المتحدثان عن وثيقة ملكية الدولة في صالون حابي

حابي _ في أول لقاء يجمع المتحدثين الإعلاميين للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة.. استضاف صالون حابي الشهري السابع، أحمد كجوك نائب وزير المالية، والدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء، وشهد اللقاء مناقشات واسعة حول أهم ما تضمنته مسودة الوثيقة والتوصيات التي أفرزتها جلسات الحوار المجتمعي حولها.

كما تطرق اللقاء إلى الكثير من التحديات التي تواجه القطاع الخاص في هذه الفترة، وفلسفة وأهداف الحوافز التي تعمل عليها الحكومة سواء في إطار محاور الوثيقة أو ما يرتبط بعملية الإصلاح الهيكلي للاقتصاد، كما تم إلقاء الضوء على استراتيجية صناعة السيارات بصفتها أحد النماذج المؤسسية لتشجيع القطاع الخاص، إضافة إلى برامج مساندة الصادرات.

E-Bank

كما شهد اللقاء مناقشات واسعة حول استقرار الحوافز وعدالة منحها للقطاعات الاقتصادية المختلفة بغض النظر عن الملكية، بجانب مرونة التعامل مع احتياجات الاقتصاد لها وفقًا للظروف المختلفة، وكان لمحور الحياد التنافسي نصيب كبير من الأسئلة والردود التي تعجز هذه المقدمة عن حصر أهم مخرجاتها.

يذكر أن جريدة حابي أعلنت قبل أسابيع عن تنظيمها حوارًا مجتمعيًّا حول الوثيقة يكون موازيًا للحوار الحكومي، وبجانب الكثير من الملفات والمتابعات الخبرية عن الوثيقة، ورصد الكثير من النماذج العالمية الشبيهة.. استضاف صالون حابي السادس مجموعة من خبراء الاقتصاد وممثلي القطاع الخاص لتقديم رؤيتهم حول المسودة، وضم اللقاء كلًّا من الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق، والدكتور شريف الجبلي رئيس شركة أبو زعبل للأسمدة والبتروكيماويات، وعلاء سبع خبير سوق المال ورئيس شركة ابتكار القابضة، ومحمد الدماطي نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة العربية للصناعات الغذائية دومتي.

وإلى تفاصيل اللقاء

تابعنا على | Linkedin | instagram

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي.. قبل نحو شهرين أطلقت جريدة حابي حوارًا مجتمعيًّا حول مسودة وثيقة سياسة ملكية الدولة التي أعلنت عنها الحكومة، والتي تستهدف بالأساس تمكين القطاع الخاص وتحديد أدوار الحكومة، وبالتوازي تم الإعلان عن عدد من المعايير والمحددات الأساسية لعمل القطاع الخاص وتحفيزه وتشجيعه في الفترة القادمة.

بدأنا هذا الحوار بصالون حضره الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي الأسبق، والدكتور شريف الجبلي، رئيس لجنة الشؤون الإفريقية في مجلس النواب، وعلاء سبع، أحد رواد سوق المال ورئيس شركة ابتكار القابضة، ومحمد الدماطي، نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الصناعات الغذائية العربية دومتي، كممثلين للقطاع الخاص ولما لديهم من خبرات في المشاكل التي تواجهه.

ثم قدمنا أكثر من عدد مطبوع تحدثنا فيهم عن بعض المحاور التي تم تناولها في مسودة الوثيقة، وتمت الاستعانة بما حدث في الخارج من خلال تناول بعض التجارب الدولية والتي قمنا بمناقشتها.. وها نحن نستكمل هذا الحوار بحضور الدكتور أحمد كجوك نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، والدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس مجلس الوزراء والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، أهلًا وسهلًا بحضراتكم تشرفت جريدة حابي بحضوركم.

بداية نود التحدث إلى نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي عن وثيقة سياسة ملكية الدولة.. كيف تم تحديد أهداف وفلسفة الوثيقة وما ارتبط بها من صورة عامة عن وضع القطاع الخاص الحالي؟ وأهداف تنمية دوره في الاقتصاد وتمكينه وتقليل دور الحكومة تدريجيًّا؟

أحمد كجوك نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

أحمد كجوك: فلسفة وهدف الوثيقة هو كيفية زيادة دور ومساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بشكل عام

أحمد كجوك: سعداء بالتواجد معكم لأول مرة في الجريدة، ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها سويًّا ولكن أول مرة نتواجد معكم في مقر الجريدة ووسط العمل الذي تقومون به بشكل يومي وبشكل جيد جدًّا.. تحدثت عن وجود فلسفة وهدف وهما بوضوح يتمثلان في كيفية زيادة دور ومساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي في مصر، وكيف يكون هذا الدور أكبر وأقوى ويتسم باستدامة على المستوى الاقتصادي بشكل عام، فكان هذا هو الهدف الهام.

القطاع الخاص في مصر بشكل عام يجب النظر إلى كيفية منحه دورًا أقوى، وأن تكون لديه القدرة على المنافسة الدولية بشكل كبير في الفترة القادمة، حتى نتمكن من تحقيق أهداف أخرى هامة، بخلاف القدرات، مما يمنحنا دفعة قوية تستمر لسنوات طويلة، وكان هذا هدفًا رئيسيًّا.

أحمد كجوك: المرحلة الراهنة تشهد العمل على 3 محاور رئيسية أولها دور وثيقة ملكية الدولة في تعزيز الشفافية

وفي تلك المرحلة التي نمر بها، هناك ثلاثة محاور أساسية لتحقيق هذا الهدف، المحور الأول وهو الذي نتحدث عنه بشكل أكبر ومكثف، وهو دور وثيقة ملكية الدولة كمحور هام من شأنه منح الوضوح والشفافية للقطاع الخاص والمستثمرين عن دور الدولة والأنشطة التي ستتواجد بها، والأنشطة التي تستهدف التخارج منها أو تقليل تواجدها بها.

وثيقة سياسة ملكية الدولة سنتحدث عنها كثيرًا خلال هذا اللقاء، حول ما الذي تم في الفترة الماضية، وما التعقيبات والإضافات التي تمت، وهذا محور أساسي وهام.

المحور الثاني هو الحياد التنافسي وحوكمة العلاقة بين الدولة والقطاع الخاص، ليس فيما يخص دور الدولة فقط كشركات منافسة للقطاع الخاص، وإنما دور الدولة بأجهزتها وكياناتها وقواعدها الرقابية.

أحمد كجوك: خلق بيئة منافسة عادلة للقطاع الخاص تسمح له العمل داخليًّا والتوسع خارجيًّا أيضًا

الحياد التنافسي هو الذي سيمكننا من خلق منافسة عادلة للقطاع الخاص، مما يسمح له بمنافسة قوية وأيضًا منافسة دولية، كما يسمح للحكومة بتسليم تلك الأنشطة بأفضل طريقة، وفي النهاية المواطن مستفيد بشكل كبير من قوة المنافسة والحصول على خدمة أفضل، فضلًا عن تقديم أفضل تسعير للخدمات أو السلع المقدمة، بما يضمن أن تكون المنافسة قوية، وهناك أيضًا الحياد التنافسي والذي سنتناوله خلال حديثنا كمحور مهم نظرًا لوجود عدة جوانب وقيمة مضافة تستهدفها الحكومة فيه.

أما المحور الثالث خاص بأن تحقيق زيادة في مساهمة التصدير أو مساهمات بعض القطاعات أو حتى زيادة دور القطاع الخاص ومساهمته في النشاط الاقتصادي، يتطلب أشكالًا جديدة من الحوافز، لذا نود التحدث حول الحوافز المبتكرة والمتطورة التي تستهدفها الحكومة، والتي تحظى بفلسفة مختلفة وتتسم بالحداثة في طريقة إدارتها وفكرها.

لذا يجب التطرق إلى الحوافز وسياستها المرتبطة بدفع وتشجيع القطاع الخاص في الأنشطة المستهدفة خلال الفترة القادمة، كالأنشطة التصديرية.

تلك المحاور مجتمعة هدفها الرئيسي في النهاية الوصول بدور القطاع الخاص في مصر ليكون أقوى وأكبر وقادرًا على المنافسة والنفاذ للأسواق الدولية، وخلق فرص عمل جيدة، جميع هذه الجوانب ستستهدفها الحكومة وسيتم قياسها حتى تتمكن من تقييم نفسها بعد المرحلة الأولى وبشكل مستمر بعد ذلك.

أحمد رضوان: قبل أن ننتقل بالأسئلة إلى الدكتورة جيهان صالح.. نود معرفة هل هذه المحاور تسير بالتوازي أم يرتبط أحدهما بالآخر؟

أحمد كجوك: هذه المحاور مكملة لبعضها وتسير بالتوازي، ولكن ذلك لا يعني أنه بالضرورة أن تتخذ خطوة في محور معين ثم تنتظر للانتقال للمحور التالي.

أحمد رضوان: هل يعني ذلك أنه قد نرى جهدًا كبيرًا وسريعًا يحدث في الحياد التنافسي بغض النظر عن اكتمال الوثيقة؟

أحمد كجوك: نعم بالضبط.

د.جيهان صالح: هي تكمل بعضها.

أحمد كجوك: الوثيقة في حد ذاتها تتسم بكونها هامة للغاية، فهي محور أساسي في منح رؤية شاملة وشفافة وواضحة للجميع، وما قصدته هو أن المحاور الأخرى والتي أشارت إليها الوثيقة سيكون العمل فيها مكمل للمحور الأول وهدفه زيادته وتعظيمه.

كذلك الأمر فيما يتعلق بالحوافز والتي تعد أمرًا هامًّا للغاية، سنتحدث عن سياسة الحوافز المتطورة ليست فقط فلسفتها ورؤيتها والمستهدف منها، ولكن لدينا أمثلة ونماذج حية تم اتخاذها مؤخرًا تؤكد على كيفية فكر الحكومة الآن.

ياسمين منير: دكتورة جيهان صالح قبل الدخول في تفاصيل المحاور التي ذكرها نائب وزير المالية.. نود معرفة أهم الملاحظات التي تلقتها الحكومة خلال جولات الحوار المجتمعي التي أجريت خلال الشهرين الماضيين؟

الدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس الوزراء والمتحدث الإعلامي عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

د. جيهان صالح: الهدف الرئيسي للوثيقة هو الإصلاح الهيكلي للاقتصاد

د.جيهان صالح: قبل الإجابة عن سؤالك.. أود أن أضيف على ما قاله الأستاذ أحمد كجوك في حديثه عن الوثيقة، إن فكرة الوثيقة الهدف منها بالأساس هو الإصلاح الهيكلي لهيكل الاقتصاد المصري.

على مدار فترات متعاقبة كانت لدينا عدة إصلاحات مالية ونقدية، إلى أن وصلنا لمرحلة الإصلاح الهيكلي، وأطلقنا البرنامج الخاص به في أبريل 2020.

كلمة الإصلاح الهيكلي أساسها الرغبة في العمل على تمكين القطاع الخاص، حتى نتمكن من الوصول إلى مستهدفات الاقتصاد من خلق فرص عمل مستدامة وزيادة الإنتاجية ورفع مستوى المعيشة، وحتى يكون هذا الأمر مستدامًا نحتاج إلى دور القطاع الخاص بقوة، وبالتالي وحتى يتمكن القطاع الخاص من أن يؤدي دوره بأداء أفضل، يجب أن يكون النظام المحيط به مؤهلًا لدفعه للقيام بالدور المنوط به.

