قالت ثلاثة مصادر مطلعة لرويترز إن ألمانيا وقطر تواجهان صعوبات في محادثات بشأن اتفاقات طويلة الأجل لتوريد الغاز الطبيعي المسال وسط خلافات بشأن شروط رئيسية، بما يشمل فترة سريان أي عقد.
وأضافت المصادر أن ألمانيا، التي تهدف لخفض انبعاثات الكربون بنسبة 88% بحلول 2040، مترددة في قبول شروط قطر لتوقيع اتفاقات لفترات لا تقل عن 20 عاما لتأمين الأحجام الضخمة من الغاز المسال التي تحتاجها لتقليل اعتمادها على الغاز الروسي.
وقالت المصادر إن قطر، أكبر مورد في العالم للغاز الطبيعي المسال، تحدد أيضا شروطا من بينها شرط يتعلق بالوجهة من شأنه أن يمنع برلين من إعادة شحن الغاز إلى مناطق أخرى في أوروبا، وهو شرط يعارضه الاتحاد الأوروبي.
تسلط المحادثات الصعبة بين قطر للطاقة وشركات المرافق الألمانية الضوء على التحديات التي يواجهها الاتحاد الأوروبي في طموحه لتنويع مصادره بعيدا عن الغاز الروسي، في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة الألمانية جهودا لتحقيق توازن بين أي اتفاق تبرمه وأهدافها لخفض الكربون.
وتستهلك ألمانيا حوالي 100 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا يأتي نحو 55% منها من روسيا، في حين تأتي كميات أصغر عبر أنابيب من هولندا والنرويج.
وتدعم ألمانيا بناء محطتين للغاز الطبيعي المسال واستأجرت أربع خزانات عائمة ووحدات لإعادة تغويز الغاز الطبيعي المسال كإجراء لسد الفجوة.
وما تحتاجه ألمانيا الآن فعليا هو الغاز الطبيعي المسال.
وقال أحد المصادر “مسألة طول أجل عقد الغاز الطبيعي المسال، التي من المحتمل أن تعرض للخطر أهداف التخلص من الكربون في ألمانيا، هي جزء من المناقشات الجارية مع قطر”، مضيفا أن ألمانيا تتنافس أيضا مع دول أخرى على استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر.
وقال مصدر آخر إن تأمين إمدادات الغاز الطبيعي المسال من قطر “ليس من المتوقع أن يحدث قريبا”.
وأحجم مكتب الاتصال الحكومي القطري عن التعقيب على المفاوضات الجارية. ولم يتسن الاتصال بوزير الاقتصاد الألماني للتعليق.
وقال فيليكس بوث، رئيس قسم الغاز الطبيعي المسال لدى شركة معلومات الطاقة فورتيكسا، إن قطر حازمة أيضا فيما يتعلق بربط العقود بسعر النفط الذي يمثل الهيكل التسعيري لمبيعاتهم البديلة إلى آسيا، بينما يسعى الألمان إلى الربط بمؤشر تي.تي.إف الهولندي.
وأضاف بوث “تجلس قطر في مقعد القيادة في هذه المناقشات في ظل وجود مشروع جديد قيد التنفيذ واهتمام قوي بالكميات التي تمتلكها وتاريخها الطويل كموًرد موثوق به”.
وتابع قائلا “لتأمين هذا العرض، من المتوقع أن يحتاج الفريق الألماني إلى قبول هيكل تسعير تقليدي مرتبط بالنفط، وهو ما يعرض المشتري الأوروبي لانكشاف مالي كبير مقارنة بالأسعار في أوروبا”.
مقايضة
زار وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، قطر في مارس بصحبة مسؤولين من شركتي المرافق الألمانيتين آر.دبليو.إي ويونيبر لمناقشة شراء كميات إضافية، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حتى الآن.
وأبرمت آر.دبليو.إي، أكبر منتج للكهرباء في ألمانيا، اتفاقا في عام 2016 مع شركة قطر للغاز، وهي وحدة تابعة لقطر للطاقة، سيتم بموجبه تسليم ما يصل إلى 1.1 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال إلى شمال غرب أوروبا سنويا بحلول نهاية عام 2023.
وامتنعت آر.دبليو.إي عن التعقيب على المحادثات. كما أحجمت يونيبر عن التعليق مكتفية بالقول بأن علاقاتها مع قطر تمتد لسنوات طويلة وإنها تأمل بأن تكون قادرة على البناء على تلك العلاقة.
وقال مصدران مطلعان آخران إن شركتي الغاز الألمانية ستعودان إلى قطر خلال الشهر الجاري لاستئناف المحادثات.
وأضاف المصدران أن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر سيزور ألمانيا في النصف الثاني من مايو الجاري لتوقيع اتفاق شراكة بين البلدين.
وقال المصدران إن ذلك لا يعني أنه سيتم إبرام اتفاقات طويلة الأجل متعلقة بالغاز الطبيعي المسال إذ تهدف الشراكة إلى تمهيد الطريق لزيادة شحنات الغاز الطبيعي المسال القطرية إلى ألمانيا في الأجل الطويل.
ويستثمر جهاز قطر للاستثمار، صندوق الثروة السيادي القطري، حوالي 20 مليار دولار في ألمانيا إذ يمتلك حصصا في شركة فولكس فاجن ودويتشه بنك.
وتأمل ألمانيا في إبرام شراكة ثنائية مع قطر يمكن بموجبها لشركات ألمانية مثل سيمنس للطاقة وغيرها أن تساعد الدوحة في محاولاتها لتنفيذ خطة الاستدامة التي أطلقتها أواخر العام الماضي.
وقال أحد المصادر، وهو من قطاع الطاقة الألماني: “يجب أن يكون هناك اتفاق شرف بين القطريين وشركات ألمانية على أن الغاز الطبيعي المسال يجب أن يكون فقط الخطوة الأولى في تعاون أطول أمدا بين البلدين”.