نجيب ساويرس خلال حواره السنوي بمؤتمر حابي: العائد على الاستثمار في مصر ضعف الأسواق المحيطة

الفنادق والمطاعم استثمارات لا يفضل تبعيتها للدولة.. ومن الجيد طرح حصة من مصر للطيران

إسلام سالم _ جددت جريدة حابي لقاءها السنوي مع رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس ، الذي يشارك للدورة الرابعة على التوالي في مؤتمر حابي السنوي من خلال حوار مباشر، تطرق لمختلف القضايا الاقتصادية والفرص الاستثمارية محليًّا وعالميًّا.

وجاء اللقاء هذا العام تحت مظلة العنوان الرئيسي للمؤتمر وهو «تمكين القطاع الخاص» باعتباره مطلبًا حيويًّا يفتح الباب أمام فرص استثمارية جديدة سواء بالشراكة مع القطاع العام، أو من خلال تخارج الدولة من بعض الاستثمارات وكذلك تهيئة المناخ لجذب استثمارات مباشرة محلية وأجنبية.

E-Bank

وكشف ساويرس في حواره مع حابي عن أهم مستهدفاته الاستثمارية خلال هذه المرحلة، والفرص التي يراها جاذبة ويترقب المنافسة عليها، وكذلك القطاعات الجديدة التي يعتزم اختراقها.

كما تطرق الحوار إلى التحديات الاقتصادية المختلفة التي تواجه السوق المصرية سواء داخلية أو خارجية، وكذلك خطط التوسع المستهدفة لشركات ساويرس في مصر وإفريقيا، بقطاعات الصناعة والذهب والعقارات والمجالات الخدمية والقطاع المالي، علاوة على استشراف توقعات حركة سعر المعدن الأصفر، وتقييم وضع البورصة المصرية وأهم التوصيات لاستعادة رواجها.

كما تنقل الحوار بين عدد كبير من الملفات في محاولة لرسم صورة قريبة عن مناخ الأعمال في مصر ووضع المنافسة التي تواجهها السوق المحلية إقليميًّا، والفرص المتاحة وكذلك العقبات التي تواجهه. في سبيل الخروج من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية التي تنذر بمرحلة من الركود مثلما يتوقع رجل الأعمال نجيب ساويرس.

تابعنا على | Linkedin | instagram

أجرى الحوار كل من ياسمين منير ورضوى إبراهيم مديرتي تحرير جريدة حابي.. وإلى نص الحوار..

ياسمين منير: صباح الخير.. نشكر الحضور الكبير على التواجد منذ الصباح الباكر، ونرحب برجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس الذي يشارك معنا بحوار مباشر للدورة الرابعة على التوالي من مؤتمر حابي السنوي، رغم جدول أعماله المزدحم، والذي نعلم أنه تغير أكثر من مرة حتى يتواجد معنا اليوم.

لقد مر أكثر من عام على لقائنا المباشر الأخير في ظل تأخر انعقاد مؤتمر حابي هذا العام مقارنة بالسنوات السابقة، وقد شهدت هذه الفترة أحداثًا كثيرة ومتنوعة تضمنت متغيرات وتطورات واسعة على الصعيدين المحلي والعالمي، من أهمها بدء مصر اتخاذ خطوات جدية في إطار هدف تمكين القطاع الخاص، والذي يمثل عنوان مؤتمرنا اليوم.

وكعادتنا في اللقاءات السابقة نحب أن نبدأ الحوار معك من عنوان المؤتمر.. فما هو تقييمك للخطوات التي تم اتخاذها في سبيل تمكين القطاع الخاص، وكذلك رؤيتك لوثيقة سياسة ملكية الدولة التي صدرت مسودتها قبل النهائية منذ عدة أشهر ونترقب حاليًا نسختها الأخيرة، خاصة أن الملامح الأساسية واضحة في هذا الشأن.. وما هي الخطوات التنفيذية ذات الأولوية من وجهة نظرك التي يحتاجها الاقتصاد المحلي خلال هذه المرحلة؟

نجيب ساويرس في مؤتمر حابي: أوراسكوم تركز على الاستثمار في الطاقة الجديدة والمتجددة في إفريقيا
رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس خلال فعاليات مؤتمر حابي

نجيب ساويرس: أولًا أريد أن أحييكم على هذا المؤتمر، وعلى المثابرة في حابي، فأنتم مثال على المشروعات الصغيرة «small business» التي تنمو بشكل مستقل دون مساندة خارجية، ووضعتم بصمة في هذا المجال، كما أني لست الوحيد الذي يأتي خصيصًا من أجلكم، ولكن أشخاص كثر ممن أجلس معهم يقولون نفس الأمر، ولولا وجودكم كان من الممكن ألا يأتوا للتحدث من الأساس.

نترقب صدور المسودة النهائية لسياسة ملكية الدولة في صورة أكثر وضوحًا تحدد المشروعات

أما بالنسبة لتمكين القطاع الخاص، فأرى أنها خطوة في غاية الأهمية، فدائمًا عندما تكون الصورة رمادية وغير واضحة يتخبط القطاع الخاص ويفقد القدرة على تحديد الاتجاه الأنسب له، فلكي يعلم أين يستثمر عليه التعرف على سياسة الدولة وما تستهدفه من القطاع الخاص وما ستقوم هي بتنفيذه، ودائمًا ما كان هناك لبس في هذا.

فقد شاهدت المسودة الأولى لوثيقة سياسة ملكية الدولة، ولكن أرجو أن تكون المسودة النهائية واضحة للغاية، بحيث يكون القطاع الخاص على علم بالمشروعات التي سيركز عليها، وكذلك ما ستقوم به الحكومة.

كما أفضل أن يتم بالتوازي مع الوثيقة، تشكيل لجنة تعمل على تحضير المشروعات الجاهزة للطرح على القطاع الخاص، بحيث توضح الدولة ما تحتاجه من القطاع الخاص عبر تحديد المشروعات المستهدفة، مع إبراز المشروعات التي يمكن أن ينفذها القطاع الخاص بشكل مستقل، وكذلك المشروعات التي ستتم بالمشاركة مع القطاع العام والجهات الحكومية، مثل المشروعات التابعة لوزارة النقل حاليًا، والتي تعد خطوة جيدة جدًّا.

أقترح تشكيل لجنة تعمل على تحضير المشروعات الجاهزة للطرح على القطاع الخاص

وبالتالي عندما يذهب المستثمر لمكتبه يجد الأمور واضحة أمامه لبحث الفرص المناسبة، وكذلك الاطلاع على ما ستقوم به الدولة، وهو أمر في غاية الأهمية لسببين، أولًا حتى لا تنافس الدولة القطاع الخاص، والأمر الثاني يتمثل في أن القطاع الخاص سيكون عليه إكمال والاستفادة مما تنفذه الدولة. فعلى سبيل المثال، عندما تقول الدولة إن خطتها تتضمن التوسع في الطرق بالساحل الشمالي، يكون المستثمر حينها مطمئنًا للاستثمار بهذه المنطقة التي كانت تفتقر الى وجود طريق، وهكذا في باقي المسائل.

رضوى إبراهيم: أجدد الترحيب بك مرة أخرى ونتمنى أن يتجدد اللقاء دائمًا في السنوات المقبلة.

أود أن أعود بالحديث مجددًا لوضع الاقتصاد العالمي، فقد شاهدنا حرب روسيا وأوكرانيا وما ترتب عليها من تداعيات كبيرة على الاقتصاد العالمي بوجه عام ومن المؤكد أن مصر كان لها نصيب من هذه التأثيرات، نريد أن تحدثنا عن رؤيتك حول كيف تأثرت مصر جراء هذه الأزمة.. وهل ترى أن تأثير الحرب الروسية الأوكرانية أكبر من تداعيات انتشار وباء كورونا أم أن التزامن هو ما جعل حجم الأثر أكبر؟

نجيب ساويرس: الاثنان تأثيرهما مختلف تمامًا، فأزمة كورونا تسببت في ركود اقتصادي وفقد في الوظائف وتوقف للعجلة الاقتصادية بالكامل.

تأثير أزمتي كورونا والحرب الروسية شديد الاختلاف.. والأخيرة تداعياتها أضخم وأعمق بكثير

وقد تحدثت مع بداية حدوث جائحة كورونا بأنه لا يجب مواجهة ظهور مرض بالانغلاق التام وإيقاف حركة الأعمال بين الدول لأن هذا المرض لن يزول، وتعرضت حينها للسباب جراء ذلك وتم اتهامي بأن ليس لدي إحساس ومراعاة للصحة، ولكن في الأخير وصلنا لنفس النقطة، وهي أن من قاموا بغلق اقتصادهم بالكامل وتوقف تمامًا انهارت اقتصاداتهم، ومن أكمل دون إغلاق كان في وضع أفضل.