د. جيهان صالح: تمكين القطاع الخاص هو المحور الرئيسي للإصلاح الهيكلي.. وعلينا صناعة البيئة المواتية لذلك

الوثيقة تستهدف إظهار ما تعتزم الحكومة القيام به بمصداقية وشفافية لأن هذا هو توجه الدولة، ولذا كان يجب أن يتم وضع وصياغة الوثيقة ليكون واضحًا للقطاع الخاص والمتعاملين داخل مصر وخارجها، أن هذا هو توجه مصر وما سيتم العمل عليه في المرحلة القادمة.

حتى يتحقق ذلك هناك بعض الإصلاحات تقوم بها الإصلاحات الهيكلية التي يعتبر أساسها تمكين القطاع الخاص، وبالتالي يكون هناك نوع من الاستدامة في عمله وحالة يقين بأن هذا هو توجه الدولة، حتى لا يحدث نوع من التخبط أو عدم اليقين.

بدأنا العمل في أبريل 2020، ومنذ هذا التوقيت تعاقبت الظروف التي أسفرت عن زيادة حالة عدم اليقين التي يشهدها العالم، وبالتالي أصبح الاستثمار يمر بتحديات كبيرة للغاية سواء داخل مصر أو خارجها، ويحتاج إلى اطمئنان بصورة أكبر وأن تكون هناك خطوات ثابتة تتيح للمستثمرين وفقًا لها اتخاذ قرارتهم في ظل حالة التخبط الموجودة حاليًا.

ننتقل للحديث عن ورش العمل التي تم العمل في بداية إطلاق الوثيقة، والتي تم بدء العمل عليها في سبتمبر -عقب إطلاق برنامج الإصلاح الهيكلي في أبريل 2020- ليصبح لدينا مستند أو وثيقة واضحة للجميع في كل المجالات، تضم الخطة الخاصة بتخارج الدولة وتمكين القطاع الخاص.

منذ ذلك الوقت تم تنفيذ عدد كبير من ورش العمل، وكذلك النظر إلى التجارب الدولية والكثير من الأعمال في الداخل والخارج بالتعاون مع الخبراء طوال الوقت.

ياسمين منير: كان ذلك في مرحلة الإعداد؟

د.جيهان صالح: بالفعل هذا تم خلال مرحلة الإعداد، للخروج بوثيقة تتسق مع الأهداف والظروف الخاصة بوضع مصر، فلن نأخذ نسخة طبق الأصل من نموذج معمول به في الخارج ليتم تطبيقه، بل يتم النظر إلى الظروف الخاصة بنا وكذلك المستهدفات والإمكانيات والطاقات، والتي يتم على أساسها تحديد ما سنستعين به.

بدأ العمل على الوثيقة في سبتمبر وتم إطلاقها للحوار المجتمعي في مايو حيث أطلقها رئيس الوزراء للحوار المجتمعي بحضور الوزراء وقطاع الأعمال والخبراء ، ليتم النظر إليها في جلسات متخصصة للغاية على فترات.

استهدفنا تنظيم 30 ورشة عمل مع مختلف المتخصصين لبحث الوثيقة بجميع بنودها

نستهدف عقد 30 ورشة عمل منذ إطلاق الحوار المجتمعي وحتى سبتمبر، وتقام الجلسات في مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء والذي يعد بمثابة الذراع الفنية في الأبحاث والموضوعات التي تحتاج إلى عمل تقني أو فني، ويتم عقد 3 ورش عمل أسبوعيًّا متخصصة في التعليم، الزراعة، الصناعة بقطاعات صناعية معينة، وأيضًا في قطاع التجارة والتجزئة والتجارة الخارجية.

نستهدف الشهر الجاري الوصول إلى الشكل النهائي للوثيقة

يعمل المركز على إعداد ورش عمل متخصصة في مختلف القطاعات الموجودة بالوثيقة، ويتم الاستماع إلى الملاحظات والإضافات التي تطرح خلال هذه الورش من المتخصصين، حتى نصل مع انتهاء الحوار المجتمعي في سبتمبر، أن تكون هذه الوثيقة جاهزة في شكلها النهائي ويتم اعتمادها لتصبح هي الدستور الذي نسير عليه خلال المرحلة القادمة في عملية التخارج، وكذلك بعملية تمكين القطاع الخاص.

الملاحظات التي تم جمعها عن الوثيقة شملت طلب توضيحات أكثر في بعض التفاصيل

وعلى مستوى الملاحظات التي تلقيناها من خلال ورش العمل والندوات التي تم عقدها، فبعض منها أشاد بالمنهجية والأسلوب الخاص بالوثيقة وأخذ جميع الجوانب بعين الاعتبار، والآخر تطرق إلى حاجة بعض الأمور لتكون أكثر وضوحًا، حيث تم التحدث عنها في الوثيقة ولكنها ليست واضحة بنسبة 100%.

رضوى إبراهيم: تقصدين تفاصيل كافية؟

د.جيهان صالح: بالضبط كذلك هناك تفاصيل يرى البعض أنها غير واضحة، وذلك هو الهدف من ورش العمل وإطلاق الحوار المجتمعي للتعرف على الآراء والبدء في تضمينها بالوثيقة، وهذه الآراء ليست خاصة بالاقتصاديين فقط، بل آراء أطراف من المجال نفسه فعلى سبيل المثال في النقل واللوجيستيات يتم التحدث مع متخصصين بهذا المجال، وكذلك الأمر في قطاع تجارة التجزئة والتعليم.

يتم الاستماع إلى متخصصين بالمجال ذاته لمناقشة رؤيتهم والتعرف على النقاط المحددة التي يحتاجون إلى معرفتها، والتي كان من ضمنها الحياد التنافسي، وسنتناوله بصورة أكبر خلال حديثنا، فقد تم التناقش حول الأدوات التي ستضمن تحقيق الحياد التنافسي، وأيضًا الطريقة والكيفية التي سيتم بها تخارج الحكومة.

تتحدد إجابات هذه التساؤلات وفقًا لطبيعة القطاع وبناء على النسب المستهدفة، وأيضًا مدى قدرة القطاع الخاص على التواجد به إضافة إلى البنية التحتية المطلوبة حتى يتم تمكينه، ففي بعض الأوقات يكون تواجد الدولة ضرورة حتى توفر البنية التحتية والتشريعية والأدوات المنظمة لهذا القطاع.

هذا هو ملخص الملاحظات التي حصلنا عليها، وهي أن المنهجية جيدة، وأن هناك بعض الإيضاحات مطلوب معرفتها حول الحياد التنافسي، وبعض الإجراءات التي يجب الإعلان عنها فيما يخص آلية التخارج، وكذلك الشق الخاص بالأساس الذي تم العمل به فيما يخص استهداف القطاعات.

ياسمين منير: هل هناك مطالب محددة، مثل التخارج من قطاعات لم تكن مدرجة في مسودة الوثيقة، أو زيادة نسب التخارج من قطاعات أخرى، أو مطالب خاصة بتحسين بيئة الاستثمار؟

د. جيهان صالح: الحديث يدور أيضًا حول تحسين بيئة الاستثمار نظرًا لأهميته وهو ما يعود بنا للحديث عن الحياد التنافسي، حيث إن مقومات الاقتصاد المصري تتسم بكونها مقومات جيدة للغاية سواء فيما يتعلق بالعمالة أو الموقع أو العناصر والموارد المتاحة لدينا، ولكن نحتاج إلى بيئة منظمة ومحددة وشفافة لنتمكن من التعامل مع المعطيات التي تقلق القطاع الخاص، وهذه أساسيات يجب أن تكون واضحة.

في الحقيقية هذا ما نعمل عليه كدولة وحكومة وبغض النظر عن تلك الملاحظات، نعمل على هذا الأمر طوال الوقت، فعلى سبيل المثال حزمة الحوافز ليست حزمة تقليدية، بل هي مصممة وفقًا للقطاع والمستهدف منه.

وفيما يخص الحياد التنافسي، يتم النظر إلى ما يقلق المستثمر، ليتم تحويله إلى أمر واضح بشفافية، كالشق الخاص بالتراخيص أو الحصول على الأرض، جميع هذه النقاط قد تم ذكرها وتم العمل عليها.

وما أود قوله هو أن الملاحظات التي تلقيناها على الوثيقة لم يكن بها أمر مفاجئ أو جانب لا نضعه بعين الاعتبار فنحن نعمل عليه بالفعل، ولكن قد يكون عدم معرفة الطرف الآخر بكوننا نعمل على هذه الجوانب، يجعله يطرح تساؤلات حولها.

رضوى إبراهيم: أو يحاولون إضافة تفاصيل أكثر وضوحًا.

د. جيهان صالح: بالضبط.

رضوى إبراهيم: سألتزم بالمحاور التي تم ذكرها ولكن سأنطلق من نقطة بالنسبة للقطاع الخاص هي الأهم فقبل أن يصل طموح القطاع الخاص إلى أن الدولة ستقوم بتغيير هيكل الملكية وستسمح بالتخارج من بعض الأصول؛ ليحل هو محلها، كان طموح شركات القطاع الخاص يقف عند الحياد التنافسي والعدالة في المنافسة والمزايا التي تحصل عليها بعض الكيانات التابعة للدولة وأجهزتها، وهذه النقطة يتضح من الحديث أن الحكومة كانت منتبهة لها بصورة كبيرة كمحور أساسي.. هل يمكن إطلاعنا على أهم الإجراءات التي تستعد الحكومة لتنفيذها قبل الانتهاء من الوثيقة كما ذكرت في بداية حديثك؟

الجلسات المتخصصة حول وثيقة ملكية الدولة زاخرة بالمناقشات المهمة

أحمد كجوك: بالتأكيد هناك بعض الجوانب، ولكن أود الإجابة عن هذا السؤال بعد إضافة أمر على ما ذكرته الدكتورة جيهان صالح، ففي الحوار المجتمعي الذي يتم، هناك آليات متعددة وعصرية، ففي الجلسات النقاشية المتخصصة والبالغ عددها الإجمالي المستهدف 30 جلسة، يشارك بها خبراء متخصصون في هذا المجال حقًّا.

د. جيهان صالح: صحيح.

أحمد كجوك: من الممكن فيما بعد أن تحصلوا على أسماء الشخصيات التي شاركت في الحوار بهدف النشر، للتعرف على نموذج هذه الجلسات ومن شاركوا بها، والكيفية التي يتم بها الحوار، وهذا أمر مهم؛ لأن هذه الأمور وإن كانت صغيرة فهي تشعر وتؤكد على الجدية.

إذ يعني ذلك أن الحوار لا يقتصر على إضافة أوراق أو إبداء للرأي، بل يعكس جدية حقيقية في الاستماع والحصول على أفكار، وهذا لا يعني طرح فكرة لم تفكر فيها الحكومة من قبل، ولكن من خلال الحوار تتم الإشارة إلى محور أو بعد هام وضروري يجب أن يؤخذ في الحسبان، فعلى سبيل المثال، نحن نفكر في الحياد التنافسي، وجزء كبير من الذي تم التناقش به في الجلسات المتعلقة بهذا أشار إلى أن جزءًا كبيرًا من الحياد التنافسي ممثل في القطاع غير الرسمي، وهو ما أكده الكثيرون.

