محفظة من مديري المحاصيل، ودراستنا للسوق كشفت عن أن صاحب الأرض ليس هو الشريك المثالي الذي يجب البحث عنه، بل هو صاحب المحصول والذي قد يكون مزارعًا افتراضيًّا بمعنى أنه ليس صاحب الأرض الزراعية، ولكنه هو من يتمتع بالملاءة المالية والـ Know how الخاص بزراعة المحصول وتسويقه، ويعد التسويق هو أهم عنصر للنجاح، لذا يتم البحث عن المطورين الزراعيين.
وجدنا إطارًا تشريعيًّا مناسبًا وشهية من بعض المستثمرين الاستراتيجيين المستعدين للطرح في البورصة فور الاستحواذ
أؤكد أنه قد تم تغيير الاستراتيجية التي يتم بناء العلاقات وفقًا لها في هذا السياق، حيث يتم التركيز حاليًا على بناء العلاقات مع المطور الزراعي حتى وإن كان مزارعًا افتراضيًّا ولا يمتلك قيراطًا من الأرض.
رضوى إبراهيم: وهل هذا النموذج موجود بصورة كبيرة في مصر؟
أيمن سليمان: هذا النموذج موجود في مصر بكثرة ووفرة، ويتم التناقش مع هذا المطور الزراعي الذي يستثمر في 10 أو 20 ألف فدان على سبيل المثال حول مدى إمكانية توسيع نطاق الرقعة التي يقوم بزراعتها لتصل إلى 50 ألف فدان، كما يتم السعي لإيجاد الرقعة الزراعية التي تتناسب معه حتى يتمكن من تعميم هذه التجربة الناجحة على رقعة أكبر، ذلك بالإضافة إلى إتاحة شريك يتحلى بالقابلية والاستعداد للتعاون معه.
توجد حاليًا شركتان على درجة عالية من التخصص، كما أنهم تتميزان بقصص نجاح في مجال التصدير، يجري التفاوض معهما حول المناطق التي يفضلان العمل بها على صعيد اللوجيستيات والزراعة، وكذلك التعاقدات، ومما لا شك فيه الجانب التمويلي لهذه الشركات متاح، لا سيما أن الجميع يتهافت على تمويل المؤسسات العاملة بمجال التصدير.
رضوى إبراهيم: كيف تكون الشراكة في مثل هذا النموذج؟
أيمن سليمان: في حال كانت هذه الشراكة مع شركة قائمة يضم حجم أعمالها استصلاح 10 آلاف فدان كمثال، يتم التفاوض معهم على أن يقوم الصندوق بالدخول لإتاحة الفرصة للوصول إلى رؤوس أموال، إلى جانب إتاحة إمكانية التوسع على صعيد الأراضي، حتى يتمكن من مضاعفة النشاط الخاص به ورفع مستوى الطموحات، وذلك بهدف الوصول إلى كيان أكثر نجاحًا، وتشجيعه على النمو بمعدلات أكبر، وذلك بدعم من الدولة المصرية والذي يتمثل في إتاحة الأراضى والتمويل، ذلك فضلًا عن دعم الصندوق السيادي للمستثمر وإن كان ذلك برأس مال الأقلية، فالتواجد بجانب المستثمر من شأنه تشجيعه ومساندته للتوسع بصورة أكبر، لا سيما أن أي توسع يتسم بكونه مصحوبًا بمخاطر.
رضوى إبراهيم: هل تتحدث هنا عن النموذج الخاص بشركة الصالحية فقط أم يشمل ذلك أيضًا بروتوكول التعاون الذي تم توقيعه مع وزارة قطاع الأعمال العام والذي تتضمن في بنوده الرئيسية أراضٍ تابعة في توشكى والوادي الجديد؟
أيمن سليمان: في كل هذه المشروعات، يجري البحث عن الشريك الذي يتطلع إلى هذه المحفظة، ولكن بمنظوره الإداري واقتصاديات المحصول الخاص به، وهذا هو التحول الذي شهدته الاستراتيجيات الخاصة بنا في هذا الإطار.
