صالون حابي يرصد آفاق الاستثمار في 2023 .. خلال لقائه الحادي عشر .. الجزء الثاني

أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم.. أهلًا وسهلًا بحضراتكم في الجزء الثاني من لقاء صالون حابي حول آفاق الاستثمار في 2023.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

نتوجه بالسؤال للدكتور سامح الترجمان.. نود أن نتعرف على وجهة نظره وتقيمه لأداء سوق المال وتوقعاته لعام 2023، وهل الخطط الطموحة التي تعلن عنها الحكومة سواء فيما يتعلق ببرنامج الطروحات الحكومية أو فيما يتعلق بعمليات التخارج المستهدفة وفقًا لما تم الإعلان عنه بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، قابلة للتنفيذ باليسر الذي يواكب هذه الآمال، أم أن الوضع قد لا يتسم بهذه السهولة؟

د. سامح الترجمان: سوق المال تحتاج إلى ثلاثة عناصر، الأول هو توافر السيولة في البورصة، فعند النظر إلى حجم السيولة المتواجدة حاليًا بالبورصة نجد أنها ليست بالقوة التي يجب أن تكون عليها بالسوق المصرية، وهو ما يحتاج على الأقل إلى زيادتها بنسبة كبيرة.

الدكتور سامح الترجمان رئيس شركة إيفولف القابضة

تابعنا على | Linkedin | instagram

3 متطلبات لسوق المال أولها حجم سيولة قوي.. والطروحات ستساعد على زيادتها

وبالطبع فإن حدوث طروحات من الشركات كبيرة الحجم ودخولها للسوق يساعد على جذب السيولة.

د. أحمد عبد الحافظ: عبر زيادة المعروض.

د. سامح الترجمان: فمثل الأيام التي كان لدينا برنامج طموح في مصر خلال التسعينيات، نتفق أو نختلف على ما تم في الخصخصة، ولكنه أدى إلى دخول شركات كبيرة للسوق، ثم تبع ذلك دخول شركات قوية جدًّا سواء في القطاع البنكي والقطاع التكنولوجي وكذلك قطاع المقاولات مثل شركة أوراسكوم، وبالتالي أصبح لدينا حجم من الطروحات الكبيرة.

ولكن هذه الشركات خرجت من السوق تباعًا، حتى تقلص رأس المال السوقي في مصر، وبالتالي لم تعد هناك سيولة كبيرة في السوق، وعلى ذلك يجب أن يتم طرح شركات جاذبة حتى يتحقق عنصر توافر السيولة.

برنامج التسعينيات ساعد في ضم شركات قوية للسوق ثم خرجت تدريجيًّا.. وبالتالي يجب طرح شركات جاذبة

النقطة الثانية، هي أنه يجب علينا أن نعرف أن طرح الشركة في حد ذاته هام ولكنه ليس الهدف، فالهدف هنا أنه طالما تم طرح شركة ما فهذا يعني أنه تم التفكير في طريقة إدارة هذه الشركة بما يتناسب مع أسواق المال، بما يعني أن القطاع الذي تعمل من خلاله مهيأ لتحقيق نمو وبالتالي يصبح جاذبًا للاستثمارات، وكذلك يكون هناك اهتمام أيضًا بفكرة الحوكمة، وأمور كثيرة جدًّا تتكامل مع خطوة طرح الشركة في البورصة .

ففي التسعينيات على سبيل المثال تم طرح أحد الشركات، وبعد إتمام الطرح صدر قرار يؤدي إلى أن هذه الشركة قد تكاد تتوقف، للأسف لا أتذكر اسم الشركة ولكن القرار تسبب في تهديد نشاطها الأساسي، قد تكون شركة مصر للأسواق الحرة إذا لم تخني الذاكرة، والتي بعد أن تمت خصخصتها وطرحها في البورصة أصدرت الحكومة قرارًا أثر سلبًا بقوة على النشاط الأساسي للشركة.

طرح الشركات مهم ولكن ليس هو الهدف وإنما أسلوب إدارتها وحوكمتها والقواعد المنظمة لضمان نموها

وعلى ذلك إذا تم طرح شركة في البورصة، يجب مراعاة أن القطاعات التي تعمل بها والمناخ الذي تمارس فيه أعمالها مساند لها حتى تنمو وتكبر، وإلا فلن تستطيع جذب الاستثمارات المرجوة، ففي ضوء تجارب الخصخصة علينا التفكير في هذا الأمر خاصة أنه حدث من قبل.

العنصر الثالث هو الأدوات، فالأدوات المالية المحدودة المتاحة لم تشهد تطويرًا كبيرًا وما زالت أدوات مالية بسيطة، وهو ما أعلنت عنه هيئة الرقابة المالية فيما يتعلق بإدخال ما يسمى بآليات التحوط والمشتقات، فلا بد من إدخال أدوات مالية جديدة للسوق، والهدف منها جميعها ينصب في تجاه كيفية زيادة حجم السيولة بالسوق.

النقطة الأخيرة، أن قطاع سوق المال هام جدًّا لأنه يساعد الشركات في فكرة التخارج، فكل الشركات حول العالم أيًّا كانت تبحث عن شيئين، فأي استثمار يتم مع بدايته التفكير في كيفية الخروج من هذا الاستثمار، وهذا لا يعني بالضرورة الخروج الكامل من الاستثمار ولكن المستثمر يسعى عادة لتحقيق الاستثمار ثم التخارج منه، وهذا يتحقق إما من خلال الطرح في البورصة أو عبر قدوم شركة أخرى لشراء هذا الكيان، ولكن من مصلحتنا أن يتم ذلك في البورصة، لأن وجود شركة قوية في البورصة يضيف لسيولة السوق ويمثل عنصرًا مشجعًا لجذب استثمارات أكبر.

إحدى الشركات التي طرحت في التسعينيات صدرت قرارات معرقلة لنشاطها بعد الطرح

لذلك علينا تسهيل الكثير من الإجراءات والعمل على تشجيع القيد في البورصة، وكذلك إيجاد حوافز تدعم القدرة على تشجيع المستثمرين للاعتماد على البورصة كمكان مناسب للتخارج وكذلك لزيادة رؤوس الأموال، فالمجالان يجب أن يكونا متوافرين، وكلما سهلت ذلك زاد الأثر الإيجابي المترتب عليها.

وبالطبع يجب النظر لهيكل السوق والشركات العاملة في المجال وكيفية تقويتها، خاصة أنه كلما تم العمل على زيادة السيولة زادت الحاجة إلى أن تكون الشركات العاملة في مجال الأوراق المالية ذات ملاءة مالية مختلفة تلائم حجم السوق، فالأمر يختلف عندما تعمل في سوق حجم تداولاته تدور حول 300-400 مليون جنيه، مقارنة بسوق يسجل نحو مليار جنيه، كما يختلف إذا وصل الحجم إلى 3 مليارات جنيه، في حين ما نستهدفه هو تسجيل ما بين 30 إلى 50 مليار جنيه تداولات يومية، وهذا يحتاج إلى إعادة هيكلة السوق بما يجعله قادرًا على استيعاب التعامل مع هذه الأحجام، حتى تستطيع السوق السير والنمو بطريقة منضبطة.

يجب أن يكون المناخ الذي تعمل فيه الشركات المطروحة جاذبًا ومشجعًا على نموها وتوسعها

أعتقد أنه إذا استطعنا أن يتم تنفيذ ذلك من خلال استغلال برنامج مثل الطروحات الحكومية والتعامل معه عبر النظر إلى الجوانب القادرة على إنجاحه، فمن الأمور المهمة أيضًا حماية الاستثمارات، فبرنامج الخصخصة تم إلغاؤه خلال عام 2010 عبر المحكمة وهذا حقها بالطبع، ولكن ترتب على ذلك قضايا تحكيم تسببت في تحميل الدولة أموالًا كبيرة فاقت مع تم الحصول عليه خلال عمليات الخصخصة، وتم الاضطرار إلى إبرام تسويات في هذا الشأن.

فكل هذه الأشياء تتطلب منا النظر إلى الماضي حتى يكون لدينا الدراية بكيفية التعامل معها خلال المرحلة المقبلة، لذلك أرى أن المسألة ليست فقط تتعلق بطرح الشركات بقدر ما هو الوقوف على كيف سيكون هذا الطرح ناجحًا بالفعل، وهذا هو التحدي الكبير، وأرى أن الدولة لديها رغبة في نجاح هذا البرنامج، وبالتالي ستنظر في هذه الأمور كلها وتضع حلول لها.

لا بد من دخول أدوات مالية جديدة تستهدف بالأساس زيادة السيولة.. وتسهيل إجراءات وتحفيز القيد بالبورصة

رضوى إبراهيم: هل ترى أن جزءًا من هذا النجاح يتعلق بالتقييمات؟ فقد قيل إن الدولة قامت بإبطاء السير في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية بسبب لمس قدر من اللوم حول تقييمات الكيانات التي طرحت مؤخرًا.. أم ترى أنه من الأفضل الإسراع بالطروحات بغض النظر عن التقييم؟

د. سامح الترجمان: في التقييمات من المستحيل الوصول إلى التقييم الذي يرضي جميع الأطراف، فالتقييمات مرتبطة بعدة عناصر، أولًا الرغبة في البيع بقيمة معينة، فعند بيع أي شيء سواء منتج تم تصنيعه أو سلعة ما يتم طرحها فيكون هناك رغبة في تحقيق قيمة معينة، ولكن هذا السعر يتم الاعتداد به عندما يتوافر من يقبل بالشراء عند هذه القيمة، فإذا لم يتوافر مشترٍ لها فإذا هذا ليس السعر المناسب وإنما تقييم صاحب المنتج لقيمة ما يتم بيعه.

ونفس الأمر بالنسبة للأسواق، فالشركات لا يمكن تحديد قيمتها العادلة بصورة دقيقة، وإنما يكون لصاحب الشركة رأي بأن قيمة الشركة يمكن أن تقدر بهذا المبلغ أيًّا ما يكون هذا الرقم، ولكن كيف ستقيم السوق هذه الشركة؟ فيجب حينها السماع لصوت السوق، هذا إذا كنت جادًّا في البيع، فالجدية في قرار البيع تتطلب الإصغاء لصوت السوق وكذلك للظروف المحيطة بالأسواق.

د. أحمد شلبي: والتوقيت.

د. سامح الترجمان: بالفعل التوقيت وما إلى ذلك، وإذا وجدت أن السعر غير مناسب لك لأي سبب من الأسباب، فيمكن حينها بدلًا من طرح نحو 30-40٪ الاكتفاء بطرح نسبة في حدود 10٪، وهذه النسبة تكون بداية لقيد الشركة في البورصة حتى يتسنى للمستثمرين التأكد من الأداء الجيد للشركة وأن الحصة المطروحة البالغة 10٪ تحظى بتجاوب من المتعاملين، يما يؤثر إيجابيًّا على أداد السوق.

كلما زادت السيولة زادت متطلبات الملاءة المالية للشركات العاملة في مجال الأوراق المالية

رضوى إبراهيم: اسمح لي أن نتوقف عند نقطة أخرى في هذه الجزئية، فعلى صعيد صندوق ما قبل الطروحات التابع للصندوق السيادي المصري، تم تداول أخبار غير رسمية تتعلق بالكيانات التي تم حسم نقلها لهذا الصندوق، ومن اللافت أن هذه الكيانات كان من المخطط طرحها في البورصة كطرح عام أولي، ولكن الحديث الآن عن وجود مرحلة سابقة للطرح تشهد جذب مستثمر استراتيجي.

