باره عريان _ أعرب الدكتور علاء عز ، أمين عام اتحاد الغرف المصرية، عن ترحيبه باختيار حسن عبد الله لتولي منصب القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري ، مؤكدًا أنه يتسم بكونه مصرفيًّا كبيرًا، ووجه الشكر إلى طارق عامر على الفترة العصيبة التي قاد خلالها البنك المركزي، والتي شهدت ظروفًا استثنائية كتداعيات جائحة كورونا، والأزمة بين روسيا وأوكرانيا، وغيرهما.
مشهود للمحافظ الجديد حسن اختياره لمستشاريه وجهات النصح سواء هيئات أو أفراد
وقال إن المحافظ الجديد مشهود له بحسن اختياره لجهات النصح سواء هيئات أو أفراد، إلى جانب قيامه بالإنصات إليهم، الأمر الذي يعد ميزة هامة للغاية، فهو يتيح الاستعانة بأصحاب المصالح المختلفة من خلال حوار مجتمعي، ومن ثم يمكنه اتخاذ القرار على مسؤوليته الخاصة، وفقًا للمعطيات المطروحة لديه، مما تلقاه من جهات النصح من آراء ومعلومات.
نشكر طارق عامر على الفترة العصيبة التي قاد خلالها البنك المركزي
وأكد أن هناك دعمًا كاملًا من مجتمع الأعمال للمحافظ الجديد، لافتًا إلى أن لقاءه مع رئيس الوزراء خلال ساعات من صدور القرار الجمهوري بتعيينه، يعد بمثابة رسالة واضحة بأنه سيكون هناك تناسق وتناغم بين السياسات النقدية التي يتولاها البنك المركزي، والسياسات المالية والاستثمارية والتجارية التي تتولاها الحكومة، وهو الأمر الذي تم افتقاده خلال المرحلة الماضية، علمًا بأن ذلك كان ضمن المطالب الأساسية لصندوق النقد الدولي، متوقعًا أن يتمكن المحافظ الجديد من التحرك إلى الأمام في جميع الملفات، وذلك بدعم من الدولة بالكامل سواء الحكومة أو القطاع الخاص.
توفير النقد الأجنبي وإيجاد آليات جديدة لزيادة الإيرادات الدولارية.. أبرز التحديات
وأشار علاء عز إلى أهمية التحرير الكامل لسعر الصرف، محذرًا من أن الاقتصاد لن يتحمل أن يتم هذا التحرير بشكل سريع، وأن الهدف يجب أن يكون الوصول إلى تعويم فعلي، موضحًا أن تحديد المدى الزمني لتنفيذ ذلك يتوقف على عدة معطيات أبرزها السياسات النقدية والتجارية وعجز الموازنة، كما يجب النظر إلى أثر هذا القرار على المجتمع.
أهمية تعويم الجنيه خلال فترة زمنية محددة وفقًا لمعطيات مدروسة
وأوضح أن الدور الأساسي للبنك المركزي يتمثل في الحفاظ على المستوى العام للأسعار، وبالتالي فإن اتخاذ قرار بالتعويم الكامل السريع، من شأنه التأثير سلبًا على معدلات التضخم، وهو ما لن يستوعبه الاقتصاد المصري، لذا يجب أن تتم تلك الخطوة بشكل تدريجي، ليتم الوصول إلى التعويم الكامل خلال فترة تتحدد وفقًا للمعطيات المدروسة.
ويرى أنه لا يمكن القيام بتعويم كامل حاليًا في ظل الأوضاع الراهنة عالميًّا فضلًا عن المستجدات المحلية، مؤكدًا على القدرة على التعامل مع المشاكل المحلية، إلا أن هذه الظروف الاستثنائية العالمية كتداعيات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية ألقتا بظلالهما على السوق المحلية، لذا فإن تحديد المدى الزمني يجب أن يكون منطقيًّا.
التحرير الكامل السريع سيؤثر سلبًا على معدلات التضخم.. ولن يتحمله الاقتصاد
وذكر أن أي قرار سيتخذه محافظ البنك المركزي خلال المرحلة القادمة سيكون مؤلمًا، لذا يجب الالتفات جيدًا إلى كيفية تقليل حدته، وهو ما سيقوم به المحافظ الجديد، لافتًا إلى أن قرار لجنة السياسات النقدية بتثبيت سعر الفائدة يتسم بكونه قرارًا حكيمًا، ورغم أنه تم اتخاذه بمجرد صدور قرار توليه، إلا أنه من المؤكد أنه كان له رأي في التثبيت.
