مدحت نافع: انفلات الأسعار المشكلة الحقيقية أمام جهود ضبط الأسواق

هاجر عطية _ قال الدكتور مدحت نافع الخبير الاقتصادي ورئيس الشركة العربية للسبائك، إن المشكلة الحقيقية في ضبط الأسواق هي انفلات الأسعار، الناتج عن تفاعلات قوى العرض والطلب، خاصة أن جانبًا من التضخم الحالي مستورد من الخارج، من خلال الواردات وصدمات سعر الصرف وغيره.

وأضاف: إذا كانت هناك وسيلة لضبط الأسواق في ضوء القوانين المتاحة فإنه يجب تنفيذها، مع الانتباه إلى ضرورة ألا تكون العقوبة معوقة لآليات السوق وخصوصًا العرض والطلب، منعًا لحدوث أزمات.

E-Bank

مجتمع الأعمال غير معني بأداء المؤشرات بشكل مباشر

أشار مدحت نافع في تصريحات لجريدة حابي، إلى أن توصيات مجتمع الأعمال على مستوى مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي تختلف عن توصيات مجتمع الأكاديميين والمتخصصين، موضحًا أن مجتمع الأعمال يريد أن يكون الاقتصاد في حالة تشغيل وغير معني بأداء المؤشرات بشكل مباشر، وتحديدًا مؤشرات النمو.

وأكد أن تباطؤ نمو الاقتصاد في الولايات المتحدة الأمريكية وتبعاته، مع التوقعات شبه اليقينية بحدوث تباطؤ في عام 2023 ـ 2024 سيكون له تبعات على العالم كله وعلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وقال إن مجتمع الأعمال حتى وإن لم يكن متخصصًا في هذا الجانب فهو يهدف إلى ضبط الإنفاق من قبل الحكومة، إضافة إلى الرشادة في تحصيل الإيرادات الضريبية، والابتعاد عن جني الأموال أيًّا كانت العواقب حتى لا يتضرر النشاط الاقتصادي، كما يجب محاصرة التضخم باتباع سياسات نقدية منضبطة وسياسات مالية بها قدر من ترشيد الإنفاق، خصوصًا الانفاق الذي لا يؤدي إلى تشغيل حقيقي وإنما يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي دون طائل.

توقعات بمزيد من التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن السياسة النقدية تتخذ بعض القرارات من أجل امتصاص فائض السيولة من السوق من خلال التعامل الهادئ مع تقلبات سعر الصرف بشكل مدار، وبشكل فيه تحكم وعدم المفاجأة من خلال بعض المبادرات التي انطلقت من الحكومة، منوهًا إلى أن القيادة الجديدة في البنك المركزي المصري لها دور في مسألة الجمارك على السيارات وخلافه، إضافة إلى اتخاذ إدارة المركزي قرارًا بوجود منتجات دولارية جديدة في البنوك الرئيسية أو في بنكي مصر والأهلي تحديدًا، مقترحًا أن يكون لها نظير في شهادات باليورو.

وأكد نافع، أن قضية التوظيف والقضاء على البطالة تعتبر قضية مركبة، لكونها مرتبطة أيضًا بالعملية التعليمية التي تحتاج إلى إعادة النظر في التعليم المهني والفني الذي تحتاج إليه سوق العمل، مشيرًا إلى أن الكثير من الوظائف التي تحتاج إليها سوق العمل يضطر القطاع الصناعي إلى استيرادها من الخارج لعدم توافرها في مصر.

الهدف الأهم هو ضبط الإنفاق الحكومي والرشادة في تحصيل الضرائب

وتوقع رئيس الشركة العربية للسبائك، أن يكون هناك تشديد نقدي، والمزيد من رفع أسعار الفائدة خصوصًا أن البيان الأخير من البنك المركزي يؤكد أنه ما زال في انتظار ثمار 300 نقطة التي تم رفعها في سعر الفائدة، وما زالت تؤتي ثمارها في السوق، مشيرًا إلى أنه بمجرد ملاحظة توقف هذه النتائج سيقدم المركزي على مزيد من رفع أسعار الفائدة، طالما أن التضخم يبتعد كثيرًا عن المستهدف.