إذا رغبنا في تقديم توصية قبل تنفيذ ذلك وتحوله إلى أمر واقع.. هل ترى أن هذه الخطوة تصب في مصلحة نجاح برنامج الطروحات الحكومية أم أن دخول مستثمر استراتيجي بالشركات قبل الطرح العام يهدد جاذبيتها أمام باقي المستثمرين في ظل وجود جهة مسيطرة جديدة حلت محل الدولة في هيكل الملكية؟

أحد أسباب تراجع طروحات القطاع الخاص هو انكماشه.. وفي المقابل زاد نشاط الاستحواذ

د. سامح الترجمان: أرى أولًا أن فكرة صندوق ما قبل الطروحات جيدة للغاية، لأن ليس كل الشركات جاهزة لخطوة الطرح، وبالتالي يتم إدخال الشركات لهذا الصندوق حتى يتم تجهيزها للطرح.

وفي الحقيقة لا يوجد إجابة لهذا السؤال، لأن كل شركة لها وضعها الخاص، كما أن علينا التعرف على المتاح، ففي بعض الأحيان نتكلم كأننا الوحيدون أصحاب اتخاذ القرار، فعندما يكون الحديث عن طرح شركة، يجب النظر إلى المستثمر المتاح ورغبته، فبالتأكيد لن يفرض عليه فرص بعينها، لذلك علينا التعرف على المتاح وما هو مناسب للشركة حتى يتم التعامل معها، لذلك لا يوجد ما هو صحيح وما هو خطأ في هذه المسألة ولكن هناك ما هو متاح.

هيكل السوق يجب أن يكون قادرًا على التعامل مع معدلات تداول يومية أضعاف أضعاف الحالية

فعلينا التعامل مع الواقع، والواقع يقول إن الدولة في حاجة إلى تنفيذ هذا البرنامج، وعلى ذلك يتم بحث أفضل الحلول في هذا الشأن وتحديدها في نقاط واختيار الأنسب من بينها، قد يكون حينها المستثمر الاستراتيجي يمثل فكرة جيدة، وقد يكون الطرح العام هو الأنسب، فمن الصعب الإجابة عن هذا السؤال بهذه السهولة خلال المناقشات، فلا بد من رؤية الوضع كاملًا، وصاحب القرار في هذه الحالة بالتأكيد يرى الأبعاد المختلفة كلها حتى يستطيع تحديد الأسلوب الأنسب للتعامل مع كل كيان، وهذا رأيي الشخصي.

أحمد رضوان: إذا كان هذا الوضع يتعلق ببرنامج الطروحات الحكومية ومحفظة الشركات التابعة للدولة.. ما هو تفسيرك لأسباب غياب القطاع الخاص خلال الفترة الأخيرة عن الطروحات بسوق المال؟

د. سامح الترجمان: لقد اتفقنا على أن القطاع الخاص تقلص خلال الفترة الأخيرة، وهذا يعني أن قدرته على النمو أصبحت أقل كثيرًا، في حين أن الاتجاه لطرح الشركات يتم عندما يتوافر النمو، وبالتالي يجب أن يتحقق النمو، وهذه هي النقطة الأولى.

حماية وتحصين الاستثمارات مسألة مهمة حتى لا تتكرر مشاكل التعويضات التي فاقت حصيلة الخصخصة

ولكن ما شاهدناه بالفعل هو وجود صفقات استحواذ أكثر، فبالنظر إلى نشاط الاستحواذ نجد أنه تفوق بفارق كبير عن حركة الطروحات في البورصة، لأن الاستحواذ يعني أن الشركة ترى أن هذه الخطوة ستساعدها على تطوير أعمالها، أو أنها شركة أجنبية وترى أن الاستحواذ هو مدخلها المناسب للتواجد بالسوق المصرية، كما أن السعر مناسب.

إذًا في هذه الحالة من الصعب على القطاع الخاص أن ينفذ الطروحات الكبيرة القادرة على إحداث فارق في السوق، الذي تقلص دوره لأسباب كثيرة تم شرحها سابقًا، في حين قد نجد في المقابل نشاطًا كبيرًا في بورصة النيل، فالشركات المتوسطة والصغيرة نشطت نسبيًّا في حركة الطروحات ولكن حجمها صغير، وبالتالي لم تحدث الفارق الذي يمكن الشعور به.

ضعف السيولة تسبب في تداول العديد من الشركات بأقل كثيرًا من قيمة أصولها

ياسمين منير: ماذا عن عنصر الثقة في السوق الرئيسية.. هل ترى أن الإعلان المتكرر عن برنامج الطروحات الحكومية دون تنفيذه بالتزامن مع ضعف السيولة بالسوق أثر سلبًا على ثقة المستثمرين بالبورصة كمصدر تمويل مناسب خلال هذه المرحلة؟

د. سامح الترجمان: الأهم من الثقة هو السيولة، فحجم السوق كان يسجل أرقامًا متواضعة نسبيًّا بما لا يشجع المستثمر على طرح شركته، بالإضافة إلى أنه نتيجة لضعف السيولة وجدنا شركات كثيرة تداول بأقل من قيمتها بمستويات كبيرة رغم أن حجم وقيمة أصولها تفوق بكثير قيمتها السوقية في البورصة وفقًا لسعر السهم، كما أن بعض الأسهم انخفضت عن القيمة الاسمية رغم قوة أصولها، وهذا نتيجة لضعف السيولة.

لا يوجد تقييم يرضي جميع الأطراف.. وسعر التنفيذ هو المعبر عن الواقع.. ويجب الاستماع لصوت السوق والظروف القائمة

لذلك أعتقد أن غياب السيولة لن يشجع الشركات على الدخول للبورصة، فالسيولة تمثل عنصرًا أساسيًّا، والمستثمر الذي يرغب في طرح شركته في البورصة يكون احتياجه الأساسي هو توافر السيولة، والتي من دونها سيكون من الصعب التعامل الجيد على الأسهم وبالتالي لن تكون جاذبة.

ياسمين منير: د. أحمد شلبي.. نود أن ننتقل معك لصناعة التطوير العقاري خلال هذه المرحلة بما في ذلك نشاط التطوير ذاته والصناعات المرتبطة به مثل مواد البناء والمقاولات.. ما هي التحديات تفصيلًا التي تراها مؤثرة خلال هذه المرحلة؟

د. أحمد شلبي: صناعة التطوير العقاري من الصناعات بالتأكيد التي يؤكد الجميع دائمًا على أهميتها للاقتصاد المصري وتمثل نسبة كبيرة من إجمالي الناتج القومي، فالعقار والمقاولات فقط بدون إضافة مواد البناء يمثلان ما يقرب من 20٪ أو أكثر، لذلك فهي صناعة هامة جدًّا ومؤثرة للغاية، كما أنها صناعة مشغلة لعدد كبير من الصناعات، وجزء أساسي من خطة الدولة خلال السنوات الماضية.

الدكتور أحمد شلبي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر

صناعة التطوير العقاري تعرضت لضغوط اقتصادية عديدة منذ 2016 بعدما انتقلت آثار جميع الإجراءات والتحديات إلى مدخلاتها

فخطة الدولة خلال السنوات الماضية كانت قائمة على التنمية العمرانية والتوسع في المدن الجديدة، واليوم لدينا عدد المدن الجديدة التي تم تنفيذها يقرب من 24 مدينة في الجيل الأول والثاني والثالث، ثم تمت إضافة نحو 36 مدينة تمثل مدن الجيل الرابع وخلافه، وبالتالي هناك عدد كبير جدًّا من المدن حاليًا تحت التنفيذ، كما أن رقعة التنمية شاسعة للغاية بما في ذلك العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين والجلالة والمنصورة الجديدة وغيرها من المدن بكل الأقاليم، وبالتالي أصبحت هذه الصناعة تشغل حيزًا كبيرًا جدًّا من الاقتصاد المصري، كما تساهم في تشغيل أعداد كبيرة جدًّا من العمالة.

هذه الصناعة في ذات الوقت وبالتوازي مع هذا النمو الكبير، تتعرض لضغوط شديدة بداية من العام 2016 الذي شهد تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، فالإصلاح الاقتصادي بالتأكيد كلنا متفقون على أهميته للاقتصاد المصري ولكنه أسفر عن ضغوط على هذه الصناعة بداية من التعويم وتأثيره على سعر الصرف وتكلفة المواد الخام، وتحرير أسعار الطاقة الذي كان مؤثرًا جدًّا، وكذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة إذا عدنا للوراء بعض الشيء، فعند تطبيق هذه القرارات انتقل أثرها لهذه الصناعة في ظل تطبيقها على كل المدخلات، وبالتالي أصبح المطور العقاري يمثل المظلة التي اجتمعت تحتها كل الآثار المترتبة على التطبيق.

التطوير العقاري يبحث عن نموذج عمل جديد يلائم صعوبة قياس المتغيرات الاقتصادية المؤثرة عليها

وبعد ذلك واجهت مصر أزمة وباء كوڤيد 19 وتأثيره كتحدٍّ على تباطؤ الأعمال وكذلك تباطؤ توريد الخامات، الأمر الذي امتد بعد ذلك لأزمة سلاسل التوريد التي نتج عنها أزمة في توافر الخامات، ثم واجهنا في عام 2022 سلسلة من قرارات تعويم العملة على كذا مرحلة.

وقد أدت هذه الأوضاع إلى تغير كل مدخلات هذه الصناعة، وكذلك تغير آلياتها، وأعتقد أن هذه الصناعة خلال المرحلة الحالية باتت في حاجة إلى إعادة نظر وإعادة تنسيق، والبحث عن نموذج عمل جديد، وهذا من وجهة نظري المتواضعة.

ياسمين منير: ماذا يعني ذلك؟

د. أحمد شلبي: أي إن هذه الصناعة أصبحت المتغيرات بها غير قابلة للتوقع، فقد كانت هذه الصناعة قائمة على أن المتغيرات محسوبة، حيث إن نموذج عمل القطاع العقاري مبني على ما يسمىOff plan sales أو البيع على الرسومات، وهذا يعني أن البيع يتم اليوم وفقًا لسعر محدد، ويتم تقسيط القيمة على مدة زمنية تدور حول 8 سنوات وفقًا للمتوسط السائد لدى أغلب الشركات، والذي يتحرك بين 6 إلى 8 سنوات، وقد يصل إلى 10 سنوات لدى بعض المطورين، في حين يستلم العميل وحدته بعد نحو 4 سنوات.

نموذج عمل القطاع العقاري قائم على البيع على الرسومات بالتقسيط على متوسط آجال ٨ سنوات والتسليم بعد ٤ سنوات

وهذه المبيعات بنيت على معطيات منها تكلفة التمويل التي تكون إلى حد ما محسوبة، وكذلك تكلفة التنفيذ والتضخم السنوي وغيرها من العوامل، ولكن حاليًا كل هذه المعطيات تغيرت، وبالتالي أصبح المطور ملتزمًا بسعر ما مع العميل يتم تقسيطه على مدة محددة، ولكن أثناء هذه المدة تحدث زيادات في تكلفة التنفيذ.

فخلال عامي 2016 و2017 على ما أتذكر، حدث ارتفاع في تكلفة التنفيذ بلغ تقريبًا نحو الضعف، أي أن تكلفة التنفيذ تضاعفت، وهذه التكلفة تشمل كل مدخلات الخامات والحديد والأسمنت ومواد التشطيب وما إلى ذلك.