أحمد كجوك: جزء كبير من المشاكل ليست مرتبطة بدور الدولة وإنما على سبيل المثال بوزن الاقتصاد غير الرسمي

عندما انفردتم في حابي بعقد لقاء مع الدكتور شريف الجبلي والأستاذ محمد الدماطي، لاحظنا أن في القطاع الذي يمثله الدماطي تحديدًا، جزء كبير من المشاكل التي تقابله سببها القطاع غير الرسمي الذي ينافسه ولا يقتصر الأمر على المنافسة بشكل مباشر، بل يمتد ليصل أحيانًا إلى الإساءة إلى القطاع والتصدير ويؤثر على قدرة الشركات على النفاذ للأسواق.

إذا قامت إحدى الشركات بالتصدير إلى الخارج بدرجة جودة ليست جيدة، قد يؤدي ذلك للإساءة للقطاع الذي تعمل به بأكمله، وهذه أحد الأمور التي ظهرت بصورة كبيرة في الحوار، فقد كان تركيزنا منصبًّا على تنظيم المنافسة والحياد بين الدولة أو أي قطاع حكومي والقطاع الخاص، إلى أن ظهرت لنا أبعاد أخرى هامة للغاية، وتعد هذه من الجوانب الهامة التي نحاول التأكيد عليها.

وعلى صعيد الحياد التنافسي كمحور في خطة الحكومة، يجب الانتباه إلى أنه يضم مجموعة من الجوانب التي نحاول الدفع بها بشكل سريع والسعي إلى تحقيقها، وجزء منها كنا قد بدأنا فيه بالفعل منذ فترة ويجري تفعيله.

على سبيل المثال لدينا إطار تنظيمي جيد وهو جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والذي يتسم بكونه جهازًا قويًّا للغاية في مصر ولديه باع طويل، ونحاول منحه قوة أكبر.

كل قطاع له خصوصية وبالتالي ستكون له حوافز مرتبطة بأهدافه وتحدياته

المنهجية التي نتبعها تقوم على الاستماع بشكل جيد والاستفادة من الآراء والاطلاع على الوثائق الدولية، وذلك بعد هام للغاية، فلن نقوم بعمل آليات مختلفة في ظل وجود ثوابت دولية في قطاع يعمل الجميع به، نعم لكل قطاع خصوصيته المحلية، ولكن ذلك لا ينفي وجود ثوابت يعمل الجميع وفقًا لها.

نرغب حاليًا في الممارسة الدولية التي تحدثنا عنها، وهو ما يتطلب أن تتماشى القواعد الخاصة بنا مع القواعد والثوابت الدولية، إضافة إلى الاستفادة من الخبرات، لذلك عندما أعددنا وثيقة ملكية الدولة، أطلعنا جيدا على الكثير من النماذج الخارجية الدولية، واستفدنا للغاية من هذه التجارب.

تم تشكيل لجنة للحياد التنافسي برئاسة رئيس الوزراء هدفها النظر في جميع التشريعات وجعلها مشجعة للقطاع الخاص

وفيما يخص دور جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، هناك بالفعل قانون وتعديلات تشريعية هامة في البرلمان يجري العمل على الدفع بها خلال هذه الفترة، ونسعى بشكل خاص لإضافة جزء مهم خاص بعمليات الدمج والاستحواذ، ولكن ذلك سيستغرق وقتًا، فالتعديلات التشريعية دائمًا ما تكون مرتبطة بالمناقشات التي تتم في مجلس النواب، إلا أن هناك جوانب يتحرك فيها رئيس الوزراء دون انتظار، وقد أصدر بالفعل قرارًا بتشكيل لجنة للحياد التنافسي يرأسها بنفسه.

د. جيهان صالح: لجنة عليا.

أحمد كجوك: بالفعل، لجنة عليا تحت رئاسته، وتضم الوزراء المعنيين، وهناك أمانة فنية يرأسها رئيس جهاز حماية المنافسة، هدف هذه اللجنة النظر في جميع التشريعات والقواعد والقوانين، إذ يسعى مجلس الوزراء طوال الوقت لإجراء تعديلات واتخاذ قرارات ووضع لوائح جديدة وصياغة خطط واستراتيجيات هدفها تنمية وتشجيع القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار في مصر، ومن المهم أن يكون البعد الخاص بالمنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية جزءًا من عمل الحكومة.

ياسمين منير: هل هناك نقاط معينة تم الاستقرار على ضرورة إصدار قرارات بشأنها؟

أحمد كجوك: سأذكر مثلًا في هذا السياق، نحن كوزارة مالية، بعد تشكيل هذه اللجنة والاشتراك بها ووجود دليل وضعه جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، يتم فيه توضيح اللوائح والقوانين والأبعاد غير المفهومة، مطلوب تقديم أي تعديلات على القوانين أو القرارات بشكل مسبق للجهاز للنظر فيها وإبداء الرأي.

مثلما كنا نتعامل مع أي تعديل حيث يتم إرساله إلى مجلس الوزراء لدراسته، ومجلس الدولة لمراجعة بعض الجوانب، ليكون بذلك جزءًا أساسيًّا من عمل الجهاز، فمثلًا عند وضع أي تشريع أو إجراء في الضرائب أو الجمارك أو لائحة الموظفين أو لائحة المشتريات الحكومية، يتم إرسالها لجهاز حماية المنافسة.

أحمد رضوان: حتى وإن كان ذلك قرارًا وزاريًّا؟

أحمد كجوك: حتى إذا كان قرارًا وزاريًّا، يتم النظر إليه بشكل مسبق وإبداء الرأي، وهذا جزء هام جدًّا أن نحظى بوجود كيان متخصص في هذا الأمر قد تكون لديه إضافة في أحد الجوانب لم نلتفت نحن لها، وينبه مثلًا إلى إضافة جملة معينة عند إجراء أحد التعديلات أمر هام ويجعل الموقف سليمًا 100% من ناحية المنافسة، أو قد يجعل الأمر أفضل.

وكل ذلك يهدف لتقوية دور الجهاز في التشريعات، وكذلك تقوية دوره من خلال تشكيل لجنة برئاسة رئيس الوزراء أعلى سلطة تنفيذية ليتمكن من الدفع ببعض الإصلاحات، وأيضًا لعب دور أكبر بإشراكه بشكل مسبق في التشريعات أو التعديلات، كما يطلعنا الجهاز بدوره على الممارسات الجديدة كافة، ويعد هذا الشق هامًّا للغاية وهو جانب دائم ومستدام قادر على التطوير مع الوقت، والتجربة تسفر لنا عن تجارب أخرى.

هناك شق آخر هام في الحياد التنافسي، سيتم التطرق إليه خلال الفترة القادمة، ويتمثل في إنشاء المجلس القومي للملكية الفكرية وهو أمر هام جدًّا، غير متأكد ما إذا كان مجلسًا أو جهازًا على وجه التحديد.

تطرقنا خلال الحديث معكم عن أوجه الاستفادة من الحوارات واللقاءات المجتمعية التي يتم إجراؤها، وهنا أنوه إلى اهتمامنا بالإطلاع الجيد على كل ما يدور بشأن الوثيقة، ولقد اطلعنا بشكل جيد على اللقاء الذي نظمه صالون حابي حول الوثيقة وقمنا بقراءته بشكل دقيق، مثلما قرأنا أشياء أخرى، ولكن نتيجة للاختيار المتميز للخبراء الذين قمتم باستضافتهم هنا، فقد اطلعنا بشكل جيد وبدقة على ما دار خلال اللقاء.

إحدى النقاط التي تم طرحها خلال لقائكم هي الحديث عن المنافسة وكيفية حماية القطاع الخاص من نظيره غير الرسمي أو من الممارسات غير السليمة، هناك رغبة في أن يكون كل من يقوم بالاستثمار في مصر سواء كان محليًّا أو أجنبيًّا، كيانًا صغيرًا أو كبيرًا، قطاعًا خاصًّا أو حكوميًّا، وأيًّا كان، أن يكون قادرًا على حماية منتجاته بشكل سليم، وألا يتمكن أحد من منافسته سوى المتخصصين بهذا الأمر، لفت الانتباه إلى أحد الجوانب الهامة وهو ما ظهر بشكل أكبر في الحوار وهو ما يتم العمل عليه نظرًا لأهميته.

رضوى إبراهيم: من الجوانب التي ظهرت في الحوار أيضًا، أن القطاع الخاص كما ذكرت يقع في المنتصف بين قطاع غير رسمي لا يقوم بسداد الضرائب والالتزامات المختلفة للدولة، ومن الناحية الأخرى بعض كيانات التابعة للدولة يتم استثنائها من الالتزامات الضريبية والجمركية، مما يجعل القطاع الخاص في وضع تنافسي صعب بين هذا وذاك.. لذا نود معرفة كيف يمكن تنفيذ الحياد التنافسي في المعاملات الضريبية؟

أحمد كجوك: عدد الفواتير الإلكترونية وصل لعشرات الآلاف يوميا.. وهذا يجعلنا نرى بوضوح مدى الالتزام الضريبي

أحمد كجوك: دعيني أخبرك، أن جميع ما يجرى حاليًا هدفه أن نصل لوضع أفضل كحوكمة، في النهاية المغزى يكمن في نقطة معينة، فعلى سبيل المثال، عندما بدأ العمل بمنظومة الفاتورة الإلكترونية، منذ شهور قليلة، كانت تخدّم على منصة تضم آلاف الفواتير الإلكترونية يوميًّا، علمًا بأن معدلات الفواتير وصلت حاليًا إلى ما يقرب من عشرات الآلاف يوميًّا، أي 20 أو 30 ضعف ما تم البدء به، وبلغت المعدلات الشهرية نحو مليون فاتورة إلكترونية.

هذا يعني أننا نرى حاليًا أكثر صورة أوضح بكثير، ونؤمن بالوقت، وهو ما يجب أخذه بعين الاعتبار، إضافة إلى السعي لحل أي مشكلة في حال ظهورها.

جميع الحوافز وإجراءات المساندة التي سيتم منحها ستكون مرتبطة بالالتزام بالمنظومة الضريبية

جميع الحوافز والمميزات والمساندات التي ستتيحها الدولة، وبالنظر مثلًا إلى شركة من كبرى شركات الصناعات الغذائية الملتزمة والمنتظمة، والتي تعمل بشكل جيد، كما أنها من أوائل الشركات التي قامت بتطبيق الفواتير الإلكترونية، يجب التأكيد أنه عند منح مساندات تصديرية أو تمويلية أو حوافز قطاعية، سيكون ذلك مرتبطًا فقط بمن له صلة بهذه المنظومة وبالحوكمة، ولكن لا يمكن القيام بذلك في ظل الافتقار لقدر جيد من نظم الحوكمة ونظم المعلومات، ما يعكس أن هذا يعد أحد الجوانب الهامة التي سنقوم بالعمل عليها.

وكذلك الأمر فيما يخص أهمية إنشاء أو وجود حماية للملكية الفكرية نظرًا لكونه حلًّا عمليًّا، يصبح أي أحد قادرًا على تسجيل المنتج الخاص به، ومن ثم يحصل على حماية له، وفي حال بلغه أن أحدهم يستخدم الاسم الخاص به بشكل غير سليم، يمكنه اللجوء إلى الإطار التنظيمي الذي أصبح يحميه بصورة أكبر ويقوم بتطبيق العقوبات، فهناك الكثير من الأمور يجري العمل عليها.

