د. محمود محيي الدين خلال مؤتمر حابي: ضرورة تخفيض الانبعاثات الكربونية بما يقترب من 45% قبل نهاية 2030
11 مليار دولار استثمارات في مجال التكيف مع المناخ في إفريقيا بمساهمة 3% من القطاع الخاص
أحمد رضوان _ قال الدكتور محمود محيي الدين ، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، إن مؤتمر حابي في دورته هذه، ينعقد في وقت مهم تزامنًا مع الاستعداد لقمة المناخ القادمة في شرم الشيخ، والتي وصفها بأنها تعتبر دون مبالغة أهم ملتقى على مدار العام.
الانبعاثات الضارة بالمناخ ترتفع بمتوسط 14% والاستثمار بشدة فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة هو الحل
وأضاف أن قمة شرم الشيخ تتعلق بواحدة من أهم المشاكل والتحديات، بل والأزمات التي تعتبر التحدي الأكبر للبشرية وللوجود، وترتبط بالمناخ وزيادة حرارة الأرض، مشيرًا إلى ما شهدته دولة باكستان مؤخرًا من فيضان كبير جعل ثلث أرضها تقريبًا تحت الماء، وكذلك ما حدث في الولايات المتحدة من أعاصير، وما تعرضت له بعض الدول الأوروبية والإفريقية على مدار الأسابيع والشهور الماضية من اضطرابات وتغيرات مناخية، بالتزامن مع دراسات العلماء التي تؤكد زيادة حدة هذه الاضطرابات التي ترجع بالأساس إلى تغيرات المناخ، إضافة إلى التقارير العلمية المؤكدة بأن العالم لا يزال بعيدًا عن تخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ.
وأكد محمود محيي الدين ، على ضرورة تخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ بما يقترب من 45% قبل نهاية هذا العقد في 2030، وقال: واقع الأمر أن هذه الانبعاثات ترتفع بنسبة 14% في المتوسط، أي إننا ننحرف عن الهدف بمقدار 60%، مشيرًا إلى أن علاج هذا الوضع معروف، وهو الاستثمار بشدة في مجالات مرتبطة بالطاقة الجديدة والمتجددة، ونزع وتخفيض الكربون في عمليات الإنتاج، إضافة إلى تخفيض الاستهلاك المعتمد على الكربون وانبعاثاته، علمًا بأن هناك بدائل أصبحت مجالًا كبيرًا للاستثمار حول العالم في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، والتي تعتبر من أهم فرص الاستثمار على الإطلاق فيما يرتبط بالهيدروجين الأخضر.
أضاف أن هناك مجالات كبيرة جدًّا فيما يعرف بتصنيفات المناخ وفقًا لاتفاقية باريس فيما يتعلق بالتخفيف. أما التكيف فهو مرتبط بالتأقلم مع تحديات المناخ والاستثمارات في البنية الأساسية والقطاع الزراعي وإدارة نظم المياه والمنظومة الغذائية، وبهذا أيضًا هناك ارتباط بين مجالات الطاقة أو الوقود وما يرتبط بإدارة المياه والزراعة والغذاء، وهذا المكون المتشابك بين أطرافه هو أيضًا مجال للاستثمار.
لا يوجد أفضل من القطاع الخاص في إدارة مخاطر الانبعاثات الكربونية بالتعاون مع الدولة
وتابع أنه عند الحديث عن الاستثمار فإننا لا نتحدث عن استثمارات عامة فقط، ولكن نتحدث عن استثمارات خاصة أيضًا، فالقطاع الخاص يمكن أن يكون له دور أكبر من ذلك بكثير فيما يعرف بمجالات التخفيف، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص لا يزال له دور أقل في مجالات التكيف، وفي حالة إفريقيا على سبيل المثال فإن هناك استثمارات بلغت قيمتها 11 مليار دولار، ولم يتجاوز حجم مساهمة القطاع الخاص فيها نسبة 3%، وأغلبه من صناديق استثمار وجهات مؤسسية للاستثمار، فضلًا عن الجهات التابعة للعمل التطوعي، وبالتالي نحتاج إلى تعريف القطاع الخاص بفرص الاستثمار حول العالم وليس فقط في مصر، وأيضًا تهيئة البيئة المناسبة والحوافز الممكنة للقطاع الخاص للقيام بدوره.
وأشار الدكتور محمود محيي الدين ، إلى عدم وجود من هو أفضل من القطاع الخاص في إدارة مخاطر من هذا النوع بالتعاون والمشاركة مع الدولة، كما لا يوجد أفضل من القطاع الخاص في تطبيق مستجدات التكنولوجيا، إضافة إلى تخفيض اعتماد الدول النامية على مصادر للتمويل تعتمد في الأساس على الاقتراض، لذلك فإن الاستثمار أولى وأجدى وأفضل من الاستدانة محليًّا وخارجيًّا، والعمل المناخي يمثل منظومة متكاملة لفرص الاستثمار البديل، وحتى في مجالات تهيئة البشر والمهارات المطلوبة للعمل المناخي نحتاج إلى استثمارات في رأس المال البشري، والتي نجد فيها القطاع الحكومي له دور مهم في مجالات التعليم والرعاية الصحية، ولكن في إكساب مهارات إضافية سوف تجد القطاع الخاص ببرامجه التدريبية له دور كبير في هذا الشأن والاستثمار أيضًا في المجالات الجديدة الخاصة بالحلول الرقمية، وهي شديدة الارتباط بالعمل في المجال المناخي.