ونحمد الله أننا في مصر أكملنا دون إغلاق، كما أننا فوضويون بطبعنا، فهناك من لم يلتزم بارتداء الكمامة من الأساس ومن قال دعها لله، ولكن ما تم كان هو الصحيح في النهاية، حيث تمت معالجة المرض بالتوازي مع أخذ الاحتياطات وارتداء الكمامة، وفي الوقت نفسه لا نوقف العمل.

أما حرب روسيا وأوكرانيا فلها تداعيات أضخم بكثير ولا مقارنة بينها وبين الجائحة، لأنها أثرت على الغذاء وأسعار الطاقة، وأصبحت هناك حرب في مجال الطاقة، وهذه الحرب تتمثل في كون روسيا من أكبر الدول المصدرة للغاز والطاقة ودخلت في حرب مع أوروبا وبالتالي هناك صراع حول من سيقوم بإغلاق الصنبور عن الآخر ومن الذي سيتعرض للبرودة في الشتاء، ومن الذي سيتوقف اقتصاده، وهذا له تداعيات ضخمة للغاية.

وضع الاقتصاد العالمي سيئ ومعالجات المركزي الفيدرالي تواجه انتقادات قوية خاصة مع توقع التحول للركود

وفي الوقت نفسه وضع الاقتصاد العالمي بالكامل في موقف سيئ جدًّا، كما أن المعالجة الخاصة بالبنك الفيدرالي في الولايات المتحدة الامريكية عليها انتقادات كبيرة، لأنه يحارب التضخم عبر الاستمرار في رفع أسعار الفائدة، في حين أن إحساسي الشخصي أننا مقبلون على ركود اقتصادي، فإذا وصل هذا الركود سريعًا ولم يستطع الفيدرالي تداركه، سنجد أننا نعود مجددًا للبطالة وفقد الوظائف وغيرها من السلبيات، فتأثيرات الركود تضرب الاقتصاد بالكامل.

ووضع الاقتصاد العالمي لم يكن أبدًا على هذه الدرجة من الخطورة التي عليها الآن، وذلك نتيجة لهذين العاملين، أولها أن الرؤية ليست واضحة فيما يتعلق بمحاربة التضخم وما سيتم عمله إذا انقلب الوضع إلى ركود، خاصة أن هذا التحول إذا حدث بسرعة سيتسبب في مشاكل عديدة، وقد رأيتم حال سوق الأسهم، وهنا أتحدث عن الأسواق العالمية لا عن البورصة المصرية التي ما زال حجمها محدودًا للغاية.

رضوى إبراهيم: كل أسواق العالم متأثرة.

نجيب ساويرس: بالفعل هناك انهيار في أسعار الأسهم بالخارج، كما أن هناك انهيارًا في أسعار العملات الخارجية والدولار بالطبع مكتسح.

لذلك نحن في مصر عندما نقول إن سعر صرف الدولار وصل إلى 20 جنيهًا، أجد أنه ارتفع أمام اليورو بنسبة 25%، كما ارتفع أمام الجنيه الإسترليني بنحو 30%، وبالتالي لا يوجد سبب لنحزن عندما يتحرك سعر الصرف في حدود 1 أو %2 فهي ليست مشكلة.

الجنيه انخفض بنسب ضئيلة مقارنة بتراجع اليورو والإسترليني أمام الدولار.. ولا يوجد سبب للحزن

فالأمر لا يتعلق بسعر الدولار وإنما بتوافره، ولكي يتوافر الدولار هذا موضوع آخر بخلاف موضوع هذا المؤتمر، ولكن يجب تشجيع الاستثمار بالأساس خاصة أن الاستثمار الأجنبي المباشر يمثل أكبر مصدر للعملة الحرة، ويمكن الحديث عن ذلك بتوسع في مرحلة لاحقة.

ياسمين منير: في ظل الحديث عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة، نجد أنه بجانب التحديات الاقتصادية العالمية هناك أيضًا منافسة إقليمية قوية ومن الأسواق الناشئة على جذب الاستثمارات، كما نرى أسواقًا عديدة تأخذ خطوات وإجراءات قوية في هذا الإطار خلال الفترة الحالية.. كيف ترى وضع مصر التنافسي في جذب الاستثمارات؟ وكذلك ما هي التحديات التي نواجهها والحلول المقترحة لها في الوقت ذاته؟

نجيب ساويرس: التحديات التي تواجه جذب الاستثمار محليًّا، هي أن هناك عنصرًا هامًّا غائبًا عن فكر الحكومة و المسؤولين، وهو أن رأس المال حر، ما يعني أنه قادر في لحظة على اتخاذ قرار الاستثمار في أي دولة يريد، سواء السعودية أو الإمارات أو تونس، فهو ليس مجبرًا على القدوم لمصر، ولكن سيذهب إلى الدولة التي ستمنحه تسهيلات أكبر.

رأس المال حر وقادر على اختيار الوجهة الأنسب للاستثمار.. وجذبه مرهون بمنح تسهيلات أكبر

فإذا ارتفعت أسعار الأراضي في مصر على سبيل المثال إلى مستويات غير طبيعية، سيفضل الذهاب للاستثمار في دولة تمنحه الأرض مجانًا ليعمل بها، وهناك بالفعل دول تقدم ذلك لجذب الاستثمارات، ونفس الأمر في حال تم رفع الضرائب إلى حد معين، سيذهب إلى المناطق التي تمنحه ضريبة أقل، وهذا هو الفكر المطبق.

فلا يجوز وضع أنظمة وطلبات متعددة أمام المستثمر في حين أن أمامه كل الفرص متاحة بدول محيطة، ولكن هذه الرؤية غير موجودة، بل أحيانًا يتم الأمر عكس الاتجاه، عبر الإعلان عن الرغبة في تطبيق اشتراطات والتزامات جديدة، في حين أن مجالات وفرص الاستثمار واسعة ومتوافرة في مختلف الدول.

الأمر الآخر أن هناك تطورات عديدة للغاية، فهناك دول غير مستقرة ولديها مشاكل مثل ليبيا والعراق واليمن وبالتالي لن تجذب استثمارات في ظل تلك الظروف، وهذا يضع فرصة أمامنا للاستفادة من هذا المجال، في حين هناك تغيرات أخرى قد تؤثر علينا مثل الاستثمارات السعودية في البحر الأحمر، فليس لدي شك على الإطلاق في أنها ستهدد جميع الاستثمارات السياحية التي لدينا في البحر الأحمر وشرم الشيخ وهذه المناطق.

ويرجع سبب ذلك إلى استمرار وجود مشاكل عديدة للمستثمرين على صعيد الأراضي، والتي تستغرق وقتًا طويلًا جدًّا حتى يتم حلها، كما أن مسألة سحب الأراضي أحدثت اضطرابات، وهناك من يريد بناء فنادق ومنتظر منذ عامين حتى يتم التوصل لحل، ولكني أعلم أنه هذا الملف سيتم حله قريبًا فهناك اتفاقات جيدة قادمة في الطريق بحيث يكون هناك وضوح.

الاستثمارات السعودية على البحر الأحمر تهدد الاستثمارات السياحية المصرية.. وما زالت أمامنا فرصة السبق

ولكن كما ذكرت السعودية اليوم تنفق المليارات في مشروع نيوم وساحل البحر الأحمر، وبالتالي ستشكل تهديدًا، لذلك يجب أن نستبق ذلك، ونحن بالفعل كنا سباقون في هذا المجال، ويتم ذلك من خلال تشجيع المستثمرين بالقطاع، وبدلًا من وضع العراقيل أمامه ونطالبه بمزيد من الأمور، يمكن على العكس تقديم حوافز لمن سيقوم ببناء فندق جديد خلال السنوات الثلاث المقبلة، وكذلك تجديد الفنادق القديمة.

كما يجب الابتعاد عن السياحة منخفضة الإنفاق والتي لا يتعدى عائدها مبالغ محدودة للغاية، فقد قابلت أحد الأشخاص مؤخرًا أقام لمدة 10 أيام في الغردقة إقامة كاملة بالفندق شاملة الطيران مقابل 200 يورو فقط، وهو مبلغ ينفقه هناك في يوم واحد! لذلك نريد أن نرتقي بمستوى السياحة لدينا، وندرك أن هناك أخطارًا تقترب.

