معهد التمويل IIF: زيادة 2% فقط لقروض مصر بالرغم من التضخم وكورونا

ديون البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل قفزت إلى 9.3 تريليونات دولار

aiBANK

خالد بدر الدين _ أعلن خبراء الاقتصاد في البنك الدولي ، أن ديون الدول متدنية ومنخفضة الدخل للدائنين الأجانب قفزت إلى 9.3 تريليونات دولار حتى الآن، لتسجل أعلى مستوى في تاريخها، وأن منها 40 دولة فقيرة و6 من البلدان متوسطة الدخل وقعت في هاوية أزمة الديون أو هناك احتمال كبير جدًّا أن تواجه أزمة ديون.

البنك الدولي يطالب الحكومات النامية بتعديل تشريعاتها لمواجهة أزمات الديون

E-Bank

وطالب إيندرميت جيل، نائب رئيس قسم النمو والتمويل والمؤسسات والديون السيادية في البنك الدولي، حكومات الدول النامية والفقيرة بتنفيذ تعديلات جوهرية في قوانين الديون السيادية لتتمكن من الهيمنة بشكل أفضل على نظامها المالي عندما تظهر أي أزمة ديون ولتصبح قادرة على إعادة هيكلة ديونها.

وذكرت وكالة رويترز، أن تباطؤ النمو العالمي بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا وصعود أسعار السلع الخام من الطاقة إلى المحاصيل الزراعية الاستراتيجية والارتفاعات المستمرة في أسعار الفائدة في معظم الدول لمواجهة التضخم، أدى إلى تزايد مخاطر حدوث أزمات ديون في العديد من الدول النامية والفقيرة، علاوة على أن الآليات المتاحة لمواجهة ومعالجة هذه الأزمات غير كافية تمامًا.

وحدد جيل أربعة تعديلات أساسية لتحسين فعالية ما أطلق عليه «إطار العمل المشترك لخطة تخفيف الديون»، والتي كانت مجموعة العشرين G20 التي تضم أغنى 20 دولة في العالم، أطلقتها أثناء ذروة جائحة كوفيد 19، والتي ينص أول تعديل فيها على أن عقود السندات الحكومية يجب أن تشترط على جميع الهيئات الدائنة أن يكون لديها ممثل قانوني للتعاون بنية طيبة ونزاهة صادقة في عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية.

مباحثات الحكومات الغربية منفردة لمصادرة أصول البلاد العاجزة عن السداد

وكانت الحكومات الغربية تتفاوض عادة كل منها على حدة ومع دائنين آخرين مثل الصين عندما تقع البلدان التي تقرضها الدول الغربية والصين في متاعب مالية، علاوة على أن هذه الجهود المبذولة من طرف واحد كانت منفصلة أيضًا عن المفاوضات التي تجريها مؤسسات استثمارية عالمية أخرى مثل بلاكروك وفانجارد.

ويتطلب التعديل الثاني أن تحدد جميع عقود الديون السيادية حجم المبلغ الذي يريد الدائن الحصول عليه من خلال دعاوى قانونية خارج «إطار العمل المشترك» وأن تتضمن أيضًا شروطًا تنفيذية مشتركة يمكن من خلالها إعادة هيكلة جميع السندات طالما أن الغالبية العظمى من المساهمين موافقون.

ويستهدف التعديل الثالث ضرورة وضع عراقيل أمام الدائنين عندما يحاولون مصادرة أصول الحكومة العاجزة عن السداد والمهددة بالإفلاس، إذا كانت صادقة فعلًا ونزيهة في عدم قدرتها عن السداد، وذلك منعًا لتكرار ما حدث أثناء أزمة ديون الأرجنتين عندما قام أحد صناديق التحوط الأمريكية بمصادرة سفن بحرية أرجنتينية كانت تبحر بالقرب من غانا.

ويتناول التعديل الأخير أنه إذا كانت شروط التنفيذ المشتركة موجودة في العديد من عقود السندات الصادرة خلال العشرين سنة الماضية، فإنها لن تندرج في القروض المضمونة التي تشكل الجزء الكبير من ديون البلد النامية، وأن هذا الميكانيزم يتعين تعديله لمصلحة البلد الذي عليه ديون.