ياسمين منير: هل يعني ذلك أن الصندوق يقوم بإنشاء شركة قابضة بالتعاون مع شريك استراتيجي، ويقوم بجمع التمويلات في هذا الإطار؟
أيمن سليمان: لا بل نعتزم إنشاء شركات، حيث سيتم استقطاب أحد المطورين المتخصصين في أحد المحاصيل ليدخل في شراكة مع الصندوق، على أن تضم هذه الشراكة مطورًا آخر متخصصًا في محصول مختلف عنه لإقامة شركة مشتركة، حتى تتم إدارة هذه المحاصيل على نفس الرقعة الزراعية التي سيتم التعاقد عليها، على أن يقوم الصندوق من خلال تعاقداته بإيجاد شركاء من مالكي الأراضي، أو مخاطبة جهات الدولة المختلفة التي تمتلك قطع أراضٍ صالحة للزراعة، مثل مشروع الريف المصري وحياة كريمة.
كما يمكننا تشغيل العمالة ضمن مبادرة حياة كريمة وهو ما يتطلب وجود كيان مؤسسي قادر على إتمام التعاقدات مع المزارعين الذين يعملون في ضوء مبادرة حياة كريمة، وذلك لضمان وجود مشترٍ للمحصول، وأؤكد أن هذه الخبرة- Know how- تتسم بكونها أهم مكون في معادلة النجاح.
قد أكون مزراعًا متميزًا، ولكن إن لم أقم بدراسة اقتصاديات المحصول الذي أعمل عليه فهذا يعني عدم نجاحي في هذا الإطار، حيث إن المزراع الذي يتمتع بالفهم الكامل لاقتصاديات المحصول و الخبرة الخاصة به، وكيفية إدارة المخاطر الخاصة باقتصادياته، هو من سيحظى بثقة البنك الزراعي والذي سيقبل على تمويله بصورة أكبر من المزارع.
أحمد رضوان: ما الجديد على صعيد المخازن الاستراتيجية ومحطات تحلية المياه؟
أيمن سليمان: نستعد لتوقيع عقد المقاولات الخاص بإنشاء المخازن الاستراتيجية، فقد تم الانتهاء من تأسيس الشركة وتنسيق الشق الخاص بالتمويل، ويجري الانتهاء من بعض الجوانب القانونية، وأؤكد على الطموحات الكبيرة التي نضعها نصب أعيننا فيما يتعلق بالمخازن الاستراتيجية، إلى جانب ذلك هناك المخازن التموينية والتي أعلنت عن طرحها وزارة التموين والتجارة الداخلية، وهنا أود التوضيح أنه قد تم اتخاذ القرار الخاص بالمخازن الأربعة، حيث تم ترسيتهم بشكل مباشر على تحالفات.
صندوق مصر السيادي يعتزم الاشتراك مع هذه التحالف في هذا الإطار، حيث تم الاتفاق على المشاركة بحصة أقلية في رؤوس أموالهم.
أحمد رضوان: هل ذلك ينطبق على المخازن الأربعة؟
أيمن سليمان: نعم، والمخازن الأربعة تم ترسيتها على ثلاثة تحالفات.
كما يتجه الصندوق للتوسع بصورة أكبر في المرحلة القادمة من المناطق اللوجيستية، ويجري التعاون حاليًا مع المشغلين بالقطاع الخاص لعمل خطة رئيسية -Master plan- لكل الاحتياجات اللوجيستية على مستوى جمهورية مصر العربية، وكذلك تأمين قطع الأراضي المطلوبة لهذه الخريطة، وذلك بهدف الوصول إلى ما يسمى بمنتج استثماري على مستوى البنية الأساسية وليس مخازن محدودة، وذلك على مستوى الدولة.
فعلى مستوى الدولة توجد فرص جيدة في شرق القاهرة، ذلك فضلًا عن إعادة الإعمار التي تشهدها ليبيا، والتحالفات والتعاونات التي تدعم ارتفاع حجم الصادرات إلى ليبيا بنسب كبيرة خاصة أننا نصدر بالفعل للسوق الليبية كميات كبيرة، وهو ما يعكس إمكانية إقامة مناطق لوجيستية في هذا النطاق لخدمة العمليات التصديرية التي تتم بها، ونفس الأمر فيما يخص الصادارات إلى السودان، وأيضًا العلاقات القائمة بين مصر وفلسطين، ذلك إلى جانب الصادرات البحرية التي من الممكن أن تصل إلى السعودية، حيث تعد الاستثمارات السعودية المتجهة إلى منطقة نيوم تعد فرصة حقيقية لمصر لتصدير بعض منتجاتها، كل هذه المعطيات من شأنها خلق نقاط ساخنة -Hot Points- تتميز بوجود نشاط لوجيستي عنيف، فإذا نجحنا في خدمة هذه الجوانب سيؤدي ذلك إلى توافر منتج استثماري جيد للغاية.
