منى بدير: محدودية الحيز المالي تقلل من قدرة الحكومة على تقديم مزيد من الدعم
السياسة النقدية لاتزال تيسيرية رغم الضغوط والتداعيات العالمية
باره عريان _ قالت منى بدير كبير المحللين الاقتصاديين في بنك الاستثمار برايم: إن دور الحكومة فى مساعدة القطاع الخاص فى الحفاظ على تكلفة الإنتاج، ينقسم إلى شقين، أحدهما مالى والآخر نقدى.
ونوهت إلى أن الشق المتعلق بالسياسات المالية يعد بمثابة حيز محدود، بل يكاد يكون معدوما خلال هذه الفترة، لاسيما فى ظل الارتفاع الذى يشهده عجز الموازنة، وهو ما يتزامن مع انخفاض الفائض الأولى.
وأوضحت أن الدعم الحالى متركز فى عدم اتخاذ الحكومة قرار برفع أسعار الكهرباء، وهو ما ساعد عددا كبيرا من القطاعات الصناعية كثيفة الاستخدام للكهرباء، إلا أن أسعار الغاز والبترول لم تعط هذه المساحة للحكومة لتتمكن من الحفاظ عليها، فبالعكس شهدت أسعار الغاز زيادة خلال الآونة الأخيرة، وذلك نظرا لأن الحيز المالى الذى يتيح للحكومة تقديم مزيد من الدعم من خلال السياسة المالية محدود.
أضافت إن معظم الافتراضات التى وضعتها الحكومة لأسعار السلع العالمية، وكذلك معدلات الفائدة التى تم تحديدها عند وضع مسودة الموازنة، اختلفت تماما سواء فيما يتعلق بأسعار القمح أو البترول، ومتوسط العائد على أذون الخزانة، حيث أن جميع هذه الجوانب فاقت التوقعات والتقديرات بالموازنة، وهو ما لا يقتصر على أزمة روسيا وأوكرانيا، بل جاءت هذه المستجدات فى وقت سابق لذلك، حيث كانت أسعار السلع العالمية تضغط على فاتورة الدعم بشكل كبير.
الحفاظ على مستويات سعر الصرف جزء من قدرة السياسة الداعمة للاقتصاد
ونوهت إلى أن اتجاه الفيدرالي الأمريكي لرفع أسعار الفائدة يعد أحد العوامل الذى بدأت تداعياته فى الظهور منذ نهاية عام 2021، إلا أن المؤشرات الرسمية بدأت تعكس تدفقات الأجانب فى أدوات الدين المحلية منذ الفترة المتمثلة فى سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، حيث كشفت المؤشرات عن انخفاض صافى حيازة الأجانب من أدوات الدين المحلية.
إما فيما يخص السياسة النقدية، فقد أكدت أنها على الرغم من جميع الضغوط، إلا أنها فى تقديراتنا لا تزال تيسيرية، حيث أن أسعار الفائدة لم تتحرك منذ آخر خفض لها بنهاية 2020، وذلك بالإضافة إلى قيام البنك المركزي المصري بتفعيل مجموعة من المبادرات التى تستهدف دعم القطاع الخاص، سواء الصناعى أو الزراعى، فضلا عن المبادرات الجديدة الخاصة بالصناعة.
وأشارت إلى أنه فى ضوء هذه المعطيات يمكن القول إن الدعم الذى ستتمكن السياسات الحكومية من تقديمه سيكون من خلال الحفاظ على السياسات النقدية التيسيرة قدر الإمكان، حيث أنه من المتوقع أن يأتى الوقت الذى قد يُجبر فيه المركزي المصري نتيجة التضخم والتداعيات العالمية، على أن يتجه لرفع أسعار الفائدة.
وقالت: “فى تقديراتنا .. نظرا لسعى المركزى للمواءمة بين اعتبارات النمو، وتكاليف الاقتراض، وكذا المحافظة على مستهدف التضخم، لذا فإن تحركات المركزى لن تكون عنيفة.. بمعنى أن التحرك الخاص بسعر الفائدة لن يكون كبيرا”، منوهة إلى أنه على الجانب الآخر فإن تحركات سعر الصرف تؤثر بصورة كبيرة على تكاليف الإنتاج، خاصة الصناعات المعتمدة على الواردات.
وترى أان جزءًا من السياسة التيسيرية الحالية يكمن فى أنه على الرغم من الضغوط الموجوده على سعر الصرف، إلا أنه لا يزال مستقرا، وهو ما يعكس وجود سياسة داعمة للاقتصاد المصرى والقطاع الخاص بشكل غير مباشر، حيث أن تغيرات سعر الصرف تتسم بكونها مربكة لجميع المؤشرات الاقتصادية، سواء للتضخم أو تكاليف التصنيع أو إعادة تقييم الديون، لذا فإن الحفاظ على مستويات سعر الصرف يعد جزءًا من قدرة السياسة الداعمة للاقتصاد إلى حد ما.