بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ تعمل الحكومة المصرية والمنظمات الدولية والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني على قدم وساق للتحضير للدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ خلال الفترة من 7 – 18 نوفمبر 2022 والذي يقام في مدينة شرم الشيخ.
وسيعمل على تقدم المحادثات العالمية بشأن المناخ، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة هامة للنظر في آثار تغير المناخ في إفريقيا.
قادت الأمم المتحدة على مدار الثلاثين عامًا الماضية حركة من الاستنفار والقلق البالغين بسبب أن الأنشطة البشرية خاصة منذ بدأت الثورة الصناعية تسببت في ارتفاع درجة حرارة نحو 1.1 درجة مئوية حتى الآن، أدى ذلك إلى تغيرات مناخية وبيئية محسوسة بالفعل في كثير من المناطق بالعالم مما سيؤثر حتمًا على النمو الاقتصادي ولن أبالغ إن قلت استدامة الحياة في أماكن كثيرة بالعالم الذي نعيش فيه.
توقيت المؤتمر بالغ الدقة إذ يتزامن مع مرور العالم –الذي لم يبدأ التعافي من أزمة جائحة كورونا– حتى صدم بأزمة اقتصادية طاحنة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية.
تلك الأزمات المتعاقبة أدخلت العالم في نفق مظلم اقتصاديًّا بسبب التضخم الرهيب وتأثر سلاسل الإمداد والخلل الوظيفي الذي أنتجته تلك الأزمات.
أثر ذلك وبشدة على إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي المستدام المطلوب لكثير من دول العالم. لذلك فنتائج هذا المؤتمر قد تؤدي من ناحية أخرى لمساندة النمو الاقتصادي بتخفيف الأضرار البيئية التي تسببت أيضًا في تباطؤ نموه.
جمع مؤتمر الأمم المتحدة السابق (COP26) المعني بتغير المناخ الذي انعقد بالمملكة المتحدة 120 من قادة العالم وأكثر من 40,000 مشارك لمدة أسبوعين، كان العالم منشغلًا بكل جوانب تغير المناخ مثل العلم، والحلول، والإرادة السياسية للعمل، والمؤشرات الواضحة للعمل المناخي.
تناول المؤتمر العمل على أربعة أصعدة وهي:
أولًا: التخفيف، وهو عبارة عن خفض الانبعاثات الحرارية بتعهدات الدول المشاركة على الابتعاد عن استخدام الفحم في توليد الطاقة، والتوقف عن إزالة الغابات والعمل على استعادة الذي فقد منها وتقليل انبعاثات غاز الميثان، وتعجيل الانتقال إلى استخدام المركبات الكهربائية.
ثانيًا: التكيف، وهو مساعدة المجتمعات المتضررة من آثار تغير المناخ وفي هذا الشأن تجاوبت 80 دولة إما بالتواصل بشأن التكيف أو بخطط وطنية للتكيف من أجل رفع درجة الجاهزية في وجه الأخطار المناخية المتوقعة كما قد تقدمت بالفعل 45 دولة بخططها السنة التي سبقت المؤتمر.
ثالثًا: التمويل، بهدف تمكين الدول من تحقيق أهدافها المناخية وعلى هذا الصعيد أحرزت الدول الكبرى تقدمًا نحو تنفيذ هدف جمع 100 مليار دولار لخدمة التمويل المناخي، ومن المخطط أن يتحقق ذلك الهدف بحلول سنة 2023. كما اتفقت المؤسسات الدولية على دعم أكبر وأسهل للدول الهادفة إلى خفض الانبعاثات الكربونية بها.
رابعًا: التعاون، العمل معًا من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات والإسراع من وتيرة التعاون بين الحكومات والشركات ومؤسسات المجتمع المدني من أجل تحقيق الأهداف المناخية بشكل أسرع. والتعاون معًا لتحقيق التعهدات المناخية للدول، كما اتفقت الدول المشاركة على ”إطار الشفافية المعزز“ (الإبلاغ المشترك عن الانبعاثات والدعم المقدم بشأنها)، وعلى آلية ومعايير جديدة بشأن أسواق الكربون العالمية، وعلى إطار زمني مشترك لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات.
وبالرغم من أن الانبعاثات التي تصدر عن مصر لا تتجاوز 0.6% من انبعاثات العالم تعد مصر واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ على العديد من القطاعات مثل السواحل والزراعة والموارد المائية والصحة والسكان والبنية الأساسية، مما يشكل تحديًا كبيرًا يعوق سعينا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
لمؤتمر شرم الشيخ فوائد كثيرة منتظرة فعلى المستوي البيئي يعزز المؤتمر جهود الدولة في تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة ومساعيها نحو التعافي الأخضر. ومن المنتظر أيضًا أن يسلط المؤتمر الأضواء على دور مصر وسياساتها وإسهاماتها في الملف المناخي إذ أعدت الاستراتيجية الوطنية لتغيير المناخ في 2050 .
من المنتظر أيضًا أن يتم توظيف المؤتمر سياسيًّا لخدمة قضايا قومية مهمة مثل الأمن المائي المصري، وكيفية تأثير تغير المناخ عليه. كما سيساهم في دعم التواجد المصري والدور التاريخي في المحافل الدولية الرئيسية وتعزيز العلاقات والتعاون المشترك مع الشركاء الدوليين الرئيسيين.
ومن المؤكد أن مصر ستعمل على توفير مصادر تمويل إضافية من المنظمات الدولية لتمويل مشروعات للتصدي لتغير المناخ فيها.
وأخيرًا وليس آخرًا سيعيد المؤتمر مصر على خريطة استضافة المؤتمرات والمحافل الدولية الضخمة بكل ما يشمله ذلك من رواج اقتصادي وتعزيز للمكانة الدولية.
وبينما يضع العالم أنظاره على مؤتمر شرم الشيخ ليترقب وينتظر مزيدًا من التعاون الدولي لاستكمال نتائج مؤتمري باريس وجلاسجو لحماية الكوكب من الأخطار المناخية المتوقعة من زيادة الانبعاثات الحرارية.
وفيما ننتظر ونتمنى كل التوفيق لكل المسؤولين القائمين على التحضيرات الجبارة لذلك الحدث الأهم دوليًّا هذا العام أود أن أنتهز فرصة المقال للفت الأنظار لأهمية القضية البيئية كما أدعو الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والشركات والجامعات والمدارس لبذل المزيد من الجهد في نشر ثقافة الوعي البيئي المطلوب.
وفي اعتقدادي أنه بات من الضروري جدًّا أن تتبنى الحكومة برنامجًا قوميًّا لزيادة الوعي البيئي للمحليات وتمكينهم باللازم لتخفيف الأضرار البيئية الواقعة علينا وحماية الأجيال القادمة من المزيد منها.