أحمد رضوان: ماذا عن المستجدات الخاصة بمحطات تحلية المياه؟
أيمن سليمان: محطات تحلية المياه قاب قوسين أو أدنى للخروج إلى النور، حيث ينحصر الأمر حاليًا بمرحلة المفاوضات النهائية.
أحمد رضوان: هل يعني ذلك وجود أحد العوائق يجري التفاوض بشأنه؟
أيمن سليمان: لا علاقة للأمر بالعوائق، يجري السعي لتحقيق مصلحة الدولة والتي تكمن في الوصول لأفضل سعر منافس للمتر المكعب من المياه.
أحمد رضوان: أتقصد أنه يجري التفاوض بشأن التسعير؟
أيمن سليمان: نعم، يجري الانتهاء من المفاوضات النهائية في هذا السياق.
أحمد رضوان: هل يمكن تقديم مزيد من التفاصيل في هذا الشأن؟
أيمن سليمان: منظومة تحلية المياه تأتي في ضوء توجه الدولة المصرية لتحلية مياه البحر وذلك استنادًا للحاجة إلى مياه محلاة، حيث سيتم استبدال بعض الموارد المائية، وتوجيه هذه الموارد التي سيتم تحريرها إلى الزراعة، على أن تتم تلبية احتياجات المدن الجديدة والتوسعات العمرانية وبعض المدن القائمة بواسطة المياه التي تمت تحليتها، وحتى يتم الاستبدال يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هذا النوع من المياه يعد الأغلى، لأنها تتم وفقًا لأعلى مستوى من المعالجة حيث تتم معالجتها من مستويات الملوحة المرتفعة، لتحويلها إلى مياه صالحة للشرب.
لذا من الضروري تقليص التكلفة، نظرًا لكونها عبئًا كبيرًا على الدولة، كما أن هناك جزءًا من الدعم يدخل في تكلفة المتر المكعب من المياه، فمحفظة الدولة المصرية من المياه المحلاة ستزيد، وحتى يتم ذلك يجب أن تتم الزيادة على أفضل سعر وكذلك الأقل في العالم، لا سيما أن المياه تتسم بكونها أحد أهم العناصر الحيوية لأي شعب، ونظرًا لكونها مصدرًا حيويًّا وليست أحد الجوانب الرفاهية، لذلك من الضروري أن تتم بتكلفة منافسة جدًّا، وتتلاءم مع حجم الطلب الضخم الموجود في مصر.
وحتى يتم تقليص تكلفة تحلية المياه ومعالجتها، سيتم ذلك باستخدام الطاقة المتجددة نظرًا لانخفاض تكلفة الكهرباء به، مما يخفض التكلفة بشكل عام حيث إن الكهرباء تتسم بكونها مكونًا رئيسيًّا في هذه العملية.
ياسمين منير: أريد أن أوجه سؤالي للأستاذ باسل الحيني.. تحدثنا في الجزء الأول من صالون حابي عن الخطوط العريضة الخاصة بخططكم التوسعية خلال الفترة القادمة، وقد قمت بالإشارة إلى أن شركتك تعمل كمؤسسة مالية تستهدف التوسع في هذا الإطار بشكل أكبر، كما تحدثنا أيضًا عن صفقة بالقطاع المالي غير المصرفي من المحتمل حدوثها، وكذا تطرقنا إلى إمكانية التقدم للحصول على رخصة جديدة.
هل ممكن أن تشهد الفترة القادمة توجه شركة مصر القابضة للتأمين للاستحواذ على بنك استثمار قائم من الكبار بالسوق المصرية، أو الاستحواذ على بنك تجاري مثل الصفقة التي نفذتها المجموعة المالية هيرمس بالشراكة مع الصندوق السيادي؟
اما الشق الثاني من السؤال فهو مرتبط بالاستثمار المباشر، فقد تحدثت معنا في هذا الإطار عن قطاعي التعليم والصحة، لذا نود معرفة ما إذا كانت هناك قطاعات استراتيجية أخرى مستهدفة تدعم التوجهات الاستثمارية لشركتكم خلال الفترة القادمة؟
باسل الحيني: ردًّا على السؤال الأول، أرى أن مصر لا تحتاج إلى بنك استثمار جديد، لذا لن نلجأ لإقامة بنك استثمار في أي وقت من الأوقات، وفيما يخص بالاستحواذ في الوقت الحاضر فهو يجب أن يكون على أحد الجوانب التي تؤدي إلى التكامل أو التنويع للمنتجات والخدمات المالية التي تقدمها الشركة بالسوق، ولا نرى أن البنك الاستثماري تحديدًا أو الخدمات التي يقدمها هي التي ستؤدي إلى التكامل المستهدف في الخدمات المالية بالسوق.
