كريم سعادة: الاستثمار في مشروعات قومية إنتاجية.. كلمة السر لاقتصاد أكثر استقرارا

اتفاق صندوق النقد شهادة مهمة لفتح مجالات أكبر للاقتراض وحماية تصنيف إصدارات الدين المحلية

ياسمين منير ورضوى إبراهيم _ قال كريم سعادة ، رئيس شركة الأهلي كابيتال -الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري- إن التنمية تمثل كلمة السر في تحسن الوضع الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، من خلال التركيز على خلق مشروعات قومية كبرى في المجالات الإنتاجية المختلفة وفي مقدمتها الصناعة والزراعة، بما يدعمك على القدرة على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية على حد سواء، وكذلك سد الاحتياجات الداخلية وتحقيق مستهدفات التصدير.

الرهان على الاستثمار أولوية لضمان إيجاد حلول جذرية تحمي الاقتصاد من التعرض لأي هزات مستقبلية

E-Bank

وأضاف سعادة لجريدة حابي أن كل الإجراءات التي تم اتخاذها خلال الفترة الأخيرة على صعيد السياسة النقدية والاتفاق مع صندوق النقد الدولي وما تزامن معهما من إجراءات إصلاحية وحزم مساندة اجتماعية، يمثل خطوات ضرورية ومؤثرة لمواجهة التحديات الاقتصادية في الأجل القصير، بينما يكون الرهان على الاستثمار لضمان إيجاد حلول جذرية تحمي الاقتصاد المصري من التعرض لأي هزات مستقبلية.

وأكد أن اتفاق التمويل مع صندوق النقد الدولي يمثل شهادة في غاية الأهمية خلال هذه المرحلة رغم محدودية قيمة التمويل المرتقب مقارنة بالاحتياجات التمويلية الحالية، لكنه سيفتح المجال للاقتراض من جهات ومصادر تمويل مختلفة، وكذلك يحمي من احتمالات خفض التصنيف الائتماني لإصدارات الدين المحلية.

أسلوب تمويل توسعة قناة السويس قابل للتكرار في مشروعات إنتاجية أخرى لسد الاحتياجات المحلية

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأشار كريم سعادة إلى أهمية توجيه الأموال المقترضة لإطلاق مشروعات إنتاجية قادرة على توليد عوائد مستمرة وخلق فرص توظيف، على غرار ما تم في مشروع توسعة قناة السويس وحفر التفريعة الجديدة، مقترحًا جمع السيولة من المصريين والأجانب على حد سواء للمشاركة في تمويل مشروعات مدرة للعوائد وقادرة على سد الاحتياجات الداخلية أو التصديرية.

وأكد أن تنشيط حركة الاستثمار يتطلب إجراءات متعددة لتحسين المنظومة بشكل عام، على صعيد الضرائب والجمارك وتوافر المواد الخام وباقي العناصر المؤثرة في بيئة الأعمال، بما ينعكس إيجابًا على الشهية الاستثمارية للمصريين والأجانب، خاصة أن الطرفين في حالة ترقب حاليًا، كما أن ثقة الاستثمارات الأجنبية تتأثر بدرجة إقبال الاستثمارات المحلية.

منظومة الاستثمار تحتاج إلى تعديلات محفزة على صعيد الضرائب والجمارك وتوافر المواد الخام ومناخ ممارسة الأعمال

وقال: «الاستثمار الأجنبي له أهمية خاصة خلال هذه الفترة في ظل الاحتياج إلى العملة الصعبة لكن الاستثمار بشكل عام سواء محلي أو أجنبي قادر على توليد النمو والتنمية الاقتصادية المطلوبة، خاصة مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية التي تستحوذ على نسبة كبيرة من احتياجات مصر الدولارية مثل الغذاء وخاصة زراعة القمح».

واقترح سعادة إقامة مشروع استصلاح زراعي على مساحة أرض كبيرة لزراعة القمح على غرار مشروع إنتاج السكر الذي تشارك فيه الأهلي كابيتال مع مجموعة الغرير الإمارتية، لافتًا إلى أن تكلفة استيراد الاحتياجات المحلية من القمح ستلتهم نسبة كبيرة من الإيرادات الدولارية لمصر بما قد يعادل الإيرادات السنوية لقناة السويس، الأمر الذي يتطلب الإسراع في سد هذه الفجوة، خاصة في ضوء الجهود التي تمت بملف المياه على مستويات متعددة مثل مشروعات تحلية المياه وتقليل الهادر في الري الزراعي.

إنتاج الغذاء أصبح أمنًا قوميًّا.. وأقترح إطلاق مشروع استصلاح ضخم مع القطاع الخاص لزراعة القمح

وقال: «الأمر يتطلب البدء في تغيير الفكر القائم على تشجيع الفلاح لزراعة القمح إلى توفير رقعة زراعية شاسعة تضمن تأمين هذا الاحتياج في أسرع وقت ممكن».

