صناعة رواد الأعمال محور اللقاء الرابع من صالون حابي.. الجزء الأول

aiBANK

شهد اللقاء الرابع من الصالون الشهري الذي تنظمه وتستضيفه جريدة حابي، مناقشات وشروحًا واسعة حول وضع صناعة ريادة الأعمال في مصر وسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والفارق بينهما في عدد واسع من العناصر والمحددات.

شارك في اللقاء خبرات وتخصصات مختلفة، يتمتع كل منهم بتجارب وأدوار مؤثرة في هذه الصناعة المهمة، وهم: كريم هلال رئيس شركة سيكونس فينشرز، وأحمد عيسى الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجاري الدولي، ووليد حسونة الرئيس التنفيذي لقطاع التمويل غير المصرفي في هيرميس ورئيس شركة فاليو، ومحمد عكاشة الشريك المؤسس في صندوق ديستربتيك، وعمر صالح الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة خزنة.

E-Bank

وإلى جميع تفاصيل ما دار في اللقاء الرابع من صالون حابي والذي عقد تحت عنوان «صناعة رواد الأعمال»..

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم.. أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي.. لقاؤنا اليوم أعتقد يهم شريحة كبيرة من المجتمع المصري، بداية من الراغبين في تأسيس مشروع، أو من يسعى للتوسع في مشروعه القائم، وكذلك من يتطلع للتغيير.

ويجمع صالون حابي في هذا اللقاء مجموعة من الخبرات التي ستفي بالإجابة عن جميع التساؤلات التي تدور في ذهن كل من يفكر فعليًّا في اتخاذ خطوة في اتجاه أن يكون رائد أعمال.

وضيوفنا بهذا اللقاء هم: كريم هلال رئيس مجلس إدارة شركة سيكونس لرأس مال المخاطر، وأحمد عيسى الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجاري الدولي، ووليد حسونة الرئيس التنفيذي لقطاع التمويل غير المصرفي في المجموعة المالية هيرميس، ورئيس شركة ڤاليو، ومحمد عكاشه الشريك المؤسس لصندوق ديستربتيك المخصص للاستثمار في التكنولوجيا المالية، وعمر صالح الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة خزنة.. أهلًا وسهلًا بحضراتكم.

كريم هلال.. في البداية سأطرح سؤالًا عامًّا بعض الشيء حول: هل بيئة ومناخ العمل في مصر مواتية لصناعة رواد أعمال بسهولة ويسر؟ وهل رواد الأعمال في مصر من السهل عليهم النمو بشركاتهم؟

كريم هلال رئيس مجلس إدارة شركة سيكونس لرأس مال المخاطر

كريم هلال: أرى من ناحية السهولة أن الأمر ليس سهلًا، ولكن هل بيئة العمل مناسبة لحدوث طفرة في ريادة الأعمال وإنشاء شركات و start-ups، فالإجابة نعم فالبيئة مناسبة جدًّا.

وترجع عدم السهولة كي نكون صرحاء إلى أن كل ما يتعلق بمناخ الاستثمار والأعمال في مصر يتسم بأنه صعب، فنحن نتميز بكوننا نجعل الأمور أصعب، مثل ظواهر البيروقراطية التي تمتد إلى كل المستويات، إلا أن الأمر المشجع هو أنه خلال فترة قصيرة للغاية بدأت تظهر تجمعات وتحركات وكيانات، وتشريعات أيضًا تهتم أو تنصب على كيفية تشجيع الشباب على وجه الخصوص في مجال ريادة الأعمال.

كريم هلال: البيئة في مصر مواتية لطفرة في ريادة الأعمال رغم عدم سهولتها

وبدأت تظهر بعض مكونات منظومة الدعم، خاصة فيما يتعلق بتوفير التمويل من خلال الوكالات وشركات رأسمال المخاطر وما غيرها، وبالطبع أسفر ذلك عن دفعة كبيرة جدًّا من الدولة بصورة عامة، وخاصة في ظل مبادرة المركزي مع البنوك، مما يبرهن على أن العملية أصبحت تحت الأنظار كما يقال، وهو ما تجلى فعليًّا في حدوث حراك ملحوظ.

وشهدت الأسابيع القليلة الماضية، إطلاق عدة صناديق ومبادرات خاصة بالتمويل، سواء للمشروعات الصغيرة والمتوسطة – SME’S، وكذلك رواد الأعمال في مجالات التكنولوجيا، لذلك أرى أن الأمر ليس سهلًا، ولكن هناك مؤهلات، وأعتقد توجد بوادر إيجابية من شأنها المساعدة في تحسين الوضع.

أحمد رضوان : أحمد عيسى.. صناعة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وهنا لا أقصد كونها صناعة قطاعية بعينها بل كونها تقوم على صناعة رواد الأعمال بكل ما يرتبط بهذا المصطلح من قواعد وتشريعات وجماعات مصالح وخلافه.. هل كل الأدوات متوفرة لأي فرد ليتمكن بسهولة من تحويل فكرته إلى واقع ويكون قادرًا على إيجاد التشريعات التي تتيح له معرفة الحوافز التي سيحصل عليها، وكذا الالتزامات التي سيواجهها، أم أن الوضع يختلف عن ذلك؟

أحمد عيسى الرئيس التنفيذي لقطاع التجزئة المصرفية بالبنك التجاري الدولي

أحمد عيسى: أشكركم في البداية على هذه الدعوة الكريمة.. وأتشرف بالتواجد ضمن هذه المجموعة المتميزة.

أريد أن أفرق في نقطة هامة جدًّا بين الشركات أو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، فهناك شركات SME’S قد يواصلون عملهم في هذا الحجم للنهاية، في حين نلاحظ وجود رواد أعمال من الممكن أن يصبحوا كيانات رائدة وشركات تسود العالم خلال أعوام قليلة من إنشائها.

أحمد عيسى: يجب التفرقة جيدًا بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال

في الحقيقة، أرى أن البيئة المنظمة للشركات الصغيرة والمتوسطة يجب أن تكون منفصلة عن البيئة المنظمة أو التي ترعى وتنشأ خلالها شركات ريادة الأعمال، فمن الضروري أن يتم النظر للأخيرة بشكل مختلف عن البيئة الخاصة بالـشركات الصغيرة والمتوسطة SME’S.

فكما ذكرت، لدينا في البنك التجاري الدولي لدينا نحو 70 ألف عميل من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهذا العدد ينمو بمعدل 1500 عميل شهريًّا، في حين أن عددًا قليلًا جدًّا منهم هو من يرغب أن يصبح من الشركات الكبيرة.

أحمد رضوان: هل يرجع الأمر إلى الإرادة؟

أحمد عيسي: لا، هناك جوانب متعلقة بنموذج الأعمال وطبيعة الشركة وكذلك طبيعة النشاط، فليس من الضروري أن تحقق كل الشركات حجم مبيعات يصل إلى 200 مليون جنيه ومليار و10 مليارات و100 مليار.

البيئة المنظمة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يجب أن تختلف عن صناعة رواد الأعمال

فهناك صناعات أو شركات أو قادة أعمال بهذه الشريحة.. ونحن لدينا قسم صغير نطلق عليه نمو growth، فالنمو اختيار، وهناك شركات عائلية يتعامل البنك معها ويفخر بخدمتها، ومنذ عشرات السنين هم عملاء للبنك لكنهم يفضلون البقاء تحت مستوى 200 مليون جنيه مبيعات، مما يؤكد أن ذلك اختيار.

وبالعودة إلي سؤالك الأساسي حول البيئة المنظمة، عادة ما أفضل النظر إلى خطوط التقاطع -trim lines-، و مما لا شك فيه أن خلال الآونة الأخيرة أصبح الوضع مواتيًا جدًّا للشركات الناشئة أو رواد الأعمال، فهناك اهتمام كبير من المنظمين والعاملين، وكذلك الممولين من شركات رأس المال المخاطر الأجنبية للاستثمار في الشركات الناشئة المصرية؛ لأن باختصار مصر لديها ثروة من المعلومات، ودائمًا ما ترتبط الشركات الناشئة أو رواد الأعمال بكم المعلومات التي يمكن جمعها عن عملائها وكيف يمكن تحقيق دخل منها.

مبادرات البنك المركزي ساهمت في وجود شركات المدفوعات التي نعتمد عليها كليًّا في التحصيل

ومصر بالتأكيد من الدول الجاذبة جدًّا لنشأة رواد الأعمال، وتحولهم من شركة وليدة بالأمس إلى شركة تحقق مبيعات قدرها مليار دولار أو أن تتخطى قيمتها السوقية هذه القيمة، وكما ذكر كريم هلال لا يوجد أمر سهل، ولكن من المؤكد أن مصر تتمتع بميزة تنافسية كبيرة للغاية بين الدول المشابهة لها حول العالم كي تصبح بيئة حاضنة وجيدة لصناعة رواد الأعمال، وهذا الأمر يختلف عن مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة- SME’S- والتي تتسم بجوانب أخرى يمكن الحديث عنها في موضع آخر.

أحمد رضوان : وليد حسونة.. هل يمكن إطلاعنا كم كانت الأمور واضحة فيما يتعلق بالحوافز التي تقدمها الحكومة للبدايات أو للمشروعات ذات الطبيعة المختلفة، خاصة أن تجربة شركة ڤاليو اتسمت بكونها جديدة على مستوى النشاط؟

وليد حسونة الرئيس التنفيذي لقطاع التمويل غير المصرفي في المجموعة المالية هيرميس ورئيس شركة ڤاليو

وليد حسونة: دعني أقول بمنتهي الصراحة أن تجربة ڤاليو لم تكن لتتم إلا في ظل وجود نظام داعم، فالفرق بين ما قامت به ڤاليو وشكل السوق قبلها، يكمن في أنه لم يكن أحد قد استغل نظام الدعم الموجود، وكانت كل المحاولات التي تقوم بها الشركات التي تعمل في مجال التقسيط آنذاك تتمثل في بذل مجهود إضافي من جانبها، سواء في عملية التعاقد مع العميل أو فيما يخص تحصيل الأقساط.

وليد حسونة: تجربة فاليو لم تكن لتنجح لولا وجود نظام ومناخ داعم في مصر

ما قمنا به هو استغلال وجود نظام دعم ضخم للغاية، وأول نظام دعم تم استخدامه كان الاستعلام الائتماني عبر شركة I score، فلم يستفِد أحد من هذه الشركة في التقسيط قبل ذلك بخلاف البنوك، فلم يكن من العادي أن تقرر شركة استخدام استعلام I score كجزء من قرارها الائتماني، فكان من الممكن النظر إلى ذلك في حال وجود أسباب تنظيمية، ولكن ليس بهدف القرار الائتماني، وعليه فإن أول نظام داعم بالشركة كان I score.

أما نظام الدعم الثاني، فتمثل في المبادرات الكبيرة التي طرحها البنك المركزي المصري قبل إطلاق شركة ڤاليو، والتي أدت لوجود شركات مدفوعات بالسوق المصري، والتي يتم حاليًا الاعتماد عليها كليًّا في تحصيل الأقساط، فقد تم الاعتماد آنذاك على شركة فوري، إضافة إلى الاعتماد أيضًا على شركة ناشئة وهي باي موب – Paymob -، علمًا أن الشركتين لم تكونا لتعملا إلا في ظل وجود مظلة البنك المركزي المصري، التي من شأنها حماية الشركتين، أو تنظيم العمل معهم.

فعند التفكير في الأمر نجد أن ڤاليو هو نموذج يشبه «Buy now pay later» العالمي، وقد استخدمت تعبير يشبهه فهو لا يماثله، وذلك حتى نتمكن من الموازنة بين النمو وتحقيق الإيرادات، فأزمة أغلب التطبيقات المثيلة العالمية تكمن في عدم قدرتهم على تحقيق أرباح، وذلك على الرغم من القيمة المرتفعة التي تتسم بها هذه الشركات مثل Afterpay و Zip و Klarna، كما أن أول شركتين تم ذكرهما تتسمان بكونهما مطروحتين بسوق المال وليستا ملكية مغلقة.

آي سكور كانت أول نظام دعم واستخدمناه في القرار الائتماني بعمليات فاليو

فما تم الاعتماد عليه في إنشاء ڤاليو هو تمصير نموذج العمل العالمي بهذا المجال، واستغلال قاعدة البيانات المتاحة لدى شركة I score كبداية، وبالطبع حاليًا تم إضافة قدر كبير من البيانات التي تمكنت الشركة من جمعها على مدار السنوات الثلاث أو الأربع الماضية، لكن البداية لم تكن لتحدث دون هذه المعطيات.

لذا تم الاعتماد على شركة I score والتي تعمل تحت مظلة البنك المركزي المصري والبنوك المصرية مساهمة بها، وكذلك تم الاعتماد على شركتي فوري، و paymob خلال الفترة الأولى من عمل الشركة، وبالتعاقد مع هذه الشركات الثلاث أصبحنا قادرين على تقديم نموذج الأعمال ذاك.

بعد ذلك حدث تطورات كبيرة جدًّا بالسوق، أولها أن نموذج العمل الذي تم تطبيقه أدى إلى إصدار قانون التمويل الاستهلاكي، وكنا نتحدث قبل بداية الصالون أن قانون التمويل الاستهلاكي الخاضع للهيئة العامة للرقابة المالية منح فوائد كبيرة لشركات التقسيط، والتي بدأت تتفادى ضريبة القيمة المضافة، ففي النموذج القديم كانت الشركات تقوم بشراء بضائع، ومن ثم يتم إعادة بيعها للعميل، وهو ما لم يعد موجودًا وبالتالي لم تعد تخضع لضريبة القيمة المضافة كأي عملية مالية، وهو ما يعد نظام دعم مقدمًا من هيئة الرقابة المالية.

الخضوع للرقابة المالية أو للبنك المركزي يعزز فرص التمويل

ويتمثل عنصر الدعم الرابع في أن نموذج العمل الخاص بنا يطلق عليه On lending model، بمعنى أنه يتم اقتراض أموال من البنوك ومن ثم يتم إعادة إقراضها للأفراد، لذلك إذا كانت البنوك غير متعاونة لن أكون قادرًا على تقديم هذا النموذج، نظرًا لعدم وجود موارد مالية أخرى سوى ضخ رأسمال، والذي إذا تم ضخه ستكون العوائد عليه قليلة للغاية، ولكن على العكس نلاحظ أن البنوك المصرية مهتمة بتمويل نماذج الأعمال مثل ڤاليو وآخرين، وذلك في مجالات مختلفة بدءًا من التمويل متناهي الصغر والتمويل الاستهلاكي وصولًا إلى الاقراض الأصغر Nano lending حديثًا، فكل هذا يحدث بشكل سريع للغاية.

