حابي – يبحث البنك التجاري الدولي (CIB) سبل إطلاق أكاديمية متخصصة في التمويل المستدام علي نطاق دولي.
وبحسب بيان صحفي للبنك، اليوم، يستهدف CIB من خلال الأكاديمية دمج مفاهيم العمل المناخي والتوعية بها مع المنظومة التعليمية والتدريبية التابعة للقطاع المصرفي، فضلا عن سد فجوة التوعية بأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
أطلق البنك هذه المبادرة، خلال حلقة نقاشية بعنوان “التعليم من أجل التنمية المستدامة” التي أدارها CIB على هامش مؤتمر المناخ COP 27 في يوم المجتمع المدني الموافق 15 نوفمبر، تحت شعار “COP 27 شرم الشيخ: من إفريقيا إلى العالم”.
وقالت
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة داليا عبد القادر، رئيس قطاع التمويل المستدام في CIB، “أنه على الرغم من تأسيس أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بموجب اتفاقية باريس التي تم عقدها خلال مؤتمر الأطراف COP21 في عام 2015، والتي ألزمت الدول الموقعة بمجابهة التغيرات المناخية، إلا أن العالم لا يزال يمر بتطورات ملحوظة حيث ارتفعت درجات حرارة الأرض بصورة كبيرة خلال الأعوام الخمس الأخيرة”.
وأضافت أن منحنى ظاهرة الاحتباس الحراري يشير إلى وجود فجوة كبيرة في الأنظمة الموجهة للحد من آثار التغيرات المناخية على مستوى العالم، ومن بينها: المنظومة التعليمية التي لا تزال تعتمد على مفاهيم القرن العشرين التي جزأت المعرفة إلى جزر منعزلة من مناهج متخصصة مستقلة تفتقد المنظور الشمولي و التفاعل الحيوي System Thinking”” و الذي هو أساس الاستدامة.
وتابعت: “بناء على ذلك، سنجد أن الخريجين الحاصلين على شهادات العلوم المالية ليس بالضرورة لديهم أي دراية علمية أو معرفية بالمعايير البيئية وقوانين حماية البيئة، وهو ما يؤدي بدوره إلى استقطاب المؤسسات المالية سنويًا آلاف الخريجين الذين يفتقدون الإلمام بتطبيق معايير وممارسات التنمية المستدامة التي يطلبها العمل بالقطاع المصرفي التزاما بإرشادات و تعليمات البنك المركزي المصري الخاصة بالتنمية المستدامة”.
وأضافت عبد القادر: “ومن هذا المنطلق حرص CIB على سد هذه الفجوة، من خلال تطوير مؤسسات ووحدات تعليمية شاملة تتضمن مناهجها التعليمية المعرفة العلمية والعملية بمعايير وممارسات التنمية المستدامة”.
ومن أبرز المحاور التي تناولتها الحلقة النقاشية “هل تحقق الأنظمة التعليمية السائدة في القرن 21 متطلبات أهداف التنمية المستدامة؟”. وفي هذا الإطار، قال الدكتور ديفيد أور، أستاذ الدراسات البيئية بكلية باول سيرز التابعة لكلية أوبرلين، إن تغيير الأفكار والمفاهيم له أولوية كبيرة على تغيير السياسات الاقتصادية والأنظمة التكنولوجية من أجل معالجة أزمة التغير المناخي المتفاقمة، مؤكدًا أن هذا التغيير يتطلب تطوير أنظمة التعليم.
من جانبه، أشار الدكتور جوناثان بيدلي، عميد كلية هينلي للأعمال بإفريقيا، إلى وجوب تركيز الشركات والجامعات وكليات إدارة الأعمال الإفريقية على تبني فكرة تحقيق النهضة الإفريقية والرخاء المشترك، بدلا من التركيز على الربحية فقط.
وأكد أن الاستثمارات الرأسمالية القائمة على تحقيق الربح فقط تتكبد تكاليف باهظة للغاية، حيث أن مردود القضايا الملحة مثل الفقر والإقصاء والتغير المناخي وغيرها ستنعكس سلبًا بكل تأكيد على الجميع وستؤدي مستقبلاً إلى عواقب غير محمودة.
وأضاف بيدلي أن الظاهرة التي نوجهها حاليًا هي عدم وجود خطة أو خطة بديلة لمعالجة مثل هذه القضايا، ومن هذا المنطلق، ينبغي أن تتضافر الجهود بين جميع كليات إدارة الأعمال لترسيخ فكرة تحقيق النهضة والرخاء المشترك في عقيدة وأذهان الإدارة العليا وفرق العمل بالمؤسسات والشركات، بدلا من المساعي القاصرة على تحقيق الربحية فقط.
وأوضح أن الدور الجديد الذي يجب أن تلعبه الجامعات وكليات إدارة الأعمال الإفريقية هو إرساء منهج جديد يتم بموجبه تأسيس منظومة اقتصادية توائم متطلبات العصر، بدلا من المناهج القديمة التي لا تواكب التطورات المحيطة.
وتناولت الحلقة النقاشية أيضًا سبل سد الفجوة بين الأنظمة التعليمية واحتياجات الشركات والمؤسسات حاليًا لدمج معايير وممارسات الاستدامة في أنشطتها وأعمالها امتثالاً للوائح والقوانين المعمول بها على الصعيد الوطني.
وفي هذا السياق، أوضح مرقص ميخائيل، رئيس قطاع التعلم والتطوير في CIB، أن رفع التوعية المعرفية والعلمية بمعايير وممارسات الاستدامة لم يعد أمرًا اختياريًا، بل أصبح ضرورة ملحة للجميع.
وتابع: “وانطلاقًا من ذلك، يضخ البنك التجاري الدولي CIB استثمارات كبيرة في تعليم وتدريب الخريجين الجدد على علوم وأساسيات التمويل المستدام، ورفع توعيتهم بالأطر والسياسات التنظيمية المتعلقة بهذا المجال بوجه عام، وأهداف استراتيجية التنمية المستدامة التي يتبناها CIB على وجه الخصوص”.
من جهتها، قالت الدكتورة دينا عبد الفتاح، أستاذ مساعد ورئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن الأنظمة التعليمية القائمة على رفع الوعي بالاستدامة أصبحت أداة لا غنى عنها لتمكين الأجيال القادمة من التكيف والتعامل مع التحديات المناخية المتصاعدة والحد منها.
وأكدت أن التغير المناخي أصبح حقيقة لا يمكن إنكارها، كما أصبحت الاستدامة أمرًا ملحًا ومتجذرًا في عقول قادة الأعمال، وبالتالي ينبغي أن تتجه الأنظمة التعليمية إلى دمج الأفكار والمناهج التي ترسخ فكرة التنمية المستدامة في عقيدة الأجيال الشبابية الجديدة.
من جانبه، سلط الدكتور حلمي أبو العيش، رئيس جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة والرئيس التنفيذي لمجموعة سيكم، الضوء على تجربته في جامعة هليوبوليس،مؤكدا أن الطريق الوحيد لمعالجة التغير المناخي هو إجراء حوار مجتمعي يشارك فيه كل مواطن من أجل اقتراح أفكار جديدة لتحسين جودة تعليم التنمية المستدامة، وعرض ومناقشة التحديات كافة التي يواجهها المواطنون، مع إجراء تغييرات جوهرية للنظام التعليمي بجميع مراحله ليشمل مختلف علوم وممارسات التنمية المستدامة.