وأكد رئيس شركة الأهلي كابيتال أن الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم خلال هذه المرحلة أطاحت بالمفاهيم الاقتصادية المتعلقة بالتكامل الاقتصادي بين الدول والتركيز على إنتاج سلع أو خدمات محددة تتمتع بميزة تنافسية مع توفير باقي الاحتياجات من الأسواق الخارجية، مشيرًا إلى أن الوضع الجديد أثبت ضرورة توفير كل الاحتياجات الأساسية للدولة حتى إذا تم ذلك بتكلفة أعلى من المتاحة عالميًّا، وذلك تحوطًا من أي اضطرابات أو حروب قد تؤثر على حركة الإمداد خاصة في الاحتياجات الأساسية وفي مقدمتها الغذاء.

الأهلي كابيتال تقود مباحثات مع جهات استثمارية متنوعة لطرح أفكار مشروعات كبرى تتم تحت رعاية الدولة

وأضاف: «الصناعات الزراعية من أهم المجالات حاليًا نظرًا لكونها أمنًا قوميًّا، وكذلك الزراعة والمشروعات اللوجيستية والصوامع والصناعات المختلفة التي تؤثر في ميزان الواردات المحلية بما يقلل من حجم الطلب على الدولار، مع ضرورة حشد الجهود الاستثمارية المحلية مثل البنوك وشركات الاستثمار مع الصندوق السيادي المصري لخلق كيانات متخصصة مثل الصناديق والمنصات لجمع الاستثمارات الخارجية وجذب المستثمر الاستراتيجي المطلوب بكل مشروع.. وشركة الأهلي كابيتال ترى أن عليها دورًا كبيرًا في هذا الشأن حاليًا».

وكشف سعادة عن مباحثات جارية مع جهات استثمارية متنوعة لطرح أفكار مشروعات قومية تتم تحت رعاية الدولة ورئاسة الجمهورية، بهدف حشد جهود الأطراف ذات الخبرة في جمع الاستثمارات والذين لديهم القدرة أيضًا على الدخول كشركاء في المشروعات المستهدفة.

ترقب استقرار سعر الصرف سيد الموقف.. وتوافر العملة هو المتحكم الرئيسي في ارتفاعات التضخم والإفراج عن الواردات

وأكد أن إيجاد مساحة لتحقيق مكاسب لكل الأطراف سيمثل عامل دفع قوي لتنفيذ هذه المشروعات خاصة أنها باتت مسألة أمن قومي يتطلب مشاركة واسعة من مختلف الأطراف لجذب استثمارات طويلة الأجل قادرة على إحداث التنمية والاستدامة، خاصة في حال توافر دعم من السلطة السياسية لتذليل أي عقبات قد تظهر خلال مراحل التنفيذ.

وقال سعادة: «الأمر ليس صعبًا، ولكن يحتاج فقط إلى رؤية للأولويات والاحتياجات التي تؤثر على الأمن الاقتصادي لمصر، خاصة أن الخطوات التي ستتم حاليًا ستؤثر في الوضع الاقتصادي بعد عدة سنوات، لذلك علينا الاستفادة بقوة من الإجراءات الحالية في خلق البنية الإنتاجية المطلوبة لاستقرار الأوضاع، وبما يوفر لمسؤولي السياسات النقدية والمالية الأدوات اللازمة لإدارة ملفات النمو والتضخم بصورة سلسة بعيدًا عن التحديات التي تدفع تجاه قرارات اقتصادية صعبة وإن كانت ضرورية مثل الوضع الحالي».

وعلى صعيد توقعات معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة، رجح سعادة أن تشهد الأسواق موجة من ارتفاع أسعار المختلفة على أثر تحرير سعر الصرف، مشددًا في الوقت نفسه على أهمية دور الجهات الرقابية في هذه المرحلة للسيطرة على المغالاة في التسعير لحين استقرار سعر صرف الدولار، والذي يتطلب بدوره توافره بالصورة الكافية عبر مصادر النقد الأجنبي المختلفة.

وقال سعادة: «الترقب ما زال سيد الموقف لدى مختلف جهات الاستثمار للتعرف على السعر العادل للدولار.. وهو الأمر الذي سيتحدد عند توافر الدولار بالبنوك بالمستوى الذي يلبي احتياجات السوق.. وهذا الوضع سيؤثر بدوره على سرعة الإفراج عن الواردات بالموانئ وعلى حركة الاستثمار بصورة عامة».

وتابع: «الإجراءات والحلول التي اتخذت من البنك المركزي جيدة جدًّا لمواجهة التحديات الحالية.. ويتبقى العمل على جذب الاستثمار المنتج طويل الأجل لتحسين هيكل الاقتصاد كمطلب حيوي ورئيسي، خاصة أن الرهان على السياحة قد يتأثر بعوامل خارجية متعددة بجانب المنافسة الشرسة بين الدول، ولكنه يظل أيضًا أحد مصادر النقد الأجنبي الهامة الواجب التركيز عليها حاليًا بجانب تحويلات العاملين في الخارج».

الرابط المختصر