وأؤكد أن نظام الدعم بعناصره المختلفة هو ما أدى إلى نجاح تجربة ڤاليو، كما أثمر أيضًا عن وجود أكثر من 22 شركة بهذا المجال تحت مظلة الهيئة العامة للرقابة المالية، فضلًا عن وجود 7 أو 8 شركات خارج هذه المظلة، من الممكن في ضوء قانون التكنولوجيا المالية الذي أعدته هيئة الرقابة المالية بالتعاون مع البنك المركزي خلال العام الماضي، أن تستمتع هذه الشركات بالخضوع للرقابة، وقد استخدمت تعبير الاستمتاع، نظرًا لأن عدم الخضوع للرقابة يصعب إمكانية الحصول على تمويل، فالخضوع للرقابة سواء من قبل الهيئة أو البنك المركزي يمنح ميزة الحصول على تمويل.

37 استثمارًا تحت شركات المجموعة المالية هيرميس في التكنولوجيا المالية منها 35 في مصر

كما أدت هذه المنظومة إلى اهتمامنا بالاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية، فحاليًا المجموعة المالية هيرميس تضم تحت شركاتها المختلفة نحو 37 استثمارًا في شركات تكنولوجيا مالية، منهم 35 استثمارًا في مصر، واستثمار واحد في أمريكا وآخر في الأردن، ولكن استثمارات المجموعة اتجهت نحو الاستثمار في شركات بقطاع التكنولوجيا المالية في مصر.

وقد كنا سعداء عندما أصدر البنك المركزي المصري خريطة وضع عليها شركات التكنولوجيا المالية الموجودة في السوق، وتبين أنه رغم أننا لسنا صندوق رأسمال مخاطر أو استثمار مباشر، إلا أننا تمكنا من التواجد بقوة حتى وإن كان بحصص صغيرة، فأهمية هذه الحصص أنها بمثابة نافذة للاطلاع على السوق وتحركاته والتغيرات التي تحدث به، وفي الوقت نفسه جزء من هذه الشركات يعمل مع المجموعة أو شركاتها التابعة وفقًا لنموذج الأعمال الذي تقدمه.

أحمد رضوان : محمد عكاشة.. لديك تجربتان بهذا المجال، الأولى مع شركة فوري والتي تمثل أيضًا بداية فريدة، والثانية هي الصندوق الجديد الذي نريد أولًا توضيح معنى اسمه.

محمد عكاشه الشريك المؤسس لصندوق ديستربتيك المخصص للاستثمار في التكنولوجيا المالية

محمد عكاشه: الصندوق هو ديسربتيك، والاسم مشتق من مصطلح disruption by technology، وكما كنا نتحدث قبل بدء الصالون، الكثير من القطاعات تشهد تغييرًا أو – -disruption، نظرًا لكونها كانت تعمل وفقًا لنموذج أعمال تقليدي في حين أن كل الشركات الناشئة أو معظمها تحاول تطوير طرق الأعمال عبر استخدام التكنولوجيا، سواء لخلق نماذج عمل لم تكن لتتم دون تكنولوجيا مثل أوبر uber، أو تقوم بتقديم كفاءة أفضل في أداء الأعمال المختلفة.

محمد عكاشة: فوري جاءت في بيئة مختلفة تمامًا عن الموجودة حاليًا من ناحية رأس المال والتمويل

دعنا نتحدث سريعًا عن تجرية فوري، ومن ثم سنتطرق إلى الصندوق، فشركة فوري وجدت في وضع مختلف نوعًا ما، فلم تكن البيئة آنذاك مماثلة للحالية، وقد كان الشركاء هم مجموعة من البنوك وآخرين من الصناديق، فعند اشتراكهم بالصندوق، كان رأس المال مدفوعًا بالكامل من جانب مؤسسات، وحينها كان الحصول على تمويل محدود للغاية، وقد استمرت الشركة لسنوات حتى تتمكن من فتح الباب للحصول على تمويلات من جهات متعددة، لحين إثبات نموذج العمل.

وفي المرحلة الأولى كانت فوري محظوظة، بعض الشيء، فقد نجحت في بناء بنية تحتية، وهو ما تحدث بشأنه وليد حسونة، وقد تم استخدام هذه البنية التحتية من جانب الكثير من البنوك والشركات بالقطاع الخاص، وكذلك الشركات الناشئة، لتقديم خدمات مالية جديدة من نوعها، والتي قد تبدو تقليدية في شكلها نظرًا لأن العميل يقوم بالسداد النقدي في المتجر.

استثمار البنوك في صناديق رأس المال المخاطر خطوة مهمة.. ونسعى لتمويلات مباشرة أيضًا

إلا أنه في النهاية هذه العملية يصل صداها بتقنية الأونلاين عند شركات مثل فودافون أو شركات الكهرباء والمياه، فقد كان ذلك بمثابة نموذج جديد، وفي رأيي فإن نجاحه فتح الباب أمام تشجيع رواد الأعمال مثل عمر صالح الذي قرر الدخول إلى السوق وترك الشركة التي كان يعمل بها، وإنشاء مشروعه الخاص، كما شجع أيضًا صناديق الاستثمار مثلنا والآخرين للنظر إلى هذا القطاع كونه واعدًا، إذا تم ضخ استثمارات به سيكون قادرًا على توليد عائد جيد على هذا الاستثمار.

بنية فوري صنعت مجالًا لتواجد الكثير من البنوك وشركات القطاع الخاص وتدشين خدمات مالية فريدة من نوعها

كما أود التعليق على نقطتين تم التطرق لهم، فتعريف مصطلح رائد أعمال يتمثل في كونه يخوض مجالًا جديدًا بنفسه، وهو ما يعكس وجود نسبة كبيرة من المخاطرة، لذلك من الطبيعي أن يجد البيئة غير ممهدة أو ميسرة له، وبالتالي من الضروري أن يكون مستعدًّا لمواجهة صعوبات، والعمل على تغيير شكل الأعمال بطريقة معينة، ففي كل الأحوال بيئة الأعمال ستكون غير سهلة؛ لأنه في حال كانت سهلة كان الجميع قام بذلك.

أحمد رضوان: قد تكون الفكرة ليست في السهولة أوالصعوبة بقدر ما قد يتعلق الأمر بالغموض، ففي بعض الأوقات يتم اكتشاف المزيد من الأمور بعد دخول المجال.

محمد عكاشه: أعتقد أن هذا يعد جزءًا من العمل، ففي حالة كانت الأمور سهلة، فلن يكون حينها رائد أعمال، فاختلافه يكمن في النجاح في هذه البيئة.

نجاح فوري شجع الكثير من رواد الأعمال والصناديق وشركات الاستثمار لاستهداف مجال المدفوعات

أما التعقيب الثاني فيتعلق بالشركات الناشئة، وأرى أن الأحجام ليست الأهم، فالشركة بالنسبة لنا يتم تعريفها بكونها ناشئة طالما تشهد نسبة نمو غير تقليدية، وأنوه إلى أن الشركات المطروحة في البورصة المصرية إذا كانت تنمو بمعدل 20% أو 30% سنويًّا، فذلك يعد نموًّا طبيعيًّا، ولكن في حال كانت معدلات النمو بها تصل إلى 80%، أو تتضاعف أعمالها مرة أو أكثر، فإن هذه المعدلات وراء تعريف هذه الشركات بكونها Start up، فمن الممكن أن تكون الشركة تعادل قيمتها مليون دولار، إلا أن تعريفها ما زال شركة ناشئة نظرًا لأن أمامها مجالًا واسعًا للنمو بنسب كبيرة.

وصندوق دستربتيك يعد صندوقًا صغيرًا متخصصًا في الاستثمار بشركات التكنولوجيا المالية، ورؤيتنا لهذا الأمر ترجع إلى عدة جوانب، منها أن الشعب المصري يتسم بأن أعماره صغيرة، ووفقًا للأرقام التي تحضر بذهني فإن 75% من المواطنين أعمارهم أقل من 40 عامًا، كما أن معظم الشعب متصل بالتكنولوجيا، سواء بالمنزل أو عبر الهاتف المحمول، ذلك فضلًا عن أن عدد الهواتف الذكية وانتشارها رائع.

كما أن الجهود التي قامت بها الحكومة والبنك المركزي خلال الآونة الأخيرة جاءت غير تقليدية أيضًا، من حيث عدد الرخص أو الموافقات التي منحت للشركات بمعدلات غير معهودة، إلى جانب تبني الحكومة الشمول المالي والتحول الرقمي بشكل عملي، فلم نكن نحلم أن تلزم الحكومة بسداد المدفوعات الحكومية بشكل إلكتروني، وعدم السماح بالدفع النقدي، فهذا الأمر لم يكن مطروحًا للنقاش منذ 5 سنوات.

وأرى أن هذا النوع من الإجراءات من شأنه منح رسالة جيدة لكلا من المستثمرين، ورواد الأعمال بوجود تغيير يحدث، وقد لاحظنا تحقيق نسب نمو غير طبيعية في كل الشركات التي قمنا بالاستثمار بها، وذلك نتيجة لقبول التحول الرقمي من جانب الشركات والأفراد المستخدمين لهذه الخدمات، فحاليًا لم تعد هناك مشكلة لدى العملاء في طلب مشترياتها بنظام الأونلاين، كما أنهم أصبحوا لا يمانعون الدفع من خلال الكارت البنكي سواء بالموبايل أو الإنترنت، كما لم تعد هناك مشكلة في طلب قرض من خلال الهاتف المحمول، فهناك الكثير من الأمور التي لم نكن معتادين عليها، ولكن حاليًا أصبح الجميع يتقبلها بمختلف المستويات الاجتماعية.

نشعر بالفعل أن المرحلة الحالية في مصر تشهد تطورات سريعة جدًّا، ومصر تشبه في هذا الوضع الكثير من البلدان في إفريقيا والشرق الأوسط، إلا أننا نتميز عنهم بكوننا بدأنا من نقطة متأخرة نوعًا ما، وهو ما يجعل هناك فرصة كبيرة للنمو غير التقليدي سواء كشركات أو كمستثمرين بهذه الشركات.

أحمد رضوان: عمر صالح.. نود إلقاء الضوء على تجربتك بشركة خزنة وما واجهته في هذا السياق.

عمر صالح الرئيس التنفيذي والمؤسس لشركة خزنة

عمر صالح: أشكركم على الاستفاضة ويشرفني التواجد مع حضراتكم بهذا اللقاء..

قبل أن نبدأ بالعمل في مجال التكنولوجيا المالية كنت أعمل بمجال الاستثمار، وأنوه إلى أن مجال التكنولوجيا المالية بطبيعته في العالم بأكمله وليس في مصر فقط، يتسم بكونه مجالًا تحكمه قوانين ودرجة عالية من التنظيم، نظرًا لارتباطه بالأموال كما يؤثر على الأفراد.

عمر صالح: مجال الفينتك مرتفع الرقابة نظرًا لطبيعة تعاملاته المالية

أعتقد أن البداية في مصر كانت في فبراير 2017، عندما تم تأسيس المجلس الأعلى للمدفوعات برئاسة رئيس الجمهورية، وعضوية جميع القيادات ومن بينهم محافظ البنك المركزي، وأؤكد أن هذه الخطوة كانت بمثابة نقطة انطلاق، ومنذ عام 2017 وحتى الآن، لاحظنا كمًّا كبيرًا من التطورات غير المسبوقة، وذلك مقارنة بكل الدول المحيطة، وسائر دول العالم.

فقد صدرت القوانين بجميع أنواعها، أولها قانون تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي الذي فعل المدفوعات الرقمية في الحكومة، وأخيرًا قانون البنوك الجديد الذي يضم جزءًا كبيرًا داخله خاصًّا بالتكنولوجيا المالية، كما توجد قوانين كثيرة ما زالت في طي العمل.

العنصر الثاني هو البنية التحتية، فمصر من الدول القليلة في العالم التي تحظى بشبكة مدفوعات قومية، والتي تتمثل في شبكة مدفوعات «ميزة»، كما تم ضخ كم كبير جدًّا من الاستثمارات في نقاط الدفع، والتي وصل عددها في مصر مؤخرًا إلى 700 ألف نقطة دفع، وذلك وفقًا لآخر إحصائية، علمًا بأن هذا الرقم كان أقل بنحو 100 ألف نقطة دفع من 3 أو 4 سنوات، مما يعكس تحقيق معدلات نمو مضاعفة سنويًّا، وهو أمر غير موجود في العالم.

تطورات غير مسبوقة شهدها القطاع منذ تأسيس المجلس الأعلى للمدفوعات

أما العنصر الثالث، فهو خاص باقتراب الإعلان عن شبكة مدفوعات لحظية، والتي تتسم بكونها تكنولوجيا غير موجودة إلا في الدول المتقدمة، فهي تتيح إمكانية تحويل الأموال في أي وقت ومن أي مكان، وهو ما يبرهن وجود بنية تحتية على مستوى عالمي بالإضافة إلى البنية التنظيمية والقوانين.

أحمد رضوان: هل يمكننا أن نفهم من ذلك أنك لم تواجه أي تحديات؟

عمر صالح: سأتطرق إلى التحديات لاحقًا، لكن فضلت الحديث في البداية عن الجوانب الإيجابية، والتي تشمل أيضًا دعمًا كبيرًا من جانب البنك المركزي، وخلق مناخ استثماري هائل أتاح لشركتنا التي مضى على تأسيسها أقل من عامين، أن تكون قادرة على اجتذاب استثمار أجنبي حتى الآن بقيمة 50 مليون دولار، كما نتحدث عن جذب نحو 200 مليون دولار خلال الفترة القريبة القادمة، وهو ما لم يكن سيحدث إلا في ظل المعطيات السابق ذكرها، ولولا ثقة المستثمر الأجنبي في الاقتصاد ومناخ العمل.

البنية التحتية في مصر فريدة على مستوى شبكة المدفوعات القومية والاستثمار في نقاط الدفع

أما فيما يخص المشكلات فهي كثيرة، فقد بدأنا في أوائل عام 2020، وقبل ذلك كنت أتولى منصب مدير إقليمي لإحدى أكبر شركات التكنولوجيا المالية العالمية في مجال تحويل الأموال (الحوالات)، وكنت مسؤولًا عن منطقة الشرق الأوسط، وفي عام 2019 قررنا بدء المشروع وتقابلت مع مجموعة المؤسسين فنحن 4، وقد كانت البداية مطلع عام 2020.

أحمد رضوان: هل لديكم جميعًا نفس الخلفية؟

عمر صالح: لا، بل نحن نكمل بعضنا بعضًا، فعند تأسيس فريق عمل يكون المهم هو أن يتحلى أعضاؤه بنفس القيم في العمل، على أن يمتلك مجموعة من المهارات المتكاملة، فهناك من هو متخصص في الجانب التكنولوجي، وآخر في العمليات أو الشق التشغيلي، إضافة إلى من هو متخصص في الجانب المالي أو التمويلي، وهكذا.

شبكة المدفوعات اللحظية التي دشنتها مصر غير موجودة إلا في الدول المتقدمة

فقد اجتمعنا في بداية 2020، وكان هناك توفيق من الله واستطعنا الحصول على أول تمويل في مطلع ذاك العام، وقد واجهنا أول صفعة سريعًا خلال شهر فبراير أو مارس تمثلت في جائحة كورونا، التي ألقت بظلالها علينا كما ألقتها على العام بأسره، وكان التحدي الكبير يكمن في الترويج أو التسويق لمنتج في هذا التوقيت.

