المطورون الصناعيون يبحثون عن قطعة أرض.. اللقاء العاشر من صالون حابي.. الجزء الأول

قوائم انتظار ترغب في دخول مصر من بوابة المطور الصناعي

في وقت تتزايد خلاله التحديات على الاقتصاد المصري، وتتفق فيه تصريحات المسؤولين الرسميين والقطاع الخاص، على ضرورة تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، يبحث المطورون الصناعيون عن قطعة أرض في مصر!

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

ولمن لا يعرف نشاط التطوير الصناعي، فهو يقوم على ترفيق وتقسيم قطعة أرض، وتسويقها على المستثمرين الصناعيين، وتقديم الخدمات اللازمة لهم من بنية تحتية وأمن ونظافة وغيرها من المهام التي تسهل عمل المستثمر.

صالون حابي في لقائه الشهري العاشر، جمع 4 من قيادات كبرى الشركات العاملة في مجال التطوير الصناعي، لإلقاء الضوء على التحديات التي تواجهها، وكانت المفاجأة الأولى خلال الحديث معهم هي عدم طرح أراض جديدة للتطوير الصناعي منذ عام 2018، إلى جانب صعوبات أخرى مرتبطة بمناخ الاستثمار على وجه العموم، وفي مقدمتها تسهيل التراخيص والموافقات، وغموض الحوافز التي تعلنها الجهات الحكومية المختلفة والمنصوص عليها في قانون الاستثمار.

وإلى جانب التحديات العامة، هناك تحديات تخص نشاط المطور الصناعي نفسه، يتصدرها وقف طروحات الأراضي من الحكومة، وبطء توصيل المرافق الرئيسية إلى حدود الأرض، إضافة إلى معاناة المستثمرين الصناعيين في مرحلة لاحقة، من مشاكل البيروقراطية.

تابعنا على | Linkedin | instagram

واتفق المشاركون بـ«صالون حابي»، في أن على أجنداتهم الكثير من المستثمرين الصناعيين الذين يرغبون في العمل بمصر عبر بوابة المطور الصناعي، مشيرين إلى أن كل مليون متر مربع يطورونها، تجتذب ما بين مليار و1.8 مليار دولار استثمارات، بخلاف ما توفره من فرص عمل وتوطين للصناعة المحلية، الأمر الذي يغني عن الاستيراد، ويتيح فرصًا أكبر أمام التصدير.

شارك في اللقاء كل من: المهندس المعتز بهاء الدين، الرئيس التنفيذي لشركة مواد الإعمار القابضة CPC، والمهندس باسل شعيرة، المدير العام لشركة بولاريس باركس، رئيس شعبة التطوير الصناعي باتحاد الصناعات المصرية، والمهندس عمرو البطريق، العضو المنتدب لشركة أوراسكوم للمناطق الصناعية، والمهندس محمد القماح، العضو المنتدب لشركة السويدي للتنمية الصناعية.

وبجانب الحديث عن التحديات، ألقى اللقاء الضوء على خطط الشركات في العام الجديد، والتي تناسبت إلى حد كبير مع تحدي تراجع طروحات الأراضي الجديدة، إذ أكدوا بدءهم مناقشات مع المحافظات والمحليات في الصعيد للحصول على قطع، لكنها تواجه مشكلة في المرافق، فضلا عن المنافسة على إدارة وتشغيل عدد من المناطق الصناعية الحكومية، إضافة إلى استكمال ما تبقى من مساحات محدودة للغاية في مشروعاتهم.

وإلى نص اللقاء..

أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحي. أهلاً وسهلاً بحضراتكم في لقاء جديد من «صالون حابي».

نناقش في لقاء اليوم مستقبل نشاط التطوير الصناعي في مصر، ويشرفنا أن يشارك فيه المهندس المعتز بهاء الدين، الرئيس التنفيذي لمجموعة مواد الإعمار القابضة، والمهندس باسل شعيرة المدير العام لمجموعة بولاريس باركس، رئيس شعبة التطوير الصناعي باتحاد الصناعات، والمهندس عمرو البطريق، الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم للمناطق الصناعية، والمهندس محمد القماح، الرئيس التنفيذي لشركة السويدي للتنمية الصناعية.

أهلا وسهلا بحضراتكم في «صالون حابي».. نعلم أن الظروف شديدة التقلب ونأمل لحين نشر اللقاء ألا تحدث متغيرات جوهرية تؤثر في محتوى المناقشات.

نتوجه في البداية للمهندس المعتز بهاء الدين.. نريد أن تقدم لنا نظرة عامة على طبيعة التحديات التي تواجه المطورون الصناعيون في مصر، وإلى أي مدى تأثر النشاط خلال الفترة الأخيرة جراء المتغيرات المتنوعة التي نشهدها؟

المعتز بهاء الدين: في البداية نشكر حضراتكم على الدعوة الكريمة وهذا اللقاء، ونوضح أولاً ما هو المطور الصناعي.

المهندس المعتز بهاء الدين الرئيس التنفيذي لشركة مواد الإعمار القابضة CPC

فالمطور الصناعي يتمثل في شركة أو كيان يقوم على تطوير وتنمية مدينة أو منطقة صناعية قائمة على مساحة محددة، وذلك طبقًا لقواعد ومحددات متعارف عليها عالميًّا ويتم في مصر تحديدها وإقرارها ومراجعتها من قبل الهيئة العامة للتنمية الصناعية.

المعتز بهاء الدين: المطور الصناعي يختص بوضع مخطط عام للأرض وترفيقها لتكون منطقة متكاملة للمصنعين والمستثمرين

فالمطور الصناعي ببساطة يقوم على وضع مخطط عام للمنطقة الصناعية ويتم اعتماده من جهة الولاية، ثم يقوم بتنفيذ جميع المرافق والطرق والخدمات داخل المنطقة الصناعية، بهدف جعلها في النهاية منطقة متكاملة للمستثمرين الصناعيين، لا تشمل فقط مصانعهم، وإنما تضم أيضًا كل ما يلزمهم من خدمات ومرافق وخدمات مكملة تساعد في قيام نشاطهم الصناعي.

ومن ثم المهام التي يقوم بها المطورون الصناعيون تتمثل في توفير المرافق وتطوير المنطقة وربطها بالمياه والصرف الصحي والغاز، وإنشاء الطرق وخطوط الهاتف، وكذلك إدارة المنطقة عقب التشغيل أيضًا بما يوفر الصيانة والحراسة والأمن والنظافة، إلى جانب التسويق والترويج للمناطق الصناعية محليًّا وإقليميًّا وعالميًّا بين المصنعين الكبار، علاوة على تقديم باقة خدمات متكاملة اجتماعية وبيئية وصحية وأمنية، وغير ذلك من خدمات تدريب وأخرى تكنولوجية تساعد المصنعين، وهذا ببساطة هو دور المطور الصناعي، أو الهدف الأعلى لنشاط التطوير الصناعي.. والمعوقات كثيرة.

أحمد رضوان: دعنا نتحدث أولاً عن المعوقات المرتبطة ببيئة الاستثمار والاقتصاد الكلي.

المعتز بهاء الدين: التطوير الصناعي بما أنه قائم في الأساس على الحصول على الأرض كنشاط أساسي، وهذه هي أكبر مشكلة تواجه المطورين الصناعيين حاليًّا، فمنذ عام 2018 لم يتم طرح أراضٍ للمطورين الصناعيين في مصر، فقد كان آخر طرح نفذته الهيئة العامة للتنمية الصناعية في عام 2017.

معوقات التطوير الصناعي كثيرة.. ومشكلة الحصول على الأرض أكبر عائق أمام المستثمرين

باسل شعيرة: والطرح قبل ذلك كان في عام 2009.

