جاسر بهجت في حوار مع حابي: الهرولة نحو زيادة أسعار بيع العقارات خطأ كبير
من لا يجيد التحكم بالتكلفة يخسر كثيرا.. والتنفيذ على مراحل والالتزام وكسب ثقة العملاء أهم عوامل النجاح
إسلام سالم _ قال المهندس جاسر بهجت، رئيس مجلس إدارة شركة مدار للتطوير وعضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري ، إن عدم ثبات سعر صرف الدولار يعد من أبرز التحديات التي تواجه السوق العقارية، خاصة أنها تؤثر على تكلفة الإنشاءات وبالتالي على أسعار بيع العقارات، ولكن في الوقت نفسه تعد فرصة جيدة بالنظر للجانب الإيجابي للأمر، فتراجع سعر الجنيه مقابل العملات الأخرى يتيح فرصة أفضل للمبيعات للأجانب لتتحرك السوق العقارية الخارجية.
أضاف جاسر بهجت، في تصريحات لجريدة حابي، أن التحديات تتضمن أيضًا قلة الأراضي وتعدد إجراءات إصدار التراخيص، بجانب صعوبات التمويل العقاري وإجراءاته وطريقة حسابه، مشيرًا إلى أن شركات التمويل العقاري تتقصى عن الإمكانيات المادية لطالب التمويل، رغم أن الوحدة هي ضامن التمويل وليس الشخص طالب التمويل.
عدم ثبات سعر صرف الدولار أبرز التحديات.. إلى جانب نقص الأراضي وصعوبات إصدار التراخيص والتمويل العقاري
وأكد رئيس مجلس إدارة شركة مدار للتطوير وعضو مجلس إدارة غرفة التطوير العقاري، أن هناك اتجاهًا لدى المطورين لمطالبة شركات التمويل العقاري باعتماد الوحدة كضامن للتمويل بعيدًا عن طالب التمويل، وحال سداد 20% من سعر الوحدة تعود ملكيتها للشخص.
وعن إمكانية تقديم غرفة التطوير العقاري توصيات أو مطالبات بخصوص هذا الأمر خلال الفترة المقبلة، أوضح أنه لا يمكنه الحديث عن هذا الأمر خاصة أنه غير مخول له الحديث باسم الغرفة، وعن احتمالية وجود تحركات بخصوص هذا الأمر، لفت إلى أنه يمكن للجميع أن يطالب بأي شيء ولكن العبرة في النهاية بمدى الاستجابة لهذه المطالب.
لماذا تتقصى شركات التمويل عن الإمكانيات المادية للعميل رغم وجود الوحدة نفسها كضمانة؟!
وعن مطالبات إيجاد آلية للتواصل مع مسؤولين حكوميين لعرض المطالب بشكل دوري، شدد على أن هذا الأمر متوفر بالفعل، وأن المسؤولين الحكوميين المعنيين بالقطاع مستمعون جيدون ولقاءاتهم مثمرة، وقال: «نحن كأعضاء بمجلس إدارة الغرفة كل منا لديه علاقاته ولم يتأخر أي مسؤول في مقابلتنا وبالتالي فهذا الأمر سهل تحقيقه».
وبشأن خطة الشركة لمواجهة التحديات، كشف عن أنه دائمًا ما يتم النظر إلى حجم المبيعات، رغم أن البيع يكون هو الأسهل بينما الأصعب هو التنفيذ والالتزام بما وعدت به الشركة بالقيمة المالية المناسبة ومدى استطاعتها تسليم الوحدات في المواعيد المحددة.
وأشار إلى أنه عند توقيع العقد مع العميل، لا يتم النظر إلى الأموال التي ستتدفق منه، ولكن يتم النظر إلى الأموال التي سيتم إنفاقها لتنفيذ وحدة العميل، وهذا هو الأمر الذي أقوم بالتركيز عليه، نعم هناك بعض العملاء يمكن تعثرهم، إلا أن نسبتهم لا تتعدى 10% على أقصى تقدير، وبالنظر إلى الالتزام بسداد 100% من سعر المنشآت، فإن كل التركيز يكون على كيفية الحصول على أفضل سعر لمستلزمات الإنتاج والتوصل لأفضل اتفاق مع الشركاء، وكيف يمكن الحصول على أفضل عرض من مصنع حديد وتوقيع اتفاق معه لتوريد المنتج لمدة عام قادم، ومن هم المقاولون الذين ستعمل معهم وما هي طريقة الدفع لهم؟
ونوه إلى أن تلك الأمور هي التي ستمكنك من تحقيق مكاسب على المدى الطويل؛ لأنك في النهاية قمت بالبيع والتزمت مع العميل ولو لم تقم بإحكام التكلفة فتأكد أنك ستخسر لأن الأسعار تتحرك دون وجود سيطرة عليها، وبالتالي يجب السيطرة على الأمور الإنشائية منذ البداية، فلا يجوز أن تذهب للعميل لتقول له أسعار الحديد ارتفعت وأريد زيادة السعر، فلا أحد يفعل ذلك، وإنما ما تستطيع السيطرة عليه وإحكامه هو تكلفتك أنت.