فشركة خزنة تعمل على تقديم خدمات مالية، وتركز على متوسطي ومحدودي الدخل، الذي يستخدم النقد بطبيعة الحال، ولدينا مجموعة من الخدمات منها الائتمان والتقسيط ودفع الفواتير وغيرها، لذا كان من الصعب في البداية وفي هذه الظروف النزول إلى الشارع وتعريف العملاء بهذه الجوانب، سواء في المصانع أو المناطق الصناعية، أو المزرعة، وغيرهم.

وبالفعل واجهت الشركة صعوبات كبيرة، إلا أن الشركة محظوظة بمستثمريها، فقد كانت واحدة من أولى استثمارت صندوق ديسربتيك في شركة خزنة، وقد حصلنا على مساعدة كبيرة للغاية أهلتنا للعبور من هذه الظروف الاستثنائية خلال 2020، وفي بداية عام 2021 بدأت الأمور في الاستقرار، وحاليًا تحظى الشركة بأكثر من 150 ألف عميل نشط شهريًّا، ومن المستهدف الوصول إلى مليون عميل بنهاية العام.

دعم البنك المركزي ساعد خزنة في جذب استثمار أجنبي بقيمة 50 مليون دولار ونستهدف 200 مليون أخرى قريبًا

ويضم فريق عمل الشركة حاليًا 200 خبير تتنوع خبراتهم بين مجالات التكنولوجيا والبنوك والخدمات المالية، ومن المتوقع الوصول إلى 500 خبير بنهاية العام، جميع هذه الجوانب تعكس وجود تكنولوجيا مصرية تهدف إلى تنمية وتطوير السوق المصرية، وتقدم للعميل المصري، وللثقافة المصرية، فالأمور جيدة رغم الصعوبات التي واجهتنا في البداية.

أحمد رضوان: هل الصعوبات التي واجهتك ترتبط فقط بأمور تأثر بها الجميع مثل جائحة كورونا.. أم أن هناك صعوبات أخرى كانت مرتبطة بالنشاط الذي تعمل به أو واجهتها عند التأسيس أو تتعلق بإجراءات معينة؟

أحمد عيسى: كل ما تم ذكره.

عمر صالح: كل الأمور يكون بها صعوبات، ولكن في النهاية ريادة الأعمال تستمر وتواصل.

محمد عكاشة: كنا نتناقش قريبًا في مسألة أن الشركات الناشئة المماثلة لشركة «خزنة»، والتي تواجدت في السوق منذ عامين على سبيل المثال، لذا فإنه حتى يتمكن من القيام بما تقدمة شركة valu يحتاج إلى الحصول على تمويل من البنوك، والتي من جانبها تعتبر أن الشركة التي يبلغ عمرها في السوق عامين يعد عمرًا قصيرًا، وعليه لن تكون قادرة على تمويلها بالشكل الذي تحتاجه.

الشركات الناشئة في الخارج تلجأ بكثرة إلى «قروض المجازفة» التي تقدمها البنوك التجارية

فالشركات الناشئة تحتاج لهذا التمويل لتتمكن من النمو وتقديم كم أكبر من الخدمات لعملائها، ولن تستطيع في وضعها الحالي الحصول على التمويلات التي تحتاج إليها من البنوك، نظرًا لقصر عمر الشركة.. وأعتقد أن هذا التحدي لن يحل بسهولة، لأنه يحتاج لكثير من المساعدة والدعم.

أحمد رضوان: هل تطبق قاعدة توافر ميزانيتين على الشركات الناشئة؟

أحمد عيسى: الأمر ليس كذلك، ولكن في الأصل الأمر يرجع إلى أسلوب التمويل في البنوك، فمن مبادئ الائتمان، أن البنك يقوم بتمويل تدفقات نقدية مستقبلية، والطريقة الوحيدة المعروفة في العالم لهذا النوع من التمويل، تتمثل في القدرة على تحليل التدفقات النقدية الحالية والسابقة، لنتمكن من توقع التدفقات النقدية المستقبلية، وبالتالي معرفة حجمها وتمويلها.

قانون التمويل الاستهلاكي منح فوائد كبيرة للشركات أهمها عدم وجود ضريبة قيمة مضافة

صناعة رواد الأعمال أو الشركات الناشئة تتسم بآليات معترف بها على مستوى العالم لتمويلها، ومن الممكن للبنوك الاستثمار في هذه الآليات، من خلال الصناديق المتخصصة في تمويل الشركات التي لم تولد بعد أرباحًا كافية، والتي تتيح لها الحصول على التمويل بالأسلوب المعتاد في الائتمان التقليدي، هذه الشركات هي شركات رأس المال المخاطر، كما توجد شركات متخصصة في المراحل الأولى، وأخرى تركز على المراحل المتقدمة، كما هناك أيضا حاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال.

نسبة المخاطرة في شركات ريادة الأعمال أعلى بكثير جدًّا من التي لديها قوائم مالية مثبتة

لذا كنت أود التفرقة بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة و ريادة الأعمال، لأن تمويل الشركات الناشئة أو رواد الأعمال حتى تصبح الشركة قادرة على إثبات أنها مقبولة مصرفيًّا، ومستمرة اقتصاديًّا وقادرة على تمويل صافي تدفقات نقدية صافية، والتي يتمكن البنك من تحليلها واحتسابها، وتقديم التمويل وفقًا لها، فمن الضروري أن تواصل تمويل نفسها بأسلوب مختلف عن البنوك التجارية التقليدية، وهذه الأساليب معروفة للجميع، ولا يوجد بها أي اختراعات.

أما المشروعات الصغيرة والمتوسطة قد تظل بنفس الوضع لمائة عام، ولديها تاريخ يمكن إثباته وتحليله، وبناء عليه يمكن توقعه في المستقبل من صافي التدفقات النقدية، والتي وفقًا لها يمكن للبنك احتسابها ومعرفة التدفقات النقدية المستقبلية لها، وبالتالي يتم التمويل على أساسها، حيث يتبين أنها قادرة على سداد أو رد قيمة قدرها 10 قروش على سبيل المثال، وعليه يتم إقراضها بهذه القيمة.

مصر تملك ميزة تنافسية كبيرة جدّا لتصبح بيئة حاضنة لرواد الأعمال

ولذلك من الضروري بأي ندوة أو لقاء من هذا النوع، التنويه إلى أن أي متخصص أو رائد أعمال جديد يحاول بناء وتأسيس شركة جديدة، يجب أن يعي إلى من سيتجه، وما هي وجهته، وفي أي مؤسسات، وبأي وقت يمكنه الحصول على تمويل، كما يجب أن يعرف في أي مرحلة يمكنه اللجوء إلى قاطرة الأعمال engine، وبأي مرحلة يتجه إلى مسرعات الأعمال accelerator.

أحمد رضوان: وفي أي مرحلة يتجه للتجاري الدولي؟

أحمد عيسى: أود الإشارة إلى أنه بالبنك التجاري الدولي، نظرًا لكوننا ندرك هذا الأمر، فعندما رغبنا في تخصيص جزء من التمويل لريادة الأعمال، قمنا بذلك من خلال مؤسسة متخصصة في الاستثمار بريادة الأعمال والشركات الناشئة، وهي C Ventures، بالتزامن مع كوننا من أسرع البنوك نموًّا في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر، وحققت محفظة البنك نموّاً بمعدل 3 أضعاف خلال العامين الماضيين على صعيد الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومن المتوقع الوصول بتمويلات هذا النشاط إلى 30 مليار جنيه خلال عام ونصف.

لولا تعاون البنوك لما نجحت شركات التمويل الاستهلاكي وغيرها من المجالات الأخرى

الشركات الصغيرة والمتوسطة تتسم بكونها قادرة على إثبات جدارتها الائتمانية، وفقًا لقوائمها المالية السابقة، والتي يمكن من خلالها تحليل صافي تدفقاتها النقدية.

ياسمين منير: أود التوقف عند هذه النقطة.. فيما يخص المبادرات التي تم إطلاقها خلال الآونة الأخيرة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة SME’s، فقد تردد أن بعض الكيانات تحايلت على فكرة المبادرة وقامت بإعادة تبويب وضعها أو تأسيس شركات جديدة، لتتمكن من الاستفادة من المبادرة.. إلى أي مدى ترى القطاع المصرفي تمكن من خدمة قطاع SME’s الحقيقي ومساعدته في تحقيق النمو المستهدف، خاصة الأفكار التي تستطيع تحقيق نمو يمكنها من الانتقال إلى شريحة الشركات الكبرى والتي لا تكتفي بالاستمرار في مستوى SME’s؟ وفي الوقت ذاته هل القطاع المصرفي ليس لديه القدرة على الوصول لريادة الأعمال إلا من خلال كيانات متخصصة، أم أنه هناك دور للبنوك في مخاطبة ريادة الأعمال بشكل مباشر عالميًّا؟

أحمد عيسى: في الحقيقة، ليس لدي فكرة بوجود شركات قامت بما تم ذكره.

ياسمين منير: هذا ما تردد في أعقاب إطلاق المبادرات، ولكن ليس لدينا علم بحالة محددة.

أحمد عيسى: لم أسمع ذلك من قبل، ولم أره.. ولكن يمكنني التحدث عن البنك التجاري الدولي، فقد تم وضع أسلوب مبتكر لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة بالاعتماد على البيانات المتوفرة لدينا عن هذه الشريحة من العملاء، وبشكل دوري فالبيانات الكبيرة الاستراتيجية الخاصة بنا تكون قادرة على إنتاج قوائم عملاء يتمتعون بالجدارة الائتمانية الكافية والتي تتيح لهم إمكانية الاقتراض.

البنوك تمول تدفقات نقدية مستقبلية وبالتالي تحتاج إلى مراجعة التدفقات الحالية والسابقة

وفي الحقيقة، الاعتماد على هذه البيانات يجعلنا من أسرع البنوك في منح الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة في مصر، والتي يتم التأكد من كونها صغيرة ومتوسطة بالفعل، وأنوه إلى أن المستفيدين من مبادرة المركزي في هذا الأمر، تمكنوا من الاستفادة على أكثر من مستوى، وهي الفائدة المدعومة، والإجراءات التي تمنح ميزة للبنك بالاعتماد على المعلومات المتوفرة لديه عن الشركة بالكامل، وليس على قوائمها المالية.

وهذه الشركات التي لا تتخطى مبيعاتها 20 مليون جنيه، فهي شركات لا تحتاج إلى تقديم قوائم مالية إلى البنك للحصول على تمويل.. ولذلك نستطيع الاعتماد على ما نعرفه عنهم، فلدينا بيانات حساباتهم ونرى التدفقات التي تدخل وتخرج من وإلى الحساب، وعليها يتم احتساب صافي التدفقات النقدية من واقع تعاملاتهم بالبنك.

البنوك يمكن أن تستثمر في أدوات تمويل الشركات التي لم توَّلد أرباحًا كافية للحصول على تمويل مصرفي

وكما ذكر الزملاء، شهدت السنوات الأخيرة الماضية، تطورًا كبيرًا في استخدام البيئة الإلكترونية للمدفوعات، كما أن هذه المدفوعات تمر من خلال البنوك، لذا نتمكن من رؤيتها، وبالتالي نعتمد عليها في بناء تحليل للتدفقات النقدية والتي دونها لن يكون البنك قادرًا على تمويل الشركات بالأسلوب التقليدي.

البنك هو وسيط في المدخرات، ونسبة المخاطرة في الشركات الناشئة بطبيعة الحال تكون أعلى بكثير من شركة لديها صافي تدفقات نقدية مثبتة.. وأعتقد جميعنا متفقون على ذلك، كما أن نسبة القروض المتعثرة أو احتمالية عدم السداد في الشركات الناشئة تعد أكبر بكثير، فعلى سبيل المثال شركة عمرها في السوق 3 سنوات، ولديها أرباح مثبتة، فإن احتمالية أن تظل قادرة على سداد الالتزامات التي عليها، أو نسبة المخاطرة بها تقل بنسبة تزيد على 70% من شركة لم تحقق أول أرباحها بعد.

حينما أردنا في البنك التجاري الدولي تمويل مشروعات ريادة الأعمال أسسنا Cnentures لرأسمال المخاطر

البنوك في الحقيقة تعد وسيطًا في مدخرات المجتمع، وخلال قيامها بتوجيه هذه المدخرات عليها أن تنظر إلى تكلفة المدخرات، وتضيف إليها تكلفة احتمال عدم السداد، لحساب تكلفة التمويل للمقترض، وبالتالي ليس من مصلحة المجتمع دخول رواد الأعمال في مزاحمة مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التمويل، نظرًا لأن ذلك سيسفر عن رفع التكلفة على كل الـ SME’s، وهو ما يوضح السبب في ضرورة توجه رواد الأعمال أو الشركات الناشئة إلى مؤسسات متخصصة للحصول على التمويل المطلوب، والتي يقع على عاتق مديريها عبء أكبر متمثل في ضرورة تحقيق عائد أكبر، خاصة أنهم يتحملون مخاطر أكبر.

قواعد البيانات سمحت للبنك بتمويل الشركات التي تصل مبيعاتها إلى 20 مليون جنيه دون شرط تقديم قوائم مالية

رضوى إبراهيم: هذه المرة الأولى التي نستمع فيها لأسباب عدم تمويل البنوك مباشرة لمشروعات ريادة الأعمال بشكل واضح ومنطقي ومقنع.

ياسمين منير: سأنتقل بالسؤال لرئيس شركة سيكونس.. شركتك هي صندوق رأس مال مخاطر تقوم بجمع تمويلات، وتقوم بتوجيهها لكيانات لديها فرص نمو قوية، نود معرفة التحديات التي تواجهكم في عنصر التمويل، وهل بدائل التمويل المتاحة التي ذكرت منذ قليل مناسبة، ويمكن لشركات ريادة الأعمال الوصول لها؟

كريم هلال: مبدئيًّا.. وتعقيبًا على حديث أستاذ أحمد عيسى، لأنني كما تعلمون أحظى بخلفية مصرفية، فإن فكرة لجوء رواد الأعمال أو الشركات الناشئة للبنوك كمصدر تمويل يعد أمرًا غير وارد، ولا أعرف ما يقول ذلك.. يقوله على أي أساس، خاصة أن هذا أمر غير وارد نهائيًّا.

أحمد عيسى: بالضبط، فمن يروج لهذا الفكر يؤذي الجميع.

كريم هلال: بالطبع، وأرى أن الأسباب واضحة.. فالبنك التجاري التقليدي غير قادر أو راغب في ذلك، ولا يصح أن يمول رواد الأعمال أو الشركات الناشئة، فالبنوك التجارية تعاني من التعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تختلف عن التمويلات الكبرى، علمًا بأنها تنقسم إلى جزأين فهناك شركات صغيرة، وأخرى متوسطة.

وفيما يخص ريادة الأعمال، أولًا أنوه إلى أنني جديد في هذا المجال، ولست رائد أعمال، فعمري يبلغ 73 عامًا.

