باره عريان _ قالت راندا النجار مسؤول إعلامي أول بصندوق النقد الدولي إن التحديات التي تواجه المرأة في سوق العمل اختلفت عن الماضي، لكن أغلب الدول حاليًا تسعى لإزالة الصعوبات التي تحول أمام دخول المرأة سوق العمل في ظل ما تتسم به من خبرة ورؤية واضحة وتفانٍ في السعي لإنجاح العمل والوصول للأهداف المطلوبة أولًا واثبات ذاتها ثانيًا.
وأضافت النجار لجريدة حابي أن الظروف والصعوبات التي تواجه المرأة في سوق العمل تختلف من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى، موضحة أن العقبات بدول الغرب تكمن في توفير أماكن لحضانة الاطفال نظرا لكونها باهظة التكاليف، وكذلك توفير الاشراف على المهام المنزلية والوجبات الغذائية للأسرة في ظل طول ساعات العمل.
فى حين ترى أن المرأة في الدول الناشئة تواجه تحديات مختلفة، من بينها صعوبة الوصول إلى مكان العمل لعدم توافر المواصلات، وعدم توافق مواعيد العمل مع المهام الأسرية، وكذلك قد تكون درجة التعليم أو التدريب المهني التي وصلت إليها المرأة لا تتوافق مع فرص العمل المتاحة.
وقالت النجار: “في عملي الذي يتركز مع الصحافة والإعلام، أجد أن المرأة مسيطرة على هذا المجال بشكل عام، وذلك رغم كونه يتطلب مرونة بالمواعيد والتواجد في أماكن مختلفة، بالإضافة إلى ضرورة الاطلاع الدائم على آخر المستجدات وأهم الاحداث”.
وأشارت إلى أن مجال الصحافة والإعلام مفتوح تمامًا أمام المرأة، وقد نجحت فى إثبات نفسها به على الوجه الأمثل، وذلك في مختلف الدول سواء المتقدمة أو الناشئة، لافته إلى وجود أمثلة عديدة لسيدات حققن نجاحات كبيرة وتفوقن في هذا المجال على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.
وأوضحت النجار أن جائحة كورونا أثرت سلبًا على بعض الإنجازات التي تم الوصول لها قبل هذه الظروف الاستثنائية، وخاصة فيما يتعلق بمليء الفجوة في المشاركة بسوق العمل بين الرجل والمرأة.
ولفتت إلى أن بعض الاحصاءات التي أجريت حول تأثير الجائحة على المرأة في سوق العمل وخاصة في أمريكا، كشفت عن خروج الكثير من السيدات من سوق العمل اثناء أزمة Covid 19، كما انهن لم يعدن إليه مرة أخرى، وذلك نتيجة لعدة أسباب، من أهمها عدم توفر الرعاية للأطفال في الحضانات، كما أن العمل الافتراضي عن بعد يمتد لساعات طويلة، مما أثر على قدرة المرأة على التوفيق بين التركيز على المنزل والاسرة ومهام العمل في ذات الوقت.
وقالت النجار: “رغم توافر إمكانية العمل عن بعد أو ما يسمى telework، إلا أن هناك بعض الوظائف لا يمكن أداؤها دون الخروج للعمل مثل التمريض أو الطب، كما قد يعاني البعض من عدم القدرة على الوصول لشبكة الإنترنت خاصة بين محدودي الدخل وسكان المناطق النائية”.
وأشارت إلى أن بعض الدراسات الصادرة من مراكز معلومات أرجعت عدم عودة المرأة لسوق العمل، إلى تفاوت في المستوى التعليمي الذي وصلت له المرأة مقارنة بالرجل، موضحة أن السيدات اللاتي لم يصلن لمستوى ما بعد التعليم الثانوي تأخرن في العودة لسوق العمل، وهو ما لا يمثل نسبة كبيرة ولكنها مؤثرة.
وحول مناخ المنافسة بين المرأة والرجل، أكدت النجار أن كل الدراسات تشير إلى أن الرجال يحظون بفرص أفضل من السيدات في سوق العمل، كما أن أجور المرأة تقع في الشرائح الاقل، لافته إلى حملة “me too “ أو “انا ايضا” التي نشأت في هوليود واستهدفت مساواة أجر المرأة بالرجل.
وقالت: “فيما يخص المنافسة عموما، من المؤكد أن الكفاءة ودرجة التعليم التي وصلت لها المرأة، وكذلك الخبرة، تمثل عوامل ذات أهمية كبيرة ومؤثرة “.
وترى النجار أن مزايا العمل مع فريق نسائي متعددة، نظرًا لوجود تفاهم متبادل للظروف، فضلًا عن أن كلًّا منهن تبذل كل مجهودتها لإنجاح العمل المشترك، إضافه إلى مساعدة زميلاتها على النجاح، منوهة إلى أن المنافسة في هذا الإطار تتجه كلها نحو هدف واحد متمثل فى نجاح أي عمل مشترك.
وأكدت أن هناك مكاسب متعددة نجحت المرأة في تحقيقها خلال السنوات الأخيرة، أهمها كسب احترام الجميع لما اثبتته من نجاح في جميع المجالات سواء العلمية أو الأدبية، فضلا عن الدعم الكبير الذي تحظى به حاليا، لافتة إلى أن جميع الدول باتت تدرك جيدا أهمية مشاركة المرأة في العمل، لاسيما وأنها تتمتع برؤية واضحة ومختلفة وكثير من الحكمة والخبرة والتفاني في العمل.
وقالت النجار: “المرأة سواء كانت أمًّا أو اختًا أو زوجة تتمحور أولوياتها حول الأسرة، وجميع الابحاث تشير إلى أن دخل المرأة عادة ما يكون موجهًا لتحسين ظروف أسرتها من خلال الإنفاق على التعليم أو الملبس أو والالتزامات المعيشية، وبالتالي فإن زيادة دخل المرأة وادخالها سوق العمل من شأنه التأثير إيجابًا على الأسرة والمجتمع ككل”.
وأكدت أن المرأة طرقت جميع المجالات دون استثناء، كما أنها هشمت السقف الزجاجي كما يقولون، مستشهدة بالمجال المالي والاقتصادي الذي شهد وصول سيدات كثر لأعلى المراكز مثل جانت يلين وزيرة المالية الأمريكية، وكريستين لاجارد أول سيدة تدير البنك المركزي الأوروبي، وكريستالينا جيورجيفا أول سيدة من دولة ناشئة تدير صندوق النقد الدولي، وكذلك أنجوزي أوكونجو أيويلا المدير العام لمنظمة التجارة العالمية.
ولفتت إلى أنه رغم وجود تغيير ملموس ومكاسب واضحة حققتها المرأة، إلا أنه لا يزال هناك المزيد من المعاونة والمساعدة المطلوبة خاصة بعد فقدها لبعض المكتسبات التي كانت حققتها قبل الجائحة.
وحول خططها ومستهدفاتها خلال 2022، أكدت النجار أن كل عام جديد يكون مصحوبًا بالتفاؤل والأمل ليكون أفضل من سابقه، مشيرة إلى أن الجميع شهد مصاعب كثيرة منذ بداية عام 2020 نتيجة تداعيات جائحة وباء كورونا، لذا تأمل أن يشهد العام الجاري نجاح العالم فى السيطرة علي الجائحة والعودة نسبيًّا إلى حياة اكثر طبيعية، الأمر الذي من شأنه إحداث تحسن في الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للجميع.