رويترز – أظهر مسح يوم الأربعاء أن نشاط التصنيع في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا انكمش مرة أخرى الشهر الماضي، مما يؤكد هشاشة الانتعاش الاقتصادي العالمي، على الرغم من أن المصانع في منطقة اليورو على الأقل ربما تخطت أسوأ مراحلها.
وتأتي أحدث الأرقام في الوقت الذي يستعد فيه محافظو البنوك المركزية لجولة أخرى من زيادات أسعار الفائدة للتصدي لارتفاع التضخم. ومجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي عازم فيما يبدو على زيادة كلفة الاقتراض نحو 25 نقطة أساس في وقت لاحق يوم الأربعاء بينما من المتوقع أن يضيف كل من المركزي الأوروبي وبنك انجلترا 50 نقطة أساس يوم الخميس.
وأدت أسرع دورة لزيادة أسعار الفائدة للاحتياطي الاتحادي منذ الثمانينيات إلى تقلص شديد على طلب السلع التي تُشترى غالبا عن طريق الائتمان. وواصل نشاط التصنيع في الولايات المتحدة انخفاضه في يناير. وسجل معهد إدارة التوريدات انخفاضا في مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى 47.4 نزولا من 48.4 في ديسمبر.
ودفع الانكماش الشهري الثالث على التوالي المؤشر إلى أدنى مستوى منذ مايو 2020 ليصيح أقل من مستوى 48.7 الذي يعتبر متسقا مع الركود في الاقتصاد الأوسع. وتشير قراءة مؤشر مديري المشتريات عند أقل من 50 إلى انكماش في التصنيع الذي يمثل 11.3% من الاقتصاد الأمريكي.
والارتفاع السابق للدولار مقابل عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة وتراجع الطلب العالمي يضران أيضا بالتصنيع في أكبر اقتصاد في العالم.
وقال اقتصاديون في شركة جيفيريز في مذكرة للعملاء بعد نشر المسح “سنظل فيما يبدو نطالع تراجعا في قطاع التصنيع لبضعة أشهر أخرى، على أقل تقدير”.
لكن الجمع بين تحسن العرض وانحسار الطلب أدى إلى تباطؤ كبير في تضخم أسعار المستهلكين وتضخم البيع بالجملة، مع انخفاض مباشر في الأسعار الشهرية للسلع.
وعلى الرغم من تعرض الطلب للضغط، تحتفظ المصانع الأمريكية بعمالها، حتى الآن. وانخفض معيار معهد إدارة التوريدات لعمالة المصانع قليلا إلى 50.6 نزولا من 50.8 في ديسمبر.
تعاف في منطقة اليورو وضغط في آسيا
تراجعت ضغوط الأسعار وهدأت وتيرة انخفاض الطلب في دول منطقة اليورو العشرين مما عزز التفاؤل. وأظهرت بيانات رسمية يوم الثلاثاء زيادة النمو في المنطقة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022 مما جنبها الوقوع في براثن ركود.
وارتفع مؤشر ستاندرد اند بورز جلوبال لمديري مشتريات قطاع الصناعات التحويلية بمنطقة اليورو في قراءته النهائية إلى أعلى مستوى في 5 أشهر عند 48.8 في يناير من 47.8 في ديسمبر، فيما يتماشى مع القراءة الأولية لكنه مازال أقل من مستوى 50 الذي يفصل النمو عن الانكماش.
وبدأ المصنعون في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، عام 2023 بتوقعات أكثر تفاؤلا نوعا ما للعام المقبل على الرغم من استمرار الطلب في الانخفاض مع انحسار مشاكل التضخم وسلسلة التوريد.
وفي فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في الكتلة، عاد نشاط المصانع إلى النمو وإن لم يكن بنفس القوة المتوقعة في البداية.
لكن نشاط التصنيع البريطاني انكمش للشهر السادس على التوالي في يناير مدشنا عاما صعبا في 2023 في وقت كان اقتصاد البلاد فيه على وشك الانزلاق إلى ركود فيما يبدو.
لكن تقلص ضغوط الأسعار سيكون موضع ترحيب من واضعي السياسات في البنك المركزي. والتضخم المتصاعد الذي وُصف في البداية بأنه عابر، اتضح أنه أكثر صمودا مما كان يعتقد، وأدى إلى تشديد نقدي قوي.
وأظهرت بيانات رسمية يوم الأربعاء أن التضخم في منطقة اليورو تراجع للشهر الثالث على التوالي في يناير لكن التعافي قد يكون محدودا مع استقرار نمو الأسعار الأساسي.
وفي آسيا، تقلص نشاط المصانع في يناير، إذ لم تحقق عملية إعادة فتح الصين بعد كوفيد تأثيرها الكامل بعد.
وأظهر مسح للقطاع الخاص أن نشاط المصانع الصينية انكمش ببطء أكبر في يناير بعد أن رفعت بكين قيودا صارمة كانت قد فرضتها لاحتواء تفشي فيروس كورونا أواخر العام الماضي.
وارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الصين في مسح كايشين وستاندرد اند بورز جلوبال إلى 49.2 في يناير من 49.0 في ديسمبر، وظل دون مستوى 50 للشهر السادس على التوالي.
وتناقضت البيانات مع مسح رسمي أفضل من المتوقع لمؤشر مديري المشتريات صدر يوم الثلاثاء. لكن في حين أن مؤشر مديري المشتريات الرسمي يركز إلى حد بعيد على الشركات الصينية الكبيرة والمملوكة للدولة، فإن مسح كايشين يركز على الشركات الصغيرة والمناطق الساحلية.
وأظهرت عمليات المسح أن تخفيف ضغوط أسعار المدخلات قدم أيضا إشارات إيجابية أولية لآسيا، مع تباطؤ وتيرة انكماش الإنتاج في اليابان وكوريا الجنوبية.
لكن هناك عدم يقين بشأن مدى قدرة المنطقة على تحمل الضرر الناجم عن تباطؤ الطلب العالمي والتضخم عنيد الصعود.
وقال تورو نيشيهاما، كبير الاقتصاديين في معهد داي إيتشي لايف ريشيرش في طوكيو “أسوأ مراحل التباطؤ في آسيا ولت، لكن التوقعات يخيم عليها الضعف في وجهات التصدير الرئيسية مثل الولايات المتحدة وأوروبا”.
وأظهرت المسوح أن نشاط المصانع توسع في يناير بإندونيسيا والفلبين لكنه تقلص في ماليزيا وتايوان. وبدأت الصناعة في الهند العام ضعيفة، حيث توسعت بأبطأ وتيرة في ثلاثة أشهر.
ورفع صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء قليلا توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 بناء على الطلب “القوي بشكل مدهش” في الولايات المتحدة وأوروبا وإعادة فتح الاقتصاد الصيني بعد أن تخلت بكين عن ضوابطها الصارمة في مواجهة الجائحة.
لكن صندوق النقد الدولي قال إن النمو العالمي سيواصل التباطؤ إلى 2.9% في 2023 هبوطا من 3.4% في 2022، وحذر من أن العالم قد ينزلق بسهولة إلى هوة الركود.