حسن حسين: المساواة في المزايا والرسوم والأعباء ضرورة لتحقيق الحياد التنافسي

التعويم الكامل يفترض قدرة السياسات المالية على توفير العملات الأجنبية بالقدر الكافي لاستقرار سعر الصرف

إسلام سالم _ قال حسن حسين الخبير المالي ورئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال، إن هناك أنباء متداولة بشأن الاتفاق مع صندوق النقد وبمقتضاه سيتم ترك سعر الدولار دون تحديد، وطبقًا للعرض والطلب، وهو أمر يفترض قدرة السياسات المالية للحكومة على توفير العملة الخضراء بالقدر الكافي لاستقرار سعر الصرف، ويرتبط ذلك بقيام الحكومة ببيع أسهم من شركات مملوكة للدولة بالسرعة المطلوبة، وزيادة الصادرات.

أضاف حسن حسين في تصريحات خاصة لجريدة حابي، أن الخبرة السابقة مع السياسات المالية وسرعة تنفيذها، سواء بالنسبة للشركات الحكومية أو التصدير، لم تكن إيجابية بالقدر الذي يمنحنا الاطمئنان الكافي على أن سعر الصرف سيتم الحفاظ عليه في المعدلات الطبيعية والمستقرة، وهو ما يمثل الركن الأساسي في السياسة النقدية، أما أن يتم ترك الدولار والتركيز على التضخم فهو أمر يحتاج لحذر شديد.

E-Bank

ضرورة توجيه قرض الصندوق الجديد نحو مشروعات تدر عوائد دولارية

وأكد الخبير المالي ورئيس لجنة البنوك والبورصة بجمعية رجال الأعمال ، أن فكرة ترك الدولار للعرض والطلب، هو ما كان يتم المطالبة به في السابق، على أساس أنه كانت لدينا قدرة كبيرة على تصدير بترول وغاز ومنتجات غير بترولية، بالإضافة إلى إيرادات قناة السويس وتحويلات المصريين في الخارج، وبالتالي يجب قبل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على هذا الأمر، أن يتم التأكد من وجود ما يكفي من الدولار للمحافظة على سعر العملة الوطنية، وهو أمر هام للغاية، وسبق وأن تمت المطالبة بتقليل الطلب على الدولار في السوق المحلية، خاصة أن ذلك يضغط على الدولار بشكل أكبر.

وأوضح أنه يجب محاولة الاتفاق مع الدول المختلفة مثل الهند والصين على التعامل بالعملة المحلية الخاصة بتلك الدول والجنيه المصري، بحيث تكون هناك اتفاقيات دفع بالعملة المحلية واتفاقيات مقايضة سلع مقابل سلع، وهو ما سبق الحديث عنه من قبل.

ثقة المؤسسات الدولية تساعد في إصدار السندات وطرحها في الأسواق العالمية

وأشار إلى أن أهمية الاتفاق مع الصندوق ليست في قيمة القرض، وإنما بشكل أكبر في شهادة الثقة التي يمنحنا إياها، والتي على أساسها تستطيع وزارة المالية أن تتوسع بشكل أكبر في إصدار السندات الدولية وطرحها في الأسواق العالمية، والاقتراض بناء عليها.

وشدد على أن كيفية توظيف القرض سيكون وزير المالية الدكتور محمد معيط معنيًّا به بشكل مباشر، ولكن يجب أن يتم التركيز على تقليل الضغط على المالية من ناحية سداد المبالغ التي يتم اقتراضها، والأمر الوحيد الذي يقلل هذا الضغط هو توجيه المبالغ إلى مشروعات محددة تدر إيرادات دولارية، وتستطيع تسديد استحقاقات الصندوق بالنيابة عن الدولة، وبالتالي يكون هناك تقليل للعبء المالي على وزارة المالية من سداد الأقساط والفوائد، والتي وصلت إلى نسبة كبيرة من الدخل بالفعل.