وفيما يخص المطالب والمقترحات التي يمكن تقديمها للحكومة، قال إن الحديث النظري يتضمن 14 طلبًا ستسمعه من أي مطور عقاري، ولكن بشكل عملي ومن وجهة نظري، أرى أن الحكومة تقريبًا تؤدي ما عليها، وتعلم احتياجاتنا جيدًا، فرئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي جاء من هذا القطاع ولا يحتاج للمزايدة عليه.
الحكومة الحالية تدرك مطالب القطاع جيدًا.. وقنوات التواصل مع المسؤولين سهلة ومثمرة
وأضاف أنه عند الحديث عن الاحتياج إلى أراض بوفرة، فإن رئيس الوزراء يعلم هذا المطلب تمامًا، فالحكومة تعلم مطالب القطاع جيدًا وتبذل ما تستطيع من جهد لتنفيذها، ولكن طلباتي موجهة للمطورين وليس للحكومة، بمعنى أنك كشركة في ظل الظروف التي نمر بها من حرب وتبعات كورونا وأزمات مستمرة، يجب أن تكون لديك المرونة الكافية لإحكام مصروفاتك، وتستطيع تنفيذ اتفاق جيد في كل شيء تقوم بعمله، وأن تقوم بالتسعير بذكاء وعدم الهرولة نحو زيادة أسعار الوحدات في ظل توقعات ارتفاع أسعار مواد البناء، ثم تجد أن أسعار مستلزمات الإنتاج تنخفض.
وأكد أن أسعار مواد البناء انخفضت بالفعل خلال الأيام الماضية، وكل من قام بزيادة أسعار وحداته أصبح في أزمة الآن، وبالنسبة لشركة مدار فلم تقم بزيادة أسعار الوحدات منذ بداية أزمة التضخم وارتفاع أسعار مواد البناء حتى الآن. وأضاف: كان رأيي حينها أن أنتظر وأرى إلى أين ستستقر الأوضاع. ولذلك شهدت الشركة إقبالًا كبيرًا من جانب العملاء لانخفاض أسعار وحدات الشركة مقارنة بمن قام بزيادة أسعاره.
وأوضح أن أي عقد بيع مع عملاء شركته يتم توقيعه الآن يتضمن مهلة للتسليم خلال 4 سنوات، ونظرًا لإمكانية تنفيذ الإنشاءات خلال 3 أشهر فقط، فلماذا لا أنتظر حتى تراجع أسعار مواد البناء خاصة أنني أمتلك الوقت لذلك، كما أن أي مطور وضع ضمن تسعير الوحدة 10% زيادة سنوية في سعر الوحدة، وبالتالي فالجميع يضع بعض الأمور في الدراسات المالية تغطي الشركات إلى حد ما.
وقال موجهًا حديثه إلى مسؤولي الشركات: عند ارتفاع سعر الدولار بنسبة كبيرة على سبيل المثال، عليك التحلي بالصبر ورؤية إلى أين ستستقر الأوضاع ومن ثم اتخذ قرارك، فالزيادة المفاجئة ستخرجك من السوق، بجانب احتمالية تراجع سعر المواد الخام، ما يضعك في أزمة، فالدولار بعدما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاعه إلى 24 جنيهًا تراجع ولم يرتفع، وأسعار الحديد تراجعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.
مدار لم تحصل على تمويل بنكي لمشروعاتها حتى الآن
وعن رؤيته لأسواق التمويل بمختلف أدواتها، وهل هناك مطالبات في هذا الشأن، نوه إلى أنه لم يحصل على تمويل بنكي لمشروعاته حتى الآن، فتمويل مشروعات الشركة يقوم على جزأين، الأول خاص برأسمال الشركة والآخر من متحصلات البيع، والفارق بين شركة وأخرى هو حجم المرتدات.
واوضح أن حجم المرتدات لدى شركته لا يتعدى 1%، وحجم العملاء المتعثرين لديها أقل من 0.5% بفضل جودة المنتج الذي تقدمه الشركة، وهو ما يدفع العملاء للتمسك بالمشروع، فالأمر عبارة عن حلقات متشابكة وكل أمر يعود لسبب آخر، وقال: «هذا لا يعني أنني بارع في انتقاء العملاء ولكن الشركة تحرص على تقديم منتج يتمسك به العميل، وحتى من يقرر تركه يكون مضطرًّا لذلك».
يجب الإعلان عن دراسة توضح الاحتياجات المختلفة لكل شريحة مستهدفة من العملاء الأجانب
أضاف أن الشركة عندما تقدم منتجًا جيدًا، وتكون أكثر عقلانية في التسعير ولديها المرونة الكافية لاستيعاب جميع مشاكل العملاء، فلن تواجه مشاكل وسيقل حجم المرتدات.