نموذج البيع بالتقسيط على الرسومات قائم على معطيات منها تكلفة التمويل والتنفيذ والتضخم

وخلال العام الماضي في شهر مارس تحديدًا واجهنا أزمتين، هما أزمة سلاسل الإمداد وقرار التعويم، والأزمتان نتج عنهما ارتفاع في تكلفة التنفيذ بنسبة تدور بين 40 إلى 50٪، ومن شهر سبتمبر الماضي وحتى الآن المؤشرات الأولية تشير إلى زيادة بنحو 50٪ إضافية في تكلفة التنفيذ، والدراسة لم تنتهِ بعد، ولكن هذا يعني أنه منذ شهر مارس الماضي وحتى الآن تضاعفت تكلفة التنفيذ مرة أخرى.

رضوى إبراهيم: الزيادة الأخيرة التي ذكرتها والبالغة 50٪ تتعلق بالفترة من سبتمبر الماضي إلى متى تحديدًا؟

د. أحمد شلبي: منذ سبتمبر 2022 وحتى يناير 2023 أي ثلاثة أشهر، والأمر يظهر جليًّا في مدخل مثل الحديد، فقد ارتفع سعر طن الحديد إلى 30 الف جنيه، كما ارتفعت أسعار الأسمنت وغيرها من المدخلات، فالمنظومة كلها حدث بها زيادة كبيرة في التكلفة، وهذا يعني أن كل الأسعار التي تم البيع على أساسها خلال آخر عامين تواجه مخاطر ارتفاع تكلفة التنفيذ إلى مستوى قد يعادل سعر البيع.

جميع المعطيات التي كان يمكن حسابها تغيرت.. والمطور ملتزم بالسعر مع العميل وأثناء فترة التقسيط ترتفع تكلفة التنفيذ

ويمكن القول إن نموذج عمل المطور العقاري ببساطة، يقضي بأن تكون تكلفة التنفيذ تمثل نحو 50٪ من سعر البيع، كما توجد تكلفة للأرض والتي تقارب اليوم نحو 25-30٪ من إجمالي التكلفة إذا لم تكن أعلى، هذا بالإضافة لتكلفة التسويق والمصروفات الإدارية والمبيعات، وبالتالي أصبح هامش الربح بالشركات العقارية يدور حول 10 إلى 15٪، ولكن حجم الأعمال الكبير يمثل عنصرًا مساعدًا أمام هامش الأرباح القليل كنسبة.

وبالطبع عندما تتضاعف تكلفة التنفيذ ستحقق هذه الشركات خسائر، وبالعودة إلى الأرقام سنجد أن مبيعات الشركات العقارية الكبرى في عام 2021 وصلت إلى 250 مليار جنيه تقريبًا في الساحل الشمالي والعين السخنة وشرق القاهرة وغرب القاهرة، أما في عام 2022 سجلت أكبر 20 شركة عقارية في السوق مبيعات معلنة بقيمة تدور حول 320 مليار جنيه.

تكلفة التنفيذ تضاعفت بين 2016 و2017 وتشمل مدخلات الخامات ومواد البناء والتشطيب

وبذلك تكون الشركات العقارية الكبرى سجلت خلال عامين مبيعات قيمتها 570 مليار جنيه، طبقًا لنموذج العمل الحالي وهو التقسيط على 8 سنوات والتسليم بعد 4 سنوات، وبالتالي ما نقوم ببيعه نبدأ في بنائه بعد عام ونصف أو عامين من التعاقد عليه، وذلك حتى يكون هناك تراكم للسيولة بصورة تساعد على إتمام العملية، وهذا يعني أن 570 مليار جنيه مبيعات الشركات العقارية الكبرى في آخر عامين سيتم البناء في جزء منهم خلال العام الجاري والجزء الآخر خلال العام المقبل.

وهنا نجد أن هذه المبيعات خضعت للزيادة في تكلفة التنفيذ التي تضاعفت، وبالتالي أصبحت التكلفة تعادل سعر البيع بنسبة كبيرة، لأن الأساس هو أن التكلفة تعادل نصف سعر البيع فإذا تضاعفت التكلفة أصبحت نفس سعر البيع، وأقصد المتوسط، فهناك أمتار يتم بيعها بنحو 70 أو 80 ألف جنيه ولكنني أتحدث عن المتوسط العام، ولذلك قلت إن نموذج العمل في القطاع العقاري أصبح يشكل خطورة، وخاصة أن هذا الوضع كان مقبولًا أن يحدث وبالفعل حدث في عام 2016 وتم استيعابه.

الأسعار التي تم على أساسها بيع العقارات في العامين الماضيين أصبحت تعادل تكلفة التنفيذ

وهناك من يقولون في بعض الأحيان لماذا لا تبدأون بناء الوحدات بصورة سريعة، ولكن العميل يقوم بسداد نسبة قليلة من تكلفة الوحدة، ولا بد أن تنتظر الشركات تراكم دورة السيولة النقدية حتى تستطيع بدء البناء، الموضوع معقد وهناك متغيرات عديدة.

د. أحمد عبد الحافظ: بالإضافة إلى المنافسة مع الدولة.

د. أحمد شلبي: المنافسة مع الدولة قصة أخرى، وما أريد أن أقوله هنا هو أنه عندما نختبر مثل هذه الأحداث مرة ثم تستمر الدورة الاقتصادية بعدها لمدة 6 سنوات سنستطيع استيعابها ولكن الأزمة هي تلاحق هذه الأحداث في نفس الدورة العقارية وهوما يخلق مخاطر عالية للغاية، وبالتالي أصبحت هناك خطورة شديدة على هذا القطاع.

أحمد رضوان: كم يبلغ أجل الدورة العقارية؟

د. أحمد عبد الحافظ: مثل الدورة الاقتصادية.

د. أحمد شلبي: تدور بين 5 إلى 7 سنوات، ومنذ عام 2016 وحتى عام 2022-2023 نحن نتحدث عن 7 سنوات، وعندما يحدث في سبع سنوات تعويم للعملة ثم وباء عالمي ثم أزمة في سلالسل التوريد العالمية، إضافة إلى تحرير أسعار الطاقة وحرب دولية وأكثر من تحريك لسعر العملة أيضًا فلا توجد دورة عقارية تستطيع استيعاب وتحمل كل ذلك، فالأمر يحتاج أن نفكر في نموذج عمل جديد، ولدي نموذج جديد أود أن أطرحه.

تكلفة التنفيذ في الأوضاع العادية تعادل نحو %50 من السعر البيعي يضاف إليها نحو %25 تكلفة الأرض و%10 تسويق ومصروفات إدارية وبيعية وهامش ربح %15

أحمد رضوان: قبل أن نتطرق لنموذج العمل الجديد، هناك عنصر تم طرحه يدور حول فكرة المنافسة مع الدولة، وهنا لا أتحدث عن وجود شركات تابعة للدولة تنافس المطورين العقاريين فقط، ولكن عن سياسة عامة للدولة اهتمت بالنشاط العقاري وفي مدى زمني ليس قصيرًا، فهناك رهان على التنمية العمرانية بكل أنواعها منذ 5 أو 6 سنوات.. ما هي الإيجابيات التي تراها في هذا الوضع، وما هي السلبيات؟

د. أحمد شلبي: الإيجابيات واضحة جدًّا، وبصفتي أكاديميًّا وأستاذ تخطيط في كلية الهندسة بجانب مسؤوليتي في الشركة، فمن المهم جدًّا العمل في المدن الجديدة على نواة للتنمية، مثل العمل على المرافق والطرق، بالإضافة إلى إمكانية عمل مشروع نموذجي رائد قوي قادر على جعل المدينة الجديدة جاذبة، وهذا هو دور الدولة.

دور الدولة هو دخول مدينة جديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة، لعمل المرافق الأساسية، بالإضافة إلى مشروع جاذب، ثم تقوم الدولة بعد ذلك بطرح أراضٍ للمطورين العقاريين من القطاع الخاص.

طبقًا لنموذج العمل الحالي سيتم البدء في تنفيذ هذه المبيعات خلال العامين الجاري والمقبل.. وبالتالي وقع عليهم تضاعف التكاليف

ففي بعض المشروعات مثل الأبراج يمكن أن نقول إن القطاع الخاص في مصر لم تكن عنده هذه الخبرات لذلك قامت الدولة بهذا المشروع، وهذا أمر مقبول وإيجابي، لكن مع الاستمرار في هذه المنظومة والتوسع بها، وأن يصبح لدينا حاليًا مشروعات جنة ودار مصر وسكن مصر، إلى جانب الإسكان الاجتماعي والذي يمثل الدور الرئيسي للدولة، بالإضافة إلى التوسع في منظومة المشروعات المنافسة مع القطاع الخاص من خلال شركات مملوكة للدولة، والقصة هنا هي أن المنافسة أصبحت بعدة صور، ووصلت إلى استحواذات إدارية على كوادر القطاع الخاص.

رضوى إبراهيم: هل نحن بحاجة لأن تظل الدولة من يبدأ في كل مدينة جديدة لجذب المطورين العقاريين، أم من الممكن عمل إحلال كامل لنموذج العمل الحالي، ونلجأ إلى ما كنا نتحدث عنه في أوقات سابقة وفكرة المطور العام، لماذا غاب الحديث عن المطور العام ودوره في تطوير النشاط العقاري؟

د. أحمد شلبي: في الحقيقة كنا ننادي بتطبيق نموذج المطور العام منذ 6 أو 7 سنوات، وهو غاب نتيجة لأن سياسة الدولة تم بناؤها على فكرة رغبتها في دخول القطاع العقاري بقوة، وبالتالي فهي لا ترغب في خلق منافس لها، وإنما طبيعة الأمور في حجم التنمية العمرانية الكبير الذي نقوم به في مصر حاليًا، وخاصة أننا نستهدف مضاعفة الرقعة العمرانية، وبالتالي نحن بحاجة لخلق أكثر من مطور عام، من الداخل والخارج، ويقوم المطور العام بإقامة مشروع ويجلب مطورين آخرين للعمل معه.

مبيعات أكبر 20 شركة عقارية بلغت 570 مليار جنيه آخر عامين بواقع 250 مليار في 2021 و320 في 2022

وما أتحدث عنه أنه في حال عدم الاعتماد على نموذج المطور العام، فعلى الدولة أن تكتفي بما فعلته، ولكن ما حدث هو الاستمرار في ذلك، وأصبحت المنظومة تتضمن منافسة مع الدولة سواء في البيع أو جذب الكفاءات وغيرها من المعطيات، ولا بد أن نتفق على عدم كفاءة الدولة في منافسة القطاع الخاص.

وأود الإشارة إلى أن الأمر الوحيد الذي حافظ على استمرارية جاذبية النشاط العقاري للقطاع الخاص، هو حجم هذا القطاع، خاصة أن الدولة تعمل على شريحة مختلفة عن الشريحة التي يعمل عليها القطاع الخاص، وهنا لا أقصد السعر وإنما لأن القطاع الخاص له عميل مختلف عن عميل الدولة حتى إن كان المنتج بنفس السعر.

تضاعف تكلفة التنفيذ يعني أن الشركات العقارية ستحقق خسائر

تحدثت منذ قليل عن أبحاث سوقية كشفت عن تسجيل 20 شركة عقارية كبرى مبيعات بقيمة 320 مليار جنيه خلال عام 2022، فبخلاف هذه الشركات هناك 460 شركة أخرى، وهذه البيانات وفقًا لمصادر متنوعة فلا يوجد مصدر موحد لهذه المعلومات السوقية، وإذا افترضنا أن كل شركة تسجل مبيعات بنحو 500 مليون جنيه، فنحن نتحدث عن 230 مليار جنيه، وبذلك يكون إجمالي مبيعات القطاع تصل إلى 550 مليار جنيه، بالإضافة إلى ما تقوم به الدولة، وحجم النشاط في الأقاليم، أي إن حجم النشاط العقاري في مصر يصل إلى تريليون جنيه.