أحمد رضوان: هل هذا بسبب له علاقة بوجود أراضٍ مطروحة لم تتم تنميتها أو هناك أسباب أخرى؟

المعتز بهاء الدين: لا بالعكس، فالمطور الصناعي يمثل ذراعًا بديلة للدولة في التطوير، وببساطة نجد أن خلال الفترة الأخيرة- من 2016 وحتى الآن- مصر طورت نحو 28 أو 29 مليون متر مربع فقط، نصيب المطور الصناعي منها 23 مليونًا، في حين أن المساحة المتبقية التي تدور بين 5 أو 6 ملايين متر مربع طُورت من خلال جهات أخرى مثل أجهزة المدن والمجتمعات العمرانية وهيئة التنمية الصناعية.

منذ عام 2018 لم يتم طرح أراضٍ للمطورين الصناعيين

كما أننا اليوم نجد أنه عندما يُقدِم زائر أجنبي للدولة المصرية أو وفد من الخارج للتعرف على المناطق الصناعية في مصر، تصحبه الحكومة للمناطق التابعة للمطورين، خاصة أن المناطق الأخرى محملة بالمشاكل، مثل الطرق غير الممهدة وعدم توافر الإنارة ونقص حاد في الخدمات، وبالفعل يواجه المستثمرون الصناعيون معاناة خارج الأراضي التابعة للمطورين.

23 مليون متر مربع نصيب المطور الصناعي من نحو 29 مليون متر تم تطويرها منذ 2016

قبل عام 2000 ومع بداية إنشاء المدن الجديدة، تمت إقامة مناطق صناعية كبيرة، نجدها في السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان ومدينة بدر والسادات، ودمياط الجديدة، فهذه المدن الصناعية بدأت منذ الثمانينيات، لكن أنا أتحدث عن الفترة الأخيرة، فهذه المناطق تدهورت للغاية نتيجة عدم رعايتها وغياب صيانة وما إلى ذلك، وعدم وجود مشغل.

أحمد رضوان: مشغل رئيسي من الحكومة تعني؟

المعتز بهاء الدين: إدارة متخصصة لهذه المناطق.

لكن عند المطورين الصناعيين الذين نتحدث عنهم اليوم، نجد أن المساحة البالغة نحو 22 أو 23 مليون متر مربع التي تم تطويرها لا تزال في حالة مميزة، وتخضع لصيانة مستمرة على مستوى الطرق والأسفلت والإنارة والخدمات والمرافق ومحطات المياه والكهرباء والغاز والاتصالات، وكذلك خدمات مواجهة الحريق.

لذلك المشكلة الأولى والأهم اليوم هي عدم وجود أراض مطروحة للمطورين الصناعيين، وقد خاطبنا الأجهزة المعنية، كما تم ذلك من خلال الصحافة ومختلف الجهات للإبلاغ عن احتياجنا للأراضي، فنحن نملك الخبرة الفنية know how، كما أن المساهمين بالشركة لديهم الأموال والكوادر، إلا أنه منذ عام 2018 لم يتم طرح أراض، وكان أخر طرح بمدينتي السادات والعاشر من رمضان.

باسل شعيرة: بالضبط.

أحمد رضوان: وما الردود التي تلقيتها على هذه المخاطبات؟

المعتز بهاء الدين: أنه سيتم النظر في الأمر، أو أنه لا يوجد أراضٍ حاليا وجارٍ بحث الأمر.

فمن يملك الأراضي هما هيئة المجتمعات العمرانية والمحليات، ووفقا للقانون 85 لعام 2017 على ما أتذكر، تم نقل الولاية الخاصة بكل المناطق الصناعية إلى هيئة التنمية الصناعية، لذلك من المفترض نقل ملكية الأراضي المستهدفة لهيئة التنمية الصناعية لطرحها على المطورين، وهنا تكمن المشكلة.

أحمد رضوان: هل الجدل الخاص بمن المسؤول عن طرح الأراضي ما زال قائمًا؟

المعتز بهاء الدين: هيئة التنمية الصناعية تقول إنها لم تحصل بعد على الأراضي من هيئة المجتمعات العمرانية، وعندما يحدث ذلك يتم الطرح، ولكن حتى اليوم لا توجد أراض مطروحة للمطورين، فالهيئة لديها قطع أراض ومتخللات داخل المحافظات وقطع أراض صغيرة.

التنمية الصناعية ترد بأنها تنتظر الحصول على أراضٍ من هيئة المجتمعات العمرانية

أحمد رضوان: هذه تُطرح للمستثمرين الصناعيين مباشرة؟

المعتز بهاء الدين: بالفعل يتم تقسيمها ومدها بالمرافق وبيعها مباشرة للمستثمرين الصناعيين، وأجهزة المدن تقوم بالإعلان على موقعها الإلكتروني منذ يوم 1 إلى 15 من كل شهر عن الطروحات، سواء الخاصة بالاستعمال الصناعي أو التجاري أو إداري وخدمي، أو أيًّا كان الاستعمال.

لكن هناك توقفًا عن طرح أراض صناعية للمطورين، ومنذ عام 2018 لم يتم طرح أراض جديدة، وقد ناقشنا هذا الوضع مع رؤساء هيئة التنمية الصناعية المتعاقبين، فمع تعيين رئيس جديد للهيئة يتم عقد اجتماع معه وطرح الأمر نفسه.

خاطبنا الجهات المعنية بحاجتنا إلى الأراضي.. ولكن لم يتم تنفيذ أي طروحات منذ 2018

ياسمين منير: بخلاف مشكلة الأراضي وعدم وجود طروحات، ما التحديات الرئيسية التي تواجه نشاط التطوير الصناعي خلال الفترة الحالية بما تشهده من متغيرات اقتصادية واسعة؟

باسل شعيرة: أعتقد أننا سنجد توافقًا إلى حد بعيد بين آراء المطورين الصناعيين في ظل وضوح الوضع، بما لا يدع مجالا لتعدد وجهات النظر بقدر ما قد يكمل الحديث بعضه البعض.

المهندس باسل شعيرة المدير العام لشركة بولاريس باركس

باسل شعيرة: تضارب جهات الولاية من بين أهم معوقات نشاط التطوير الصناعي

وبالطبع أتفق مئة في المئة مع كل ما ذكره المعتز، ونجد أن الأمر الثاني- بخلاف الأراضي- هو تضارب جهة الولاية، وهذه تعد من النقاط الأساسية في الحقيقة.

فالقصة تائهة ولا يوجد لها أب شرعي صريح، وبالطبع ينتج عن ذلك فيما بعد، تضارب في الإجراءات والتعاقدات وما غيرها، وهذه معضلة تاريخية نقف عندها منذ فترة زمنية كبيرة ولكنها لا تحل، حتى عندما صدر القانون الخاص بجهة الولاية ونقلها لهيئة التنمية الصناعية، نجد في المقابل له، قانونا آخر يعرقل تنفيذه أو إجراء ثالثًا مثل قائمة أسعار صادرة عن مجلس الوزراء تقضي بأن جهة الولاية هي هيئة المجتمعات العمرانية.

ما يعني أن الأمر غير واضح، سواء بالنسبة لنا أو للجهات، وكذلك على صعيد الجهات نواجه تحديا يتعلق بتنفيذ التعاقدات نفسها.

فإذا كان التعاقد تم مع هيئة التنمية الصناعية قد تواجه عقبات عند التعامل مع هيئة المجتمعات العمرانية في ظل كونه لا يرى التعاقد القائم بصورة واضحة، والعكس صحيح.

لذلك أرى أن جهة الولاية من الأمور المهمة للغاية، بالإضافة بالطبع للمشكلة المتعلقة بالطروحات وتوافر الأراضي.

جميع شركات التطوير الصناعي نجحت في إتمام مشروعاتها وجذبت استثمارات حقيقية

لكن على مستوى النشاط بشكل عام، أرى أن كل المطورين نجحوا، فلا يوجد مطور يمكن القول إنه فشل في مهمته أو حتى بنسبة صغيرة، لا يوجد، فمن الجائز أن نجد على مستوى المطور السكني أن البعض لم يوف بالتزاماته في التجمع السكني حتى وإن كانت نسبتهم ضعيفة، في حين أنه على مستوى المجمعات الصناعية فإن النسبة صفر، أي لا يوجد نسبة فشل حتى إن كانت واحدا في المليون.

