رئيس الرقابة المالية خلال مؤتمر حابي: تنمية الأسواق هدف رئيسي.. والدور الرقابي لن يتأثر

حماية المنافسة والمستثمر واستقرار الأسواق.. مهام قائمة ومستمرة تكتمل بالتركيز على النمو

رنا ممدوح _ اختتم مؤتمر حابي السنوي الرابع الذي عقد تحت عنوان تمكين القطاع الخاص، فاعلياته بجلسة حوارية واسعة مع الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية ، في أول لقاء صحفي له منذ توليه لمنصبه، تطرق خلاله إلى خطط ومستهدفات الهيئة على صعيد مختلف الأنشطة المالية غير المصرفية.

واستحوذ سوق المال على النصيب الأكبر من المناقشات، التي كشف خلالها رئيس الهيئة عن أهداف وفلسلفة القرارات التي تم اتخاذها خلال الفترة الأخيرة، مع التأكيد على السعي تجاه إجراء تعديلات واسعة جديدة على قواعد القيد لتسهيل جذب شركات جديدة تثري جانب العرض في البورصة المصرية ، وكذلك مساندة الشركات المقيدة والمتداولة على التوسع والنمو، بالتوازي مع تسهيل عمليات التداول وضبطها من خلال تفعيل دور حيوي لإدارات المخاطر، والتوسع في التطبيقات التكنولوجية في سبيل جذب شرائح جديدة من المستمثرين.

E-Bank

وامتدت المناقشات إلى أسباب تراجع عدد الطروحات بالبورصة المصرية مقارنة بالأسواق المحلية، والتحديات الداخلية التي يتم العمل على تجاوزها في سبيل الوصول إلى حجم السوق المرجوة، وأهم الإجراءات التي تتم دراستها لتطوير صناعة صناديق الاستثمار وزيادة دور الاستثمار المؤسسي في السوق المحلية.

كما كشف رئيس الرقابة المالية عن تعديلات جوهرية متعددة يترقبها قطاع التأمين مع صدور القانون الجديد، الذي وضع حدًّا أدنى لرؤوس الأموال بما سيدفع تجاه ضخ استثمارات جديدة أو البحث عن فرص اندماج، وكذلك زيادة رقعة التأمين الإجباري ليمتد إلى العديد من الأنشطة والمجالات الأخرى، مع تسليط الضوء على عدد من العقبات التي يتم العمل على حلها خلال الفترة الحالية لتعظيم دور القطاع في مجالات الادخار والاستثمار.

وأكد رئيس الرقابة المالية على العمل على حل المشكلات التي تواجه نشاط التمويل العقاري، ومختلف الأنشطة التابعة الأخرى في سبيل تحقيق هدف أساسي يتمثل في تنمية الأسواق وتوفير واستحداث أدوات مالية ومنتجات جديدة تلبي مختلف الاحتياجات التمويلية للشركات سواء الخاصة أو العامة، وذلك دون التفريط في المهام الرقابية الأساسية المتمثلة في حماية المستثمرين والمنافسة واستقرار الأسواق.

أدار اللقاء كل من أحمد رضوان الرئيس التنفيذي ورئيس تحرير جريدة حابي، ومديرتا التحرير ياسمين منير ورضوى إبراهيم.. وإلى نص المقابلة.

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء ختامي هام.. أعتقد أنه أول حوار صحفي يجريه الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية منذ توليه المنصب، كما يتم بشكل مباشر أمام جمهور، وهذه فرصة عظيمة لنا في جريدة حابي، وأعتقد أنها تعبر عن تقدير كبير من الدكتور محمد فريد لجمهور المستثمرين من الحضور.

نشكرك أولًا على وجودك معنا ونرحب بك.. ونرى أن الحضور مكتمل من الجمهور الذي ينتظرك منذ بداية فاعليات اليوم، وهذا دليل على أهمية اللقاء للكثير.

ولعلنا نبدأ اللقاء بسؤال عام.. ما هي الخطوط العريضة والهامة التي تتصدر أولويات رئيس هيئة الرقابة المالية في الفترة الحالية؟

محمد فريد بمؤتمر حابي: قطاع التأمين بحاجة إلى الابتكار
الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية خلال فعاليات مؤتمر حابي

د.محمد فريد: أشكرك وأشكر الحضور على حرصهم البقاء حتى الجلسة الختامية من المؤتمر، فهذه رسالة طيبة كما أتمنى، تعكس الحرص على الاستماع إلى ما نخطط لتنفيذه كهيئة عامة للرقابة المالية في مختلف المجالات والقطاعات التي نشرف عليها، مثل التأمين وأسواق رأس المال والتمويل العقاري والتأجير التمويلي وغيرها من الأنشطة التي تخضع لإشراف وتنظيم ورقابة الهيئة.

هناك أربعة محاور رئيسية دائمًا ما تنظر إليها الهيئات الرقابية، نضيف إليها جزءًا أو نلقي الضوء عليه نظرًا لكونه غاية في الأهمية، وهو تنمية الأسواق.

الهدف الرئيسي للخدمات المالية غير المصرفية تمويل نمو الاقتصاد.. وثمارها مرهونة بتوافر أسواق كبيرة

وتنمية الأسواق لا تعني التغاضي عن استقرار الأسواق أو حماية المنافسة أو حماية المستهلك وهي المحاور الثلاثة القائمة والدائمة والمستمرة لأي جهة رقابية، ولكن يضاف إليها هدف التنمية باعتباره عنصرًا هامًّا ورئيسيًّا.

فدائمًا ما نتحدث عن الرقابة، ولكن إن لم تكن هذه الرقابة قائمة على أسواق تنمو وذات حجم كبير وتضم شركات تعمل في هذه المجالات، أعتقد أن الهدف الرئيسي للخدمات المالية غير المصرفية وأسواق رأس المال التي تعد جزءًا منها، لن يتحقق أو تأتي بثمارها وأهدافها.

نحن أمام إشكالية اقتصادية مركبة بسبب أزمات التضخم والطاقة والغذاء.. والتعامل في هذه الظروف يجب أن يكون دقيقًا للغاية

فكل المسائل المرتبطة بالتمويل والتأمين وأسواق رأس المال تخدم الهدف الأسمى وهو نمو الاقتصاد وتمويل عمليات النمو، فأي اقتصاد لديه الرغبة في النمو ويشهد محاولات من الحكومة بصفة عامة لتحقيق معدلات نمو جيدة، لا بد أن يقترن ذلك بعمليات تمويل لهذا النمو، فمن دون وجود مصادر للتمويل ستظل لدينا محاولات للاستدانة لتمويل هذا النمو.

والتمويل في حد ذاته يتطلب عنصرًا في غاية الأهمية وهو معدل الادخار، والذي توفره صناديق المعاشات الخاصة وشركات التأمين وأي من الشركات التي تقوم على استثمار جمعي سواء صناديق استثمار أو تأمين أو شركات التأمين العامة والخاصة التي تعمل في مصر، فمعدلات الادخار بهذه الكيانات هي التي تساهم في عمليات التمويل والتي تساعد على النمو الاقتصادي.

معدل الادخار عنصر هام في منظومة التمويل.. وتنمية الكيانات القائمة على الاستثمار الجمعي ضرورة

وأكرر أن النمو الاقتصادي لا يجب أن يكون هدفًا مستقلًّا، بل يكون مقترنًا بعمليات توظيف وزيادة في عدد العمالة، وهو أمر في غاية الأهمية في إطار الحديث عن معدل نمو سكاني كبير في مصر وبالتالي نحتاج إلى معدلات نمو اقتصادي كبيرة، ما يحتاج بدوره إلى مصادر تمويل لهذا النمو.

وعلى ذلك، فإن حماية المستهلك وتنمية الأسواق والرقابة عليها وحماية المنافسة هي الخطوط الأربعة العريضة التي تعمل عليها الهيئة، ولتحقيق هذه المستهدفات يجب أن نتحدث عن الكثير من المسائل والتفاصيل التي تخص كل نشاط على حدة، وهناك عناصر تؤثر في جميع الأنشطة مثل التطور التكنولوجي أو الاعتماد على التكنولوجيا المالية.