ومبلغ التريليون على الرقم من كونه كبيرًا في المطلق، ولكن مع افتراض أن متوسط سعر الوحدة الآن نحو 2 مليون جنيه، وهذه القيمة كمتوسط نظرًا لأننا ذاهبون إلى الأقاليم والصعيد ومدن مختلفة، سنجد أن هذا المبلغ يمثل 500 ألف وحدة فقط، وهو رقم لا يمثل شيئًا في دولة تعدادها وصل إلى 105 ملايين مواطن.

المحصلة.. أصبحت تكلفة التنفيذ تعادل السعر البيعي لمبيعات الشركات العقارية التي حققتها في العامين الأخيرين

القطاع العقاري ما زال يتمتع بفرص كبيرة للنمو، ولذلك أرى أنه في النهاية منافسة الدولة مع القطاع الخاص قد تكون غير مؤثرة لأن القطاع كبير، ومن وجهة نظري أن التأثير الوحيد لمنافسة الدولة مع القطاع الخاص في النشاط العقاري هو تراجع فرص دخول استثمارات أجنبية في هذا القطاع، لأن المستثمر الأجنبي لا يبحث عن قطاع تعمل به الدولة، ولكن المستثمر العربي أو الأجنبي يفضل الدخول في القطاعات التي لا تستثمر بها الدولة.

ياسمين منير: لكننا شاهدنا استثمارات عربية في النشاط العقاري في مصر، سواء خلال الفترة الأخيرة أو في أوقات سابقة.

د. أحمد شلبي: نعم، ولكنها نماذج محدودة العدد، ونحن نحتاج لأكثر من 20 بل 50 شركة مثل إعمار، كما أن معظم الشركات العربية التي دخلت النشاط العقاري هي تمثل استثمارات صناديق سيادية، ودخول الصناديق السيادية يكون أغلبه استثمارات سياسية بأهداف اقتصادية، وإنما القطاع الخاص بمفهومه الواضح على مستوى الفكر والرؤية والحماس ليس كثيرًا، خاصة أن نموذج شركة إعمار يعد نموذجًا وسطيًّا ولكنها في النهاية مملوكة للدولة، وأنا أقصد النموذج الأساسي للقطاع الخاص وبحجم كبير، وهناك تمثيل لهذه الاستثمارات في العاصمة الدارية الجديدة ولكن بأحجام صغيرة وليست كبيرة.

توسع الدولة في المشروعات العقارية بمختلف أنماطها وتعدد صور المنافسة ووصولها إلى صيد الكوادر.. أمر سلبي

وما أريد أن أقوله، إن القطاع العقاري على الرغم من كل ما حدث له خلال السنوات الماضية، وجميع التحديات التي أختبرها، إلا أنه قطاع قوي وجاذب للاستثمارات، وفيما يتعلق بكيفية تغيير نموذج العمل بالنشاط العقاري، فهناك نموذجان للعمل من الممكن اقتراحهما للعمل بهم خلال الفترة المقبلة، قبل أن أتحدث عن حلول مشكلات الفترة الماضية.

رضوى إبراهيم: قبل أن نذهب للحديث عن الحلول والتوصيات، نود استكمال الحديث عن محور التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي في القطاعات الاقتصادية المختلفة، اتوجه بسؤالي للدكتور أحمد عبد الحافظ.

بصفتك رئيسًا لشركة القناة للتوكيلات الملاحية، ما هي التحديات التي تواجه القطاع الأوسع للشركة التي تمثلها؟ وأقصد أننا لا نريد الاكتفاء بالحديث عن التوكيلات الملاحية فقط، ولكن علينا أن نتطرق لتحديات التي يواجهها قطاع النقل والشحن بكل أنواعه خلال العام الجاري بعد التطورات الاقتصادية الأخيرة.

د. أحمد عبد الحافظ: قطاع النقل البحري، هو قطاع كبير وحيوي لمصر على مستوى عدة أمور، ففي البدابة نحن لدينا قناة السويس، وهي ممر ملاحي عالمي، وبالتالي هناك منافسة بين شركات محلية وعربية وأجنبية على العمل داخل مصر، بالإضافة إلى زيادة هذا الاقبال بعد مشروع القناة الجديدة، وهو ما توضحه وتعكسه إيرادات القناة.

الدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس شركة القناة للتوكيلات الملاحية

شركة محلية وعربية وأجنبية تتنافس للعمل في مصر للاستفادة من مقومات قناة السويس

وفيما يخص التحديات التي رأيتها خلال الفترة القصيرة منذ أن توليت رئاسة شركة القناة للتوكيلات الملاحية، هو أن القطاع الخاص يقوم بدور كبير للغاية، خاصة الأجانب، فهناك قانون صدر في مصر عام 1998 بعد موافقة الحكومة والبرلمان عليه، يتيح دخول القطاع الخاص العربي والأجنبي على اعتبار أنه استثمار أجنبي، وهو ما انعكس على الشركات التابعة لوزارة النقل حاليًا، والتي كانت في وقت سابق تابعة لوزارة قطاع الأعمال العام.

فعلى سبيل المثال، ووفقًا للبيانات والإحصائيات التي اعتمدت عليها، كان لدينا في شركة القناة للتوكيلات الملاحية نحو 3200 موظف عام 2000، وهي شركة رائدة بمجال الملاحة في منطقة الشرق الأوسط حينها، وهذه الشركة كانت تحقق مليار ونصف في نهاية التسعينيات.

الاستثمار الخاص العربي والأجنبي يلعب دورًا كبيرًا للغاية في قطاع النقل البحري

وبالمقارنة بين الوضع الحالي وما كان في السابق، سنجد أن عدد الموظفين أصبح 320 موظفًا بدلًا من 3200 سابقًا، وهذه أولى المشكلات، فذلك انعكس على صافي الأرباح، فأصبحنا حاليًا نتحدث عن 170 مليون فقط، وهي أرباح غير ناتجة عن حجم عمليات الشركة فقط، ولكنها تضم أرباح مساهمات الشركة في شركات أخرى في نفس القطاع، أي إننا إذا بحثنا عما تربحه الشركة من عملياتها سنجده مبلغًا ضعيفًا للغاية.

ولذلك أرى أن أول التحديات هو عدم توافر العمالة اللازمة داخل الشركة، بالإضافة إلى أن الموظفين الحاليين والبالغ عددهم 320 موظفًا، و80% منها مؤهلات متوسطة، بالإضافة إلى العمالة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.

القناة للتوكيلات الملاحية كان يعمل بها 3200 موظف عام 2000 وربحية الشركة كانت 1.5 مليار جنيه

رضوى إبراهيم: ما هي الأسباب التي أدت إلى انخفاض عدد العمالة بالشركة إلى هذا الحد من وجهة نظرك؟

د. أحمد عبد الحافظ: عدد العمالة انخفض لأن الحكومة قررت عدم تعيين عمالة جديدة لتحل محل العمالة التي تركت الشركة، وبالتالي لم يصبح لدينا من يقوم بالأدوار التي تحتاج إليها الشركة، وبالنظر إلى عدد العمالة المتوفرة لدينا عند وضع إدارة الشركة لخطة عمل الفترة المقبلة وعرضها على الشركة القابضة، وجدنا أننا أمام تحدٍّ واضح في ملف العمالة، وهذا التحدي لا يخص شركة القناة للتوكيلات الملاحية فقط، بل هو تحدٍّ تواجهه كل شركات قطاعات النقل البحري التابعة للشركة القابضة للنقل البحري والبري، أي إن أول تحدٍّ هو العمالة، على الرغم من أننا نبحث عن عمالة، إلا أن الأزمة في كيفية تشغيلها، وبالفعل بدأنا في عقد لقاءات ومقابلات مع شباب من الاكاديمة البحرية والمناطق المحيطة، وجدنا في هذه المقابلات أن هؤلاء الجدد مختلفون بصورة كبيرة عن العمالة المتوفرة لدينا حاليًا، ولديهم استيعاب كبير لما نستهدف تحقيقه.

عدد العاملين حاليًا في القناة للتوكيلات الملاحية هبط إلى 320 وربحية الشركة انخفضت إلى 170 مليون جنيه غالبيتها من المساهمات

وبالعودة لأسباب تراجع عدد العمالة في شركات النقل البحري التابعة للحكومة، سنجد أن القطاع الخاص سحب البساط من تحت أقدام الشركات العامة وجذب كوادرها المميزة، بالإضافة إلى سحب العملاء في مرحلة تالية، ففي الطبيعي عندما تترك كوارد مميزة أماكن عملها يصاحبها في ذلك عدد من العملاء اللذين يفضلون العمل تلك الكوادر، والوضع الحالي يكشف إلى أي حد استطاعت التوكيلات الملاحية الخاصة في مصر عدد كبير من العملاء، وهو ما انعكس على نمو حجم أعمال هذه الشركات الخاصة وحصتها السوقية، وهذا هو التحدي الثاني.

أما التحدي الثالث، فهو يتمثل في وجود بعض القوانين المكبلة التي تزيد من صعوبة تحرك الكيانات، وهنا أقصد كل شركات القطاع لتشمل شركة الإسكندرية لتداول الحاويات أيضًا، فعلى الرغم من كون هذه الشركة تحقق أرباحًا كبيرة، إلا أنها تستطيع تحقيق أضعافها في حال عدم وجود التحديات التي ذكرتها، ولا بد من التحرك في حلول لهذه التحديات التي تواجه هذا القطاع الواعد للغاية.

وضعنا خطة مميزة لتطوير الشركة ولكن نواجه تحديًا كبيرًا في توفير العمالة اللازمة

رضوى إبراهيم: ما هي التحديات الأخرى التي تواجه قطاع النقل البحري بخلاف العمالة وما يترتب عليها؟

أحمد رضوان: وما هي التحديات التي تخص القطاع الخاص في هذا النشاط، فما ذكرناه هو تحديات القطاع العام؟

د. أحمد عبد الحافظ: القطاع العام في نشاط النقل البحري يواجه تحديات كبيرة والقطاع الخاص سحب منه البساط وخاصة الأجانب.

د. أحمد شلبي: هذا أمر جيد.

د. أحمد عبد الحافظ: سأوضح لك لماذا هذا أمر غير جيد.

د. أحمد شلبي: أود أن أفهم كيف؟ لأنه يحمل أمرًا إيجابيًّا في اتجاه توسع القطاع الخاص في النشاط.

د. أحمد عبد الحافظ: هذا الأمر يحمل ميزة ويحمل أيضًا عيبًا، فالميزة هي تقديم خدمات الشحن والتفريغ بمستوى محترف ومختلف، ولكن العيب هو أن 80% من الإيرادات الدولارية الناتجة عن هذا النشاط والبالغة نحو 7.5 مليارات دولار تذهب إلى الخارج عن طريق الشركات الأجنبية، وهذه مشكلة كبيرة لأننا لم نستفيد سوى بنحو 20% من قيمة الدولارات التي تدخل السوق عن طريق قناة السويس، فهذا يعني أن ميزان الخدمات لم يستفِد غير بجزء بسيط.

ياسمين منير: نحن نتحدث عن مرحلة مرتقبة ستشهد تخارج الدولة من بعض الشركات المملوكة لها لصالح القطاع الخاص، فهل نحن نراهن على أن يكون هذا القطاع الخاص محليًّا؟

د. أحمد عبد الحافظ: الأمر ليس كذلك، فالخطة ليست نقل الشركات للقطاع الخاص، ولكن الخطة هي بيع حصة لا تتعدى 30% من الشركة وهي حصة غير حاكمة.

ياسمين منير: ولكنها حصة مؤثرة هدفها الإدارة.