محمد عكاشة: ريادة الأعمال ليس لها علاقة بالسن.

كريم هلال: أود أن أقول أمرًا ما.. لوضع الأمور في منظورها الصحيح، عند بداية عملي في البنوك عام 1972، كنت أقوم بفتح اعتمادات من خلال التليغراف، وكان الاعتماد آنذاك عبارة عن 2 أو 3 أمتار من التليغرافات الملتصقة ببعضها، وحين ظهر التيليكس كان ذلك بمثابة انبهار، أما عند ظهور الفاكس كنا نراه سحرًا، لذا فإن جميع الجوانب التي أتداخل معها حاليًا تتسم بكونها مثيرة للغاية.

الأسابيع الماضية شهدت تدشين صناديق ومبادرات لتسهيل عمل رواد الأعمال

وفيما يخص مصادر تمويل رواد الأعمال، يجب أن ننسى البنوك نهائيًّا، وريادة الأعمال تتم على مراحل، فهناك فكرة تحتاج إلى إثبات المفهوم Proof of concept، ومن ثم يتم طرح النموذج الأول، ثم مرحلة الانطلاق، مما يعكس وجود مراحل مختلفة، ولكل مرحلة الممول الخاص بها، فشركة “سيكونس” تدخل في مراحل متأخرة عن شركة “ديستريبتك”، فهي لا تدخل لتمويل فكرة، بل تتواجد في مرحلة متقدمة يكون بها عنصر المخاطرة أقل بكثير، خاصة مع بدء إثبات عمل الفكرة فعليًّا من الناحية التقنية أو الفنية، وأن هناك تقبلًا حدث من قبل المستهلك، وقام بالاستخدام أكثر من مرة، وأصبح هناك عملاء للمشروع.

ياسمين منير: ما الأجل الزمني الذي يحتاج إليه المشروع لتحقيق ذلك؟

كريم هلال : لا توجد قاعدة للأجل الزمني.

أحمد عيسى: بل يرتبط ذلك بمراحل تطور الشركة.

كريم هلال: بالضبط، الأمر يتعلق بمراحل تطور الشركة والجوانب التكنولوجية، لذا ندخل في هذه المرحلة التي من وجهة نظرنا تخفف من المخاطر المرتفعة، لأننا نخاطب مستثمرين شهيتهم للمخاطر أقل من رأس المال المجازف التقليدي، فنحن نخاطب البنوك وشركات التأمين، ليقوموا بالاستثمار، وشهيتهم للمخاطر وتفهمهم لها محدود، كما أنهم في الوقت ذاته لا يستطيعون الدخول في أحد الجوانب عالية المخاطر بهذا الشكل.

مصادر تمويل المشروعات المبتدئة لا تتناسب مع التمويل المصرفي.. وكل أداة لها مرحلتها في عمر الشركة

وتوجد شركات أخرى تدخل في مراحل سابقة أو لاحقة، وغيرهم يفضلون الدخول في المرحلة وما بعدها، لكن مما لا شك به أنها تحتاج إلى موارد تمويل مختلفة تمامًا، جزء منها بدأ يظهر في مصر حاضنات الأعمال ومسرعات الأعمال، وصناديق رأس المال المخاطر، كما أن الصناديق بدأت في الظهور وتخاطب مراحل مختلفة من عمر الشركات الناشئة ورواد الأعمال.

أما عن مدى كفايتها من عدمه، أرى أنها غير كافية، فما زلنا نرى صناديق جديدة تصدر، وكما ذكر أستاذ أحمد عيسى، فالسوق المصرية تتسم بكونها كبيرة وواعدة، فضلًا عن أنها جاذبة لاهتمام المستثمرين العالميين، والذين يدخلون لضخ استثمارات.

شركة سيكونس فينشرز تخاطب مستثمرين شهيتهم للمجازفة أقل من شركات رأسمال المخاطر وبالتالي لا تمول مرحلة الأفكار

أود العودة إلى نقطة خاصة بالبنوك التجارية، مبادرة البنك المركزي الأخيرة الخاصة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة SME’s، حددت مستهدفات للبنوك التجارية لتصل بمحفظة SME’s ، أعتقد 20% أو 25% من المحافظ الائتمانية خلال فترة معينة، فعلى سبيل المثال، الصندوق الذي تديره شركة أفانس كابيتال، يعود سبب تأسيسه ليساعد البنوك على التوافق مع الحدود التي حددها المركزي، خاصة أنه بعد فترة قصيرة انتبه إلى أن بعض البنوك لن تتمكن من تحقيق هذا المعدل، وبالفعل بعض البنوك لا تستطيع التعامل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة.

رضوى إبراهيم: لماذا لا تستطيع؟

كريم هلال: لأنها مختلفة.

ياسمين منير: هل بسبب العدد والطبيعية؟

كريم هلال: الأمر مختلف.. البنك التجاري الدولي يعمل بشكل علمي، وقام بعمل نموذج علمي إلى حد كبير ليتمكن من التعامل، في حين أن بنوكًا أخرى لم تقم بذلك، ولا يمكن التعامل مع عميل SME بنفس نمط التعامل مع شركة كبيرة، والحصول على نفس البيانات، وتوجيه الأسئلة ذاتها له، لذا تم عمل صندوق كبير، وقامت البنوك بالمساهمة فيه منذ البداية، وبمساهمات كبيرة، كما أنها دخلت ضمن النسبة التي وجه المركزي بالوصول إليها في هذه المحفظة، وهذا فكر ذكي للغاية، لأنه مكنهم من تحقيق الهدف الذي يتطلعون لتحقيقه من خلال آلية جديدة تتمتع بمميزات، كما قدم حوافز للبنوك لتشجيعهم على الدخول في هذه الصناديق.

موارد وقنوات وصناديق تمويل المشروعات المبتدئة زادت في الفترة الأخيرة.. والسوق واعدة وجاذبة للمستثمر الخارجي

ويقوم هذا الصندوق بالتمويل بالشكل المطلوب والذي يتناسب مع الـ SME، وقد تم دمج هذا النشاط مع ريادة الأعمال أو الشركات الناشئة، نظرًا لأن بنوكًا كثيرة تنظر لهم كرائد أعمال وكمشروع صغير في الوقت نفسه، لذا يسير في الاتجاهين، وبالفعل هذا الصندوق يدخل في تمويل SME، كما يشارك أيضًا في منصات أخرى تتعامل فقط مع القطاعات التكنولوجية.

إذا كانت هناك «قروض مجازفة» في مصر ففائدتها لن تقل عن 20 % وهي تكلفة عالية جدًّا

وفي إيجاز.. تعد مصادر التمويل مختلفة تمامًا، كما أنها أصبحت متاحة بصورة أكبر وأسرع في مصر، وهو ما يعد أمرًا جيدًا، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المصادر القادمة لهذه الشريحة من المشروعات، لا تقتصر على المؤسسات المحلية فقط، بل بدأت تأتي مؤخرًا بصورة أكبر من المؤسسات الدولية، نظرًا لأنهم يرون أن هذا هو المستقبل.

محمد عكاشة: أتفق معكم تمامًا أن دور البنوك يجب أن يكون في ضوء المحددات التي وضعها البنك المركزي، فيما يخص طريقة التمويل، والتدفقات النقدية، وبالفعل أخذت خطوة جيدة البنوك عندما قررت الاستثمار في صناديق رأس مال مخاطر، لتتمكن من خلال هذه الخطوة أن تستثمر في شركات أخرى.

وفي رأيي، نحتاج إلى اتجاهها للاستثمار في الأدوات التي ذكرت خلال اللقاء مثل القروض المجازفة “Venture Dept”، ليتم ضخ أموال من البنوك بها من خلال الأدوات المتاحة لها، وبالطريقة المتعارف عليها عالميًّا، لتتمكن من تمويل رواد الأعمال والشركات الناشئة.

وأتفق تمامًا مع الحديث الخاص بأن الشركات التي لديها عمر مناسب في السوق لديها ما يمكن أن تبني قرارك عليه، وبالتالي نسبة حدوث تعثر تكون قليلة للغاية، في حين لا تستطيع معرفة هذه النسبة في حالة الشركات الجديدة، والتي من الممكن أن تكون أفضل، ولكن هذا أمر غير مضمون، ولذلك يكون من الصعب الدخول في هذه المخاطرة، وهي الطريقة التي يفكر البنك بها.

جميع الشركات الناشئة تلجأ إلى القروض المجازفة Venture debt الموجودة بالخارج، ويتم الحصول على تمويلات بالدولار منها، وهذا غير ملائم في بلد تتعامل بالجنيه المصري في أعمالها.

أتمنى أن تجتمع البنوك لتجهيز وإعداد البيانات التي يمكن من خلالها أن تدعم الخطط التمويلية للشركات، لا أتحدث عن تمويل رأس المال، ولكن عن التمويل بالدين.

كريم هلال: تمويل رأس المال التشغيلي.

محمد عكاشة: وأتمنى أن يتم ذلك بالطريقة المناسبة للشركات، وأن تدارالقروض المجازفة كما تدار عالميًّا، ومن وجهة نظري، هذا الشق إذا لم يتواجد خلال فترة قريبة سيسفر ذلك عن حدوث مشكلة في نمو الشركات.

كريم هلال: أعتقد أن القروض المجازفة Venture debt خطوة ستحدث، وهو التطور الطبيعي إلى حد كبير، وهي موجودة في الخارج وليست اختراعًا، ولكن المشكلة هنا تكمن في أن المناخ الخاص بنا يشهد سعر فائدة مرتفعًا، منذ وقت طويل، وسواء زاد أو انخفض وهو ما لا يعرفه أحد، إلا أنه لا يزال مرتفعًا، والقروض المجازفة بطبيعتها ليست مكلفة أكثر من الديون العادية.

محمد عكاشة: ولكنه مطلوب.

كريم هلال: بالفعل هو مطلوب.. لكن كم تكلفته.

ياسمين منير: هل كل التمويلات المتاحة حاليًا هي تمويلات لرأس المال؟

كريم هلال: هذه حقيقة.. ولكن القروض المجازفة تكون لشركة تحتاج لرأس مال عامل أو تشغيلي، وبافتراض أن لدينا Venture debtخلال الوضع الحالي، فذلك يعني تحقيق عائد 20% فيما أكثر.

عمر صالح: ولكنها في أي حال من الأحوال أرخص تمويلات رأس المال، وهو البديل المناسب للشركات التي تعرف كيف تتعامل مع الدين، وتعمل وفقًا لنموذج أعمال واضح.

كريم هلال: ففي حال لديها نموذج أعمال، وبإمكانها تقديم خدمات في إطاره.

وليد حسونة: وفقًا لخبرتي في الخدمات المصرفية للشركات، دعونا نتفق على أمر، وهو أن القصص غير كاملة، فرواد الأعمال يعانون من ضغوط خاصة بالنمو، ويجب عليهم تحقيق معدلات نمو.

البيئة الصعبة هي المناخ اللازم لصناعة رواد الأعمال القادرين على المخاطرة

ومع كامل التقدير للشركات الناشئة، وأستثمر في عدد كبير منها، كما أن شركة فاليو valu كانت تتعامل كشركة ناشئة داخل المجموعة المالية هيرميس، لذا أؤكد أن الأساس في هذا المجال هو الضغط الخاص بالنمو، والذي من شأنه رفع مستوى المخاطر في الأعمال، لذا لا يمكننا القول إنه نظرًا لوجود شركة ما في السوق منذ عامين أو ثلاثة، ونجحت في مضاعفة النمو بضعفين أو ثلاثة، مثل 100%، ثم 200%، ثم 300%، وأن ذلك يعد بمثابة نموذج مستدام، فللأسف لا يمكننا قول ذلك.

وبناء على ذلك، أتفهم ما الذي يقلق شركة مثل “خزنة”، فهي ترى أن لديها نموذج أعمال واضحًا للغاية ومن المفترض أن ينظر إليه البنك ويمنحها التمويل، أو إقراضها عبر مستثمري الديون debt investors، ولكن جميعنا نعلم أنه ضمن كل 10 شركات ناشئة، هناك واحدة تتمكن من تحقيق نجاح كبير يتجاوز التوقعات، وبينهم شركتان أو ثلاث شركات جيدة، في حين يكون هناك 5 أو 6 شركات تحيد عن المسار، كما أن كل من يعمل على جمع الأموال يذهب إلى شركائه المحدودين، ويخبرهم بذلك، وهم بالفعل على وعي كبير به.

الحجم ليس العنصر الأهم في تعريف الشركات الناشئة وإنما نسب النمو العالية المتوقعة

فلا يمكننا اليوم أن نجعل البنوك التجارية المصرية، تتجه لتمويل الشركات الناشئة أو رواد الأعمال حتى إذا أثبتوا جدارة خلال عام أو 18 شهرًا أو عامين، نظرًا لكوننا نعرف بوجود ضغط قوي للغاية على النمو، كما أن نماذج الشركات الناشئة حتى نكون واقعيين، لا تعتمد على نموذج البناء لأول مرة zero to one، بل يتم بناء نموذج مماثل لأخر، ولكنه أفضل في جانب، وكذلك نموذج يشابه أخر ولكنه أفضل في شق مختلف، فلا يتم بناء نماذج جديدة مثل أوبر أو فيسبوك.

فالجزء الأول في هذا الموضوع، والدليل على ذلك أننا إذا كنا نتحدث عن عدم وجود حل إلا Venture debt قروض مجازفة بالدولار، وأنني كمستثمر في الشركة موافق على حصولها على هذا التمويل، نظرًا لعدم وجود قروض مجازفة بالجنيه المصري، في ظل القيام بإدارة مخاطر العملة الأجنبية، وكذلك مخاطر سعر الفائدة في الوقت ذاته، وذلك يعني وجود مخاطر مرتفعة للغاية، حيث تم إضافة مخاطرأخرى لمخاطر المشروع.

هناك نسب نمو مرتفعة في مختلف الشركات التي استثمر بها الصندوق

وبناء على ذلك فإن عدم وجود Venture debt بالعملة المحلية، لا يعني اللجوء للحصول عليه بالدولار، وذلك على مشروع لا يدر أموالًا.

كريم هلال: بالضبط، لأن ذلك بمثابة انتحار.

وليد حسونة: ولكنه أمر يحدث بالفعل.. وهناك شركات كثيرة تحصل على Venture debt بالدولار، وعليه فإن ما أقوله هو أن هناك حلولًا عند رواد الأعمال والتي يقومون بها بالفعل، ولكن لأسباب مختلفة، وتتمثل هذه الحلول في الحصول على Convertable أي إنه دين قابل للتحول إلى رأس مال، وهو ما يتعارض مع هدف المؤسسين، الذين لا يفضلون الاتجاه إلى دخول من يشاركهم أو يتقاسم معهم رأس المال، وعلى سبيل المثال نرى شركة سويفل وصلت إلى مليار دولار، نظرًا لأنها لم تكن قلقة من دخول مساهمين جدد، فقد خرج 2 من أصل 3 مؤسسين، في مرحلتين مختلفتين، وقاموا بتأسيس شركات ناجحة جدًّا حاليًا، منهم شركة “كابيتر” التي وقعت مع بنك QNB منذ أيام، وذلك لأن الهدف كان الوصول بالتقييم إلى مليار دولار.

