مصر سوق واعدة لاستثمارات الفينتيك.. لماذا؟

استثمارات الفينتيك تقفز 12 مرة حتى النصف الأول من العام مقارنة مع 2017

خالد بدر الدين _ أكد تقرير حديث للبنك المركزي المصري بعنوان «مراجعة الأوضاع التي تركز على استثمارات الفينتيك خلال النصف الأول من العام الحالي, لماذا تعد مصر سوقًا واعدة لاستثمارات الفينتيك؟» أن مصر حققت عدة قفزات على طريق الرقمنة أو التحول إلى الديجيتال، واستفادت من جميع الفرص لتعزيز التحول الرقمي في جميع الصناعات وبالتالي شهد قطاع الفينتيك نموًّا غير مسبوق لتصبح مصر من أكثر الأسواق الواعدة لصناعة الفينتيك في منطقة الشرق الأوسط.

شهدت استثمارات الفينتيك ودعمها خلال النصف الأول من هذا العام ارتفاعًا بنحو 12 مرة عما كانت عليه في عام 2017 لتصل إلى ما يقرب من 167 مليون دولار مسجلة أعلى مستوى في تاريخها بإجمالي 31 صفقة حتى النصف الحالي، ومنها خمس صفقات باستثمار يبلغ نحو 10 ملايين دولار أو أكثر للصفقة الواحدة.

E-Bank

ويعد البنك المركزي المصري القوة الدافعة الرئيسية للتحول الرقمي في القطاع المالي، حيث استخدم جميع التدابير اللازمة لجذب مجموعة شاملة من الخدمات المالية الرقمية إلى نطاق أنشطته.

ويدرك البنك المركزي المصري أهمية الفينتيك والابتكار لدعم وتطوير العمليات البنكية وبذلك يلعب دورًا حيويًّا في دعم وتعزيز مبادرة نظام الفينتيك التي يقودها البنك المركزي، والتي نشرت مراجعتها للفينتيك والاستثمارات التي تدعمها خلال النصف الأول من العام الجاري.

وتتبع هذه المراجعة نفس الإجراءات التي جاءت في تقرير قطاع الفينتيك المصري لعام 2021 والمنشور مؤخرًا، وتقدم فهمًا شاملًا لحالة الاستثمار في صناعة الفينتيك المصرية التي من المقرر أن تنتعش خلال الفترة القادمة.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وتعتمد المراجعة على مسوح جرت على 148 شركة مبتدئة وشركات تقدم وتنفذ خدمات الدفع و26 مستثمرًا ومطورًا لتغطية جميع جوانب الاستثمارات من منظور شامل.

وتنقسم المراجعة إلى أربعة أجزاء رئيسية، تبدأ بعرض خريطة الفينتيك في مصر خلال النصف الحالي الذي أوشك على الانتهاء، ثم يركز على أهم الاستثمارات في صناعة الفينتيك في مصر، بينما يسلط الجزء الثالث الضوء على أهم الأفكار والرؤى لابتكار الأساليب المحتملة لاجتذاب المزيد من الاستثمارات، وأخيرًا ينتهي الجزء الرابع بتوضيح النظرة المستقبلية لسوق الفينتيك وخصوصًا الفرص الثمينة الكامنة في قطاع الفينتيك.

وكان التمويل الذاتي أو الداخلي في 42% من الشركات المبتدئة في قطاع الفينتيك أو التي تدعمه والتي جرى عليها المسح هو أسهل موارد التمويل وأكثرها شيوعًا، ولكن مع نموها وانتقالها من مرحلة لأخرى احتاجت إلى فرص تمويل أكبر مما جعلها تلجأ إلى استثمارات مشتركة، والتي باتت ثاني أكثر أنواع التمويل سهولة وانتشارًا لتصل نسبتها إلى 37%.