ولما كانت الحكومات مرغمة على تحقيق الصالح العام لشعبها، فإنها يجب أن تطبق التشريعات اللازمة لإنهاء هذا الخلل، كما نصح جيل بذلك، وأضاف أن المراكز القانونية مثل نيويورك ولندن سيكون لها أهمية حيوية للمساعدة في وضع هذه التشريعات، باعتبارها خطوة كان يتعين تنفيذها منذ زمن طويل لحماية الشعوب في البلاد النامية والفقيرة.

وكان معهد التمويل الدولي IIF أعلن أن جميع أنواع القروض في مصر صعدت بنسب طفيفة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، حيث ارتفعت قروض الحكومة من 88% خلال الربع الأول من العام الماضي إلى 90% من الناتج المحلي الإجمالي في نفس الربع من العام الجاري، وزادت قروض الأفراد إلى 9.1 % من الناتج المحلي الإجمالي بالمقارنة مع 8.8% خلال نفس الفترة من العام الماضي، وصعدت أيضًا قروض القطاع المالي من 4.2% إلى 4.7%، وكذلك قروض الشركات غير المالية من 21.2 % إلى 21.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال نفس الربعين.

ورغم الأزمات الصحية والسياسية التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، استطاعت الحكومة المصرية بسياستها المرنة أن تواجه الصدمات العالمية بتدابير تحفز الاستثمار والنمو وتدعم النشاط الاقتصادي وتسدد الديون المستحقة في موعدها، لدرجة أن عدة مؤسسات دولية ومن بينها البنك الدولي واصلت توقعاتها المتفائلة لمسيرة الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة، ليتجاوز معدل النمو المرتقب للعام المالي الحالي نظيره قبل جائحة كورونا، وليصل إلى أكثر من 6% مسجلًا أعلى مستوى منذ 14 عامًا مقارنة مع 3.3% السنة المالية الماضية و3.6% في عام الوباء و5.6% في عام ما قبل كورونا.

واستطاعت الحكومة أن تسدد نحو 24 مليار دولار منذ بداية العام الجاري وحتى بداية هذا الشهر، منها 10 مليارات دولار ديونًا خارجية، و14 مليار دولار للصناديق الأجنبية، لسداد قروض وسندات دولية مستحقة، ونجح البنك المركزي المصري في تدبير التزاماتها الخارجية رغم التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي ولا سيما مع ارتفاع التضخم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي تدخل شهرها الرابع.

وارتفع الدين الخارجي لمصر إلى 145.5 مليار دولار بنهاية الربع الثاني من العام المالي الجاري 2021/2022 مقابل 137.4 مليار دولار في الربع السابق له، بزيادة بقيمة 8.1 مليارات دولار، غير أن البنك المركزي بشهادة المؤسسات الدولية ملتزم دائمًا بسداد الديون وأقساطها في مواعيدها، ولم يتخلف عن سداد أي التزام برغم كل التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي والمحلي، واستطاع البنك المركزي تدبير 24 مليار دولار لسداد الالتزام خلال 5 أشهر بمتوسط 4.5 مليارات دولار شهريًّا، برغم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصري بصفة عامة وعلى سحب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة بصفة خاصة.

اقتصاد مصر المتماسك يجذب تمويلات خليجية

وبفضل اقتصاد مصر المتماسك خصصت عدة دول خليجية 22 مليار دولار استثمارات وتمويلات لمصر، منها 5 مليارات دولار أودعتها المملكة العربية السعودية في البنك المركزي المصري، و10 مليارات أخرى يضخها الصندوق السيادي السعودي، و5 مليارات دولار تعتزم قطر استثمارها في مصر، و2 مليار دولار من صندوق أبو ظبي السيادي لشراء حصص في شركات مدرجة بالبورصة المصرية.

وتبذل الحكومة المزيد من الجهود لهيكلة الديون الخارجية لتصل قيمة الديون قصيرة الأجل إلى نحو 12.8 مليار دولار بنسبة 8.8% من إجمالي الديون، بينما بلغت قيمة الديون طويلة الأجل 132.7 مليار دولار بنسبة 91.2% من إجمالي الديون الخارجية، كما سددت الحكومة فوائد ديون وأقساط ديون بلغت 25.2 مليار دولار خلال الفترة من يوليو من عام الوباء وحتى سبتمبر الماضي، منها 19.93 مليار دولار أقساط ديون، و5.35 مليارات دولار فوائد مدفوعة، ولكن بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية الحالية التي تمر بها اقتصادات العالم يزداد الأمل بعودة السياحة ولا سيما الروسية والأوكرانية مرة أخرى.