ونحن مشكلتنا الوقت، فكل مرة يتم التفاوض مع القطاع الخاص دون الوصول في النهاية لحلول للمشاكل التي تواجهه، كان ذلك يمثل تأجيلًا لدوران العجلة الاقتصادية، فيما يتعلق ببناء الفنادق الجديدة وتحديث القائمة.

البيروقراطية ما زالت عائقًا في قطاعات كثيرة.. وجذب المستثمر الأجنبي يتحقق بحل مشكلات المحلي

كما يجب إصلاح كل العوائق البيروقراطية التي لم يتم إصلاحها حتى الآن، فما زالت الموافقات المطلوبة متعددة وتستغرق وقتًا طويلًا، وكذلك هناك ما يسمى بالموافقة الأمنية على أي مستثمر والتي قد تستغرق ما بين 3 أشهر إلى عام كامل، وبالتالي يتسبب ذلك في بتعطيل المستثمر الراغب في دخول السوق المحلية، لذلك علينا تخفيض هذه الاشتراطات وعدم التعامل بارتياب مع المستثمر.

نجيب ساويرس: الذهب أقل الأدوات الاستثمارية تضررا بارتفاع الفائدة
رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس خلال فعاليات مؤتمر حابي

رضوى إبراهيم: عدد من أسواق المنطقة التي كنا نعتمد عليها في جذب الاستثمارات بدأت تغير مدرستها وتعمل على تهيئة بيئتها لجذب الاستثمارات، وقد شاهدنا خطوات فعلية في هذا الشأن بعدد من الأسواق العربية منها الإمارات والسعودية.. ما هي التوصيات التي ترى أهمية التحرك عليها بشكل عاجل من أجل تعظيم فرص مصر في جذب أكبر قدر ممكن من الاستثمارات الأجنبية قبل أن تستقطب من أسواق منافسة؟ وكيف نعيد تشجيع الخليج على ضخ استثمارات في مصر بشكل مستقر وليس في توقيتات معينة يعقبها مرحلة من الهدوء؟

نجيب ساويرس: أولًا هناك خطأ في مفهوم جذب الاستثمار الأجنبي، وهنا أريد أن أسأل وماذا عن الاستثمار المحلي؟!

فالمستثمر الأجنبي عندما يفكر في دخول مصر لا يطرق باب الحكومة من البداية، وإنما يذهب للمستثمر المصري ليتعرف منه على وضع بيئة ومناخ ممارسة الأعمال، فإذا وجده يشتكي من البيروقراطية واستغراقه لفترات زمنية طويلة لاستصدار موافقة ما، سيعزف عن قرار الاستثمار.

فالبداية تكون من خلال توفير سعة صدر والجلوس مع القطاع الخاص، ليتم إيضاح ماهية المشاكل التي تواجه المستثمرين والعمل على حلها.

وبالطبع أحيانًا لا يكون هناك صبر في ظل أن هناك جزءًا من القطاع الخاص يتوسع في سرد المشاكل ويسترسل في التفاصيل، في حين يجب تحديد المشكلات الأساسية بكل نشاط بشكل واضح حتى يتم حلها، وبالتالي تكون الرسالة الموجهة من المستثمر المحلي للأجنبي أن الأمور واضحة وليس بها مشاكل، ومن هنا ما سيتم تطبيقه على المستثمر المحلي سيطبق أيضًا على المستثمر، والعكس صحيح.

لذلك عندما تكون هناك رغبة في طرح أصول للبيع، يفضل أن يتم طرحها على المصريين أيضًا لزيادة المنافسة بما يؤثر إيجابيًّا على التسعير، وبالتالي ما يمكن بيعه بـ10 جنيهات قد يرتفع بفضل المنافسة إلى 12 جنيهًا.

ومجموعة أوراسكوم كان لديها استعداد كبير جدًّا للمنافسة على كثير من الأصول، وأنت تعلمين أنه كان لي أكثر من طلب للاستثمار في أصول بعضها تم بيعه أو خضعت للتأجيل.

وعلى ذلك يجب أن تتغير النظرة، فلا يوجد مستثمر يرغب في شراء شركة من أجل الهروب بها.. وإلى أين سيهرب من الأساس؟! فالشركة ستظل في مصر كما سيسدد الضرائب والجمارك في مصر، إلى جانب تشغيل عمالة مصرية، ويتبقى فقط تسهيل خطوات العمل وسرعة الدخول.

وهنا سأتحدث بوضوح أكثر عن الموافقة الأمنية والتي قد تستغرق عامًا أو 6 أشهر يتعطل خلالها الاستثمار، في حين يمكن للجهاز الأمني مراقبة المستثمر والتعرف على تاريخه الاستثماري السابق.

استهلاك الوقت دون إيجاد حلول لمشاكل المستثمرين يمثل تأجيلًا لدوران عجلة الاقتصاد

فنحن اليوم يمكننا من خلال آليات البحث في جوجل الوصول إلى أن المستثمر الذي يتم الكشف عنه نصاب، وبالتالي لا أعتقد أن الأمر يحتاج إلى وقت طويل لإصدار الموافقات، كما يمكن استكمال المراقبة والتقصي عقب جذب الاستثمار إذا كان هناك تخوف منه أو من فعل أمر ما.

ولكن إذا كان طلب الاستثمار يتعلق بإنشاء مصنع نسيج على سبيل المثال، فلا أفهم طبيعة الموافقات الأمنية المطلوبة بهذا الشأن، خاصة إذا كان هذا المستثمر يتبع عائلة كبيرة في الهند كمثال ولديها مصنع للنسيج، وبالتالي يمكن منحه الموافقة بعد شهر على الأكثر ليبدأ العمل والاستثمار.

رضوى إبراهيم: ما هي القطاعات التي كان من الممكن أن تستثمر بها حال عرضت عليك الفرص المتاحة بها.. أو القطاعات الجديدة التي أعلنت الدولة اعتزامها التخارج منها سواء بشكل كلي أو جزئي؟

نجيب ساويرس: أي شيء، فعلى سبيل المثال الدولة تمتلك فنادق سياحية، في حين أنها بالأساس أسوأ مدير لهذه النوعية من المشروعات، وبالتالي من المفترض ألا تمتلك فنادق أو مطاعم، فما هي الفكرة من تملك هذه الأصول.

وحتى يكون لدينا شركة طيران حكومية، فمن الممكن أن يتم طرح 30% من شركة مصر للطيران في البورصة المصرية ليكون هناك على الأقل محاسبة من الجمعية العمومية، بما يتيح مناقشة مجلس إدارة الشركة وسؤاله عن أسباب تحقق خسائر، أو التوصية بتشغيل خط ما على سبيل المثال، وبالتالي تكون هناك محاسبة.

ولكن الوضع في إدارة المال العام يجعله للأسف كيانًا حكوميًّا غير منافس، لذلك أي مجال خدمي بسيط مثل الفنادق والمطاعم من المفترض أن يقتصر على القطاع الخاص دون تواجد استثماري للدولة.

ووزير النقل مشكورًا بدأ في فتح المجال أمام القطاع الخاص، وهناك مفاوضات جارية مع وزارة النقل حول عقود مشاركة بين القطاع الخاص والوزارة لتقديم خدمات، فنحن كنا نقدم خدمات على قطار النوم تتمثل في خدمات الطعام، فهذه الأمور من الصعب جدًّا تنفيذها من خلال جهات حكومية، فلا أعتقد أن هناك أحدًا سيفضل الذهاب للعشاء في مطعم حكومي؟!

ياسمين منير: هل من الممكن أن تحدثنا أكثر عن الفرصة التي ذكرت التفاوض حولها بقطاع النقل؟

نجيب ساويرس: وزارة النقل قامت بإدخال شركات لإدارة القطار السريع وجلبوا شركة من ألمانيا، وهذا توجه منضبط خاصة أن تكلفة التعاقد معهم تمثل نسبة ضئيلة للغاية تصل إلى كونها مضحكة، كما لديهم خبرة كبيرة نتيجة لامتلاكهم القطار السريع منذ نحو 10 أو 20 عامًا وبالتالي لن نكون بحاجة لخوض التجربة من البداية، وبالتالي لا يوجد ما يضير من دفع 4 أو 5% سنويًّا مقابل أن يكون القطار مدارًا من قبل إدارة جيدة بدلًا من الحوادث التي يشهدها القطاع، خاصة أن الجانب الألماني قادر على توفير الصيانة وما إلى ذلك.

