إيمان زكريا: المرأة تتحدى الصورة النمطية وتحقق المعادلة الصعبة بين العمل والأسرة

إسلام سالم _ قالت الدكتورة إيمان زكريا نائب رئيس قطاع الإشراف والرقابة على التمويل غير المصرفي بالهيئة العامة للرقابة المالية، إن المرأة تواجه بوجه عام مجموعة من التحديات بسوق العمل، من أهمها الصورة النمطية عن عدم قدرتها على الموازنة بين مهام عملها وواجباتها الأسرية، الأمر الذي يتسبب في إحجام الكثير من الجهات الحكومية والخاصة عن تعيين السيدات، مما يقلل من فرص المرأة في العمل وإثبات الذات، كما يؤثر في زيادة التمييز بين الرجل والمرأة في كل المزايا على أساس أن إنتاجيتها أقل من الرجل.

وأكدت زكريا لجريدة حابي، أن الوضع في الهيئة العامة للرقابة المالية عكس ذلك، حيث تخطت نسبة الإناث 52% من إجمالي العقود الجديدة بالهيئة، في حين تتمثل أبرز التحديات التي تواجه المرأة في نشاط التمويل غير المصرفي في مدى ملائمة المؤهلات العلمية والمهارات الشخصية للعمل بهذا النشاط.

E-Bank

وقالت زكريا “المتعارف عليه أن هذا النشاط يخص بالدرجة الأولى الرجال فقط منذ قرون عديدة ولكن في الواقع الآن أثبتت المرأة وجودها بكافة المجالات وخاصة المجالات التمويلية، فالمرأة قادرة على أن تكون من أهم الكوادر في هذا القطاع وتستطيع كسر جميع الحواجز التي تعوقها، بعد أن طورت مهاراتها ومؤهلاتها بالدورات التدريبية وحصلت على درجات علمية عالية بمجال التخصص، كما حافظت أيضًا على التوازن بين العمل والحياة وحققت المعادلة الصعبة عبر القيام بأداء متميز ومتقن على صعيدي العمل والأسرة “.

وأكدت زكريا أن المرأة أثبتت وجودها في المحافل الدولية وعلى الأخص بمجال التمويل غير المصرفي، مستشهدة على سبيل المثال لا الحصر بأن أكبر منظمة دولية لنشاط التخصيم والتي تضم كبرى البنوك في أوروبا والولايات المتحدة وشرق آسيا، ضمت مؤخرًا في مجلس إداراتها دعاء حافظ التي تعد أول سيدة مصرية وإفريقية تتولى هذا المنصب، ما يدل على مدى كفاءة المرأة المصرية وقدرتها على الإدارة والعمل في هذا المجال.

وأشارت إلى وجود العديد من القيادات النسائية البارزة بمجال التمويل غير المصرفي، حيث تولت هالة بسيوني قيادة أولى شركات التمويل العقاري عام 2004 من خلال منصب العضو المنتدب للشركة المصرية للتمويل العقاري، كما تولت رئاسة أول جمعية للتمويل العقاري عام 2006، وكذلك ترأست لبنى هلال مجلس إدارة الشركة الوحيدة لإعادة التمويل العقاري، وتولت شاهيناز رشاد رئاسة أول جمعية للتأجير التمويلي، كما ترأست عزة غازي أول جمعية للوكلاء العقاريين.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأشارت زكريا إلى وجود أدلة واضحة على حدوث تأثير إيجابي على أداء الشركات نتيجة انضمام سيدات بمجالس الإدارة ومناصب الإدارة العليا، كما أثرت في خفض نسبة المعاملات المالية التي تنطوي على مخاطر مرتفعة، موضحة أن ذلك جاء في إطار تحليل المخاطر التي تعرضت لها الشركات خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008، والتي أثبتت أن النساء لديهن قدرة أكبر على حساب المخاطر ووضع خطط بديلة، ولفتت إلى افتقار النماذج المثالية التي يحتذى بها في ظل تصوير أغلب الوسائل الإعلامية للمرأة على أنها كائن ضعيف لا يعتمد عليه، مشددة على أن هيئة الرقابة المالية قامت بتدعيم القيادات النسائية بالقطاع المالي غير المصرفي عبر تقديم نماذج نسائية ناجحة ولديها إنجازات حقيقية على أرض الواقع لتمثل مصدر إلهام لغيرهن من السيدات، لذلك تم إعلان مسابقة للقيادات النسائية الأكثر تميزا لعام 2020 بالأنشطة المختلفة التابعة لإشراف الهيئة، مثل سوق المال، والتأمين، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي، والتخصيم، والتمويل متناهي الصغر، وتم اختيار 9 فائزات وتكريمهن في فبراير 2021.

وأشارت إلى أن المضايقات والتمييز والتحرش داخل العمل ضمن التحديات التي تواجه المرأة بسوق العمل، مشيرة إلى أن هذه ظاهرة نتيجة طبيعية للموروثات ووجود نزعة التمييز الجنسي سواء على صعيد المنزل بين الأبناء والبنات، أو من جانب أرباب العمل.