زيادة تطبيقات التكنولوجيا ضرورة لجذب أعداد أكبر من المستثمرين بالتوازي مع تبسيط إجراءات القيد والطرح

لماذا الاعتماد على التكنولوجيا المالية في غاية الأهمية؛ لأننا نعلم صعوبة الوصول إلى المستهلك، أي مستهلك الخدمة سواء كان في التأمين أو أسواق رأس المال كمستثمر أو عميل مقترض من شركات التأجير التمويلي بهدف تمويل عمليات إنتاجية أو مستثمر في وثائق صناديق الاستثمار.

فنحن جميعًا نعلم أن الصعوبات الرئيسية التي تواجه كل هذه المؤسسات هي كيفية الوصول للعميل بأقل التكاليف الممكنة، لذلك فإن الحديث عن التكنولوجيا بصفة عامة والتكنولوجيا المالية بصفة خاصة يتعلق بكيفية تمكين مختلف القطاعات من الوصول إلى العميل المستهدف بأقل التكاليف الممكنة وبأقصى درجات الحماية المتاحة على مستوى التقدم التكنولوجي في هذا الأمر.

تعديلات كثيرة مرتقبة على قواعد القيد في البورصة لتمكين القطاع الخاص والشركات المتداولة من النمو بمعدلات أكبر

لذلك فإن التطوير التكنولوجي يعد هدفًا مشتركًا بين مختلف الأسواق والقطاعات المالية غير المصرفية، كما سيكون لكل قطاع من القطاعات الخاضعة لإشراف وتنظيم هيئة الرقابة المالية ما يخصه بشكل مباشر مثلما يقال في المثل الإنجليزي Horses for courses، فما يصلح لصناديق الاستثمار قد لا يصلح في مجالات التأمين، وبالتالي نبحث كل أمر قطاعي في هذه المجالات، وهذا هو المستهدف الرئيسي حتى نصل إلى تحقيق الشمول المالي، بما في ذلك الشمول التأميني والاستثماري لنصل إلى مختلف القطاعات، وذلك في النهاية يهدف إلى تمويل الشركات وبالأخص العاملة في القطاع الخاص.

فأسواق رأس المال تقوم على إمكانية إصدار أسهم أو سندات لتمكن مختلف الشركات العاملة في أي مجال من الحصول على التمويل المطلوب، وهذا لن يحدث دون توافر جانب الطلب، فعند النظر لسلسة القيمة في مختلف الخدمات المالية نرى أنها ليست مختلفة، فهناك جانب العرض ثم آليات الوساطة والتنفيذ ثم جانب الطلب، لذلك هذا هو التوجه العام لهيئة الرقابة المالية على صعيد جميع الأنشطة التي نشرف عليها حتى نمكن القطاع الخاص.

النشاط الاقتصادي هو الحاكم في رغبة الشركات في النمو.. ووضع قواعد تسمح بالمرونة والسرعة في اتخاذ القرارات أولوية قبل الرواج

ياسمين منير: في إطار الأهداف التي ذكرتها نود أن نتعرض تفصيلًا لكل قطاع أو نشاط تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية.. ويمكن أن نبدأ بسوق المال باعتباره قطاعًا حيويًّا وقد شهد مطالب واسعة خلال الفترة الأخيرة لتنشيط السوق وتطوير البورصة واستعادة الثقة.. ما هو جدول أولويات الهيئة لهذا القطاع وما هي الإجراءات التي تتم دراستها وتعتزم إصدارها خلال الفترة القادمة؟

د.محمد فريد: بالنسبة لقطاع أسواق رأس المال، بالفعل أصدرنا نحو 3 أو 4 قرارات سواء عن مجلس إدارة الهيئة أو الوزير المختص بطبيعة الأحوال وهو دولة رئيس مجلس الوزراء، وكان شق منها يمثل مطلبًا رئيسيًّا وهو تمكين الشركات من القيد وهذا يمس جانب العرض الذي تحدثنا عنه، ففي النهاية إذا لم يكن لدينا ما يكفي من الشركات للقيد والطرح تباعًا سنظل أمام الإشكالية التي يتحدث عنها الجميع، فليس سرًّا على أحد أننا بحاجة لجذب أعداد أكبر من الشركات للقيد والطرح في البورصات والبورصة المصرية على وجه الخصوص، لذلك كنا في حاجة للنظر إلى الطلبات المنطقية فيما يتعلق بعمليات تسجيل الشركات.

النمو الاقتصادي ليس هدفًا مستقلًّا بل يتطلب الاقتران بزيادة التوظيف لمقابلة الزيادة السكانية.. وبدائل التمويل إحدى الأدوات

فقد كانت الفترة البينية بين تسجيل الشركة بهيئة الرقابة المالية وقيدها وطرحها في البورصة تتمثل في شهر واحد، وفي أغلب الحالات تكون مهلة غير كافية للشركات حتى تكون جاهزة للطرح، لذلك أجرينا أولى التعديلات على قواعد القيد بما أتاح تعريفًا جديدًا يسمى القيد المؤقت، والذي يجيز للشركة طالما لديها نية الطرح، أن تقيد في البورصات، على أن تساعدها الأخيرة على السير خطوة بخطوة، حتى تتعاقد مع بنوك الاستثمار المعنية وكذلك التعاقد مع شركات المراجعة والمحاسبة التي تجري الفحص النافي للجهالة وغيرها من مسائل حتى تصل إلى مرحلة الطرح، وفي لحظة الطرح يتم تسجيلها لدى الهيئة العامة للرقابة المالية، وهذا كان أحد التعديلات الهامة التي من المتوقع أن تؤتي بثمارها.

وأرى بين الحضور هبة الصيرفي نائب رئيس البورصة المصرية، والتي يمكن أن تحدثنا عن قائمة الشركات لديها ممن لديهم الرغبة، فأنا أعلم أن لديهم طلبات كثيرة في هذا الشأن، وأن هناك عددًا من الشركات ترغب في تنفيذ القيد المؤقت مرحليًّا لحين الانتهاء من إجراءات الطرح.

هذا يتعلق بجانب الطلب، أما فيما يخص آليات التداول والتمويل وغيرها، فقد أجرينا تعديلًا نرى أنه جوهري خاصة أنه ستتم متابعته مع شركات الوساطة، فالجميع يعلم الإشكاليات التي كانت تحدث ومنها المتعلقة بالتمويل الهامشي، فكان هناك مطلب والآن أصبحت لدينا قرارات منظمة تلزم بوجود مديرين للمخاطر يقومون على دراسة البعد الائتماني للعميل، فلا يجوز أن يحصل أشخاص على تمويل من شركات الوساطة دون دراسة تاريخه الائتماني، وكذلك على مستوى التداولات والمخالفات أو مدى التزامه بسداد التمويلات التي حصل عليها سابقًا من شركات أخرى.

سوق المال استقبلت نحو 4 قرارات استهدفت تنشيط القيد وضبط التداول.. وندرس المزيد

وقريبًا سيصدر قرار يخص هذا المطلب ويحدد الجهات الواجب عليها الحصول على هذه التقارير، ولم نكتفِ على المستوى الرقابي والتشريعي بوضعها ضمن التشريعات المنظمة للتمويل بالهامش ولكن أيضًا تم إعداد برنامج تدريبي متكامل مع معهد الخدمات المالية وبالتعاون مع البورصة المصرية والكوادر الفنية بها، وذلك للتدريب على مبادئ إدارة المخاطر وكيفية تصنيف العملاء وتبويبهم، فالأمر يحتاج إلى دراسة ولا يجوز أن يتم منح التمويل عشوائيًّا دون توافر الدراسات الكافية على هؤلاد العملاء وكذلك الأوراق المالية التي يستثمر بها.

وبالتالي تم العمل على زيادة جانب العرض من ناحية، ومن الناحية الأخرى سعينا لتوفير الانضباط المطلوب فيما يتعلق بالأسواق.

ويمكن القول إن هناك تعديلات كثيرة مرتقبة سيتم إجراؤها على قواعد القيد، ولكن لن يتم الإفصاح عنها في الوقت الحالي، ولكن أعدكم بوجود تعديلات تمكن القطاع الخاص والشركات المقيدة من النمو أكثر من منظور قواعد القيد.