د. أحمد عبر الحافظ: بالطبع، فعندما يكون هذا المستثمر لديه حصة مؤثرة ومشارك في مجلس الإدارة والجمعية العمومية للشركة سيبدأ في المشاركة بآرائه وبالتالي سيساهم في التطوير، بالإضافة إلى أن بيع هذه الحصة الجاذبة للغاية للقطاع الخاص العربي أو الأجنبي سينتج عنها دخول استثمارات دولارية لمصر.

دخول القطاع الخاص سحب جزءًا كبيرًا من أعمال الشركات العامة وكوادرها أيضًا

كما أن دخول استثمارات القطاع الخاص سواء عربية أو أجنبية بهدف الشراكة في الشركات التابعة للشركة القابضة ووزارة النقل سيساهم في تطوير وتغيير الفكر السائد، بعد التشاور في المستهدفات والرؤى، وبالتالي يكون هناك تغيير في المنظومة ككل للأفضل، وهو ما ينعكس بدوره على قوة المنافسة والإيرادات والربحية بالتبعية.

رضوى إبراهيم: إذا كنا نتحدث عن ما نتج من وجود القطاع الخاص بوضعه الحالي في نشاط النقل البحري وتأثيراته على وضع الشركات التابعة للدولة، وتوسعه في استقطاب العمالة المؤهلة الذي عمق مشكلات الشركات الحكومية نتيجة لاستغلال نقطة الضعف التي خلقتها الحكومة لشركاتها نتيجة عدم تعيين عمالة جديدة، وهو ما انعكس أيضًا حجم أعمالها وأرباحها في نهاية الأمر، فكيف سيكون الحال مع استمرار توسع القطاع الخاص في استثماراته بالنشاط بشكل أو بآخر، فشراء حصص جديدة في شركات الحكومة بهذا النشاط، وبالتالي استحواذه على حصة سوقية أكبر؟

هل لا ترى أن ذلك سوف يشكل ضغوطًا جديدة على ما تبقى للحكومة من نشاط النقل البحري، والذي لا يمكننا إنكار طبيعته الاستراتيجية حتى إن كانت بصورة غير واضحة بنفس قدر قطاع الأغذية والأدوية، وبالتالي سينعكس ذلك على حجم الدولارات التي تتحصل عليها الدولة منه، خاصة أن هذا القطاع ضمن عدد محدود من القطاعات المولدة للنقد الأجنبي؟

القوانين المنظمة لأنشطة النقل البحري مكبلة.. وهذا من ضمن تحديات القطاع

وهل ترى أن التعامل الحالي ببيع حصص إضافية للقطاع الخاص هو النموذج الأفضل لتعامل الحكومة مع هذا النشاط، أم كان من الأفضل للحكومة حل مشكلات شركاتها قبل اتخاذ أي خطوات جديدة، خاصة أن التعامل مع التحديات والوصول بالشركات لأوضاع أفضل ينعكس بدوره على تقييماتها، وبالتالي تكون هناك فرصة لدخول المستثمرين على وضع تنافسي أفضل مع باقي الشركات الخاصة، خاصة أنه سيكون مقابل مبالغ أكبر من المتوقعة حاليًا وفي ظل الأوضاع الراهنة؟

د. أحمد عبد الحافظ: هذا ما يحدث حاليًا، نحن بدأنا بالفعل في تطوير عدة شركات داخل القطاع، وهناك عمليات إعادة هيكلة تتم بعدد كبير من الشركات، وفي نفس الوقت بدأنا نتلقى عروضًا من بعض الشركاء العرب والأجانب الذين يرغبون الدخول في شراكة معنا، ولكن الشركة القابضة للنقل البحري والبري وضعت حدًّا أقصى للحصص التي ستبيعها في إطار هذه الشراكة عند 30%، بحيث تكون الحصة الأكبر.

إضافة إلى المساهمة في التطوير، فالشركات التي قد تواجه مشكلات من الممكن أن تندمج، وبالتالي سيكون البدء في التطوير، على غرار ما حدث في القطاع المصرفي وقانون البنوك عام 2002، والذي شهد اندماج بعض البنوك التي كانت تواجه مشكلات وقتها، وأصبحت هذه البنوك بعد ذلك قادرة على المنافسة بصورة أفضل من السابق.

ياسمين منير: هل من الممكن أن نرى اندماجات بين بعض الشركات؟

د. أحمد عبد الحافظ: نعم بالطبع، من الوارد أن يحدث ذلك.

ياسمين منير: هل هذا المقترح ضمن الخطة المعروضة من جانبك؟

د. أحمد عبد الحافظ: الشركة القابضة تعمل على تطوير شركاتها، وهذا التطوير يتضمن كل السيناريوهات من اندماجات وزيادة رؤوس أموال وبيع بعض الحصص غير الحاكمة ببعض الشركات فتلك الأمور ضمن خطة التطوير.

الزيادة الكبيرة في نصيب القطاع الخاص الأجنبي من السوق تتسبب في تحويل جزء كبير من الإيرادات الدولارية للخارج

القطاع ليس شركات فقط، هناك على سبيل المثال، الموانئ الجافة التي يتم تنفيذها لتضاف إلى حجم الموانئ المتوفرة في مصر ما يزيد من حركة الصادرات والواردات وإضافة كبيرة للاقتصاد القومي. وحال تنفيذ موانئ جافة جديدة سيكون الوضع أفضل وحركة الصادرات والواردات ستصبح أسرع.

كما أن هناك نقطة ثالثة هامة وهي المنطقة الاقتصادية، فهل كل ما يجب فعله في قناة السويس هو استقبال وتوديع السفن، بالطبع لا، حيث يجب تطوير المنطقة، بمعنى أن المنطقة بدأت تتواصل مع القطاع الخاص الأجانب والعرب والمحليين ومصانع وشركات كبيرة عالمية ستأتي للعمل في هذه المنطقة الاقتصادية.

لا توجد خطة لبيع شركات النقل البحري وإنما طرح حصص أقلية لضم مستثمرين ذوي خبرة

وإذا كانت قناة السويس تحقق 7 مليارات دولار وقد تصل إلى 8 مليارات دولار خلال العام الجاري فهذا الرقم ليس المطلوب من قناة السويس، حيث يجب مضاعفته 10 أضعاف، ولكن السؤال هنا هو كيف تتم زيادة هذا الرقم؟ بالطبع من خلال زيادة خدمات السفن خاصة أن أعدادها لن ترتفع 10 أضعاف وبالتالي يمكن العمل على خدمات وصيانة وتموين السفن، بجانب تنفيذ جميع المشروعات المطلوبة داخل مصر خاصة أنها ستكون داخل القناة وصالحة للتصدير الفوري، مع إمكانية منح إعفاءات جمركية نظرًا لكونها ضمن المناطق الحرة.

أحمد رضوان: بالعودة مرة أخرى للقطاع العقاري د. أحمد شلبي، كنا قد توقفنا عند مسألة الحلول والتوصيات ونموذج العمل الجديد.

د. أحمد شلبي: من الممكن البدء بنموذج العمل الجديد، بعد الحديث عن البيع على الرسومات، من الضروري العمل بنموذج جديد، حتى وإن استمر العمل بالنموذج الحالي مع تنفيذ بعض التصحيحات يمكن توضيحها عند الحديث عن التوصيات، ولكن بالفعل هناك حاجة لنموذج عمل جديد.

النموذج الجديد السائد في دول عديدة عالميًّا، أن تستحوذ الشركة العقارية صاحبة الخبرة والملاءة المالية والفنية القوية على أرض، وتقوم بعمل دراسة جدوى للمشروع وتقدمها للبنك قبل تنفيذ أي عمليات بيعية، وبموجب دراسة الجدوى يحصل المطور على تمويل للمشروع يتم استخدامه في عمليات البناء على أن يتم صرف التمويل وفقًا لضوابط عديدة ومعلومة للجميع منها: موافقة واعتماد استشاري.

نحتاج إلى نموذج جديد للعمل يقوم على تمويل البنوك للمشروع بناء على قطعة الأرض ودراسة الجدوى

وبعد الوصول لنسبة تنفيذ أعمال بنحو 60 أو 70% من المشروع تبدأ عمليات البيع، خاصة أن المطور بعد وصوله لهذه النقطة سيكون على علم كامل بتكلفة التنفيذ والتمويل وتصبح جميع الأمور واضحة، وبعد الشروع في عمليات البيع يسدد العميل ما بين 10 إلى 20%، وخلال مدة 12 أو 18 شهرًا يصبح المشروع جاهزًا ومكتملًا ويتسلم العميل وحدته، ويظل العميل يسدد حتى 100% من قيمة الوحدة عبر تمويل عقاري، خاصة أن الوحدة أصبحت مبنية وجاهزة، ليتمتع العميل بإمكانية تقسيط النسبة المتبقية من سعر الوحدة على 10 إلى 15 عامًا حسب رغبة العميل.

أحمد رضوان: الحديث هنا عن 60% التكلفة الاستثمارية للمشروع، هل تتضمن تلك النسبة عمليات إنشاء المرافق وسعر الأرض وخلافه أم تنفيذ 60% من عدد الوحدات المستهدفة؟

د. أحمد شلبي: أقصد 60 إلى 70% من تكلفة تنفيذ المشروع بالكامل والتي تسمح بإنشاء نفس النسبة من المنشآت حيث ستصل إلى نفس النتيجة، فالحديث هنا عن الأرض والمرافق والإنشاءات وبالطبع المطور سيضع جزء تمويل ذاتي ومن ثم يبدأ البنك في الدخول.

عند الوصول إلى نسبة تنفيذ بين 60 إلى %70 يتم البدء في عملية بيع الوحدات للعملاء بمقدم بين 10 إلى %20

التمويل الذاتي يتراوح بين 15 إلى 20% من تكلفة المشروع، والنقطة الأهم في هذه المنظومة عدم تنفيذ عمليات بيعية قبل تنفيذ الإنشاءات، وبذلك يبيع المطور وحدات المشروع بعد البناء ومعرفة التكلفة والأمر الآخر أن العميل يفكر ويتخذ قرار شراء أي وحدة في ظل تواجد المشروع على الأرض وتنفيذ عمليات بنائية ما يغلق الباب أمام فكرة نشوب أي مشاكل مع المطورين.

الأزمة التي قد تظهر عند تطبيق هذا النموذج، هي ارتفاع التكلفة بفعل نسبة الفائدة البنكية التي ستضاف على قيمة المشروع وبالتالي سترتفع أسعار الوحدات بعض الشيء ولكن التمويل العقاري سيتمكن من المشاركة في ظل العمل بهذا النموذج بسهولة ويسر، فالوحدة أصبحت مبنية وبالتالي يمكن منح تمويل بأقساط تمتد لفترات طويلة تصل إلى 15 و20 عامًا.

المشكلة الأخرى في هذا النموذج هي ضرورة تغيير البنوك لفلسفتها حيث تمتلك البنوك إمكانية تمويل المشروعات ولكن لا تفعل ذلك، وما تفعله في الواقع أقرب إلى تسييل شيكات، فمن أجل منح المطور قرض بنحو مليار جنيه يحصل في المقابل على شيكات بنحو 1.3 مليار جنيه وهذا الأمر لا يدخل في نطاق تمويل مشروع، والفرق هنا أن المطور في هذه الحالة سيكون مجبرًا على تنفيذ عمليات بيع نظرًا لتسليم شيكات بـ1.3 مليار جنيه ما يعود بنا مرة أخرى لنموذج العمل القديم.

الدكتور أحمد شلبي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة تطوير مصر

المشروع سيكتمل خلال عام إلى عام ونصف ويبدأ التسليم للعملاء مع سداد باقي ثمن الوحدة بالتمويل العقاري

وهنا الحديث ليس عن إلغاء النموذج القديم ولكن يجب أن يكون هناك توازن بين النموذجين بحيث تمتلك شركة التطوير العقاري مشروعات بعضها يعمل بالنموذج القديم والبعض الآخر بالنموذج الجديد لتحقيق التوازن.

