استعرض اللقاء الخامس من صالون حابي الشهري، وجهات نظر مديري الاستثمار عن خطط التعامل مع التغيرات الاقتصادية الكبيرة التي دفعت العالم إلى تبني سياسات انكماشية من شأنها التأثير بشدة على الأسواق الناشئة.
شارك في اللقاء كل من: ماجد شوقي رئيس شركة كاتليست بارتنرز ونائب رئيس سيكونس فينشرز والرئيس الأسبق للبورصة المصرية، وخليل البواب الرئيس التنفيذي لشركة مصر كابيتال، وأحمد أبو السعد العضو المنتدب لشركة أزيموت مصر وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية.
ناقش اللقاء 3 محاور رئيسية، أولها نظرة عن سوق المال بصورة عامة وتطوراتها الأخيرة، والثاني التحديات التي تواجه صناعة صناديق الاستثمار بمختلف أنواعها، والثالث الخطط الجديدة للكيانات الممثلة في اللقاء.
أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم.. أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي.. لقاؤنا الخامس اليوم يأتي تحت عنوان «مديرو الاستثمار» وضيوفنا في هذا اللقاء هم: ماجد شوقي رئيس مجلس إدارة شركة كاتليست بارتنرز ونائب رئيس مجلس إدارة شركة سيكونس فينشرز والرئيس الأسبق للبورصة المصرية، وخليل البواب الرئيس التنفيذي لشركة مصر كابيتال، وأحمد أبو السعد العضو المنتدب لشركة أزيموت مصر وعضو مجلس إدارة البورصة المصرية.
هدف لقائنا اليوم هو إلقاء نظرة مديري الاستثمار عن وضع الاستثمار في مصر بصورة فيها الكثير من التفاصيل، الفترة الأخيرة شهدت الكثير من المتغييرات لن نتحدث فقط عن أزمات اقتصادية يمر بها العالم كله، ولكن تبعاتها المحلية، ومعدلات التضخم التي تميل للارتفاع، وكذلك أسعار الفائدة التي تميل أيضًا للارتفاع وربما تكون أحد المخاطر التي ينظر إليها مدير الاستثمار.
سنتطرق في حديثنا أيضًا إلى التنافسية الشديدة على المستويات كافة فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي والطروحات، ومرور الأسواق بفترة شديدة الحساسية والتقلبات، النظرة التي نحاول الوصول إليها في لقاء اليوم ربما تكون مفيدة لكثير من القطاعات.
لن أطيل في المقدمة وأطلب من رئيس مجلس إدارة شركة كاتليست بارتنرز إعطءنا نظرة بشيء من التفاصيل عن أداء سوق المال في الفترة الحالية وأين تكمن الفرص؟ وكيف يتم اقتناصها؟ وما هي التحديات التي تراها في الوقت الراهن؟
ماجد شوقي: إذا ما تحدثنا عن سوق المال في الفترة الأخيرة، فهي متأثرة سلبًا بالطبع بسبب التطورات الحاصلة على المستويات العالمية والإقليمية، رغم أنها كانت قد بدأت تنتعش بعد فترة كورونا، لأن أداء الاقتصاد المصري في التغلب على الأزمة كان واضحًا للغاية في كل المؤشرات وعلى مستوى القطاعات كافة.
ماجد شوقي: سوق المال تأثرت سلبًا بالتطورات العالمية والإقليمية رغم قربها من التغلب على كورونا
عندما جاءت أزمة روسيا وأوكرانيا ورغم دخولنا هذه الأزمة بتداعيات ومعضلات قوية ناتجة عن فترة الجائحة ومنها أزمات الشحن والنقل الدولي وسلاسل الإمداد والتضخم، إلا أن معظم البورصات كان أداؤها إيجابيًّا وكانت تتجاهل مشاكل التضخم والتوقعات بارتفاع أسعار الفائدة.
لا يوجد مجال للشك أن الفترة الأخيرة في ظل التطورات على المستوى العالمي وخاصة القرارات التي تتخذها بعض الدول من ناحية أسعار الفائدة والإعلان عن مستويات تضخم لم ترها تلك الأسواق منذ فترة طويلة، كان له تأثير أولًا على استثمارات المحافظ والأموال في الأسواق الخارجية.
الاستثمارات الأجنبية في أوراق الدين انسحبت من غالبية الأسواق الناشئة.. وهو سلوك طبيعي
حدث تخارج لبعض الاستثمار الأجنبي وخاصة أذون الخزانة وهذا شيء طبيعي وحدث على مستوى الأسواق الناشئة بشكل عام ولم يختص مصر وحدها، إذ إن أصحاب هذه الاستثمارات لديهم مشاكل في بلادهم وبالتالي كان رد الفعل هو الخروج.
جاء في أعقاب هذا دخول استثمارات إقليمية وهذه نقطة هامة جدًّا، إذ إن التركيز ظل لفترة طويلة بالفعل على تنوع المستثمرين بالبورصة المصرية بين المصريين أفراد ومؤسسات، والعرب مؤسسات وأشخاص ذوي ملاءة مرتفعة، والأجانب والذي عادة ما تكون استثماراتهم عبر صناديق المعاشات الأجنبية.
استثمارات إقليمية مؤسسية بدأت الدخول في أسواق المال كمساهمات في شركات لها طابع الاستقرار
اليوم نجد تغييرًا في هيكل سوق المال لأسباب عالمية وهذا التحول سيأتي بتأثير إيجابي لن يكون في المدى القصير، ولكن في المدى المتوسط، إذ إنه مثلما خرجت استثمارات خارجية من السوق حلت محلها استثمارات أخرى تتميز أنها ليست من الأموال الساخنة، فهي استثمارات عبر الدخول في مساهمات بالشركات المقيدة وبطبيعة الحال يعني ذلك بقاءها لفترة طويلة وهذه نقطة إيجابية خاصة في تلك الفترة.
هذه نظرة سريعة على وضع سوق المال هناك أمور أخرى تخص أحجام التداول وارتفاعات وانخفاضات أسعار الأسهم، ولكنني أفضل النظر للصورة بشكلها المجمل، أما الحديث عن تفاصيل أكثر فزملائي الأعزاء قادرون على إعطاء نظرة تفصيلية بصورة أكثر وضوحًا.
ياسمين منير: أود الحديث مع العضو المنتدب لشركة أزيموت مصر عن الأسهم والبضاعة الموجودة في سوق المال المحلية.. ومثلما ذكر رئيس شركة كاتليست أن هناك استثمارات خرجت من السوق ولكن وجدنا صفقات واهتمامًا كبيرًا في الآونة الأخيرة باقتناص الأسهم المميزة عند مستويات سعرية جيدة.. وأريد التوقف هنا عند عدالة التقييمات والأسعار السوقية في الوقت الراهن.. في ظل المعطيات الاقتصادية المتغيرة ومنها معدلات التضخم والفائدة إلى أي مدى الأسعار السوقية للأسهم لديها القدرة على أن تعكس الوضع الاقتصادي بشكل جيد؟
أحمد أبو السعد: أولًا أشكركم جدًّا وسعيد بوجودي معكم في صالون حابي، الذي أحرص على متابعته دائمًا وكنت دومًا أتمنى أن أكون طرفًا فيه فشكرًا على الدعوة الكريمة.
أحمد أبو السعد: السوق المصرية تتداول عند أدنى مستوياتها من حيث الأسعار مقارنة بنفسها تاريخيًّا وبالأسواق الناشئة والمنطقة
دعونا نقول باختصار إن سوق المال المصرية تتداول عند نقطة تعتبر من أدنى مستوياتها من حيث الأسعار، مقارنة بنفسه تاريخيًّا، ومقارنة أيضًا بأسواق المنطقة والأسواق الناشئة بصفة عامة.
بالنظر للسوق المصرية نجد أنه يتداول عند مضاعف ربحية 6.5 مرة، مقارنة بأسواق المنطقة التي تتداول بين 18 – 19 مرة، بل إن هناك بعض الأسواق تتجاوز 25 مرة، أما الأسواق الناشئة فمضاعف ربحيتها بين 14 – 15 مرة، وتاريخيًّا السوق المصرية كانت تتداول في المتوسط عند مضاعف ربحية 12 مرة ما يعني تراجعها حاليًا بنحو 50%.
انخفاض مضاعف الربحية لا يعني أن السوق رخيصة بقدر ما يعكس أوضاعًا حقيقية
هل يعني ذلك أن السوق رخيصة؟! لا يوجد ما يسمى بسوق غالية وأخرى رخيصة، فالسوق تنضح بما فيها من شركات واستثمارات وأوضاع تعكس وجود حالة عدم يقين.
لا أحد يمكنه تسعير السوق، فلا أنا استطيع تسعيره وكذلك المحللون الماليون بشركات البحوث أو حتى أفضل بنوك الاستثمار، فالسوق تُسعر نفسها، وهو التسعير الحقيقي.