السكك الحديد ستحقق ثلاثة أضعاف إيراداتها الحالية إذا أسندت للقطاع الخاص

كما أن عربات النوم تحتاج إلى خدمة توفير الطعام، ولك أن تتخيل ما قد يحدث إذا أسندت هذه الخدمة لعامل في مطعم حكومي يحصل على مرتب صغير وليس لديه مهارات الخدمة كما لا يوجد أسس للمحاسبة.

ياسمين منير: هل هناك قطاعات أخرى تفكر في الاستثمار بها وفقًا لنفس النهج؟

نجيب ساويرس : قطاع نقل السكك الحديد أيضًا، ففي حال منحه للقطاع الخاص سترتفع إيراداته بنحو ثلاثة أضعاف.

ويمكنني توضيح ذلك نظرًا لأني عملت في السكة الحديد في بداية حياتي، فهناك مافيا في الموانئ تتعلق بمقاولي سيارات النقل، بالتأكيد لن يعجبهم هذا الحديث ولكن هذا ما يحدث، فهم لهم مصلحة أساسية في تعطيل النقل في السكة الحديد، كما أنه من السهل للغاية تعطيل النقل الحكومي عبر أسباب متنوعة، فمن الممكن أن يتغيب سائق القطار عن موعده أو يتم تأخير وصول البضاعة أو عملية تحميلها، وكذلك الرصيف الذي سيدخل عليه القطار قد يكون مشغولًا بسبب بوجود عربة معطلة وبالتالي يتم التعطيل.

فتح مجالات الاستثمار سريعًا وتقليل المخاوف من المستثمر وإزالة البيروقراطية.. أهم المطالب لتحسين مناخ الاستثمار

في حين أنه في حال منح الملف للقطاع الخاص، ستكون المواجهة بين جانبين من القطاع الخاص وتشتد المنافسة وعليها تنخفض أسعار النقل وبالتالي تكلفة الإنتاج في مصر تنخفض.

فهناك أمور عديدة يمكن تنفيذها ولكن المهم سرعة القرار، وكما نقوم بتنفيذ مشروعات وطرق بسرعة كبيرة، علينا أيضًا تنفيذ فتح الاستثمار سريعًا، ونوقف المشكلات، ونقلل من التخوفات الزائدة لدينا، والتي تجعل كل موضوع يستغرق وقتًا طويلًا ودراسات، رغم أن الوضع لا يستدعي كل هذا القلق، فمن يأتي للاستثمار في مصر هو من جلب أمواله إلينا وهو من سيكون عليه القلق وليس نحن.

عند توافر الرغبة في طرح أصول للبيع يفضل إتاحتها أمام المصريين أيضًا لزيادة المنافسة وخلق تسعير جيد

فالحديث دائمًا عن الأموال الساخنة، في حين أن الهدف هو جذب الاستثمارات الخارجية المختلفة، سواء كانت أموالًا ساخنة أو باردة.

رضوى إبراهيم: بما أننا تطرقنا في الحديث لقطاع السياحة والترفيه.. كان لك خطط كبيرة واهتمام ملحوظ بهذا القطاع، فهل من الممكن أن تطلعنا على خططك خلال الفترة المقبلة بمجالي السياحة والترفيه؟

نجيب ساويرس : نظرًا لتواجد أخي في هذا المجال وكانت هناك اتفاقية قديمة بعدم دخول أحدنا في مجال يتواجد فيه أخ آخر، ولكني قمت ببيع استثماراتي بقطاع الاتصالات ولم يعد لدي عمل، كما أني غاوٍ بشدة في هذا المجال.

لذلك نفكر حاليًا في إنشاء فندقين بالساحل الشمالي، بجانب تنفيذ فندق آخر في القاهرة أيضًا.

كما نرغب في إنشاء فنادق في منطقة الأهرام، خاصة في ظل التحول المرتقب للمنطقة بعد افتتاح المتحف الكبير والانتهاء من المشروعات تحت التنفيذ.

نعتزم إنشاء 4 فنادق بتكلفة استثمارية قد تتجاوز 300 مليون دولار.. اثنان منها في الساحل الشمالي وآخر بمنطقة الأهرامات

فلدينا مشروعان حاليًا في منطقة الأهرام، مشروع تنظيم هضبة الهرم بالكامل وانتهينا من المرحلة الأولى به، واستقدمنا أتوبيسات كهربائية لمنع العادم الذي يؤثر سلبًا على الآثار، كما قمنا بعمل مطاعم سياحية مرتفعة التكلفة وعالية الجودة وأخرى منخفضة التكلفة للتخديم على نوعيات السياح المختلفة، كما تم تركيب دورات مياه جلبناها من فرنسا خصيصًا وتم وضعها في كل نقطة وصول، وقمنا بعمل محطات للأتوبيسات الكهربائية.

ويتبقى فقط المعركة المنتظرة مع أصحاب الجمال والخيول خاصة أننا نعتزم منع السائح من التعامل معهم ماديًّا، فالسائح سيكون لديه تطبيق إلكتروني على الهاتف يقوم من خلاله بسداد تكلفة الرحلة الخاصة به، وبالتالي لن يحدث ثانية أن يصعد السائح على الجمل بعشرة جنيهات ثم يطالب بسداد 100 جنيه أخرى للنزول.

رضوى إبراهيم: ذكرت تأسيس فندقين في الساحل الشمالي وآخر في منطقة القاهرة وآخر في منطقة الأهرامات.. كم يبلغ حجم الاستثمارات المطلوبة لتأسيس الفنادق الأربعة؟

نجيب ساويرس : تكلفة الغرفة تدور حول 500 ألف دولار وذلك حال الرغبة في تنفيذ فندق 5 نجوم، وفي حال احتوى كل فندق على نحو 100 غرفة على الأقل ستصل الاستثمارات الكلية للفنادق الأربعة إلى نحو 200 أو 300 مليون دولار، إن لم يكن أكثر، خاصة في ظل ارتفاع أسعار مختلف المدخلات وخاصة الحديد والأسمنت.

ياسمين منير: هل سيتم تنفيذ هذه الفنادق من خلال شركة أوراسكوم للاستثمار؟

نجيب ساويرس : من خلال شركتين، ولكننا نعمل حاليًا على تحويل أوراسكوم للاستثمار لشركة استثمارية تركز على إفريقيا، وبالتالي إن كان هناك فنادق سنقوم بتنفيذها في إفريقيا سيتم ذلك عبر أوراسكوم للاستثمار.

وهناك أيضًا مشروعان آخران يتم تنفيذهما حاليًا بشركة أوراسكوم للاستثمار، أحدهما مشروع طاقة متجددة يضم محطات طاقة شمسية في إفريقيا، وسيتم تنفيذه في أسواق إفريقية لأننا في مصر وصلنا لأسعار منخفضة للغاية كما أن هناك طاقة شمسية زائدة غير مستغلة بالكامل خاصة وأن وزارة الكهرباء لديها توافر في الطاقة، لذلك المستثمرون في الطاقة الشمسية هنا لا يستطيعون بيع الطاقة بالكامل علاوة على عنصر الانخفاض الكبير في السعر.

أوراسكوم للاستثمار ستركز على إفريقيا.. بدأت بتنفيذ مشروعي طاقة شمسية وتمتد قريبًا لشحن السيارات الكهربائية

في حين أن الأسعار في الأسواق الإفريقية ما زالت مرتفعة، كما تعاني من قلة توافر الطاقة بالأساس، وبالتالي يكون هناك تساهل أكبر مع المستثمر، علاوة على أن العائد على الاستثمار أعلى، لذلك سنركز على إفريقيا في مجال الطاقة المتجددة.

كما نركز أيضًا في إفريقيا على خطط شحن السيارات الكهربائية لأنه من المعروف أنه خلال 10 سنوات سينتهي العمل بجميع سيارات البنزين وبالتالي ندرس بدائل مختلفة أن نقوم بعمل محطات شحن كهرباء في إفريقيا.

وإن سألتم لماذا لا أنفذ محطات شحن السيارات الكهربائية في مصر، سأقول إن السبب يرجع إلى أن الإجراءات ما زالت غير مناسبة.

رضوى إبراهيم: ستبدأ نشاط محطات الشحن في إفريقيا.. ولكن هل من الممكن تنفيذ هذا الأمر في مصر خلال مرحلة تالية؟

نجيب ساويرس : وارد، فنحن منفتحون على العمل في أي منطقة.