البورصة لديها قائمة شركات ترغب في القيد المؤقت.. ونتوقع ثمارًا كبيرة من هذه الخطوة

وفي النهاية النشاط الاقتصادي هو الحاكم، شئنا أم أبينا ولكن النشاط الاقتصادي هو المحدد فيما يتعلق برغبة الشركات في النمو سواء من خلال الاستحواذ على شركات أخرى أو ذاتيًّا اعتمادًا على الإيرادات، ولكن النشاط الاقتصادي إن لم تكن معه قواعد تسمح بهذا النمو من خلال توفير المرونة والسرعة في اتخاذ القرارات، أعتقد سنواجه الإشكالية التي كنا نواجهها على مدار سنوات.

لذلك سنتخذ قرارات وتعديلات على قواعد القيد بما يضيف المرونة لهذه المسائل، وذلك دون الإخلال بالبعد الرقابي الاعتيادي لأي جهة رقابية وهي استقرار الأسواق وسلامة التعاملات وحماية المستهلك وحماية المنافسة بين المؤسسات.

إضافة إلى ذلك هناك تعديلات أقرها مؤخرًا مجلس إدارة الهيئة، وهي على سبيل المثال تخفيض المقابل فيما يتعلق بصندوق ضمان التسويات، وهي نقطة في غاية الأهمية، فعند النظر في التعديلات والسعي نحو تطوير الأسواق يجب الاطلاع على المطبق عالميًّا، وقد وجدنا أن بعض الجهات التي تصدر مؤشرات عن السوق المصرية لديها تعليق على وجود تكلفة مرتفعة من وجهة نظرهم مانعة للشركات في التعامل، وبالتالي كان يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على تصنيفات مصر في هذه الجزئية.

وبالفعل تم اتخاذ قرار بعد دراسة مستفيضة عرضت على مجلس إدارة الهيئة، الذي أقر تخفيض تكلفة العمليات التي لم تسوَّ إلى النصف وهي أحد المعايير التي تم بحثها عالميًّا، وأجريت مقارنة بين التكاليف التي تطبق في الأسواق العالمية والتكلفة التي يتم تحصيلها في مصر ومن ثم اتخذنا القرار فورًا إمعانًا في تنشيط التداولات تباعًا، فنحن نعمل على حل أي عقبات تدريجيًّا لحين وصول النشاط الاقتصادي إلى المستوى القادر على مساندة انطلاق الشركات.

د. محمد فريد: تخفيض مصاريف صندوق ضمان التسويات إلى النصف لتنشيط التداول
الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية خلال فعاليات مؤتمر حابي

الاعتماد على التكنولوجيا هدف مشترك لكل الأنشطة تحت مظلة الهيئة لحل عقبة صعوبة النفاذ للعملاء بأقل التكاليف

وبالتأكيد التكنولوجيا في غاية الأهمية هنا، ولحين التحدث تفصيلًا عن التعامل على المستوى التكنولوجي، علينا أن نتفق أن استمرار المنهج ذاته خطأ ونحتاج إلى التغيير، لذلك يجب الارتكان على مستوى التكنولوجيا بصورة مكثفة إذا أردنا الوصول إلى أعداد أكبر من المستثمرين بما في ذلك الذين يقومون بعمليات الادخار في صناديق الاستثمار.

فحين النظر إلى تقسيم الأموال المدارة بين أدوات الدخل الثابت والأموال المدارة في أدوات الملكية نجد الفرق كبيرًا جدًّا، وأيضًا هناك فارق كبير بين أعداد المستثمرين في أسواق الملكية أي الأسهم مقارنة بالأدوات الأخرى، بالتالي يجب أن نعالج التحديات والمشكلات الهيكلية التي لا تسهل عمل شركات إدارات الاستثمار أو شركات الوساطة المنضبطة والتي لديها الملاءة المالية الكافية أو أي مؤسسة تعمل على الوصول إلى المستثمر.

لذلك يجب أن تتواجد تطبيقات أو تطورات تكنولوجيه كثيرة حتى تمكن جانب الطلب، جنبًا إلى جنب مع القرارات الخاصة بتنشيط جانب العرض سواء المتعلقة بتبسيط عمليات القيد أو التي تساهم في مساعدة الشركات المقيدة على النمو بصورة أكبر.

الإلزام بتعيين مديرين للمخاطر لدراسة الوضع الائتماني لعملاء الشراء بالهامش تعديل جوهري لحل مشاكل النشاط.. وتجري متابعة تنفيذه

فجانب العرض ينقسم إلى محورين، أما جذب شركات جديدة أو دفع الشركات القائمة على النمو بمعدلات كبيرة تنعكس بدورها على نمو حجم السوق، ومن ناحية أخرى يجب توافر مُشترٍ يمثل جانب الطلب على الأوراق المالية، لذلك تعمل هيئة الرقابة المالية من خلال مختلف التعديلات سواء التنظيمية أو المتعلقة بالتطور التكنولوجي بهدف تمكين أعداد أكبر للدخول إلى تلك الأسواق.

رضوى إبراهيم: أريد التوقف عند المنتجات الجديدة، خاصة بعد صدور التشريع المنظم لإصدار سندات توريق الحقوق المستقبلية كنا ننتظر من مجلس إدارة الهيئة الاتفاق على الضوابط التنفيذية.. أين وصلتم في هذا الملف؟ وهل يمكن الكشف عن أهم ملامح تلك الضوابط إذا تم الانتهاء منها؟

د.محمد فريد: لقد أصدرنا الضوابط، فقد أقرها مجلس إدارة الهيئة بالفعل، ونترقب غدًا أو خلال الأيام القليلة المقبلة أن يصدر عن الهيئة ما يفيد صدور الضوابط التنفيذية المتعلقة بتوريق الحقوق المالية المستقبلية أو الإيرادات المالية بالنسبة للشركات.

الاختلاف الرئيسي ما بين التوريق الاعتيادي بمفهومه التقليدي وتوريق الإيرادات المستقبلية، هو أن توريق الحقوق المالية الآجلة يقوم على وجود التزام مالي على أحد، أو شخص ما اقترض على سبيل المثال لشراء ماكينة من خلال استخدام نشاط التأجير التمويلي أو الاقتراض بغرض تمويل شراء السيارات، وبالتالي يمكن جمع هذه الحقوق بما ينشئ محفظة تمويلية يمكن توريقها أو إحالتها إلى شركات توريق والتي تقوم بدورها بعملية الإصدارات.

نبحث المشكلات القطاعية بكل نشاط على حدة حتى يتحقق الشمول المالي والاستثماري والتأميني

في حين تختلف تلك الآلية عن توريق الإيرادات المستقبلية أو التدفقات المالية المستقبلية، في ظل عدم وجود حقوق آجلة بل وجود تدفقات معروفة عن أصل من الأصول، وعادة الشركة أو الشخصية الاعتبارية سواء عامة أو خاصة، عند طرح سندات مقابل إيراداتها المستقبلية تقوم بالإفصاح عن حجم الإيرادات المتوقعة، على سبيل المثال إيرادات 100 جنيه وترغب في إصدار سندات توازي نسبة 5% منها أو أي نسبة كانت، وهذه النسبة المخصصة للإصدار لها الأولوية، وهذه هي النقطة المحورية، أن هذه الإيرادات أصبحت هي الضامنة لكل حاملي السندات.

واستخدامات هذه الآلية على مستوى العالم عادة ما تتعلق بتمويل المشاريع التي لها إيرادات مستقبلية واضحة مثل الطرق والكباري التي لها تعريفة على مستوى الدخول والخروج، وبالتالي هي آلية تمكن الشركات أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة أو العامة من الحصول على التمويل.

والضوابط المنظمة لهذه الآلية تدور حول هذا الفلك، وتستهدف التعريف بكيفية إحالة الإيرادات المستقبلية وتخصيصها وفقًا لنشرة الاكتتاب والطرح لحاملي هذه السندات وكذلك تحديد الأولوية لتتم إتاحة هذا الأمر، وهل يجوز أن يتم التعامل مع هذه الضمانات وفقًا للقوانين المنظمة للرهن، ووضعنا إجازة في هذا الأمر بما يوفر حماية قدر المستطاع لحاملي السندات.