فالخدمات المالية المباشرة هي الهدف الذي نسعى إليه، خاصة في مجالات مثل التأجير التمويلي والتمويل متناهي الصغر، فخدمات التمويل بشكل عام هي الأهم لنا، لذا فان التوسع الذي نعتزمه بالخدمات المالية سيكون في هذا السياق، وليس في مجالات الاستشارات كالبنوك الاستثمارية وما يشبهها.
إقدام الحكومة أحد أهم مقومات تشجيع القطاع الخاص.. والشراكة تعزز دور الطرفين
وفيما يخص السؤال الثاني، أؤكد على كوننا منفتحين على القطاعات كافة، ولكن فيما يتعلق بالبنوك التجارية تحديدًا أود التنويه إلى أن الشركة لديها مساهمات في عدة بنوك، يصل عددهم إلى 4 أو 5 تقريبًا، علمًا أن بعض هذه المساهمات تتسم بكونها فاعلة، وهذا لا يعني أنها مساهمة بحصة الأغلبية، ونرى أنه من الأفضل أن يقوم كل طرف بتقديم ما يفهمه أو الأشياء القريبة من ذلك.
وفي رأيي، القطاع المصرفي لا يحتاج إلى مستثمرين جدد من خارجه، وقد تتجه الشركة للتوسع بمساهمتها في أحد البنوك في المستقبل القريب، بهدف خدمة هدف محدد، كما من المحتمل أيضًا التخارج من أحد البنوك، علمًا بأن التخارج لم يكن أمرًا واردًا بخطط الشركة على مدار السنوات السابقة، ولكن من بعد أن توليت المسؤولية أصبحنا نفكر في التخارج مثل أي مستثمر رشيد، لذا فإن الخروج من أحد الاستثمارات و الدخول بغيرها أمر وارد حدوثه، وقد يتم سماع أخبار متعلقة بهذا في المستقبل.
والتركيز على قطاعي التعليم والصحة تحديدًا يرجع إلى ما يمثلونه من أهمية كبيرة للدولة، علمًا بأن الشركة لم يكن لها دور في هذه القطاعات سابقًا، لذا جاء التفكير في إضافة هذه القطاعات والتوسع بها، على غرار التوسعات التي قامت بها الشركة مؤخرًا على صعيد تمويل الـ SME’s، وكذا المستهدفات الخاصة بريادة الأعمال، في حين أن قطاعات مثل الصناعة والتجارة والسياحة تعد قطاعات تقليلدية كما أن الشركة متواجدة بهم فعليًّا، حيث إن الشركة متواجدة في القطاعات كافة، من خلال مساهمات في أكثر من 200 شركة، لذلك لا يوجد ما يدفعنا للإعلان عن أمر جديد يمكن ذكره بهذه القطاعات.
اللوجيستيات هي المجال الذي من المتوقع أن تستحوذ على جانب من اهتمام الشركة خلال المرحلة القادمة، نظرًا لعدم تواجدها في محفظة الشركة الاستثمارية، كما أن الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا الملف والذي أسهب الأستاذ أيمن سليمان في الحديث عنه يحفزنا للتواجد بهذا النشاط.
قطاع اللوجيستيات من الممكن أن يستحوذ على بعض الاهتمام من المجموعة في الفترة المقبلة
أما فيما يخص القطاع الخاص، أود الإعراب عن سعادتي بوجود توجه لصياغة وثيقة لزيادة دور القطاع الخاص، ما يجعل هذا الأمر شبه موثق، وبالتالي يضفي طمأنينة وراحة بعد كل ما أثير حول هذا الأمر، ولكن أود الإشارة إلى أن القطاع الحكومي في بعض الأحيان يلعب دورًا مؤثرًا في تشجيع القطاع الخاص، وهذا الأمر نتحدث فيه حاليًا مع مؤسسة التمويل الدولية IFC، التي تمثل الذراع التابعة للبنك الدولي الذي لا يتحدث إلا مع القطاع الخاص فيما يتعلق بالتمويل، وهذا لا ينفي تقديمهم خدمات استشارية لكل الجهات ولكن الغرض الأساسي من نشأته هو خدمة القطاع الخاص.