ياسمين منير: هل تفكر في التوسع في قطاع السيارات الكهربائية عبر إنتاج المركبات أم سيتم الاكتفاء بالاستثمار في محطات الشحن؟

نجيب ساويرس : لا أفكر في تصنيع السيارات، فهذا ليس هذا مجالي ولا أفهم فيه.

رضوى إبراهيم: أريد أن أنتقل إلى القطاع الصناعي.. فكل عام نتحدث في حوارنا السنوي عن مصنع السكر وتجربتك به التي شهدت الكثير من التحديات.. نتعشم أن تكون الأوضاع صارت أفضل حاليًا، كما نريد التعرف على خططك الجديدة في القطاع الصناعي عمومًا؟

نجيب ساويرس : مصنع السكر حمدًا لله أصبح سكر، فلأول مرة منذ 9 سنوات نحقق أرباح العامين الماضي والعام الجاري.

وقد جاءت هذه النتائج بعد عذاب أليم امتد 9 سنوات، ولكن الأمر لا يعود إلى حدوث شيء محدد، ولكن كان ذلك بسبب تدني سعر السكر، في حين ترفع الحكومة سعر البنجر للفلاح خاصة أنهم قوة ضاغطة، كما كانت ترتفع أسعار كل مستلزمات الإنتاج في مقابل ثبات سعر السكر.

ولكن حاليًا السعر العالمي ارتفع، واستطعنا تقليل تكلفة الإنتاج، ما أثمر عن تحقيق أرباح لأول مرة خلال العام الماضي والجاري، وسددنا القرض الذي كان على المصنع بالكامل، ولم يعد محملًا بأي قروض، ونأمل أن تشهد الأعوام المقبلة مزيدًا من النمو.

لا نفكر في التوسع الصناعي بخلاف مصنع السكر.. والشراكة في الاستثمار الزراعي واردة

كما لدينا الرغبة في الاستثمار الزراعي وليس الصناعي، وإذا وجدنا أراضي زراعية مناسبة سيتم اقتناصها لأننا نريد تأمين احتياجات المصنع من البنجر، خاصة أننا نعتمد كل عام على التوريدات من الفلاحين.

فرغم أن وضع التوريدات لدينا يسير بشكل جيد ونقوم بتشجيع الفلاحين ولكننا نريد أن تكون لدينا رقعة أكبر، وفي حال وجدنا الأرض الزراعية التي ستنتج بنجرًا بكميات أكبر سنفكر في إنشاء الخط الثاني، ولكن حاليًا هناك مشروعات مصانع سكر عديدة وبالتالي لا أعتقد وجود حاجة لإنشاء خطوط إنتاج جديدة حاليًا.

ياسمين منير: هل هناك شراكات محتملة يمكن إبرامها للتوسع في صناعة السكر أو الزراعات المرتبطة بها.. وأيضًا هل تفكر في قرار التخارج من هذا الاستثمار خاصة أنه كان أمرًا مطروحًا خلال فترات سابقة، ويمكن أن يتأثر التقييم إيجابًا بعد التحول إلى الربحية؟

نجيب ساويرس : لا نريد بيعه حاليًا على الإطلاق، فقد كنا فقط أرهقتنا من الخسائر السنوية المتكررة والتي كانت تكبدنا نحو 100 مليون و200 مليون جنيه سنويًّا، وهي أرقام كبيرة للغاية، ولكن الآن تم تعويضها بالكامل وبالتالي ليس لدينا أي رغبة في بيعها.

أما الشراكات فقد تحدث في مجال الزراعة، خاصة أن هذا المجال يحتاج لأشخاص على دراية وعلم، وهناك شركات محلية عديدة متميزة في هذا المجال وتستطيع إدارة التكلفة.

فنحن قمنا سابقًا بزراعة ألف فدان، ولكننا في المقابل خسرنا فيه ما يوازي تكلفة عشرة آلاف فدان، فنحن لا نفهم في كل المجالات، وبالتالي في حال وجدنا فرصة مناسبة لإبرام شراكات سنقوم بذلك.

وبالطبع إذا وجدنا أي مستثمر من الخارج لديه الرغبة في تنفيذ مشروعات في مصر، فأنا دائمًا منفتح لهذا الأمر، خاصة في حال امتلاكهم للخبرة، على أن تكون مساهمتنا مرتبطة بضخ الأموال والعلاقات الداخلية والتسويق، فهذا الأمر مطروح.

نجيب ساويرس: لا نية لطرح أورا بالبورصة المصرية في الوقت الحالي
رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس خلال فعاليات مؤتمر حابي

ياسمين منير: هل هناك مفاوضات فعلية في هذا الإطار مع أطراف محلية أو خارجية؟

نجيب ساويرس : لا، ولكن نحن نعتبر أننا نجحنا في ذلك من قبل، فقد جلبنا استثمارات بقيمة 100 مليون دولار من الإمارات عبر الدخول في مجال التطوير العقاري من خلال شركة أورا، كما قامت نفس المجموعة بشراء شركة بلتون المالية.

وأرى أن هناك أهمية خاصة لصفقة شراء المجموعة الإماراتية لشركة بلتون، علمًا بأنني لم أعد صاحب القرار بها منذ عملية التقسيم، والتي ننتج عنها فصل الاستثمارات المالية في شركة أوارسكوم المالية القابضة OFH التي يرأسها نجلي أنسي.

فهو يرغب في دخول مجال البنوك الرقمية، ولا يريد العمل في المجالات الكلاسيكية أو التي يقال عنها ذلك لاعتيادنا عليها، لذلك قرر بيع بلتون للمجموعة الإماراتية، في حين ستقوم المجموعة الإماراتية بضخ نحو 300 أو 400 مليون دولار لزيادة رأس المال وبالتالي تنمية الشركة، وبالتالي تكون الدولة استفادت من دخول 300 أو 400 مليون دولار.

فعندما أسيء فهم تصريحاتي مؤخرًا، كنت فقط أنبه بأهمية الحرص والعمل على حماية الاستثمارات الأجنبية من الخروج من الدولة حتى لا نواجه نقصًا في الدولار، خاصة أنها تعد أكبر مورد للدولارات.

كما أنه عندما تتراجع السياحة يؤثر ذلك علينا للغاية، فاليوم نجد أن أغلب السائحين الوافدين إلينا من دولتي روسيا وأوكرانيا، وبالطبع هذه الوفود لن تأتي خلال الوضع الحالي، كما أنه ما زال أمامهم فترة كبيرة حتى يعودوا مرة أخرى وفقًا للمعدلات السابقة، علاوة على تخوف الأوروبيين من السفر في ظل الحرب الدائرة.

ولكني أرى أننا من الممكن أن نستفيد رغم كل ذلك، فمن المتوقع أن يكون الشتاء قارص البرودة هذا العام، والغاز لن يصل إلى أوروبا ما سيزيد من برودة الأوضاع، في حين نمتلك في مصر الشمس التي منحنا إياها الله مجانًا، لذلك علينا فقط جذب السائحين والعمل سريعًا على فتح المجال وإصلاح الفنادق وسيارات الأجرة وكذلك تطوير المطار.

ولكننا لا نستطيع القول بأنه لا توجد أمور قد تحسنت في هذا المجال، فالمطار أصبح أسهل والحصول على تأشيرات الدخول –الفيزا- أصبح أسهل، ولكن ما زالت هناك بلاد عديدة للغاية من الممكن يأتي منها وفود سياحية ولكن تحتاج إلى وجود فيزا للتصريح بدخول مصر، مثل المطبق مع جميع دول شرق أوروبا.

فلماذا لا يتم إلغاء الإلزام الخاص بالفيزا، وإصدار قرار على سبيل المثال يجيز لكل من يمتلك فيزا تشنجن -الخاصة بدول الاتحاد الأوروبي- على جواز سفره، أن يدخل مصر من دون فيزا، فمن الذي سيتخوف من شخص يحمل فيزا للاتحاد أوروبي حتى وإن كان يحمل إحدى الجنسيات التي تواجه صعوبة في الدخول، فتوافر فيزا تشنجن يعني أنه خضع بالفعل للاستعلام والتدقيق اللازم من مختلف الدول الأوروبية.

رضوى إبراهيم: بما أننا ذكرنا مجموعة شيميرا الامارتية وشركة بلتون .. اسمح لي أن أسأل أولًا عن فرص التعاون الجديدة مع المجموعة الإمارتية، خاصة أننا تفاجأنا بصفقة الاستحواذ على بلتون بعد الشراكة التي أبرمتها معهم في شركة أورا.