فنحن نتحدث عن عدد من الشركات ذات الثقل التي تحترم تعاقداتها، ولديها الخبرة اللازمة لإتمام مهامها، وقادرة على جذب استثمارات حقيقية.

فبالنظر إلى المناطق التي تم تطويرها بالفعل من قبل المطور الصناعي، نجد أنها تزخر بالاستثمارات الحقيقية، فالأمر لا يقتصر على بيع الأرض المطورة، ولكن هناك أسماء شركات كبرى واستثمارات على أرض الواقع، ومناطق مشغلة بصورة كاملة وحقيقية، لذلك فإن حجم الاستثمارات نفسها يختلف.

شهية كبيرة للتوسع من شركات التطوير الصناعي.. ووقف طرح أراضٍ جديدة إنذار خطر

وكما ذكر المعتز، فإن الشركات كلها لديها الرغبة في التوسع واستكمال أعمالها في نشاط التطوير الصناعي، ولديها الأموال والخبرة know how، كما أن أغلب الشركات انتهت من المشروعات بحوزتها.

ولكن انقطاع الاستمرارية هذا يمثل خطرًا، لأن في النهاية نحن نتحدث عن مستثمرين سواء أجانب أو مصريين فهم لديهم خطة استثمارية، فإذا وجد المستثمرون أنهم لا يملكون رؤية حول مستقبل النشاط في المرحلة المقبلة، فهذا يمثل علامة استفهام مهمة، لذلك تجب أن يكون هناك استمرارية متوازنة.

فنحن لا نطالب بوجود طرح كل يوم لأن السوق لن تستوعب ذلك، كما يجب ألا يكون هناك انقطاع عن الطرح لفترة طويلة، لأن ذلك يترتب عليه ما يشبه تعطيش السوق، ومن ثم يتأثر النشاط، لذلك يجب أن تتم الطروحات بشكل متوازن.

وبخلاف هذا، أنا لدي في الأساس تحفظ على الآلية التي تطرح بها الحكومة الأراضي الصناعية حتى التي يتم طرحها للمستخدم النهائي.

طرح الحكومة للأراضي الصناعية مباشرة للمستثمرين غير فعال.. لأن الأرض تذهب للسماسرة وليس للمصنعين

ياسمين منير: وما هذا التحفظ؟

باسل شعيرة: دائما ما نجد الحكومة تعلن عن طرح مساحات ما للأراضي الصناعية، وليكن 40 مليون متر من الأراضي الصناعية، ونجد من الناحية الأخرى المستثمر الصناعي يتحدث عن ندرة الأراضي الصناعية، وهذا الوضع يظهر كثيرا، والذي نستنتجه من ذلك أن الأراضي التي يتم طرحها لا تذهب إلى المستثمر الصناعي، ومن يحصل عليها إذًا هو السمسار.

رضوى إبراهيم: سنكمل الحديث في المحور الخاص بالتحديات، ولكن أريد أن نتناوله من زاوية مختلفة، فنحن حاليًّا في وضع اقتصادي شديد التغير سواء على المستوى العالمي أو السوق المحلية التي لها تحديات ومشكلات خاصة..

لذلك نريد التحدث عن عن التحديات الجديدة التي فرضها الوضع الحالي على نشاط التطوير الصناعي بخلاف الأخرى التاريخية المتعلقة بالطروحات وآليات التسعير وجهة الولاية؟

عمرو البطريق: سأواصل الحديث في محور التحديات، واستكمالا لما قاله المعتز و باسل، أريد أن أتوقف عند حجم الاستثمارات التي جذبها المطور الصناعي، فإذا نظرنا لكل مطور منا على حدة نجد أنه اجتذب استثمارات من الخارج أو من الداخل، كما جذب صناعات للمواد الخام المكملة للصناعات الحالية كبديل عن الاستيراد، فكم حجم هذه الاستثمارات من ناحية الكم؟

المهندس عمرو البطريق العضو المنتدب لشركة أوراسكوم للمناطق الصناعية

عمرو البطريق: أوراسكوم للمناطق الصناعية جذبت 9 مليارات دولار استثمارات في منطقتها.. نصفها آخر 4 سنوات

ففي المنطقة التابعة لنا -شركة أوراسكوم- تم اجتذاب حتى اليوم نحو 9 مليارات دولار استثمارات موجودة على أرض الواقع.

أحمد رضوان: وما الفترة الزمنية التي جذبت خلالها هذه الاستثمارات؟

عمرو البطريق: خلال ما يقرب من 12 عامًا فعليا تم اجتذاب هذه الاستثمارات، ولكن نحو 50% من هذا الرقم تم اجتذابه خلال آخر ثلاث أو أربع سنوات أي في ظل الأزمات.

واليوم نسأل، هل هناك مناطق أخرى مثل التي تنفذها الدولة أو أنشأتها حديثا استطاعت جذب هذا الحجم من الاستثمارات خلال الفترة الأخيرة؟ ولماذا؟

لا توجد منطقة صناعية حكومية جذبت استثمارات بهذا الحجم.. والسبب عدم توافر المعرفة التي يمتلكها المطور الصناعي

فهنا يتضح أن هناك خبرة know how عند المطور الصناعي غير متوافرة لدى الجهات الأخرى، وهذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية، أننا أمام مشكلة كدولة يجب على الجميع الاعتراف بها وهي التمويل، فالدولة اليوم في غير استطاعتها أن تمول كل شيء بما في ذلك البنية التحتية والمناطق الصناعية والمناطق السكنية وغير ذلك.

لذلك فإن دور القطاع الخاص، والمطورين على وجه التحديد، يتمثل في تحمل هذا العبء من على كاهل الحكومة، التي عليها أن تمنحنا الأرض وتنتهي مسؤوليتها عن التطوير، إذ يكون على المطور جلب التمويل وتنفيذ التنمية وجذب المستثمر الصناعي، وبذلك يكون تمت إزاحة هذه الأعباء من على عاتق الدولة خاصة خلال هذا التحدي الاقتصادي الذي نشهده حاليا على مستوى أزمة نقص النقد الأجنبي والحصول على التمويل من البنوك، ويتحمل ذلك المطور ومستثمروه.

المطور الصناعي يتحمل تكلفة ترفيق الأراضي عن الدولة التي تواجه بالفعل مشكلة تمويل

جزئية أخرى أريد أن أعقّبَ عليها من حديث باسل، فاليوم كل الجهات والوفود القادمة من الخارج تأتي للمطور الصناعي الجاد لمعاينة المناطق على أرض الواقع، ويتم ذلك بصحبة الجهات الرسمية المختلفة مثل هيئة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة التنمية الصناعية، وكذلك بالمناطق الأخرى التابعة لهيئة الاستثمار.

كبرى الشركات العالمية التي دخلت مصر في السنوات الأخيرة جاءت من بوابة المطور الصناعي

كما أن الشركات العالمية الكبرى والكيانات متعددة الجنسيات التي استثمرت في مصر خلال السنوات العشر الماضية أو أكثر، وقد يمكن القول إنه خلال ما يقرب من عشرين عاما كانت الاستثمارات الكبرى تأتي عبر المطور الصناعي.

المعتز بهاء الدين: بالفعل فنشاط المطور الصناعي بدأ منذ عام 2007، أي نحو 15 عاما.

عمرو البطريق: وخلال15 عامًا كانت الاستثمارات الصناعية الكبرى يتم استقطابها عبر المطورين الصناعيين، سواء من ألمانيا أو أمريكا أو بريطانيا.

باسل شعيرة: وكل الجنسيات.

عمرو البطريق: بالفعل كل الجنسيات، فما الأسباب إذًا التي دفعت المستثمرين لاختيار المطور؟ إما أنه سيحصل على خصائص ومميزات أفضل وكذلك بنية تحتية جاهزة، كما يمكن أن يحصل على تسهيل في التمويل أيضا، لأن بعض الجهات الأجنبية التي تقدم على التمويل لا تفضل تحمل المخاطرة الخاصة بالمناطق الصناعية الحكومية، ويرحب بوجود كيان من القطاع الخاص، حتى يتمكن من شكواه إذا حصل اختلاف أثناء الاتفاق، وهناك جهة عليا يمكن الرجوع إليها إذا حدثت مشكلة، بخلاف أن يتم الاتفاق مع الدولة نفسها، وهذا عادة ما يفضله المستثمر.

