ماهر عشم يكتب.. السياحة والواقع الافتراضي

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ شهدت السنوات الأخيرة ثورة معرفية وتقنية هائلة خاصة مع زيادة استخدام الإنترنت الذي أزال الحواجز الجغرافية والزمنية وجعلت من العالم قرية واحدة متصلة.

ساهم ذلك التطور السريع في ابتكار تقنية العالم الافتراضي، وهو عالم خيالي يرتكز على التواجد في بيئة رقمية ثلاثية الأبعاد تحاكي العالم الحقيقي ومن تلك الابتكارات أيضًا ما يسمى بالواقع الافتراضي.

E-Bank

والواقع الافتراضي مصطلح ينطبق على محاكاة الحاسب الآلي للبيئات التي يمكن محاكاتها ماديًّا في بعض الأماكن في العالم الحقيقي، وذلك في العوالم الخيالية.

أحدث بيئات الواقع الافتراضي هي في المقام الأول التجارب البصرية وأشهرها محاكاة الأماكن عن طريق تصويرها بكاميرات تقوم بمسح ومحاكاة مجسمة للمكان.

تلك التجارب إما تعرض على شاشة الكمبيوتر وإما من خلال نظارة خاصة تفصل المستخدم عن واقعه البصري وتستبدله بالواقع الافتراضي الذي تم مسحه قبل ذلك. وهذه التقنية في تطور مستمر وسريع وهائل ويحاول العلماء استخدامها في نقل الواقع ليس بحاستي السمع والبصر فقط بل بالحواس الخمس.

وتعد الألعاب الإلكترونية من أشهر استخدامات الواقع الافتراضي خاصة بين الشباب والأحداث، ولكن يمكن توظيف تلك التقنية في مجال السياحة حتى تعظم الاستفادة من الكنوز الموجودة ببلدنا في إمتاع وإبهار العالم وتعظيم العائد الاقتصادي على السياحة.

وتكمن الخطوة الأولى في توفير المحتوى الرقمي الذي يمكن أي شخص في العالم بأسلوب شيق وجذاب وممتع من أن يخوض في تجربة السفر بشكل افتراضي، وسوف يؤثر ذلك قطعًا على قراره المتعلق بتحديد الوجهة السياحية القادمة له. فالزيارة الافتراضية محفزة وليست بديلة للزيارة الحقيقية.

فهي بمثابة الإعلان للعالم عن تلك الأماكن والدعاية لها ولا يمكن أن تحل محل التجربة الحقيقية من الاحتكاك بأهل البلد وثقافتهم ومطاعمها وفنادقها إلى آخره من متع السفر.

وتوفير المحتوى الرقمي بالإضافة إلى الدعاية يوفر للسائح التجربة قبل الشراء، ويمكن قطاع السياحة من المنافسة مع الوجهات العالمية الأخرى، إذ إن الجميع يحاول استخدام كل الوسائل المتاحة في جذب السائح وتنمية الناتج المحلي وموارد الدول من العملات الصعبة فعدم لحاقنا بهذا الركب يمنح الدول الأخرى ميزة تنافسية.

فوق المحتوى الرقمي يمكن تقديم الخدمات السياحية من حجوزات للفنادق والرحلات الداخلية ومعلومات عنها، كما يمكن تعريفهم بأشهر الأكلات المحلية وأين تقدم.

يمكن أيضًا إنشاء متجر إلكتروني للحرف اليدوية الشهيرة بتلك الأماكن، مما يساهم في انتشارها والرواج لصناعها والمناطق الموجودة بها. فللمحتوى الرقمي بعد تنموي يجعل من جيران المقاصد السياحية أصدقاء لها إذ تعود بالمنفعة الاقتصادية المباشرة عليهم.

المحتوى الرقمي هو أيضًا توثيق للأثر والاحتفاظ به للأجيال القادمة، فكم من أثر غير موجود الآن لأسباب مختلفة، ولو كانت تلك التقنية متوفرة آنذاك لتمكنا من الاستمتاع بتلك الآثار حتى وإن لم تعد موجودة.

مصر بها كنز ومقصد سياحي تاريخي روحي تتفرد به فتحتفل مصر في الأول من يونيو، بتذكار دخول العائلة المقدسة إلىها هربًا من بطش هيرودس الملك الذي أمر بقتل كل الأطفال خوفًا من أخبار نمت إلى مسامعه عن ولادة ملك جديد. فتحوط هيرودس ملك اليهود وأصدر أوامره بقتل جميع الأطفال وعندها ظهر الملاك للقديس يوسف والعذراء مريم وقال لهم أن يأخذوا الطفل ”السيد المسيح” ويهربوا إلى مصر.

مكثت العائلة المقدسة بمصر ثلاث سنوات من سيناء في الشمال الشرقي إلى أسيوط في صعيد مصر مرورًا بخمس وعشرين نقطة، كما قامت الدولة بجهد كبير لتجهيز العديد من نقاط المسار لاستقبال السائحين.

كل النقاط التي وطأتها أقدام العائلة المقدسة مصحوبة بقصص شيقة وآثار ومعجزات، لا تزال موجودة ليومنا هذا كشجرة مريم بالمطرية وبئر أبي سرجة بمصر القديمة.

من هذا المنطلق فكرت مع أصدقاء لي مهتمين بملف مسار العائلة المقدسة في استخدام التكنولوجيا في التعريف بذلك المسار، كان لنا الشرف للمشاركة في تأسيس إحدى مؤسسات المجتمع المدني والتي تهدف إلى التنمية على المسار.

بدأت المؤسسة ببناء موقع على الإنترنت يحتوي على معلومات وصور وفيديوهات عن معظم النقاط المعيشية التي أقامت بها العائلة المقدسة متوفرة بسبع لغات.

والجديد بالموقع هو توثيق تلك النقاط بتقنية الواقع الافتراضي التي تسمح للمتصفح لو توفرت له النظارة الخاصة بزيارة تلك الأماكن والتجول فيها افتراضيًّا.

شرفنا قداسة البابا تواضروس الثاني بتدشين الموقع يوم الأحد الماضي بعد مراجعة المحتوى من قبل الدكتور عميد معهد الدراسات القبطية.

نتمنى أن تكون هذه بداية للترويج لبلدنا الحبيب وتعريف العالم بالمسار الفريد والتنمية الشاملة لتلك المناطق. كما نتمنى أن تتوفر الإمكانيات لعمل المزيد. أدعوكم لتصفح الموقع والاستمتاع بالمحتوى: www.map.blessedegypt.com

 

الرابط المختصر