وكالة فيتش تتوقع انتعاش نشاط المؤسسات المالية غير البنكية هذا العام
خالد بدر الدين _ تتوقع وكالة فيتش الأمريكية للتصنيف الائتماني ، استمرار انتعاش المؤسسات المالية غير البنكية بقية شهور هذا العام، بالرغم من تزايد تحديات الاقتصاد الماكرو، ومنها الحرب الروسية الأوكرانية والتقلبات الحادة في الأسواق المالية العالمية وارتفاع أسعار الفائدة وتفاقم التضخم وانتشار العدوى من وباء كورونا على مستوى العالم.
واستطاعت المؤسسات غير البنكية ومؤسسات الإقراض البديل اختراق صناعة البنوك وتمثل تهديدًا قويًّا للبنوك العالمية، لأن قدرة هذه المؤسسات على استخدام التكنولوجيا وسرعتها في منح قروض ميسرة وفعالة وفهم احتياجات الشركات والأفراد غير القادرين على الحصول على قروض من البنوك التقليدية يساعدها على اختراق أسواق القروض وتحقيق نجاح واضح مع العملاء الصغار .
وتمكنت أيضًا مؤسسات الإقراض البديل من اجتذاب اهتمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا أن هناك فجوة تمويلية بقيمة تقترب من 5 تريليونات دولار بين احتياجات تمويل هذه الشركات وبين التمويل المتاح من البنوك التقليدية، مما جعل هذه الشركات تتجه إلى خيارات التمويل البديل أي إلى المؤسسات غير البنكية.
وعندما لا تستطيع الشركات الصغيرة الحصول على تمويل من البنوك فإنها تلجأ إلى الإقراض البديل الذي يمنح التمويلات خارج النظام المصرفي التقليدي، وتحصل عليها من المؤسسات المالية غير البنكية التي ليس لديها رخصة بنكية كاملة، ويمكنها منح خيارات قروض متعددة للشركات الصغيرة.
وتستطيع المؤسسات غير البنكية تقديم خدمات مرتبطة بالبنوك العادية، مثل عمليات البطاقات الائتمانية وخدمات القروض المتعددة مثل قروض الرهن العقاري، كما تساعد العملاء في الحصول على قروض بسهولة وسرعة ولا سيما المستهلكين الذين لا يستطيعون تلبية الشروط والمتطلبات اللازمة للحصول على قروض من البنوك العادية.
وتشهد صناعة البنوك نموًّا مستمرًّا في قطاع مؤسسات الإقراض البديل والمؤسسات غير البنكية الديجيتال أو الرقمية، مما أدى إلى اتجاه البنوك التقليدية إلى رقمنة عمليات القروض التي تمنحها للعملاء .
وفي دراسة بعنوان الطلب الرقمي في عمليات الأفراد داخل البنوك والتي أجرتها شركة أوريكل الأمريكية للتكنولوجياعلى 5200 عميل من 13 دولة تبين أن أكثر من 40% من هؤلاء العملاء يعتقدون أن المؤسسات غير البنكية تساعدهم بشكل أفضل في إدارة الأموال الشخصية وتلبية احتياجاتهم الاستثمارية بالمقارنة بالبنوك التقليدية، بينما أكد 30% من العملاء الممسوحين الذين لم يستخدموا منصات غير بنكية أنهم سيجربونها في أقرب وقت.
وكان تقرير وكالة إنسايدر إنتيليجينس على قروض الرهن العقاري الرقمي من أكبر 5 بنوك أمريكية، وهي ويلز فارجو وبنك أوف أمريكا وJP مورجان و US بنكورب سيتيجروب وجد أنها تراجعت لتعادل 21 % من إجمالي قروض الرهن العقاري حاليًا بالمقارنة مع 50% في عام 2011.