وقال: «عندما التزمت بهذه الأمور استطعت الحفاظ على المتحصلات التي قمت برسم المشروع عليها بشكل ثابت فاستطعت على الأقل سد الفجوة التي يمكن أن تحدث»، مؤكدًا أن أبرز أسباب انهيار أي مشروع هو عدم التزام العملاء بالسداد، مع ارتفاع تكلفة الإنشاءات، وهذا هو المتوقع لعدد من المشروعات دون ذكر أسمائها.
وتساءل: من قام ببيع المشروع بالكامل بنحو 10 آلاف جنيه للمتر واكتشف أن المتر سيكلفه 12 ألف جنيه قبل بداية المشروع ماذا يمكن أن يفعل؟ مشيرًا إلى أنه عندما يعلم العملاء بذلك سيتوقفون عن السداد، ليخسر المطور ويخسر العميل، ولذلك فالمطور الذكي هو من يعلم متى يبيع ويحدد حجم مبيعاته، فالبيع السريع أحيانًا يكون غير مطلوب، والبيع على مراحل يؤمن موقف المطور في بعض الأحيان لإمكانية تعويض خسارة أي مرحلة بالمرحلة التي تليها، كما يجب أن تكون كل مرحلة مستقلة عن أي مرحلة أخرى بالمشروع، ليتمكن العميل من الاستقرار في وحدته بالمرحلة المنتهية حتى لو أوقفت بناء أي مرحلة أخرى لاحقة.
وأشار إلى أن الجونة تعمل بهذه الطريقة، فهي مستمرة في السوق منذ 1991 وحتى الآن أعمال البناء فيها لا تتوقف، ولكن من يقوم بشراء وحدة هناك لا يشعر بأي شيء، بفضل استقلالية كل مرحلة عن الأخرى، كما أن منطقة مراسي متواجدة منذ 15 عامًا، وحتى الآن توجد بها مناطق لم يتم تنميتها ولكن التصميم ذكي بالقدر الكافي لعدم إشعار العميل بأي شيء، وهو ما يجعل المطور متحكمًا في موعد تنفيذ أعمال الإنشاء في أي مرحلة من مراحل المشروع واختيار الموعد المناسب لذلك.
المعارض الخارجية لا تؤتي ثمارها لعدم تلبية الجهود المبذولة لاحتياجات جميع الشرائح والفئات
وفيما يخص إمكانية الرهان على القطاع العقاري لجذب النقد الأجنبي، قال إنه يجب الوعي تمامًا بالمطالبات التي يحتاج هذا الأمر إليها كدولة وكمطورين لنستطيع تحقيق المصطلح الشائع “تصدير العقار”، فالسوق الخارجية مقسمة إلى 4 أجزاء: المصري المغترب، والعربي الذي تشهد بلاده حروبًا مثل سوريا وليبيا والعراق واليمن، والعربي الذي يرغب في امتلاك وحدات في مصر بغرض السياحة، والأوروبي الذي ينقسم إلى أوروبي روسي وغرب أوروبا والدول الاسكندنافية وآخرين منتشرين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، ولكل من تلك الأجزاء والتقسيمات طلبات من طريقة إعاشة ومسطحات وأماكن يرغب في الإقامة فيها تختلف عن الأخرى ويجب أن نعلم احتياجات كل منهم.
أضاف أنه بعد دراسة الاحتياجات المختلفة يتم الإعلان عن الأمور التي سيتم تنفيذها لجذب العرب والمصريين المقيمين في الخارج والأجانب، بجانب توحيد عقد بيع لجميع المطورين ويكون معتمدًا من الدولة المصرية، أما الجهود المشكورة التي يتم بذلها خلال الفترة الحالية فتصلح لفئة من الفئات وليس للكل، ومن الممكن أن يتم التركيز على فئة معينة لمدة عامين على سبيل المثال لتلبية احتياجاتها، ومن ثم الانتقال لجذب فئة أخرى.
وفيما يخص المعارض التي يتم تنفيذها في الخارج، أكد أنها لا تؤتي ثمارها بسبب عدم تلبية الجهود المبذولة لاحتياجات جميع الشرائح والفئات، بجانب تفضيل السماسرة في دبي على سبيل المثال العمل بالوحدات التي تحقق لهم مكاسب أكبر، خاصة أن نسبة العمولة التي سيحصل عليها الوسيط من بيع وحدة بمصر لن تكون مجزية بالنسبة له عند تحويلها لعملة الدرهم الإماراتي، وبالتالي تحتاج منح شركات التسويق في الخليج إلى أضعاف مضاعفة من العمولة التي تمنحها للمسوق داخل مصر.
وعن نسبة مبيعات شركة مدار للأجانب من إجمالي مبيعات مشروعات الشركة خلال الفترة الحالية، كشف عن أن نسبة المبيعات للأجانب وليس المصريين المقيمين بالخارج لا تتعدى 2 أو 3% متمثلة في بعض الصينيين، أو الألمان المقيمين في مصر بالأساس.