عندما ذكرنا السنوات الثلاث الأولى في الوثيقة، أولًا هذه السياسة عادة ما يطلقون عليها اسم وثيقة ليتم التعايش معها، فلن نقوم بإعدادها ثم نتجاهلها، ثم نعود للحديث حولها بعد 3 سنوات، بل هي أمر يتم التعايش معه، وعند انتهاء السنوات الثلاث سيتم الدخول إلى المرحلة الثانية.

أحمد رضوان: أود توجيه السؤال بطريقة أكثر وضوحًا.

الدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس الوزراء والمتحدث الإعلامي عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة يحفز على الانضمام للقطاع الرسمي

د. جيهان صالح: قبل أن تطرح سؤالك أود إضافة أمر خاص بالحديث عن القطاع غير الرسمي، وهو قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فنحن نضع أنفسنا محل القطاع غير الرسمي، ونفكر ما الذي يجعله يفضل البقاء في وضع غير رسمي، وعليه تبين أنه يفضل ذلك لأنه يرى أن العائد الذي يحظى به أكبر من التكلفة اللازمة ليكون ضمن المنظومة الرسمية، ولذا نود أن يكون العائد من الدخول إلى القطاع الرسمي، أكبر من العائد بالعمل في قطاع غير رسمي، وبالتالي فإن قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي قدمت وزارة المالية جهدًا كبيرًا به، وتم عرضه على مجلس النواب، وتمت الموافقة عليه، من شأنه تشجيع القطاع غير الرسمي بالحصول على حوافز في حال تحوله إلى القطاع الرسمي.

أحمد رضوان: هل هذا القانون سارٍ؟

د.جيهان صالح: نعم، بالفعل هو سارٍ.

أحمد رضوان: هل لمستم آثار تفعيله؟

أحمد كجوك: يحتاج هذا القانون إلى دفعة أكبر.

أحمد رضوان: لماذا لم تتم مناقشة هذه القوانين مع أصحاب المصلحة بمعنى أنه إذا كان هناك بعض المتهربين من القائمين على المشروعات، لم لا نتمكن من الوصول إليهم والتناقش معهم، وبالتالي يكون هذا القانون أكثر تعبيرًا عنهم؟

أحمد كجوك: بالعكس، هذا القانون من العوامل المحيطة به وعلى أرض الواقع يتميز بوجود حوافز قائمة وحقيقية، إلا أنه ربما تجد من يقوم بجس النبض، فمثلًا على صعيد الحوافز أو المميزات الضريبية فمن يحقق نشاطه مليون جنيه سنويًّا يقوم مبلغ بسيط مقطوع، ويحصل على شهادة بأنه ليس منوطًا بسداد أي مستحقات أخرى.

أحمد رضوان: قبل التطرق إلى الحصيلة نود التحدث عن التعريف وهل نعني بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تعريفًا بسيطًا؟

أحمد كجوك: قامت الدولة باعتماد التعريفات الموحدة وفقًا لشرائح، فعلى سبيل المثال يتم التعامل مع الشريحة التي تصل إلى 10 ملايين جنيه وفقًا لنظام معين، وكذلك الأمر للشرائح الأكبر، حيث تم تقديم حوافز وفقًا للتعريفات السليمة، ولكن الفكرة تكمن في أن أي مشاكل أو صعوبات مثل وجود حسابات منتظمة وقد يكون حجم المشروع لا يحتمل هذا.

عندما نتحدث لأصحاب الأنشطة والمشروعات ونخبرهم بأنه تم تحديد مبلغ قطعي سيتم سداده في مقابل الحصول على مخالصة ضريبية وفقًا لشرائح محددة، يرى صاحب النشاط في البداية أن الفكرة حازت على إعجابه ويراها سليمة، إلا أنه يفضل السماع لتجارب من حوله للتحقق أن هذا الأمر يتم تطبيقه بالفعل، ما قد يستغرق دورة ضريبية كاملة، ليرى ما الذي حدث لمن تقدم بالفعل ووفق أوضاعه، كما ينظر أيضًا إلى ما حدث في العام الثاني أيضًا.

رضوى إبراهيم: بالفعل.. فالعام التالي يشغلهم.

جادون لأقصى درجة في تفعيل قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. ومرونة التطبيق متوافرة

أحمد كجوك: نعم حقيقة، ولذا فإن هذه الأمور تستغرق وقتًا، نحن جادون للغاية في تفعيل هذا القانون لصالح الجميع، لا سيما أن عدد الموظفين لدينا محدد، وفي المقابل حجم الاقتصاد كبير للغاية، ومستمر في النمو.

أحمد رضوان: الفكرة تظل دائمًا في الصراع بين الرغبة في زيادة أعداد المتعاملين في القطاع الرسمي وإضافة متعاملين جدد لتلك المنظومة وأيضًا النمو بالحصيلة المستهدفة بمعدلات أكبر سعيًا لتغطية عجز الموازنة.

أحمد كجوك: بالطبع، ولكن الوضع هنا يتميز بكون هذه الحصيلة لم تكن تُحصل بالسابق، وعليه فإن تطبيق ومنح مزيد من المرونة سيكون على حصيلة إضافية لم تكن الدولة تحصلها من قبل، وأحيانًا الفكرة والهدف لا يكونان على التحصيل.

د. جيهان صالح: يكون الهدف هنا إدخاله إلى القطاع الرسمي.

أحمد كجوك: بالفعل، الدخول تحت المظلة الرسمية، ليتمكن من نمو النشاط بشكل أكبر، وعليه نجد أن الحصيلة وكأنها شراكة مع آخرين بحصة من الأرباح، فسيكون لديك رغبة في نمو حجم هذا النشاط لتنعكس على حصتك والتي تتمثل في الحصيلة الضريبية، فمثلًا المصنع الصغير يصبح لديه مصنعًا أكبر، هذه هي الفكرة، وهذا الشق يتطلب دفعة وتفعيلا أكبر خلال الفترة القادمة، ولا ينفي هذا توافر أساس جيد في القانون وحوافزه.

د. جيهان صالح: تم التعرف على تجربة منظمة OCED قبل وضع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة

عندما قمنا بهذا الأمر، تم التوجه إلى منظمة OECD، والاطلاع على التجربة للتعرف على كيفية وضع المعايير والحوافز، فالأمر لا يقتصر على وضع ضريبة قطعية، بل أيضًا كيفية وضع ذلك في الدفاتر بشكل مبسط، وكيف يكون شكل الإقرار ذاته مبسطًا، حتى وإن كان إلكترونيًّا، ولم يقتصر ذلك على مصلحة الضرائب فقط، ولكن أيضا جهاز المشروعات الصغيرة نظرًا لكونه أكثر احتياجًا له تم إنشاء مكاتب ضريبية.

ومن الوارد جدًّا مع التطبيق يتبين وجود بعض النقاط أو البنود التي يجب تحسينها والتعامل معها، ولكن من المؤكد أن هناك جدية في فكرة تطوير هذه البنود، حتى تكون التكلفة جيدة تسمح للشركات بالانضمام للمنظومة.

د. جيهان صالح: يسهم ذلك أيضًا في تحديث الناتج المحلي الإجمالي لمصر؛ فالقطاع غير الرسمي لم يكن مرئيًّا ولا يظهر في الناتج المحلي الإجمالي، وتدشين هذا القانون يتيح رؤية القدر الأكبر من هذا النشاط لحين ظهور الجميع.

هذا الأمر سيسفر عن تحديث الناتج المحلي والذي لم يكن مرئيًّا ليصبح حجمه أكبر، وبالتالي يرتفع متوسط دخل الفرد، مما يتيح للدولة عرض وضع الاقتصاد بوضوح عند الحديث مع المؤسسات الدولية، نظرًا لأنه كان هناك شق غير واضح، وقد بدأ في الاتضاح تدريجيًّا.

وما زلنا نحتاج إلى دفعة أكبر كما ذكر نائب وزير المالية، حتى نتمكن من احتواء هذا القطاع بصورة أكبر.

أحمد رضوان: أود طرح تساؤلين فيما يتعلق بالحياد التنافسي.. الأول هل يوجد حصر واضح بأي استثناءات في التشريعات المعمول بها تتعلق بكيانات أو هيئات معينة سواء على مستوى الجمارك أو المعاملات الضريبية بما يسمح بأن يتم في توقيت ما جمع تلك الاستثناءات وإلغاؤها بهدف منح القطاع الخاص فرصة للعمل في مناخ تنافسي واضح مع الحكومة؟

د. أحمد كجوك: أستأذن الدكتورة جيهان صالح في الإجابة.

د. جيهان صالح: بالتأكيد فهي عن الجمارك والضرائب.

أحمد رضوان: عندما يكون مصنعًا يعمل بالصناعات الغذائية في القطاع الخاص وآخر يعمل بذات المجال وتابع لجهة حكومية، هذا يقوم باستيراد آلات ومعدات ومدخلات إنتاج ومواد خام دون تكاليف جمركية ودون سداد ضرائب، وفي الوقت نفسه يتحمل القطاع الخاص هذه الأعباء كافة، فنحن نتحدث عن أمر مؤثر في التنافسية القائمة.

أيضا عندما يتم دراسة طرح إحدى الشركات الحاصلة على استثناءات ضريبية وجمركية، هل سيتم طرحها وهو تتمتع بهذه المزايا؟ عذرًا نحن نلعب دور القطاع الخاص في هذا الحوار.

أحمد كجوك: لا مشكلة في ذلك.

رضوى إبراهيم: أود إبداء إعجابي بالسؤال.

أحمد كجوك نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

أحمد كجوك: دعني أقول لك إن ما تطرقت إليه في حديثك أمر هام للغاية، وهذا ليس فقط فيما يتعلق بالتكلفة الجمركية والضرائب، وإنما في الرخص أيضًا وتكلفة الغاز وكل هذه الأمور، فنحن بوضع تلك الثوابت في الوثيقة والتأكيد على وجود هذا الحياد التنافسي بصورة تضمن وجود تحسن وتطور كبير يستشعره الجميع، وهو ما يعد بمثابة هدف وإلزام تقوم به الدولة من جانبها، وهناك أيضًا جوانب يتم العمل عليها منذ فترة.

نعمل على دراسة في وزارة المالية لحصر جميع الحوافز والمميزات الضريبية والجمركية وحجمها

ونعمل في وزارة المالية منذ فترة على إجراء دراسة جيدة جدا للتعرف من خلالها على جميع المميزات الضريبية الجمركية متاحة للجميع وحجمها، وهذا لا يعني بالضرورة التراجع عنها.

سأعطي مثلًا على الجمارك في هذا السياق، فقد أكون أقوم باستيراد سلع من دولة معينة لدينا اتفاقية معها تسمح بالاستيراد دون الجمارك على سبيل المثال، وهناك دولة أخرى تسري عليها الجمارك، وهو ما يعد أمرًا هامًّا يجب النظر إليه.

ومن الضروري أيضًا بالنظر إلى بعض القوانين والقواعد وهل الشكل القانوني للشركة يمنح ميزة معينة أم لا، نقوم بكل ذلك وليس هذا فقط، لدينا في قانون الضرائب سلع معفاة وأخرى غير معفاة وذلك للجميع بما يشمل المستهلك، ولذا نسعى لمعرفة هذه الجوانب كافة وعمل حصر بها.