وتخطط الحكومة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية بالتركيز على مضاعفة مشاركة القطاع الخاص في تنمية الاقتصاد ووضع كل الإمكانات لتوفير البيئة اللازمة لتحقيق ذلك، مع الاهتمام بتنمية المناطق البترولية لتعزيز صادرات قطاع البترول التي قفزت بنسبة 84.3% العام الماضي بالمقارنة مع عام الوباء، وشملت الزيادة في الصادرات زيادة قيمة صادرات الغاز الطبيعي والغاز المسال بصورة قياسية خلال عام 2021 بنسبة بلغت 770%، بسبب الارتفاع القياسي للأسعار العالمية للبترول والغاز الطبيعي بسبب العقوبات الغربية على روسيا لغزوها جارتها أوكرانيا.

ويعد الاقتصاد المصري أهم الأسواق الناشئة في العالم، والذي تأثر بشدة نتيجة التوترات الجيوبيوليتيكية الحالية، لدرجة أن حجم الأموال الساخنة التي خرجت من مصر منذ بداية العام وصل إلى 20 مليار دولار حتى الآن وأن سبب خروج هذه الأموال نتيجة توجه البنك المركزي الأمريكي إلى رفع أسعار الفائدة لأعلى معدل منذ 20 سنة، في محاولة للسيطرة على معدلات التضخم التي تجاوزت أعلى مستوى منذ أكثر من أربعة عقود، مما أدى إلى ارتفاع الدولار لأعلى مستوى له منذ 20 عامًا مقابل جميع العملات الرئيسة، وارتفعت العوائد على السندات الأمريكية مما ساعد على هبوط تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة ومنها مصر.

قروض الأسواق الناشئة نحو 100 تريليون دولار

وتقترب قروض الأسواق الناشئة مجتمعة من 100 تريليون دولار مع نهاية الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، لتسجل أعلى مستوى في تاريخها، وشكلت قروض الشركات غير المالية في الأسواق الناشئة بالنسبة لناتجها المحلي الإجمالي أكبر فئة رغم أنها تراجعت من 105.1% في الربع الأول من العام الماضي إلى 102% في نفس الربع من العام الحالي، وبعدها قروض الحكومة التي انخفضت أيضًا من 63.6% إلى 63.1%، ثم قروض المستهلكين من 47.3% إلى 46.9%، وكذلك قروض القطاع المالي انخفضت من 37.5% إلى 35.6% خلال نفس القترة.

وسجلت قروض الشركات غير المالية أكبر نسبة من الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات بالرغم من تراجعها من 86.4% خلال الربع الأول من العام الماضي إلى 77.9% في الربع الأول من العام الجاري، وبعدها قروض القطاع المالي التي انخفضت أيضًا بنسبة طفيفة من 57.4% إلى 57.2%، ثم قروض الحكومة التي تراجعت أيضًا من 39.6% إلى 36.2%، وأخيرًا قروض المستهلكين من 24.1% إلى 22% خلال نفس الفترة.

أما بالنسبة للملكة السعودية فقد تراجعت أيضًا معظم القروض بقيادة قروض الشركات غير المالية التي هبطت من 72.1% إلى 62.9% من ناتجها المحلي الإجمالي، وبعدها قروض الحكومة التي انخفضت من 32.9% إلى 28.1%، ثم قروض الأفراد من 16.6% إلى 16.1%، بينما زادت قروض القطاع المالي فقط من 5.6% إلى 6.1% خلال نفس الربعين.

وهوت قروض حكومة لبنان التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية من 186.6 % من ناتجها المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2021 إلى 202.2% خلال الربع الماضي، ونزلت أيضًا قروض الشركات غير المالية من 319.4% إلى 223.6%، وكذلك قروض الأفراد من 139.7% إلى 97.8%، وأخيرًا قروض القطاع المالي من 14.5% إلى 7% فقط خلال نفس الفترة.