أما فيما يخص التمويل العقاري هناك مقترح آخر يحافظ على نموذج العمل الحالي ولكن مع تطويره من خلال إشراك التمويل العقاري من أول يوم للمشروع، فالتمويل العقاري في مصر غير مسموح به إلا بعد بناء وتشطيب الوحدة وهو ما يمثل عائقًا كبيرًا للغاية، كما أن شروطه وإجراءاته عائق كبير أيضًا ولكن في النهاية يمكن اعتبارها إحدى مشاكل البيروقراطية التي تعاني منها السوق المحلية بشكل عام.

ولكن النقطة الجوهرية هي منع البنك المركزي جميع البنوك من تنفيذ أي عمليات تمويل عقاري إلا بعد بناء وتشطيب الوحدات. شركات التمويل العقاري يمكنها تنفيذ هذا الأمر ولكن في حدود 10 أضعاف رأس مال الشركة مع العلم أن رأس مال شركات التمويل العقاري قليل ولذلك تكون في حاجه دائمًا إلى قروض من البنوك، وبالتالي كل تلك الأمور تطلب تغيير هذه الضوابط من جانب البنك المركزي للسماح لشركات التمويل العقاري والبنوك بتمويل الوحدات قبل البناء، وهو ما يعني أن عقد بيع الوحدة سيكون ثلاثيًّا أو رباعيًّا، تشمل المطور العقاري والعميل وجهة التمويل العقاري والبنك ممولًا للمشروع حال وجوده.

أهم عناصر هذه المنظومة هو عدم البيع قبل البناء.. ولكن مشكلة هذا النموذج هي ارتفاع تكلفته بسبب أسعار الفائدة

وتواجد البنك الممول للمشروع في عقد بيع الوحدة أمر ضروري لتجنب ازدواج التمويل، فهذا الأمر كان يحدث قبل 2008 حيث كان يحصل المطور على تمويل للمشروع ثم تشارك جهة تمويل عقاري أخرى لتمويل الوحدات، ثم تدخل البنك المركزي لمنع ازدواج التمويل لنفس المشروع، وعلاج هذا الأمر حاليًا هو أن يصبح العقد رباعيًّا بحيث يحصل المطور على دفعات من التمويل مع تقدم أعمال الإنشاء وعند اكتمال بناء وتشطيب الوحدة يكون المطور قد حصل على أمواله كاملة من جهة التمويل على أن يستمر العميل في سداد الأقساط، وفي جميع الأحوال يجب أن يخرج المطور العقاري من مسألة تقسيط تكلفة الوحدات سواء بنموذج العمل الجديد أو القديم، فالتقسيط والتمويل هو أمر قاتل للتمويل العقاري.

ياسمين منير: ولكن شركات التطوير العقاري هي من بادرت بتقديم عروض تقسيط ومستمرة فيها بإرادتها حاليًا وتتنافس فيما بينها بهذا الأمر.

د. أحمد شلبي: صحيح، ليس هناك حل سوى بدخول التمويل العقاري وتنفيذ دوره في تقسيط سعر الوحدة للعميل.

أحمد رضوان: بعيدًا عن مسألة التمويل العقاري، وفيما يخص تمويل البنوك للمطور نفسه، هل ترى هذا التوقيت مناسبًا؟

د. أحمد شلبي: هذا الأمر ليس اختياريًّا، حتى لو كانت الفائدة مرتفعة وقد تؤثر على أرباح المشروعات.

أحمد رضوان: أقصد من زاوية درجة المخاطر.

د. أحمد شلبي: نعم، ولكن هل تقصد الوقت مناسب للمطور أم للبنك؟

أحمد رضوان: للقطاع ككل.

د. أحمد شلبي: هنا فجوة تمويلية بالسوق، وهذا الأمر يعتمد على قوة ووضع المطور نفسه فالبنك لا يتيح التمويل لأي مطور، فحال امتلاك المطور لمحفظة مبيعات بنحو 30 أو 40 مليار جنيه ووحدات مسلمة ومشروعات قائمة يطمئن البنك للمطور، كما أن التزام العملاء كبير للغاية فنسبة السداد في السوق المحلية مرتفعة للغاية وهي ميزة يمتلكها القطاع، حيث تتراوح نسب السداد بين 90 إلى 95%، وبالتالي نسبة التقصير أو التعثر بسيطة للغاية كما أن العميل يلتزم بالسداد ولكنه يتأخر بعض الشيء.

العيب الثاني في النموذج الجديد هو صعوبة الحصول على التمويل المصرفي.. ونسعى للتوازن بين النموذجين

انخفاض نسبة التعثر يرجع لإيمان العميل بتوافر قيمة حقيقية في استثماره في العقار، فهناك وحدات استلمها العميل وحقق أرباحًا تصل إلى 4 أو 5 أضعاف سعر الوحدة بعد إعادة بيعها مرة أخرى بعد 5 أو 6 سنوات، وبالتالي العميل حافظ على أمواله من تحرير سعر الصرف وكل المتغيرات التي حدثت.

رضوى إبراهيم: إلى متى قد يستمر هذا الأمر؟

د. أحمد شلبي: مستمر حتى الآن، فما يحدث حاليًا هو زيادة أسعار الوحدات نتيجة ارتفاع التكلفة، وبالتالي العميل الذي يقبل على شراء الوحدات يعلم أن سعرها سيرتفع، وقيمة أمواله السائلة ستنخفض، لذلك يلجأ إلى استثمار أمواله في العقار كمخزن للقيمة.

والمطور مع ارتفاع التكلفة سيرفع أسعار الوحدات وبالتالي خلال 5 سنوات وحتى موعد استلام العميل للوحدة سيكون سعرها تضاعف، وهناك بالفعل عملاء قاموا بشراء وحدات من شركة تطوير مصر خلال 2015 ثم باعوها في 2021 بزيادة 400 و500%.

رضوى إبراهيم: فيما يتعلق بالتمويل العقاري، الحقيقة أن الندرة هي ضمن أزماته مع إساءة الاستخدام، وهذه الندرة جعلت توافره في بعض المشروعات دون الأخرى في نفس المنطقة أمر سلبي بالنسبة للعميل الذي يرغب في الشراء بهدف السكن وليس الاستثمار، حيث إنه يعاني من ارتفاع تكلفة الوحدة بالمنطقة على الرغم من مدى توافق المشروع الذي سيشتري به مع شروط النشاط.

أي إن وجود مشروع واحد متوافق مع الشروط يؤدي لتسعير منطقة كاملة بناء على ميزة ليست متاحة للجميع، وبالتالي أصبح التمويل العقاري يتسبب في معاناة العميل، كما أن البائع أصبح يبالغ من سعر الوحدة المتوافقة مع شروط التمويل العقاري، وكأن العميل لن يسدد هذه القيمة في نهاية الأمر.

وبناء على ذلك، وإضافة إلى ما ذكرته خلال حديثك عن التنسيق فيما بين المطورين العقاريين بشأن الموعد المناسب لزيادة الأسعار في حال حدوث أي تطورات في مدخلات الإنتاج، ما هو نصيب ملف التمويل العقاري من الاجتماعات التنسيقية بين المطورين، خاصة على مستوى توافق المشروعات مع الشروط اللازمة لإتاحته؟

د. أحمد شلبي: المطورون لا يرون التمويل العقاري يمثل هذا الوزن من الأساس، لأن حجمه ضعيف للغاية. وعلى العكس، يرغب المطور في أن يصبح التمويل العقاري مثل تمويل السيارات، فثقافة العميل الذي يستهدف شراء سيارة بالقسط طبيعية ولا يفكر في سعر الفائدة ولكن كل ما يشغل تفكيره هو قيمة المقدم والقسط، وبالتالي المطور يستهدف أن يكون السكن كذلك، وبالمناسبة هذا هو الأساس في العالم بأكمله، فأساس التقسيط عالميًّا للسكن وليس للسيارات، وقد يكون تقسيط السيارات كمنظومة غير متواجدة في أغلب دول العالم خاصة وأن السيارة معرضه للفقد والإهلاك في لحظة بعكس السكن.

هناك فجوة تمويلية في القطاع العقاري يجب سدها.. ونسبة التزام العملاء بين 90 إلى %95 رغم الأزمات

القرض العقاري عالميًّا يصل إلى 90 و95% من حجم المبيعات، إلا أنه في مصر يصل لنحو 5% فقط، وما تم الحديث عنه حاليًا هو نتيجة للندرة التي تسببت في حدوث بعض التطبيقات والممارسات الغريبة، وفي حال كان التمويل العقاري هو النظام السائد في السوق، فالمنظومة سيتم تطبيقها بكفاءة لأن المنافسة ستكون كبيرة للغاية وسيرتفع حجم المعروض بهذه الآلية.

التمويل العقاري هو المفتاح وأهم مخرج للقطاع العقاري يتم الإجماع عليه من جانب المطورين في اجتماعاتهم سواء في الاجتماعات الفردية أو من خلال الكيانات التي تمثل المطورين مثل مجلس العقار الذي أشرف برئاسته أو غرفة التطوير العقاري أو شعبة الاستثمار العقاري. التمويل العقاري نقطة رئيسية للمضي قدمًا، وكما ذكرت التمويل العقاري والتمويل البنكي، بحيث يخاطب التمويل البنكي منظومة معينة، ويخاطب التمويل العقاري منظومة أخرى.

العقارات أكدت أنها مخزن للحفاظ على القيمة.. وبعض الوحدات تم بيعها بخمسة أضعاف خلال 5 سنوات

كل ما تم الحديث عنه يستهدف معالجة الأمور لصالح الفترة المقبلة، أما عن توصيات الفترة الحالية فهناك مشكلة واضحة هي ارتفاع التكلفة، فكيف سيتم التعامل معها؟

قرأت مؤخرًا بعض الكتابات التي تشير إلى بعض النقاط المهمة، مثل أن شركات العقار لا تحقق مكاسب خرافية ويجب أن تكون هذه الأمور واضحة، ولكن المكاسب الخرافية كانت قبل 2010، والسبب في تغير هذا الأمر هو أسعار الأراضي بالطبع، فقبل 2010 كان هناك وضع معين في تسعير الأراضي بعكس فترة ما بعد 2010، وبما أن شركة تطوير مصر تأسست عام 2014 فكل الشركات في هذه المرحلة لا تحقق أرباحًا من الأساس نظرًا لتكلفة سعر الأرض ومتغيرات تكلفة الإنشاء اللذين تسببا في تآكل الأرباح، وإذا تمت الإشارة إلى الأرباح التي تعلنها بعض الشركات المدرجة في البورصة المصرية، فتفسير هذه الأرباح، هي أن مشروعات هذه الشركات تمت على أراضٍ قديمة، تم اقتناصها بأسعار منخفضة في حين يتم بيع الوحدات بسعر اليوم.

ولكن بالنظر إلى اللاعبين الجدد الذين اقتنصوا أراضي منذ 2014 فتلك الشركات تحت ضغط حاليًا، ولم تعد تحقق الأرباح، وتراهن على حجم القيمة الضخم والتدفقات الكبيرة بهامش ربح قليل إن تحقق، وفيما يخص الاحتياجات الحالية كحلول تساعد في حل المشكلة وهي الحلول التي يتم التواصل فيها مع الدولة حاليًا، فيجب أن تدخل الدولة بآليات كبيرة بعض الشيء من خلال منح مهلة أطول لتنفيذ المشروعات فالمهلة الممنوحة حاليًا ضاغطة بعض الشيء على المطورين.