عندما نجد تسعير السوق عند مضاعف ربحية 6.5% فهو يرى أمورًا ربما تكون رؤيتها غير مكتملة بالنسبة لنا كأفراد، وبالتأكيد عندما تتداول السوق عند هذه المستويات ونرى تنفيذ صفقات كبيرة مثلما أشار الأستاذ ماجد شوقي، فهذا يعني أنه قد تلاقى الطلب والعرض عند تلك النقاط السعرية، وبالتالي هذه هي القيم السعرية للسوق شئنا أم أبينا.
السوق المصرية تتداول عند مضاعف ربحية 6.5 مرة مقابل 18 مرة في أسواق المنطقة
نحن في وضع قد يكون استثنائيًّا كلما خرجنا من أزمة نواجه مشكلة أكبر على مدار 12 – 13 عامًا من اضطرابات سياسية واقتصادية ثم عملية الإصلاح الاقتصادي والاقتراض من صندوق النقد الدولي.
السوق بدأت تتماسك في عام 2018 بعد نحو عامين ونصف العام من بدء تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، فواجهنا في ذات العام وتحديدًا في شهر مايو أزمة الأسواق الناشئة في تركيا والأرجنتين، وضع السوق المصرية كان قويًّا جدًّا، وكنا قد بدأنا نرى اندفاعًا للمستثمرين الأجانب في سوق أدوات الدخل الثابت كأذون وسندات الخزانة كما خرجت مصر لأسواق الدين العالمية، وتزامن ذلك مع ذروة استثمارات الأجانب في الطاقة والبترول.
مصر طوال عمرها تعاني من مشكلة مزمنة وهي عجز الحساب الجاري، إذ دائمًا ما تزيد المصروفات عن الإيرادات، والذي يتم تمويله عبر عدة قنوات، ولكن المقياس الحقيقي هو حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تغطي هذا العجز.
ففي مايو 2018 في ذروة أزمة الأسواق الناشئة نجد أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في قطاع الطاقة وغيره تصل لنحو 160 إلى 170% وبالتالي كانت السوق قوية وصلبة للغاية وقادرة على مواجهة تلك المشكلة.
وبعد مرور عام ونصف العام فقط، واجهنا أزمة كورونا، واستطاعت مصر وهي في قوتها التعامل مع تبعات وتداعيات الجائحة عبر تقديم حزمة مبادرات، ومع بداية التعافي من تلك الآثار اصطدمت بأزمة أوكرانيا وروسيا.
التأثيرات على مصر مختلفة تمامًا في أزمتي كورونا والصراع الروسي الأوكراني ما زاد من تأثرها بالصدمات الخارجية
تستوقفني هنا مقارنة سريعة بين وضع مصر في وقت أزمة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وكنت أتحدث قبل قليل مع الأستاذ ماجد شوقي عن تقرير أصدرته أزيموت، عن خلاص مصر من تداعيات كورونا والدخول في تبعات الأزمة الأوكرانية.
بالنظر إلى فترة كورونا نجد أن السياسات النقدية كانت تيسيرية وأسعار الفائدة اتخذت مسارًا نزوليًّا، أما في ظل أزمة أوكرانيا فالحالة عكسية تمامًا السياسات انكماشية والبنوك المركزية تميل إلى رفع الفائدة، وإذا نظرنا إلى التضخم ومعدل أسعار السلع والطاقة بشكل عام الوضع مختلف تمامًا.
في فترة كورونا وصل سعر برميل البترول إلى 16 دولارًا، أما اليوم فهناك ارتفاع كبير جدًّا في أسعار السلع ووصل سعر برميل البترول فوق 100 دولار، أيضًا التضخم في مصر وقت الجائحة كان حول 5% اليوم وصلنا لمستوى فوق 10%.
أيضًا احتياطي النقد الأجنبي وقت كورونا وصلت الاحتياطيات الرسمية وغير الرسمية لنحو 58 مليار دولار، أما الآن فالرسمي نحو 37 مليارًا، وغير الرسمي انخفض من 15 مليارًا إلى 7 مليارات أي إجمالي نحو 44 مليار دولار، وهو انخفاض قوي.
والرصيد المستخدم من حصة مصر لدى صندوق النقد الدولي في أزمة كورونا بلغت نسبته 422%، أما الآن فقد وصل إلى 720%، وعلى مستوى نمو الناتج المحلي وهو من الأشياء الإيجابية القليلة في وقت كورونا بلغ 5.8% والآن نحو 8%.
وعلى مستوى التأثير الجيوسياسي في كورونا كان الجميع في ذات الظروف أما اليوم فنحن في أزمة ما بين الحليف التقليدي أمريكا الاتحاد الأوروبي من ناحية، وبين روسيا الحليف الذي لا يمكن لمصر خسارته على مدار العمر.
وبالتالي نرى أن التأثير على مصر في الأزمتين مختلف تمامًا، ففي حين عالجت أزمة كورونا بخفض سعر الفائدة 300 نقطة أساس، الآن تم رفع الفائدة ومن المتوقع أن تكمل في هذا المسار، هذا الوضع جعل مصر أكثر عرضة للصدمات الخارجية أكثر من وقت أزمة جائحة كورونا أو فترة الإصلاح الاقتصادي.
لذلك نجد أن وضع الاقتصاد المصري قد يكون مهتزًّا بشكل كبير جدًّا بعد أزمة كورونا، وإذا نظرنا إلى وضع الاقتصاد في مارس 2022 مقارنة بشهر أغسطس 2021، أي قبل نحو 6 أشهر، سنجد أن الوضع مختلف تمامًا.
وكل ذلك أثر على تسعير البضاعة في سوق المال، ولا نستبعد مطلقًا أن بالفعل السوق المصرية تتداول عند أسعار متدنية ولكنها تعكس أوضاعًا حقيقية موجودة بالسوق وعلى مستوى الشركات.
رضوى إبراهيم: سأنطلق من ذات النقطة وسؤالي للرئيس التنفيذي لشركة مصر كابيتال «التقييمات متدنية» هذا ما نسمعه كثيرًا الفترة الماضية من المتخصصين وغير المتخصصين، وحتى المستثمرون الأفراد يرددون ذلك والذين ربما ليس لديهم ذات الجرأة والنظرة الصائبة التي يمتلكها مدير الاستثمار أو مدير الأموال المتخصص.. أين صناديق الاستثمار من اقتناص الفرص التي باتت أكبر؟
طوال الوقت يقال إن فترات الأزمات تخلق فرصًا أكبر وإن الكاش هو الملك ومن يمتلكه هو من يقدر على بناء محفظة يستفيد منها في وقت الرواج فأين صناديق الاستثمار من هذه الفرص؟
خليل البواب: بشكركم على دعوتكم الكريمة في صالون حابي، وأؤيد ما قاله الأستاذ أحمد أبو السعد بأنها فرصة جميلة أن نكون متواجدين معكم.
خليل البواب: التضخم العالمي عنيف ومحليًّا وصلنا لأعلى نقطة منذ 2019 وفي أمريكا تعدى التضخم 8.5 %وهو رقم كبير
وتعقيبًا على حديث الأساتذة ماجد شوقي وأحمد أبو السعد، نحن في فترة تضخم عالمي عنيف، وإذا نظرنا لمصر فقد وصلنا إلى أعلى مستوى منذ عام 2019 ونفس الشيء يحدث في دولة مثل أمريكا وأن نرى التضخم يتجاوز فيها 8.5% هذا بالنسبة إلينا رقم كبير.
يدفع ذلك أمريكا وجميع اقتصاديات العالم للتوجه نحو اتباع سياسات انكماشية، وإذا نظرنا للسوق المحلية فالبنك المركزي اتخذ خطوة استباقية برفع الفائدة وكانت جيدة جدًّا لامتصاص الأزمة، وأقول هنا إن الأزمة الروسية الأوكرانية مختلفة، وسبقها أزمة كورونا وغيرها من الأزمات.
أمريكا ودول مختلفة ستتجه لسياسات انكماشية لمواجهة التضخم.. والبنك المركزي المصري رفع الفائدة كخطوة استباقية
الوضع الاقتصادي العام كأرقام وخاصة بعد عام 2016 كان جيدًا للغاية، الإصلاح الاقتصادي وبرنامج صندوق النقد الدولي والذي تميز بأنه تم وضع خطته عن طريق الحكومة المصرية وكان هناك بعض الإصلاحات التي بدأ تنفيذها بالفعل قبل التوجه لصندوق النقد، وكانت النظرة إيجابية للغاية ولكن حدثت ظروف خارجة عن إرادتنا وأحداث عالمية أثرت على الاقتصاد المحلي.
خروج الأجانب من الأسواق الناشئة ومنها مصر كان بسبب تحقيق عوائد مميزة وليس لمشاكل في هذه الأسواق
وأدى ذلك للأسف لاتجاه العديد من المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة ليس بسبب ضعف فيها ولكن نتيجة للظروف العالمية، وكانت مصر من بين تلك الأسواق التي كانت تتمتع بسيولة عالية، واستطاع هؤلاء المستثمرون من تحقيق عوائد متميزة للغاية.