ولكن قروض الحكومات على مستوى العالم سجلت أعلى نسبة لناتجها المحلي الإجمالي، والتي هبطت من 106.7% إلى 103.2%، وبعدها قروض الشركات غير المالية من 102.5% إلى 98.8%، ثم قروض القطاع المالي من 87.3% إلى 82.5%، وأخيرًا قروض الأفراد من 66.9% إلى 63.9% خلال نفس الربعين.

الصين تتصدر العالم في حجم القروض

وقفز إجمالي الديون العالمية بنحو 3.3 تريليونات دولار خلال الربع الأول من العام الجاري، ليتجاوز 305 تريليونات دولار، مسجلًا أعلى مستوى في تاريخه بقيادة الصين التي اقترضت وحدها 2.5 تريليون دولار، وبعدها الولايات المتحدة التي رفعت ديونها بنحو 1.8 تريليون دولار خلال الربع الماضي، بينما تراجع إجمالي ديون منطقة اليورو للفصل الثالث على التوالي لتصل قروض حكوماتها دون القطاع المالي إلى ما يقرب من 236 تريليون دولار بزيادة نحو 40 تريليون دولار فقط منذ انتشار وباء كورونا في بداية عام 2000 وحتى نهاية مارس الماضي.

وساعد النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي على تقليص نسب الديون مع ارتفاع التضخم وهبوط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام الجاري للفصل الرابع على التوالي، ويتضح هذا الانخفاض أكثر في الأسواق الناضجة، لدرجة أن نسبة الدين العالمي لإجمالي الناتج المحلي على مستوى العالم، والتي تتجاوز 348% تقل بنحو 15% عن المستوى القياسي الذي قفزت إليه في الربع الأول من العام الثاني للوباء.

ومن المتوقع أن تؤدي تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والتي بدأت منذ 24 فبراير الماضي وما زالت مستمرة، إلى تباطؤ شديد في نمو الاقتصاد العالمي هذا العام، وربما تجعل الديون العالمية تتفاقم أكثر وأكثر، وخصوصًا مع الإغلاقات التي تعرضت لها الأنشطة الاقتصادية في الصين، والتي جعلت المحللين يتوقعون هبوط نموها إلى نحو 3% بالمقارنة بتوقعات ديسمبر الماضي عند 10% للعام الحالي، مما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة الدين العالمي لإجمالي الناتج المحلي على مستوى العالم إلى مستوى قياسي جديد.

كورونا يرفع ديون العالم 14%

ارتفعت ديون الحكومات على مستوى العالم بنحو 14% أو ما يعادل 17.4 تريليون دولار منذ بداية جائحة كوفيد 19، لتتجاوز 103% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال الربع الأول من العام الحالي، علاوة على أن ارتفاع تكاليف القروض سيجعل الميزانيات العامة تحت ضغوط شديدة، مع استمرار رفع البنوك المركزية الكبرى لأسعار الفائدة، وخصوصًا أن التقلبات الحادة في أسعار الطاقة والمواد الخام والمحاصيل الزراعية سترغم حكومات العديد من الدول على زيادة الإنفاق العام لحماية الطبقات الاجتماعية المهمشة، ولا سيما في الأسواق الناشئة التي تعاني من ارتفاع تكاليف القروض.

وكانت ديون الشركات غير المالية التي تتراكم منذ عام 2019 عندما وصلت إلى أكثر من 14 تريليون دولار ما زالت ترتفع لتتجاوز 90 تريليون دولار مع نهاية الربع الماضي، غير أن توفر سيولة ضخمة لدى الشركات غير المالية المدرجة في البورصات جعلها قادرة على مواجهة الصدمات المالية، ولكن ارتفاع مستويات الديون جعل ميزانياتها أكثر حساسية لأسعار الفائدة التي ترتفع لمستويات لم تشهدها منذ أكثر من عشر سنوات، كما أدت التوترات الجيوبوليتيكية إلى هبوط قيمة الأسهم العالمية هذا العام بأكثر من 16 تريليون دولار حتى منتصف الشهر الماضي، وما زالت البورصات العالمية تواجه خسائر هائلة حتى الآن.

الرابط المختصر