أما السؤال الثاني فيتعلق بالقطاع المالي، فبعد أن قمت بشراء بلتون كانت لديك خطط كبيرة بهذا القطاع، ترجمت في محاولة الاستحواذ على المجموعة المالية هيرمس، ثم محاولة الاستحواذ على شركة سي أي كابيتال، على أمل خلق أكبر كيان لبنك استثمار في مصر، كما كان هناك طموح أكبر مبني على ذلك يتمثل في السعي لامتلاك بنك.. فهل بيع شركة بلتون يعني أن خطط ساويرس في القطاع المالي توقفت أم تغير شكلها فقط؟

نجيب ساويرس : الفكرة كانت صحيحة، ولكن الدولة لم ترحب بهذا التوسع وهذا قرار في رأيي لم يكن موفقًا.

فهناك كيان قوي يسمى المجموعة المالية هيرمس ويستحوذ على نحو 25% من السوق، فكان من الجيد أن يكون هناك كيان قوي آخر اسمه «بلتون -سي أي كابيتال» حتى يصبح لدينا كيانان كبار ولهما تواجد قوي.

نجحنا في جذب شيميرا الإماراتية للسوق المحلية.. وصفقة بلتون تحمل أبعادًا إيجابية كثيرة

كما أن هذا الأمر سيترتب عليه وفرة، فالمسألة ليست 1 زائد 1 يساوي 2 ولكن في هذه الحالة يساوي 3 ، كنتيجة لخفض التكلفة والاكتفاء بإدارة واحدة بدلًا من أن تكون موزعة على شركتين وتحتاج إلى مجلسين للإدارة وغيرها من تكاليف الرواتب والإدارات التي ستختصر في كيان واحد، ما ينتج عنه وفر كبير في المصروفات.

وبالطبع عندما تتسع دائرة العملاء، يكون وجود كيان ثانٍ قوي أمرًا مفيدًا للغاية وداعمًا للاقتصاد، ولكن في النهاية، شاء من شاء وأمر من أمر، ولم يسِر الأمر كما كان مخططًا له.

وبعد ذلك قمنا بالبيع على أساس أن شركة بلتون ذات حجم صغير، وتحتاج لتنميتها ما بين 300 إلى 400 مليون دولار.. ولكن ما الذي يدفعني لضخ هذا المبلغ خاصة أنني لن أستطيع تنميتها بالصورة المرجوة، حتى لا يقال إني أتحكم في السوق وما غير ذلك من العناوين الرنانة.

ونقلنا أهدافنا إلى الديجيتال بنك –البنوك الرقمية- فالجيل الجديد بالعائلات جاء من الخارج، وثقافته تركز على الديجيتال وتكنولوجيا المعلومات وتطبيقات التواصل الاجتماعي، لذلك من الممكن أن يعمل في مجال البنوك الرقمية، خاصة أن أوراسكوم المالية لديها حاليا سيولة نقدية من حصيلة بيع بلتون.

فإذا فتح البنك المركزي الباب لترخيص البنوك الإلكترونية وهذا هو المستقبل سيستطيع التقديم للحصول على الرخصة وإنشاء بنك رقمي، فهم يريدون العمل في هذه الأمور، والمفاهيم مختلفة تمامًا فيما يتعلق بالديجيتال بنك، فهو مبني في الأساس على العمالة القليلة، والضوابط الإلكترونية، وكذلك سرعة الإنجاز والتعامل مع العملاء.

لذلك الإسراع بفتح هذا المجال، ومنح التراخيص للشباب الصغير الذي من الممكن أن يجذب شبابًا آخرين، ويمكن أن أشارك معهم بالأموال مع ترك إدارة المنظومة لهم، بما يثمر عن فتح 10 و20 بنكًا إلكترونيًّا، بما يخلق فرص عمل ويكون هناك منافسة.

رضوى إبراهيم: ماذا عن خطط التعاون الجديدة مع مجموعة شيميرا؟

نجيب ساويرس : الأمر ليس كذلك، ولكن بيننا ثقة ومعرفة، فهم لديهم أكثر من كيان تابع، وبالنسبة للكيان الذي يتعامل من القطاع الحكومي ليس لنا علاقة به، ولكن في حال رغبتهم في تنفيذ أي استثمار في مصر عبر شركاتهم الأخرى، يشعرون بالاطمئنان حال دخول أحد من مصر معهم في هذا الاستثمار، ويظنون خطأ أننا نستطيع معالجة البيروقراطية أو التغلب عليها، رغم أن طريقهم قد يكون أسهل إذا جاؤوا بشكل منفرد.

رضوى إبراهيم: ما الذي تخططون له سويًّا حاليًا؟

نجيب ساويرس : لا شيء، فهل من المعقول أن أكشف لك عن ذلك إذا وجد.

رضوى إبراهيم: نطمع في مفاجأة للمؤتمر.

نجيب ساويرس : لا يوجد، ولكننا نشجعهم بقوة.

وحتى نكون صادقين، نعم نحن متعبون بعض الشيء، ولدينا بيروقراطية وبطء في القرار، ولدينا ما يسمى بالموافقات الأمنية وهذه المسائل قد يكون بها تدخلات كثيرة، ولكن من يستطيع الصمود وتحمل كل ذلك ويعمل، فإن نسب الربح لدينا في مصر أعلى من مناطق متعددة كثيرة.

نجيب ساويرس في مؤتمر حابي: أرغب في الاستثمار بالقطاع الزراعي بمصر
رجل الأعمال المهندس نجيب ساويرس خلال فعاليات مؤتمر حابي

رضوى إبراهيم: بكم تتفوق نسب الربحية في مصر عن أسواق المنطقة؟

نجيب ساويرس : بنحو الضعف، فالربحية هنا تمثل ضعف الذي يمكن تحقيقه في أي سوق أخرى، وهذا ثمن للتعب والإرهاق والمناهدة التي يبذلها المستثمر، وقد أن أكون في العمر هذا ليس لدي الاستعداد لهذه المناهدة، ولكن الشباب القادم أجدر على ذلك.

لذلك قمنا بالتسليم للجيل الجديد، فقد قام سميح ساويرس بتسليم شركته لنجله نجيب، كما قمت بالتسليم لنجلي أنسي، حيث إن الجيل الجديد ما زالت لديه طاقة طازجة ويستطيع تحمل مواجهة العقبات كما تحملنا في الماضي.

ياسمين منير: كنا نطمح منذ فترة طويلة في إجراء لقاء صحفي مع أستاذ أنسي رحمة الله عليه للحديث عن فكرة تسليم الثروات للأجيال الجديدة.. لذلك نريد أن نتعرف منك على أهم التوصيات التي تم الحديث عنها خلال عمليات التسليم وأهم النصائح التي وجهتها والمهندس سميح للأنجال من أجل التوسع واستكمال مسيرة نجاحاتكم في مصر.. وبشكل عام ماذا ننتظر من عائلة ساويرس خلال الفترة المقبل؟

نجيب ساويرس : الجيل الجديد من العائلة كان يعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، نجيب سميح كان لديه شركة في كاليفورنيا خاصة بالتعليم عن بعد وعمل فيها وحده دون مشاركة والده، كما أنشأ ابني شركة تسمى HOF في نيويورك، متخصصة في رأس المال لمخاطر –فينشر كابيتال- وتقوم بتمويل الشركات الناشئة في مجالات التكنولوجية، وتم ذلك بالشراكة مع اثنين من زملائه، وهم مصريون أيضًا، ولكن الثلاثة يقيمون هناك.

ولكننا قلنا لهم إنه مع احترامنا لما تقومون به في أمريكا، ولكن لديكم في مصر مميزات لن تجدوها هناك، فلديكم اسم عائلة جيد، وبالتالي لديكم القدرة على النفاذ للسوق، كما لديكم خبرتنا التي نرغب في منحها لكم من أجل تسليمكم للثروات والأصول الموجودة، خاصة أننا لم يعد لدينا استعداد للمثابرة كالسابق، وبالتالي إما أن تأتوا إلى مصر أو سنقوم ببيع الشركات وإنفاق أموالها.

كما أني قمت بتربية ابني كمصري، حيث كان يذهب إلى المباريات ويجلس في مدرجات الدرجة الثالثة، كما يستقل الأتوبيس ولم تكن لديه سيارة.

وبالتالي كان عليهم للعودة ومواجهة المشكلات التي نختبرها، وبالطبع عندما يأتون للعمل هنا نسمع منهم حديثًا ليس جيدًا بالكامل ولكنهم يجب أن يتحملوا معنا ما نشاهده.