الوضع الاقتصادي العام بعد 2016 كان جيدًا جدًّا.. والنظرة كانت إيجابية ولكن الظروف العالمية أثرت عليها
ما حدث بعد ذلك هو أن الاستثمار المؤسسي غائب على المستوى المحلي أو دعونا نقول إن بعض المؤسسات المتمرسة في ذلك ما زالت موجودة ولكن لا توجد استثمارات مؤسسية جديدة قادرة على ضخ أموال في سوق المال المصرية أو حتى لديها النية لذلك.
وقد تكون هذه هي النقطة التي نتحدث عنها، المستثمرون الأفراد مهمون جدًّا للسوق ولكن الاستثمار المؤسسي متوسط وطويل الأجل هو الأهم، هذا ما نراه في الوقت الحالي ومثلما ذكر الأستاذ أحمد أبو السعد مضاعف ربحية السوق 6.5 مرة وهو ما يعتبر فرصة مقارنة بمصر أو الأسواق الناشئة الأخرى.
مضاعف ربحية السوق المصرية يمثل فرصة كبيرة وبعض المستثمرين بدأوا في اقتناصها بالفعل
بعض المستثمرين رأوا هذه الفرصة وآن الآوان أن الاستثمار المؤسسي في مصر يكون له ذات التحرك، ويمكن هذه هي الرؤية التي لدينا بالفعل حاليًا أن هناك توجهًا عامًّا لدخول الاستثمار المؤسسي المحلي لاقتناص الفرص، ولكن نرى هذا التوجه في استثمارات مباشرة وليس بسوق المال مباشرة.
فرص للدمج والاستحواذ في قطاعات كثيرة منها التعليم والرعاية الصحية والشركات المتوسطة والصغيرة والصناعة والتكنولوجيا
وإذا تحدثنا عن أين تكمن الفرص فهي موجودة في الاندماجات والاستحواذات في جميع القطاعات، وهو ما نتوقع رؤيته خلال الفترة المقبلة في استثمارات مباشرة سواء في مجالات التعليم والرعاية الصحية والشركات المتوسطة والصغيرة والصناعة والتكنولوجيا المالية.
هذا هو التوجه العام الذي نراه للفترة القادمة وعمليات الدمج والاستحواذ ستكون العنوان الرئيسي للمرحلة المقبلة.
مديرو الاستثمار وبنوك الاستثمار أصبح لديهم فرصة لإنشاء صناديق بعد سنوات من قصرها على البنوك وشركات التأمين
وبالحديث عن التجربة، نجد أن صناديق الاستثمار شهدت خلال السنوات الثلاث الأخيرة تطورًا مهمًّا يتعلق بالميزة التي حصل عليها مديرو الاستثمار وبنوك الاستثمار، والمتمثلة في القدرة على تأسيس صناديق استثمار بأنفسهم أسوة بالبنوك وشركات التأمين، حيث كان يسمح لهما فقط بذلك.
دور مديري الاستثمار هو تفصيل منتجات استثمارية متنوعة تناسب الأفراد أو الشركات أو النوعين معًا
وهذا الوضع خلق نوعًا جديدًا من الصناديق، حيث إن دور مديري الاستثمار قائم على التعرف على الاحتياج وخلق المنتج الذي يتناسب معه، وبالتالي نحن نبيع الحاجة وليس المنتج نفسه «we’re selling the need not the product»، وهذا ما نجحنا بالفعل في تحقيقه عبر تفصيل منتجات استثمارية متنوعة، بعضها يتناسب مع المستثمرين الأفراد، والبعض الآخر يلائم المستثمرين الشركات، ومنتجات أخرى تلائم الفئتين.
وبالرجوع لشريحة المستثمرين الأفراد الذين يمثلون فئة مهمة جدًّا بمجال الاستثمار، نجد أن تجربتنا في مصر كابيتال بدأت بالنظر في شريحة مختلفة من المستثمرين أو المدخرين، وأستشهد على ذلك بصندوق فوري اليومي، وهو صندوق نقدي فكرته بسيطة ولكن المختلف به هو أنه يرتبط بشركة فوري القادرة على التعامل مع صغار المستثمرين، وكذلك القدرة على إتاحة المنتج على نطاق واسع لتطبيق مبادئ الشمول المالي.
ننظر في مصر كابيتال إلى شريحة مختلفة من المستثمرين وهو ما اتبعناه في صندوق فوري النقدي
فعند النظر إلى الأوضاع السابقة نجد أن عدد المستثمرين الأفراد بالسوق، سواء على صعيد منتجات الأدوات النقدية أو أدوات الدين أو صناديق الأسهم ما زال محدودًا جدًّا، لذلك استهدفنا البدء بالوصول إلى شريحة مختلفة تساعد على تطبيق الشمول المالي حتى يصبح الاستثمار للجميع.
والميزة هنا تتمثل في قدرة الوصول لقنوات التوزيع، خاصة أن البنوك هي التي كانت تقوم بهذا الدور، بحكم وجودها في السوق وتوافر قنوات التوزيع لديها، وبالتالي مع ظهور مصدرين جدد لصناديق الاستثمار ممثلين في مديري الاستثمار بات عليهم ضرورة توفير قنوات التوزيع، وهذا هو المستقبل، ومن سيقدر على أن يكون لديه ميزة تنافسية في الامتداد بقنوات التوزيع ستكون لديه قدرة على الوصول لعدد أكبر من المستثمرين وبالتالي حجم أكبر من الأموال تحت الإدارة.
الاستثمار المؤسسي في مصر يركز على الاستثمارات المباشرة.. ونرى فرصًا كبيرة في الاستحواذات والاندماجات
وكان من اللازم والطبيعي أن تكون البداية بمنتجات بسيطة مثل صناديق أسواق النقد، التي تلبي احتياجات عديدة، ولكن هذه ليست نهاية المطاف، فالتطور الطبيعي أن المنتجات الاستثمارية يتم تطويرها، وكذلك الثقافة الاستثمارية في غاية الأهمية، فأنتم عليكم دور ونحن أيضًا علينا دور، ويجب أن نتشارك سويًّا في رفع الثقافة الاستثمارية للجميع.
أحمد رضوان: قبل الدخول في تفاصيل الخطط والمستهدفات الجديدة، نريد أولًا أن نلقي الضوء أكثر على تفاصيل التحديات التي تواجه صناعة صناديق الاستثمار في مصر، وكذلك المقومات التي تراهن عليها في النمو وتوسيع قاعدة منتجاتها ونقل الفرص التي تراها إلى الجمهور..
ماجد شوقي.. ما هي التحديات التي تراها بصناعة صناديق الاستثمار المباشر.. وأيضًا الفرص المتاحة وفقًا لمعطيات الوضع الاقتصادي الحالي؟
ماجد شوقي: قبل الحديث عن التحديات، علينا الوقوف أولًا عند ماذا يقول التاريخ عن نشاط صناديق الاستثمار المباشر في أوقات الأزمات تحديدًا، فنجد أن صناديق الاستثمار المباشر بمختلف أنواعها، سواء المتعلق بالكيانات الكبيرة أو رأس المال المخاطر، تنشط بصورة كبيرة خلال فترات الأزمات، وبعد انتهاء فترة الأزمة تبدأ تصدر مقارنات الأداء بين المحافظ الاستثمارية المقيدة في البورصات، وبين أداء هذه الكيانات.
صناديق الاستثمار المباشر بمختلف أنواعها تنشط في وقت الأزمات
وهذا له أسباب معلومة، فصناديق الاستثمار المباشر أيًّا كان بأنواعه المختلفة يحاول استغلال الفرصة، واستغلال الفرص لا يتأتى سوى خلال الأوقات التي تكون بها أزمات، لأن التسعير يكون جاذبًا جدًّا له، وعادة يتم التخارج بعد مرور ثلاث أو أربع سنوات وبالتالي آثار الأزمة من المفترض أنها لم تعد موجودة.
والتقييمات في سوق المال والتداول ترتفع مرة أخرى بما يخلق الفجوة الإيجابية التي ينتج عنها عائد إيجابي جدًّا للصناديق، وهذه نقطة هامة وأرى أنها تحدث حاليًا في مصر وكذلك على مستوى منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية على وجه الخصوص.
نشاط صناديق الاستثمار المباشر هو استغلال الفرصة خاصة وقت التسعير المغري
أما التحديات من الصعب أن يتم توصيفها، فالعملية أصبحت ديناميكية للغاية، وما كان في يوم ما تحديًا أصبح الآن لا وجود له، ولكن أمورًا أخرى تظهر في الطريق كتحديات جديدة، ففي البدايات كان التحدي أمام أي صندوق استثمار مباشر يتمثل في عملية التأسيس والشكل المتعارف عليه والممارسات العالمية، حيث كانت غير منظمة بالصورة المدققة في السوق المصرية.
فقد كانت موجودة بالفعل ولكنها لم تكن تسعف أو تساهم في تفعيل النشاط وفقًا للأساليب العالمية المتعارف عليها عالميًّا، لذلك معظم صناديق الاستثمار المتعارف عليها محليًّا كانت تؤسس في الخارج ثم تباشر الاستثمار في مصر.