وشددت زكريا على ضرورة ممارسة الإنصاف الحقيقي في المعاملة والاهتمام للجنسين، والعمل على إزالة كافة أشكال التمييز بهدف تقليص تلك الفجوة القائمة، وأشارت إلى تم توقيع الميثاق الأخلاقي لمنع التحرش والعنف والمضايقات داخل بيئة العمل في مارس 2021، وتم إعداد هذا الميثاق بالتعاون بين هيئة الرقابة المالية ووزارة التخطيط والمجلس القومي للمرأة ومنتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا، وتم تعميم هذا الميثاق على جميع الشركات الخاضعة لرقابة الهيئة، كما قامت الهيئة بعمل حملة إعلامية وورش عمل ووضع لوحات إرشادية لشرح كيفية تفادي هذه الظاهرة وآليات التعامل عند التعرض لأي مشكلة، كما تم تشكيل لجنة مصغرة للمتابعة.

وأضافت: “أزمة كورونا أظهرت المعدن الحقيقي للمرأة العاملة وقوة صلابتها وأيضًا كفاءتها وقدرتها على العمل تحت أي ضغط أو ظروف، فرغم أن الدولة منحت لها إجازة مدفوعة الأجر إلا أنها كانت تزاول العمل بكل كفاءة وإتقان سواء من المنزل أو المكتب، كما ساندت زملاءها الرجال خاصة عند تعرض أحدهم للإصابة كانت تحل محلة في العمل”.

وعن مزايا وعيوب العمل مع فريق نسائي، أكدت أن المزايا تتمثل في العمل على إضفاء المرونة في العمل، والقدرة على كسب المواقف وحفظ التوازن الصحي بين العمل والحياة الخاصة، وكذلك الاتصال الفعال لجهود العمل التعاوني، والاستجابة السريعة والفعالة للعوامل البصرية واللفظية، والعمل بنزاهة وإتباع القواعد الأخلاقية عند ممارسة عملهن.

وأشارت إلى أن العيوب تتمثل في قلة ثقة بعض السيدات بأنفسهن رغم إمكانياتهن، وأيضًا تعرضهم الدائم للضغط النفسي والبدني في ظل وجود العديد من المسؤوليات الوظيفية والأسرية، وأيضًا تواكل بعض السيدات على الرجال في العمل نتيجة بعض الثقافات الخاطئة والموروثات.

وأكدت أن المرأة حققت مكاسب المكاسب متعددة خلال السنوات الاخيرة، من أهمها زيادة نسبة تمثيل في المناصب التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، ومقاعد البرلمان، علاوة على صدور تشريعات وقوانين لحماية حقوق المرأة، من ضمنها «قانون المواريث» والذي يقضي بعقاب الممتنعين عن سداد ميراث المرأة أو حاجبي أي أدلة تثبت حقها به، وكذلك توثيق الطلاق لحماية الأسر والأطفال من الأذى، وأيضًا تغليظ عقوبة التحرش لتصل إلى خمس سنوات.

وأشارت إلى تفعيل دور المجلس القومي للمرأة بشكل أكبر وقيامه بالكثير من المبادرات الهامة التي تهدف لمناهضة العنف ضد المرأة، وتمكين المرأة وتوعيتها بحقوقها والتواصل مع المرأة الريفية ومساعدتها في تفعيل دورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، لافتة إلى أن عدد الوزيرات بالحكومة الحالية يعد الأكبر في تاريخ مصر ويعكس المكاسب التي حققتها المرأة مؤخرًا.

وأوضحت أنه على مستوى النشاط، بلغت نسبة المرأة في قوة العمل بالهيئة نحو 33%، كما بلغت نسبتها بالوظائف الإدارية العليا نحو 35%، وتم زيادة نسبة تمثيل المرأة بمجالس إدارات الشركات الخاضعة لرقابة الهيئة لتصل إلى نحو 25% وذلك على مستوى أنشطة التمويل العقاري والتأجير التمويلي والتخصيم، و16% بمجال التمويل الاستهلاكي، علاوة على زيادة نسبة تمثيل المرأة في الإدارة العليا بشركات التمويل غير المصرفي بنسبه تتراوح بين 15 و20٪.

وعن أبرز مطالب المرأة قالت زكريا: “إتاحة الفرصة للسيدة العاملة لإثبات ذاتها، وتقديم الوعي الكامل لتغير الموروثات والثقافات القائمة على دونية المرأة وعدم قدرتها على التواجد في سوق العمل، وإصدار قوانين لمكافحة العنف الأسري، والمساوة الكاملة بين الرجل والمرأة.”

وأوضحت أنه رغم تحقيق بعض التقدُّم في معدلات الالتحاق بالتعليم للإناث والذكور إلا أن هناك بعض المجالات التي تعتمد على الرجال أكثر من الإناث، كما أن الموارد وحقوق الملكية تحد من قدرة النساء على بدء نشاط تجاري أو تنميته، فضلًا عن أنها تواجه عدة قيود ومُعوِّقات قانونية وتنظيمية ومجتمعية تُضعِف من ولاية المرأة وقدرتها على إدارة مثل تلك الأعمال.

 

الرابط المختصر