أحمد رضوان: الحديث هنا عن الشروط؟

د.أحمد شلبي: نعم، شروط التعامل مع الأراضي.

أحمد رضوان: كيف سيتم التعامل معها فيما يخص العقود الموقعة مع العميل على سبيل المثال؟

د.أحمد شلبي: التعاقد مع العميل يتضمن فترة سماح، ولكن العقد مع الدولة ينص على منح مهلة إضافية بمقابل مالي بعد انتهاء الفترة الأساسية، وبالتالي فالعميل لا يمثل عائقًا حاليًا خاصة أنه مع الظروف الحالية بدأ يتفهم الوضع، ولكن المشكلة الحالية هي تحصيل أموال من المطور مقابل منحه مهلة إضافية، ما يزيد الأعباء على المطورين، وبالتالي المطلوب منح المطورين مهلة إضافية دون أعباء مالية جديدة بجانب منحهم مهلة في سداد الأقساط.

بعض العملاء ممن اشتروا وحدات عام 2015 باعوا وحداتهم في 2020 بخمسة أضعاف ثمن الشراء

هناك مشكلتين رئيسيتين، الأولى هناك مشكلة تدفقات نقدية، والمطور يرغب في ضخ التدفقات النقدية في المشروع وليس في الأرض، حيث يمكن ترحيل أقساط الأراضي لمدة عام دون فوائد ما يمنح المطور فرصة لمعالجة مشكلة التدفقات النقدية، وهناك مشكلة أخرى متعلقة بالأرباح.

أيضًا يمكن أن تتيح الدولة فرصة تطبيق قانون الحجوم وهي نقطة هامة للغاية لم يتم الحديث عنها بشكل كافٍ، فحال امتلاك المطور لقطعة أرض 100 فدان يكون ملزمًا بتنفيذ أعمال بنائية على مساحة معينة من الأرض وهناك حدود معينة للارتفاع، وعادة لا يصل المطور إلى نسبة الـ25% في ظل استهدافه الخروج بمخطط عام جيد وبالتالي لا يصل إلى حجم المساحة البنائية المتاحة له، فقد يتم إتاحة البناء على نسبة 25% من مساحة الأرض وينفذ المطور أعمال بنائية على 18% فقط من المساحة الإجمالية للأرض.

وبعملية حسابية بسيطة يمكن ضرب المساحة البنائية المنفذة بقطعة الأرض في ارتفاع المباني ستكون هناك مساحة متاحة للمطور لا يمكنه الحصول عليها، فحال تطبيق قانون الحجوم سيتم السماح للمطور بارتفاع إضافي للمباني تعويضًا لنسبة المساحة البنائية المستحقة له، والعائق من تنفيذ هذا الأمر هو قيد الارتفاع، وبالتالي فالمطلوب هو السماح بتطبيق قانون الحجوم في كل المشروعات التي يمكن تطبيقه فيها دون تكلفة إضافية.

التمويل العقاري حجمه ضعيف جدًّا في السوق.. ونتمنى أن يكون بسهولة وجاذبية تمويل السيارات

النقطة الرابعة هي تخفيض الفائدة على أقساط الأراضي، هيئة المجتمعات العمرانية تقوم بتقسيط تكلفة الأراضي للمطورين، حيث يدفع المطور 10 أو 15% من تكلفة الأرض مقدمًا على أن يتم تقسيط باقي المبلغ لمدة 4 إلى 5 سنوات بفائدة البنك المركزي إضافة إلى 2.5%، والسؤال هو: لماذا يتم تحميل الأقساط فائدة البنك المركزي؟ فهذا الأمر يحول الأرض إلى قيمة نقدية لتمثل عبئًا على المطور، فمع ارتفاع الفائدة 8% خلال عام واحد ارتفعت نسبة الفائدة لأكثر من 17% مقابل نسبة كانت تتجاوز 9% بقليل، وبالتالي تضاعفت أعباء الفائدة على المطور، على سبيل المثال، بدلًا من سداد فائدة بقيمة 30 مليون جنيه على مدار العام بخلاف أقساط الأرض ارتفعت الفائدة لنحو 50 أو 60 مليون جنيه على مدار العام.

فمن الضروري محاسبة المطور على نسبة الفائدة 9.25% إضافة إلى نسبة الـ2.5% غير أنه يجب خصم نسبة الـ2.5% في ظل الظروف الحالية في ظل الارتفاع الكبير في سعر الفائدة خاصة وأن الهدف الرئيسي هو أن يقوم المطور بتنفيذ المشروع وتسليم الوحدات للعميل وبالتالي يجب تخفيف هذه الضغوط من على عاتق المطور.

التمويل العقاري والبنكي عنصران رئيسيان لتعزيز نشاط وحماية القطاع

وبشكل عام مجموعة الحلول التي تم طرحها تخاطب نقطتين رئيسيتين الأولى هي مسألة التدفقات النقدية التي أصبحت تحت ضغط كبير وهي السبب الرئيسي في تأخر المشروعات، كما أنها تخاطب هامش الربحية بعض الشيء والخسائر التي تحققت نتيجة قرارات ليس للمطور أي يد فيها.

رضوى إبراهيم: نذهب إلى القطاع الذي يولد النقد الأجنبي.. ما هي نظرتك ليس فقط على صعيد شركة القناة للتوكيلات الملاحية وإنما على القطاع ككل؟

د. أحمد عبد الحافظ: بشكل عام ما يضع الخطوط العريضة لخطط الشركات التابعة هي الشركة القابضة نفسها، فهناك خطوط عريضة تسير عليها الشركات التابعة ضمن سياسة عامة.

الشركة القابضة للنقل البحري والبري تضع الخطوط العريضة لسياسات وخطط الشركات التابعة

على سبيل المثال، بعض الشركات تواجه مشاكل مالية أو عقبات في العمالة وغيرها، في هذه الحالات يكون من الصعب جذب مستثمر لهذه الشركات على أوضاعها الحالية، أو التفكير في طرحها بالبورصة.

وعند وجود أكثر من شركة تواجه نفس المشاكل، نبدأ بالتفكير في دمج بعضها وعمل إعادة هيكلة موحدة، وننظر في العمالة التي تفيد الكيان ككل، وفي حال أن تلك الشركات تعمل في نفس النشاط أو قادرة على تكملة بعضها، نفكر في أدوات لتمويل هذه الهيكلة والتطوير مثل الحصول على قروض من البنوك بضمان أصولها خاصة أن تلك الشركات تمتلك أصولًا كبيرة.

ياسمين منير: متى يمكننا أن نرى تطورات أو خطوات تنفيذية في هذا الاتجاه؟

د. أحمد عبد الحافظ: هذه تختلف على حسب الشركة أو الطريقة، هناك شركات قوية مثل الإسكندرية لتداول الحاويات وهي شركة كبيرة استثمر بها شركاء من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهي تعلم الخطة جيدًا وطريقها.

الشركات التي تواجه مشاكل في الأداء سيتم تطويرها بأدوات كثيرة منها التكامل والدمج وإعادة الهيكلة

أما باقي الشركات الأخرى، فمنها من يمتلك القدرة على تطوير ذاته مثل القناة للتوكيلات الملاحية فلن تندمج مع كيانات أخرى ولا تعتزم الاستحواذ على كيانات أخرى.

فشركة القناة للتوكيلات الملاحية كانت شركة كبيرة أصبح لديها مشاكل فتحولت إلى كيان ليس قويًّا وأيضًا ليست ضعيفة بل ما زالت تمتلك الإمكانيات والمقومات، وحجم أصول كبيرة.

نراجع تلك الأصول على أرض الواقع ونبحث آلية الاستفادة منها وكيفية استغلالها بما يفيد الشركة وينعكس على الإيرادات، ما يمكننا من تحقيق الأحلام والأفكار والخطط المستهدف تنفيذها بالشركة، بدلًا من التوجه إلى الاقتراض، ذلك من خلال توظيف تلك الأفكار البسيطة، منها التطوير العقاري وعقد شراكات مع القطاع الخاص، خاصة أننا نعمل على تطوير شركة سياحة بشكل كبير، إضافة إلى فتح أسواق خارجية.

ياسمين منير: تقصد هنا التوجه نحو قطاعات وأنشطة أخرى بجانب النشاط الرئيسي؟

د. أحمد عبد الحافظ: ذلك يختلف حسب الشركة، فشركة القناة للتوكيلات الملاحية لديها شركة سياحة كانت لا تعمل تمتلك فقط التراخيص بدأنا في تحريكها، وذلك سينعكس على إيرادات الشركة قريبًا.

رضوى إبراهيم: ضربت لنا نموذجًا بقطاع التطوير العقاري.. فما خطتكم داخل القطاع؟ هل ستقوم شركتكم بالتطوير بنفسها، أم ستدخلون في شراكة مع أحد المطورين بقطعة أرض على سبيل المثال؟

د. أحمد عبد الحافظ: كل هذا وارد، وكل الأفكار مطروحة ولم نتخذ أي قرار والمسألة تختلف حسب أصول كل شركة، فهناك أصول يمكنني العمل مع مطور أو قطاع خاص أو التعاون مع أحد الشركات الشقيقة، وذلك مرهون بعناصر كثيرة منها موقع الأرض.

المضي قدمًا في خطط هيكلة الشركات يختلف من كيان إلى آخر.. والقناة للتوكيلات الملاحية ستطور نفسها ذاتيًّا

فالشركة لديها حجم أصوال كبيرة منذ حقبة ما قبل ستينيات وخمسينيات القرن الماضي، وللأسف غير مستغلة.

دورنا ليس القيام بعمل تطوير عقاري من خلال شركتنا لكن دورنا تقوية الشركة وتحسين استغلال الأصول، فعند العمل على تطوير العمل بالنشاط الرئيسي، تساعد العوامل الأخرى على امتلاك موارد تمكن من امتلاك القدرة على جلب مسوقين أو موظفين ذوي كفاءة عالية.

فالتطوير الذاتي المستمر يمنحني السيولة لتعزيز التوسعات، بدلًا من التوجه للشركة القابضة أو التوجه للقطاع المصرفي بهدف دعم السيولة الخاصة بنا، بل نضع خطة كبيرة نتحرك من خلالها، بدأنا بها بالفعل، نخطط لتحقيق طفرات بالكيان، خاصة أنه يوجد عدد من الشركات التي تعمل حولنا على نفس تلك الخطوات.

الدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس شركة القناة للتوكيلات الملاحية

القناة للتوكيلات الملاحية تتمتع بأصول يمكن استثمارها في تعزيز الإيرادات بأنشطة مختلفة

أحمد رضوان: ما هي خطط مجموعة شركات تطوير مصر خلال 2023، وما هي العوامل التي تراهن عليها؟

د. أحمد شلبي: لا يمكنني في البداية الحديث عن أرقام محددة في الخطة الخاصة بشركتنا وذلك لأن جميع الأرقام قيد المراجعة، لكن بصورة عامة تعمل تطوير مصر حاليًا عبر خمس مشروعات، وستطلق العام الجاري المشروع السادس، في منطقة الساحل الشمالي على أرض تم توقيع العقد الخاص بها العام الماضي، وسيتم الإعلان عن تلك الأرض مع إطلاق المشروع.

بالتالي.. سنعمل خلال العام الجاري على ستة مشروعات بمحفظة أراضٍ تبلغ نحو 7.5 ملايين متر مربع، ونحن من الشركات القليلة الموجودة بالساحل الشمالي والعين السخنة وشرق وغرب القاهرة، ما يعطينا ميزة تنافسية وهي التنوع.