تعديلات قانون سوق المال ولائحته التنفيذية واكبت الممارسات العالمية المتعارف عليها ما ساعد في تأسيس صناديق بمصر
لكن حدثت تعديلات بالقواعد واللوائح التنفيذية لقانون سوق المال، سمحت أو بمعنى أدق استطاعت أن تتماشى مع الاتجاه العالمي المتعارف عليه، وهذا ما نفذته شركة كاتليست عندما أسست شركة مساهمة مصرية لرأس المال المخاطر ونفس الأمر بشركة سيكونس التي تؤسس شركة مساهمة مصرية.
في حين جرت العادة أن معظم صناديق رأس المال المخاطر الموجودة في مصر، حتى على المستوى الإقليمي تم تأسيسها في مناطق أخرى، خاصة فيما يطلق عليه بالمراكز مثل الإمارات وهولندا وأمريكا.
لا يوجد سوى صندوقين للاستثمار المباشر مؤسسين في مصر
أحمد رضوان: هل ترى أنك حصلت على نفس المزايا؟
ماجد شوقي: لن أقول إني حصلت على نفس المزايا، فهنا يوجد تحدٍّ آخر، فالمستثمر الأجنبي أو الأموال التي تضخ في صناديق الاستثمار المباشر معتادة على شيء معين، وتغيره خلال هذه المرحلة ليس بالضرورة عنصر جذب على الإطلاق، وبالتالي توجد صعوبة أكبر في اجتذاب الأموال.
بالتأكيد لم نحصل على نفس المزايا الموجودة في الأسواق الأخرى على خلفية انتظار نضج التجربة
وهذا أمر أقوله بمنتهى الصراحة، فهم يترقبون ما ستسفر عنه التجربة في مصر بعد أن بدأت تسير في ركب الممارسات العالمية، وبالطبع يأتي ذلك بالتزامن مع التطورات العالمية التي تحدث حاليًا مما يزيد من صعوبة الأمر بصورة كبيرة.
ولكن هناك شق إيجابي في هذا الوضع وهو ما أقوله دائمًا، إننا خلال إحدى الفترات كان هناك تنافس دائم بين القطاع المصرفي بما يحمله من أداء واستثمارات وأدوات، وبين الشركات والمؤسسات المالية غير المصرفية، في حين نرى منذ فترة حالة من التناغم نتيجة لعمليات الاستحواذ التي تمت، وبالتالي نرى اليوم أن أغلب الأموال التي تضخ بصناديق الاستثمار المؤسسة في مصر تأتي من القطاع المصرفي.
وفي تقديري الأهم من ذلك، أنه رغم تواجد القطاع المصرفي بعنف وبنشاط واضح في استثمارات الصناديق، إلا أنه ترك الصناديق تعمل طبقًا للنظام الخاص بها، أي وفقًا لثقافتها وطريقتها الخاصة التي تختلف كليًّا عن ثقافة البنوك وطريقة عملهم، وهذه نقطة هامة جدًّا، لذلك نرى حاليًا مؤسسات تشارك في صناديق رأس المال المخاطر وصناديق الاستثمار المباشر، وهذه الكيانات بدأت تدخل في الاستثمار بالمؤسسات أو الشركات المصرية.
تطور ريادة الأعمال يتضاعف سنويًّا بدفع من أصحاب الأفكار إلى جانب دعم الجهات الرقابية والتنظيمية
ولكن التحدي هنا يكمن في إيجاد الشركات الملائمة لضخ الاستثمارات التي جمعتها صناديق الاستثمار المباشر أو رأس المال المخاطر، فرغم وجود مشروعات جاذبة وشركات جيدة للغاية وتدار بصورة مقبولة وقادرة على التطور، لكن سنجد أن ثقافة مالك الشركة قد تكون غير متوائمة أو مستقبلة لفكرة وجود طرف غريب، وإن كانت صناديق الاستثمار المباشر مفيدة له، وذلك على مستوى تطوير الإدارة والنمو بحجم شركته عبر ضخ استثمارات بها، وأن الهدف في النهاية إما الوصول للطرح في سوق المال، أو تنفيذ عملية اندماج أو استحواذ، والتي تمثل الموجة القادمة مثلما ذكر رئيس مصر كابيتال منذ قليل.
وهذا التحدي ليس بسيطًا على الإطلاق، لأنه يتسبب في إطالة فترة استخدام الأموال التي يتم جمعها من المؤسسات الأخرى.
العنصر الأكثر إيجابية هو النشاط غير العادي في نشاط ريادة الأعمال بمصر بدعم من رغبة الشباب في العمل والإبداع
الأمر الثاني الذي أراه إيجابيًّا جدًّا أيضًا، هو نشاط صناديق رأس المال المخاطر وريادة الأعمال في مصر، حيث يشهد تطورًا غير مسبوق، وما يعجبني تحديدًا في ذلك أن هذا التطور غير متولد عن قيادة الدولة لهذا النشاط، بل نابع داخليًّا من قوة الشباب المصري بجنسيه.
ونجد حاليًا بصورة مستمرة وسريعة مجموعات من الشباب المصري تخرج بأفكار مشروعات جاذبة، سواء بمجال التكنولوجيا المالية أو استخدامات التكنولوجيا الأخرى بالخدمات اللوجيستية أو الصحية أو غيرها من القطاعات، ولكن في النهاية الأفكار جيدة وتكشف نشاطًا وعملًا.
صناديق الاستثمار المباشر في الملكية الخاصة تنشط مع نشاط الطلب.. والاهتمام الآن نوعي بصورة أكثر
وعندما ننظر في التقارير الصادرة عن وزارة الاتصالات وهيئة تنمية وصناعة تكنولوجيا المعلومات- إتيدا، نجد أن التطور يتضاعف بصورة سنوية، وكل هذا بدافع من ريادة الأعمال نفسها.
فلا يوجد شك أن الفترة الأخيرة شهدت توجهًا من هيئة الرقابة المالية والبنك المركزي ووزارة الاتصالات لتقديم الدعم الكامل لهذا القطاع، على المستوى التشريعي والإجرائي، وكذلك المادي عبر إنشاء صناديق وما غير ذلك، وهذا بالتأكيد له دور كبير في التطور دون شك ويمثل عنصرًا ايجابيًّا قويًّا، لكن التحدي يكمن في أننا حاليًا جيدون في إيصال الشباب من زيادة رؤوس الأموال إلى مرحلة يطلق عليها Series A وهي مرحلة أولية، ولكن بعد ذلك ما زلنا غير قادرين على مساعدتهم لاستكمال الطريق، لذلك يكملون الطريق في مكان آخر، وهذا أمر طبيعي وجيد.
كفاءة عالية في توصيل الشباب إلى مرحلة أولى من زيادة رأس المال.. ولكن تكملة المشوار تحتاج إلى أدوات أخرى
أحمد رضوان: هل يكملون الطريق في مكان آخر بسبب مشاكل داخلية أم لعدم توافر الأدوات اللازمة محليًّا؟
ماجد شوقي: لا توجد أدوات، فالأمر يشبه الفترة التي شهدتها سوق المال خلال عامي 1992 و1993، عندما بدأ التفكير في إحياء السوق مرة أخرى كان يحتوي على أسهم فقط، وكانت فكرة السندات وتداولها وإصدار سندات شركات أمرًا غير متوافر، وتم الإبقاء على هذا الوضع فترة لحين ظهورها في السوق.
وأرى أننا نمر حاليًا بنفس المرحلة ويتزامن ذلك مع اهتمام كبير من الدولة، لذلك علينا التغلب على هذا التحدي، لأن هذه الجزئية تحديدًا تراقب عن كسب من مراكز ريادة الأعمال والمنافسين، لأنهم يترقبون وصول الشركات لمرحلة معينة ثم يتم استقطابها.
أحمد رضوان: نقطة أخيرة على صعيد التحديات والفرص أمام صناديق الاستثمار المباشر.. نشهد حاليًا تأسيس عدد كبير من صناديق رأس المال المخاطر، فلماذا لا نرى نفس الأمر بصناديق الاستثمار المباشر؟
ماجد شوقي: المسألة تتعلق بالعرض والطلب، وحاليًا نرى أن الإقبال على الاستثمار المباشر يتجه نوع الاستثمار النوعي أو الذي يتمتع بخاصية مختلفة.
فإذا تحدثنا اليوم عن تأسيس صندوق استثمار مباشر يستهدف الشركات في مجالات الصناعة والزراعة وغيرها قد يجتذب أموالًا، ولكن إذا أضفت على ذلك جانبًا آخر، وهو ما قمنا به في كاتليست عبر إضافة معايير تخدم أهداف التنمية المستدامة التابعة لبرنامج الأمم المتحدة، فإن التركيز والاهتمام يكون أكبر، ونفس الأمر إذا كان جزء من أهداف الصندوق عملية التشغيل وحقوق المرأة والأقليات لأن الاهتمام النوعي بات أكبر، وكذلك إذا تم تخصيص الصندوق للشركات المتوسطة والصغيرة سيحظى أيضًا بإقبال قوي.