قرار قريبًا يخص تقارير المخاطر في الشراء بالهامش.. وبرنامج تدريبي متكامل مع معهد الخدمات المالية والبورصة المصرية

وقريبًا من المتوقع أن نرى إحدى الجهات العاملة في القطاع الخاص، كشفت عن رغبة في إصدار هذه السندات، لا نعلم التوقيت في الوقت الراهن، ولكن نعلم وجود اهتمام طيب بالتقدم للموافقة على استخدام هذا النوع من التمويل.

رضوى إبراهيم: هل هناك شروط معينة يجب توافرها في الجهة الراغبة في إصدار سندات توريق الإيرادات المستقبلية؟

د.محمد فريد: هناك الشروط الاعتيادية المعروفة وأبرزها أن تحقق إيرادات.

أحمد رضوان: هل يوجد أجل زمني محدد وشروط أخرى يجب توافرها لضمان استقرار الإيراد؟

د.محمد فريد: هذا يعتمد على نشرة الطرح والاكتتاب والتي تنظم الآجال الزمنية التي تحدد بناء على الطلب فلا توجد تشريعات تحدد الحد الأقصى للسندات.

أحمد رضوان: استفساري كان عن تاريخ الإيرادات هل يحدد له أجل زمني؟

د.محمد فريد: عامان، فهو مطالب أن يكون إيرادًا مستمرًّا لتستطيع البناء عليها، وهناك أمور قد يكون فيها الإيرادات واضحة يمكن استخدامها في عملية التوريق ووضعها في حساب مجنب وله إدارة مخصصة، وهذا يعكس لمحة من تفاصيل الضوابط التي تم إصدارها.

ياسمين منير: سؤال آخر في هذه الجزئية.. هل هناك كيانات أو هيئات عامة تحدثت مع هيئة الرقابة المالية بشأن إصدار سندات توريق حقوق مالية مستقبلية، خاصة أنها تعتبر ملائمة أكثر للجهات والهيئات التي تمتلك مشروعات إيرادية مثل مشروعات النقل والطرق التي ذكرتها خلال حديثك؟

د.محمد فريد: هناك شق سنقوم على تنفيذه كهيئة عامة للرقابة المالية، وهو تعريف الجهات العامة بتوافر هذه الأداة المالية وأنها أصبحت متاحة لكل الجهات للتعامل عليها، ولكن الأشخاص الاعتبارية العامة ليست غريبة على سوق السندات، فمنذ نحو أسبوع أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية عن أكبر إصدار لسندات التوريق بقيمة 20 مليار جنيه، كما تمت الموافقة في اليوم ذاته على إصدار سندات بقيمة 3 مليار جنيه.

سلسة القيمة في كل الخدمات المالية تضم جانبي العرض والطلب وآليات الوساطة والتنفيذ.. وتنمية هذه العناصر يمثل التوجه العام للهيئة

فسوق السندات ليست غريبة عن الجهات العامة، وتحديدًا فيما يتعلق بسندات التوريق، فأي كيان لديه محفظة حقوق مالية آجلة يمكنه إحالتها لشركة توريق أو شركة تصكيك للحصول على التمويل، أما الجزء الإضافي الذي ستقوم به الهيئة هو تعريف مختلف الجهات تفصيلًا بالآليات المتاحة بالنسبة لهم لإصدار السندات المستقبلية تباعًا، ولكن لا توجد طلبات فعلية في الوقت الحالي.

أحمد رضوان: نجد في الفترة الأخيرة أن عدد الطروحات في البورصة المصرية يكاد يكون معدومًا خاصة خلال الأشهر الأخيرة، في حين نلاحظ نشاطًا للطروحات في أكثر من سوق عربية.. فهل ترى أن هذا الوضع يرتبط بالوقت المناسب وفكرة وجود فوائض أم هناك عوامل داخلية مؤثرة تحتاج إلى إعادة نظر؟

د.محمد فريد: هذا سؤال شائك، كما يحضر معنا رامي الدكاني رئيس البورصة المصرية وقد يفضل هو الإجابة عن هذا السؤال.

ولكن بالتأكيد أي طروحات لها أبعاد، فعندما يكون لدى شركة ما الرغبة في طرح أوراقها للتداول على مستوى الأسواق العامة، فهناك محددات تنظر إليها، وقد تكون هناك أمور غائبة عنها، وهنا يكون الجهد التعريفي بالمزايا المالية المتاحة بعملية القيد.

فعلى سبيل المثال الكثير لا يعلم أن هناك فروقات كبيرة تصل إلى 50% في الضريبة المقررة على توزيعات الأرباح النقدية في الشركات المقيدة مقارنة بغير المقيدة، وهذه مزايا يجب أن يتم التعريف بها باعتبارها إضافة للمساهم الذي يدخل في ورقة مالية متداولة في البورصة، كما يحتاج المستثمر إلى أن يعلم أن المعاملة الضريبية في حد ذاتها مغايرة، أيًّا ما كانت النسبة أو أيًّا ما كان الإقرار بالنسبة للضرائب.

ظروف الأسواق تؤثر على أعداد الطروحات.. والتجارب المحلية والخارجية أثبتت أن النشاط يبدأ بطرح كيانات حكومية

فالمعاملة بالنسبة للشركات غير المقيدة مغايرة تمامًا حيث تدور حول 22% و25%، في حين تبلغ أقل من ذلك بكثير أو معفية مثل الوقت الحالي بالنسبة للشركات المقيدة، وهو أمر في غاية الأهمية.

وهناك شق إضافي آخر بخلاف الأبعاد المالية والضريبية، فعملية الطرح في حد ذاتها والوجود في الأسواق العامة يضع الشركة على رادار المستثمرين.

ودعنا نتفق أن هناك تفاصيل كثيرة يجهل بها الكثيرون بسبب غياب الوعي وبالتالي يقع الجهد على الهيئة وإدارة البورصة وكذلك بنوك الاستثمار لمعالجة هذا الوضع، فلا يجوز أن تكون الجهات الأكثر استفادة من الطروحات لا تشارك في بناء الطريق، ففي الأساس تقع هذه المسؤولية على بنوك الاستثمار لأن هذا مجال عملهم الأساسي وهو جذب الشركات للقيد، في حين تعمل الهيئة والبورصة على تهيئة الأوضاع لذلك دون الإخلال باستقرار الأسواق وحماية المستثمر.

وخلال الفترة الماضية رأينا جهدًا كبيرًا من البورصة المصرية في معالجة جزء من غياب الوعي ولديها حملات توعية للشركات، وهذا المنهج ليس باختراع جديد فعند النظر إلى جميع الأسواق في العالم سواء كانت جهات رقابية أو أيضًا البورصات التي لها دور فاعل نجد أنها تبني علاقة مع الشركات ما قبل عملية الطرح بفترات طويلة، ويمكن تقديم أمثلة على ذلك ومنها سوق لندن اليي لديها برنامج خاص يبني علاقة مع الشركة على مدار سنوات، حتى يكون من السهل جذبها للقيد والطرح في السوق حتى إذا لم يتحقق ذلك، ونفس الأمر نراه في ناسداك أيضًا وأسواق أخرى، وهذا الجهد سيبذل ولكن الأهم أنه يجب أن تسانده جهود بنوك الاستثمار.

بالتأكيد ظروف الأسواق تؤثر على عمليات الطروحات فهناك علوم تحلل تلك التحديات ففي وجود تسعير طيب يمكن الاعتماد على أسواق رأس المال بصورة أكبر من التوقيتات المعتادة في هذا الأمر، وهناك شق آخر مرتبط بالحوكمة، لذلك لا أعتقد أن الطروحات يمكن أن تكون بمعزل عن أي ظروف نمر بها، فهذا مستحيل، فهي تتأثر بكل من النشاط الاقتصادي بصفة عامة ونشاط الشركات وربحيتها، فعلى سبيل المثال الشركة الراغبة في زيادة رأس المال ستتخذ القرار حسب توافر فرص استثمارية تساعدها على تحقيق النمو، ونفس الأمر بالنسبة للطروحات.