وظهر نمو ملحوظ في المراحل التالية من عمل الشركة المبتدئة في مجال الفينتيك لتصل نسبة دورة التمويل الأولى نحو 90% من إجمالي الاستثمارات خلال النصف الأول من العام الجاري.

وسادت أموال المدفوعات والتحويلات النقدية من إجمالي الاستثمارات خلال النصف الحالي، حيث بلغت نسبتها 58% وبعدها الاقتراض والتمويل البديل بنسبة 26%، ولكن الاستثمارات الموجهة لإدارة الثروة والمدخرات بلغت 12% من إجمالي الاستثمارات بينما تم توجيه بقية الاستثمارات والتي تقدر بنحو 6% لقطاعات فرعية أخرى منها التسويق وتحليل البيانات وتكنولوجيا التأمين والمرتبات والحوافز.

وجرى المسح على 26 مستثمرًا تركزت استثماراتهم على الشركات المبتدئة المبتكرة والموهوبة في قطاع الفينتيك وتطويره في مصر، وكان منهم 69% من أصحاب رؤوس الأموال المشتركة، و23% من المطورين و8% فقط مستثمرين ملائكة أو داعمين أو خيرين، وهذا المستثمر هو شخص ثري يقدم رأس المال للشركات الناشئة غالبًا مقابل سندات قابلة للتحويل أو حصص في المشروع. يقوم أحيانًا عدة مستثمرين ملائكة بالتجمع معًا لتشكيل مجموعة استثمارية يشتركون فيها بالاستثمارات والبحوث ويعرف بالمستثمر الخاص أو مستثمر المرحلة الأولية.

ورغم أن أكثر من 50% من المستثمرين لهم مقار عمل في مصر إلا أن هناك 24% من المستثمرين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (مينا) ضخوا أموالهم في مصر ومستثمرين من الولايات المتحدة بلغت نسبتهم 19% وبدأ مستثمرون من الصين بنسبة 4% العمل في مصر باعتبارها سوقًا واعدة في مجال الفينتيك.

وخصص 7 من المستثمرين الممسوحين البالغ عددهم 26 مستثمرًا تمويلاتهم لتركز أساسًا على أنشطة الفينتيك لتصل نسبتهم إلى 27% بينما كان الباقون وعددهم 19 مستثمرًا لديهم استثمارات في أنشطة مختلفة من ضمنها الفينتيك، حيث كانت 26% من محفظتهم الاستثمارية في المتوسط موجهة للشركات المبتدئة في الفينتيك وتطويرها.

ووجد المسح أن المستثمرين عندما يتخذون قراراتهم الاستثمارية فإنهم يركزون أساسًا على قدرات فريق العمل في الشركة المبتدئة باعتباره له الأولوية القصوى، وبعدها توليد الإيرادات ونموذج هذه الإيرادات وهكذا فإن المستثمرين يهتمون بالمعايير والإيرادات ويعطون اهتمامًا أقل نسبيًّا بالقطاعات الفرعية للشركات المبتدئة ولا يهتمون كثيرًا بمعدل إنفاق السيولة النقدية.

وبلغت نسبة المستثمرين الذين يهتمون بفريق العمل 100% ونسبة الذين يهتمون باقتصاد النشاط وتحقيق الإيرادات نحو 86% و71% يهتمون بجدوى الاستثمار ونفس النسبة بتأثير نشاط الوحدة في السوق و57% بقدرة القادة المؤسسين للشركة ونفس النسبة بنموذج الإيرادات ونفس النسبة أيضًا بالمنتج المبتكر و29% بسجل العمل، وكذلك نفس النسبة لكل من القطاع المعني في النشاط والسوق التي يمكن خدمتها ويحصل عليها ومعدل إنفاق رأس المال.