رضوى إبراهيم: سأنتقل إلى الذهب.. فمعنا مستثمر من أكبر مستثمري الذهب في إفريقيا، ورغم أن البداية كانت في الخارج بهذا الاستثمار، إلا أنك فزت بعد ذلك ببعض مناطق الامتياز التي طرحتها الحكومة المصرية.. نريد معرفة تطورات هذا الأمر وما الذي تنوي تنفيذه سواء في مصر أو بالخارج على مستوى الاستثمار بقطاع الذهب؟

نجيب ساويرس : نفس الوضع في قطاع الذهب، فقد حصلنا على الامتياز منذ نحو عامين، لكن نواجه صعوبة في الإجراءات الخاصة بالموافقات وقدوم الأجانب للعمل في مصر وإصدار تصاريح الإقامة الخاصة بهم وكذلك تصاريح العمل لهم.

كما أن إجراءات الذهاب لمناطق الامتياز تتطلب الحصول على موافقات أمنية نظرًا لتواجد القوات المسلحة من أجل الأمور الأمنية بها، وهذا بالطبع أمر معروف في أي منطقة، ولكن كل ذلك يستغرق وقتًا طويلًا للغاية، كما أن الموافقات نفسها لم تتعدل لتواكب معدل الإسراع الذي تم في عمليات الإسناد.

أتوقع صعود الذهب من جديد قبل نهاية العام.. وما زال في نظري الملاذ الآمن

وكل هذا التأخير ينعكس في تأخر استخراج الذهب، وهو في النهاية ما نبحث عنه، فعملية الاستخراج ذاتها تستغرق من 3 إلى 5 سنوات، وهذا معروف في أي دولة سواء حديثة أو تتسم بسهولة الإجراءات ما غير ذلك، ولكن عندما يتم التعطيل لمدة عام أو عامين إضافيين فهو أمر غير مفيد.

كما أن الطرح الأول تم في سرعة كبيرة، أما الطرح الثاني فتأخر كثيرًا، وكل تلك فرص ضائعة لأننا في مصر نجلس على منظومة تعدينية جيدة للغاية وقد تكون مصدرًا جديدًا للدخل مثل البترول والغاز.

رضوى إبراهيم: كم حجم الاستثمارات التي قمت بضخها في مصر حتى الآن بهذا المجال؟

نجيب ساويرس : حتى يتم ضخ الاستثمارات نحتاج إلى تسهيل الإجراءات، وقد تم ضخ استثمارات قليلة للغاية حتى الآن لم تتجاوز 10 ملايين دولار حتى الآن.

رضوى إبراهيم: ما هي خططك للاستثمار في الذهب خارج مصر؟

نجيب ساويرس: بالنسبة لشركة لامناشا، فقد تم ضخ استثمارات جديدة في مجال غير الذهب من أجل تقليل الاعتماد على الذهب بعض الشيء، رغم أنه للعلم لم يتراجع بقوة.

فمن يقول إن الذهب انخفض 5 أو 7% ، فإن الجنيه الإسترليني انخفض بنسبة 30% واليورو انخفض أيضًا بنحو 25%، وعندما نقوم بقياس درجة انخفاض الذهب أمام الدولار، نجد أن الذهب يعتبر أفضل ملاذ أمن كما قلت سابقًا.

أوراسكوم كانت مستعدة للمنافسة على أصول كثيرة.. بعضها تم بيعه وأخرى خضعت للتأجيل

وبالتالي أشعر بالراحة حاليًا، فمن وضع أمواله في الإسترليني تراجعت بنسبة 30% وفي اليورو تراجعت بنحو 25%، ومن قام بشراء أسهم فالتراجع عنده بلغ 50%، وبالتالي لا أتقبل أن يقول لي أحد إن الذهب ليس استثمارًا جيدًا، وإذا تراه كذلك لا تضع أموالك به، ولكنني عن نفسي أراه جيدًا.

ياسمين منير: ما هي توقعاتك لتحركات سعر الذهب خلال الفترة المقبلة؟

نجيب ساويرس : الذهب دائمًا ما يظل مستقرًّا لفترة، وبعد ذلك إما يرتفع عاليًا أو ينخفض بقوة، وفي ظل الركود الاقتصادي الذي أتوقعه سيتحرك لأعلى.

فأسعار الذهب لا ترتفع في ظل ارتفاع التضخم، فدائمًا هناك أمران يؤثران على سعر الذهب بالسلب، هما ارتفاع سعر الدولار وارتفاع أسعار الفوائد، ولكن إن كان توقعي صحيحًا وانقلب التضخم إلى ركود سيرتفع سعر الذهب من جديد.

ياسمين منير: ما هو الأجل الزمني الذي تتوقعه لحدوث ذلك؟ وما هي معدلات الصعود التي تتوقعها لسعر الذهب خاصة أن عددًا كبيرًا من المتعاملين يقتدون بتوقعاتك في هذا الشأن؟

نجيب ساويرس : قبل آخر العام، فأنا الذي توقعت سابقًا بلوغ سعر البترول لمستوى 100 دولار في الوقت الذي كان انخفض فيه إلى 30 دولار، وتم التشكيك في ذلك، حتى ابني أنسي دخل معي في رهان ولا يريد سداده هو وشخص آخر، فهم يقولون إنه بلغ مستوى 100 دولار بعد المدة التي حددتها بنحو ثلاثة أشهر أي بعد ١٨ شهرًا بدلًا من ١٥ كمثال، وبالتالي لا يريدون سداد الرهان.

كما أشير إلى أن ارتفاع السعر جاء قبل الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك لمن يقول إن الارتفاع جاء نتيجة للحرب.

رضوى إبراهيم: دائمًا ما تكون صاحب مفاجآت كبيرة.. ومن أحدث مفاجآتك دخول القطاع العقاري في الوقت الذي كان الجميع يؤكد فيه أننا على وشك بلوغ مرحلة الفقاعة العقارية، ولكنك استعنت بشركة أبحاث أكدت استقرار الوضع، ومن الواضح أن توقعاتكم كانت صحيحة.. فهل ما زلت ترى أن القطاع العقاري سيظل خلال الأعوام القليلة المقبلة على نفس وضعه ونفس درجة التفاؤل به.. وهل ما زال يستطيع تحمل توسعات استثمارية كبيرة أم أننا اقتربنا من مرحلة التشبع؟

نجيب ساويرس : لم نقترب من التشبع، فما زالت هناك زيادة سكانية سنوية مهولة ومن أعلى المعدلات في العالم بأكمله، وحتى الآن لم يتم حل مشكلة الإسكان منخفض التكلفة، وبالتالي ما زال هناك طلب على العقار في مصر أعلى من العرض.

كما أن الطلب يرتفع بصورة أسرع من العرض، فالمطور حتى ينتهي من المشروع الخاص به يحتاج إلى 4 أو 5 سنوات حتى يقوم بإتمام عمليات البناء، وخلال السنوات الأربع هذه هناك أشخاص منتظرة.

كما أن الأشخاص وجدوا أن استثماراتهم في العقار مثل الذهب، فلم يشترِ أحد وحدة بمشروع وحقق خسائر عند بيعها.

ولكن الفرق يكمن لمن سيستفيد من هذا الحديث، أن عملية تملك العقار تتم بالتقسيط وبالتالي لا يشعر المالك بالقيمة الإجمالية للوحدة، في حين أنه عند الرغبة في البيع يواجه صعوبة في إيجاد من يستطيع سداد هذه القيمة بصورة فورية.

فلو تم حل عقبات التمويل العقاري، والذي يتيح للموظف شراء وحدة سكنية بقيمة ما، ويتولى البنك تمويل ما يصل إلى 80 أو 90% من ثمن الوحدة، وبالتالي يكون المبلغ المطلوب سداده نقدًا من العميل محدودًا ويمكن سداده من المدخرات، مع سداد القسط من خلال الراتب الشهري، لذلك يجب تفعيل هذا النشاط.

رضوى إبراهيم: من المفترض أن النشاط مفعل.. فما هي التوصية التي ترغب في تقديمها بهذه الجزئية؟

نجيب ساويرس : تسهيل القرار الخاص بالتسليف العقاري، حيث يتم طلب شهادة من الشهر العقاري وشهادات ومستندات أخرى متعددة، فلو تم تنفيذ التحول الرقمي بهذا القطاع سيكون كل شيء مسجلًا، وبضغطة زر يتم معرفة أن كانت الوحدة السكنية مرهونة أو عليها مخالفات بناء، والتأكد من أن العقار جيد وقابل للتمويل.