يجري الانتهاء من تحديث الجداول الاكتوارية لاستيعاب الاختلافات التي حدثت منذ إعدادها في الخمسينيات وحتى الآن

فأساس أسواق رأس المال الثانوية شقان، الأول هو التسعير بما يوفر تداولات للتسهيل على المستثمرين عملية الدخول والخروج، والشق الثاني يرتبط بالتسعير أيضًا وهو زيادة رؤوس الأموال بغرض النمو، بالتالي إذا لم تتوافر قرارات التوسع والنمو أثر ذلك على نشاط الأسواق.

ولكن على مستوى تاريخ الأسواق كلها، نجد أن الدول التي لديها الرغبة في تنشيط سوق المال والبورصات وبالأخص الدول التي كان لديها رصيد كبير من الملكيات العامة مثل دول شرق أوروبا أو غيرها، كانت تبدأ بطرح ملكياتها لتحمس باقي المؤسسات على الطروحات.

وهذا ما قامت به الدولة المصرية خلال عامي 1992 و1993 عندما توافرت الرغبة في إحياء أسواق رأس المال تزامنًا مع القانون الجديد آنذاك والتحول من الملكية العامة إلى الخاصة وتدشين وزارة قطاع الأعمال العام كجهة قابضة لتنظيم المحفظة الاستثمارية، وتم طرح عدد كبير من الشركات ونتج عن ذلك نشاط سوق رأس المال.

محمد فريد بمؤتمر حابي: الهيئة تتوسع في الاعتماد على التكنولوجيا لتسريع دورها الرقابي
الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية خلال فعاليات مؤتمر حابي

أحمد رضوان: هذا هو اللغز.. فإذا كان قد تم تنفيذ التجربة من قبل وحققت النجاح لماذا نقف في هذا الوضع؟

د.محمد فريد: بالفعل نجحت، كما تم تكرارها خلال عامي 2003 و2004، والأستاذ ماجد شوقي حاضر معنا اليوم ويمكنه تأكيد حدوث ذلك خلال فترة رئاسته لمجلس إدارة البورصة المصرية، وأنا كنت أعمل في وزارة الاستثمار حينها، وتم ذلك في إطار خطة لتطوير أسواق رأس المال، وكانت الطروحات للشركات المملوكة للدولة البداية علمًا بأن هذه الفترة لم تشهد طرح عدد كبير من الشركات، ولكنها أعطت دفعة مؤثرة خاصة تزامنًا مع إعادة هيكلة القطاع المالي بشقيه المصرفي وغير المصرفي، وكانت هناك عمليات اندماج بين البنوك العاملة والمقيدة في البورصة ما أعطى دفعة بدوره للأسواق.

ومن هنا نعلم أن البداية أو قد تكون أحد المحددات التي تنشط الطروحات خاصة بالتأكيد هي الطروحات العامة أو طرح الشركات المملوكة للدولة، أما المحدد الثاني هو قواعد القيد والتي تنظر الهيئة في تبسيطها بما لا يخل بحق المستثمر في الحماية والمعرفة، وفي النهاية هذا يجب أن يقترن بوجود نشاط اقتصادي قادر على النمو سريعًا خروجًا من الأزمات الحالية التي نمر بها.

نتوقع قريبًا إعلان أول إصدار لسندات الحقوق المستقبلية من شركة قطاع خاص

بالتأكيد يجب أن نتفق أن هناك أزمة كبيرة متواجدة على مستوى الحرب الروسية الأوكرانية والتي كانت تسبقها جائحة كورونا، وتبعات الجائحة الاقتصادية والتي كان تعامل البنوك المركزية معها آنذاك يتركز على طباعة الأموال أملًا في مساندة الاستهلاك، في حين أن ما حدث وقتها من حظر تجوال وغيره منع الناس من الاستهلاك، ولكن من ناحية أخرى ارتفعت أسعار الأصول المالية بصورة كبيرة نتيجة لبحث الأموال عن أصول تستثمر بها، ما نتج عنه فقاعات على مستوى العالم فيما يتعلق بهذه السيولة الإضافية.

كل ذلك كان مدعومًا بانخفاض في معدلات أسعار الفائدة لمستويات مرعبة، ونتج عنه بعد رؤية معدلات التضخم والمشاكل التي واجهت سلاسل الإمداد عالميًّا وما ترتب على ذلك من ارتفاع في الأسعار، وبالتالي أصبحت هناك حاجة للعمل على إعادة جذب السيولة المرتفعة من الأسواق.

فنحن أمام إشكالية مركبة تتزامن مع الحرب الروسية الأوكرانية والتي دفعت أسعار الطاقة والغذاء إلى الارتفاع، وأدت لوجود ثلاث أزمات متزامنة وهي أزمات مالية وطاقة وغذاء وكلها تؤثر علينا، لذلك فإن التعامل في هذه الفترات يجب أن يكون دقيقًا للغاية شئنا ذلك أم أبينا.

ولكن رغم ذلك، ويمكننا الرجوع إلى الأرقام من خلال البورصة المصرية في ذلك، حتى نتابع معدلات التقلب التي كانت تحدث خلال فترات سابقة خارجيًّا وما يحدث محليًّا، فنجد أن التعامل الحصيف مع المتغيرات الاقتصادية نتج عنها هدوء في معدلات التذبذب، والتي كانت تتسم بالحدة خلال الفترات السابقة حتى عند مقارنتها بمعدلات التذبذب عالميًّا، في حين نجد اليوم أن التذبذب في الأسواق العالمية لم يعد له نفس قوة التأثير على السوق المحلية، وهذا في حد ذاته بداية طيبة للأسواق وتعاملها مع المتغيرات الاقتصادية.

رضوى إبراهيم: قبل الانتقال من ملف سوق المال، نود أن نتحدث عن صناعة صناديق الاستثمار، ففي السنوات الأخيرة نرى أن هناك تباطؤًا في نمو الصناعة أو أنها لم تحقق المنتظر منها في ظروف الأزمات.. فمن المفترض أن يكون مدير الاستثمار المحترف هو الأكثر قدرة وكفاءة على إدارة الأموال في الظروف التي تتسم بالتذبذب العالي مثلما شاهدنا خلال السنوات الأخيرة.. كيف ترى ما حدث في صناعة صناديق الاستثمار؟ وما الأسباب وراء هذا التراجع؟ وفيم يفكر مجلس إدارة الهيئة حاليًا لوضع هذه الصناعة مرة أخرى على الطريق الصحيح؟

د.محمد فريد: صناعة صناديق الاستثمار لا ترتبط بالهيئة فقط، وقد يكون ارتباطها بالهيئة يتعلق فقط بالبعد التكنولوجي، وكيف تمكن مختلف المؤسسات من الوصول لجموع المستثمرين بصورة أيسر.

لكن صناعة صناديق الاستثمار مرت بعدة تحولات رئيسية، أولها ما نظر مع وزارة المالية آنذاك وتم الإعلان عنه من قبل مجلس الوزراء، والخاص بالتعامل الضريبي مع صناديق الاستثمار، وهي نقطة محورية وهامة، فعالميًّا يتم التعامل مع صناديق الاستثمار على أنها شفافة ضريبيًّا- Tax transparency .

معدلات التذبذب في البورصة المصرية هدأت مقارنة بفترات سابقة.. واضطرابات الأسواق العالمية لم تعد بنفس قوة التأثير

فلا يجوز أن يتحمل المستثمر عبر صناديق الاستثمار عبئًا ضريبيًّا أعلى مما يتحمله في حالة الاستثمار بشكل منفرد، وهذا كان الوضع القائم في مصر ما دفع المستثمرين لتفضيل التعامل كأفراد في السوق، لذلك أجرت وزارة المالية العديد من التعديلات في هذا الأمر بعد التشاور مع عدد كبير من الجمعيات المهنية المعنية بصناديق الاستثمار بهدف تمكينها من النمو.