ونركز خلال العام الجاري على التشيد والتسليمات، وفي العام الماضي حققنا طفرة في هذه النقطة، حيث سلمنا 1100 وحدة خلال العام الماضي ما بين فوكاباي ومونت جلالة.

تنسيق كبير مع شركات التطوير العقاري عبر الكيانات الممثلة للقطاع لوضع مطالب محددة من الحكومة

على مستوى العام الجاري نستهدف تسليم ما بين 1500 إلى 2000 وحدة ما بين فوكا باي ومونت جلالة إضافة إلى أن مشروع ريباي سيتم تسليمه في الصيف، إضافة إلى أنه لدينا خطة طموحة للتسليمات والتشغيل حيث نقوم بتشغيل أجزاء من المشروعات نتج عنها فرق كبير خلال عام 2022.

المبيعات تعد التحدي الكبير أمامنا، وضعنا أهداف محددة، لكننا نعيد دراستها بناء على المتغيرات الجديدة، وبصورة عامة نستهدف خلال العام الجاري مبيعات تتراوح بين 12 إلى الـ 15 مليار جنيه، صحيح أننا قمنا العام الماضي بتحقيق 8 مليارات جنيه مبيعات إلا أن مشروع الشيخ زايد انضم في الربع الأخير من العام.

لدينا 6 مشروعات نعمل عليها خلال العام الجاري لذا نتوقع أن نحقق بين 12 إلى 15 مليار جنيه كمستهدفات بيع، ومستهدفات التسليم ما بين 1500 وحتى 2000 وحدة.

لدينا هدف آخر نعمل عليه بقوة في الوقت الراهن وهو الجامعة والمدارس الموجودة بمشروع بلوم فيلدز، حاليًا نعمل على إجراءات الحصول على القرار الوزاري والجمهوري والتراخيص البنائية، كما نقوم بعقد اجتماعات مع المشغلين الأجانب، وخلال أسبوعين لدينا اجتماعات لمناقشة بعض التفاصيل بسبب التأخير، ورغم التأخير إلا أن المستهدفات الرئيسية لدينا هي تنفيذ التشغيل المبدئي في سبتمبر 2024، وتشغيل أكبر في سبتمبر 2025.

بوجه عام.. تطوير مصر تعمل في 5 مشروعات وستطلق السادس في الساحل الشمالي العام الجاري

في الشأن العام نركز بشكل كبير مع الدولة في المطالب وهو تركيز كقطاع عقاري بالكامل ويوجد تنسيق كبير بين كل الكيانات، حيث يوجد 4 كيانات تمثل المطورين، وهي غرفة التطوير العقاري، والشعبة العامة للاستثمار العقاري، ولجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، والمجلس العقاري المصري الذي أرأسه.

تقوم تلك الجهات بالتنسيق بشكل كامل مع بعضهم لتكون هناك مطالب واحدة ومحددة مع الدولة ونعمل جاهدين على تحقيق جزء كبير من المطالب، فهي بشكل عام مطالب تخدم القطاع.

لا تكمن أهمية القطاع العقاري في حجم الاستثمار وتوفير فرص عمل فقط بل إن جزءًا كبيرًا من مدخرات المصريين داخله، لذا يجب جميعًا علينا مع الدولة الحفاظ على القطاع، لأنه يعد قيمة قوية خاصة بعد الانخفاض الكبير الذي شهدته العملة المحلية فأصبح هو الجزء المتبقي للمواطن فيجب الحفاظ عليه.

ياسمين منير: ما هي خطط تطوير مصر بالنسبة للشق الخاص بسوق المال، هل من الممكن أن يكون على أجندة الشركة مصر سندات أو توريق أو طرح؟

د. أحمد شلبي: حصلنا على قرض معبري بقيمة 500 مليون جنيه من البنك العربي الإفريقي ضمن قرض كبير تصل قيمته إلى 3.5 مليارات جنيه يرتبه البنك العربي الإفريقي وبنك مصر والبنك الأهلي إضافة إلى بنوك أخرى، ولكن التغيير الذي تشهده أسعار الفائدة يدفع إلى التأخير. فعلى الرغم من حصولنا على الموافقة المبدئية إلا أن تغيرات الفائدة والتكاليف يدفعنا لإعادة الدراسة وهو ما تسبب في تأخير موعد الصرف. حصلنا على الموافقة المبدئية منذ مارس الماضي، وصرفنا الجزء الأول هو عبارة عن 250 مليون جنيه وهو الجزء المعبري.

أما على مستوى التوريق، قمنا بتوقيع اتفاقية مع البنك التجاري الدولي CIB لعملية توريق في فوكا بقيمة 400 مليون جنيه وصرفنا جزءًا من ذلك المبلغ، وخلال العام الجاري علينا استكمال التمويلات أولًا، ونعمل على آليات أخرى منها الصكوك أو التخصيم العكسي، لكنها ما زالت تحت الدراسة مع بعض جهات التمويل.

رغم ارتفاع الفائدة يظل التمويل مطلوبًا لسد الفجوة الموجودة لأن الشركة في النهاية تهدف إلى تسليم مشروعاتها حتى لو تم التضحية بهامش الربحية، فالهدف الأسمى هو عدم التضحية بمواعيد التسليم المتلزمين بها مع العملاء.

محفظة أراضي الشركة تصل إلى 7.5 ملايين متر مربع.. ونحن من الشركات القليلة العاملة في الساحل الشمالي والسخنة وشرق وغرب القاهرة

لم نغير خططنا التمويلية بل إننا نتجه بقوة في تنفيذ تلك الخطط لأن ارتفاع التكلفة أدى إلى زيادة الفجوة، لذا يجب علينا البحث عن آليات أخرى تساعد على الاستمرار في المحافظة على المستهدفات، فلدينا مبيعات جيدة ونحن واحدة من ضمن العشرين شركة الأكبر في السوق المحلية، كما كانت لدينا القدرة على تنفيذ مبيعات أكبر إلا أننا حريصون في البيع خاصة أن عام 2022 شهد هبوطًا في العملة إضافة إلى الارتفاع في التضخم فإن المبيعات في ذلك تمثل عائقًا أكبر، لذا ركزنا في 2022 على عدم البيع أكثر من احتياجاتنا وهو 8 مليارات جنيه.

وفيما يخص عام 2023 لدينا خطة مختلفة وهي تحقيق مبيعات أكبر، وذلك لأننا نعمل في 6 مشروعات، إضافة إلى أننا نرى أن الدولار والتضخم وصلا إلى الذروة، لذا إذا قمت بعمل دراستي على الأرقام الحالية فأنا لن أتعرض إلى مخاطر في تكلفة البناء، نعيد الدراسة على تلك الأرقام وهي الدولار في حدود 32 جنيهًا وتكلفة الخامات والتضخم السنوي الطبيعي وهو 10%، ونعيد الدراسة الخاصة بنا على هذا الأساس، وفقًا لذلك فإن رؤيتنا تشير إلى فرصة في تحقيق مبيعات بأرقام أكبر خلال العام الجاري خاصة أن المخاطر ستكون أقل.

رضوى إبراهيم: شركة القناة للتوكيلات الملاحية لديها مساهمات في دمياط وبورسعيد وتم قيدهما مؤخرًا في البورصة، كما تم إدراجهما ضمن برنامج الطروحات الحكومية.. هل شركة القناة من ضمن المتخارجين من الشركتين؟ أم ستحتفظ بحصصها؟ أم ستتخارج من إحداهمها وتستمر في الأخرى؟

د. أحمد عبد الحافظ: الدولة أعلنت عن خطط لطرح حصص من بعض الشركات سواء في البورصة أم لمستثمر استراتيجي، وشركتا دمياط وبورسعيد تتمتعان بملاءة مالية كبيرة، وتم إدراجهما في البرنامج.

البرنامج بصورة عامة يقوم على طرح حصص من بعض الشركات لمستثمر استراتيجي، وشركات أخرى سيتم طرحها في البورصة المصرية، وثالثة سيتم المزج فيها بين البورصة والمستثمر الاستراتيجي.

أحمد رضوان: هل حصص شركة القناة للتوكيلات الملاحية في دمياط وبورسعيد مطروحة للبيع أم سيتم الاحتفاظ بها؟

د. أحمد عبد الحافظ: نحن كشركة لدينا 20% من دمياط و 20% من شركة بورسعيد لتداول الحاويلات، تم قيدهم بالفعل.

أحمد رضوان: هل ستحتفظون بحصصكم في شركات دمياط وبورسعيد أم سيحدث تخارج جزئي؟

د. أحمد عبد الحافظ: حتى الآن محتفظون.

أحمد رضوان: ما هي الرسالة السريعة التي تريد توجيهها للحكومة وللقطاع العقاري؟

د. أحمد شلبي: رسالتي هي أن المرحلة الحالية تحتاج إلى تكاتف ما بين القطاع الخاص نفسه، وبين القطاع والحكومة لوضع رؤية وحلول واضحة للقطاع العقاري المصري نظرًا لأهمية هذا القطاع، وهذا يحتاج إلى حوار وقرارات سريعة من الدولة لمنح الدعم اللازم حتى يلتقط القطاع أنفاسه، وعلينا جميعًا كقطاع خاص وكدولة الإقرار بأن الضغوط التي شهدها القطاع العقاري أكبر من قدرته على تحملها بمفرده، لأنه قطاع حيوي للمصريين وتكمن أهميته في احتوائه على مدخرات المصريين يجب أخذ ذلك بعين الاعتبار، وخصوصًا أن المشكلات التي يعاني منها خارجة عن إرادته وناجمة عن ظروف اقتصادية عامة.

أحمد رضوان: ما هي الرسالة السريعة التي توصي بيها الحكومة وقطاع النقل البحري في مصر؟

د. أحمد عبد الحافظ: نحتاج إلى مجموعة اقتصادية تدير المشهد حاليًا وفي أسرع وقت ونحتاج إلى تنسيق كامل بين السياسة المالية والنقدية حتى يعمل الطرفان في اتجاهات وأهداف واحدة.

كما يجب حل جميع المشكلات التي تواجه القطاع الخاص بأسرع وقت ممكن، حتى يستطيع التحرك والتأثير في مؤشرات الاقتصاد الكلي بشكل سريع.

فالقطاع الخاص يواجه مشكلات كبيرة ولديه عوائق كثيرة، فلو قام المستثمر بعمل مقارنة بالسوق المحلية والأسواق المجاورة لنا لن نكون في الصدارة، فعلينا جعل مصر أكثر جاذبية، فالعالم كله بما فيهم أمريكا والصين يتنافسون على المستثمر.

كما نحتاج إلى أن تكون جاذبين بشكل أكبر للمستثمر المصري والعربي الأجنبي بشكل سريع، فبعض الإجراءات التي كان لها مردود سلبي على القطاع الخاص يجب أن تستبدل بإجراءات أفضل وأسرع من ذلك، لا يجب أن يكون نصيب الدولة من الاستثمارات الجديدة 75%، والقطاع الخاص 25%، يجب أن تتغير الدفة وبشكل سريع حتى تتحسن المؤشرات الاقتصادية ويتحسن وضع المواطن الذي أصبح يشعر بشكل كبير بوطأة الأسعار.

أحمد رضوان: في نهاية اللقاء، نتوجه بالشكر إلى الدكتور أحمد شلبي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة تطوير مصر، والدكتور أحمد عبد الحافظ رئيس شركة القناة للتوكيلات الملاحية، كما نتوجه بالشكر للدكتور سامح الترجمان الرئيس التنفيذي لشركة إيفولف للاستثمار القابضة، الذي غادر اللقاء قبل قليل لارتباطه بمواعيد مهمة، وإلى لقاء جديد في صالون حابي.

الرابط المختصر