ولفت محيي الدين، إلى أنه فيما يتعلق بالمجال المناخي فإن هناك أمرين أحدهما على المستوى العالمي والآخر على المستوى الإقليمي، فعلى المستوى العالمي هناك مبادرتان تقوم عليهما المجموعة الخاصة بمشاركة مراكش، وهي المجموعة المنشأة لعمل مصر كرواد للاستثمار في مجالات العام ورواد للعام المناخي في مجمله، مشيرًا إلى أن العمل الذي يقوم به رواد المناخ هو عمل للتنسيق من أجل الاستثمار في قدرات البشر وفي التنسيق بين الجهات المختلفة غير الحكومية حتى نصل بالعمل المناخي إلى بر الأمان، وهو تخفيض الانبعاثات الضارة بالمناخ والبيئة، والمبادرة الأولى ترتبط بما يعرف بـ race to zero أو السباق نحو الوصول للأهداف صفرية الانبعاثات، وفي هذه المبادرة هناك أكثر من 11300 مشارك حول العالم وهناك عدد من المؤسسات في مصر التي بدأت الانضمام إلى هذه المبادرة العالمية؛ لأنها تتيح فرصًا كبيرة جدًّا للتعاون ولزيادة فرص التمويل والتعريف بمجالات التكنولوجيا الجديدة وإكساب المهارات وزيادة القدرات في المؤسسات المنضمة إلى هذه المبادرة الدولية، كما أن وجودها من الممكن التعرف عليه على الصفحات المخصصة لمبادرة مراكش.
قمة المناخ القادمة فرصة لاستعراض مجالات الاستثمار الجديدة
وأضاف أن الأمر الثاني هو ما يعرف بالسباق نحو المتانة أو تمكين الاقتصاد والمجتمع، وهذه المبادرة تضم 2500 مشارك حول العالم، وتقوم بالإجراءات الخاصة بزيادة مشاركة القطاع الخاص في كل ما هو مرتبط بمجالات التكيف مع التغيرات المناخية، وأيضًا هناك المبادرة الخاصة بتحالف جلازجو من أجل تخفيض الانبعاثات إلى الصفر، وهي أساسًا تخاطب المؤسسات المالية.
ونصح محيي الدين، المؤسسات المالية في مصر ورجال الصناعة والشركات بمختلف أحجامها بالاطلاع على هذه المبادرات الدولية، وأن تكون مصر ومعها الدول العربية والإفريقية ممثلين بالشكل المناسب.
وذكر رائد المناخ لرئاسة القمة المصرية بشرم الشيخ، أن الأمر الآخر مرتبط بمبادرة إقليمية هي أساسًا للمشاركة بين القطاع الخاص والحكومي، وفرص التمويل القادمة فيما يعرف بتحالف الجي فانز للطاقة النظيفة، والتي بدأت بإفريقيا ويتم استكمالها في باقي الأقاليم الاقتصادية حول العالم، وهي محاولة لتثبيت فرص التمويل مع مجالات الاستثمار المختلفة مع القطاعات الأولى بالاستثمار فيها، وهناك عدد كبير من المشروعات سوف يتم عرضها كمثال ونموذج من الممكن البناء عليه للمستقبل.
ولفت إلى أن مصر قامت بأمر غير مسبوق في الاستعداد لهذه القمة، وهي مسابقة على المستوى الوطني، وسوف يتم الإعلان عن نتائجها قريبًا على مستوى محافظات الجمهورية، موضحًا أن كل محافظة من المحافظات تقدم 6 فائزين من المشروعات كبيرة الحجم والمتوسطة والصغيرة، والمشروعات التي تتولى المرأة إداراتها والمشروعات الناشئة، وأيضًا ما يرتبط بمشروعات التنمية المحلية المختلفة.
وأكد أنه سيتم الإعلان عن نتائج هذه المبادرة التي تتم تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما صدر قرار من اللجنة الوطنية المعنية بالإعداد لقمة المناخ برئاسة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، والذي ينص على أن تكون هذه المبادرة معقودة بشكل سنوي اعتبارًا من هذا العام، مشيرًا إلى أن هذا القرار من شأنه أن يعيد رسم خرائط الاستثمار على مستوى المحافظات وفقًا لمعيارين، الأول هو معيار الكفاءة في التوافق مع اتفاق باريس فيما يرتبط بالمعايير البيئية، والمعيار الثاني هو القدرة على التوافق مع متطلبات التحول الرقمي في المشروعات الخضراء والذكية.
وأوضح أن القمة القادمة هي قمة تنفيذ وتطبيق ومشاركة بين القطاع الخاص والقطاع الحكومي، كما أنها فرصة لاستعراض مجالات الاستثمار الجديدة في مختلف القطاعات المؤثرة في العمل المناخي.