لا مانع في ترك حوافز لقطاعات اقتصادية بعينها ولكن للجميع ودون ارتباط بشكل الملكية

الفكرة أنه لا يوجد مانع نهائيًّا من ترك أي نوع من الحوافز، وأقولها مرة أخرى إن أي حوافز ومميزات من الممكن أن تكون متاحة طالما ستقوم بتحقيق الأهداف التنموية المحددة.

د. جيهان صالح: وأن تكون مرتبطة بأهداف واضحة.

أحمد رضوان: ما أقصده تحديدًا هو عدم وجود علاقة بين هيكل الملكية والحوافز، بمعنى عدم منح حوافز على أساس الملكية

أحمد كجوك: هذا أمر مؤكد بشكل نهائي، كلامك صحيح 100%.

د. جيهان صالح: بالضبط.

رضوى إبراهيم: أي قد يكون هذا مرتبطًا بالشريحة التي ينتمي إليها الكيان أو القطاع ولكن ليس لذلك علاقة بالكيان ذاته؟

أحمد كجوك: أو بهدف تنموي أرغب في تحقيقه، فمثلًا قد أحدد هدفًا تنمويًّا خاصًّا بوجود فجوة في أحد المواطن بالسوق ولذا فعليّ التدخل، ولذا فمن المهم أن نقوم أيضًا بقياس وتقييم أنفسنا، فمثلًا أن نقوم بعمل الوثيقة، ومن ثم نغفل عنها.

أحيانًا تكون المشكلة في إصدار أمر أو قرار ما يتسم بكونه ممتازًا، ثم نظن أن دورنا قد انتهى عند هذا الحد وهو ما يعد خطأ، فالتطوير عملية مستمرة لا تتوقف.

د. جيهان صالح: وهناك متغيرات محيطة تحدث خلال عملنا، ومن المؤكد أنها ستحدث تغييرًا وتحديثًا.

أحمد كجوك: بالطبع، فقد نجد أن هناك دولة أخرى تقدم حافزًا كبيرًا في أحد هذه الجوانب، وأصبحنا نرى أن منظمة OECD تسعى لتحقيق منافسة عادلة دولية؛ لأنه كما تعلمون هناك أزمة خاصة بالملاذات الضريبية، فهناك دول تجذب قدرًا كبيرًا من الاستثمارات لهذا السبب، وحاليًا يتم السعي لحل ذلك، وكل هذه الأمور من شأنها تغيير الحركة لما يمكن أن تتيحه مع الوقت فيما بعد.

ما نود التأكيد عليه أن هذه الدراسات التي ذكرناها والخاصة بالحوافز والمميزات حديثة بشكل كبير، وستكون جزءًا أساسيًّا من اختياراتنا وقراراتنا خلال الفترة القادمة، لدينا معلومات جيدة ولدينا أمور نقوم بتكميلها وأخرى نعمل على تطويرها وهذه الجوانب ستظل موجودة بصورة دائمة.

ويمكن في المقابلات القادمة تخصيص جزء للحديث عن بعض تلك المزايا والاتفاق الضريبي الخاص بها والأهداف التنموية، والعقد التنموي المتعلق بها، فالجميع يحتاج إلى أن يعرف ما هو العقد التنموي لمنح تلك المميزات، قد يشمل ذلك في خلق فرص عمل أو تحقيق معدلات تصدير أكثر، وذلك سيتم كما نستهدف أيضًا تدريجيًّا مع الوقت في الموازنات وفي الوثيقة الخاصة بالبيان المالي التي نقوم بإصدارها ونسعى لتطوريها سنويًّا، أن تكون هناك أجزاء متعلقة بهذا الأمر.

إذا نظرنا على مدار العامين الماضيين، فقد كانت هذه الأجزاء تتناول تفاصيل عن الضمانات، حيث تم تناولها بشكل واضح، كما تم إصدار جزء في البيان المالي الصادر عن وزارة المالية منذ عامين أو ثلاثة أعوام خاص بالشفافية ومركز مصر بها وما الذي تم تحقيقه وما الذي ما زلنا بعيدين عنه، كما تم تناول الجوانب التي تحتاج إلى تطوير بصورة أكبر، وكذلك ما تم تحقيقه وإنجازه في هذا السياق، ويلي ذلك الجزء السابع في البيان المالي والذي يتناول الضمانات، وهذه الأجزاء لم تكن موجودة في السابق.

رضوى إبراهيم: هل يعني ذلك أن كل ما يخص التطبيق الواقعي للحياد التنافسي سيتم قبل التخارج عبر طرح هذه الشركات على القطاع الخاص؟

أحمد كجوك: بالتوازي.

رضوى إبراهيم: ولكن لن يتم طرحها بوضعها الحالي؟

أحمد كجوك: نعم وسيطبق بالتوازي، ففي حال وجود ميزة تشريعية هل سأقوم بتغييرها بقرار؟ ما أقصده وأقوله هو أن الهدف واضح وهو عمل منافسة عادلة، ونعمل على تحقيقها بشكل تدريجي، مثلما يتم العمل على التخارج من بعض القطاعات أو زيادة دور القطاع الخاص في أخرى.

ومن بين الأمور التي تقابلنا ونحن نقوم بعمل جلسات الحوار واللقاءات التي نجريها بمشاركة الدكتورة جيهان صالح وآخرين، أن هناك تركيزًا شديدًا للغاية على عمليات التخارج مع عدم وجود نفس القدر من الاهتمام والتركيز بأهداف الدولة لزيادة دور القطاع الخاص في بعض الأنشطة، فلا يوجد نفس الاهتمام بأن الدولة ستسمح للقطاع الخاص بدور أكبر في المستقبل.

ما أقصده هنا هو هل الأفضل أن تتخارج الدولة من أصل ما، أم أنه خلال السنوات الثلاث المقبلة جميع الفرص الاستثمارية في هذا القطاع تذهب للقطاع الخاص؟! هذا تأثيره أكبر كثيرًا وأريد شرحه وتسليط الضوء عليه.

الفكرة هي أن الفرص الاستثمارية الجديدة في القطاعات والأنشطة التي نستهدفها يكون للقطاع الخاص الريادة فيها.

د. جيهان صالح: مستقبل مصر في صناعة السيارات واعد جدا.. وهناك سوق ضخمة وبنية تحتية مميزة

د. جيهان صالح: اسمحوا لي، أريد الاقتباس من حديث الأستاذ أحمد كجوك وربطه بعمل تم على أرض الواقع، لقد تحدث عن القطاع الخاص والحوافز وأهمية وجود مستهدفات لها، واستراتيجية توطين صناعة السيارات في مصر التي تم وضعها مؤخرًا، تعتبر مثالًا أساسيًّا ونموذجيًّا على كيفية عمل حزمة حوافز محكومة ومرتبطة بمستهدفات معينة وهي تنمية حجم السوق وعمل قيمة مضافة ومشاركة القطاع الخاص بشكل أكبر.

هذا البرنامج تم تصميمه على أساس حصول المستثمر على حافز مقابل زيادة حجم تواجده بالسوق وزيادة حجم استثماراته، وإذا ما كانت تلك الاستثمارات صديقة للبيئة وتمنح المعرفة باستخدام تكنولوجيا صديقة للبيئة سيكون الحافز أكبر، أيضًا كلما كانت نسبة المكون المحلي مرتفعة وتحقق قيمة مضافة أكثر ستحصل على حافز أكبر.

البرنامج الذي تم وضعه يجعل اللاعبين في السوق لديهم حافز على الاستثمار مع فكرة ربط زيادة نسبة الحوافز بعدد من المستهدفات، وليس هذا فقط، وإنما يجعلهم يرون أن مسقبل مصر في هذه الصناعة وفي هذه المنطقة واعد للغاية نتيجة امتلاك حجم سوق ضخم.

حجم السوق بمصر لا يستهان به في المنطقة، تم تحقيق طفرة كبيرة في الطرق وإنشاء العديد من المدن الجديدة والتي تتطلب سيارات للتنقل منها وإليها، بالتالي نحن في حاجة للسيارات والتي يأتي معظمها من الخارج وينفق عملة أجنبية.

نريد أن يكون لدى مصر بديل للاستيراد، من أجل حجم السوق الذي ينمو بشكل مستمر ولا نرغب في تقليصه بل نهدف لتوسعته، ولذا وضع في الاعتبار كل هذه المعطيات بالإضافة لتجارب الدول المجاورة سواء المغرب أو جنوب إفريقيا أو اتفاقات مصر مع الاتحاد الأوروبي.

وضعت كل المعطيات في الاعتبار عند وضع الاستراتيجية بجانب وضع القائمين عليها محل المستثمر نفسه لنرى ماذا يريد من أجل أن ينمو وذلك لتحديد الحوافز، فليس لدى الدولة مانع من منح حافز ولكن يجب أن يكون مرتبطًا بأداء ومستهدف.

البرنامج قائم على المحاور الأربعة التي تم ذكرها، الأول حجم الإنتاج فلا يجوز الاستفادة من الحوافز لمستثمر حجم الإنتاج لديه قليل، فالهدف تنمية الصناعة التي لديها روابط أمامية وخلفية فهي صناعة الصناعات، إذ يأتي من خلفها صناعات مغذية، لذا يجب أن يكون الحد الأدنى لحجم إنتاج لا يقل عن 10 آلاف سيارة سنويًّا من أجل الاستفادة من الحوافز.

والثاني الربط بحجم الاستثمارات والالتزام بضخ قيمة ونسبة معينة وفقًا لمعادلة محددة للحصول على الحافز، أما الثالث فهو نسبة المكون المحلي لتعميق وجذب الصناعات المغذية، وأخيرًا وليس آخرًا أن تكون صديقًا للبيئة، فليس من المعقول أن يتجه العالم بأكمله نحو الهيدروجين الأخضر ونستمر في استخدام طرق قديمة.

حددنا 4 أعمدة أساسية في الاستراتيجية وتم عرضها على المصنعين ولاقت استحسانًا، ثم بدأ العمل مع التجارة والصناعة والوزارات والجهات المعنية ومصلحة الجمارك والضرائب، لنخرج بهذه المعادلة والحوافز.

في النهاية عندما تدعم الدولة وتقدم هذه الحوافز يجب أن تحصل في المقابل على مستهدفاتها المحددة، وخرجت الاستراتيجية بصيغة في منتهى الشفافية أمام الجميع ولا ترتبط بماهية المستثمر أو جنسيته سواء من الداخل أو من الخارج أو حتى شركة متعددة الجنسيات، الأمر كله متعلق بتحقيق المستهدفات للاستفادة من الحوافز.

ياسمين منير: هل يعني هذا أننا سنرى برامج وحزم حوافز مرتبطة ومفصلة على كل قطاع؟

أحمد كجوك: نعم سيكون هناك توسع أكبر في هذا التوجه؛ لأنه بالطبع هناك بعض القطاعات مثل المشروعات الصغيرة والتي تم تحديد معيار لها متعلق بحجم الإنتاج السنوي، وهناك قطاعات لها طبيعة خاصة.