ونوه إلى أن الآليات التقليدية للحد من التضخم، والمتمثلة في رفع الفائدة لتحقيق ذلك، قد تصلح في الظروف الطبيعية، والتي لا نشهدها حاليًا، نظرًا للمستجدات الاستثنائية التي يتأثر بها العالم بأكمله.
وأشار إلى أن اتجاه دول العالم إلى رفع سعر الفائدة، يأتي تجاوبًا مع قرارات الفيدرالي الأمريكي الأخيرة، والتي أسفرت عن قيام أمريكا بسحب الأموال الساخنة من جميع الدول إليها، منوهًا إلى أن رفع سعر الفائدة في مصر لن يؤدي إلى عودة تلك الأموال خلال المرحلة الراهنة، فالمستثمرون لن يجازفوا بالدخول إلى الأسواق الناشئة في هذه الفترة، وبالتالي فإن اتخاذ هذا القرار سيسفر عن رفع التكلفة على الصناعة والخدمات والتجارة، وبالتالي زيادة الأسعار والتكاليف على المواطنين، دون أن يكون هناك عائد.
وأكد أن التحدي الرئيسي الذي يواجه المحافظ الجديد للبنك المركزي المصري يتمثل في توفير العملة، والخطوات اللازمة لذلك، منوهًا إلى أنه يحتاج إلى إيجاد آليات جديدة لزيادة الإيرادات الدولارية، وذلك بالتنسيق مع الدولة بالكامل، من خلال تنمية الصادرات والحد من الواردات، لافتًا إلى أنه من الضروري أن يقوم بالنظر إلى الأولويات في هذا السياق، ودراستها مع مستشاريه وفريق عمل البنك المركزي، حتى يتمكن من التحرك على أساسها.
أهمية زيادة القيمة المضافة والاعتماد بصورة أكبر على المكون المحلي
وقال علاء عز إن الجميع متفق على أهمية زيادة القيمة المضافة، والاعتماد بصورة أكبر على المكون المحلي، فعلى سبيل المثال قطاع السيارات يمكن أن يقدم فرصة ذهبية لصناعة الكثير من المكونات، مثل الإطارات والبطاريات والسيور.
وأوضح أنه تم السعي لعمل مبادرات مع الدول العربية فيما يخص صناعات معينة، لتحقيق التكامل الصناعي مع الدول العربية بشأن هذا النوع من الصناعات غير الاقتصادية، ليتم الاتفاق مع كل دولة لتصنيع أحد هذه المدخلات، بما يحقق التكامل، إلا أن ذلك لم يحدث، وكذلك تم السعي لتقديم دعم كبير لبعض الصناعات، حتى تبدأ الصناعة منذ بدايتها كصناعة صغيرة، على أن تكون تصديرية، إلا أن حجم تلك الصناعات الصغيرة لا يزال ضعيفًا.
توفير العملة اللازمة للاعتمادات لجميع القطاعات وفقًا للحد الأدنى الاقتصادي
وأكد أن الصناعة في حال وجدت منتجًا محليًّا، فإنها تفضل الاعتماد عليه، حتى وإن كانت تكلفته أعلى، منوهًا إلى وجود حلول كثيرة لتقليل الاعتماد على المكون الخارجي، أبرزها أن يتم إقناع الشركات العالمية الكبرى بالتوطين في مصر، من خلال إقامة مصنع صغير لمكونات الإنتاج أو مستلزمات الصناعة التي تأثرت بتوقف عدد كبير من المصانع خلال تداعيات جائحة كورونا، مما أدى إلى تعطل خطوط الإنتاج نظرًا لنقص المكونات، وعليه تم البدء في البحث عن أماكن أخرى لتوزيع الإنتاج الخاص بهم للمكونات، وهي ما تعد فرصة يجري العمل عليها، موضحًا أن هذه الخطوة من شأنها زيادة القيمة المضافة محليًّا، كما يضمن ذلك نجاح هذا المشروع، لأن حجم التصدير الخاص به يكون مضمونًا منذ اليوم الأول.
وأضاف أن هناك قطاعات لديها بديل محلي يكفيها من الصناعة المحلية يقدم على أعلى مستوى مثل الثلاجات والغسالات والبوتاجازات، لذا ليس من الضروري التعامل في المستورد في ظل هذه الظروف العالمية والمحلية، لافتًا إلى القطاعات التي تعتمد على منتجات مستوردة ليس لها بديل محلي، مثل السياحة، والتي قد تمثل أحيانًا حلولًا استفزازية ورفاهية يحتاج إليها السائحون، إلا أن أهميتها تنبع من كونها أساسية لهم، وهو ما يعد أمرًا ضروريًّا، نظرًا لكون السياحة تعد أحد أبرز موارد النقد الأجنبي.