ولكن أرى أن تلك التعديلات إذا لم تقترن بتمكين المؤسسات من الوصول إلى العميل عبر التكنولوجيا بصورة مبسطة، وهو المحور الذي تعمل الرقابة المالية على تحقيقه حاليًا، ستظل هناك مشكلة تواجه صناعة الصناديق حتى إذا تمت معالجة الأبعاد المرتبطة بتعدد مراحل الضريبة على مستوى الصندوق وغيرها من مسائل، ولكنها بالطبع خطوة حاسمة ونقطة في غاية الأهمية كان لها دور في تحجيم نمو الصناعة.

تخفيض المقابل بصندوق ضمان التسويات إلى النصف جاء في ضوء ملاحظات المؤسسات الدولية وبعد مقارنة التكلفة مع المطبق عالميًّا

وهناك شق ثالث لا يتعلق بالصناديق وإنما بالمستثمر المؤسسي، فجزء من مشاكل نمو الاستثمار المؤسسي كان يرتبط بعدم المعرفة أو الوعي بالأساليب المثلى في عملية إدارة الاستثمار، ورغم أن هذا الدور لا يخص الهيئة نوعًا ما ولكننا أخذنا على عاتقنا في هيئة الرقابة المالية وأيضًا في البورصة المصرية آنذاك -خلال فترة رئاسته للبورصة- كما أعتقد أن الأخيرة ستستمر في النهج ذاته، والمتمثل في تعريف ورفع الوعي بمختلف المؤسسات العاملة.

وقد شهدنا نشاطًا كبيرًا للاستثمار المؤسسي في البورصة خلال الشهرين الماضيين، حيث إنهم بدأوا يدركون الأهمية النسبية للاستثمار في عملية الأسهم، وكذلك أهمية وجود مدير استثمار محترف قادر على إدارة الاستثمارات بصورة جيدة واختيار التوقيتات المناسبة في عملية الاستثمار.

الحديث عن ندرة الكوادر الاكتوارية ممتد منذ التسعينيات.. ونعمل على وضع نهج جديد لزيادة عدد المؤهلين

وهناك نقطة لا يمكن إغفالها، تتمثل في وجود مستوى أسعار عائد ثابت مرتفعة، حيث إن الفترة التي شهدنا فيها رواجًا كبيرًا سواء لصناديق الاستثمار في الأسهم أو على مستوى التداولات كانت مقترنة آنذاك بمعدلات تضخم منخفضة وأسعار فائدة منخفضة، لذلك لا يمكن تقييم الوضع بمعزل عن باقي المتغيرات الاقتصادية.

لدينا أسواق أسهم تتمتع بفرص استثمارية جيدة وكبيرة، كما نعمل جاهدين في هذا الصدد مع مختلف المؤسسات سواء على صعيد هيئة الرقابة المالية أو البورصة أو شركة مصر للمقاصة وكذلك شركة المقاصة المتخصصة في أدوات الدين، فكل المؤسسات المعنية يجب أن تعمل بهدف تنمية الأسواق، فهذا يعد دورهم الرئيسي، بجانب أيضًا دور المؤسسات المرخص لها التي عليها أيضًا مسؤولية الاشتراك في مساندة جهود التنمية.

السماح بالتوسع في صناديق المعاشات الخاصة عبر جذب مشتركين جدد دون وجود علاقة مباشرة معهم وفقًا لضوابط

وبالتالي هناك جزء مرتبط بالتبسيط على مستوى الضريبة وما إلى ذلك، وقد كانت وزارة المالية مقتنعة ومتوافقة تمامًا على هذه الأمور خلال المناقشات، وقامت بتضمينها في العديد من التشريعات المقترحة، وهناك شق آخر تعمل عليه الهيئة وهو تمكين المستثمرين من الاكتتاب في وثائق الاستثمار بصورة سهلة ومبسطة، أما الشق الثالث فيستهدف التعريف بأساسيات الاستثمار، وأهمية الادخار التراكمي التدريجي في ظل قدرته على تحقيق أداء جيد على مدى زمني أطول، وكل ذلك دون تناسي المؤشرات الاقتصادية الأخرى التي تظل حاكمة طالما هناك معدلات تضخم عالمية مرتفعة، وما يترتب على ذلك من ارتفاع التضخم محليًّا وغيرها من التأثيرات الاقتصادية.

ياسمين منير: نود أن ننتقل إلى قطاع التأمين خاصة أن سوق المال من القطاعات التي تتسم بالزخم وقد تستغرق المناقشات حوله يومًا كاملًا.. كما نرى أن نشاط التأمين لا يقل أهمية خلال هذه المرحلة في ظل ترقب صدور القانون الجديد، وكذلك التطلع لمزيد من الحراك والتوسع بهذا النشاط ليلعب دورًا أساسيًّا في المشروعات الكبرى وتطوير أصول الدولة.. فما هي أهداف هيئة الرقابة المالية تجاه هذا القطاع خلال الفترة القادمة؟

د.محمد فريد: الشق الأول في أهداف قطاع التأمين مرتبط بسرعة إصدار الوثائق، وهو ما تعمل عليه الهيئة حاليًا، فإصدار الوثائق التأمينية كان يستغرق مدة زمنية طويلة نوعًا ما، لذلك نسعى لتحويل الأمر إلى إصدار الوثائق التأمينية المتوافق عليها من قبل بصورة نمطية وبالتالي تنخفض الفترة الزمنية التي تستغرقها الشركات كي تصل إلى العميل.

كذلك الاعتماد على التكنولوجيا لربط قواعد البيانات وهو أمر في غاية الأهمية من خلال ما يشبه نظام الاستعلام الائتماني -Iscore ، والقوائم السلبية- negative list المتعارف عليها، فقد تكون إحدى الشركات بنشاط التأمين لها تاريخ غير طيب مع أحد العملاء في أي من المناحي، فنحتاج أن يظهر ذلك إلكترونيًّا دون تدخل بشري، لتمكين شركات التأمين مع معرفة تاريخ العميل للتعامل معه.

صناعة صناديق الاستثمار مرت بتحولات رئيسية أبرزها تعديلات المعاملة الضريبة.. ويتبقى تسهيل النفاذ للمستثمرين عبر التكنولوجيا

وهناك أيضًا الجداول الاكتوارية التي تعمل الهيئة على نهجها والانتهاء منها، فسابقًا كان يتم الاعتماد على الجداول الاكتوارية المبنية على الجداول الإنجليزية للحياة، والتي صدرت في الخمسينيات أو الستينيات، وتعد هي الأساس الذي تمت بناء عليه الحسابات الاكتوارية في صناديق المعاشات وغيرها دون القيام بدارسة تفصيلية عن السوق المصرية.

وقبل استلام منصب رئيس الهيئة، صدر الجدول المبدئي، ويتبقى بعض التعديلات للانتهاء منه، وتواصل الهيئة جهدها في هذا الملف لأن فرق العنصر الزمني فيما يتعلق بتوقعات تواريخ الوفاة مختلفة تمامًا من 1950 عن العام الجاري 2022، حيث طال المدى الزمني الخاص بهذه الجزئية نسبيًّا.

وعلى صعيد الملاءة المالية بالنسبة لشركات التأمين، هناك أجزاء تتم معالجتها من خلال القانون الذي وضع حدًّا أدنى لرؤوس الأموال المطلوبة، والذي سينتج عنه دفع شركات التأمين لزيادة رؤوس أموالها أو اتخاذ بعض الاتجاهات الأخرى مثل التعاون والاندماج، للوصول إلى المعدلات المطلوبة لرؤوس الأموال دعمًا لاستقرار هذا القطاع والملاءة المالية بالنسبة للشركات.

وهناك شق آخر في غاية الأهمية، من الغريب لي أنه كان محور الحديث أثناء عملي في وزارة الاقتصاد نهاية حقبة التسعينيات، وهو قلة أعداد شريحة الكوادر التي تمتلك الخبرات والشهادات في العلوم الاكتوارية، وما زلنا نتحدث عن النقطة ذاتها خلال العام الجاري 2022، لذلك أعتقد أن هذا الأمر يؤكد الاتجاه نحو اتخاذ نهج مختلف فيما يتعلق بالحصول على الشهادات والدرجات المرتبطة بالعلوم الاكتوارية، بما يثمر عن توافر أعداد من المؤهلين، فالعلوم الاكتوارية هي الأساس الذي تبني عليه كل صناديق المعاشات تقاريرها وحسابات الاشتراك في هذه الصناديق، وبالتالي لا يجوز الإبقاء علي العدد المحدود المتاح في الوقت الحالي.