وارد للغاية أن تكون هناك قطاعات تحتاج إلى حوافز مرتبطة بها مثل تكنولوجيا المعلومات والذي يحتاج إلى نظرة مختلفة طبقًا لطبيعته، الدولة عندما تقدم حافزًا لا بد أن يكون مرتبطًا بتحقيق هدف محدد، ليتم قياس نجاح الحافز بالأهداف، ومن أجل ضمان تحقيق حوافز الدولة لأهدافها على الأقل.

د. جيهان صالح: هذه الحوافز هي من موارد الدولة سواء كان حافزًا ضريبيًّا أو جمركيًّا أو مساندة، وهذه الموارد يمكن استخدامها في شيء آخر، ولذا يجب أن يتم توظيفها بكفاءة عالية، فلا يجوز منح حافز بشكل مجرد ويجب أن يكون مرتبطًا بمستهدف محدد حتى لا يتم إهدار هذه الموارد.

لهذا السبب وضع برنامج الإصلاح الهيكلي من أجل النظر لتنافسية القطاعات وتحديد الميزة النسبية والتنافسية لكل منهم، ننظر للرؤية وإلى أين نريد لمصر أن تذهب لتحديد القطاعات التي نرى فيها مزايا نسبية وتنافسية لدعمها من خلال هذه الحوافز.

رضوى إبراهيم: ما القطاعات التي بات من الواضح أنه سيتم تقديم نوعية حوافز مخصصة لها على غرار السيارات؟

د. جيهان صالح: عند العمل على الإصلاحات الهيكلية وجد أن لدينا قطاعات عدة، وبداية تم انتقاء 3 قطاعات أساسية، الأول الصناعة نتحدث هنا عن الصناعات التحويلية بأكملها سواء كانت هندسية أو غذائية أو كيميائية وكل أنواع الصناعات، فهي هامة للغاية ولا يمكن إغفال أهمية منحها هذه الدفعة والحافز، خاصة أنها هي الأساس في التصدير، وإذا كان الهدف تنمية التصدير فيجب أن يكون لدي صناعة قوية، ولذا فالصناعة من الأولويات التي نمنحها حوافز ونتحدث عن كل قطاع على حدة ويتم العمل على كل قطاع على حدة.

القطاع الثاني هو الزراعة والذي يعد هامًّا للغاية خاصة في ظل حالة عدم اليقين والحروب والتي أظهرت ضرورة امتلاك الأمن الغذائي والذي يختلف تمامًا عن الاكتفاء الذاتي، فالأمن الغذائي يعني كيفية ضمان توافر السلع الأساسية والاستراتيجية وبالبناء على الميزة التنافسية للبلاد في مجال الزراعة، فليس من الضروري زراعة المحاصيل كافة ولكن يتم الانتقاء، وبالتالي فقطاع الزراعة من القطاعات التي يتم وضع الحوافز الخاصة بها لأنها من القطاعات الهيكلية الأساسية.

أما القطاع الثالث فهو تكنولوجيا المعلومات ولدينا المقومات الخاصة بها، ولذا عند العمل على قانون الملكية الفكرية والذي يعتبر أساسًا لنتمكن من خلق صناعة تكنولوجيا المعلومات وكذلك تدبير الموارد البشرية المؤهلة لهذه الصناعة والتي تحتاج إلى محفزات في التعليم وفي المساندة.

وبذلك فالصناعة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات هي قطاعات أساسية من الإصلاحات الهيكلية التي قمنا بدراستها ووجدنا أنها قطاعات رائدة تحتاج إلى منحها دعمًا وحوافز، وهذا لا يعني أن القطاعات الأخرى ليست هامة، ولكن طلبتم معرفة أهم القطاعات التي يتم العمل عليها.

رضوى إبراهيم: هل وصلنا لمرحلة صياغة الحوافز التي تخص القطاعات الثلاثة التي تم الاستقرار عليها؟

د. جيهان صالح: استراتيجية السيارات تتبع قطاع الصناعة ونتحدث هنا عن صناعة الصناعات، وعلى صعيد الزراعة فنحن نتحدث على قطاعات ومجالات عدة مثل الأسمدة أو الأراضي وغيرها وكذلك تكنولوجيا المعلومات، ولكل قطاع من تلك القطاعات خصوصية وسمات تتعلق به، وبالتالي لا يتم تخصيص حزمة حوافز ثابتة ليتم تعميمها، ويتم تصميم تلك الحوافز وفقًا لطبيعة احتياجات القطاع والتحديات والمعوقات الموجودة به وبحسب الأهداف التي ترمي لها الدولة.

أحمد رضوان: هناك سؤال هام بالنسبة للحوافز وفكرة استقرارها وأيضًا استقرار الجزء الخاص بالتكاليف السيادية بشكل عام مثل الرسوم وغيرها.. إذا ما فرضنا أن لدي مشروع طاقة شمسية وقمت بعمل المشروع بناء على أن هناك حوافز ممنوحة من الدولة فما هي الضمانة بالنسبة لي كقطاع خاص؟ أو ما هو التعويض الذي سأستطيع الحصول عليه حال إصدار الحكومة لقرار مثلًا بفرض جمارك على مكونات الطاقة الشمسية؟

أحمد كجوك: سأقول لك شيئًا.

أحمد رضوان: أوضح هنا أن النموذج قائم على استيراد المكونات معفاة وفجأة ودون أي تحذير تم فرض جمارك على هذه المكونات.. فما الضامن لي؟ نتحدث عن الحوافز طوال الوقت ولكن استقرار هذه الحوافز أمر هام.

أحمد كجوك: العقود الملزمة بين الدولة والمستثمر سيتم احترامها، وهذا أمر ثابت في مصر أي عقود ملزمة هناك التزام بها، وأذكر هنا بعضًا مما تم تطبيقه في بعض الأنشطة كالكهرباء عندما كان سعر الإنتاج عاليًا ولم تكن هناك تكنولوجيا طوارئ بعد، وهذا الأمر تطور بعد ذلك مع الوقت.

من المهم أن يكون هناك قدر من وضوح الرؤية، فلماذا أقوم بعمل تلك الوثيقة ولمدة 3 سنوات.

أحمد رضوان: معنى ذلك أنه سيتم إصدار الحوافز بأجل واضح؟

أحمد كجوك: بالطبع، فحوافز السيارات على سبيل المثال لمدة 5 سنوات وتجدد.

د. جيهان صالح: تجدد أي يتم تحديثها.

أحمد كجوك: أريد أن أنوه إلى شيء في السيارات عندما تحدثنا مع القطاع الخاص واحد من الأمور التي تم ذكرها إمكانية تغيير شكل الحوافز، وبالمناسبة هناك بعض الأمور التي يتم عملها ونظن أنها تمنح استقرارًا ولكنها أحيانًا تتسبب في تراجع الحوافز الحقيقية.

لا يمكن إقرار حوافز لمدة طويلة دون مراجعة، وفكرة المراجعة الدورية لا تعني الإلغاء ولكن يتم تعديل وتحديث الحوافز، فعلى سبيل المثال يمكن بعد مرور 5 أعوام تحقيق مصنع السيارات حجم إنتاج كبير واستطاع خلق سوق، ويرى أنه من الممكن الانتقال لأهداف أخرى ومستوى أعلى في الحوافز.

أحمد رضوان: فكرة استقرار الحوافز ضمان أنها لن تقل؟

أحمد كجوك: لا ولكن قد تتغير، فمن الوارد مثلًا منح المستثمر حافزًا على تدريب العاملين لديه عبر إعفاء هذا الأمر من التكاليف، ويمكن أن ترى الدولة منح حافز أكبر مستقبلًا عن الاستثمار في البحث والتطوير وهذا إنفاق هام جدًّا نظرًا لدخولي في المرحلة الثانية والتي بها حوافز أخرى.

الاستراتيجية التي تحدثت عنها الدكتورة جيهان قامت بعمل كيان ووحدة متخصصة لمتابعة تنفيذها وكان القطاع الخاص ممثلًا فيها.

أحمد رضوان: استراتيجية صناعة السيارات؟

أحمد كجوك: نعم، أقوم بضرب مثال لأوضح الفكر الذي نعمل به، قمنا بعمل كيان متواجد به القطاع الخاص وبنسبة تمثيل عالية للغاية من أجل متابعة التنفيذ وتقديم مقترحات للتطوير، حتى لا نكون قمنا بعمل شيء وتركناه دون متابعة وتطوير، فمن الممكن بعد 5 أو 6 سنوات نجد أن هناك أمرًا ما يمكن أن يضاف ويحقق عائدًا جيدًا للغاية عبر آلية للمتابعة.

أحمد رضوان: وهذه اللجنة أو الكيان لو افترضنا مثلًا ظهور رسم تنمية بشكل مفاجئ على الاقتصاد بالكامل هل قطاع السيارات هنا يستطيع سيجد جهة للفصل في تحمله لهذا الرسم؟

د. جيهان صالح: سأعود مرة أخرى لبرنامج الحوافز الخاص باستراتيجية السيارات والتي قمنا بطرحها كثال للتدليل على الجزئية التي تحدث فيها الأستاذ أحمد كجوك، وضعنا في اعتبارنا النقطة التي تحدثت عنها وكون المستثمر يحتاج دائمًا إلى أن يشاهد ما سيحدث فيما بعد، لأن مردود الاستثمار الذي سيقوم بضخه لن يظهر سريعًا ويحتاج إلى وقت للوصول لإنتاج نحو 10 آلاف سيارة.

رضوى إبراهيم: أحيانًا تبدد مجهود وخطط سنوات.

أحمد كجوك: بالطبع.

الدكتورة جيهان صالح مستشار رئيس الوزراء والمتحدث الإعلامي عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

د. جيهان صالح: على سبيل المثال من الممكن أن يضخ المستمر استثمارات وحتى ظهور الإنتاج والوصول للمطلوب قد يحتاج إلى عامين، فهل من الممكن أن يجد الاستراتيجية تتغير؟ بالطبع لا وذلك سيكون مزعجًا ومقلقًا للغاية.

استراتيجية السيارات عمرها 5 سنوات ثم تتم مراجعتها خلال سنتين وتطويرها

لذا من البداية تم الإعلان بوضوح عن الاستراتيجية وعن استمرارها لمدة 5 أعوام، ثم تراجع بعد انتهاء مدتها خلال عام إلى عامين، أي إنه قد يطرأ عليها تعديلات خلال العام السابع، بالتالي فالمستثمر يعلم من البداية وقت دخوله للاستراتيجية ومتى سيبدأ الحصول على الحوافز بعد عام أو عامين من عمله تقريبًا، ثم لديه 3 أعوام أخرى قبل تغيير شكل الحوافز، ما يسمح له بضبط أوضاعه وفقًا للحوافز التي يستهدف الحصول عليها، وبعد العام السابع سنعلن عن شكل حزمة الحوافز الجديدة.

قمنا بوضع عدد من الكيانات في استراتيجية صناعة السيارات، من ضمنها وحدة السيارات، والتي تختص بالنظر في مدى استفادة المصنعين من هذه الحوافز من حيث مدى مناسبتها وملاءمتها لوضع السوق والظروف والطاقة الإنتاجية، وبحث ما إذا كان قد حدث تغيير في الظروف يستوجب تغيير نمط الحوافز.

