منى بدير: سعر الصرف المرن أو المدار الأقرب إلى الاستدامة في الدول النامية

المركزي منوط به إدارة السيولة الدولارية.. وليس توليدها

aiBANK

باره عريان _ أكدت منى بدير، محلل الاقتصاد الكلي بأحد البنوك الخاصة، أن الوقت الحالي يتطلب العمل على نظام لسعر الصرف المدار وسياسة نقدية مرنة، لاستهداف التضخم، بمعنى أن يقوم البنك المركزي المصري باستهداف معدل تضخم مرن في نطاق معين، على أساسه تكون تحركات سعر الصرف مدارة في هذا النطاق، وهو ما يتطلب من السياسة النقدية التركيز بالأساس على التضخم، وليس على سعر الصرف.

خطوة يجب أن تتبعها سياسة نقدية أكثر شفافية على صعيد مستهدفات التضخم

E-Bank

وترى أن نظام سعر الصرف المرن أو المدار هو الأقرب إلى الاستدامة في حالات الدول النامية، خاصة في دول مثل مصر، والتي ليست لديها احتياطات كبيرة، أو قدرة على توليد احتياطات أجنبية كبيرة تجعلها تميل إلى سعر صرف ثابت، لافتة إلى أنها تفضل المدرسة التي يكون سعر الصرف بها معبرًا عن القيمة الحقيقية للعملة.

وأشارت إلى ضرورة أن تكون تحركات سعر الصرف متسقة مع قدرة الاقتصاد على توليد الموارد الدولارية، وكذلك قدرة المركزي على إدارة السيولة الدولارية، دون أن يكون هناك تدخل مباشر في استهداف قيمة معينة للجنيه، ليصبح الهدف الحقيقي بالنسبة للمركزي متمثلًا في المحافظة على معدلات التضخم في النطاق المستهدف.

أضافت أن التعويم المدار يجب أن تتبعه سياسة نقدية أكثر شفافية، فيما يتعلق بمستهدفات التضخم، حتى لا يفتح ذلك الباب لفكرة اتجاه سعر الصرف في منحنى محدد سواء صعودي أو هبوطي، لا سيما في ظل عدم وجود تاريخ مرن لتحركات سعر الصرف في مصر، موضحة أنه من الضروري في سياسة سعر الصرف المرن والمدار، أن تتم تهيئة جميع الفاعلين في الاقتصاد على فكرة المرونة، وأن سعر الصرف قابل للصعود أو الهبوط في الاتجاهين، وبالتالي التأثير الكبير لسعر الصرف على التضخم، لا يكون كبيرًا، أو أنه يقل مع الوقت.

ونوهت إلى أن عيوب هذا الاتجاه تظهر في الدول التي لم تعتد عليه، والذين يستغرقون وقتًا حتى يتمكنوا من استيعابه، لافتة إلى أن المزايا تتمثل في أنه يجعل البنك المركزي يركز على هدفه الأساسي المتمثل في إدارة السيولة الدولارية، وليس السعي لإيجادها للحفاظ على سعر الصرف، كما أنه يؤكد مصداقية قدرة البنك المركزي، مؤكدة أن التعويم المدار من شأنه المساعدة في الوصول إلى سعر الصرف العادل.

وأشارت إلى أن الخفض المفاجئ لسعر الصرف يعد تحركًا لمعالجة اختلالات معينة، ناتجة عن التراكم، كما أن هذه الخطوة يعقبها تراكم اختلالات أخرى، حيث لا يتم تحريك سعر الصرف بعد ذلك، موضحة أن هذا لا يعتبر نظامًا مستديمًا لسعر الصرف، فالمشاكل الخاصة به متعددة، نظرًا لكونه يؤدي إلى فقدان المصداقية، سواء على صعيد السياسات النقدية أو القدرة على إدارة سعر الصرف بنظام لا يسفر عن توليد ضغوط تضخمية، كما أنه من شأنه زيادة هشاشة الأوضاع في الخارج، وهو ما يعد أحد صور الضعف الخارجي.

وأوضحت أنه في هذه الحالة تلجأ السلطات النقدية إلى الطريق السهل، نظرًا لكونه الأسهل في احتواء التضخم، وهو التثبيت، علمًا بأنه يؤدي إلى تراكم ضغوط على الجنيه، نتيجة لإبعاده عن قيمته الحقيقية، لذلك فهو مع أول صدمة تجد أن التحرك عنيف.

وقالت إن المشكلة في مصر تكمن في أن السياسة النقدية منذ أن تحولت في عام 2005 إلى سياسة لاستهداف التضخم، كان من المفترض أن يكون الهدف الأساسي لها هو المحافظة على استقرار الأسعار، وليس إدارة سعر الصرف، لافتة إلى أن البنك المركزي يجب أن يكون منوطًا به إدارة السيولة الدولارية، وليس البحث عن موارد دولارية تجعله قادرًا على الحفاظ على سعر محدد للصرف.

وترى أنه في حالات التعويم التي تمت على فترات متباعدة منذ عام 2005، كان من المفترض أن يكون هذا التعويم مدارًا، حتى يتم تخطي فكرة الخوف من التحركات العنيفة في سعر الصرف، أو أن يكون مرنًا بقدر كبير، مما يجعله قد يؤثر على الأسعار.

وأوضحت أن التخوف من أن البنك المركزي قد يفقد قدرته على تحقيق مستهدفاته من التضخم، كان يغري صانع السياسة النقدية للقيام بالحفاظ على سعر الصرف، وبالتالي تكون له قدرة أكبر على الحفاظ على معدلات التضخم، وهو الطريق السهل.

وقالت إن سعر الصرف ليس هو هدف السياسة النقدية، لأن سعر الصرف يجب أن يعكس القدرة التنافسية للاقتصاد، وهو ما تعكسه سياسات اقتصادية، وليس فقط السياسات النقدية، لافتة إلى أن السياسات طويلة وقصيرة الأجل هدفها زيادة التنافسية، والنمو بحجم الصادرات وتنافسيتها، وزياة القدرة الإنتاجية للاقتصاد، خاصة بالقطاعات المولدة للصناعات التي تحظى بقيمة مضافة مرتفعة للاقتصاد، وبالتالي قدرة تصديرية كبيرة، فهذه العوامل هي التي من شأنها دعم قيمة العملة المحلية.

الرابط المختصر