رئيس الرقابة المالية يلتقي مجلس إدارة مصر للمقاصة لبحث تطوير أعمال الشركة
الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية

صناديق المعاشات تعد أكبر مستثمر في أسواق العالم وتعظيم دورها محليًّا ضمن المستهدفات

من التعديلات القانونية أيضًا المقترحة ما يتيح التوسع في صناديق المعاشات الخاصة، فالقانون المنظم الحالي، يرهن إنشاء صندوق معاشات خاصة بوجود علاقة مع مشتركي هذا الصندوق، ولذلك سيتم التوسع في هذا الأمر بما يتيح الاعتماد على العلاقة التعاقدية، بحيث يسمح لمنشئ صندوق المعاشات الخاصة بإدخال مشتركين جدد وفقًا لضوابط محددة سيتم وضعها في هذا الجزء، بما يسمح بالتوسع في صناديق المعاشات.

هنا يجب النظر إلى أن أكبر مستثمر على مستوى أسواق العالم هي صناديق المعاشات، وبالتالي فإن جزءًا مهمًّا من تطوير أسواق رأس المال وكذلك أسواق التأمين التي تعطي حماية ودخلًا للأفراد بعد فترة المعاش، تكون من خلال صناديق المعاشات، لذلك فهي تمثل أحد المستهدفات بالخطة التي نستكملها.

ارتفاع الفائدة بأدوات العائد الثابت تحدٍّ أمام صناديق الاستثمار في الأسهم.. ويصعب تقييم وضع السوق بمعزل عن باقي المتغيرات الاقتصادية

ومن المستهدفات أيضًا خلق كوادر من الأجيال الثانية والثالثة بالنسبة للعاملين في هذا المجال، كما أن هناك أبعادًا مرتبطة بالهيئة في حد ذاتها تتعلق بكيفية التعامل مع الملفات، وكل هذا في إطار خلق نظام رقابي مبني على المخاطر، وهذا هو البعد الإضافي الذي تعمل عليه الهيئة وسوف نخطر به الشركات لتبدأ التعامل من خلال هذا الإطار.

رضوى إبراهيم: منذ فترة ليست ببعيدة لمسنا نشاطًا استثماريًّا كبيرًا بقطاع التأمين عبر دخول أسماء جديدة للقطاع وسعت كيانات إقليمية لإطلاق أذرع لها في مصر، وقد انفردت حابي حينها بالكشف في عن أكثر من اسم، وتوقعنا أن يكون ذلك بداية لسلسلة متصاعدة من الاستثمارات ولكن ما حدث هو دخول القطاع في فترة هدوء ولم يستقبل استثمارات جديدة..

في ضوء اطلاعك المباشر على طلبات الاستثمار في هذه الأنشطة.. هل تستشعر اقتراب موجة جديدة من الاستثمارات لدخول قطاع التأمين أم تتوقع أن تكتفي المؤسسات بالتركيز على ترتيب البيت من الداخل في ضوء التعديلات التنظيمية المرتقبة؟

أحمد رضوان: وهل فترة الهدوء الحالية نتجت عن رغبة من الرقيب لتهدئة المنافسة من خلال الحد من منح تراخيص جديدة لحين النظر في الملاءة المالية المناسبة وتعديل القواعد، أم كانت فترة هدوء تلقائية؟

د.محمد فريد: دعونا نستعرض بعض الإحصائيات أولًا حتى نستطيع من خلالها بناء التفكير السليم، في البداية كم يصل حجم الودائع في القطاع المصرفي؟ يتراوح بين 4 إلى 5 تريليونات جنيه، وكم عدد البنوك المتواجدة؟ يتراوح بين 37 إلى 38 بنكًا بما في ذلك البنوك المتخصصة، وكم عدد شركات التأمين؟ 41 شركة تأمين، وكم يصل حجم أصول شركات التأمين؟ عليكم بالبحث عن هذا الرقم فهو ليس سرًّا بل معلن.

فعند النظر إلى استثمارات قطاع التأمين نجد أنها تزيد نسبيًّا على نحو 150- 160 مليار جنيه من خلال 41 شركة تأمين، هنا يجب النظر إلى أننا بحاجة إلى الوصول للأسواق بصورة أكبر مقارنة بالبحث عن زيادة عدد الشركات العاملة في القطاع.

نستهدف خلق نظام رقابي مبني على المخاطر.. وخلق أجيال ثانية وثالثة للعاملين في مجالات التأمين

وهنا لا توجد قاعدة مطبقة مثل التي وضعها الرقيب على الجهاز المصرفي على سبيل المثال حين صرح مسبقًا بأنه لن يعطي تراخيص بنوك جديدة، فنحن لا نتحدث عن هذا وإنما نقول إن من يريد العمل في المجال التأميني عبر امتلاك شركة في هذا المجال، عليه أن يقدم منتجًا أو خدمة جديدة مغايرة لما هو متاح حاليًا.

فعلى مستوى المنافسة هي بالفعل متواجدة، وقد اجتمعنا مع ممثلي قطاع التأمين في مصر على مدار ثلاثة أو أربعة اجتماعات خلال الفترة الماضية، وكان أبرز الأمور التي تم الحديث عنها أكثر من مرة هو وجود منافسة ضارية، بينما أكدت الهيئة خلال الاجتماعات أن المنافسة مطلوبة طالما كانت في مصلحة العميل وطالما لا تؤثر على تسعير المنتج أو الخدمة المقدمة، وهذه من الأمور التي ننظر لها دائمًا لبحث مدى الاحتياج لأي تنظيم.

فالمنافسة قائمة، ومن يريد التقدم للسوق المصرية يحتاج إلى دراسة جدوى وفقًا للنصوص القانونية المقترحة، تتضمن الأسواق والمنتجات التأمينية الجديدة المستهدفة، وكيف ستكون مغايرة عما هو متاح في السوق، وكل هذه المسائل هدفها أن يتأكد الرقيب من وجود إضافة جديدة سيتم تقديمها على مستوى السوق.

رفع وعي المؤسسات بأساليب إدارة الاستثمار نهج تتبعه الهيئة والبورصة.. وبدأ يؤتي بثماره خلال الشهرين الماضيين

وقمت بتنسيب أصول القطاع للودائع ومقارنة عدد البنوك بالشركات، حتى ننظر إلى الأسباب التي تعوق الشركات عن النمو من الأساس، والعوائق أمام جذب أطراف كثيرة للتعامل مع قطاع التأمين.

فقطاع التأمين في مصر مستقر وواعد، ولكن ما هي الأسباب التي قد تدفعة لعدم الوصول إلى مستهدفاته؟ وهل هناك أمور تحتاج إلى أن تخضع للتأمين الإجباري؟ وهو ما ينص عليه القانون الجديد، فمثلًا الخدمات المهنية تحتاج إلى وثيقة تأمين وهذا معمول به على مستوى العالم أجمع، بالإضافة إلى عدد من الأمور الأخرى التي ستلتزم بالتأمين الإجباري.

وعلى صعيد كيفية إدارة التأمين الإجباري، دائمًا تنظر الهيئة في ما يمكن المنافسة من أخذ دورها، في إطار حماية المنافسة وحماية المستثمر.

قانون التأمين الجديد سيدفع تجاه زيادة رؤوس أموال الشركات للتوافق مع الحد الأدنى المنصوص عليه.. أو اللجوء للاندماجات

أحمد رضوان: التمويل العقاري.. ما الجديد في هذا الملف لتنشيطه خاصة أننا نرى أنه يعيش فترة هدوء مشابهة لقطاع التأمين، فحجمه لم ينمُ بالمعدلات المأمولة كما أن الحديث ما زال مستمرًّا حول مشاكل التسجيل وطبيعة الوحدات المناسبة للتمويل واشتراطات التشطيب والتعاقدات والإجراءات المختلفة دون ذكر حلول؟

د.محمد فريد: التمويل العقاري قد تكون تحدياته مختلفة، والعقبة الرئيسية أمام القطاع تتمثل في عملية التنفيذ على العقار في حالة عدم السداد، وهنا ننظر دون الدخول في التفاصيل، في إمكانية التعاون للإسراع في مثل هذه المسائل بما يمكن الشركات من تحصيل مستحقاتها في حالة تعثر المقترض عن السداد الكامل أو المطلوب.

