خالد بدر الدين _ يتوقع بنك مورجان ستانلي الأمريكي استمرار ارتفاع أسعار الغذاء لتصل إلى أعلى مستوى لها مع نهاية هذا العام، بعد أن قفزت بأكثر من 65% خلال عامي الوباء الماضيين، وتوقع صعودها أكثر من 12% هذا العام ثم تبدأ في التراجع في 2023.
وظهرت تأثيرات ارتفاع أسعار الغذاء على جميع القطاعات الاقتصادية من الحكومات التي فرضت رقابات سعرية وقيودًا على الصادرات، وحتى المستهلكين الذين قلصوا إنفاقهم على التسلية والترفيه والسياحة مقابل تزايد تكاليف جميع المنتجات الغذائية التي قفزت لمستويات قياسية مع صعود التضخم لأعلى مستوى منذ عقود طويلة.
وأكد المحللون في بنك مورجان ستانلي أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أدى إلى تفاقم المخاوف من وقوع الاقتصاد العالمي في هاوية الركود، ولا سيما في دول الأسواق الناشئة التي تشكل تكاليف على الغذاء أكبر حصة في إنفاقها، بعد أن كانوا يـأملون في استعادة التعافي من تداعيات وباء كورونا الذي أغلق العديد من الأنشطة الاقتصادية طوال شهور عديدة أثناء جائحة كوفيد 19.
ويرى روبيرتو براون محلل أسواق الاستثمارات في البنك الأمريكي أن أسعار المواد الغذائية ستبدأ في التباطؤ خلال العام المقبل مع انحسار العوامل التي أدت إلى ارتفاعها هذا العام، ومنها زيادة إنتاج محاصيل الحبوب واعتدال المناخ وتزايد احتمالات تخفيف التوترات السياسية بين روسيا وأوكرانيا اللتين تهيمنان على نحو 30% من الحبوب مثل القمح والذرة والشعير والبذور الزيتية.
وأدت الحرب الروسية في أوكرانيا التي دخلت شهرها الخامس إلى اضطرابات سلاسل إمدادات المحاصيل الزراعية، وبالتالي نقص الصادرات والمعروض منها وارتفاع أسعارها على مستوى العالم، وخصوصًا مع المناخ الجاف وارتفاع درجة الحرارة في العديد من دول العالم المنتجة للقمح ومنها فرنسا ورومانيا خلال السنوات القليلة الماضية.
وأوضح سيث كاربينتر خبير الاقتصاد العالمي بقسم البحوث في بنك مورجان ستانلي أن صعود أسعار المنتجات الغذائية أحدث صدمات في إنفاق المستهلكين، وخصوصًا مع التضخم الذي قفز لمستويات قياسية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء لأعلى مستوى منذ ما يقرب من 42 سنة.
وكانت وزارة الزراعة الأمريكية رفعت في تقريرها الصادر في مايو الماضي توقعاتها لأسعار الغذاء العالمي إلى نحو 6.5% – 7.5% من 5% – 6% التي نشرتها في بداية هذا العام لتسجل أعلى مستوى توقعات لأسعار جميع المنتجات الغذائية سواء في السوبر ماركت ومحلات البقالة أو المطاعم منذ عام 1981.
وأشار مكتب الإحصاءات التابع للاتحاد الأوروبي إلى أن غزو روسيا لأوكرانيا أربك أسواق السلع الزراعية في العالم، عندما تسبب في ارتفاع حاد في أسعار المنتجات الغذائية الرئيسية وعناصر الإنتاج مثل الأسمدة والأعلاف الحيوانية، حيث تمثل روسيا وأوكرانيا أهم الدول المصدرة للسلع الزراعية، وشحنات زيوت الطعام والأسمدة من منطقة البحر الأسود، لدرجة أن متوسط أسعار السلع والخدمات الزراعية زاد 9.5% في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي.
وتراجعت أسعار صادرات القمح الروسي في بداية شهر يوليو الجاري بسبب الضغط من تزايد المحصول الجديد، الذي بدأ المزارعون حصده مؤخرًا ومع تخفيض ضريبة التصدير، حيث قلصت روسيا التي يفرض عليها الغرب عقوبات، بشكل حاد من الضرائب على صادرات الحبوب.
وقالت أيضًا وزارة الزراعة الأوكرانية إنها تتوقع أن محصول الحبوب لن يقل عن 50 مليون طن هذا العام وهذا إنتاج معقول بالنسبة لكل الصعوبات التي تواجهها وخاصة غزو روسيا لها، وسجلت أوكرانيا وهي منتج ومصدر رئيسي للحبوب في العالم، محصولًا قياسيًّا بلغ 86 مليون طن من الحبوب في العام الماضي.
ومع ذلك فقد تراجعت أسعار العقود الآجلة للقمح في بورصة شيكاغو في منتصف الشهر الجاري إلى ما دون 7.9 دولارات للبوشل لتسجل أدنى مستويات للقمح منذ 7 فبراير الماضي لتعود إلى ما كانت عليه قبل بداية غزو روسيا لأوكرانيا.
وساعدت الإعلانات الصادرة من روسيا وأوكرانيا عن توقيع اتفاق لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية من موانئ البحر الأسود التي توقفت منذ 24 فبراير وفي ظل تأكيد الولايات المتحدة الأمريكية أنها لن تفرض عقوبات على الشحنات أو المشتريات من الحبوب أو الأسمدة الروسية في محاولة لتخفيف مخاوف الأمن الغذائي التي ظهرت على مستوى العالم، إلى هبوط أسعار القمح حاليًا ولا سيما أن هناك 24 مليون طن من القمح عالقة في صوامع ومخازن الحبوب بالقرب هذه الموانئ.