فقد شهدت المناقشات الأخيرة التي أجريتها معهم الحديث حول أنهم سيكونون أكثر قدرة على الوصول إلى القطاع الخاص وخدمته بصورة أفضل في عدة دول مثل مصر، من خلال التعاون مع المستثمر الحكومي، حتى يكون بمثابة القاطرة التي تدفع القطاع الخاص للأمام، لا سيما أن مناخ الاستثمار المطلوب في مصر يحتاج إلى هذه التجربة المتمثلة في قيام القطاع الحكومي بالبدء في أحد الأنشطة أو الاستثمارات، استنادًا إلى الإمكانيات المتاحة لديه والتي ينقصها الشق الخاص بالإدارة، ومن ثم يتم جذب القطاع الخاص خلفه في هذا الإطار مثلما يفعل صندوق مصر السيادي حاليًا.
وقد تم حثهم على التعاون مع القطاع الحكومي في هذا الإطار، وبالفعل لقيت هذه المناقشات صدى جيدًا من المسؤولين عن المنطقة، وأكدوا اعتزامهم رفع مذكرات حول هذا الشأن للإدارات العليا.
فأنا أقول إن القطاع أو المستثمر الحكومي عندما يكون قويًّا ورشيدًا ولديه تجارب سابقة جيدة ويتبنى خططًا واستراتيجيات في موضعها الصحيح يكون ذا أهمية كبيرة، وقد يكون هو المدخل للقطاع الخاص، فرأس المال جبان بطبيعته سواء كان حكوميًّا أو تابعًا للقطاع الخاص، ولكن كلما كان رأس المال خاصًّا بشخص يجعله ذلك أكثر حرصًا، كما أنه يفضل وجود من يشجعه ويحفزه، وهو ما يعكس أهمية قيام الحكومة بهذا الدور وبتمهيد الطريق له.
وأرى أن في ضوء هذه الوثيقة المتميزة الجاري إعدادها لدعم القطاع الخاص، يجب الأخذ بعين الاعتبار أن أحد أهم مقومات تشجيع القطاع الخاص هو أن تكون الحكومة مقدامة، وقد ذكرنا خلال مناقشتنا في صالون حابي أن الحكومة أقامت محطات برأس مال حكومي مثل محطات تحلية المياه وغيرها من المشروعات الضخمة خاصة في مجال البنية الأساسية، لذلك تبرز أهمية التعاون في المشاركة بين القطاع الحكومي والخاص، وليس اتباع مبدأ إما تنفيذ هذه المشروعات بالكامل من جانب الحكومة أو تركها بالكامل للمستثمر، لذا يجب أن يثبت هذا الأمر في الأذهان خلال المرحلة القادمة والخاصة بتشجيع القطاع الخاص ومساندتهم والاستعانة بهم ولكن في الوقت نفسه عدم الاختفاء عن المشهد بشكل كامل.
رضوى إبراهيم: أستاذ باسل الحيني.. ذكرت خلال حديثك وجود احتمالية للتخارج من مساهمتكم في أحد البنوك، هل من الممكن أن يتم ذلك من خلال صفقة مباشرة مع مشترٍ للحصة المملوكة للشركة القابضة، أم سيتم ذلك في إطار خطة الطروحات الحكومية؟
باسل الحيني: تحدثت عن احتمالية التخارج من بنك ردًّا على سؤالكم الخاص بخططنا تجاه أنشطة بنوك الاستثمار والبنوك التجارية، لتوضيح أن الشركة لا تخطط للإقبال على امتلاك أو الاستحواذ على بنك، حيث إنه قطاع شأنه كأي قطاع آخر قد نتخارج منه، مثل التخارجات التي قامت الشركة بها على مدار السنوات الماضية، كما ستواصل الشركة التخارج خلال السنوات المقبلة في حال وجد دافع لذلك، ومن المؤكد أن ليس كل تخارج يرجع لعلة في الشركات التي يتم التخارج منها.
نتحدث عن التعليم والصحة تحديدًا لوجود احتياج لهما على مستوى الدولة ولم يكن لنا دور بهما في الماضي
وقد سُئلت في أحد الحوارات عن التخارجات التي قامت بها الشركة، ورفضت ذكر الأسماء خوفًا من أن يحسب البعض أن التخارج تم لمشكلة ما بهذه الشركات، وبالفعل تم التخارج من بعض الشركات لوجود مشكلات بها ولكن هذه ليست قاعدة يمكن تعميمها.