الشركات الناشئة تفتقر إلى التمويل المصرفي الذي يشترط ألا يقل عمر الشركة عن عامين

وعلينا الاتفاق على أن المعادلة معقدة للغاية، فالمؤسس لا يرغب في دخول من يشاركه برأس المال، أو بمعنى آخر فهو لا يرغب أن يفقد جزءًا كبيرًا من ملكيته، كما أن المستثمرين يضعون ضغطًا فيما يتعلق بالنمو، وهو ما يتزامن مع كون المنافسة أصبحت مرعبة، فقد وصلت المنافسة إلى التركيز على حجم التمويلات التي يجمعها الآخرون، مما يجعلها متناقضة مع شكل المنافسة الأولى، الأمر الذي يدفع إلى الجوء لحلول صعبة.

عمر صالح: أود التعقيب على النقطة الخاصة بالمخاطر.. أعتقد أن الشركات يظهر اختلافها على حسب درجة تطورها، والصناديق والمؤسسات المتخصصة في التمويلات المجازفة Venture debt تتسم بكونها متخصصة في الأسوق الناشئة، ومنها مصر والبرازيل والمكسيك وفيتنام، وتلك الأسواق يتسم الكثير منها بارتفاع أسعار الفائدة، إلى جانب تقلبات بسعر الصرف، وهناك وسائل للحد والتخفيف من هذه التقلبات.

كريم هلال: هذا ليس متاحًا حاليًا.

وليد حسونة: في هذه الحالة.. أعتقد أنك لن تكون بحاجة للحصول على تمويل من جانب البنوك، وذلك يجعل الشكوى الأولى غير حقيقية.

عمر صالح: التحوط من العملة موجود بالفعل، ولكنه يرفع السعر بشكل أكبر من سعر الفائدة، ولا يكون هناك مخاطر للعملة، نظرًا لكونك قادرًا على التخفيف منها إلى حد ما، لذا فإن من يستطيع القيام بذلك يقوم به، وفي النهاية تكون هناك أوراق مالية، وأؤكد أن هناك من يعرف كيفية عمل ذلك في مصر.

كرائد أعمال بدأت في 2020 مع مجموعة من المؤسسين المتجانسين متنوعي التخصصات

ما نقوله هو أن هذا الأمر متواجد بالفعل وهناك من يستطيع تنفيذه، فهناك رواد أعمال في مصر تستطيع الحصول على قروض بالعملة الأمريكية والتحكم في مخاطر العملة، ولديها ضمانات كافية، وفي النهاية هذه الشركات ستتمكن من الحصول على تمويل من البنوك حال استمرارها بشكل جيد.

ما نطلبه ونفكر فيه هو لماذا لا ننظر إلى هذا الأمر مبكرًا بعض الشيء! وبنظرة مختلفة؟! أوافقك بالنسبة لأموال مدخرين بالتأكيد لن نضعها في شركة ويتم تسعيرها بذات العائد الممنوح لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي لديها تنبؤات تدفقات نقدية واضحة.

جائحة كورونا كانت التحدي الأول الذي واجهته خزنة في بداية عملها لصعوبة التواصل مع الجمهور

ولكن هناك صناديق بالخارج تستطيع تسعير هذه المخاطرة، وهذه الشركات تعمل وتؤسس صناديق وعندها القدرة على جمع تمويلات كثيرة، فهذا النموذج أثبت نفسه بالفعل.

عدد عملاء خزنة النشطين وصل إلى أكثر من 50 ألف عميل شهريًّا.. ونستهدف مليونًا آخر العام

وهنا نسأل هل الجميع يستطيع تنفيذ هذا النموذج؟ لا، هل هناك من يستطيع تنفيذه في مصر؟ نعم بالطبع.

كريم هلال: القروض المجازفة أعتقد أنها مفهوم معمول به، ويجب أن يتم تنفيذه في مصر ولكن دون تدخل البنوك وهذا رأيي.

ياسمين منير: ما هو سبب تعطيله في مصر؟ هل الأمر يقتصر على الجانب التشريعي أم المشكلة في ارتفاع تسعير الفائدة؟

كريم هلال: مصر ما زالت في البداية، نحن ما زلنا في بدايات الاستثمار في الملكية.

محمد عكاشة: ولكن البنوك دخلت في استثمارات رأس المال المخاطر VC، ما يعني أنهم قد اتخذوا هذه المخاطرة بالفعل، ولكن تم تأسيسها بشكل منفصل والتعامل معها بطريقة مختلفة.

كريم هلال: توقفوا عن الدخول، ولكن هذه المخاطرة مختلفة، لم يأتِ موعده بعد.

أحمد عيسى: في الفترة من عام 2001 إلى 2003 ذهبت لعمل ماجستير في جامعة نورث كارولينا بمدينة تشابل هيل، والتي كانت وسط مثلث الأبحاث Research Triangle Park والذي احتوى على كم أبحاث ضخم وشركات تقوم بهذه الأبحاث، وبالتالي كانت هناك صنايق قائمة على التمويل.

محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في التجاري الدولي تضاعفت 3 مرات خلال عامين

كانت صناعة رأس المال المخاطر VC في ذلك الحين قد ظهرت من 10 أو 15 عامًا فقط، وكان حينها الصندوق الذي تصل قيمته إلى 100 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية أمرًا كبيرًا للغاية.

في هذه الفترة كنت أذهب إلى أماكن عمل هذه الصناديق للاطلاع على ما يفعلون، وقتها كانت الصناديق تستثمر في التكنولوجيا الحيوية BioTech إذ كانت التكنولوجيا المالية لم تظهر بعد، وكانت كما ذكرتم تنجح شركة واحدة وشركتين آخريين تسيران جيدًا إلى حد ما لتصبحا من فئة SMEs بعد فترة، والباقي نحو 70% من استثمارات الصندوق تخسر.

التجاري الدولي يستهدف الوصول بمحفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى 30 مليار جنيه خلال عام ونصف

يستثمر الصندوق 100 مليون دولار في نحو 10 شركات، بمتوسط 10 ملايين دولار، فتصبح قيمة ما ينجح منهم نحو 200 أو 300 مليون دولار.

ياسمين منير: بما يعوض الخسائر.

مزاحمة شركات ريادة الأعمال للمشروعات الصغيرة والمتوسطة على التمويل المصرفي سترفع الفائدة على الطرفين

أحمد عيسى: في هذا الوقت في الولايات المتحدة لم تكن هناك قروض مجازفة VD كان هناك Highly Leveraged Debt في هذا الوقت كانت شركات استثمارات الملكية الخاصة منتشرة للغاية وكان بدايتها مع مجموعة KKR.

كريم هلال: ولكن هؤلاء كانوا يحصلون على أصول.

أحمد عيسى: هي نفس حجم المخاطرة.

كريم هلال: ولكن هناك أصول.

أحمد عيسى: كانت قروض Highly Leveraged نسبة المخاطرة فيهاعالية جدًّا.

كريم هلال: وسعر الفائدة عالٍ.

أحمد عيسى: من مفهوم التمويل عالي المخاطر هذا نشأ في الولايات المتحدة بعد مرور 20 أو 30 عامًا مفهوم جديد، طالما أن هناك شهية وهناك مؤسسات قادرة على تصميم هيكل للتمويل بهذا الشكل، فمن الممكن أن تكون هناك مؤسسات قادرة على منح قروض مجازفة VD لأن بطبيعة الحال المخاطرة فيه أقل بنسبة بسيطة من Venture Equity، وبالتالي هذا يمكن الشركة من أنها تمول جزءًا من النمو بتكلفة أقل بقليل من الذي تحتاج دفعه في Equity الخاص بالشركة.

رضوى إبراهيم: هل عمر الشركة هنا مؤثر؟

وليد حسونة: لا مكانها هو المؤثر وليس عمرها، ولكن دعيني أتحدث عن أمر هام للغاية، ليست كل شركة ناشئة تحتاج إلى الاستدانة أو الحصول على قروض، هذه جزئية يجب أن نتفق عليها.

ضغوط النمو في مشروعات ريادة الأعمال ترفع مخاطرها.. وبالتالي يصعب دفع البنوك لتمويلها بناء على جدارة عامين

نحن أول شركة تقوم بتمويل الشركات الناشئة في مصر، عن طريق شركة التخصيم التابعة لنا، وتم ذلك عن طريق أموال الشركة الخاصة، إذ إن في مجال التخصيم نحصل على الأموال من البنوك ونقوم بتمويل العملاء بها.

عندما كنا نقوم بعمل شركات ناشئة، ونظرًا لكوننا داخل هذه السوق بالفعل، إذ لدينا شركات Start ups كما نعمل مع أخرى متواجدة بالسوق، ما جعلنا قادرين على تنفيذ ما تحدث عنه رئيس شركة خزنة، وأن تكون لدينا رؤية بمدى قدرة هذه الشركات على النمو واستكمال خططها في المدى القصير.

مشروعات ريادة الأعمال لا تبني نماذج جديدة تمامًا مثل فيسبوك أو أوبر.. وإنما تطور نماذج قائمة

نحن أول من قام في مصر بمنح رواد الأعمال قروضًا بسعر فارق بنسبة صغيرة للغاية عن سعر التمويل التجاري الطبيعي، وقمنا بذلك من أموال الشركة الخاصة المخصصة لحلول تمويل الشركات، بعد أن اتفقنا على أخذ هذه المخاطرة، ونبع ذلك من إحساسنا بضرورة أن يكون لنا دور في دعم رواد الأعمال.

فمن غير المنطقي أن أذهب للاستثمار في هذه الشركات وعندما تحتاج للحصول على تمويل أن أنصرف عنها.

وبالتالي أخذنا المخاطرة ووضعنا سياسات محددة واتفقنا على أن يقتصر التمويل على VE ولا يتجاوز أكثر من 10% من محفظتنا، ولم نصل لهذه النسبة، إذ إن محفظة الشركة تنمو بسرعة كبيرة.

عدم وجود «قروض مجازفة» بالجنيه المصري لا يعني الحصول عليها بالدولار.. فهي بمثابة الانتحار

تصل المحفظة لنحو 6 مليارات جنيه، بينما تبلغ تمويلات الشركات الناشئة نحو 100 مليون جنيه أو أقل، ولكن ليس كل رواد الأعمال يحتاجون إلى قروض، هناك شركات ناشئة تحتاج إلى قروض ضخمة إذا كان نموذج عملها يقوم على الإقراض مثل شركة خزنة أو أي شركات أخرى شبيهة.

وهناك شركات ناشئة أخرى تحتاج فقط إلى تمويل رأس مال عامل، مثلًا شركة تعمل في اللوجيستيات قد تحتاج فقط 10 ملايين جنيه تجعلها تضاعف أرقامها، بينما ذات القيمة لشركات تعمل في مجال التسليف والإقراض لن تقوم بعمل أي شيء ولن تحل مشكلتها.

ولذا توجهنا إلى القطاعات التي تعمل في اللوجيستيات والأدوية والتوزيع والتجارة الإلكترونية B2B، استهدفنا الشركات التي يحقق لها التمويل في حدود 10 ملايين جنيه فارقًا حقيقيًّا.

هناك حلول أخرى مثل الديون القابلة للتحويل إلى أسهم convertible لكنها قد تتعارض مع هدف عدم خفض حصص الملكية

على الجانب الآخر يجب أن أتفق مرة أخرى أن التعامل على التمويل Funding سيأتي، فقد تم تدشين صندوق رأسمال مخاطر وهو إنكلود الذي تتولى إدارته شركة جلوبال فينتشرز وتحت رعاية البنك المركزي المصري وتشارك به بنوك مصرية، وبعد دخول البنوك مجال Venture Capital فالخطوة القادمة هي القروض المجازفة VD لأنها أقل مخاطرة، فهي قادمة لا محالة.

أحمد عيسى: هي مسألة توقيت فعلًا.

وليد حسونة: آخر شيء سأقوله، ما تحدث عنه رئيس شركة سيكونس، فمصر بلد أسعار الفائدة فيها مرتفعة وهذه هي المشكلة.

يجب التأكيد على أنه ليس جميع مشروعات ريادة الأعمال في حاجة إلى الاقتراض

لدي أصدقاء يعملون في المجال، وحاليًا يجمعون رأسمال لصندوق للإقراض المجازف VD بالجنيه مصري، فكم سيكون تسعيره؟ وبالتالي يجب أن تكون هناك حوافز أخرى تجعل الشركات الناشئة مثل خزنة لها حافز على الشمول المالي على سبيل المثال.

فيتم منح هذه الشركات حافزًا على قدر المساهمة في تحقيق الشمول المالي مثلًا، على غرار ما يقدم للمصدرين، كانت شركات التصدير تمول بالسعر العادي، ولكن من الناحية الأخرى نقوم بتعويضه.

أحمد عيسى: أريد أن أذكركم بشيء، الشركة التي لا تستطيع دفع الفائدة تفلس، وأما الشركة التي لا تستطيع دفع توزيعات أرباح لا تفلس، وبالتالي الشركات الناشئة بالعودة مرة أخرى للأصل، وهي لم تحقق بعد أول صافي تدفقات نقدية موجبة، ليس من المفترض أن تضع على نفسها عبء أقساط ثابتة، لو لم تسدد تعرض نفسها للإفلاس ويتوقف نشاطها.

يجب على شركات ريادة الأعمال ألا تضع أعباء أقساط قروض قبل توليد أول صافي تدفقات نقدية موجبة

الشركات الناشئة يجب أن تختار لنفسها أسلوب تمويل يمكنها من الاستمرارية، الإقراض المجازف يزيد مخاطر الإفلاس، ويزيد مخاطر عدم الاستمرار.

ياسمين منير: ولكن بما أن هذا احتياج عند شريحة ما.. هل قطاع الخدمات المالية غير المصرفية قادر على تغطية كل تلك الاحتياجات؟

عمر صالح: حقيقة نحن «طماعين».

رضوى إبراهيم: من تقصد بنحن؟

عمر صالح: نحن كشركات ناشئة «طماعين» نطالب بنوعية تمويل متخصصة جدًّا وغير منتشرة في العالم، ولكن من كثرة ما شاهدناه من تقدم بالسوق واستثمار وبنية تحتية وقوانين نطمح للمزيد.

كريم هلال: هي ستأتي فعلًا ولكن الأمر ما زال يحتاج إلى بعض الوقت.

عمر صالح: نحن «طماعين» وهذه حقيقة، فهذا ليس الطبيعي في الأسواق المشابهة لنا، أن تكون هناك قروض المجازفة Venture Debt.

الأموال كانت متاحة بصورة كبيرة في مجال مشروعات ريادة الأعمال في الفترة الأخيرة

أحمد رضوان: ليست هناك مشكلة أن تكون طماعًا وترى أنك طماع والسؤال هنا.. كيف تصل إلى أن يكون طمعك هذا مفيدًا؟

عمر صالح: بالتأكيد سنصل، طالما نشاهد الاستمرارية والتقدم في العمل مع البنوك والتكنولوجيا المالية، الأمر سيأخذ فقط بعض الوقت.