وتمثل مؤسسات الإقراض البديل تهديدًا للبنوك الكبرى لأنها تمنح أدوات تمويل تقليدية مثل قروض الرهن العقاري وقروض شخصية للعملاء بتكلفة قليلة وبمعايير وشروط ميسرة، علاوة على أن عروضها التكنولوجية تسمح بتقديم القروض بطرق جذابة ويسيرة للعملاء.
وبلغت نسبة العملاء الكبار الذين لديهم حساب بنكي أو تعاملات في مؤسسة مالية بنكية أو غير بنكية أو خدمة مدفوعات على الموبايل نحو 76% على مستوى العالم، كما أن حصة المدفوعات الرقمية في الاقتصادات النامية صعدت من 35% عام 2014 إلى 57% العام الماضي، بينما تبلغ هذه الحصة في الدول المتقدمة نحو 95%.
ومن أكبر المؤسسات المالية غير البنكية والتي تمنح قروضًا بديلة عن البنوك التقليدية مؤسسة سوفي SoFi والتي كانت تركز في البداية على إعادة تمويل قروض الطلاب، ولكنها توسعت لتشمل إعادة تمويل قروض الرهن العقاري والقروض الشخصية واستطاعت في جولة تمويلية عام 2019 منح قرض بقيمة 500 مليون دولار بقيادة هيئة استثمار قطر مما جعلها تشكل تهديدًا للبنوك الكبرى هناك.
وتعد مؤسسة «القروض السريعة» مؤسسة غير بنكية مشهورة باسم «الرهن العقاري الصاروخي» وهي عبارة عن تطبيق رهن عقاري أونلاين يستغرق أقل من 10 دقائق للحصول عليه لدرجة أنه أصبح في عام 2017 أكبر مؤسسة رهن عقاري للسكان من حيث حجم التعاملات في الولايات المتحدة لتتفوق على بنك ويلز فارجو الذي يعد من أكبر 5 بنوك أمريكية.
وتعد مؤسسة كاباج من أوائل منصات الإقراض الأونلاين وتستخدم أيضًا طرفًا ثالثًا لتجنب تسليم معلومات خاطئة من الشركات المتوسطة والصغيرة وهي تقدم قروضًا من شركة لأخرى، وتمكنت في يوليو 2019 من منح خط ائتماني دوار بقيمة 200 مليون دولار بعد أن حصلت قبل ذلك بثلاثة أشهر على اتفاقية توريق بنحو 700 مليون دولار.
تساعد مؤسسة أونديك وهي منصة مالية عالمية أونلاين الشركات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على قروض بيزنس منخفضة وسريعة وقصيرة الأجل حتى قيمة 250 ألف دولار وخطوط ائتمان حتى 100 ألف دولار، ولكن في أكتوبر 2020 استحوذت عليها شركة إينوفا لتعزيز استخدامها للأدوات والخدمات المالية التي تمنحها للشركات والمستهلكين.
ورغم أن البنوك التقليدية ما زالت تملك أكبر حصة في سوق قروض الشركات إلا أن نموها بدأ يتباطأ مع تزايد الطلب على منصات الإقراض البديل التي بمساعدة التقدم التكنولوجي والذكاء الصناعي ستتمكن من اجتذاب عملاء البنوك التقليدية ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تشكل تقريبًا جميع شركات القطاع الخاص ويعمل بها 60% من جميع العاملين في الولايات المتحدة، والتي تواجه متاعب عن تقديم طلبات للحصول على قروض من البنوك العادية ولذلك تلجأ لمنصات القروض البديل والمؤسسات المالية غير البنكية.
وتشكل مؤسسات التمويل غير البنكية والإقراض البديل تهديدًا للبنوك العالمية والتقليدية بفضل الحجم الضخم لأسواق الشركات الصغيرة والمتوسطة، ولذلك يتعين على البنوك العادية أن تنفذ تحديثات وتعديلات لبرامج وشروط قروضها، وإلا فإن هذه المؤسسات غير البنكية ستغزو أسواق القروض وتتفوق على البنوك التقليدية وتستحوذ منها على حصة الأسد فيها.