فلا أقصد القول بأن الشركة تعتزم التخارج من بنك، بل ما أعنيه هو أن هذا القطاع كسائر القطاعات الأخرى، ولكن الوقت حاليًا غير مناسب للدخول به، وهو ما لا ينفي في الوقت نفسه أنه قد يكون من المستهدف التوسع به في نطاق محدد لتحقيق أهداف بعينها، ولكن أيضًا قد يكون هناك تخارج، فهو أمر افتراضي، لذلك لا أعرف كيف يمكنني الإجابة على سؤالك لأني بالفعل لا أعلم.
رضوى إبراهيم: أي هذه السيناريوهات تفضل؟
باسل الحيني: الأمر لا يتعلق بالتفضيل، ولكن في ضوء المعطيات الحالية والمناخ العام بالوقت الحاضر يشيرون إلى أن ذلك الأمر لن يتم إلا من خلال البيع لمستثمر، وذلك بعد موافقة البنك المركزي المصري بالتأكيد، حيث إن مساهمات الشركة بالبنوك تتسم بكونها أكثر من 10%، وبالتالي التخارج لا يمكن أن يتم دون موافقة البنك المركزي، وأؤكد أن الطرح في البورصة أمر مستبعد في هذا السياق حيث إن ذلك ليس في صالح الشركة ولا المستثمر ولا البنك ولا المناخ الاستثماري بشكل عام.
منفتحون على جميع القطاعات وفيما يتعلق بالبنوك التجارية لدينا مساهمات فعالة في 4 أو 5 بنوك
أود التوضيح أن 90% من التخارجات التي تقوم بها الشركة تتم من خلال البيع لمستثمر، وذلك فيما عدا مرة واحدة التي تم الطرح خلالها في البورصة وتسييل جزء كبير من مساهمات الشركة على مراحل وفترات لأننا وجدنا فرصة معينة، ولكن النسبة الغالبة من التخارجات تتم من خلال قيام أحد المستثمرين بإبداء اهتمامه بأحد المساهمات التي لا يوجد لدينا ما يعوق التخارج منها، وعليه يتم التفاوض والاتفاق على البيع بسعر محدد، ومن ثم يتم السير بإجراءات الحصول على الموافقات اللازمة لبيع المال العام، وليس من خلال البورصة.
رضوى إبراهيم: أستاذ أيمن سليمان.. في ضوء انحيازكم الكبير للقطاع الخاص نود التحدث عن الاتجاه الذي تم اتخاذه فيما يخص شركتي وطنية وصافي والذي كان في الأساس يركز على التفاوض مع مستثمر استراتيجي بشكل مباشر.. وقد تفضلت خلال اللقاء بالكشف عن تحول في خطة التعامل مع شركة وطنية فبدلًا من أن كان التوجه نحو الطرح في البورصة مؤجلًا لمرحلة تالية أصبح الأقرب هو البدء به، إذا أصبت الفهم، فهل ينطبق هذا الأمر أيضًا على شركة صافي؟
أيمن سليمان: بالفعل نفس الأمر، إلا أن حجم شركة صافي يمثل تحديًا للبورصة، لذا يجب أن تكون جزءًا من كيان أكبر، وهو ما يعد أحد التحديات، وهنا أود التأكيد على أن الانحياز للطرح في البورصة لا يتعارض مع المستثمر الاستراتيجي، فالمستثمر الاستراتيجي يعد ركنًا أساسيًّا في الشركتين، حيث إن ذلك يضمن وجود مستثمر أساسي منوط بالإدارة في هذه الحالة، والتي سيكون بها مساهم الأغلبية هو صاحب حق الإدارة وهو الذي سيتم على أساسه الترويج لسهم الشركة للطرح في البورصة.
وبالتالي يكون مساهم الأغلبية أو المستثمر الاستراتيجي الذي سيضخ استثمارات في هذه الشركة هو من يقود خطط التوسع والنمو، وقد تم التوصل إلى الإطار التشريعي المناسب كما وجدنا شهية من بعض المستثمرين الاستراتيجيين بما يضمن تحقيق هذا الغرض والمتمثل في الاستعداد للطرح من البداية، في حين أن أغلبية المستثمرين كانوا يفضلون الاستحواذ أولًا والانتظار لمدة عامين أو ثلاثة قبل أن يتم الطرح في البورصة، وكذلك عدم التعهد بالطرح إلا في حال توافر ظروف السوق المواتية.