وطالب بضرورة تقليل عمليات الاقتراض خلال الفترة المقبلة بقدر الإمكان، خاصة أننا وصلنا إلى مستوى عال للغاية من المديونية الخارجية، وهو ما يسبب قلقًا للمؤسسات المالية الخارجية، في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية وما ترتب عليها من تأثر الأسواق الناشئة بالتحديد من عدم إقبال المستثمرين عليها، فعندما اندلعت الحرب قام المستثمرون في الأسواق الناشئة مثل مصر بسحب أموالهم من تلك الأسواق ولم يعودوا حتى الآن، وبالتالي الوضع العام لا يتحمل مزيدًا من الاقتراض، خاصة أن المقرضين ليسوا في وضع مالي يفضل الإقراض للأسواق الناشئة، لأن ذلك يعني بالنسبة لهم زيادة في المخاطر في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي فرضت أعباء كبيرة على الدول الناشئة خاصة فيما يخص الغذاء والبترول، مشيرًا إلى ضرورة الشعور بوجود تقشف حكومي أكثر منه تقشفًا شعبيًّا.

ولفت إلى ضرورة النظر للدول المجاورة وسرعة استصدار التراخيص للشركات بها، وضرورة العمل على الوصول لنفس سرعة استصدار التراخيص لدينا، خاصة أن ما حدث خلال الفترة الماضية هو فتح شركات مصرية عديدة في الأسواق العربية وليست في الأسواق الدولية نتيجة لسرعة استصدار التراخيص هناك دون بيروقراطية.

وقال إن الحياد التنافسي أمر مهم للغاية ويجب أن تعامل الدولة القطاع الخاص والقطاع الحكومي بالمساواة فيما يخص المصروفات والرسوم، خاصة بالنسبة لتكاليف الغاز والكهرباء، وألا يكون هناك تفضيل لجهة معينة مقابل جهة أخرى، وبالتالي الجهة التي يقع عليها الضرر لا تستطيع المنافسة في السوق، فيجب أن يكون هناك تعامل واحد مع جميع الشركات سواء خاصة أو حكومية، فجميعهم يكون لهم نفس المزايا والإجراءات والأسعار دون تفضيل، منوهًا إلى أن الحكومة عن طريق وثيقة سياسة ملكية الدولة تسير في هذا الاتجاه.

طرح الأراضي الصناعية بأسعار مميزة حافز هام لتوطين الصناعات

وبشأن الصيغ المناسبة لقياس مدى الالتزام بتنفيذ ما ورد في وثيقة سياسة ملكية الدولة، أضاف أنه يجب أن يكون هناك جدول زمني واضح بأسماء الشركات التي سيتم طرحها للبيع، سواء لمستثمر استراتيجي أو عن طريق الطرح في البورصة، وأن تتم متابعة هذا الجدول من جميع شركات الاستثمار والعاملين في الأسواق المالية المحلية والخارجية، ما سيفرض نوعًا من الانضباط والسرعة في التنفيذ، وبالتالي سيؤثر ايجابيًّا على سعر الصرف أيضًا، وهو أمر ضروري للغاية، كما أن الحكومة تتحدث عن إفساحها المجال ببعض القطاعات أمام القطاع الخاص، وبالتالي يجب أن يتم ذلك في أسرع وقت ممكن لإرسال رسالة إيجابية للقطاع الخاص والمؤسسات المالية.

وفيما يخص الحوافز المأمولة من الحكومة، أكد أن الحافز الأساسي يكون في الأرض التي يقام عليها أي مصنع، فيجب أن تكون بسعر مميز أو مجانًا للمساهمة في تحقيق طفرة في إنشاء مصانع جديدة، خاصة المصانع التي تستهدف توطين المنتجات، فتلك المصانع ستقلل من الضغط على الدولار، كما أنها ستساهم في زيادة التصدير للدول المجاورة، ما يحقق إضافة كبيرة للاقتصاد القومي، وهذه المصانع يجب أن تحصل على الأراضي مجانًا، كما تحصل على إعفاءات ضريبية، وكل الأمور التي ستجعل المستثمر يبدأ عمله في أسرع وقت ممكن، في ظل الظروف العالمية الصعبة الحالية، وضرورة التوضيح لمجتمع الأعمال موعد إلغاء قرار محافظ البنك المركزي السابق الخاص بوقف استيراد منتجات من الخارج.

الرابط المختصر