مراكز ريادة الأعمال خارجيًّا تراقب أداء الشركات وتقتنصها فور بلوغ مرحلة معينة من التطور
وعلينا هنا الالتفات إلى أنه في مصر تحديدًا، تطور صناديق الاستثمار المباشر تم منذ فترة وله تاريخ وعمق وأصبح به كوادره المتخصصة، في حين أن صناديق رأس المال المخاطر وريادة الأعمال تعد حديثة على مصر، فقد تكون نشطت منذ خمس سنوات أو نستطيع القول إن الاهتمام بدأ من بعد عام 2011.
في حين أن نشاط الاستثمار المباشر يمتد لسنوات طويلة في مصر وحقق نتائج إيجابية، وقد يكون نجح في فترات ولم ينجح في فترات أخرى، لذلك لديه زخم من التاريخ استطاع أن يبني عليه، ووصل إلى التطور الذي نشهده حاليًا وأصبح نوعيًّا وتفصيليًّا بصورة أكبر، بينما الوضع مختلف فيما يتعلق بصناديق رأس المال المخاطر.
رضوى إبراهيم: هل ترى أنه رغم التنوع والتطور الذي شهدته صناديق الاستثمار المباشر إلا أن أساسيات النشاط غابت أو أهملت بعض الشيء؟
ماجد شوقي: مثل ماذا؟
رضوى إبراهيم: أقصد نشاط صناديق الاستثمار المباشر بالقطاعات الأساسية الواضحة بعيدًا عن التركيز الأخير على قطاعات محددة مثل التعليم والصحة والشركات المتوسطة والصغيرة وريادة الأعمال.. هل ترى أن هذه المجالات اقتنصت جزءًا من نصيب باقي القطاعات التي كان الاستثمار المباشر يلعب دورًا مؤثرًا بها؟
ماجد شوقي: هذا الأمر أيضًا مسألة عرض وطلب، فحاليًا الطلب على الاستثمار ينصب في قطاعات معينة وهذا الوضع له أسبابه، فعندما ننظر اليوم إلى عوائد الاستثمار المحققة في أي قطاع دفاعي خاصة في دولة تتسم بوجود تعداد سكاني كبير جدًّا، ومتنوعة على مستوى الأعمار السنية، وخاصة إذا كان يميل للشباب مثل الوضع في مصر، يتجه الاهتمام الاستثماري إلى قطاعات التعليم والصحة، والمجالات المتعلقة بالاستهلاك، وكذلك كل الأنشطة التي ترتبط مباشرة بالتعداد السكاني مثل الزراعة والصناعات الزراعية.
عوائد الاستثمار على القطاعات الدفاعية في الدول كثيفة السكان مغرية لصناديق الاستثمار المباشر
قد يأتي هذا الاهتمام على حساب قطاعات أخرى، ولكن المستثمر ينظر إلى العائد الذي كما يقال متولد عن قطاعات دفاعية، وفي فترة من الفترات لا أتذكر توقيتها تحديدًا، شهدت اهتمامًا بتأسيس صناديق استثمار متخصصة في البنية التحتية، وكذلك الصناعات الثقيلة.
أحمد رضوان: والتعدين أيضًا.
ماجد شوقي: بالفعل، وهذا كان السمة خلال هذه الفترة، ونحن حاليًا في المرحلة التالية لها.
وفي تقديري هي مسألة عرض وطلب، والمستثمر هو الذي يدفع في الاتجاه الاستثماري الذي يراه جاذبًا.
أحمد أبو السعد: لا أستطيع أن أنتظر، فهل يمكنني عمل مداخلة وارتداء قبعة الصحافة لدقائق وأسألك عن النقطة التي ذكرتها فيما يتعلق بأن نشاط الاستثمار المباشر متواجد في مصر منذ سنوات طويلة.
ماجد شوقي: طويلة جدًّا.
أحمد أبو السعد: ولكن هل لدينا صناديق استثمار مباشر من مصر؟ أرى أنه توجد صناديق استثمار مباشر تباشر عملها في مصر، في حين لا توجد صناديق أنشئت بكثرة في مصر.
لا يوجد سوى صندوقين للاستثمار المباشر مؤسسين في مصر
ماجد شوقي: بالفعل لا توجد صناديق استثمار مباشر أنشئت في مصر، ولا أريد أن أدعي شيئًا ولكن أعتقد أن الصندوق التابع لشركة كاتليست وصندوقًا آخر هما فقط المؤسسان طبقًا للقوانين المصرية، وهذا يمثل عنصرًا إيجابيًّا لأنه نتج عن تغيير في التشريع والقوانين مؤخرًا.
أحمد أبو السعد: مؤخرًا، وهذا ما أريد أن ألقي الضوء عليه، فنشاط الاستثمار المباشر موجود بمصر منذ سنوات طويلة قد تزيد على 20 أو25 عامًا، في حين أن الصناديق المنشأة وفقًا لقانون سوق رأس المال لم تكن موجودة، وبدأت في الظهور بعد التعديلات التشريعية التي سأتطرق لها لاحقًا.
لا توجد صناديق استثمار مباشر مصرية.. وبنوك حكومية أسست صناديق في الخارج
ماجد شوقي: بالفعل مؤخرًا فقط.
أحمد أبو السعد: هذا هو ما أتحدث عنه، فلا توجد لدينا صناديق استثمار مباشر مصرية، وعندما بدأت البنوك الحكومية التوجه لتأسيس صناديق استثمار مباشر ذهب إلى دبي.
خليل البواب: أريد أن أعقب على ذلك، فإحقاقًا للحق أرى أن التغيرات التشريعية التي تتم عن طريق هيئة الرقابة المالية لا نستطيع مواكبتها، فهم يسبقوننا ونحن نسعى لملاحقتهم، وهناك نقاط عديدة أعتقد أن أحمد أبو السعد سيغطيها في حديثه.
التطورات التشريعية التي تجريها هيئة الرقابة المالية أكثر سرعة من قدرتنا على مواكبتها
أحمد أبو السعد: بالفعل، خلال آخر عامين.
خليل البواب: عامين أو أكثر، وآخر التشريعات التي تصدر حاليًا تتعلق بالتكنولوجيا المالية، وأرى أن قوانين التكنولوجيا المالية ستحدث طفرة في الأسواق المالية، ويمكننا القول إن المبادرة جاءت عن طريق هيئة الرقابة المالية، وهي مكملة للمنظومة التي يقودها البنك المركزي في مجال التكنولوجيا المالية.
وبالنظر إلى ما يحدث على أرض الواقع، نجد أن البنوك أصدرت صندوقًا للاستثمار في التكنولوجيا المالية، فنحن نتحدث عن أن أكبر ثلاث بنوك في مصر اشتركت في هذا الصندوق ومعهم مؤسستان كبيرتان، وفي الوقت نفسه نجد أن التشريعات الصادرة عن هيئة الرقابة المالية تدفع في نفس الاتجاه، وعلى ذلك يمكننا القول إن هذا هو المستقبل.
الجزئية الثانية والهامة جدًّا تتعلق بما أشار إليه ماجد شوقي، والمتعلقة بأهداف برنامج الأمم المتحدة، فعندما نتكلم من منظور جانب المشتري ومديري الاستثمار، نجد أنه منذ عشر سنوات تقريبًا ظهر أمر كان حديثًا حينها يتعلق بالأهداف البيئية والاجتماعية والحوكمة.
تشريعات التكنولوجيا المالية ستحدث طفرة في الأسواق بمبادرة من الهيئة وتكميلًا لخطوات البنك المركزي
ونحن بالفعل مهتمون بذلك ويتم الأخذ في الاعتبار الأثر البيئي والاجتماعي والحوكمة في الشركات التي نستثمر بها، فبالنسبة لنا هذا أمر هام للغاية، ويتم الأخذ به عند احتساب وتقييم الاستثمار، ولكن الشركات حتى هذه اللحظة لم تتطور على صعيد عرض البيانات الخاصة بالتأثير البيئي والاجتماعي والحوكمة.
ومؤخرًا صدر قرار من هيئة الرقابة المالية والبورصة المصرية يطالب الشركات الإفصاح عن ذلك، وهذه نقطة جيدة جدًّا لأنه كان من الصعب للغاية الوصول إلى هذه المعلومات من خلال إدارات الشركات.
أما النصف الثاني والمهم جدًّا، هو أن تكون هناك رؤوس أموال مؤسسية وأفراد مهتمون بالاستثمار في الشركات التي تهتم بتلك المحاور الرئيسية الثلاثة، والتي يطبق الكثير منها أهداف الأمم المتحدة.