رضوى إبراهيم: التحديات التي تواجه النشاط بشكل عام بالتأكيد تختلف أمام مستثمري القطاع الخاص عن تلك التي تواجه الحكومة، فما التحديات من وجهة نظرك التي جدت على النشاط من منظور القطاع الخاص بخلاف نقص الأراضي؟

عمرو البطريق: بخلاف الأمور المتعلقة بالأراضي، ما جد علينا هو ما جد على الجميع فيما يتعلق بارتفاع التكلفة حاليًّا، وندرة الأراضي مثلما تحدث باسل تؤثر بقوة في هذا الأمر، إذ إنه لا يوجد أفق يتعلق بعائد مرتقب من مشروع جديد، ومن ثم يكون المستثمر عالقًا في مشروع واحد ولا يوجد مشروع جديد يمكنه التعويض من خلاله، فإذا قرر المطور تحمل جزء من الخسارة كيف سيعوض خسارته إذا لم يكن أمامه مشروع جديد، فندرة الأراضي وقلة المشروعات الجديدة قللتا فرصة التعويض تمامًا.

هناك تحديات أخرى تتعلق بتضخم التكاليف الناتج عن المتغيرات الاقتصادية الأخيرة.. ونقص الأراضي عمق الأزمة

فالمطور السكني على سبيل المثال يقوم بتعويض خسائره عبر المشروعات المتتابعة، وهنا أتحدث فقط عن المطور الجاد في النشاط السكني، في حين أن الوضع أمام المطور الصناعي مغاير، فالجميع عالق في المشكلة نفسها، ونحن في أوراسكوم بدأنا نبحث في السوق الثانوية عن أراض، أي ننظر في شراء أراضٍ قائمة بالفعل ومملوكة لآخرين لتحويلها إلى منطقة صناعية.

وصلنا لدرجة البحث عن أراضٍ من السوق الثانوية مملوكة لكيانات أخرى

وبدأنا في إبرام شراكات، وتم الاتفاق مع شركة الأهلي كابيتال لإقامة منطقة صناعية جديدة في أبورواش، وبالتالي سيتم أخذ الأرض وفقًا لتسعير مرتفع لارتباطه بسعر السوق حتى يتم التطوير وذلك لعدم توافر أراض من الدولة، وعلي ذلك يكون سعر الأرض في النهاية بعد التطوير مرتفعًا لاستيعاب تكلفة الأر.

ومن هنا سنواجه ما يقال لنا دائما لماذا تطرحون الأراضي بأسعار مرتفعة! فاليوم نحن سنشتري من السوق الثانوية وندرة الأراضي هي السبب في هذه المشكلة.

أبرمنا شراكة مع الأهلي كابيتال لتنفيذ منطقة صناعية جديدة في أبو رواش

ويضاف إلى ذلك التحدي الأكبر والخاص بالمستثمر القادم للمنطقة الصناعية، عملية استيفاء التراخيص، فهناك عقبات خاصة بالحصول على الموافقات والتراخيص ويتم دفعه للتعامل مع جهات متعددة، فلماذا لا يتم تحديد جهة بعينها تكون مسؤولة عن استيفاء الموافقة اللازمة المختلفة.

وهناك بالفعل بعض الجهات التي بدأت تتولى مسؤولية جلب كل التراخيص أو أغلبها، مثل المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، والتي بدأت تقترب من أن تكون المنفذ الواحد one stop shop، فأغلب التراخيص تصدر من خلالها اليوم، في حين أن الوضع يختلف تماما في هيئة التنمية الصناعية، والتي قد يتطلب الأمر المرور على عدد غير محدود من الجهات.

تكلفة الحصول على أراضٍ من السوق الثانوية وليس من الحكومة مباشرة عالية جدًّا وتؤثر على المنتج النهائي

كما قد نواجه المشكلة المتعلقة بجهة الولاية، ما يستدعي الذهاب لجهاز المدينة وكذلك الدفاع المدني وهيئة الاستثمار، وغيرها من الجهات كل على حدة، وهذا الوضع ينطبق على المستثمر والمطور أيضا.

أحمد رضوان: هل مرحلة المطور الصناعي لا تقطع الطريق على كل الإجراءات الأخرى عن المستثمر؟

عمرو البطريق: هذا عندما كانت مطبقة عند هيئة التنمية الصناعية في البداية، فعندما أنشأت الفكرة كان من المفترض أن يكون هذا هو نظام العمل.

أحمد رضوان: ثم ماذا حدث؟

عمرو البطريق: ثم ظهر التضارب بين جهات الولاية.

وقد يكون الزملاء قادرين على شرح الأمر أكثر مني، لأن أساس نشاطنا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهناك الوضع مختلف، ولكن يمكنهم أن يصححوا لي إذا أخطأت، فاليوم التعاقد مع هيئة التنمية الصناعية يقضي بأن تتولى جلب أغلب التراخيص، في حين أن الواقع يقضي بأنه إذا كانت الأرض في مدينة السادات على سبيل المثال فيجب أن يتم التعامل مع جهاز السادات بشكل مباشر، كما سيكون عليك التعامل مع شركة الكهرباء وغيرها من المطالب.

هناك تحدٍّ آخر يرتبط بتعامل المستثمر مع أكثر من 30 جهة للحصول على التراخيص والموافقات

أحمد رضوان: هل هذا ينطبق على المطور وكذلك المستثمر الذي سيحصل على أرضه من المطور؟

عمرو البطريق: نعم وهذه هي المشكلة الكبرى، ونحن نقوم بهذا الدور في منطقة العين السخنة بطريقة مختلفة.

باسل شعيرة: هذا لأن لكم أبًا مسؤولا يتولى عندكم هذا.

المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تصدر أغلب التراخيص.. ولكن عند التعامل مع هيئة التنمية الصناعية ستضطر للتعامل مع جهات كثيرة

عمرو البطريق: بالطبع، ولكن من قبل أن يحدث هذا مع احترامي، فقد كنا في البداية نتبع المحافظة، ولكن كنا نقوم بالنيابة عن المستثمر بتحمل هذا العبء، ونعمل على التوجه لمختلف الجهات حتى يتم جذب المستثمر، وهذا هو دور المطور، فجزء من دور المطور هو أن نتحمل عن المستثمر خاصة الأجنبي الذي لا يعلم الكثير عن الدولة وإجراءاتها، حتى يرى صورة جميلة عن مصر ممثلة في القطاع الخاص أو المطور الصناعي الذي يتعامل معه، فأنا أنوب عنه في التعامل مع كل الجهات المطلوب مخاطبتها، وهذا بخلاف كونه عبئًا فإنه أيضا يمثل نوعًا من المخاطرة على المطور.

أحمد رضوان: محمد القماح، هل في تفاصيل التحديات وتفاصيل عمل المطور الصناعي مشاكل أخرى؟ فمع المضي في الحوار ظهرت تحديات مرتبطة بالتكلفة وأخرى مرتبطة بالإجراءات والتراخيص سواء للمطور نفسه أو للمستثمر في مرحلة لاحقة، كما أن شركتك – السويدي- أبرمت مؤخرا اتفاقًا مع الحكومة؟

محمد القماح: نحن في إطار اتفاق سيسمح لكل المطورين بوجود فرصة توافر أراضٍ جديدة.

بالطبع الزملاء ذكروا كل التحديات ولم يتبق لي الكثير لذكره في هذا الشأن، ولكن أحب أن أتحدث من جزئية أخرى، فبالإضافة بالطبع إلى أن المطور الصناعي حقق نجاحات كبيرة جدا واستطاع جذب كيانات كبرى متعددة الجنسيات، وأصبح فخرًا للصناعة، هناك في الوقت نفسه دور يلعبه المطور، والدولة من المفترض أن لها دورا آخر، فنحن يمكننا العمل مع هذه الشركات في ظل وجودها في مصر، فنحن نطلق عليهم المستثمرين الصناعيين وليس المصنعين فقط.

