توقع كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة أليانز، محمد العريان، ألا تستطيع الأسواق العالمية والاقتصاد، الهروب من تبعات الحرب الروسية على أوكرانيا، وفقا لما كتبه في مقال لوكالة “بلومبرج”، اطلعت عليه “العربية.نت”.
واستشهد العريان بتصريح سابق للوزيرة الأولى في اسكتلندا، نيكولا ستورغون، حول وباء كورونا: “إذا كانت حياتك لا تزال طبيعية، اسأل عما إذا كنت تفعل الأشياء الصحيحة…”، والتي يراها فلسفة يمكن الاعتماد عليها لتقييم ردود الفعل الاقتصادية والسوقية على الغزو الروسي لأوكرانيا وما قد يأتي بعد ذلك.
وكتب أنه بشكل مأساوي، انقلبت الحياة رأساً على عقب بالنسبة لأولئك الذين كانوا يعيشون في أوكرانيا المسالمة قبل أيام قليلة فقط، وقال: “الآن بلدهم يتعرض لهجوم عسكري مكثف واحتلال زاحف، ويخشى الكثير على حياتهم، فيما أصبح آخرون لاجئين”.
ويرى أنه رغم أعمال المقاومة الشجاعة التي ألهمت الناس في جميع أنحاء العالم، فإن ذلك قد يدفع روسيا إلى تكثيف هجماتها، والسعي الكامل لتأمين السيطرة على جزء كبير من أوكرانيا؛ وكلما زاد ذلك، زادت صعوبة احتواء الأزمة وعكس الضرر الكبير على الأرض.
كما يرى، أنه كلما هاجمت روسيا أوكرانيا لفترة أطول وأكثر شراسة، كلما مالت كفة الغرب إلى الرد، وحتى في حال استبعاد المواجهة العسكرية المباشرة، فإن موجة أولية من العقوبات على روسيا لم تكف ودفعت الغرب إلى فرض المزيد من العقوبات الأكثر قوة، بما في ذلك استبعاد بعض البنوك الروسية من نظام المدفوعات الدولي SWIFT وفرض عقوبات على البنك المركزي.
ومن خلال ملاحقة قدرات المدفوعات الدولية لروسيا، يستهدف الغرب مركزاً عصبياً للنشاط الاقتصادي. وكتب العريان: “إذا تم تطبيقها بشكل شامل، فإن هذه الإجراءات الأخيرة لديها القدرة على شل الاقتصاد الروسي. لكنها تنطوي أيضاً على تداعيات وانتكاسات ستؤثر على الاقتصاد العالمي ونظام المدفوعات الخاص به”.
عواقب
في وقت يتعامل الغرب مع العدوان الروسي من خلال تصعيد إجراءاته، وهو ما يراه العريان أقرب احتمال، فإنه سيتعين عليه اجتياز مجموعة من العواقب التي تتجاوز حدود روسيا، التي ستعاني من الضرر الرئيسي.
وتوقع أن يتباطأ النمو ويزداد التضخم في جميع أنحاء العالم. كما من المرجح أن تواجه الشركات التي لديها أعمال تجارية في روسيا متأخرات متزايدة، وكذلك الدائنون الذين لديهم مطالبات مالية على كيانات روسية.
كما سيعاني أولئك الذين يعتمدون على الواردات من روسيا من اضطرابات في الإمدادات، وستكون هناك الكثير من الجهود المبذولة لبناء نظام مدفوعات بديل من جانب بعض الدول والتي وصفها العريان بـ “المشبوهة”، وإن كانت جزئية في أحسن الأحوال، للالتفاف على النظام الذي يهيمن عليه الغرب والمعمول به منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي حين أن التداعيات على الاقتصاد العالمي والعلاقات بين الدائنين والمدينين ذات تبعية، إلا أنها تستغرق وقتاً لتنتهي.
وعلى هذا النحو، قد تظل الحياة طبيعية في بعض الأوساط. لكن من غير المرجح أن يستمر هذا إذا انجرفت كل من روسيا والغرب إلى صراع أعمق، وفقاً لـ “العريان”.
ويرى أنه بالنسبة للأسواق المالية، فبالنظر إلى الطريقة التي أغلقت بها الأسبوع، يمكن أن يُعفى المرء من التساؤل عما إذا كان المستثمرون والمتداولون على دراية بالغزو المتزايد لأوكرانيا. إذ تعافت أسواق الأسهم الأوروبية والأميركية متجاوزة خسائرها اللحظية مع بدء العمليات العسكرية. كما لم تعد أسعار النفط تتداول فوق 100 دولار للبرميل، فضلاً عن أن سندات الأسواق الناشئة تجاهلت عدوى الأزمة.
وقال: “يمكن أن تُعزى مثل هذه الأسواق التي تبدو “طبيعية” إلى عدة عوامل، بما في ذلك مزيج من التقييم المنخفض، والأمل في ثني البنوك المركزية عن تشديد السياسة النقدية أكثر من اللازم والتكيف السلوكي طويل الأجل لشراء الانخفاض”. ومع ذلك، لن تكون هذه الحالة الطبيعية قادرة على الاستمرار لفترة طويلة إذا ساء الوضع في أوكرانيا، وإذا شلت العقوبات الاقتصاد الروسي، وإذا تصاعدت المتأخرات وإعادة هيكلة الديون، وإذا لم يتم احتواء التداعيات الاقتصادية والمالية على بقية العالم.
ما لم يكن المستثمرون واثقين من أن هذه الأمور الأربعة لن تحدث، فمن المستحسن أن يأخذوا في الاعتبار ملاحظة الوزيرة ستورغون.