وعام 2022 يحمل فرصة، ومؤتمر COP 27 المنتظر انعقاده في مدينة شرم الشيخ، سيكون بمثابة فرصة جيدة للغاية للاهتمام بهذه المجلات، وسيساهم في التوعية بها بشكل كبير، ومما لا شك فيه أنها فرصة جيدة لمصر للاهتمام بتلك المنتجات، وهذا ما سيدفع رؤوس الأموال المهتمة بهذا النوع من الاستثمار للنظر إلى مصر.
عدد المستثمرين الأفراد في مختلف الصناديق كان محدودًا جدًّا.. ونسعى لنموذج مختلف يطبق الشمول المالي ويتيح الاستثمار للجميع
ياسمين منير: فيما يتعلق بصناديق أسواق الدين وأدوات العائد الثابت، ما هي الفرص والتحديات التي تواجه هذه السوق بوجه عام خلال الفترة المقبلة في ظل المعطيات الجديدة وارتفاع أسعار الفائدة والتضخم إلى جانب التحديات الاقتصادية المختلفة التي تم ذكرها؟
خليل البواب: تغييرات أسعار الفائدة سواء ارتفاعًا أو هبوطًا دائمًا تمثل فرصة لمديري الاستثمار الذين يقومون بالإدارة النشطة، وتكون هناك فرصة لتقصير فترة الاستثمار أو إطالتها حسب رؤيتهم لأسعار الفائدة، وهذه هي الميزة في إيداع المستثمر لأمواله لدى مدير استثمار محترف يقوم بإدارة نشطة.
ودعونا نقول إنه سواء كانت أسعار الفائدة في ارتفاع أو انخفاض فهي بالنسبة لمدير الاستثمار النشط لا تختلف، وبوضوح شديد فالقدرة على تحقيق عوائد متميزة تفوق المؤشرات لا تتحقق إلا في أوقات تذبذب الأسعار.
2022 فرصة للاستثمار المؤسسي الباحث عن شركات تراعي الأثر البيئي في مصر
أما عندما تكون أسعار الفائدة ثابتة والتوقعات تتجه نحو ثباتها، ففي الحقيقي لا نستطيع تحقيق أرباح رأسمالية متميزة وجاذبة للمستثمر.
وتعقيبًا على صناديق أدوات الدين، فإذا نظرنا إلى صناعة صناديق الاستثمار منذ 2017 حتى 2022، سنجد أن حجم الأصول تحت الإدارة زاد من نحو 40 مليار جنيه إلى نحو 100 مليار جنيه، ومعظم الزيادة جاءت من نوعين هما صناديق أدوات الدين والصناديق النقدية.
حجم الأصول تحت الإدارة في صناديق الاستثمار ارتفع من 40 مليار جنيه في 2017 إلى 100 مليار في 2021
وصناديق أدوات الدين على وجه التحديد كان حجمها ثابتًا دائمًا عند مستوى مليار جنيه، إلا أنها شهدت طفرة كبيرة خلال عام 2021 ووصل حجمها إلى 3.3 مليارات جنيه، وعلى الرغم من أن هذا الرقم ما زال صغيرًا، ولكن هناك وعي بدأ يتشكل بهذا النوع من الصناديق، وبدأت تمثل عنصر جذب للمستثمرين، وهذا سيتيح فرصة أكبر للمستثمرين للحصول على عوائد متميزة، بالإضافة سهولة الخروج من هذه الاستثمارات مقارنة بأوعية ادخارية أخرى تلزم المستثمر بالاستمرار في استثماره لفترة زمنية طويلة.
صناديق أدوات الدين قفز حجمها من مستوى مليار إلى 3.3مليار جنيه.. لكنه ما زال رقمًا صغيرًا
أحمد رضوان: إذا أردنا التحدث عن العوائد، فالمقارنة بين مستوى العوائد المتواجدة في السوق، وهنا لا أقصد أسعار الفائدة الاساسية بالتأكيد، ولكن أتحدث هنا عن العائد على الشهادات التي طرحها بنكا الأهلي ومصر مؤخرًا؟
خليل البواب: الشهادات التي تم طرحها كما قال الحضور منذ قليل، هي سياسة انكماشية الهدف منها هو امتصاص السيولة من الأسواق، ولا أستطيع القول إنها ستستمر، ولكنها ستكون لوقت بسيط وغير مستمرة لفترة طويلة، علاوة على أنها متاحة للأفراد فقط ولها قيود ومتناسبة مع احتياجات معينة.
الشهادات ذات العائد 18 % هدفها امتصاص السيولة ومتاحة للأفراد فقط ومؤقتة.. وبالتالي ليست منافسًا للصناديق على المدى الطويل
أحمد رضوان: هل لا تعتبرها منافسًا؟
خليل البواب: بالتأكيد هي منافس على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل ليست منافسًا، لأنه ببساطة شديدة ما نفتقده هو مستشار الاستثمار وليس المستشار المالي، ونحن بحاجة لفهم احتياجات المستثمر، حتى نستطيع أن نعرض عليه المنتج الذي يتناسب معه، فمن الممكن أن نقول لمستثمر بعد الحديث معه واستطلاع احتياجاته أن صناديق الاستثمار ليست المنتج المناسب له.
العوائد المميزة التي تفوق المؤشرات لا تتحقق إلا في فترات تغيرات أسعار الفائدة
ونحن لا نستطيع قول إن أي منتج استثماري مناسب للجميع، فصناديق الاستثمار تتناسب مع شريحة معينة حسب قدرة كل مستثمر على تحمل المخاطر، وقدرته على الاستغناء عن السيولة، وعلى سبيل المثال الصناديق النقدية تمنح أقل عائد لأنها صناديق يومية، ومدير الاستثمار لا بد أن يحتفظ بجزء كبير في النقدية.
أما صناديق العائد الثابت يكون لدينا قدرة أكبر على إطالة فترة الاستثمار، نظرًا لأن الاستردادات بها تكون كل أسبوع أو كل شهر، وإذا استطعنا أن نجعل أجلها 3 أشهر أو 6 أشهر سيكون هناك تذبذب طفيف في حجم الأصول تحت الإدارة، وسنكون قادرين على تحقيق عوائد أكثر تميزًا.
الاحتياجات هي التي تحدد القناة الاستثمارية الأنسب.. وصناديق الاستثمار تناسب شريحة معينة لمتطلبات معينة
بينما سنجد أن صناديق الاستثمار المباشر دائمًا ما تكون العوائد المتوقعة عليها أكبر من 20%.
ماجد شوقي: ولكن خلال فترة تتراوح ما بين 3 إلى 4 سنوات على الأقل.
خليل البواب: بالضبط، وهذا يكون عائدًا تراكميًّا، لأنه إذا قال مدير الاستثمار المسؤول عن صندوق استثمار مباشر أنه سيمنح 9% مثل الصناديق النقدية فسوف تفقد هذا المستثمر، لأن هذا الصندوق يتحمل مخاطر أعلى، وما نحاول قوله هو أنه كلما ارتفعت المخاطرة ستقل السيولة وبالتالي لا بد أن يكون العائد المتوقع أعلى.
ولا أريد أن أركز وأسلط الضوء على الصناديق النقدية وصناديق أوراق الدين فقط، ولكن على العكس ننصح دائمًا أن يكون هناك توزيع للاستثمارات، والتنوع أمر مهم، وهناك بعض العملاء الذين يقدمون على استثمار كل أموالهم في الأسهم أو أوراق الدين حسب رؤيتهم للوعاء الذي يشهد رواجًا حاليًا، ولكن هذا تصرف غير سليم ودائمًا ننصح المستثمرين بالتنوع وتوزيع المخاطر.
دائمًا ما ننصح بتوزيع الاستثمارات بين أنماط صناديق الاستثمار المختلفة بمساعدة المستشار المالي والتكنولوجيا المالية
وأرى أن المستشار الاستثماري هو الذي يجب أن نبني عليه في المستقبل، وبالتأكيد أن التكنولوجيا المالية ستساعدنا في ذلك، ولا بد أن نركز عليها جميعًا لأنها ستسهل الوصول إلى المستثمرين، وسنحقق الأهداف عبر نشر الثقافة الاستثمارية والاعتماد على التكنولوجيا المالية وزيادة القدرة على الاستثمار عبر قنوات مختلفة.
رضوى إبراهيم: سأنتقل بالحديث للعضو المنتدب لشركة أزيموت مصر لإدارة الأصول، نريد أن تحدثنا عن التحديات التي تواجه صناديق الاستثمار في الأسهم، وسأستشهد بما قاله رئيس شركة كاتليست حول التحديات التي تواجه صناديق الاستثمار المباشر وأنها أصبحت تتركز في توظيف أموالها وفرص استثمارها وليس في مرحلة جمع الأموال، هل هذا ما تراه أيضًا في صناديق الأسهم؟ فما التحدي الذي تواجهه؟ هل في مرحلة جمع أموال الصندوق أم في توظيفها واستثمارها؟
أحمد أبو السعد: قبل أن أنتقل إلى صناديق الأسهم على وجه التحديد، سأقول كما تحدث رئيس شركة مصر كابيتال منذ قليل، إن أحد المجالات التي شهدت تطورًا كبيرًا للغاية على المستوى التشريعي وبيئة عمله على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وهذا بخلاف مجالات أخرى، هو نشاط صناديق الاستثمار، وفي الحقيقة هناك طفرة كبيرة في صناعة صناديق الاستثمار، كما أود أن أتطرق للحديث عن أهمية المشاركة المؤسسية التي أصبحت متواجدة فيما بين مؤسسات إدارة الأصول العاملة في السوق.