المهندس محمد القماح الرئيس التنفيذي لشركة السويدي للتنمية الصناعية

محمد القماح: تجارب مجموعة السويدي خارج مصر تؤكد ضرورة التعامل مع المطور الصناعي كمستثمر يجب تشجيعه وجذبه بالحوافز

لكن الجزئية التي أحب أن ألقي الضوء عليها خاصة أن مجموعة السويدي صناعية في الأساس ولديها تواجد خارجي، فبالتالي لديها تجارب متعددة خارج مصر، وفي الحقيقة نحن نتلقى معاملة مميزة، وأرى أن المطور يجب أن يعامل كذلك، فهو تتم معاملته كمستثمر، وليس شخصًا يستهدف الحصول على أرض ومزاحمة الدولة في طرح الأراضي.

فبالتالي عندما نتعامل كمستثمر في أي دولة أخرى للحصول على أراض وفقا لقانون الاستثمار لديهم، تكون لدينا القدرة على المطالبة بحوافز إضافية، لأن هذه الدولة تتعامل معنا كمستثمر جاد وليس طامعًا في الحصول على الأرض لضخ استثمارات محدودة ثم جمعها مرة أخرى، لأنه يرى المكسب المترتب على المشروع فيما يتعلق بتشغيل العمالة وتطوير المنطقة، وبالتالي نكون شريكا معه في التنمية، وهذه الجزئية مهمة للغاية في التعامل مع المطور الصناعي.

فعند الحديث عن التحديات أرى أن النظرة تجاه المطور الصناعي تمثل أحد هذه التحديات، فقد فوجئت مؤخرا وتحديدا في الاجتماع حول المشروع الجديد، إذ قيل لنا إن بعض المطورين كانوا السبب وراء إبقاء الأراضي لفترات طويلة دون بيعها للمستثمرين، في حين أنه عند الحديث عن مهام المطور الصناعي كما شرح المعتز في البداية، توجد تفاصيل صغيرة لكنها مهمة يجب الوقوف عندها، وهي أن المطور مسؤول عن تنفيذ البنية التحتية الداخلية بالكامل، ولكن مثل أي تعاقد حول العالم عند التعامل مع منظم في الدولة يكون هو المسؤول عن توفير المرافق الخارجية.

عدم التزام الحكومة بالمرافق الخارجية أحد أسباب تأخر المطور الصناعي في الترفيق الداخلي

أحمد رضوان: كالطرق المحيطة بالمنطقة وخدمات توصيل الكهرباء وغيرها من المرافق؟

محمد القماح: بالضبط، المرافق الأساسية لدخول المنطقة، وفي عدة مناسبات كان التأخير بسبب الدولة، ونحن كمطورين بيننا من لديه شركات تعمل في مجال البنية التحتية الخارجية ونقوم بالمساعدة في توفير المرافق الأساسية لبعض المناطق التي نعمل بها.

ولكن في نهاية الأمر يكون المطور هو من تصدر المشهد، كأنه المسؤول عن التأخير، في حين أننا نساعد الدولة في توفير التمويل والترويج، وبالفعل لدينا مهام ترويجية قوية، والمستثمرون يجيئون إلينا من خارج مصر للعمل معنا كأسماء معروفة في المجال، وأرى أن هذه مجموعة من الخبرات التي لا بد أن تُقدَّر وتجد رعاية مناسبة.

المطور الصناعي يساعد الدولة في التمويل والترويج.. ويجب تصحيح النظرة تجاهه

فالجزئية الخاصة بسمعة المطور من النقاط المهمة التي تحتاج للعمل عليها خلال الفترة الحالية، ونحن كمطورين وأقصد هنا كبار المطورين الصناعيين في مصر لم نكن متنافسيون بصورة غير طبيعية في أي وقت، ولكن المنافسة مصدرها هو التضارب الموجود في أجهزة الدولة.

أحمد رضوان: هل نستطيع أن نقول إن الحكومة هي التي تنافسكم بصورة أكبر من المنافسين الطبيعيين في المجال؟

محمد القماح: نعم، ولكن هذه ليست المشكلة الأساسية، لأننا في الحقيقة نستطيع أن نعمل.

هناك بالفعل منافسة مع الدولة لكننا نستطيع العمل في ظلها وليست هذه هي المشكلة

أحمد رضوان: لم أقصد أنها منافسة في صورة ملكية لمناطق صناعية، ولكن الفكرة هي عدم منحكم البضاعة التي تحتاجون إليها، بهدف أن تقوم الحكومة بطرح هذه المناطق بنفسها على المستثمرين.

المعتز بهاء الدين: هناك نقطة مهمة يجب الإشارة إليها في هذه الجزئية، هي أن الحكومة ليست كيانا متجانسا، وفي الواقع نحن نتعامل مع الجهات الحكومية أو داخل الجهة الواحدة منها مع ستة مستويات إذا لم يكن أكثر من ذلك، فعند التعامل مع المسؤولين رفيعي المستوى والذين يترأسون هذه الجهات نجد الأمور جيدة وهناك تفاهم واستيعاب للأمور، ولكن بعد الوصول لمرحلة التعامل مع المستويات الإدارية أو التنفيذية الأقل داخل الجهة نفسها نجد الأمور تتعرقل وقد تقف تماما، وهذه هي المشكلة.

الحكومة ليست كيانًا متجانسًا.. والجهة الواحدة نتعامل بها عبر 6 مستويات وظيفية على الأقل

وسأضرب مثالا عما أقصده حتى تكون الصورة أكثر وضوحا، ففي مدينة السادات تقع الأرض الخاصة بشركة «CPC» بجوار الأرض الخاصة بكل من شركتي بولاريس والسويدي، وهناك محطة كهرباء تبعد عن هذه الأراضي بحوالي 200 متر، ولكننا استغرقنا حوالي عامين لمد كابل كهرباء طوله حوالي 300 متر.

باسل شعيرة: الضغوطات التي يمارسها المطور عند الحديث عن مطالبه أو احتياجات منطقته تكون ذات أثر أكبر بدعم من قدرته على التواصل مع كبار المسؤولين والوزراء.

أحمد رضوان: المطور الصناعي لديه نفوذ أكبر من المستثمر؟

باسل شعيرة: المطور الصناعي يمثل مصالح مجموعة من المستثمرين، أما المستثمر الذي حصل على قطعة أرض مساحتها حوالي 5 أو 10 آلاف متر من الحكومة بشكل مباشر، فعند وقوعه في مشكلة ما تكون قدرته على الوصول لحل مع الجهات المعنية أقل من قدرة المطور الصناعي، وهذه النقطة من أهم الفروق ما بين المطور الصناعي والمستثمر الذي يحصل على أرض بمفرده.

نقص الأراضي المتاحة تسبب في ارتفاع أسعار القطع المتبقية.. وكل عقد مطور صناعي يعني استثمارات رهيبة

وبالفعل أرى أن هناك مثالا واضحا على ما أقوله، فالأراضي التي حصلت عليها شركات بولاريس والسويدي وCPC في الطرح الأخير بمدينة السادات عام 2018، وكان هناك في العقود حد أقصى لسعر بيع المتر، وكل شركة حصلت وقتها على مساحة حوالي مليون ونصف المتر متر، ومن الطبيعي أن يكون التنافس فيما بيننا على جودة وكفاءة المنتج.

كما أن جميعنا يسعى لخفض السعر الذي يبيع به عن الحد الأقصى المنصوص عليه في العقود وعن السعر الذي يبيع به المنافس، خاصة أن جميع المنافسين لديهم موقع الأرض نفسه والمساحة نفسها تقريبا، وهذا في مصلحة العميل.

وإذا نظرنا اليوم لمساحة ما تبقى من هذه الأرض لدى كل الشركة سنجد أنه ليس كثيرا حتى نستطيع التنافس على خفض السعر، فالمحدودية تجعلنا نركز على التنافس من ناحية الجودة وليس السعر، بل على العكس في هذه الحالة يسعى المطور لبيع ما تبقى بالسعر الأقصى المنصوص عليه في العقود.

