شريف الصياد: الاستثمار بهدف التصدير مفتاح الخروج من الأزمة
القرض لا يسد الفجوة ولكن يمنح مصر جدارة ائتمانية
شاهندة إبراهيم _ قال المهندس شريف الصياد ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، ورئيس مجلس إدارة شركة تريدكو المتخصصة في المكونات المغذية لتصنيع السيارات، إن قيمة القرض الذي ستحصل عليه مصر من صندوق النقد الدولي غير كافية لسد الفجوة التمويلية، سواء كانت قيمة القرض 3.5 مليارات أو 5 مليارات أو حتى 9 مليارات دولار، مشيرًا إلى أن قيمة البضائع التي من المقرر الإفراج عنها من الموانئ فقط تقدر بنحو 3 إلى 4 مليارات دولار.
ولكنه اعتبر أن القيمة الحقيقية لقرض صندوق النقد الدولي تتمثل في منح مصر جدارة ائتمانية، وإبراز قدرتها على رد هذا القرض وأعبائه، مما يعطي طمأنينة للمستثمرين.
معدلات التضخم قد تصل إلى 25% وزيادة مرتقبة في أسعار السلع
وشدد على ضرورة تنشيط مصادر النقد الأجنبي خلال المرحلة القادمة بما يتلاءم مع حجم قدرات مصر وإمكانياتها ومكانتها الكبيرة، مقترحًا وضع خطة زمنية مدتها 5 سنوات لسد الفجوة التمويلية القائمة، وقال: «لا نستطيع ملء هذه الفجوة اليوم ولا نقدر على القفز بدخل السياحة مثلًا من 10 مليارات دولار إلى 50 مليارًا دفعة واحدة، كما لا نستطيع القفز بحجم الصادرات من 30 مليار دولار إلى 100 مليار مرة واحدة، رغم أن هذا الرقم الأخير متواضع نسبيًّا بالنظر إلى حجم مصر وإمكانياتها البشرية والإنتاجية».
وتوقع زيادة معدلات التضخم بقوة خلال الفترة القادمة، مع حدوث انكماش للقدرة الشرائية، مشيرًا إلى أن قرار رفع الفائدة البنكية قد يدفع الأفراد إلى حد كبير لاستثمار أموالهم في الودائع، مما يقلل السيولة في السوق.
وتابع: لو توافرت السلع فإن سعرها سيرتفع فقط بقيمة ارتفاع الدولار، ولكن إذا لم تتوافر السلع مع عدم وفرة الدولار فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث تضخم مضاعف مدفوع بارتفاع الدولار وندرة السلع، ولذلك يتعين توفير المنتجات لإحكام السيطرة على التضخم. وأشار إلى أن التضخم متوقع له الارتفاع من 15 إلى 20% وقد يصل إلى 25%.
وفيما يخص توقيت انفراج أزمة تكدس الواردات في الموانئ، أشاد المهندس شريف الصياد بقرار البنك المركزي رفع الحد الأقصى للشحنات المستثناة من قواعد العمل بالاعتمادات المستندية، إلى 500 ألف دولار بدلًا من 5 آلاف دولار، متوقعًا صدور المزيد من القرارات التي تؤدي لتسهيل إجراءات الاستيراد، والإفراج عن الرسائل المحتجزة بالموانئ.
وقال: خلال شهرين وليس أكثر سيتم حل مشكلة الاعتمادات المستندية بالكامل وفقًا لما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في تصريحات إعلامية سابقة.
وحول خطط الشركة للتعامل مع التحديات الراهنة والانخفاض الذي شهده الجنيه، توقع الصياد زيادة أسعار المنتجات بنسب قد تصل الى 20% خلال 3 أشهر، بسبب ارتفاع أسعار المكونات والخامات مستوردة، لكنه أشار إلى أن هذا الزيادات في أسعار المنتجات ستظهر تدريجيًّا، وليست دفعة واحدة مع الأخذ في الاعتبار بانخفاض القدرة الشرائية لدى المستهلكين. كما توقع اتجاه معظم الشركات إلى خفض طاقاتها الإنتاجية، وبالتالي تقلص ربحيتها بسبب انخفاض المبيعات.
وأشار أيضًا إلى تأثر أوضاع العمالة خلال الفترة القادمة، لأن أغلب المصانع تفكر في تقليل تكلفة العمالة، من خلال إلغاء الحوافز مثلًا، وإمكانية تخفيض المرتبات بحيث يتحمل الجميع فاتورة الظروف الراهنة.
وتابع: إن الشركات يمكن أن تتحمل الخسائر لمدة شهرين أو 3 أشهر أما أكثر من ذلك فستكون هناك صعوبة، وقد لا تستطيع بعض الشركات الاحتفاظ بالعمالة الخاصة بها.
وفي سياق آخر، قال إن الشركات سوف تحجم عن التمويل بشكل عام خلال الفترة القادمة، مع ارتفاع أسعار الفائدة وفي الوقت نفسه فإن السوق تنكمش، مما يشير إلى ضعف احتمالية توجه عدد كبير من الشركات للتمويل، خصوصًا في حالة لو كان التمويل بغرض التوسعات، أما التمويل الأساسي لاستيراد الخامات فستكون هناك إمكانية كبيرة للإقبال عليه، ولكن سيكون منخفضًا جدًّا. وأضاف: «لا أعتقد أن أي شركة سوف تضع خطة للنمو الخاص بها خلال الشهور القليلة المقبلة”.
وحول الخطط التوسعية للشركة، أوضح الصياد، أن شركته تتبنى بالفعل خططًا توسعية سبق الاتفاق عليها من قبل، ومن الصعب التراجع عنها في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أنه يتم تدشين مصنعين جديدين، الأول للغسالات والآخر للبوتاجازات، مؤكدًا على أن شركته سوف تكمل العمل في مشاريعها الجديدة.. وقال: «لو كنا الآن في مرحلة التفكير بهذه المشاريع لقررنا تأجيلها لمدة شهرين أو 3 أشهر لحين وضوح الرؤية ولكننا تخطينا هذه المرحلة”.
واختتم رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، حديثه مقدمًا 3 نصائح للحكومة في هذه الفترة، أولها التصدير فهو الحل السريع جدًّا لخروج مصر بشكل جزئي من هذه الأزمة.
وتابع: ضرورة صرف مستحقات المصدرين مع عدم الإشارة لبرنامج دعم الصادرات، ولكن عبر جدولة القديم على مدة تصل إلى 3 – 4 سنوات، والصرف من الجديد مثلًا من شهر نوفمبر، لخلق الحماس لدى المصدرين لزيادة الصادرات.
والنصيحة الثالثة تتعلق بمراعاة البعد الاجتماعي للفئات الأكثر تضررًا من ارتفاع الدولار والأسعار بشكل عام، مشيرًا إلى إمكانية اضطرار بعض المصانع لتسريح عمالة أو تخفيض المرتبات، ويكون دور الدولة هنا من خلال دعم الكهرباء أو المياه أو السلع التموينية.
وشدد على ضرورة جذب الاستثمارات بغرض التصدير، مشيرًا إلى أن الصناعات الهندسية يتواجد بها 5 شركات تمثل تقريبًا نحو 80% من حجم صادرات القطاع الهندسي، وأغلبها ينتمي لشركات متعددة الجنسيات أو عالمية.
وقال: لو أن كل قطاع استطاع اجتذاب شركة عالمية واحدة بغرض التصدير، لتضاعفت قيمة صادرات مصر في عام واحد لتحقق 60 مليار دولار بدلًا من 30 مليارًا.