ماهر عشم يكتب.. أمل جديد

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ عندما كنت تلميذًا بالمرحلة الإعدادية كانت هناك قصة مختلفة تدرس في مادة اللغة العربية كل سنة دراسية. وعلى ما أذكر كانت إحدى هذه القصص بعنوان ابن النيل. لا أتذكر أحداث القصة بالتفصيل ولكن كان بطل القصة شابًّا ريفيًّا دائمًا ما يواجه ظروفًا صعبة ويعيش في إحدى القرى ويدعى حمدان. وكان شعار حمدان في الحياة اخلق من الألم أملًا جديدًا ومن شعار هذا الشاب اتخذت عنوانًا وموضوعًا لمقالي.

نحن نعيش في زمن غير مسبوق، تحاول فيه قوى عظمى أن تغير به الأصول والقواعد والمفاهيم وتجعل من الشاذ القاعدة، وتحاول أن تجبر العالم على تبني واحترام بل والايمان بتلك الأوضاع المقلوبة.

E-Bank

ومن خصائص تلك الحقبة أيضًا الدور الذي تلعبه التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي والذي بات يهدد التعليم ويؤرق الأساتذة في كيفية إجبار الطالب على الاعتماد على نفسه وصقل مواهبه ومعرفته وقدراته.

أخيرًا وليس آخرًا نحن نمر بأزمة اقتصادية عالمية عاصفة وثقيلة وطويلة أثرت بشدة على التضخم وضاعف من تأثيرها في وطننا الغالي عدم قدرة الاقتصاد في مواجهة تلك التحديات الكبيرة دون أن تضعف قيمة العملة الوطنية في مقابل العملات الأجنبية مما ضاعف من معدلات التضخم في المقارنة بدول أخرى.

أدت تلك العوامل مع ضعف القوى الناعمة وتدهورها إلى درجة لم نشهدها من قبل إلى حالة من التشاؤم والإحباط، أواجهها سواء في محافل رجال الأعمال أو الاقتصاد أو الطلبة أو حتى رجل الشارع على السواء.

تابعنا على | Linkedin | instagram

كل يغني على ليلاه وأحيانًا وعن غير معرفة يبالغ في سرد المخاوف والتحديات من وجهة نظره. تزداد تلك الموجة حجمًا وتأثيرًا بفعل التواصل الاجتماعي والبرامج الإعلامية التي ضاقت بها الصدور والتي إما تتكلم عن مساحة إيجابية غير واقعية أو عن أمور لا تمت للآمال والجمال بأي صلة.

والجدير باالذكر هنا أن أي أزمة أو تحديات اقتصادية يمثلها منحنى متجه لأسفل تغير من اتجاهاتها -وبالتالي تتخذ المنحنيات التي تمثلها اتجاهات صاعدة- ليس عندما توجد حلول لتلك الأزمات، ولكن عندما تلوح الأضواء في نهاية النفق المظلم.

والتضخم القائم مبني على مكون حقيقي وآخر ناتج عن سياسات وممارسات خاطئة أو مغلوطة. والأخير دائمًا ما يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار أحيانًا يمكن تفاديه ولا يفيد إلا بعض التجار الذين لديهم مخزون ترتفع أسعاره وبالتالي يرتفع هامش ربحهم.

بناء على المقدمة السابقة أود أن أقترح بعض الأفكار القليلة والتقليدية التي قد تخلق أملًا جديدًا قد يغير من اتجاه المنحنى وبالتالي من الواقع الاقتصادي وعلى المدى البعيد قد يؤدي إلى حل الأزمة. وموارد مصر من العملات الصعبة معروفة ولكن أود التركيز على أمرين إذا تغيرا قد يمثلان الضوء في نهاية النفق:

الأمر الأول يتعلق بالسياحة وليس خافيًا على أحد أن السياحة في مصر غير مستغلة الاستغلال الأمثل بالرغم من وجود كل المقومات السياحية ففي مكان واحد بالإضافة للموقع الجغرافي المتميز، والذي يقلل من مشقة وتكلفة السفر إليها.

أود هنا أن أشير إلى أن ملتقى علمي التسويق والمحاسبة يكمن في العلامة التجارية لأي شركة. فالتسويق هو ما يبني تلك العلامة ويكون التصور المرتبط في ذهن أي إنسان بها.

وأيضًا أحد أهم القوائم المالية في المحاسبة هي الميزانية والتي تفرد الأصول والخصوم ورأس المال لأي شركة. والعلامة التجارية هي أحد تلك الأصول المثبتة بالميزانية ولها قيمة مالية مرتبطة بقدرتها على جذب المزيد من المبيعات بالعلامات الأخرى.

وأيضًا من أساسيات علم التسويق ضرورة إعادة وضع تلك العلامة التجارية عندما تكون قدرتها على جذب المبيعات والعملاء أقل من إمكاناتها ويسمى ذلك (Brand Repositioning).

ولا يعتبر ذلك مجهودًا تسويقيًّا فقط بل هو مرتبط بتغيير شكل المنتجات أو طريقة تقديم الخدمات الخاصة بتلك العلامة ولم يبخل خبراء السياحة ورجالها بسرد المطلوب لإعادة وضع مصر وزيادة قدرتها التنافسية في جذب السياحة التي تستحقها إمكانياتنا وعلى الحكومة والشعب سرعة التنفيذ إذ إنها مسؤولية مشتركة من أول المواطن المرحب بالسائح بطبيعته حتى الدولة المضيفة المسخرة لكل إمكاناتها لإسعاد ذلك السائح.

والأمر الثاني يكمن في تشجيع الاستثمار وهو أيضًا يحتاج بشدة إلى إعادة وضع مشابه للعلامة التجارية المصرية الخاصة به تمامًا كالسياحة ولن نستطيع جذب الاستثمار وزيادة الصادرات وتقليل الواردات إلا بمساندة القطاع الخاص.

ولا أمل لجذب أي استثمارات أجنبية جديدة جادة إلا بعد مساندة رأس المال الوطني وتشجيعه على البقاء والتوسع وتسهيل وتذليل كل العقبات في طريقه. وأيضًا معروفة هنا مطالب هذا القطاع ومعهم رواد الأعمال وحتى الشركات الناشئة التي باتت تبحث عن بيئة أكثر ملاءمة وتشجيعًا لها.

بالاستثمار الوطني ينمو الاقتصاد ويزيد الإنتاج وتزيد الصادرات وتتشجع الاستثمارات الأجنبية الجادة على التدفق صوبنا، مما يزيد موارد الدولة من العملة الصعبة وتتوج تلك الأمور السياحة وكلها في أمس الحاجة إلى إعادة وضع مبنية على تغيير حقيقي صادق وجاد، وإن تحقق ستلوح الأضواء في نهاية النفق المظلم وتتغير اتجاهات المنحنيات ونخلق من الألم أملًا جديدًا.

 

الرابط المختصر