كريم هلال: تحتاج إلى وقت فقط لتثبيت الموقف والوضع.

أحمد عيسى: في الحقيقة أنصح الشركات الناشئة بعدم اللجوء إلى ذلك.

كريم هلال: نعم بالتأكيد.

رضوى إبراهيم: سأكمل أيضًا في محور التمويل.. نريد معرفة متى يظهر دور صناديق الاستثمار وشركات التمويل أو مؤسسات التمويل الدولية في عمر الشركات الناشئة؟ وما طبيعة الدور الذي من المفترض أن تلعبه؟

وليد حسونة: ظهرت بالفعل، فهناك 2 أو 3 شركات ناشئة حصلت على تمويلات من مؤسسات دولية بالفعل منذ عامين أو 4 أعوام على أقصى تقدير، وهناك مؤسسات دولية بالفعل دون ذكر أسماء، وضعت أموالًا عبر استثمارات لرأس المال المخاطر داخل مصر، وخارجها أيضًا عن طريق الاستثمار في مصر.

دعونا نتفق على 3 أمور سريعًا، الأمر الأول أن عمر الشركة ليس هو المؤثر بل درجة نضوج الشركة هو العامل المؤثر، من الممكن أن تظل شركة 4 أعوام حتى تصل لمرحلة النضوج وأخرى تستمر عامًا ونصف العام للنضوج، وشركة أخرى تحتاج إلى 10 أعوام.

رضوى إبراهيم: هل القوائم المالية هي المعيار الوحيد للنضج؟

وليد حسونة: لا، ليست القوائم المالية على الإطلاق.

رضوى إبراهيم: إذن ما هي معايير النضج؟

وليد حسونة: سأتحدث عنها، ولكن سأذكر أولًا الأمور الثلاثة التي لا يجب أن نتفق عليها، عمر الشركة ليس عنصرًا أساسيًّا في أي شيء، هناك حد أدنى للعمر حتى أطمئن، ولكن ليس كل 5 أعوام تدخل في مرحلة عمرية أخرى فهي ليست بني آدم.

توجهنا للاستثمار في مشروعات ريادة أعمال في قطاعات في حاجة إلى مجرد رأسمال عامل مثل اللوجيسيتات

الأمر الثاني هو أن المؤسسات الدولية مهتمة للغاية بالأنشطة الخاصة بالشركات الناشئة، لقدرتها على تغيير نظم ونمط الحياة بشكل كامل، مثل شركة أوبر التي أحدثت تغييرًا كاملًا في العالم كله في مجال النقل والركوب، وظهر منها 15 أو 20 شركة عالمية.

كان لدينا شركة كريم في وقت من الأوقات قبل استحواذ أوبر عليها، لتظهر شركات أخرى، وهناك ليفت في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

الموبايل أيضًا غير أمورًا عديدة في الحياة العملية للأشخاص، مع ارتباطه بالإنترنت والتجربة الرقمية، فيجب أن نتفق أن الشركات الناشئة تغير محاور أساسية في الحياة، وترفع معدلات الكفاءة وتقلل من الهدر.

قروض المجازفة قد تكون التطور الطبيعي لصندوق إنكلود الذي يرعاه البنك المركزي وتساهم به البنوك المصرية

ولذا أي مؤسسة تمويل دولية مهتمة اهتمامًا واضحًا وصريحًا أن تستثمر في الشركات الناشئة، ولم تتأخر هذه المؤسسات في ذلك، إذ دخلت مبكرًا وسريعًا للغاية في هذه السوق، وهناك أيضًا حاليًا حزم إقراض مخاطر يتم عملها لهذا الغرض.

محمد عكاشة: بالفعل، مؤسسة التمويل الدولية IFC عندما استثمرت في شركة فوري عام 2012 وكانت الشركة خاسرة، ونحن نتحدث هنا عن استثمار قبل نحو 10 سنوات من الآن.

وليد حسونة: لم تسلفها، ولكن استثمرت بها، بالمناسبة أنا من الأشخاص الذين يرون أنه يجب أن نخاطر ونقوم بتسليف الشركات الناشئة، ولكن يجب أن نوجد آلية للإقراض المجازف ومستثمرون في القروض المجازفة هم من يضعون هذه الأموال، حتى لو كانت من خلال البنوك.

درجة نضوج الشركة المؤثر الرئيسي في جذب التمويل والاستثمار لمشروعات ريادة الأعمال وليس العمر

أما أن تذهب الشركات الناشئة للبنك وتطلب منه التمويل بشكل مباشر فهذا لن يحدث، وإن حدث سيؤدي إلى ارتفاع تكلفة التمويل وهذا الأمر الثاني.

الأمر الثالث الهام للغاية، النشاط الخاص بالشركات الناشئة فيه ضغط كبير للغاية على الشركات خاصة في السوق المصرية.

سأضرب مثالًا بشركة فاليو حتى أكون بعيدًا عن الشركات الأخرى، في فاليو نكون سعداء للغاية عندما نحقق مليون دولار في اليوم، وشركة مثلنا في السعودية عمرها عام واحد بالسوق وتعمل بمدد زمنية أقل بكثير للتقسيط بحد أقصى 6 أشهر، تحقق مليون دولار في اليوم منذ تدشينها بالسوق، وذلك بسبب فرق تقييم العملة وفرق القوى الشرائية.

مشروعات ريادة الأعمال قادرة على تغيير نظم ونمط الحياة بالكامل مثلما فعلت أوبر

فالشركات الناشئة التي تنجح في مصر من المؤكد أنها ستنجح في أي منطقة بالشرق الأوسط، لأن العملية هناك أسهل نظرًا لأن القوى الشرائية أقوى كما أن المستثمرين عندما يضعون أموالهم في دول نفطية يعلمون أنه ستكون هناك مصادر سداد.

نحن هنا في مصر استطعنا تحقيق النجاح، وأرى أن السر الرئيسي يرجع لأمرين، أن لدينا مواهب قوية للغاية ومذهلة في الحقيقة، مع عدد الأشخاص المتواجدة في سوق ريادة الأعمال.

أعتقد أن مصر ستصل إلى نسبة عالمية في نسبة نجاح الشركات الناشئة، ولن تكون 10% أو 15%، فقد تصل إلى 50% فيما فوق، لأن المواهب قوية للغاية، ولدينا مؤسسات مثل البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية تقدم دعمًا لهذا الأمر.

اليوم عندما يخرج نموذج عمل معين قد يكون له قانون، ولكن بتطبيقه بهذه الصورة يكون هؤلاء القائمون عليه أشخاصًا خارجين عن القانون، ما يتم في أي دولة هو إحضار هؤلاء الأشخاص ومحاسبتهم وكيف يقومون بفعل هذا الأمر دون رخصة، بعكس البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية يسمحان بتنفيذ أنشطة حتى يستطيعا تكوين Ecosystem مناسب لها ويساعد في وضع الضوابط والقواعد المنظمة بناء على مشاهدة التجربة.

لا بد من تحمل مخاطرة تسليف الشركات الناشئة ولكن عبر مستثمرين مقرضين وليس البنوك

مصر لديها مختبر تنظيمي Sandbox وليس فقط داخل البنك المركزي أو هيئة الرقابة المالية، ولكن واقعي على الأرض، شركات ظهرت وصعدت وتحقق أرقامًا، وهذه هي النقاط الثلاث التي يجب النظر إليها، والأزمة ليست أزمة تمويل.

أحمد رضوان: هل تراه انتظارًا أم تأخرًا؟

وليد حسونة: لا على العكس، دعونا نتفق على أمر، ونسأل متى بدأنا وإلى أين وصلنا اليوم؟ لو هناك تأخر سيكون حدث في مراحل سابقة قبل البداية.

كريم هلال: نعم بدأنا متأخرين ولكن تطور السوق لدينا سريع.

وليد حسونة: متى ظهر مصطلح الشمول المالي! قبل نحو 6 أو 7 أعوام، وكان من الممكن أن نقوم به في بداية عام 2000 أو قبل ذلك ولكن لم يحدث، ما أريد قوله مصر لديها سرعة كبيرة في اللحاق بأي تطور من أي أحد آخر، ولكن بدأنا متأخرين قليلًا.

كريم هلال: أن نلحق بالتطور وبما يحدث ضرورة حتمية، فلا يمكن أن نسير خطوة بخطوة، بل يجب أن نركض خاصة أن الفرق أصبح كبيرًا.

وليد حسونة: عندما قرر البنك المركزي عمل مبادرة للمدفوعات عن طريق دعم نشر ماكينات نقاط البيع POS، هذه الخطوة اختصرت مدة زمنية من 3 إلى 4 سنوات كانت السوق ستقضيها من أجل أن يقبل الأشخاص بوجود كارت يقوم بالدفع به.

المشروعات الناشئة التي تنجح في مصر تستطيع النجاح في جميع أسواق الشرق الأوسط

أيضًا إطلاق شبكة المدفوعات اللحظية إنستا باي، والتي ظهرت من أجل تنفيذ التحويلات، وبطاقة ميزة من أجل تقليل تكلفة المعاملات بعد تحويلها لشبكة الدفع المحلية فلم يعد هناك الجزء الذي يذهب إلى لاعبين عالميين في سوق المدفوعات.

كل ذلك يحدث بسرعة كبيرة للغاية والشركات كلها وليست الناشئة فقط تستفيد من ذلك بشكل واضح، أيضًا القانون الخاص بالتمويل الاستهلاكي تم وضعه من أجل أن يدخل فيه الشركات الخمس المتواجدة، واليوم هناك 24 رخصة متواجدة، وكل الشركات تعمل بغض النظر عن تفاوت حجم الأعمال بينها فهذا يرجع إلى مهارة كل شركة والداعمين لها، ولكن أولًا وأخيرًا جميع الشركات تعمل.

مصر ستصل إلى مستويات عالمية في نسب نجاح الشركات الناشئة.. خاصة مع السماح بوجود أنشطة ثم وضع تشريعاتها

قبل نحو 10 سنوات كان هناك 30 شركة للتأجير التمويلي ويعمل منهم 5 فقط، ونحو 25 شركة ليس بها نشاط، أما اليوم هذا المجال به 30 شركة جميعهم يعملون بشكل جيد، فالتطور يحدث، ونحن بدأنا بسرعة ونتحرك بشكل سريع للغاية، ولدينا شركة خزنة لديها كارت مسبق الدفع.

عمر صالح: نعم لدينا بطاقة ميزة مسبقة الدفع، مربوطة بتطبيق الهاتف المحمول، يمكن من خلاله معرفة الرصيد وإجراء تحويلات مالية، ونحن أول شركة تحصل على هذه الرخصة وبعدها حصلت عدد من الشركات عليها.

صناديق «قروض المجازفة» متخصصة في الأسواق الناشئة ومنها مصر وأسعار الفائدة بهذه الأسواق عالية جدًّا لكن يمكن إدارتها

وبناء على حديث الرئيس التنفيذي لقطاع التمويل غير المصرفي في المجموعة المالية هيرميس ورئيس شركة فاليو، كنت أتولى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا ونرى كل الأسواق بشكل واضح، فمصر في مكان آخر في سرعة التطور والضوابط والنواحي التنظيمية والبطاقات والمدفوعات، ومن بينها قواعد بطاقات الدفع المسبق وشبكة المدفوعات الوطنية «ميزة» والدليل على ذلك المستثمرون.

هناك مشروعات مبتدئة في مصر حصلت على تمويل دولاري خارجي وبالتالي ستستطيع الحصول على تمويل مصرفي

وكما رأيتم في حفل البنك المركزي لتدشين صندوق إنكلود، جميع المستثمرين الأجانب حاضرون، أكبر صناديق الاستثمار العالمية الأمريكية والخليجية لا أتحدث عن الخليج فقط، بل آسيا أيضًا، العالم كله ينظر إلى مصر في الوقت الحالي.

دعم البنك المركزي لنشر نقاط الدفع وكذلك شبكة المدفوعات اللحظية وتجربة ميزة.. خطوات سريعة فتحت مجالات كبيرة للشركات الناشئة

وليد حسونة: كم من الوقت استغرق لظهور البطاقات المسبقة الدفع! قبل نحو 5 سنوات لم يكن متاحًا لأي جهة خارج البنوك إصدار هذا النوع من البطاقات، هذا تطور كبير، ومثلما ذكر رئيس شركة خزنة، هو أول شركة تحصل على هذا ومن بعدها خرج نحو 100 شركة، فقد قامت خزنة بتمهيد الطريق.

أحمد عيسى: هذه الجزئية فنية للغاية حقيقة، وهذا من أكبر الدلائل على أن مصر أولًا فيها ميزة تنافسية كبيرة وفي الوقت نفسه الدولة مستجيبة بشكل أسرع من عشرات الدول الأخرى.

الدولة مستجيبة بشكل أسرع من عشرات الدول الأخرى في السماح بإصدار بطاقات الدفع

شبكات المدفوعات فيزا وماستر كارد عالميًّا وفي مصر ميزة، لا تستطيع منح أي جهة إصدار بطاقات للدفع، فهذا يخضع لتشريعات وقواعد تنظيمية محلية في كل دولة، ودول قليلة للغاية في العالم التي تسمح مثل مصر بأن شركة مثل خزنة تستطيع إصدار بطاقات سواء باستخدام شبكة ميزة المحلية، أو لاحقًا فيزا وماستر كارد.

وهذا ما نقوله في الحقيقة إن مصر التسارع فيها كبير للغاية، وتأخذ مسارًا صاعدًا متسارعًا وتسير في الاتجاه السليم.

رضوى إبراهيم: سؤالي لرئيس شركة سيكونس فينشرز.. نريد معرفة إلى أي مدى تتحكم طبيعة النشاط في تحديد مصدر التمويل المناسب ما بين الصناديق أو شركات التمويل التقليدية أو مؤسسات التمويل الدولية وهل هناك أنشطة بعينها تحدد طبيعة جهة التمويل؟

كريم هلال: إذا كنا نتحدث عن الشركات الناشئة لا، فمثلما اتفقنا أن هذه النوعية من الشركات لا يمكنها اللجوء للبنوك أو لأي مؤسسة إقراضية للحصول على تمويل للأسباب التي قمنا بشرحها، فهذه الشركات تذهب لمستثمرين في مراحل مختلفة من عمرها.

المؤسسات الدولية مهتمة بالاستثمار في شركات الفينتك من خلال الصناديق.. والتكنولوجيا هي اختيارهم المفضل

أما من يحدد من الذي سيدخل وفي أي مجال؟ نعم، هناك بالطبع تأثير للأنشطة، فاليوم التكنولوجيا المالية بمعناها الواسع وليس فقط الدفع الإلكتروني، أقصد بمعناها الحقيقي، كتكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا الصحية والمجالات التي نهتم بها، وهي محل اهتمام المؤسسات الدولية تحديدها.

يدخلون في هذه المجالات من خلال الدخول في صناديق مختلفة، ويختارون الشركات وفقًا لما رأيناه أو شاهدته أنا على الأقل، التي يكون فيها التحول قائمًا على التكنولوجيا أكثر من العمليات.