الشق الثاني، أن الهيئة تدرس في الوقت الحالي مع الشركات وبالأخص شركات إعادة التمويل العقاري، إمكانية إصدار سندات توريق، خاصة أن الشركات العقارية أصبحت حاليًا تورق أكثر من شركات التمويل العقاري، والنهج ذات ننظر فيه مع شركات التأجير التمويلي، خاصة أن شركات التأجير التمويلي الصغيرة لا تمتلك إمكانية إجراء عمليات التوريق، فتحقيق مغزى ومعنى للتوريق مرهون بوجود أحجام كبيرة نوعًا ما، أي حد أدنى من حجم الإصدار لكي تستطيع شركات التوريق تنفيذه.

حجم الاستثمارات بشركات التأمين قليل مقارنة بعددها.. والتراخيص الجديدة مرهونة بتقديم منتجات وخدمات جديدة على السوق

وفي الحالات التي نتحدث عنها ننظر مع الاتحادات العاملة في المجال هذا الشأن، فلدينا الاتحاد المصري للتمويل العقاري واتحاد التأجير التمويلي واتحاد التخصيم التجاري واتحاد تمويل متناهي الصغر، فهي تمثل الجامعة لكل الشركات.

ففكرة وجود مؤسسات تستطيع إعادة عملية التوريق وشراء المحافظ التمويلية سواء لشركات التأجير التمويلي الصغيرة أو شركات التمويل العقاري الصغيرة، هو ما تنظر فيه الهيئة حاليًا، ولكنه يحتاج إلى حل مرتبط بالأسواق أكثر منه حل تشريعي، حيث نعمل على توفيق الرؤى وتوضيح المزايا لعملية التمويل العقاري.

وبخلاف النقطة الرئيسية الخاصة بالتنفيذ على العقار في حالة عدم الوصول لنهاية فترة التعاقد، وهذا ننظر فيه على مستوى شركات التأمين، كما ننظر أيضًا على مستوى معيدي التأمين، وبحث مدى توافر الرغبة أو القدرة على إعادة التأمين، فشركات التأمين لا تتحمل كامل المخاطرة إنما تحيل جزءًا من العملية إلى معيد التأمين وتتقاسم معه الأقساط التأمينية.

نستهدف تسريع عملية إصدار وثائق التأمين.. وربط قواعد البيانات تكنولوجيًّا لتسهيل الاستعلام عن العملاء و إعداد قوائم سلبية

لذلك هناك بعض المخاطر التي يجب النظر في إمكانية تحمل معيد التأمين لها مثل التأمين على الملكية أو ما يسمى Title insurance أي ما يفيد الملكية للعقار وبالتالي يتم إجراء عمليات الاستعلام عن العميل والتأكد من استقرار ملكياته في حالة عدم توافر سند الملكية، وبالتالي تحاول أن تستعيض عن سند الملكية الذي يواجه بعض الإشكاليات خاصة في المناطق القديمة، في حين لا توجد هذه المشكلة في المدن والمناطق العمرانية الجديدة.

ياسمين منير: لا نريد إرهاقك بالأسئلة أكثر من ذلك في نهاية اليوم، ولكن نفضل أن نختم هذا اللقاء بأهم الرسائل التي تحب توجيهها لمجتمع الأعمال من خلال مؤتمر حابي.

ونظرًا لضيق الوقت وكثرة الملفات التي تشرف عليها الهيئة العامة للرقابة المالية.. نريدك أن تطلعنا على أهم المستجدات في الأنشطة التي لم نتطرق إليها خلال المناقشات.

د.محمد فريد: تعمل الهيئة على مستوى كل الأنشطة وفي مختلف الملفات ما بين إصلاحي ورقابي وليست فقط الملفات التنموية المتعددة التي نعمل عليها، والتي بجانبها توجد أمور مرتبطة بالاعتماد على التكنولوجيا في الرقابة، وهناك ملفات عديدة نعمل عليها وتحتاج إلى جهد كبير، مثل كيفية الربط مباشرة مع شركات متناهي الصغر، وكذلك إصدار ما يسمي negative list للمتعاملين مع شركات التمويل الاستهلاكي والتمويل متناهي الصغر التي لم تكن منظبطة بصورة كاملة مع العميل، وبالتالي هناك جهد يتعلق بتحديد هذه القائمة وإيصالها للشركات.

وأيضًا نركز على أهمية مراعاة الملاءة المالية للمؤسسات العاملة في مختلف القطاعات التي تشرف عليها الرقابة ومراجعتها بصورة سريعة من خلال الربط، مثلما تم في البورصة على مدار السنوات الأخيرة، وهو ما تم تحديثه منذ نحو عام ونصف العام عبر الربط مع شركات الوساطة وأمناء الحفظ من البنوك فيما يتعلق بآلية التمويل الهامشي، بهدف إحكام المنظور الرقابي بسرعة وبقوة مع هذه المؤسسات والشركات.

التأمين الإجباري يمتد لمناحٍ كثيرة بالقانون الجديد.. وسيدار في إطار حماية المنافسة والمستثمر

كما أن استحداث منتجات مالية أيضًا من مستهدفات هيئة الرقابة المالية ، وتم مؤخرًا استحداث التمويل متناهي الصغر بالصيغ الإسلامية استجابة لمطالب شريحة من العملاء التي تفضل ذلك خاصة أنه حق لها ومتعارف عليه، ويسهم في إتاحة باقة أكبر من المنتجات.

وبالنسبة للرسائل، فالرسالة التي دائمًا ما أحب أن أشير إليها تتمثل في أن عملية الرقابة على الأسواق هي عملية دقيقة وبالتأكيد الرقيب قد يصدر قرارات في بعض الأوقات تلقى ترحيبًا وارتياحًا من المتعاملين، كما أن دوره كرقيب سيدفع إلى إصداره قرارات في أوقات أخرى لن تلقى نفس الإجماع، لكن المبدأ الذي لن أحيد عنه هو أن الأمور ستكون واضحة للجميع، وسيتم الكشف عن لماذا تم هذا الأمر، وأعتقد رأينا قبل أيام نموذجًا للتعامل مع مثل هذه الملفات فيما يخص إيقاف إحدى الشركات المقيدة بالبورصة مع الإفصاح عن الأسباب التي دفعت الهيئة لذلك وتوضيح كل التفاصيل، فالوضوح مطلوب.

والرسالة التي دائمًا ما نؤكد عليها هي أن الرقابة ستظل متواجدة، وحماية المستهلك والمستثمر والمنافسة أدوار قائمة، وستتم مراعاتها على مستوى المؤسسات العاملة كافة، وسوف نعمل على تنمية المؤسسات سواء كانت متخصصة في مجال الوساطة أو غيرها؛ لأن الأسواق المالية لن تستقيم دون نمو المؤسسات العاملة بها وأن تتوافر لديها الملاءات المالية المطلوبة.

شكرًا جزيلًا..

أحمد رضوان: جزيل الشكر للدكتور محمد فريد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية على هذا اللقاء.. كما نشكر الحضور الكبير على مشاركتنا فاعليات هذا اليوم الطويل والمجهد.. ونتطلع إلى لقاء جديد معكم العام المقبل في مؤتمر حابي الخامس بإذن الله.

أكد محمد فريد ، رئيس هيئة الرقابة المالية ، أن ارتباط الصناديق الاستثمارية بالهيئة يتعلق بالبعد التكنولوجي لتمكين المستثمرين من التداول والشراء والاسترداد عن بعد، لافتا إلى أنها كصناعة مرت بتغيرات كثيرة وتأثيرات كثيرة منها التعامل الضريبي مع صناديق الاستثمار.
الدكتور محمد فريد رئيس هيئة الرقابة المالية خلال فعاليات مؤتمر حابي
الرابط المختصر