فلو تم عمل هذا الأمر ستسير الأمور بشكل أسرع وسيتم توفير وقت طويل.

فحن هنا نحتاج لثورة فكرية جديدة تراعي أهمية الوقت ومساوئ البطء في اتخاذ القرار وكذلك المركزية في القرار، وأن هذه الأوضاع لن تصل بنا إلى أي شيء، فالعالم من حولنا مفتوح والجميع قادر على الذهاب إلى أي من المناطق التي ترغب فيها.

ياسمين منير: كان هناك مقترح تم ذكره منذ فترة يتعلق بالرغبة في طرح شركة أورا العقارية في البورصة.. كما كان هناك خطط للاستحواذ على شركات قائمة لديها أراضٍ أو توسعات في إطار خطط تنمية شركة أورا ودعم وضعها التنافسي.

هل الخطط الحالية تشمل التفكير في طرح أورا في البورصة.. أم تتم دراسة الدخول في تحالفات أو تنفيذ صفقات استحواذ؟

نجيب ساويرس : لا نفكر في الاستحواذ، فبديل الاستحواذ أننا قمنا بالبناء من الصفر وأصبح لدينا فريق عمل جيد للغاية اليوم، كما أصبحنا ضمن أكبر 5 شركات عقارية في السوق المصرية خلال 3 سنوات فقط، وبالتالي ليس لدي أي رغبة في إجراء أي صفقات استحواذ.

وبالنسبة للأرض، يجب أن أقول إن وزارة الإسكان والتعمير تتعامل معنا على أعلى مستوى، ولم نطلب أرضًا إلا وقد حصلنا عليها، ونحن من الشركات الملتزمة والتي لم تؤخر أي أقساط وليس علينا أي التزامات متأخرة، لذلك لا يوجد سبب يدعوني للتفكير في الاستحواذ طالما توافرت لدي إدارة جيدة، والأراضي أيضًا متوافرة.

وفيما يخص الطرح في البورصة، فنحن نترقب التطورات، ولكن يجب على البورصة من أجل أن تنمو وتنجح يجب أن تكون مدارة بغير الأسلوب الحكومي القائم.

ياسمين منير: كنت دائمًا مستثمرًا رئيسيًّا في أكبر الكيانات المتداولة في سوق المال على مدار سنوات طويلة.. في حين تعاني السوق المحلية منذ فترة وما زالت تحاول الخروج من عنق الزجاجة.. فما هي توصياتك في هذا الإطار؟

نجيب ساويرس : توصياتي أن تكون هيئة سوق المال مستقلة، وضعي أسفل كلمة مستقلة 3 خطوط، ولن أتكلم أكثر من ذلك.

فالمشكلة في هيئة الرقابة المالية كانت تتمثل في عدم الفهم الجيد للعلاقة مع أصحاب الشركات المدرجة بالبورصة، فهو يعد عميله، في حين أن التعامل كان يشبه ما يتم من ضابط الشرطة الذي يحدد ما يتم فعله من عدمه بعد الرجوع إليه.

كما أن هناك أشياء لم نشهدها من قبل سوى في مصر، مثل التدخل في التسعير عند الشراء والحكم بكونه مرتفعًا أو منخفضًا، فهناك مجلس إدارة قرر يشتري هذا المنتج بسعر ما وبالتالي فأنت هنا تشكك في مجلس الإدارة بالكامل، وهنا يمكن الاحتكام إلى الجمعية العمومية والتي يتواجد بها أصحاب الشركة ولهم حق الموافقة أو الرفض، في حين أن الرقيب ليس من مهامه الموافقة أو الرفض، فهو بذلك أصبحت شريكًا معي في الشركة، وبالتالي لن أضع شركتي في البورصة فلا أرغب في أن أشارك أحدًا دون رضاي.

رضوى إبراهيم: نحن متعشمون خيرًا في إدارة الرقابة المالية الجديدة ومجلسها الذي يضم الدكتور خالد سري صيام الذي يحضر معنا الآن.

نجيب ساويرس : نستبشر خيرًا بالطبع، ومن الجيد أنك متواجد معنا، فنحن نشير فقط إلى أهمية تغيير هذا الفكر، والتحول للتعامل مع المستثمر على أنه عميل وليس عرضة للغرامات والعقوبات.

كما أن هناك أمرًا لا يتم أخذه في الاعتبار، وهو أن أمامي إمكانية طرح شركة أورا مصر ببورصة دبي أو لندن، فلماذا إذًا أضعها هنا في ظل وجود هذه المشكلات التي تجعلني عرضة للغرامات أو التدخلات الإدارية.

ياسمين منير: هل هذا يعني أن قرار طرح شركة أورا مرهون بوجود خطوات إيجابية في سوق المال مثل نشاط الطروحات الحكومية أو الخاصة؟

نجيب ساويرس : يجب أن يكون الرقيب على علم بأنك لست مجبرًا فأنت مخير، وبالتالي تعامل معي بطريقتين أنني عميلك وأنت تريد جذب عملاء أكثر لتنشيط البورصة، والأمر الثاني ألا تكون هناك تدخلات في حق الملكية المحفوظ بالدستور.

رضوى إبراهيم: دعنا نعود إلى شركة أوراسكوم للاستثمار وخططك للاستثمار في إفريقيا وفي مجال الطاقة المتجددة.

نجيب ساويرس : نحن تحدثنا عن هذا الأمر، فقد قلنا إننا نركز على إفريقيا نتيجة لأن الوضع في مصر تنافسي للغاية، وأسعار البيع منخفضة جدًّا، لذلك الشركات التي استثمرت في مجال الطاقة المتجددة في مصر هنا لا تستطيع بيع الطاقة الخاصة بها نظرًا لوجود طاقة زائدة.

رضوى إبراهيم: نريد معرفة الأسواق الإفريقية التي ستبدأ بها؟

نجيب ساويرس : سأذهب للبلاد التي أعمل بها في بمجال الذهب لأن لدي هناك علاقات على أعلى مستوى، ثم نبدأ في استبدال المولدات والطاقة القديمة في شركات المناجم التي أعمل، وبالتالي سأكون وضعت قدمًا في كل بلد، ثم سأتقدم على تراخيص خاصة في بعض الدول، حيث إن هناك بعض الدول التي لديها أيضًا تعقيدات وبيروقراطية ولا تسمح باستخدام الطاقة لنفسك، حيث يجب إدخال هذه الطاقة على الشبكة الخاصة بالحكومة ثم إعادة شرائها مرة أخرى.

فالبلاد التي تسمح بإنتاج الطاقة واستغلالها، على أن نقوم بالتعاقد مع جهة التوزيع فقط هي التي سنذهب إليها في البداية مثل ساحل العاج والسنغال وبوركينا فاسو، ولكن أن ينتهوا من الانقلابات لديهم والاضطرابات السياسية التي تنشط كل أسبوعين.

رضوى إبراهيم: هل بعد هذا التركيز في إفريقيا من الممكن قيد شركة أوراسكوم للاستثمار في إحدى البورصات الإفريقية مثل بورصة جنوب إفريقيا على سبيل المثال؟

نجيب ساويرس : لا، فهي مقيدة هنا في مصر وهذا أمر عاطفي نظرًا لكونها مقيدة بالسوق المحلية منذ فترة طويلة وليس لدي أي استعداد لطرحها في أي منطقة أخرى.

ياسمين منير: هناك أمر أخير نحب أن نختم به اللقاء.. وهو التعرف على أهدافك الشخصية وأبرز أمنياتك في العام الجديد خاصة أنك كثير التحولات ونريد أن نستبق الكشف عن أي جديد؟

نجيب ساويرس : على المستوى الشخصي، لقد قمت بتخفيض عدد ساعات العمل إلى 5 ساعات ولدي أمل كبير أن تنخفض إلى 3 ساعات، وأن أبدأ في الاستمتاع أكثر والحصول على إجازات بشكل أكبر، لأنني لم يعد لدي نفس الرغبة والنشاط للدخول في موضوعات تثير الأعصاب، لذلك أعمل على تنميتي الشخصية، لأن أثمن أمر يمتلكه الإنسان هي السنوات المتبقية من عمره خاصة إذا كان قد مر بشقاء وبذل جهدًا كبيرًا للغاية، لذلك أبحث حاليًا عن المنطقة التي سأقضي فيها إجازتي وأن أطيل من هذه الإجازات بعض الشيء.

الرابط المختصر