هاجر عطية _ قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي رئيس الشركة العربية للسبائك، إنه استقبل خبر استقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي السابق من منصبه بترحاب شديد كمعظم المتخصصين الاقتصاديين، موضحًا أن منصب محافظ البنك المركزي لم يكن يلقى مثل هذا الاهتمام الشعبي في السابق سواء عند التعيين أو الرحيل.
وأوضح نافع، أن السياسة النقدية يمكن أن تسير عكس الاتجاه مع السياسة المالية كنوع من الموازنة أو المواءمة، لكن من الصعب أن تعارض السياسة النقدية نفسها.
لا أؤيد سياسة التحرير الكامل إلا في حالة توفير سيولة وموارد دولارية كافية
وأشار إلى أنه كان ضد سياسة التعويم الكامل للجنيه في ظل جفاف السيولة، وقال: «عند محاولة العوم في بركة جافة فإنك سترتطم بالأرض”. وأضاف أنه على الرغم من أن التعويم لم يكن كاملًا لكن كان يتم التأكيد على عكس ذلك، موضحًا أنه لو كان تعويمًا كاملًا فلماذا حدث تعويم آخر في مارس الماضي. وتابع أنه من غير المنطقي أن يتم تعويم الجنيه ويظل سعر الدولار ثابتًا عند 15.70 طوال هذه الفترة الماضية.
السياسة النقدية قد تتعارض في بعض الأمور مع السياسة المالية لكن يصعب أن تناقض نفسها
ولفت نافع إلى أن البنك المركزي يواجه بعض التحديات في الفترة الحالية ومن أهمها، ندرة النقد الأجنبي، كما أن نقص الموارد الأجنبية هي عرض لمرض أهم وهو نقص الإنتاج والاعتماد على الاستيراد، لأننا لا نستطيع أن ننتج ما نستهلكه سواء كانت مدخلات إنتاج أو منتجًا نهائيًّا، وبالتالي كان هذا سببًا رئيسيًّا يمنعنا من الاستفادة من النافذة التي فتحت بالتخفيض الأول للجنيه في عام 2016، والذي كان فرصة ذهبية لزيادة الصادرات وتنشيط الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وقال إن عدم الاستفادة من تعويم 2016 كان بسبب عوامل كثيرة، منها عدم الرهان الكافي على سوق المال وقدرتها في تعزيز موارد النقد الأجنبي.
نقص الموارد الدولارية عرض لمرض أهم وهو انخفاض الإنتاج والاعتماد على الاستيراد
ويرى رئيس مجلس إدارة الشركة العربية للسبائك، أن أولويات عمل المحافظ الجديد تتمثل في حل الصراعات أو فض الاشتباكات مع القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى الاهتمام بأدوات السياسة النقدية المختلفة وعلى رأسها سعر الفائدة.
استهداف التضخم يظل الهدف الرئيسي للسياسة النقدية.. ولكن بأرقام واقعية
وأكد أن هدف السياسة النقدية الأساسي هو استقرار الأسعار وبالتالي استهداف التضخم والذي يجب أن يكون أولوية أولى، مشيرًا إلى أهمية أن تتسم مستهدفات التضخم بالواقعية وأن تستخدم جميع أدوات البنك لتحقيق هذه الأولوية، ومنها: عمليات السوق المفتوحة وغيرها.
وأكد نافع، على ضرورة حرص المحافظ الجديد ألا تقع السياسة النقدية تحت هيمنة المالية العامة، موضحًا أن هذه الهيمنة تتمثل في تفرغ الجهاز المصرفي إلى الاستثمار في الدين العام كمثال، على حساب خلق الائتمان للقطاع الخاص مما يتسبب في الأزمة الحقيقة وهي أزمة الإنتاج، وذلك لعدم توفر الائتمان الميسر أو الكافي للقطاع الخاص، ما يترتب عليه انخفاض فرص العمل وحجم الإنتاج وبالتالي زيادة الاعتماد على الدولار، ومن ثم نمو القروض الخارجية.
يجب ألا تهيمن السياسة المالية على النقدية وألا يخطف التمويل الحكومي فرص إقراض القطاع الخاص
وأضاف مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية، أن القطاع الخاص كثيف الواردات طالما أنه ليس هناك بديل محلي منافس، فقد يكون هناك بديل محلي متوفر بأسعار غير تنافسية أو بديل محلي رديء، مؤكدًا أن البحث عن بديل محلي وإحلال الواردات هو أولوية.
أهمية مراجعة جميع الإجراءات والقرارات المرتبطة بالاستيراد
وقال إنه يجب البدء بتحليل الواردات ثم البحث عن التكامل الأفقي بين الموردين والتكامل الرأسي بين الموردين والمصانع والمنشآت من جهة أخرى.
وأوضح أن معظم القرارات الأخيرة الخاصة بالاستيراد تحتاج إلى مراجعة، وذلك بعد أن كانت سببًا في شلل السوق وتعطيل الإنتاج وارتفاع الأسعار بشكل كبير.
ضرورة إنشاء مجلس أعلى للسياسات الاقتصادية.. ودعم الحوافز لقطاعات التصدير
وأكد أن البنك المركزي المصري غير مسؤول عن إعادة تعبئة الاحتياطي، موضحًا أن مسؤوليته هي إدارة الاحتياطي بشكل جيد وعدم التفريط فيه لأسباب غير مدروسة والحفاظ عليه وكذلك اتخاذ سياسة متوازنة تتناسب مع الاحتياجات الضرورية مع عدم الإفراط في الاتجاه نحو التحرير الكامل في وقت لا تكون الدولة مستعدة أو تعاني من نقص في السيولة، لكن تعبئة الاحتياطي يأتي من موارد مستدامة، مثل: التصدير والاستثمارات غير الساخنة.
مسؤولية البنك المركزي هي إدارة الاحتياطي وليس إعادة تعبئته
وطالب بضرورة إنشاء مجلس أعلى للسياسات الاقتصادية، كما دعا الدولة إلى بذل المزيد من الاهتمام بالقطاعات التصديرية عبر منح تسهيلات وتذليل عقبات الحصول على النقد الأجنبي.