ضعف الطلب يحد من تأثير خفض إنتاج النفط الروسي

مكاسب الخام الأسود تقترب من 44% منذ بداية العام

aiBANK

خالد بدر الدين _ يتوقع بنك أوف أمريكا BofA ارتفاع أسعار النفط إلى ما يزيد على 150 دولارًا للبرميل إذا تفاقمت العقوبات الغربية على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، واضطرت حكومة موسكو إلى تقليص إنتاجها من البترول بنحو مليون برميل كل يوم لينخفض إلى 9 ملايين يوميًّا، انتقامًا من دول الاتحاد الأوروبي لمساندتها قرارات حكومة واشنطن.

ومع ذلك حذر بنك أوف أمريكا من أن خفض الإنتاج الروسي قد لا يكون له تأثير مع ضعف الطلب من الآن وحتى العام المقبل، لأن ارتفاع أسعار البترول وقوة الدولار الأمريكي بفضل اتجاه مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرفع أسعار الفائدة نحو 6 مرات هذا العام، قد يؤديان إلى خفض الطلب على الطاقة في الدول الكبرى المستوردة للبترول، مثل الهند واليابان وتركيا وجنوب إفريقيا وألمانيا.

E-Bank

بنك BofA يتوقع ارتفاع الأسعار إلى 150 دولارًا للبرميل مع استمرار العقوبات الغربية

وذكرت وكالة كابيتال دوت كوم للأبحاث الاقتصادية أن أسعار البترول بعد أن تراوحت بين 77 و 79 دولارًا للبرميل في الأسابيع الأخيرة من ديسمبر من العام الماضي وبداية يناير قفزت إلى 100 دولار للبرميل في فبراير مع غزو روسيا لجارتها أوكرانيا ثم تجاوزت 139 دولارًا للبرميل في 7 مارس استجابة للحظر الذي فرضه الرئيس الأمريكي جو بايدن على صادرات روسيا ومنها البترول.

ولكن الأسعار تراجعت في بداية يوليو الحالي إلى نحو 102 دولار للبرميل بانخفاض نحو 25% عن المستوى القياسي الذي وصلت إليه في يونيو الماضي عندما تجاوزت 125 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ 9 مارس بعد الحرب الروسية، غير أن مكاسبها هذا العام بلغت ما يقرب من 44% ولكنها هبطت قليلًا خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وأدت العوامل المتنازعة بين العرض والطلب إلى تزايد الشكوك حول تحديد أسعار النفط في المستقبل مع تفاقم المخاوف من وقوع الاقتصاد العالمي في هاوية الركود، والذي سيضر بالطلب على الطاقة، علاوة على أن استمرار العقوبات على روسيا التي تواصل حربها في أوكرانيا للشهر الخامس يقلص المعروض منها وهي ثاني أكبر منتج للبترول بعد السعودية.

وحتى الولايات المتحدة التي تكافح لخفض أسعار الوقود المحلي للمستهلكين فيها بعد ارتفاع التضخم لمستويات قياسية قد تتخذ تدابير تؤثر على سوق البترول العالمية، مثل حظر تصدير البترول الأمريكي مما يعني نقص المعروض منه وارتفاع أسعاره على مستوى العالم.

ومع تزايد العوامل التي تتنازع حول أسعار البترول وتجاذبها في اتجاهات مختلفة يحاول المحللون تحديد ما إذا كانت الأسعار ستواصل ارتفاعها بقية شهور هذا العام ثم تنزل خلال العام القادم رغم أن الاتحاد الأوروبي حظر استيراد الخام الروسي ومنتجاته والذي يشكل 90% من واردات البترول الروسي التي تحصل عليها دول الاتحاد، وذلك ضمن العقوبات الدولية غير المسبوقة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.

وتتجه أسعار البترول للصعود بفعل مخاوف من تضرر الطلب على النفط من تباطؤ اقتصادي محتمل، ولكن قلة الإمدادات وانخفاض الدولار يقللان من ذلك الصعود، غير أن صندوق النقد الدولي حذر من أن أي تحرك روسي لوقف إمداد أوروبا بالغاز سيؤدي إلى انكماش اقتصادي بأكثر من 5% خلال العام المقبل ولا سيما في جمهورية التشيك والمجر وسلوفاكيا وإيطاليا، خصوصًا أن شركة غازبروم الروسية أخطرت العملاء في أوروبا بأنها لا تضمن إمدادات الغاز بسبب الأوضاع «الاستثنائية» في أوكرانيا.

واضطربت أسعار النفط بفعل مخاوف متعلقة بالإمدادات بعد عقوبات غربية على إمدادات الخام والوقود الروسية، أدت إلى اضطراب الشحنات التجارية إلى المصافي ثم إلى المستهلكين، مع زيادة مخاوف من أن محاولات البنك المركزي الأمريكي السيطرة على التضخم قد تؤدي إلى ركود يخفض الطلب.

وواصلت أسعار النفط تقلباتها مدعومة بضعف الدولار وشح الإمدادات مما عوض المخاوف من الركود واحتمال أن تؤدي إغلاقات واسعة النطاق في الصين لمكافحة كوفيد-19 إلى خفض الطلب مرة أخرى على الوقود وتراجع الدولار الأمريكي عن أعلى مستوياته في عدة سنوات، مما أدى إلى دعم أسعار السلع التي تتراوح من الذهب إلى البترول وضعف الدولار مما يجعل السلع المقومة بالدولار في متناول حاملي العملات الأخرى.

ومن ناحية أخرى استمرت الفحوصات الجماعية للكشف عن الإصابة بكوفيد-19 في أجزاء من الصين هذا الشهر، مما أثار مخاوف بشأن الطلب على النفط في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وساعد هذا التوقع بعدم وجود نفط إضافي على رفع الأسعار.

ولكن الرئيس بايدن يشجع منتجي النفط الخليجيين على زيادة الإنتاج للمساعدة في تهدئة أسعار النفط المرتفعة وخفض التضخم، وخصوصًا مع الاهتمام مرة أخرى بارتفاع حالات الإصابة بكوفيد-19 في الصين، واحتمال أن يؤدي الإغلاق مرة أخرى إلى تقليص الطلب على الوقود في أكبر دولة مستوردة للنفط في العالم.

وبينما تنتظر السوق بحذر استئناف تدفق الغاز من روسيا إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 في وقت لاحق هذا الشهر، إلا أن هذا الخط الذي يعد أكبر نظام لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا، بدأ أعمال الصيانة السنوية في 11 يوليو الجاري، وقد تستمر لنهاية الشهر الحالي. وتخشى الحكومات والأسواق والشركات أن يتم تمديد الإغلاق بسبب الحرب في أوكرانيا مما يلحق الضرر بألمانيا، رابع أكبر اقتصاد في العالم، ويزيد من احتمال حدوث ركود للاقتصاد العالمي.

 

الرابط المختصر