وعند توجيه سؤال عن أهم المجالات التي تركز عليها الشركات المبتدئة عند اختيار رأسمال مشترك، اختار 48% منها علاقة الشركة المشتركة وخبرتها على أنها أهم العوامل الحيوية عند إنشائها، بينما اختار 46% اسم وسمعة الشركة المشتركة وبعدها سجل العمل وصفقاتها السابقة (42% ) واختار 39% منهم خدمات الدعم التي توفرها الشركة المشتركة، و33% اختاروا شروط الاتفاقية و26% التركيز على الأنشطة و21% حجم التمويل و6% استقلالية الشركة المبتدئة.

وترى الشركات المبتدئة في مجال الفينتيك وتطويره عندما تريد تعزيز نموها وتوفير احتياجات أنشطتها أن التمويل هو أهم عنصر لدعمها من وجهة نظر الشركة المشتركة معها، والشركة المطورة لها وبعد التمويل تأتي شبكة الاتصالات بينهما وبين الأطراف المعنية كثاني أهم عنصر تهتم به.

واهتم 86% من الشركات بعنصر التمويل و44% بشبكات الاتصالات و 22% بالتدريب والتعديل و13% بالعلاقات العامة والتسويق و5% بإدارة المواهب.

ويتناول المسح أيضًا نظرة مستقبلية للشركات المبتدئة والمطورة لها وحجم تمويلها خلال الـ12 شهرًا القادمة وكذلك حجم التمويل المتوقع المخصص لاستثماراتها في غضون السنوات الثلاث القادمة، ويتضمن أيضًا استراتيجيات الخروج من السوق ورد فعل السوق لذلك واتجاهات صناعة الفينتيك المرتقبة في المستقبل.

جاء في المسح أن 70% من المستثمرين لديهم خطط مستقبلية موضوعة مسبقًا لاستثمارات شركات الفينتيك وشركات تطوير الفينتيك المتوقعة خلال ثلاث سنوات في مصر.

وكما أوضح المستثمرون الذين جرى عليهم المسح، فإن هناك تباينًا في خططهم في المستقبل القريب، ومن بين الـ 26 مستثمرًا الذين تم سؤالهم في المسح ذكر 70% منهم أن لديهم خططًا وأن نحو 29% ما زالوا يخططون لاستثمار نحو 10 – 20 مليون دولار في صناعة الفينتيك وتطويرها و24% يخططون لاستثمار أكثر من 50 مليون دولار و18 % لاستثمار حتى 5 ملايين دولار ونفس النسبة لاستثمار ما بين 20 – 50 مليون دولار 11% لاستثمار ما بين 5 – 10 ملايين دولار.

ويبحث حاليًا نحو 108 شركات مبتدئة عن التمويل منهم 45% تقترب الآن من إنشاء مشروعات مشتركة وتخطط 48% للحصول على تمويلات خلال الـ 12 شهرًا القادمة، بينما تخطط 7% للمشاركة في برنامج تطوير.

وعند سؤال الشركات عن جولات التمويل أجاب 76% منهم أنهم يبحثون عن تمويل في المرحلة المبكرة بمبالغ مختلفة، بينما يبحث 24% عن تمويلات الجولة الأولى في المراحل المتأخرة من المشروع.

وتعد البورصة المصرية استراتيجية خروج محتملة في المستقبل للشركات المبتدئة، حيث أعلن 53% من المستثمرين و26% من الشركات المبتدئة أنهم يرون الطروحات العامة المحلية بمثابة استراتيجية خروج محتملة، وأكد معظم الممسوحين أن البورصة تعد طريقًا واعدة للخروج.

وقال المستثمرون الملائكة إنه أمر رائع إذا وفرت البورصة المصرية وسيلة اكتتابات عامة للشركات المبتدئة المصرية والإفريقية وسنكون سعداء إذا ظهر المزيد من الجهود في هذا الصدد.

وتوفر البورصة المصرية فرصة كبيرة لدخول المزيد من الأفراد في النظام المالي (الشمول المالي)، والمزيد من الوسطاء للاستثمار متوفرون مقابل دور المضاربة التقليدية، علاوة على أن هناك المزيد من الإدراج المزدوج بين البورصة المصرية وبورصات عالمية أخرى، وسيكون هذا النوع من الإدراج أكثر انتشارًا في المستقبل.