وبالإضافة إلى هذه الوحدة لدينا مجلس أعلى للسيارات والذي ينظر إلى الرؤية من حيث ماذا يحدث لصناعة السيارات في العالم؟ حدث تحول للغاز أو للكهرباء بعد ذلك توجه جديد للهيدروجين الأخضر، فهل المصانع الموجودة بمصر تعمل بنظام قديم أم أنها متسقة مع التحولات الجديدة، كذلك أزمة أشباه الموصلات في العالم وندرة تواجدها واحتمالية وجود مصانع في المنطقة فكيف سنقوم بفتح خطوط للتواصل معهم.

المجلس الأعلى لصناعة السيارات متواجد فيه كل متخذي القرار رئيس الوزراء والوزراء المعنيون والمصنعون، ولكن هؤلاء ينظرون إلى الرؤية وليس الأمور الفنية، أما وحدة السيارات فدورها متابعة التطبيق والجوانب الفنية، وهناك أيضًا الصندوق الذي تخرج منه الحوافز، هذه الكيانات موجودة من أجل أن تكون هذه الاستراتيجية متكاملة وفعالة.

هناك مثال آخر قمنا أيضًا بالاستفادة منه، وهو البرنامج الخاص بدعم المساندة التصديرية، والذي كان ثابتًا في السابق وقمنا بتطويره وجعلناه أكثر ديناميكية ليتواءم مع الظروف والمتغيرات، فعلى سبيل المثال في فترة كوفيد 19 نادى المصدرون بتوجيه المساندة للشحن بدلًا من إقامة معارض وسط ظروف الإغلاق وعدم الاحتياج إليها.

ارتفاع تكاليف الشحن لإفريقيا دفع الحكومة لتغيير وتوجيه الدعم لعمليات الشحن أكثر من أن يكون دعمًا نقديًّا أو عبر إقامة المعارض، وفي وقت آخر طالب المصدرون بأن يكون الدعم في صورة مقاصة ما بين الالتزامات الحكومية سواء ضرائب أو كهرباء وما شابه وبين المبالغ المستحقة، فهناك ديناميكية في البرنامج وفي الحوافز وكل فترة على حسب المعطيات.

برامج دعم الصادرات يعد من أكثر البرامج التي حدث فيها تحديث وتغيير نتيجة لاختلاف الظروف وما استجد على الساحة ودفع إلى التغيير، وبالتالي فالنقطة التي طرحتها حول استقرار برنامج الحوافز وتمعته بشفافية واضحة تم أخذها في الاعتبار والأمثلة التي قمت بذكرها هي الأساس الذي نقوم بالتفكير فيه.

أحمد كجوك: رئيس الوزراء أصدر قرارًا بأن أي جهة تحت سلطتها إصدار أي عبء لأداء خدمة أو أعمال إضافية يجب عرضه أولًا على مجلس الوزراء للموافقة عليه، حتى يكون هناك نوع من الاطمئنان ووضوح ومراجعة جيدة، وينطبق هذا على جميع الجهات بمصر حتى وإن كان القانون الخاص بها يسمح بأي مطالب لتأدية خدمة فلا بد من العودة أولًا لمجلس الوزراء والحصول على موافقته.

ياسمين منير: تحدثنا عن الحوافز حديثًا مباشرًا للغاية كسياسة ومنهجية ونموذج ونرغب في الدخول في الأخبار.. فما هي الحوافز التي دخلت في مرحلة الإعداد والصياغات النهائية وما هي الصناعات الأقرب لأن نرى لها برامج متكاملة في القطاعات الأخرى كالزراعة وغيرها؟

أحمد رضوان: سواء هذا الأمر مرتبط بموضوع الوثيقة أو الظروف التي نمر بها الآن.

أحمد كجوك: الاقتصاد الأخضر والهيدروجين والسيارات الكهربائية من القطاعات التي يتم التركيز على تشجيعها

أحمد كجوك: هناك أمران هامان يحدثان في مراحل متقدمة بمجال الاقتصاد الأخضر وصناعة الهيدروجين، قطعنا شوطًا كبيرًا للغاية في البداية كان الهدف معرفة الفرص الاستثمارية وما يمكن تنفيذه والآن نفكر في الحوافز التي يمكن تقديمها سواء بمجال صناعة الهيدروجين أو الاقتصاد الأخضر بشكل عام، فالأنشطة الخضراء عمومًا سيكون لها حزمة حوافز مفصلة.

نفس الفكرة في صناعة السيارات والتحول للسيارات الكهربائية، هناك بعض الأمور نقوم بدراستها الآن، إذ يكون في البداية التفكير في إنتاج وشراء سيارات جديدة كهربائية، ثم تظهر تغيرات كفكرة تحويل نظم السيارات القائمة والمستخدمة بالفعل للعمل بالكهرباء، هناك نشاط قائم بالفعل على التحويل وهو مفيد للغاية في مجالات مثل نقل البضائع والركاب لانخفاض تكلفة التشغيل وهو حافز كبير، وسنرى ما يمكن تقديمه في هذا المجال وهناك أنواع محددة نستهدفها.

مؤخرًا أيضًا وبسبب الظروف التي نمر بها حاليًا كانت هناك مناقشة كبيرة في مجلس الوزراء، وحقيقة هناك توافق وقدر كبير من المساندة لبعض الأنشطة ومن الممكن أن تتحمل وزارة المالية الضريبة العقارية عن عدد من الأنشطة خلال الفترة القادمة.

هناك بعض الحوافز التي نعمل عليها ولكن من الضروري أن تكون بثوابت واضحة، فنحن نعمل على أمر منذ فترة ونقوم بمراجعته مع بعضنا البعض وهو مرتبط بنتائج محددة ومستهدف تنموي واضح، وهذا لا يعني عدم وجود استقرار بالعكس هذا هدفه ضمان أن الحافز المقدم للقطاع الصناعي أو الزراعي أو قطاع تكنولوجيا المعلومات أو أي قطاع آخر في مجاله ويحقق الغرض منه.

أحمد رضوان: هل هناك تصور لحزمة عامة أو متكاملة مثل الحزم المالية التي كانت في فترات سابقة على سبيل المثال سواء خفض ضريبي أو حوافز مادية مباشرة؟

أحمد كجوك: تحدثنا عن المحاور الثلاثة التي نعمل عليها وتحدثنا عن القطاعات وهذه هي الرسالة الأساسية التي نعمل عليها.

رضوى إبراهيم: نريد الكشف عن كيفية سير الكواليس المحيطة بوثيقة سياسة ملكية الدولة تقومون بعقد العديد من اللقاءات بخصوص الوثيقة فهل يتم عرض ما دار في النقاشات على مجلس الوزراء أولًا بأول؟ أم أن هناك وقتًا محددًا من بعده سيتم عرض النتائج مجمعة على صاحب القرار؟ هذا أمر، والأمر الآخر نريد معرفة أكثر الملاحظات المطروحة من القطاع الخاص والتي تكررت بشكل واضح حتى وإن كانت الحكومة ترى أنها ليست في محلها ولكنها كانت محل تكرار كبير؟ والأهم من ذلك هل هناك ما ارتقى لأن تفكر فيه الحكومة لتقوم بإجراء تعديل على الوثيقة بعد الاستماع لملاحظة تستحق؟

أحمد كجوك: بالنسبة للجزء الأول من السؤال فمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار يقوم بإدارة اللقاءات القطاعية التي يتم إعدادها ويتم دعوة الخبراء فيها ويقوم بتسجيل هذه اللقاءات ويخرج منها بأهم توصيات.

ومجلس الوزراء أيضًا يتابع ويرصد اللقاءات كافة وحتى هذا الحديث الذي يدور الآن، عبر آلية للرصد تتابع ما قيل ودار في النقاشات وتقوم باستنباط النقاط الهامة.

بجانب ذلك دشن مجلس الوزراء تطبيق «شارك» وهو آلية جيدة جدًّا لدعم الحوار المجتمعي، يمكن استخدامه بشكل يومي لمعرفة جميع المستجدات والأحداث التي تدور، ويتم عرض الوثائق بطريقة جيدة، وعندما قمت بالدخول على التطبيق دون استخدام اسمي انبهرت بالمعلومات المتاحة وأصبحت استقبل معلومات دقيقة بشكل جيد يوميًّا وتتيح لك خلفية عن الحدث بشكل مكثف ومختصر.

وبالمناسبة جزء مهم جدًّا لتكون فعالًا في الحوار المجتمعي أن تقدم المعلومات للأفراد بشكل موجز، فمن الممكن أن تمنح 5 آلاف صفحة تحت مسمى الإشراك في كل شيء ولكن ذلك غير مفيد.

بالتالي كان الهدف أن نقوم بإخراج محتوى بمعلومات موجزة ومكثفة ومتاح أيضًا خلفيات ودراسات عديدة هامة للغاية على الموقع الإلكتروني ويسهل الاطلاع عليها.

هناك أيضًا متابعة من المؤسسات الدولية أيضًا ونستعرض هذه الأمور مع بعض منها مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيره وحصلنا على انطباع إيجابي.

سألتِ سؤالًا مهمًّا للغاية عن الأمور والنقاط التي لاقت اهتمامًا كبيرًا من قبل المشاركين في جلسات الحوار المجتمعي وظهرت لنا بشكل واضح وسيكون لها أهمية، أولًا رد فعل المشاركين أنهم أصبحوا يرون جدية للغاية في إدارة هذا الملف بغض النظر عن أي تفاصيل صغيرة هنا أو هناك ولكن لديهم قناعة بأن الحكومة لديها رغبة حقيقية في تنفيذ ذلك.

ضرورة وجود آليات لتطوير الوثيقة وخطة التنفيذ.. من أهم مخرجات الحوار المجتمعي

طالب المشاركون بوضع آلية للتنفيذ بالتوازي مع إعداد الوثيقة، هذا الأمر ظهر بشكل كبير وأصبح واضحًا جدًّا أنه أولوية لدى المشاركين صدور الوثيقة بمصاحبة آليات التنفيذ، للمتابعة والتقييم وأن تكون أيضًا هناك خطة زمنية واضحة عن التنفيذ.

هذه هي النقاط التي ظهرت في المناقشات بشكل قوي للغاية حتى وإن كان لدينا بعض الأفكار حول ذلك كحكومة، ولكن ظهر للغاية في الحوار أن هذا أمر يهتم به القطاع الخاص كثيرًا، وقد يكون سببه رؤية جدية حقيقية في الوثيقة ما دفع للرغبة في الدخول إلى المرحلة التالية.

جزء كبير من القطاع الخاص مثلًا قد يرى تقييم الوثيقة 7، 8، 9 من 10 وبالنسبة لهم مهم وصولها إلى 10 من 10، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لهم التنفيذ أيًّا كانت درجة التقييم، ولذا فإن هذه الآلية هامة للغاية وتم الحديث عنها بشكل كبير.

رضوى إبراهيم: معنى ذلك أنكم ستقومون بعمل تلك الآلية؟

أحمد كجوك: نعم سنقوم بعملها.

رضوى إبراهيم: هل تتوقع لها أجلًا زمنيًّا محددًا؟

أحمد كجوك: الوثيقة ذاتها ستطرح بأجل 3 أعوام، وسيتم وضع خطة سنوية للتنفيذ وتراجع بشكل دوري، وهذه واحدة من الأمور التي نقوم برفعها كتوصية من المجموعة القائمة على الوثيقة، فهي نقطة هامة للغاية وبالتأكيد ستكون التوصية الأساسية لنا، وأتصور أنه شيء جيد.