المليون متر مربع للمطور الصناعي تجذب استثمارات بين مليار إلى 1.5 مليار دولار

وأرى أن كل عقد أو رخصة مطور صناعي يتم توقيعها من قبل الحكومة، تمثل حجما كبيرا من الاستثمارات المباشرة للسوق المحلية، وكما قال عمرو البطريق خلال اللقاء، فكل مطور صناعي يحصل على مليون متر يجذب استثمارات تتراوح ما بين مليار ومليار ونصف المليار دولار.

محمد القماح: بالضبط، كما أن كل مليون متر يتم تطويرها صناعيا توفر حوالي 10 إلى 20 ألف فرصة عمل مباشرة.

ياسمين منير: في سياق الحديث عن أحدث مشروعات شركة السويدي للتنمية الصناعية والمرتقب إقامته فى مدينة أكتوبر الجديدة، هل تمت مناقشة التحديات التي ذكرناها منذ قليل أو بحث حلول مبدئية لها مع الحكومة أثناء التفاوض على المشروع الجديد؟

محمد القماح: أود الإشارة إلى نقطة إيجابية وهي، أنه لا يوجد حل في الأزمات الاقتصادية الحالية بالنسبة لدولة بحجم مصر مثل التصنيع.

لا حل للأزمات الاقتصادية الراهنة إلا من خلال التصنيع وتقليل فاتورة الاستيراد وزيادة التصدير

باسل شعيرة: بالطبع.

محمد القماح: وهناك محوران يجب العمل عليهما، الأول يتمثل في كيفية تقليل الفاتورة الاستيرادية التي أدت إلى حدوث مشكلات في سعر الصرف وتوافر العملة الصعبة، والثاني هو التركيز على التصدير، ودائما ما نجد المصنعين الذين لديهم اعتماد كبير على التصدير يتعرضون لأضرار أقل من المصنعين الذين يعتمدون على الاستيراد أو التجارة، ونحن لمسنا هذا من حديث الحكومة، وفي الحقيقة ليس أمامنا حل سوى ذلك.

وكما قلت قد تكون هناك سمعة ارتبطت بالمطورين الصناعيين ولكنهم أبرياء منها، وكما اتفق جميع زملائي في اللقاء، فنحن لدينا فريق للترويج للاستثمار في السوق المصرية، سواء لمستثمرين من خارج مصر أو لكبار المصنعين داخل مصر، وبالفعل المطورون الصناعيون لهم دور مهم في دورة الاقتصاد بالكامل، وهذا الجزء ليست به أي مشكلات ونحن لمسنا ذلك في الواقع.

قولًا واحدًا.. جميع الأراضي ضمن محفظة المطورين الصناعيين تم بيعها بالفعل

ونحن نتحمل عدة أعباء بدلا من الدولة في الترويج والتمويل، ولسنا تجار أراض ولا نسعى لخطف شيء سريع، ولكننا شركاء في هذه التنمية ونعمل بها بجدية، ولدينا أمل في سرعة طرح الأراضي الجديدة حتى نكون جاهزين لإنجاز أهداف التنمية.

وأعتقد أن كل مطور لديه قائمة بطلبات عدد من المستثمرين الراغبين في شراء أراض صناعية فور توافرها.

أحمد رضوان: هل نفهم من ذلك أن كل الأراضي التي بحوزة المطورين الصناعيين تم الانتهاء من بيعها؟

المعتز بهاء الدين: تقريبا.

باسل شعيرة: بالنسبة لي نعم، قولا واحدا.

محمد القماح: نعم، ما تبقى قليل جدا، ففي العين السخنة على سبيل المثال وهي نموذج مختلف إلى حد كبير لكونها منطقة اقتصادية هدفها الأساسي هو التصدير، وبالتالي تتضمن إستراتيجية مختلفة وما زال متاحا بها أراض نظرا لطبيعتها ومتطلباتها الخاصة، أما المناطق الصناعية والاستثمارية العادية فنفدت بالفعل، وهناك طلب كبير متوافر بالسوق على أراضيها.

المهندس محمد القماح الرئيس التنفيذي لشركة السويدي للتنمية الصناعية

أمل كبير في طرح أراضٍ جديدة للتطوير الصناعي.. ولدينا قوائم انتظار من مستثمرين

ولمسنا من الحكومة أن هناك سمعة ارتبطت بالمطورين الصناعيين بشأن تسقيع الأراضي، ولكننا كمطورين ظُلمنا في ذلك، وطلبنا طرح أراض جديدة لاستكمال أعمالنا، وقلنا إذا لم تطرح هيئة التنمية الصناعية أراضي جديدة، فسنلجأ للجهات الأخرى التي تطرح أراضي داخل الدولة مثل هيئة المنطقة الاقتصادية وهيئة المجتمعات العمرانية، ففي النهاية لدينا أهداف يجب تحقيقها خاصة في ظل توافر الطلب على الأراضي الصناعية من قبل مستثمرين داخل وخارج مصر رغم ما نواجه من صعوبات وتحديات.

أحمد رضوان: وكيف تفاعلون مع طلبكم؟

محمد القماح: في الحقيقة هناك استجابة، ونحن لدينا طلب بالفعل على منطقة مثل مدينة أكتوبر الجديدة التي رأيناها مبكرا، نظرا لعملنا في الميناء الجاف، ونتحدث مع المطورين وهناك مناقشات بخصوص هذا الشأن، وهناك مطورون آخرون طلبوا أراضي جديدة في المنطقة، وفي النهاية ما سيتم الاستقرار عليه سيسري على جميع المطورين.

رئيس الوزراء طلب الإسراع في تأسيس مصانع بأرض أكتوبر الجديدة.. ولو مرحليًّا

وطالب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي خلال التشاور بضرورة أن ترى الحكومة مصانع قائمة في أسرع وقت ممكن على الأراضي الجديدة التي سيتم طرحها على المطورين الصناعيين، وفي الحقيقة رحبنا بذلك وعرضنا أن يكون في العقود شرط ينص على الالتزام بإقامة مصانع خلال مراحل المشروع.

ولا بد أن نعلم أن الأراضي الصناعية تمثل 20 إلى 25% من الاستثمار الكامل، فالمصنع يضخ استثمارات أخرى في البناء وشراء الماكينات، فالأرض ليست كل شيء في الاستثمار الصناعي ولكنها نقطة البداية، وهذا جزء خارج عن مسؤولية المطور الصناعي ولكننا نستطيع السيطرة عليه.

والحكومة بحاجة لالتزام واضح من المطورين الصناعيين في مدينة أكتوبر الجديدة، فعلى سبيل المثال إذا كان المشروع سيتم تنفيذه على مرحلتين ينبغي أن يكون هناك وقت محدد للتنمية، فهناك عملية تطوير خاصة بالبنية التحتية وهي مسؤولية المطور والتزام عليه، كما يوجد عملية تنمية تتمثل في الوصول لمرحلة وجود مصانع تعمل بالفعل.

وهذه الجزئية حتى أستطيع الالتزام بها يجب أن تكون خلال مدة زمنية أوسع، بمعنى أن بناء منطقة مساحتها حوالي 5 ملايين متر خلال 3 سنوات فلا نستطيع أن تكون جميع المصانع التي ستتواجد بها وصلت لمرحلة العمل الفعلي خلال المدة نفسها، خاصة أن الذي يقوم ببناء مصنع على مساحة 20 إلى 30 ألف متر يستغرق مدة 18 شهرا أو عامين، لكننا مستعدون للعمل بالتزام على محور التنمية إلى جانب التطوير بدعم من الطلب المتوافر لدينا من قبل المصنعين والمستثمرين.