السماح لمديري الاستثمار بإنشاء الصناديق.. والسماح لكيانات مختلفة بتلقي الاكتتابات صنع منظومة عمل متكاملة
ماذا حدث خلال السنوات الأخيرة الماضية في صناعة صناديق الاستثمار؟ وتحديدًا من بداية يناير عام 2020، كان في السابق مسموحًا بتأسيس صناديق الاستثمار للبنوك وشركات التأمين فقط.
وكانت شركات التأمين تنأى بنفسها عن الدخول في هذا المجال، والبنوك التجارية بطبيعتها كارهة لصناديق الاستثمار، إذن فصاحب المنتج الأساسي لا يفضله، لأنها لا تدرج في ميزانياتهم، وبالتالي عائد هذه الصناديق على البنوك محدود جدًّا مقارنة بجمع الودائع وتوظيفها كقروض سواء للحكومة أو الشركات مقابل عائد كبير، وهذا على خلاف المتبع على المستوى العالمي.
ففي الأسواق العالمية البنوك ما هي إلا جهة لبيع وتسويق صناديق الاستثمار ولا تقوم بتأسيسها أو تتحمل أعباءها من تحديد نوع الصندوق وتعيين لجنة الاستثمار والاشراف ومراقب الحسابات والمستشار القانوني وغيرها من إجراءات التأسيس وتيسير الأعمال، فكل ذلك ليس من مهام أعمالها.
وعندما جاءت أزيموت لدخول السوق المصرية وتقدمت للهيئة العامة للرقابة المالية، أوضحت ما يحدث في الأسواق العالمية، وهو أن مديري الاستثمار هم من يقومون بتأسيس صناديق الاستثمار، والبنوك ما هي إلا جهة من الجهات التي تقوم ببيع هذه المنتجات.
وفي الحقيقة هيئة الرقابة المالية استطاعت تعديل التشريع في يناير 2020، وسمحت لمديري الاستثمار بتأسيس وطرح الصناديق الخاصة بهم، وكانت أزيموت أول من حصل على هذا الترخيص في مصر، وأول مدير استثمار أطلق صندوق استثمار خاصًّا به في السوق المصرية.
وفي هذه الحالة يكون مدير الاستثمار هو صاحب المنتج، وهو من يتحمل كل الأعباء الإدارية والمهنية، ويحتاج لبيعه، وهنا تظهر أهمية القدرة على النفاذ، ووسيلة النفاذ هي البنوك، ولكن ليس بمفردها، والتعديلات التي أجرتها الرقابة المالية سمحت أيضًا لجهات أخرى بتلقي اكتتابات وشراء واستردادات وثائق صناديق الاستثمار، وسمح لشركات سمسرة في الأوراق المالية أن تتلقى، وبالتالي أصبح حاليًا هناك مجموعة شركات سمسرة تعمل في بيع واسترداد الوثائق، مثل النعيم وجلوبال وثاندر ومصر كابيتال للسمسرة.
كما تم السماح لشركات قابضة بتلقي الاكتتاب والاسترداد لوثائق صناديق الاستثمار، وأصبح هناك تعاون بين عدة جهات ومدير الاستثمار في ترويج صناديق الاستثمار.
وهناك صناديق لأزيموت تشارك في ترويجها شركة كاتليست وشركة مصر كابيتال، أي إننا أصبحنا جميعًا نعمل مع بعضنا البعض، شركة إدارة أصول تقوم بتأسيس الصندوق وشركة السمسرة المتخصصة في السندات تقوم ببيعه، كما تشارك في بيعه شركة أخرى قابضة، إلى جانب مشاركة البنوك وشركات السمسرة في الأوراق المالية أيضًا في عملية بيع الوثائق، وبالتالي باتت هناك وسائل تواصل متعددة وكبيرة مع العملاء المستهدفين للصناديق.
وجود مراقب حسابات واحد للصندوق بدلًا من اثنين كان بمثابة دفعة أخرى للنشاط.. بجانب السماح بتأسيس صناديق متعددة الإصدارات
وهناك أمر ثانٍ استطاعنا تعديله مع الهيئة العامة للرقابة المالية، وهو أنه في السابق كان يلزم الصندوق بالتعامل مع اثنين من مراقبي الحسابات، وكل مراقب حسابات شريك في المراقبة على الحسابات لا يجوز أن يتعامل مع أكثر من صندوقين، وكان هناك عدد محدود جدًّا من مراقبي الحسابات، وفي الحقيقة مراقبو الحسابات من أهم التحديات التي كانت تواجه هذا المجال، وكان ذلك عقبة أمام زيادة عدد صناديق الاستثمار في السوق.
وتواصل مجلس إدارة الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار «إيما» مع الهيئة العامة للرقابة المالية في هذا الموضوع، وبالفعل أجرت الهيئة تعديل أحدث طفرة في المجال، وأصبح الصندوق ملزمًا بالتعامل مع مراقب حسابات واحد، كما تحدثنا عن أن مدير الاستثمار يقوم بحساب صافي سعر الوثيقة كل يوم أو كل أسبوع فلماذا نقوم بإعداد ميزانية ربع سنوية، وأصبحت الميزانية نصف سنوية.
كما كان مدير الاستثمار الذي لديه 20 صندوقًا والمسؤول عند إدارة الاستثمار مسؤولًا أيضًا عن مهام أخرى، ولكن حاليًا تم نقل إعداد القوائم المالية إلى شركات خدمات الإدارة، وبات مدير الصندوق متفرغًا لأعمال إدارة الاستثمار، وهذا هو المطبق والمتبع في الممارسات الدولية، كما تم السماح بتأسيس صناديق استثمار متعددة الإصدارات.
ماجد شوقي: بالضبط، هذا موضوع مهم للغاية.
أحمد أبو السعد: ونحن أول من أطلق تلك الصناديق، كما تم السماح بتأسيس صناديق القيم المنقولة، وعلى الرغم أنه لم يصدر أي منها حتى الآن نظرًا لكون المعالجة الضريبية الخاصة بها ما زالت شائكة، إلا أنها محل اهتمام من الجميع، خاصة أن ضمنها صناديق الاستثمار في المعادن.
تحركات تبشر بحل مشكلة المعالجة الضريبية للصناديق العقارية
أما الصناديق العقارية حدث ولا حرج ما زالت معطلة، وهناك أزمة في معالجتها الضريبية وإذا لم يتم حلها ستظل هذه الصناديق معطلة، ولكني أرى أن هناك بعض التحركات قد تشير إلى أن هذه الأزمة في طريقها إلى الحل.
رضوى إبراهيم: يقال إن هناك ورقة عمل قدمت لمعالي رئيس مجلس الوزراء الوزراء منذ أيام.
أحمد أبو السعد: بالفعل هناك تحركات عديدة تسعى إليها الهيئة العامة للرقابة المالية ورئيس مجلس الوزراء، ومن الواضح أن هناك إجماعًا وإرادة سياسية.
ياسمين منير: هناك رغبة.
أحمد أبو السعد: بالفعل هناك رغبة في حل هذه الأزمة، والمعالجة الضريبية لكل صناديق الاستثمار، فيما عدا الصناديق النقدية وصناديق العائد الثابت التي كانت معالجتها الضريبية واضحة من البداية، فباقي الصناديق كانت تعاني معاناة كبيرة في المعالجات الضريبية منذ صدور قانون الضريبة في عام 2013 أو 2014.
وأصبح صندوق الاستثمار إذا قام بربط وديعة، سيدفع 22.5% عليها، وإذا تداول في البورصة سيدفع أيضًا ضريبة دمغة، وإذا حقق أرباحًا رأسمالية سيدفع عليها ضريبة أرباح رأسمالية، ثم سيخضع في النهاية لوعاء ضريبة الدخل بواقع 22.5%، فماذا سيتبقى للمستثمر؟ لا يتبقى له شيء.
وهناك معالجة ضريبية لهذه المسألة من المنتظر صدورها خلال الفترة المقبلة، وهذا نجاح كبير وسيساهم في حدوث طفرة في صناديق الاستثمار.
وهنا أود الإشارة إلى وجود خلط لدى البعض، وهم من يقولون إن صناديق الاستثمار حصلت على ميزة لم يحصل عليها المستثمرون الأفراد، رغم أن صناديق الاستثمار في الحقيقة هي استثمارات الأفراد، ولكن بدلًا من التعرض لكل مستويات الضرائب في كل محور من أدوات الوصول، سيكون كل العائد الخاص بصندوق الاستثمار واضحًا صافيًا من الضرائب، وإذا كان المستثمر فردًا سيدفع 5% على الأرباح المحققة، وإذا كان المستثمر مؤسسة فستدفع 15% على الأرباح المحققة.