ويرى أن أي قطاع يتسم بما له من خصوصيات واحتياجات استيرادية سواء مدخلات أو مواد خام مثل الصناعة، أو مواد تامة الصنع مثل بعض السلع التجارية، منوهًا إلى أنه تم افتتاح مولات تجارية باستثمارات مليارية، وهي ما تضم علامات تجارية وماركات عالمية، وعليه فإن منع هذا النوع من السلع من الدخول إلى مصر، سيسفر عن إغلاق تلك المولات، ومن ثم سيتم تسريح العمالة الموجودة بها، لذا يجب الحفاظ على الحد الأدنى من العمل الاقتصادي لجميع القطاعات.
الآثار السلبية للإجراءات الخاصة بالاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل ما زالت قائمة
وأكد أن القطاع الذي ليس لديه بديل محلي، يجب أن تتوفر له نسبة من الموارد الدولارية التي تتيح له مواصلة العمل في السوق، منوهًا إلى أن هذه الجوانب سيتم التطرق لها من خلال اجتماعات بين أصحاب المصالح، وممثلي القطاعات، وممثلي الاتحادات، والجهات متخذة القرار، وهو ما يعد أبرز الملفات التي سيتم مناقشتها مع البنك المركزي المصري، لافتًا إلى أن هناك قطاعات يجب أن تعمل بأقصى طاقة، وليس الحد الأدنى، كالقطاعات التصديرية، نظرًا لكونها تمثل مصدرًا للنقد الأجنبي، إضافة إلى قطاعات الصناعات الغذائية والدوائية، والتي لا يمكن استثناء جوانب منها.
وطالب بعقد حوار مجتمعي مع الممثلين الرسميين لمجتمع الأعمال، بما يشمل اتحاد الغرف التجارية واتحاد الصناعات واتحاد المقاولين واتحاد الغرف السياحية واتحاد البنوك، وذلك ليقوموا بتقديم المقترحات والمطالب التي تضمن عدم حدوث إغلاق بأي قطاع، إضافة إلى بحث سبل زيادة الحصيلة الدولارية، والحفاظ على العمالة.
وحول أبرز مطالب الاتحاد العام للغرف التجارية في هذا السياق، قال إنه من الضروري توفير العملة الأجنبية اللازمة للاعتمادات والمستندات بجميع القطاعات، وفقًا للحد الأدنى الذي يسمح بتشغيل كل قطاع، وذلك في حدود إمكانيات البنوك العاملة في السوق المصرية، ورؤية البنك المركزي.
بعض المنتجات التي نراها استفزازية مهمة لاحتياجات قطاع السياحة
وفيما يخص ملف الاستيراد، أكد أن التيسيرات التي قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الملف لعبت دورًا محوريًّا في إنقاذ الوضع، والتخفيف من حدة القرارات التي تم اتخاذها في هذا السياق، منوهًا إلى أن الآثار السلبية للإجراءات الخاصة بالاعتمادات المستندية ومستندات التحصيل، ما زالت موجودة، حيث أصبح المورد يحصل على أمواله مقدمًا من خلال الاعتمادات، في حين أنه في السابق كان يتم الحصول على تسهيلات وتمويلات ميسرة من المورد، والذي كان يقوم بشحن الخامات، والتي نقوم بتصنيعها وبيعها، ومن ثم يتم التوجه إلى البنك لدفع الأموال إلى المورد.
ونوه إلى أن هذه الآثار السلبية ناتجة عن عدم التشاور مع مجتمع الأعمال في هذا الإجراء قبل صدوره، رغم أن هذا الأمر متعارف عليه عالميًّا ومحليًّا، فالتناقش أمر لا غنى عنه عند اتخاذ قرار اقتصادي مؤثر، لافتًا إلى أنه لا عيب في تعديل قرار أو الرجوع فيه، في حال تبين ضرورة ذلك، متوقعًا من المحافظ الجديد للبنك المركزي أن يتعاون مع جميع الجهات المعنية في السوق بمختلف القطاعات، طالما أن الأمر ليس له علاقة بالسرية.
وأوضح علاء عز أن الاتحاد يمثل السوق، في حين أن البنك المركزي المصري يمثل الدولة، منوهًا إلى أنه في حاجة إلى الاطلاع على الوضع بصورة أكبر من خلال معرفة نبض السوق، وهو ما يمكننا توصيله له، حيث إن المعطيات الموجودة لدى المركزي تعتمد على دلائل وأرقام مؤشرات، لذا يمكن التكامل من خلال التحاور والتناقش لمنح المركزي المصري صورة كاملة وواضحة، حتى يتمكن من اتخاذ القرار الأصح في التوقيت الأنسب، وفقًا للرؤية الأوسع والأشمل التي يتحلى بها.