الاهتمام والتركيز على التكنولوجيا، هي التي ستستطيع عمل التحول الذي تحدث عنه الجميع، وليس العمليات أو الانتشار المادي في مواقع مختلفة.

منافسة بين أصحاب رؤوس الأموال على اختيار الشركات المبتدئة الجاذبة للتمويل

المؤسسات الدولية بالفعل كما ذكر، تركز على مصر بكثافة وهناك اهتمام، وأصبح هناك شبه منافسة على إيجاد الشركات التي ستقوم بالاستثمار فيها، هو أمر جيد، إلا أنني أرى أن هذا سيتسبب في مشكلة.

رضوى إبراهيم: من هذه النقطة سأنتقل للحديث إلى الشريك المؤسس لصندوق ديسربتك، هل ريادة الأعمال تركزت في الأنشطة المرتبطة بالتكنولوجيا لكونها المستقبل؟ أم بسبب أنها أصبحت الموضة والنموذج الذي نجح وسهل تكراره؟! نشعر أن ريادة الأعمال دائمًا أصبحت مرتبطة فقط بكل ما له علاقة بالتكنولوجيا فعلى سبيل المثال «حابي» شركة ناشئة ولكنك لن ترى هذا واضحًا لدى أي شخص يتحدث عن ريادة الأعمال.. فكيف ترى هذا؟

محمد عكاشة: التكنولوجيا عليها تركيز بالفعل، وبالطبع ريادة الأعمال كمفهوم أوسع بشكل أكبر يشمل أمورًا عديدة، وأي أحد يستطيع عمل شركة وتطويرها وتنميتها بطريقة غير تقليدية، تعد ريادة أعمال وشركة ناشئة.

مفهوم الشركات المبتدئة أوسع بكثير من التكنولوجيا.. فأي فكرة قامت ونمت بطرق غير تقليدية هي ريادة أعمال

التركيز على التكنولوجيا يأتي بدفع من حالة التحول الرقمي التي تحدث في المجتمع بالكامل، في مصر وباقي الدول، هذا التحول يدفع إلى استخدام التكنولوجيا بصورة أكبر، وأي شركة ناشئة تستطيع خلق نمط أو نموذج عمل لم يكن متواجدًا مثل أوبر على سبيل المثال، وهو نموذج لم يكن قابلًا للتنفيذ لو لم تكن هناك هواتف محمولة وخرائط إلكترونية.

أيضًا الشركات الناشئة تستطيع أن تقوم بتحسين كفاءة الأداء بطريقة تقليدية مثل التجارة الإلكترونية B2B، والتي تمكن التجار من شراء البضاعة من المورد عبر تطبيق على الهاتف المحمول، وكان في البداية يذهب المندوب للحصول على طلبات التاجر، ويعود للشركة لتوفيره وتحميلها في سيارة النقل لتوصيلها، فكل ذلك تم اختصاره في تطبيق الموبايل ليساعد في تحسين ورفع كفاءة الأداء.

التركيز على الخدمات المالية والمدفوعات تحديدًا يعود إلى أنها توازي حجم الاقتصاد كله

بالطبع التكنولوجيا هامة للغاية ووجودها في الشركات الناشئة هذه والتي تستخدمها في تأدية أعمالها، تجعل نسب النمو بها غير طبيعية.

وسأقول لماذا الخدمات المالية هي المسيطرة على تركيزنا؟ لكونها البنية الأساسية لكل شيء، فعلى سبيل المثال يمكن أن نقول صناعة الدواء في مصر حجمها يساوي هذا الرقم من الاقتصاد، وصناعة مواد البناء تساوى هذا الرقم، ولكن المدفوعات هي حجم الاقتصاد بأكمله، فأي قطاع من تلك القطاعات الأخرى تحتاج في النهاية إلى وضع أموال في البنك أو إجراء عمليات مدفوعات.

كان هناك تحدٍّ كبير عند طرح فوري رغم أنها كانت رابحة

الاقتصاد ككل هو حجم المدفوعات، والفينتك يضم كل القطاعات الأخرى، فمثلًا أكبر شركات التجارة الإلكترونية في العالم «أمازون» يجب أن تكون لديها قناة مدفوعات، وأيضًا «علي بابا» كذلك، في النهاية يجب أن تكون أي صناعة أو فكرة متضمنة جزءًا خاصًّا بالمدفوعات أو الخدمات المالية، ولذلك تستحوذ على الاهتمام لأنها تعد البنية التحتية لكل شيء.

وبالطبع الهيلث تك في مصر لديه إمكانيات نمو هائلة وكذلك تكنولوجيا التعليم واللوجيستيات أيضًا، إذ إن التجارة الإلكترونية تخلق مجالًا كبيرًا لكل من الخدمات المالية واللوجيستية.

رضوى إبراهيم: ننتقل إلى الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة خزنة.. الفترة الماضية بدأ يتواجد معيار مهم جدًّا لنجاح الشركات الناشئة وهو الحصول على تمويل، وبدأنا نرى في أداء بعض الكيانات بعد الحصول على التمويل ما جعلنا نشعر بأن الشركة وصلت إلى هدفها وأن هذه هي النهاية، وأصبح غائبًا بعض الشيء أن الحصول على التمويل يفترض أن يكون نقطة انطلاقة جديدة! هل ترى أسباب ذلك قلة وعي أم هذه كانت أهدافهم بالفعل؟ وهل هذه ظاهرة عامة أم أنها بعض النماذج فقط كان الضوء مسلطًا عليهم؟

عمر صالح: السوق خلال السنوات القليلة الماضية كان هناك وفرة بشكل كبير للتمويل، ولكن هذا الأمر بدأ يتغير بعض الشيء حاليًا.

ما نطلبه هو النظر مبكرًا لتمويل البنوك لمشروعات ريادة الأعمال بأسس وقواعد وتسعير مناسب

وفرة التمويل ورغبة المستثمرين في الدخول في شركات ناشئة مختلفة منها التكنولوجيا، لماذا التكنولوجيا! كما ذكر لديها قدرة على النمو وأن يكون العائد الاستثماري منها كبيرًا جدًّا وهناك أموال كثيرة للغاية دخلت في هذا المجال، فهل هذا مستدام؟ سنرى وسيظهر ولكن بالطبع الشركات الجيدة القائمة على نموذج عمل واضح ستظل متواجدة وجاذبة.

بالنسبة لنا في خزنة أعتقد، كما ذكرت الموديل الخاص بنا يقدم خدمات مالية عبر تطبيق الموبايل لمتوسطي ومحدودي الدخل، ونهدف قبل أي شيء إلى التأثير الإيجابي الذي نستطيع تحقيقه في حياة الأفراد، وهذا ما نبدأ منه، وفي النهاية لا بد من تحقيق عائد اقتصادي فنحن لسنا شركة خيرية غير هادفة للربح.

نعترف أننا نتعامل بطمع مع مطالبنا.. ونعرف أن طبيعة السوق ربما لم تصل لمرحلة قروض المجازفة

يجب أن تحقق الشركة عائدًا للمستثمر، وأصبح الآن لدينا في خزنة قواعد يجب أن يحقق أي منتج يصدر عائدًا معينًا، وما يتم إنفاقه كاستثمار يجب أن يعود في فترة معينة، وهذا أمر هام للغاية وأعتقد أن كل شركات الفينتك تعمل كذلك.

وبما أن الشركات الناشئة تفكر بطمع، سأقول فكرة مختلفة بعض الشيء وغير معتادة، أمازون طرحت في التسعينيات من القرن الماضي بالسوق، وإذا كانت في مصر لم تكن ستطرح حتى العام الماضي، لأنها ظلت تحقق خسائر لمدة 20 عامًا ولكن رغم ذلك طرحت بالبورصة، ودخل بها مستثمرون حققوا عائدًا كبيرًا للغاية، أما قوانين الطرح هنا في مصر لا تسمح بذلك، فيجب أن تكون شركة تحقق أرباحًا لمدة عام أو عامين.

رضوى إبراهيم: إذن هناك تحديات هل من الممكن أن تحدثنا عنها قليلًا؟

عمر صالح: هناك اتجاه الآن من جانب الدولة لطرح شركات كبيرة، وأن تكون سوق المال المصرية بها شركات أكبر وحركة أكثر، وهناك أموال مع مستثمرين، فما الذي يمنع أن تكون متطلبات الطرح أقل وأخف بعض الشيء.

لو تأسست أمازون في مصر لما أتيح طرحها بالبورصة حتى الآن بسبب شرط الربحية

مثلًا تخفيف اشتراط تحقيق أرباح لمدة عامين، ما يعطي دفعة للشركات الناشئة بأشكالها المختلفة متخصصة في التكنولوجيا وغير التكنولوجيا، ولا يجب أن تكون تحقق أرباحًا.

أحمد رضوان: هل ترى البورصة مجال تمويل مناسبًا لشركتكم؟

عمر صالح: نعم بالطبع، لكني لا أتحدث عن خزنة تحديدًا.

أحمد رضوان: أحدثك عن حالة خزنة؟

ما الذي يمنع تخفيف متطلبات الربحية كشرط للطرح بالبورصة بما يتناسب مع طبيعة الشركات الناشئة؟

عمر صالح: في حالة خزنة، من الممكن أن تكون في المستقبل القريب في غضون عام أو عامين في حيز يسمح أن نتواجد في البورصة المصرية، ولكن بما أننا شركة تكنولوجيا هدفها النمو 20 أو 30% شهريًّا وليس سنويًّا، وبالتالي سأظل أنمو وأنفق أموال، ومن الممكن ألا أحقق صافي ربح شهريًّا أو سنويًّا، ولكن هناك Unit Economics وهذا في الأسواق المتقدمة أهم بشكل أكبر.

نحن نطالب دائمًا بأكثر بكثير، فقد حققت السوق كثيرًا خلال السنوات الأربع الماضية، وسأعود وأقول إننا نفكر بطمع، فلماذا لا نفكر أنه لا يجب أن تكون متطلبات الطرح بالبورصة عالية.

رضوى إبراهيم: قواعد القيد في مصر حاليًا لا تسمح وشاهدنا سويفل لم تستطع أن تقيد وتتداول في البورصة المصرية وبالتالي لجأت لسوق خارجية.. فهل إذا كانت خزنة تستعجل في الطرح بشكل سريع ولحين استيعاب تشريعات سوق المال المصرية طبيعة هذه النوعية من الشركات هل من الممكن أن تتجه لأي أسواق مال خارجية؟

طرح سوق المال اختيار مناسب جدًّا للشركات الناشئة.. وأتوقع الوصول للحجم المناسب لطرح خزنة خلال عامين

عمر صالح: نحن حاليًا ليس في موقف للحديث عن هذا الأمر، فكما تحدثت خلال عام أو عامين، وآمل أن تكون السوق المصرية جاهزة حينها، ونطرح في مصر وخارجيًّا أيضًا.

محمد عكاشة: من الممكن أن أعطي لك مثالين، عندما طرحت فوري في البورصة كانت هناك تحديات كبيرة للغاية رغم أنها تحقق أرباحًا، ولكن مضاعف الربحية الذي يتم الطرح عليه كان تحديا من أجل إقناع الهيئة وشرح الأمر وكيف ينظر العالم لهذه الشركات.

أيضًا أصدرت هيئة الرقابة المالية بالفعل قانون تأسيس شركات الاستحواذ ذات الغرض الخاص SPAC وبالتالي السوق تتحرك بالفعل.

ياسمين منير: ضوابط تأسيس شركات SPAC ظهر للتنظيم ولكن لم نرَ حركة حتى الآن؟

كريم هلال: ما زال أمامه الكثير من الوقت، كما أنها ليست مسألة تشريعات، فهناك تشريعات تسمح بالطرح في البورصة رغم تحقيق خسائر باستثناءات ولكن ليست هذه المشكلة.

رضوى إبراهيم: لماذا لا يزال أمامه كثير من الوقت؟

أحمد عيسى: البورصة هي مكان لتوظيف مدخرات المجتمع في أدوات مختلفة عن ودائع البنوك، في الدول المتقدمة التي لديها باع طويل في الادخار نجد 75% من المدخرات المتواجدة في المؤسسات المالية تدار عن طريق مديري الأصول وليس عن طريق البنوك التجارية.

75 % من مدخرات المجتمع في الدول المتقدمة تدار عن طريق شركات إدارة الأصول وليس البنوك التجارية

عند النظر إلى ميزانيات البنوك التجارية مقابل الأصول التي تديرها شركات إدارة الأصول مثل مورجان ستانلي وجولدمان ساكس وهنا في مصر المجموعة المالية هيرميس، نجدها ثلاث أضعاف أصول البنوك التجارية.

الوصول إلى هذه المرحلة يمر بعشرات السنوات من التطور الذي يجب أن يأخذ مجراه من أجل أن لا تتبخر مدخرات المجتمع.

من المفترض أن تدار مدخرات المجتمع عن طريق إما شركات تأمين الحياة أو شركات إدارة الأصول هذه هي الأدوات، والمدخر يجب خلال حياته المنتجة 30 أو 40 عامًا، يبدأ في وضع المدخرات في أدوات مختلفة بحسب درجة المخاطرة، ففي أول حياته يضع معظم مدخراته في الأسهم وهي الأكثر مخاطرة، ويجوز أيضًا وضعها في صناديق رأسمال المخاطر ولكن هذا غير متاح بمصر الآن، ولا بد أنه سيتاح مستقبلًا.

البنوك الخاصة الكبرى عالميًّا بدأت تضع نسبة من أموال المدخرين في صناديق الاستثمار الخاصة ومنها رأسمال المخاطر

البنوك الخاصة الكبيرة في العالم بدأت توجه نسبة من المدخرات لديها إلى ما يسمى Private Markets إذ إن صناديق رأسمال المخاطر اليوم أصبحت من حيث الحجم بمكانة تستطيع من خلالها الذهاب إلى البنوك الخاصة الكبرى للحصول على نسبة من المدخرات لديها لإدارته.

يجب أن يأتي كل شيء في وقته، عندما يكون الفاعلون في السوق سواء مدخر أو منظم أو وسيط في الأموال لديهم القدرة على إدارة مدخرات المجتمع بشكل يحافظ عليها ولا يعرضها للتآكل.

المدخرات أثمن ما في أي مجتمع، البنوك المصرية الآن لديها ودائع نحو 5 تريليونات جنيه، هل هناك مورد آخر للمجتمع بذات القيمة!؟

كريم هلال: أضيف نقطة، أقول إنه لا يوجد مستثمر لماذا؟ المسألة تبدأ من الثقافة المالية والتي هي منعدمة في مصر، هي تأتي من التعليم، حضرت مؤتمرًا في كندا منذ فترة هناك يبدأ التثقيف المالي بكل الأدوات كالأسهم والسندات والصناديق من الصف الخامس الابتدائي.