المزايا الضريبية التي حصلت عليها صناديق الاستثمار ستعود بالأساس على المستثمر الفرد
وأصبحت الميزة النسبية التي حصلت عليها صناديق الاستثمار، ليست ككيان منتفع، ولكنه كيان يجمع حملة الوثائق وهم المنتفعون من ذلك في حقيقة الأمر وهم المستثمرون الأفراد وليس مدير الصندوق، وإذا كان حامل الوثيقة فردًا سيدفع 5% بدلًا من 10%، وإذا كانت مؤسسة ستدفع 15% بدلًا من 22.5%.
ياسمين منير: المعالجة منحت ميزة لصناعة الصناديق.
أحمد أبو السعد: بالضبط، لكن لماذا؟ لأننا نرغب في تشجيع الاستثمار التكافلي المنظم من خلال صناديق الاستثمار.
رضوى إبراهيم: لماذا على الرغم من كم التيسيرات التي عددتها لا نرى انعكاسًا واضحًا لها على نشاط صناديق الاستثمار؟
أحمد أبو السعد: لأن هذه التيسيرات صدرت منذ عامين فقط، وانعكاساتها ستكون خلال المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى أن هذه المعالجة الضريبية ستساهم في طفرة كبيرة، فمن كان يستطيع تأسيس صندوق استثمار في الأسهم خلال السنوات الماضية، فعندما قامت أزيموت بتأسيس صندوق للأسهم في يوليو 2021 كان البعض يراها خطوة شجاعة تستحق التقدير في ظل هذه الظروف.
وكان أول صندوق للأسهم يصدر في مصر منذ عام 2013، لأن هذه المعالجة الضريبية تجعل الصندوق فعليًّا غير قادر على تحقيق عائد، في ظل تعرضه لاستقطاع ضرائب على عدة مستويات، بخلاف أن قدرتنا التسويقية محدودة جدًّا، فهناك غياب للثقافة الاستثمارية التي كان يتحدث عنها رئيس شركة مصر كابيتال.
كيف يمكن تشجيع المجتمع على الاستثمار التراكمي في ظل صعوبة المعالجات الضريبية؟
فكيف سنصل للجمهور؟ وكيف سنشجعهم على فكرة الاستثمار التراكمي على مدار الزمن؟ وحاليًا في العالم بأكمله، كل فرد لديه دخل يأتي له سواء راتب أو معاش يخصص جزءًا منه للاستثمار في الأسهم، ولكن ذلك لا يتوفر لدينا، ففي مصر يدخل الفرد بكل أمواله في استثمار محدد أو يتخارج منه كليًّا، ويغيب عنا استثمار كل الأفراد لجزء من دخلهم أو مدخراتهم، وهنا أتحدث عن المبالغ الصغيرة.
رضوى إبراهيم: هل نستطيع أن نقول إن التحدي الذي يواجه صناديق الاستثمار في الأسهم يتركز في جمع الأموال بالبداية وليس توظيفها وفرص الاستثمار؟
أحمد أبو السعد: التحدي ليس في فرص استثمارها نهائيًّا، ولكن التحدي في فكرة جمع الأموال وطرق التواصل ونشر الثقافة المالية وأن يكون الجمهور مستعدًّا للاستثمار، وللأسف الاستثمار في البورصة قد يكون سيئ السمعة إلى حد ما على مدار تلك السنوات الطويلة، رغم أن ذلك على عكس الحقيقة.
أهم تحديات صناديق الأسهم ليس فرص الاستثمار ولكن جمع الأموال والثقافة المالية
ونحن قمنا باختبار جيد قبل إطلاق صندوق الأسهم الخاص بنا، فعلى مدار العشرين عامًا الماضية، سواء صعودًا للسوق، أو هبوطًا للسوق في فترات الثورات والكوارث العالمية، كما شهدنا فترات إيجابية جدًّا كانت مع الطفرة التي حققتها الأسواق الناشئة، فبالتالي اختبرنا فترات متنوعة وطويلة.
فإذا كان هناك لكل فرد ناصح مالي أو مستشار استثماري، وخصص مبلغ صغير للاستثمار شهريًّا بعد الحصول على هذه الاستشارة ولمدة عشرين عامًا بغض النظر عن كون السوق في مرحلة صعود أو هبوط، وفقًا لبرنامج استثماري متفق عليه مع المستشار الاستثماري، فإذا كان هذا المبلغ ألف جنيه على سبيل المثال، أي 240 ألف جنيه على مدار العشرين عامًا، فإذا كنت وضعتهم مع مدير استثمار نشط فسيصل المبلغ في نهاية المدة على أقل تقدير إلى نحو مليون وأربعمئة ألف جنيه.
أما إذا استثمر المبلغ في في أحد الصناديق التي تحتل المراكز العشرة الأولى في السوق على مستوى الأداء والعائد والتي يديرها مديرو استثمار نشطون ومحترفون فسيتجاوز المبلغ نحو 3 ملايين جنيه، وهذه هي الثقافة التي نريد ترسيخها لدى الجمهور و تشجيعه على الاستثمار في البورصة.
ياسمين منير: هل ستعالج هذه الثقافة عن طريق إطلاق منتجات جديدة؟
أحمد أبو السعد: لا، ستعالج عن طريق نشر الثقافة الاستثمارية وبناء الوعي، وكيفية الوصول للشرائح المستهدفة، فالمنتجات متواجدة بالفعل.
الاستثمار في البورصة قد يكون سيئ السمعة في السنوات الأخيرة على غير الحقيقة
رضوى إبراهيم: هل هناك مشكلة في طريقة الخطاب الموجه للشرائح المستهدفة؟
أحمد أبو السعد: لا يوجد خطاب من الأساس، فنحن لم نصل لهم، وحاليًا نتواصل للجامعات والنشء، والبورصة المصرية أطلقت سلسلة المستثمرين الخمسة الموجهة للنشء، ولكن هذه الشريحة العمرية ستحتاج لمدة عشرين عامًا حتى نجني ثمار نشر الثقافة المالية فيما بينها، ولكن هذا ما سيحدث طفرة مستقبلًا، فكما نعمل على الشرائح الكبيرة لا بد أن نعمل أيضًا على الشرائح الأصغر، ونشجع الجميع على البدء في الاستثمار مبكرًا.
تعزيز الثقافة المالية يحتاج إلى الوصول للناس بخطاب مناسب.. والمنتجات موجودة
فهناك دراسة أعدت على شرائح عمرية مختلفة، وأظهرت أن من يبدأ الاستثمار عند سن عشرين عامًا يحقق عند سن الستين عامًا ضعف ما يحققه من بدأ الاستثمار عند سن الثلاثين عامًا، على الرغم أن الفارق في نقطة البداية عشرة أعوام فقط، ونحن بحاجة لنشر هذه الثقافة.
الناصح الاستثماري وظيفة مهمة جدًّا في السوق المصرية.. ومن الضروري ترخيصها
وسيتم نشرها عن طريق الناصح الاستثماري الذي تحدثنا عنه، فهذه المهنة من الوظائف التي من المهم تواجدها في السوق المصرية، ومن المهم للغاية أن يتم ترخيصها بداية من الآن، حتى لا نجد من يمارسها دون خبرة أو علم باحتياجات الجمهور، وبالتالي يكون مؤهلًا ويمكن أن يؤتمن على توجيه نصائح استثمارية.
وفي حديثي كنت أحاول تلخيص التطور التشريعي الذي شهدته صناعة صناديق الاستثمار، والذي يمهد الطريق لصناديق الاستثمار، فحجم صناديق الأسهم في السوق لا يتجاوز 2 مليار جنيه.
خليل البواب: مليار وستمئة ألف جنيه.
أحمد أبو السعد: حاليًا تمثل ما لا يتجاوز 2 مليار جنيه، من إجمالي 100 مليار جنيه لصناعة صناديق الاستثمار بالكامل أي ما يعادل 5 مليارات دولار، فدولة مثل البرازيل وهي سوق ناشئة مثلنا، تعدادنا نحو 100 مليون نسمة وهم 200 مليون نسمة، ولكن حجم صناعة صناديق الاستثمار بها يبلغ تريليون دولار.
صناديق الاستثمار في الأسهم لا تتجاوز 2 مليار جنيه
وهو ما يعني أنه من المفترض وفقًا لهذه النسب بيننا وبينهم يكون حجم صناعة صناديق الاستثمار لدينا نصف تريليون دولار، ولكننا عند مستوى 5 مليارات دولار أي ما يساوي 5% فقط من حجمه في دولة ناشئة أخرى وليست دولة متقدمة، وهذا يشير إلى أننا لم نصل للجمهور المستهدف، وأؤيد رئيس شركة مصر كابيتال في أن التكنولوجيا المالية ستكون وسيلة النفاذ لأكبر شريحة من المستثمرين.
أحمد رضوان: نستأذنكم في استراحة قصيرة، قبل بدء الجزء الثاني من اللقاء.