باسل شعيرة: إذا نظرنا لعقود المطورين الصناعيين الحالية سنجد أن معظم هذه البنود مغطاة بالفعل، فلا يجوز لنا البيع لمستثمر صناعي دون منحه مهلة، فالمطور ملزم بإعطاء المستثمر المهلة الحكومية البالغة 3 سنوات، وإلا سيتم سحب الأرض منه، وبالتالي ليست لديه فرصة لتسقيع الأرض بعد شرائها من المطور.

كما تتضمن العقود بندا آخر خاصًّا بأنه في حال وجود مطور صناعي ممتنع عن بيع الأرض بغرض تسقيعها يحق لهيئة التنمية الصناعية إلزامه بالتوقيع مع العميل الذي يرغب في الحصول على أرض بغرض إقامة مصنع، وبالتالي فتسقيع المطورين الصناعيين الأراضي خيار غير متاح في ظل قدرة الحكومة على التدخل وإجباره على البيع بموجب هذا الشرط التعاقدي.

وفقًا للعقود الحالية لا يمكن البيع لمستثمر صناعي دون النص على مهلة للانتهاء من مشروعه

وأرى أن عقود المطوريين الصناعيين الحالية جيدة جدا وبالفعل غطت كل البنود التي من شأنها فرض التزامات التطوير وتحقيق الأهداف.

العقود أيضًا تجبر المطور الصناعي على قبول أي طلب لمستثمر يأتي عبر هيئة التنمية الصناعية

والسبب الرئيسي في نجاح آلية المطور الصناعي هو أن العقود جميعها موحدة، ولا يملك مطور ميزة لا يمتلكها المطور الآخر، ولذلك نجد أن التنافس بين المطورين يتم بصورة صحية.

محمد القماح: وفي الحقيقة كان هناك تفهم كبير لموضوع المرافق الرئيسية، وهذه النقطة تتعلق أيضا بسمعة المطور، فكثيرا ما يقال لنا لماذا لا تذهبون للتطوير الصناعي في محافظات الصعيد، وحتى نزيل هذه الفكرة الخاطئة، ونوضح أنه ليست لدينا أي مشكلات في العمل بالصعيد وتقدمنا للحكومة لإدارة المناطق الصناعي.

لا يوجد لدى المطورين أي مشكلة في العمل بالصعيد.. ولكن أين المرافق؟

ولكن الفكرة هي أننا نعمل وفقا لطريقة معينة، وهي ضرورة توافر المرافق بصورة ميسرة، ودائما ما يقال إن الأراضي في الصعيد منخفضة السعر إلى حد كبير دون النظر إلى الصورة الكاملة.

باسل شعيرة: ولكن أين المرافق؟

محمد القماح: بالضبط، هذه مسألة مهمة.

أحمد رضوان: ما وضع المرافق في أراضي منطقة أكتوبر الجديدة، هل تقع بالقرب من حدودها؟

محمد القماح: نعم

ياسمين منير: هذه المنطقة تشهد عمليات تطوير منذ فترة.

محمد القماح: هيئة المجتمعات العمرانية هي التي تقوم بترفيق الأراضي والأمر في يدها بالكامل، والتعاقد معها كجهة ولاية أو جهة تعاقد أمر جيد ولا يتضمن أي مشكلات.

وأحد الأمور التي طرحت علينا وهي ليست سرا، أن المطور الذي يرغب في الحصول على قطعة أرض بمدينة أكتوبر الجديدة أن يحصل بجانبها على أرض بمنطقة أخرى أقل على مستوى الإمكانيات، وكانت لديهم رغبة في طرح قائمة تضم عدة مناطق متنوعة وربط الحصول على بعضها بأخرى، بمعنى أن نحصل على 10% من إجمالي المساحة المطلوبة في منطقة الصعيد، أي أنه في حال الحصول على 5 ملايين متر في منطقة مميزة لا بد أن تحصل على نصف مليون متر في قنا على سبيل المثال، ولكنني أرى أن ذلك لم يأخذ في حسابه منظومة التسويق لدينا، فنحن لدينا رغبة في الحصول على أراض بمدينة أكتوبر الجديدة أو العين السخنة بعد إجراء الدراسات اللازمة لقياس رغبات المستثمرين المستهدفين من قبلنا لبيع الأراضي بعد تطويرها.

الحكومة تفهمت وجهة نظر المطورين تجاه العمل في محافظات الصعيد

وفي الحقيقة هناك من قال إن الأمور لا تسير كذلك، وإن المطورين الصناعيين يعملون وفقا لدراسات وإستراتيجيات واضحة، وهل أراضي الصعيد كانت جاهزة على مستوى المرافق الرئيسية؟ فهناك تجارب مؤلمة لشركات متعددة الجنسيات ذهبت للعمل في هذه المناطق.

باسل شعيرة: هناك بعض الشركات المحسوبة على المطور الصناعي وهي ليست كذلك، مثل شركات المشروع الواحد التي حصلت على أرض كبيرة لإقامة مصنعها الخاص في الأساس وعلى أن تكون باقي مساحة الأرض للتطوير الصناعي، وهذا النموذج موجود ولكن يجب ألا يتم وضعه في سلة واحدة مع المطور الصناعي، لأنه قد لا يقوم بعملية التطوير لهذه المساحة واستغلالها بالكامل، فالمطورون الصناعيون الحقيقيون يتمثلون في الشركات التي واصلت العمل بأكثر من مشروع وقامت بتطوير الأراضي للغير وليست لصالح المصانع الخاصة بها فقط.

شركات المشروع الواحد التي حصلت على أرض لبناء مصنع لها ولم تستغل باقي الأرض.. نموذج مختلف تمامًا عن المطور الصناعي

المطورون النشطون بالفعل في السوق المصرية لا يتجاوز عددهم 6 مطورين، وبالفعل جميعهم عمل في مشروعين أو ثلاثة مشروعات وطوروا المناطق للغير.

رضوى إبراهيم: هل هناك فروق أخرى توضح من هو المطور الحقيقي بخلاف القياس على أساس عدد المشروعات التي نفذها، فقد يكون مشروعًا واحدًا لكنه كبير الحجم أو حقق نجاحا؟

عمرو البطريق: صاحب المشروع الواحد لم يجذب استثمارات للسوق ولم يعمل كما هو مطلوب منه، وبالتالي فهو مستمر على ذلك الوضع وتسبب في إلصاق سمعة سيئة للمطورين الصناعيين، وإذا رجعنا للنقطة التي أثيرت منذ قليل في اللقاء حول شروط وبنود التعاقد على الأراضي الجديدة أو الأراضي القديمة.

عدم التزام شركات المشروع الواحد أثر بالسلب على سمعة المطور الصناعي

ففي حالة أننا وحدنا نموذج العقد الخاص بالمطور الصناعي المعمول به منذ 2007 وحتى اليوم وتم تطبيق ذلك مع هيئة المجتمعات العمرانية ووزارة الإسكان أو مع جهات أخرى، أرى أنه سيقضي على فكرة المطور ذي المشروع الواحد.

توحيد نموذج التعاقد مع المطورين الصناعيين سيقضي على فكرة المطور صاحب المشروع الواحد

رضوى إبراهيم: لم نعتد رؤية هذا المستوى من التنسيق والود بين المتنافسين في نفس المجال أو النشاط الاقتصادي.. هل ترون أن ما يواجه نشاط التطوير الصناعي من تحديات أو أزمات خاصة بالوضع الاقتصادي الحالي كان بشكل أو بأخر سببًا في القضاء على حدة المنافسة الطبيعية فيما بينكم، بهدف توحيد الرؤى والمطالب بما يزيد من فرص الوصول إلى وضع أفضل للنشاط؟

محمد القماح: أرى أن ذلك تطور طبيعي، فالمطور العقاري عندما بدأ بمصر في حقبة التسعينيات كانت فكرة الكومباوند أو التجمع السكني يصعب استيعابها، وبدأت بعدد محدود من المطورين العقاريين، ولكن إذا نظرنا لوضع هذا النشاط اليوم سنجد أن هناك عددًا كبيرًا من المتنافسين يصل لمئات المطورين، كما توجد عدة شرائح ومستويات مختلفة من المنتج وهذا أمر طبيعي ومناسب لتطور النشاط وانتشاره.