الطلب العالي من رؤوس الأموال على الاستثمار في شركات ناشئة بمصر صنع تقييمات غير واقعية

فعندما يكبر هذا الطفل يفكر بهذه العقلية، أما هنا فالوضع مختلف تمامًا تنعدم الثقافة الاستثمارية والمالية ويتعرض صغار المستثمرين للإفلاس لعدم الدراية الكافية بالأسهم والسير وراء شائعات المضاربين.

أحمد رضوان: نريد الحديث عن أخطاء أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال، ذكرنا الأخطاء المتعلقة بمن يذهب للبورصة، فما هي الأخطاء الدارجة فيما يتعلق بالأشخاص الذين يرغبون في الحصول على تمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة أو ريادة الأعمال؟

كريم هلال: في الشركات الناشئة لا أستطيع القول إن هناك أخطاء لأن مجال التمويل غير متاح بالأساس، ولكن نتيجة الطلب العالي للغاية من مؤسسات الاستثمار ورؤوس الأموال أن تستثمر في الشركات الناشئة ورأسمال المخاطر وخلافه خاصة في مصر وهذا ليس خطأ، ولكن تسبب في مشكلة.

التشريعات تسمح بطرح شركات خاسرة بالبورصة ولكن بمتطلبات واستثناءات

ما حدث هو أن التقييمات الخاصة بمشروعات ريادة الأعمال، أصبحت غير واقعية إذ يرون أن الجميع يرغب في الاستثمار بشركاتهم، والأمر أصبح معكوسًا.

في الشركة لدينا نرى تقييمات غير واقعية يستمد صاحبها القناعة فيما يطلبه لمعرفته أنه إذا ما رفضنا نحن هناك 4 أو 5 شركات أخرى ستوافق.

سيوافقون على التقييم المبالغ فيه لأن لديهم مستثمرين كثرًا منحوهم أموالًا وأصبح عليهم ضغط لضرورة تشغيلها، وهذا الأمر يجب تفاديه.

أحمد عيسى: أي شركة ترغب في العمل بنجاح يجب أن تقوم بتأدية مجموعة من المهام مثل التسويق والأمور المتعلقة بتسعير وتصميم المنتج وتوصيل معلومة للعميل، والبيع وإدارة بيع والمحاسبة والتمويل والتشغيل وإدارة المخاطر وسلاسل التوريد.

معظم الأخطاء في الشركات الناشئة تتعلق بسياسات التسويق والتمويل

في الحقيقة معظم الأخطاء في الشركات الناشئة متعلقة بسياسات التسويق والتمويل، أما في الشركات المتأخرة بعض الشيء في النشاط وبدأت تنضج معظم الأخطاء تكون متعلقة بسياسات إدارة الموارد البشرية والتطوير المؤسسي والعمليات وسلاسل التوريد.

وليد حسونة: بحكم عملي 16 عامًا من عمري في مجال ائتمان الشركات.

أحمد رضوان: حدثنا عن خطأ قد ارتكبته حتى نتعلم منه؟

وليد حسونة: سأقول كل الأخطاء التي شاهدتها وحتى هذه اللحظة لم تعالج، منذ عام 1999 وحتى الآن، لم تعالج مع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بكل الطرق، أول خطأ وهو كلاسيكي ومتكرر والجميع يظن أنه لن يقع في نفس هذا الخطأ وسينجو منه، وهو تمويل عن طريق استخدام تسهيل قصير الأجل عمليات طويلة الأجل.

الخطأ الكلاسيكي المتكرر هو استخدام تسهيل قصير الأجل بسبب سهولة الحصول عليه في عمليات طويلة الأجل

هذا خطأ كلاسيكي، حيث تمنح محل سوبر ماركت أموالًا من أجل شراء بضاعة يذهب لشراء محل آخر بجواره، هذا الخطأ كلاسيكي ويجب أن يعلم الجميع أن كل نوع تمويل يتوجه إلى نفس المدة الزمنية الخاصة بالاسترداد.

نحن نمول إما عن طريق رأس المال العامل لشراء بضاعة مثلًا واستحقاقه بدورة بيع هذه البضاعة، أو أقوم بتمويل استثمارات طويلة الأجل لبناء مصنع أو ورشة على سبيل المثال ومردوده طويل الأجل.

ما يحدث في مصر ولأن الحصول على تمويل قصير الأجل أسهل من طويل الأجل، أغلب الشركات المتوسطة والصغيرة يحصلون على تمويل قصير الأجل لتمويل توسعات استثمارية لا يستطيعون تمويلها، ونتيجة لذلك عندما يأتي البنك يطلب أمواله، يجدها متواجدة ولكن في أصول لا يمكن تسييلها وهذا هو الخطأ الأول.

50 % من رواد الأعمال يختارون المدير المالي من بنوك الاستثمار

الخطأ الثاني أن أغلب شركات SMEs تعتمد على أن السوق غير متوازنة، فتقوم ببناء نموذج أعمال مبني على أساس أن السوق ستظل غير متوازنة، وهذا من أكبر المشاكل، إذ إن الأمر لا يقتصر على شركة نموذج خطأ لشركة واحدة بل يحدث هذا من عشرات ومئات غيرها.

ونتيجة لذلك فجأة نجد أن السوق تحولت إلى زيادة في المعروض من منتج ما بعد أن كان بها نقص بنسبة بسيطة، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار وخسارة تلك الشركات.

الخطأ الثالث هو التوفير في اختيار القيادة المسؤولة عن التمويل، فدائمًا ما تجد الشركات الصغيرة والمتوسطة تهتم بتعيين شخص ماهر للغاية في التسويق وآخر في البيزنس، أما رواد الأعمال في هذا الأمر يقومون بشيء على النقيض تمامًا.

ما يحدث في SMEs هو الاهتمام بتعيين قيادة بتصنيف 8 من 10 في البيزنس وكذلك في التسويق، أما القيادة المسؤولة عن التمويل يمكن أن تكون بتصنيف 1 من 10، وحتى وإذا كان كادرًا جيدًا فلا يسمع له أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

هذا ما كنت أعاني منه دائمًا في العمل مع الشركات الصغيرة، عند التواصل مع المدير المالي لطلب الاطلاع على ميزانية الشركة يقول لي سأخبر فلانًا عندما يأتي، وهذه هي المشاكل الثلاث الرئيسية التي يواجهها أصحاب المشروعات الصغيرة في مصر.

الخطأ الثالث في المشروعات الصغيرة والمتوسطة هو التوفير في اختيار القيادة المسؤولة عن التمويل

المتوسط أيضًا يواجه ذات المشاكل فمن الممكن أن تحقق الشركة أرباحًا 3 أعوام والأمور على خير ما يرام ولكن المشاكل الثلاث هذه مشاكل كلاسيكية، ويتم معالجتها إذا استطاع أن يمر من الأزمة وجزء كبير منهم لم يستطِع المرور منها.

أما رواد الأعمال نجد النقيض تمامًا، 50% منهم عندما يريدون تعيين مدير مالي أو مسؤول عن الشؤون المالية والتمويلية، لا يذهب تفكيرهم حتى إلى البنوك التجارية، وإنما بنوك الاستثمار، ومن أكثر التحديات التي تواجهها المجموعة المالية هيرميس الآن هو أن فريق بنوك الاستثمار لديها أصبح مديرًا ماليًّا محتملًا لشركات ناشئة، وأعتقد أن شركة خزنة لديها بالفعل مدير مالي من بنك الاستثمار أرقام أليس صحيحًا؟

عمر صالح: بلى، اثنان من أرقام.

وليد حسونة: ليست خزنة فقط، الجميع يفعل ذلك، نحن في فاليو نعمل على تعيين CFO ذي خلفية من بنوك الاستثمار-مازحًا- بالطبع لم أستطع أخذ أحد من هيرميس.

رائد الأعمال ينفق أكثر بكثير على اختيار القيادات.. ولا يمانع ضم كوادر كمؤسسين حتى في مرحلة لاحقة على الفكرة

وهنا الفارق أن رواد الأعمال مهتمون للغاية بالكوادر، مثلما ذكر رئيس شركة خزنة، كل أحد يأتي بخلفية مناسبة لتحقيق الهدف وإنجاح الشركة.

نحن على سبيل المثال في فاليو استقطبنا مدير للعمليات من شركة أوبر، وستجد الأمر ذاته في الشركات المماثلة، فرواد الأعمال على عكس أصحاب مشروعات SMEs ينفقون أكثر بكثير على هذه الأمور لأن لديهم تمويلًا أكثر، كما يعلمون جيدًا أن معادلة النجاح لا تأتي من شخص واحد.

مفهوم One Man Show ليس له تواجد في ريادة الأعمال على الإطلاق، حتى وإن كان مؤسس الشركة رائد أعمال واحدًا في البداية ستجده يقوم بإدخال أشخاص آخرين Founders or Co-founders حتى لو في مراحل لاحقة عن الفكرة.

الآن هناك أزمة في مصر في جانب الكوادر المتخصصة في التقنيات التكنولوجية، نعاني من نقص كبير، خاصة أن حتى المواهب المصرية لا يعملون بالسوق المحلية، فهو حتى وإن كان متواجدًا هنا يعمل مع لاعبين كبار حول العالم أو يسافر للعمل بالخارج.

السوق تعاني من مشكلة نقص المواهب التكنولوجية والتي كانت متواجدة بوفرة ولكن الطلب عليها عالي للغاية، فلدينا أشخاص ماهرون للغاية في هذا المجال.

حصلت على تمويل بعد 3 أشهر من خروج فاليو للنور.. ريادة الأعمال قد تصل إلى 3 سنوات حتى تصل للتمويل

رائد الأعمال لديه تحديات كبيرة، فهو لا يريد العمل بحلول وسط، ولن يقوم بملء مكان لمجرد أنه لا بد أن يشغله أحد، وإذا حاول تنفيذ ذلك، من وضع معه تمويل في البداية مثل ديسترابتك سيرفض هذا الأمر تمامًا.

الطلب الكبير من رؤوس الأموال المهتمة بالاستثمار في ريادة الأعمال بمصر، تأتي لأن السوق أثبتت أن هناك كوادر وحجم أعمال جيدًا وقصص نمو حقيقية، ما جعل حجم المرتبات للمواهب الجيدة يرتفع بشكل كبير للغاية، وأدى بدوره أيضًا إلى ارتفاع مرتبات المواهب المتوسطة، وهذا هو التأثير الإيجابي لريادة الأعمال من الممكن أن تغير صورة التوظيف وهيكل الأجور بالدولة.

ياسمين منير: هل هذا تغيير في الثقافة من SMEs إلى ريادة الأعمال فمن دخل في هذه المرحلة أعلى؟

وليد حسونة: لا، كل منهم لديه خطته، وريادة الأعمال ليست لأي شخص، وسأضرب لكم مثالًا، فاليو تعمل كتابعة لشركة كبيرة وبالتالي لا أقوم بدور رائد الأعمال، إذ كنت محميًّا بقوة شركة مثل إي إف جي هيرميس، فلم أعانِ على سبيل المثال في الحصول على تمويل مثلما عانت شركة كخزنة.

رائد الأعمال مسؤول عن أموال مستثمرين ومرتبات الفريق بجانب المنافسة الشديدة جدًّا بسبب تشابه النماذج الناجحة

عانيت في فاليو ولكن ليس بنفس الشكل، عانيت حينما طلبوا النظر لمعدلات التخلف عن السداد إذ إن في مجال BNPL لا أحد يسأل هذا السؤال من الأساس، ولكن كنت مهتمًّا بأن أحقق معدلات تعثر قليلة وهذا ما حدث.

حصلت على تمويل بعد 3 أشهر من خروج فاليو للنور، أما شركات ريادة الأعمال فلا تحصل على تمويل بهذه السرعة، فهي تظل عامين أو ثلاثة حتى يعطيها أحد تمويلًا ولا يكون في صورة قروض المجازفة.

المواهب التكنولوجية المصرية نادرة جدًّا وغالبيتها تعمل مع شركات عالمية

ريادة الأعمال غير متاحة للجميع، ولا أحد يستطيع أن يستيقظ صباحًا ويكون مسؤولًا عن أموال مستثمرين ومرتبات فريق متواجد معه، كما أن المنافسة قوية للغاية فكل نموذج اليوم متواجد منه 4 أو 5 جميعهم جيدون.

فكما قلت سابقًا السوق المصرية ستحقق معادلة لم تكن متواجدة في السابق، وأرى أن 50% نسبة نجاح سيتم تحقيقها في ريادة الأعمال في مصر، على الأقل في التكنولوجيا المالية، أما القطاعات الأخرى لا أريد الحديث عنها لأنها ليست تخصصي.

هناك أشخاص خرجوا من فاليو وأسسوا شركات وآخرون خرجوا وعملوا في شركات أخرى في مناصب أعلى، ونفتخر أن فاليو تخرج منها كوادر أسست شركات ناجحة استطاعت جذب استثمارات وتمويل بسرعة كبيرة للغاية.

الطلب الكبير من رؤوس الأموال على ريادة الأعمال صعد بمرتبات الكوادر الجيدة والمتوسطة أيضًا

ريادة الأعمال ليست للجميع، وبالتالي ليس هناك تحول من SMEs لريادة الأعمال، كما أنها ليست موضة حتى لا يفهم أحد الأمر بشكل خاطئ، هناك أشخاص لديهم الجرأة لاتخاذ قرارات وقدرة على تأسيس شركة وجمع تمويل لها بجانب التعامل مع القلق الدائم من كل يدور حولها لأن ريادة الأعمال تعني أنه نموذج أعمال لم يحدث من قبل على الأقل في البلد.

رائد الأعمال يستيقظ من نومه يوميًّا ليواجه تحديات من كل الأنواع مثل مدى توافر البنية التحتية، فمن يبدأ اليوم وضعه مختلف تمامًا عمن كانت بدايته قبل نحو 5 أعوام ومختلف عما ظهر منذ 10 أعوام.

على سبيل المثال شركة فوري عندما ظهرت بالسوق هي من قامت ببناء البنية التحتية لمجال المدفوعات الإلكترونية، اليوم هناك شركات تظهر بناء على البنية التحتية التي أسستها فوري، وغدًا ستظهر شركات على بنية وضعها البنك المركزي، وهو ما يقلل الأمور الجديدة ولكنه سيقوم بتعظيم أعمال من قاموا بأخذ المخاطرة مبكرًا.

هناك كوادر خرجت من فاليو نجحت في بناء نماذج ريادة أعمال.. وآخرون التحقوا بشركات أخرى في مناصب أعلى

حتى شركة فاليو عندما ظهرت في عام 2017 لم يكن نموذج BNPL متواجدًا بالأساس في الشرق الأوسط، وكانت أول شركة نشاهدها تقدم منتجات شبيهة في عام 2020 خارج مصر، وشاهدنا في نهاية 2020 شركات عديدة وجيدة ظهرت في مصر.

هناك شركات تقدمه كجزء من نموذج الأعمال، فعلى سبيل المثال خزنة تقدم نموذج أعمال يشمل خدمة الشراء والدفع لاحقًا BNPL.

أحمد رضوان: استراحة قصيرة ونعود مرة أخرى للجزء الثاني من لقاء صناعة رواد الأعمال.

الرابط المختصر