شريف سامي: المصداقية البيئية للمشروعات سبيل استقطاب التمويل الأخضر
720 مليار دولار إجمالي إصدارات السندات والقروض والاستثمار الأخضر عالميا
رنا ممدوح _ أوضح شريف سامي ، رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي والرئيس الأسبق للهيئة العامة للرقابة المالية، أن مصر على مدى السنوات الثلاث الماضية، بدأت عدة خطوات للتأكيد على اهتمامها بالتمويل للمشروعات المتوافقة مع البيئة.
وقال إن هذا يتمثل في إصدار وزارة المالية أول سندات دولارية خضراء، وتلاه إصدار أول مؤسسة مالية من القطاع الخاص – البنك التجاري الدولي سندات خضراء.
وحرصت وزارة التخطيط على إبراز المكونات الخضراء من ضمن الاستثمارات العامة لموازنة الدولة. وبالإضافة لذلك بادرت الهيئة العامة للرقابة المالية بصفتها جهة الإشراف والتنظيم لسوق المال بإصدار الشروط المطلوب استيفاؤها محليًّا لاعتبار أي أداة دخل ثابت أو صكوك أو صناديق استثمار يمكن أن تصف نفسها بأنها «خضراء»، كما عملت الهيئة على تعديل اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال لتحديد متطلبات السندات المتخصصة في مجالات الاستدامة.
سواحلنا الممتدة وبحيراتنا ونيلنا تعزز فرص التمويل الأزرق بمصر
وأشار شريف سامي إلى أن تعظيم الاستفادة من التمويل الأخضر والذي ظهر لأول مرة في العالم عام 2007 بإصدار سندات خضراء من قبل البنك الأوروبي للاستثمار، أصبح اليوم يمثل سوقًا لا يمكن إهمالها، حيث بلغت قيمة إجمالي السندات والقروض والمساهمات الخضراء عالميًّا نحو 720 مليار دولار.
ولفت أنه حصلت على الحصة الأكبر منها مشروعات الطاقة المتجددة تليها مشروعات تخفيض انبعاثات الكربون بالمباني ووسائل النقل.
واستحدث منذ عدة سنوات التمويل الأزرق المتعلق بالبحار والمحيطات والبحيرات والأنهار والثروة السمكية، كنتاج لقلق العالم من التأثيرات المناخية ومعاناة البيئة من زيادة الانبعاثات والاستخدام غير المسؤول لموارد الطبيعة.
وأوضح شريف سامي أن شواطئ مصر الممتدة على البحرين المتوسط والأحمر وبحيراتها ومن قبلها نهر النيل الممتد لأكثر من 1500 كيلومتر داخل الحدود المصرية.
أضاف: لما كانت مصر لديها فرص متعددة لجذب مثل تلك التمويلات والاستثمارات في ضوء تنوع اقتصادها ومتطلبات تحسين جودة الحياة والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة والتعامل مع المخلفات والارتقاء بمنظومة النقل وتبني أفضل الممارسات في المجتمعات العمرانية الجديدة، يصبح التحدي هو أهمية الدراسة الموضوعية لتلك الفرص والتأكيد على المصداقية المستمرة للالتزام البيئي لكل مشروع أثناء التنفيذ وما يليه من فترة تشغيل ممتدة.
الغسل الأخضر أو الكتمان الأخضر ينسفان مصداقية أي سوق لاستقطاب التمويل والاستثمار
فلا يوجد أسوأ من أن يكتشف الممولون أو المستثمرون أنه على أرض الواقع بعض تلك المشروعات غير ملتزمة بالشروط البيئية التي أعلنت عند الترويج لها التزامها بها وهو ما يعرف بظاهرة الغسل الأخضر (Green Washing)، أو أن تكون إفصاحاتها اللاحقة في هذا الصدد مضللة أو تنقصها الشفافية أو ما يعرف بالكتمان الأخضر ( Green Hushing ) ، وهو ما سينعكس سلبًا على مصداقية السوق المصرية ويحد من استقطابها لرؤوس أموال لاحقًا.
فيما يتعلق بما يمكن أن تجنيه مصر من استضافة قمة المناخ، نوه سامي عن أنه علينا أن نعي بأن هذا الأمر له عدة محاور. أولها دبلوماسي ويستهدف تعزيز دور مصر على الساحة الدولية والإفريقية؛ لكون هذه القمة ذات اهتمام خاص بإفريقيا وأننا شركاء فاعلون في ملف الاستدامة وتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة ( SDG ) التي تتبناها الأمم المتحدة. ثانيها اقتصادي، حيث تزيد من اهتمام المؤسسات الدولية وصناديق الاستثمار بتمويل مشروعات خضراء أو زرقاء بمصر، سواء في صورة منح أو مساعدات فنية أو قروض والأهم طبعًا استثمار مباشر، وأن يكون لمصر وزن نسبي أكبر في محافظها.
الاختبار الحقيقي هو استمرارية الاهتمام بملف التمويل الأخضر بعد قمة شرم الشيخ
أما ثالثها التأكيد على قدرة مصر على تنظيم فعاليات عالمية –بافتراض أن الأمور ستسير بشكل جيد- وعلى أنها من الناحية الأمنية استضافت أعدادًا كبيرة من الوفود الرسمية ومن منظمات العمل المدني والأعمال، مما يعد ترويجًا اقتصاديًّا وسياحيًّا مهمًّا.
ونوه أن رابع أوجه الاستفادة التي علينا البناء عليها يتمثل في الزخم الإعلامي المحلي الكبير الذي شهدناه على مدى الأشهر الماضية تمهيدًا لانعقاد القمة، ومما لا شك فيه أن التوعية لدى الرأي العام زادت نسبيًّا فيما يخص قضايا المناخ والاحتباس الحرارى وتأثيرها الضار ووجوب التعامل معها، وعلينا عدم إغفال أهمية مواصلة هذا الاهتمام داخليًّا بعد أن ينفض هذا التجمع العالمي الكبير.