القطاع الخاص ينجذب في المجالات التي يزيد فيها الإنفاق الحكومي.. وجميع الفرص التي يروجها الصندوق معتمدة على خطط الدولة
فإذا كنت منحازًا اليوم للطرح في البورصة بشكل سريع، فبمجرد إيجاد مستثمر لديه القابلية للطرح في البورصة والترويج له من أول يوم، سيكون ذلك هو السيناريو الأمثل، حيث أؤكد أنه إذا تحقق هذا السيناريو وتوافرت كل المقومات الخاصة به، سيتم الانحياز له.
وتعقيبًا على ما ذكره الأستاذ باسل الحيني.. أود أن أضم صوتي له فيما يخص النموذج المشجع للقطاع الخاص، وإفريقيا بدأت في تقليد النموذج المصري الخاص بالشراكة مع الدولة، فالصندوق السيادي يضخ أمواله إلى جانب مستثمري القطاع الخاص للتأكيد على كون الدولة المصرية تستثمر وتراهن على نفس التوجه الذي تتبناه الشركة للنجاح بالسوق المصرية.
فيما يخص منصة التعليم، فإن التحالف الذي ضخ أول دفعة من رؤوس الأموال كان يضم مصر للتأمين والصندوق السيادي وبنك مصر، والذين يتسمون بكونهم كيانات مصرية تابعة للدولة، لقد تم سداد الدفعة الأولى من رأس المال، ومن ثم تم تجميع أموال من القطاع الخاص في الإغلاق المالي الأول، وهو ما يعكس أن الدولة بتقديم الدعم للاستثمار في البداية، ومن ثم تم جذب أموال القطاع الخاص، وهذا هو نهج العمل الذي نتبعه.
كما أن الوثيقة التي من المرتقب الإفصاح عنها والخاصة بدعم القطاع الخاص، ستتضمن قطاعات الدولة وستكون موجودة بها وستتيح للقطاع الخاص الدخول بها، وقطاعات ستوقف الدولة الاستثمارات بها، وقطاعات قد تتخارج منها، وذلك وفقًا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء، وهو ما يعكس أن جميع البدائل متاحة.
صافي يجب أن تكون جزءًا من صندوق أو كيان أكبر يستحوذ عليها أو تندمج مع شركة أخرى.. وهناك بديل آخر هو وجود مشغل قبل الطرح
فالقطاع الخاص عادة ما يفضل قراءة توجهات الدولة، وللعلم فإن كل الفرص الاستثمارية التي يتم الترويج لها بصندوق مصر السيادي تعتمد بشكل أساسي على توجهات الدولة، كما أن القيادة السياسية أصبحت تتحلى بمصداقية كبيرة لدى مجتمع رجال الأعمال، فلو صرحت الدولة أنها تخطط لتنمية 5200 قرية وخلق حياة كريمة، من المؤكد أن ذلك سينفذ على أرض الواقع، وهو ما أصبح الجميع يصدقه.
فإذا لاحظ المستثمر وجود إنفاق حكومي في أحد الجوانب حاليًا، يتم السعي وراءه وبحث سبل الاستفادة منه، فهو يمثل فرصة استثمارية، الأمر الذي من شأنه دفع عجلة النمو الاقتصادي، ولكن المرحلة القادمة ستشهد تبني الدولة لنفس التوجهات ولكنها ستكون في غنى عن دفع الأموال مقدمًا التي يتم ضخها في هذه الاستثمارات، فطالما أن الدولة أعلنت جديتها في توجه ما فان ذلك يعني إمكانية اتجاه القطاع الخاص لضخ استثمارات في جوانب الإنفاق التي تستهدفها الدولة، وهذا هو الدور الذي نسعى لتنفيذه.
فعلى سبيل المثال في ضوء توجه الدولة لإنشاء محطات تحلية مياه، فإن اتجاه القطاع الخاص للدخول في هذا الاستثمار سيكون مدعومًا بالثقة في الدولة وأنها ستقوم بشراء هذه المياه بالفعل، وذلك إيمانًا بأن الدولة ستنفذ التزاماتها التعاقدية، وهو ما يبرهن أن هذه الثقافة أصبحت مترسخة في الأذهان، لذا يجب أن نثمن هذه الثقة من خلال خلق فرص استثمارية تبنى على هذه الثقة الموجودة.