رضوى إبراهيم: ولكن تظل المنافسة شرسة بين المطورين العقاريين الذين يخاطبون نفس الشريحة من العملاء.

باسل شعيرة: وهناك أيضا تعاون بينه

رضوى إبراهيم: بالتأكيد هناك تعاون بين العاملين في نفس الفئة من الإسكان ولكن تكون في مواجهة المشكلات التي تتسبب فيها الشرائح الأخرى ومن شأنها التأثير على أوضاع النشاط أو القطاع ككل، كالشركات التي لا تملك الملاءة المالية الكافية وتنتهج أساليب بناء أو بيع ذات أثر كبير على السوق، مثل فكرة المطور الصناعي للمشروع الواحد التي تحدثنا عنها منذ قليل.

هدوء المنافسة بين شركات التطوير الصناعي سببه حداثة النموذج عكس شركات التطوير العقاري

محمد القماح: نعم، ولكن ذلك لأن نشاط المطور الصناعي لم يصل إلى مرحلة النضوج الذي وصل إليها المطور العقاري، وعندما نصل كنشاط التطوير الصناعي لهذه المرحلة من النضج سنرى نفس شكل المنافسة التي يشهدها نشاط التطوير العقاري حاليا، ولذلك نحن نرى أننا بحاجة لاستهداف هذا المستوى خلال الفترة الحالية.

باسل شعيرة: في الحقيقة لا أراها كذلك، فالتنافس موجود فيما بيننا، وعند التواصل مع العملاء يدور حديث حول العروض التي تلقاها من المنافسين الآخرين، وبالتالي هناك منافسة قائمة.

شراسة المنافسة بين المطورين الصناعيين قائمة

رضوى إبراهيم: إذا بحثنا عن النقاط المضيئة أمام نشاط المطور الصناعي، سنجد أن الحديث عن نفاد رصيد الأراضي التي بحوزة المطورين الصناعيين خلال الوقت الحالي كما تحمل تحدي ضرورة إسراع الحكومة في المزيد من الطروحات الجديد، تحمل أيضا أمرا إيجابيا وهو أن الأراضي نفدت بدعم من حجم الطلب على الأراضي الصناعية، وهو ما يشير إلى نظرة ورؤية المستثمرين الصناعيين للسوق المصرية وأنها ما زالت جاذبة لاستثماراتهم وتوسعاته. هل ترون أن الطلب على الأراضي الصناعة لا يزال بنفس المستوى خلال الوقت الحالي؟

باسل شعيرة: قولا واحدا نعم ما زال هناك طلب مستمر ومتزايد من المصنعيين على الأراضي المطورة، والسوق المصرية تحمل فرصًا للنمو، وفي الحقيقة ليست أمامنا خيارات أخرى بخلاف الصناعة لتحقيق نهضة كبيرة، خاصة بعد اختبار مخاطر الرهان على استثمارات الأموال الساخنة التي لا تحمل أي استدامة، ولكن الصناعة هي الأجدر بتحقيق الاستدامة التي نسعى لها.

منافسة كبيرة على جذب الاستثمار بين مصر وتركيا والمغرب والسعودية والإمارات

فعند النظر إلى تقلبات الأوضاع التي حدثت على مستوى الاقتصاد العالمي، سنجد أن المشهد يتركز في المنافسة بين عدة دول هي مصر والمغرب وتركيا، فيما يخص القطاع الصناعي.

محمد القماح: والسعودية.

عمرو البطريق: نعم السعودية والإمارات أيضا.

باسل شعيرة: وهذا يعني أن خريطة الاستثمار الصناعي سيعاد رسمها، وعلينا الاستعداد للاستفادة من ذلك، لأن السوق المصرية مؤهلة للمنافسة على نصيب أكبر من سوق الاستثمار الصناعي العالمي.

محمد القماح: بالفعل لا بد أن تستكمل الحكومة خططها وطموحاتها في هذا النشاط وهو ما لمسناه مؤخرا في حديثها، وهذا الوقت مناسب لإنجاز وتحقيق تلك الأهداف، ونحن كمجموعة السويدى نرى أنه بات من الضروري التحرك بصورة عاجلة نحو زيادة نصيب مصر من الاستثمارات الصناعية التي تبحث عن أسواق جديدة.

ياسمين منير: حاليا أم قبل ذلك بفترة؟

محمد القماح: لا بد أن نسرع حاليا، خاصة أن ما تسببت فيه الحرب الأوكرانية الروسية من أزمات لدول أوروبا على مستوى احتياجاتها من الغاز، وبالتالي هناك شركات عالمية ستخرج من السوق الأوروبية ودخول أسواق بديلة لا تعاني الأزمات نفسها، ولذلك يجب أن نتحرك بشكل أسرع في توفير الأراضي المرفقة على أقل تقدير في ظل وجود أسواق أخرى لديها وضع أفضل على مستوى الحوافز وقانون الاستثمار.

يجب الإسراع في اتخاذ القرارات المحفزة.. وعلى سبيل المثال، نتفاوض على أرض أكتوبر الجديدة منذ أكثر من عام ونصف

وهناك بشائر ومؤشرات إيجابية أرى أنه من الضرورى أن نسرع في البناء عليها لزياد نصيب مصر من الاستثمارات الصناعية، فنحن نتحدث منذ أكثر من عام ونصف العام في موضوع أرض مدينة أكتوبر الجديدة.

ياسمين منير: هذا ما أقصده، ما الفترة التي يجب أن يستغرقها ذلك؟، فالحديث عن أهمية الصناعة وأنها فرس الرهان القادر على النهوض بمصر من الأزمات الاقتصادية مفتوح منذ فترة طويلة، كما أنكم تتحدثون عن ندرة الأراضي لديكم منذ فترة، وتلك المطالب خرجت من كيانات كبرى وقادرة على التواصل مع الحكومة بشكل مباشر.

المعتز بهاء الدين: إذا نظرنا إلى منحنى التصدير الخاص بمصر، سنجد أن أكبر قفزة حدثت خلال العامين الماضيين على الرغم من أنها كانت فترة أزمة، وهو ما أدى إلى تقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير، وهناك إجراءات اقتصادية ساعدت الحكومة في ذلك وعبر التضييق على عمليات الاستيراد وخروج العملة الصعبة نتيجة الظروف الاقتصادية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.

منحنى التصدير شهد أكبر قفزة في العامين الأخيرين رغم الأزمات.. ما ساهم في تضييق الفجوة مع الواردات

ولكن في النهاية هناك إنجاز حدث على مستوى تقليل الفجوة بين التصدير والاستيراد بصورة كبيرة، فحجم الصادرات سجل ارتفاعًا ملحوظا.

فعلى سبيل المثال تلقت شركة CPC عدة طلبات من مستثمرين من أسواق شرق آسيا خلال العام الماضي يرغبون في العمل الصناعي بمصر بعد اضطرابات سلاسل التوريد العالمية التي قيدت صادراتهم لدول أوروبا، وبالتالي سيسهم الموقع المتميز لمصر في تيسير صادراتهم لأوروبا من جديد، بالإضافة إلى سهولة وصول منتجاتهم إلى دول أفريقيا وبتكلفة أقل أيضا.

شركة CPC استقبلت العام الماضي مستثمرين من شرق آسيا للاستفادة من المزايا التفضيلية لمصر في مواجهة اضطرابات سلاسل الإمداد العالمية

وأصبحت لدينا ميزة تفضيلية عن أسواق أخرى خلال الوقت الحالي تستحق أن يسعى المصنعون للحصول عليها رغم من مشكلات البيروقراطية وتضارت جهات الولاية على الأراضي وغيرها من المعوقات التي تشهدها السوق المصرية.

رضوى إبراهيم: أزمات تخلق الفرص.

المعتز بهاء الدين: بالضبط، وهذا جزء من المهم النظر إليه عندما نتحدث عن النقاط الإيجابية والمضيئة.

أحمد رضوان: نستأذنكم في استراحة قصيرة ثم نعود مع الجزء الثاني من اللقاء.

الرابط المختصر