وتناول المسح أيضًا الاتجاهات الصاعدة في سوق الفينتيك وكشف آراء المستثمرين عن القطاعات الفرعية التي يمكن أن تحقق نموًّا مرتفعًا في المستقبل القريب في السوق المصرية.

وتتصدر هذه القطاعات الفرعية العمليات البنكية المفتوحة والبنية التحتية بنسبة 75% والاقتراض والتمويل البديل بنسبة 70%، ونفس النسبة للسوق بين الشركات وكذلك للتأمين التكنولوجي و65% للمدفوعات والتحويلات النقدية و45% للزراعة التكنولوجية و40% للمرتبات والحوافز و40% أيضًا لمحو الأمية المالية، ونفس النسبة لتحليل البيانات والذكاء الصناعي و35% للدعم التكنولوجي، و30% لتكاليف المحاسبة والإدارة ونفس النسبة لإدارة الثروة والمدخرات و25% للتنظيم التكنواوجي و25% للقروض والمدخرات المتجددة.

ويأتي هذا التقرير وسط الجهود التي يبذلها البنك المركزي المصري لمساندة صناعة الفينتيك ودعم اتخاذ القرارات التي تعتمد على البيانات من خلال توفير مراجعة شاملة للسوق، والإشارة إلى التقدم غير المسبوق في استثمارات الفينتيك وتطويرها خلال النصف الحالي في مصر، والتي أكدت عليها أعمال المسح على 148 شركة مبتدئة وشركة خدمات دفع رقمي و26 مستثمرًا. ومن المؤكد أن صناعة الفينتيك لها أهمية جوهرية للتنمية المستدامة والشاملة.

وهذا يشمل انتهاز الفرص الراهنة للمساعدة في ترويج الاستثمارات في المراحل المتعددة في دورة نمو الشركات المبتدئة.

وهناك عدة قوى دافعة وراء النمو الملحوظ لصناعة الفينتيك المصرية ومنها :1-الإصلاحات التنظيمية التي جرى تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية والتي تشجع الابتكار وتدعمه. 2- الزيادة في العدد الإجمالى للمستثمرين الذين بدأوا يستثمرون في مصر خلال السنوات القليلة الماضية. 3- وجود سوق محلية ناضجة كبيرة بها أكثر من 100 مليون شخص بمتوسط عمر 25 سنة. 4- وجود عدد ضخم من المواهب الشابة والمبتكرين في مجالات التكنولوجيا وهم من العوامل الرئيسية لنمو سوق الفينتيك. 5- انتشار العديد من المبادرات الضخمة الموجودة حاليًا لدعم الشركات المبتدئة في الفينتيك وتطويرها مثل ساندبوكس للقواعد التنظيمية وصندوق نكلود للفينتيك وأخيرًا شبكة مركز ابتكار الفينتيك.

ومع انتعاش بيئة الفينتيك في مصر يواصل البنك المركزي المصري دعمه لنمو صناعة الفينتيك للتوسع ليصل إلى الأسواق التي لا تخدمها جيدًا هذه الصناعة. ولا شك أن مصر تسير على طريق النمو القوي حتى أثناء ذروة وباء كورونا، حيث استمرت في جذب استثمارات قوية للتعجيل بنمو صناعة الفينتيك.

ومع ذلك يتعين على المركزي المصري أن يظل متنبهًا للتغيرات في السوق لضمان أن الابتكارات والتجديدات السريعة في القطاع المالي تخدم المصلحة العامة، ولا سيما في الأسواق الخالية من خدمات الفينتيك أو التي تعاني من قصور فيها، وذلك لتحسين الشمول المالي والرقمنة وأن تصبح مصر مجتمعًا دون كاش أو بسيولة نقدية أقل.

 

الرابط المختصر