ياسمين منير: نود أن نفهم ما المقصود بأن شركة صافي ستكون جزءًا من كيان أكبر حتى تتمكن من الطرح في البورصة؟
أيمن سليمان: أقصد بذلك رأس المال السوقي، حيث توجد شروط خاصة بالحد الأدنى لرأس مال الشركات التي يتم إدراجها في البورصة المصرية، وحجم رأسمال شركة صافي ليس كبيرًا، ولا يؤهلها لتكون كيانًا مستقلًّا مدرجًا في البورصة، لذا إما أن تكون جزءًا من صندوق أو كيان أكبر يقوم بالاستحواذ على هذه الشركة، ومن ثم يقوم بالطرح في البورصة، أو أن يتم ذلك عن طريق اندماج مع كيان آخر حتى يتسنى لها الطرح، وأؤكد أن جميع هذه البدائل متاحة.
أساس التخارج من استثمارات الصندوق هو الطرح بالبورصة بما في ذلك كيانات التعليم واللوجيستيات والصحة والبنية الأساسية
ياسمين منير: هل كل هذه البدائل تحت الدراسة؟
أيمن سليمان: كل هذه البدائل قيد الدراسة، كما أن هناك بديلًا آخر تحت الدراسة وهو الذي يتمثل في أن يكون هناك مشغل وأن يتم تحويلها لشركة خاصة قبل أن يتم طرحها في البورصة، حتى تنمو وتصل إلى حجم الأعمال الذي يؤهلها للتواجد والطرح في البورصة.
ياسمين منير: تطرقت الندوة السابقة من صالون حابي إلى قدرة الكيانات التابعة للدولة على خلق قصة نجاح لسوق المال.. بأن تكون هناك شركات كبيرة الحجم قادرة على التواجد سواء عبر دمج كيانات ثم طرحها أو أن يتم استهداف تأسيس كيان قابض ضخم وطرحه في السوق.. ونرى أن الصندوق السيادي يتحلى بالمقومات التي تؤهله لخلق هذه الكيانات.. وقد تحدثنا عن محطة كهرباء سيمنس وشركة وطنية.. ما هي النماذج الأخرى من الأصول التابعة للصندوق أو المشروعات المستهدفة المرشحة لنفس الأمر خلال الفترة القادمة؟
أيمن سليمان: كل القطاعات المختلفة التي يتم الدخول وبناء محفظة استثمارية بها، جزء أساسي من خطة التخارج منها هو الطرح في البورصة، وهذا الأمر ينطبق على استثماراتنا في قطاع التعليم وغيره من القطاعات التي تم الاستثمار بها، حيث إن النموذج المستهدف في التخارج سيكون من خلال الطرح في البورصة.
ياسمين منير: هل هناك كيانات بعينها بخلاف محطة سيمنس وشركة وطنية يتم تجهيزها للطرح في البورصة؟
أيمن سليمان: كيانات التعليم، وكيانات البنية الأساسية، وأيضًا الكيانات اللوجيستية، فكل هذه الكيانات ستندرج ضمن شركات، فعلى سبيل المثال إذا تم إنشاء شركة قابضة لمستشفيات الرعاية الصحية، من المقرر أن تكون هذه القابضة قابلة للطرح فيما بعد، فالمستهدف في النهاية واحد.
أحمد رضوان: نشكر حضراتكم جدًّا، ونعلم أن الأسئلة لن تنتهى حتى وإن امتد اللقاء الى صباح اليوم التالي..
ونحمد الله على هذه الندوة التي نرى أنها ستفتح أمامنا سبلًا كثيرة لمناقشة محاور متعددة من التي طرحت فيها، فهناك الكثير من الأفكار التي تحتاج إلى مناقشات أوسع ومن المنتظر مناقشتها في الندوات المقبلة وكذلك الاستفادة من الفرص التي تم الحديث عنها، وربما يتم فرد مساحة خاصة للحديث عن وثيقة القطاع الخاص التي تم الإشارة إليها، لنتعرف على ما يطلبه القطاع الخاص من هذه الوثيقة، سواء على مستوى القطاعات الاستثمارية أو التشريعات.
وفي النهاية نشكر الأستاذ باسل الحيني رئيس شركة مصر القابضة للتأمين والعضو المنتدب، والأستاذ أيمن سليمان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، والمهندس إبراهيم سرحان العضو المنتدب لشركة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، كما أشكر زميلاتي ياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي ورضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، وأمنية إبراهيم نائب مدير تحرير جريدة حابي، كما أشكر جميع الزملاء خلف الكاميرات. وإلى لقاء قريب مرة آخرى في صالون حابي.