وطالب مدحت نافع ، بوجود سياسات مرتبطة بتسهيل الاستثمار، مشيرًا إلى أن تعدد جهات الولاية على الأراضي تعد مسألة مربكة للمستثمرين، إضافة إلى تعدد التراخيص، وحتى بعد استحداث فكرة الرخصة السريعة والرخصة المؤقتة لا يزال أمام المستثمر شوط كبير ليقطعه لاستخراج الرخصة النهائية، منوهًا إلى تخوفاته من أن تكون الرخصة المؤقتة فخًّا يدخل من خلاله المستثمر ثم لا يستطيع أن يستخرج الرخصة النهائية إلا بشق الأنفس، فيكون أمامه خيار الاستمرار إلى أن يتخارج، كذلك مسألة حقوق الانتفاع يجب أن تكون متاحة خصوصًا في الاستثمار الإنتاجي وبالذات الاستثمار الصناعي، وأن تكون على فترات طويلة جدًّا وبأسعار رمزية، وأن تقوم الدولة بعملية الترفيق لأن الكثير من المشروعات الصناعية الآن تحبط وتنتهي في بدايتها، لأن تكلفة توصيل الكهرباء إلى المصانع ومد الكابلات ونقل الكهرباء يمكن أن تكون أعلى من التكلفة الاستثمارية للمشروع، وهو ما لا يشجع على الاستثمار.

وأكد الخبير الاقتصادي ورئيس الشركة العربية للسبائك، أنه لن يكون هناك حياد تنافسي إلا عندما يتقلص دور الدولة في الأسواق إلى أقل مستوى ممكن، وتهتم الدولة بالمرافق والأنشطة التي يعزف عنها القطاع الخاص كما هي الحال منذ القدم في الأسواق الرأسمالية، وأن يطرق القطاع الخاص أهم أدوات الأسواق التي يؤدي وجود الدولة فيها إلى الإضرار بها، وهي أداة التنافس الحر والسعي إلى الربحية، مشيرًا إلى أن الدولة لا تسعى إلى الربحية ولا تتنافس بعدالة، كما أن وجودها يربك الأسواق، مشيرًا إلى ضرورة الالتزام بوثيقة ملكية الدولة وتقليص بعض الأنشطة وفقًا للتوصيات التي تم تقديمها لرئيس الوزراء، ومنها أنشطة التأمين وبنوك الاستثمار وغيرها والتي يجب أن تبتعد الدولة عنها تمامًا.

الحياد التنافسي يتحقق بتقلص دور الدولة في الأسواق إلى أقل مستوى ممكن

وأشار إلى ضرورة أن تخضع المرافق لجهات رقابية وتنظيمية مستقلة، لضمان التعامل بالمثل بين كل الشركات المملوكة للدولة والقطاع الخاص، لافتًا إلى أن أهم المشكلات في قطاع إنتاج الصناعات المعدنية متعلقة بالمرافق، خاصة الكهرباء التي يجب توافرها بأسعار مناسبة، وحتى يحدث ذلك يجب دخول القطاع الخاص في أنشطة توليد وتوزيع ونقل الكهرباء، وبالفعل فإن وجود بعض الشركات في هذا المجال ظهر واضحًا في المناطق الصناعية، حيث يخفض كثيرًا من فاتورة نقل الكهرباء للمصانع بشكل دراماتيكي، والمشكلات المتعلقة بالدولار لشراء المواد الخام بالنسبة لبعض الصناعات، وليس الصناعات المعدنية تحديدًا، لكن في الصناعات الأخرى، أما بالنسبة لمصانع السبائك فإن المصانع الجديدة تكون بحاجة إلى استيراد خطوط إنتاج.

ولفت مدحت نافع ، إلى ضرورة وجود آلية للمتابعة والمراقبة، على أن تكون هذه الآلية من خلال مركز معلومات مجلس الوزراء، وأن يتم وضع مؤشرات للأداء ومؤشرات تضمن تخارج الدولة خلال ثلاث سنوات على الأكثر في المجالات التي ستحدد التخارج منها، وأن تتم عملية التخارج بشكل يحقق عائدًا مرتفعًا للبلد، ومن ثم يجب تنشيط البورصة بشكل كبير لأنها المنصة الأهم لتحديد أسعار عادلة لتخارج الاستثمارات.

الرابط المختصر