الأمر الثاني الذي ظهر وطرح في النقاشات بشكل قوي للغاية، الجزئية التي تحدثنا عنها قبل قليل والمتعلقة بالحياد التنافسي ليس ما بين الدولة والقطاع الخاص وإنما مع القطاع غير الرسمي، قد ظهر ذلك بقوة وبالتالي أصبح هامًّا للغاية التركيز على جزئية الحياد التنافسي بشكل مطلق وكيفية ضبط الوضع التنافسي بين القطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي فهذا أمر مهم وضروري، ولا يعني ذلك القيام بإجراء يضر أحد الأطراف ولكن هو أحد الأبعاد التي أصبح العمل عليها أولوية.

ظهر أيضًا جانب ثالث وكان عبارة عن استفسارات وليس مطالب، وجاوب رئيس الوزراء على جزء منها، ولكن تم طلب تأكيدها بالوثيقة، كأن تكون هذه الوثيقة على سبيل المثال معتمدة من مجلس الوزراء أو من رئيس الجمهورية والتوصيات متواجدة بها وأن تكون هذه الوثيقة بها شمولية تغطي أجهزة الدولة كافة، ورئيس الوزراء أكد على هذا الأمر وقال إنها سيتم وضعها بوضوح أكثر في الصياغة.

ياسمين منير: هذا يعني الوضع القانوني للوثيقة حيث ستصدر بشكلها النهائي؟

أحمد كجوك: هذا ما سيدرس هل ستخرج في شكل وثيقة معتمدة وتطرح من خلال الموافقة عليها من مجلس الوزراء بشكل رسمي.

استراتيجية السيارات تم عرضها واعتمادها من مجلس الوزراء 

فمثلًا عند إعداد استراتيجية السيارات متوسطة المدى والتي تضع الإطار العام لوزارة المالية، قمنا بعرضها على مجلس الوزراء مرة ومرتين حتى اعتمدت بالفعل من مجلس الوزراء بما يعطيها قوة أكبر من صدورها من وزارة المالية، فهناك أفكار عديدة في هذا الأمر.

أحمد رضوان: ماذا عن التجارب الدولية في الشكل القانوني لصدور الوثائق الشبيهة؟

أحمد كجوك: هذه مختلفة فهي من الأمور التي بحثنا عنها ووجدنا أنه في كثير من الأحيان تخرج من وزارة معنية في دولة من الدول، وأحيانًا تصدر من مجلس الوزراء أو تنعكس بنودها في بعض التشريعات، ولكن لم نرَ أنها تخرج في شكل تشريعي لأنه يجب أن تتوافر فيها مرونة.

فمن المهم أن تكون واضحة وتتمتع بشفافية ومنشورة وتتضمن آليات متابعة وتنفيذ، وهناك أمور كثيرة في هذا السياق لها أولوية في طرحها للحوار وهناك أيضًا آليات تفصيلية وما أود التأكيد عليه أن هناك توثيقًا جيدًا للحوار.

أحمد رضوان: هل سيكون هناك كيان مسؤول عن تنفيذ الوثيقة جهة أو وزارة أو لجنة؟

أحمد كجوك: أمر وارد فالمطلوب هو المتابعة والتقييم، وبالطبع مجلس الوزراء هو المسؤول عن قرار تأسيس الكيانات التي تقوم بالإشراف على هذه الأمور مثلما حدث في إعداد وطرح الوثيقة على سبيل المثال.

ووارد للغاية أن تكون هناك طروحات لتدشين جهة تكون مسؤولة عن ذلك، مثلما حدث في إنشاء لجنة الحياد التنافسي برئاسة رئيس الوزراء نفسه وبمشاركة جميع الأطراف وبها أمانة فنية جيدة جدًّا برئاسة الجهاز المعني بالمنافسة.

هذه الأمور قد تتبلور مع اقتراب وقت التنفيذ، نحن الآن نستمع جيدًا جدًّا للمشاركين في الحوار ويتم تدوين جميع التوصيات وترتيبها بأولويات وفقًا للنقاط التي أصبحت واضحة ومكررة ويتم قياسها على التجارب، ليتم في النهاية طرح الوثيقة بشكلها المعدل بعد أن تكون أخذت في الاعتبار التوصيات التي جاءت.

رضوى إبراهيم: قبل أن نذهب لتفاصيل القطاعات أريد استئذان الدكتورة جيهان صالح في سؤال.. عند إجراء جلسة قطاعية ما هي المنهجية الخاصة باختيار المشاركين في الحوار المجتمعي؟ فعندما أقوم مثلًا بعمل تحقيق صحفي أحرص على تمثيل كيانات من أصحاب الحصص السوقية الكبيرة والتي يكون صوتها معبرًا وهي تتعرض لطبيعة مشكلات بخلاف التي تواجهها الشريحة الصغيرة، ولا يجب أيضًا أن أتجاهل الشريحة صاحبة الحصص الصغيرة نظرًا لطبيعة مشاكلها المختلفة، فهل يمكن أن تحدثينا عن المنهجية التي يتم على أساسها اختيار المشاركين في الحوار؟

د. جيهان صالح: الحوار يتم تقسيمه إلى قطاعات فنحن الآن في مرحلة الحوار المتخصص، ففي البداية كان الحوار عن وثيقة سياسة ملكية الدولة بصفة عامة، أما الآن فنقوم بعمل جلسات متخصصة يشارك فيها اللاعبون الأساسيون سواء كانوا من القطاع الخاص أو المتخصصين مثل الأكاديميين وأساتذة الجامعات والخبراء، والجانب الآخر يكون من الأقلية التي قد تكون متضررة من أغلبية ساحقة، فيتم تضمين الجانبين حيث نحاول قدر الإمكان عدم إغفال اللاعبين الأساسيين في القطاع ولكن لا يمكن أن تأتي بالكبار فقط.

فيجب إشراك ممثلين من صغار اللاعبين من أجل أن تكون وجهة نظرهم قد تم تضمينها، ولا يكون الأمر قد اقتصر على من لديهم قدرة على التعامل مع الاقتصاد بصورة أكثر واقعية من صغير لديه مشاكل غير مرئية.

نحرص أيضًا على مشاركة الخبراء والمتخصصين باختلاف آرائهم ورؤيتهم، إذ يكون لدى بعضهم اعتراض مثلًا على أن يكون قطاع ما متروكًا بشكل أكبر لشركات القطاع الخاص ويرون أهمية لأن تكون الدولة متواجدة به، وعلى العكس هناك من يرى من المتخصصين ضرورة لزيادة قدرة وتمكين القطاع الخاص بشكل أكبر.

نحن حريصون على الاستماع والحصول على كل ومختلف الرؤى من أجل عدم إغفال رؤية أو نقطة في الحوار المجتمعي أو أن نكون قد تجاهلنا أصحاب المصلحة الخاصة بها.

أحمد كجوك: مرة أخرى أقوم بالتأكيد، من أجل جدية الحوار المجتمعي وأن يكون بمشاركة الجميع لم نكتفِ بالجلسات العامة والقطاعية ولذلك سنجد أن هناك التطبيق الذي تم إطلاقه ليخاطب المستقبل وهم «الشباب» الذين يفضلون هذه الوسائل ويتفاعلون معها، وستجدون في أمور مثل تلك أننا ذهبنا وأخذنا قطاعات معينة هامة وجلسنا للحديث معها والحصول على آرائها.

ياسمين منير: يعني هذا أن القطاع الخاص الأجنبي والعربي كان من ضمن المشاركين؟

أحمد كجوك: نعم بالتأكيد.

ياسمين منير: هل يجب أن يكون لاعبًا في القطاع نفسه أم كمستثمر؟

أحمد كجوك نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

أحمد كجوك: سأعطي مثالًا، بعد طرح الوثيقة أجرينا سفرًا إلى فرنسا وإنجلترا لمقابلة مجموعة كبيرة من المستثمرين والمكاتب الاستثمارية وطرحنا عليهم ما تم من حوار، ففي مجال عملنا ولطبيعة الأنشطة التي نقوم بها تكون هناك فرص طوال الوقت لمقابلة المستثمرين والتحدث إليهم ما يتيح فرصة لتوصيل مجريات ما يتم في جلسات النقاش والحوار، ولكِ أن تعلمي أن رئيس الحكومة والوزراء والمعنيين أيضًا يقومون بالشيء ذاته والوثيقة طرحت على العالم وواضحة للجميع.

د. جيهان صالح: وقبل الخروج للحوار المجتمعي ظلت الوثيقة تناقش لمدة طويلة داخل مجلس الوزراء نفسه.

أحمد كجوك: هناك لقاءات ثنائية تتم، وفي الحقيقة هذه المرة الحوار واسع وتم في فترة طويلة كافية ولذلك أعتقد أن الحوار أسفر عن مشاركة حقيقية.

ياسمين منير: هل من ضمن التوصيات إمكانية وجود تعديل جوهري في مكونات أحد الفروع الثلاثة التي تحدثتما عنها، فنحن تحدثنا عن 3 فئات للأصول هل يمكن أن يدخل عليها تعديلات جوهرية؟

أحمد كجوك: وارد للغاية.

ياسمين منير: هل نرى هذا الآن؟

د. جيهان صالح: عندما تنتهي ورش العمل الخاصة بجلسات الحوار المجتمعي حول الوثيقة ستكون هذه الأمور أكثر وضوحًا خاصة، وما نقوله هو أن ذلك أمر وارد.

أحمد كجوك: يمكن أن نتقابل مرة أخرى بعد الانتهاء من ورش الحوار لنتحدث في التفاصيل والنتائج، ولكن الآن وحتى نكون منصفين فنحن جزء من الكل، نقوم برفع التوصيات والقرار ليس لنا.

من الممكن على سبيل المثال أن يكون لدكتورة جيهان صالح رأي في أمر ما وأنا لي رأي آخر وهذا قد يكون مفيدًا في وقت ما، ولكن لا نقوم بإبداء الآراء لأن دورنا كفريق فني هو رفع كل ما يتم من نتائج وتوصيات، فلا يمكن تجاهل رأي أو طرح لمجرد عدم توافقي الشخصي معه، ولذلك فإن كل شيء موثق بشكل حقيقي ويتم نقله حقيقة.

نحن يصل إلينا تقرير يومي عن كل ما يدور أو يتم بشأن الوثيقة هناك توثيق جيد للغاية وإذا ذكر اليوم في حديثنا هذا مقترح ثقوا أنه سيصل وينظر إليه.

أحمد رضوان: في الجزء الثاني من لقاء صالون حابي سنقوم بطرح ومناقشة بعض المقترحات.. إلى لقاء.

المشاركون:

أحمد كجوك نائب وزير المالية والمتحدث الإعلامي للحكومة عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

د. جيهان صالح مستشار رئيس الوزراء والمتحدث الإعلامي عن وثيقة سياسة ملكية الدولة

أدار اللقاء:

 أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي

ياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي

رضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي

الإشراف على المحتوى: أمنية إبراهيم

تصوير فيديو: عمار علاء

مساعد مصور: أحمد طارق

فوتوغرافيا: محمد عبده

فيديو جرافيك: محمد صلاح الدين

مونتاج ورؤية إخراجية: إيهاب عبد المقصود

إعداد للنشر: إسلام سالم وباره عريان

 

الرابط المختصر