رويترز – تراجعت أسهم البنوك في جميع أنحاء العالم يوم الاثنين حتى مع تعهد الرئيس جو بايدن باتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان سلامة النظام المصرفي الأمريكي إثر الانهيار المفاجئ لبنكي سيليكون فالي وسيجنتشر.
وجاءت جهود بايدن التي تهدف إلى طمأنة الأسواق والمودعين على ودائعهم في البنكين بعد أن فشلت الإجراءات الطارئة التي اتخذتها الولايات المتحدة في تبديد مخاوف المستثمرين بشأن توالي الأزمات في البنوك الأخرى حول العالم.
وخسرت البنوك الأمريكية الكبرى أكثر من 70 مليار دولار من قيمتها في سوق الأسهم يوم الاثنين ليرتفع إجمالي خسائرها خلال الأيام الثلاثة الماضية إلى نحو 170 مليار دولار.
وتراجعت أسهم بنك فيرست ريبابليك بنحو 76.6% على الرغم من التقارير التي أفادت بحصوله على تمويل جديد، في حين انخفض سهما ويسترن أليانس بانكورب 82.5% وباك ويست بانكورب 53%. وتوقف التداول في الأسهم عدة مرات بسبب التقلبات.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك فيرست ريبابليك جيم هيربرت لشبكة سي.إن.بي.سي إن بنكه تمكن من تلبية مطالب سحب الودائع يوم الاثنين بعد حصوله على تمويل إضافي من جيه.بي مورجان تشيس، مضيفا أنه لا يرى سحبا هائلا للودائع.
أصداء الأزمة تصل أوروبا
وامتد صدى هذه الأزمة إلى أوروبا حيث أغلقت أسهم البنوك في المؤشر ستوكس 600 على انخفاض قدره 5.7%. وانخفض سهم كوميرتس بنك الألماني 12.7%، بينما تراجع سهم كريدي سويس 9.6% في انخفاض لم يحدث من قبل.
وقالت هيئة الرقابة على المؤسسات المالية السويسرية إنها تراقب أداء البنوك وشركات التأمين عن كثب، في حين قال مسؤول كبير في البنك المركزي الأوروبي إن مجلس الإدارة الذي يشرف على أكبر البنوك في منطقة اليورو لا يرى أي حاجة لعقد اجتماع طارئ.
وقال بايدن إن الإجراءات التي اتخذتها حكومته مطلع هذا الأسبوع تهدف إلى دفع “الأمريكيين أن يثقوا في أن النظام المصرفي آمن” في الوقت الذي وعد فيه أيضا بتشديد اللوائح التنظيمية بعد أكبر انهيار مصرفي في أمريكا منذ الأزمة المالية التي حدثت عام 2008.
وأضاف “ودائعكم ستكون موجودة عندما تحتاجون إليها”.
وعلى الرغم من رسائل بايدن، تراجعت أسهم جي بي مورجان تشيس ومورجان ستانلي وبنك أوف أمريكا.
وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية إنه لا يوجد جدول زمني لبايدن لتقديم أي طلبات للكونجرس في الوقت الذي لا يزال فيه مساعدوه يعملون على إدارة الوضع في الوقت الحالي وفهم سبب حدوث هذه الأزمة بصورة أفضل وما الذي يمكن أن يُطلب من المشرعين تحديدا.
ارتفاع مؤشرات مخاطر الائتمان
بالنسبة لأسواق المال، ارتفعت مؤشرات مخاطر الائتمان في الأنظمة المصرفية في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. وقفز مؤشر التقلبات الأوروبي إلى أعلى مستوى له منذ أكتوبر 2022.
وقال ريك ميكلر الشريك لدى (شيري لين انفستمنتس) “عندما تُتخذ خطوة بهذا الحجم وبهذه السرعة، فإن أول ما يتبادر إلى ذهنك هو تفادي الأزمة. لكن ما يأتي لذهنك بعد ذلك هو مدى حجم تلك الأزمة وما حجم المخاطر التي يجب أن تنشأ بسبب هذه الخطوة؟”.
واقتربت أسعار الذهب من حاجز منطقة 1900 دولار مدعومة برهانات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي قد يضطر إلى إبطاء رفع أسعار الفائدة، مما دفع المستثمرين لبحث عن ملاذات آمنة.
وقال مارك داودينج، كبير مسؤولي الاستثمار لدى بلوباي أسيت مانجمنت في لندن “هناك شعور بتوالي الأزمات. وكما نرى فإن إعادة تسعير الأدوات المالية تؤدي إلى إعادة تسعير الأسواق”.
تدخل حكومي
وتدخلت الهيئات التنظيمية الأمريكية يوم الأحد بعد انهيار بنك سيليكون فالي الذي شهد تخارجا للودائع المصرفية بعد تضرر محفظته من السندات بشدة.
ورفع المستثمرون دعوى قضائية بحق مجموعة “إس.في.بي فايننشال جروب”، المالكة لبنك سيليكون فالي، واثنين من كبار المديرين التنفيذيين يوم الاثنين واتهموهم بإخفاء كيف أن أسعار الفائدة المتزايدة ستترك البنك “معرضا بشدة” لتخارج الودائع المصرفية.
ووُجهت الدعوى القضائية ضد بنك سيليكون فالي والرئيس التنفيذي جريج بيكر والمدير المالي دانيال بيك في المحكمة الاتحادية في سان هوسيه في كاليفورنيا.
وبعد مطلع أسبوع حافل بالأحداث، قالت الجهات التنظيمية الأمريكية إن عملاء البنك المفلس سيتمكنون من الوصول إلى ودائعهم بدءا من يوم الاثنين كما أنشأت الجهات التنظيمية منشأة جديدة حتى يمكن للمصارف الحصول على تمويلات الطوارئ. كما اتخذ المركزي الأمريكي قرارا للتيسير على البنوك الاقتراض منه في حالات الطوارئ.
وتحركت الجهات التنظيمية بسرعة أيضا لإغلاق بنك سيجنتشر الذي يتخذ من نيويورك مقرا له والذي تعرض لضغوط خلال الأيام القليلة الماضية.
وقال مارك سوبيل، وهو مسؤول كبير سابق بوزارة الخزانة ورئيس مركز أبحاث “أو.إم.إف.آي.إف” الأمريكي “يجب إجراء تحقيق جاد في سبب عدم وجود إشارات تحذيرية من قبل الجهات التنظيمية وما الذي يحتاج إلى إصلاح”.
تداعيات واسعة النطاق
سارعت الشركات من جميع أنحاء العالم التي تمتلك حسابات في بنك سيليكون فالي لتقييم تأثير انهيار البنك على مواردها المالية. وفي ألمانيا، دعا البنك المركزي فريق الأزمات لتقييم التداعيات التي قد تنجم عن ذلك.
وبعد محادثات مطولة في مطلع هذا الأسبوع، قال بنك إتش.إس.بي.سي إنه اشترى الوحدة البريطانية من بنك سيليكون فالي مقابل جنيه استرليني واحد (1.21 دولار).
وعلى الرغم من أن وحدة البنك في بريطانيا ليست كبيرة بما بكفي، فإن توقفها المفاجئ أثار دعوات للحكومة لتقديم يد المساعدة للشركات البريطانية الناشئة، وقطاع التكنولوجيا الحيوية على وجه الخصوص.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إنه يضم صوته لأصوات البريطانيين الذين يقولون إنه لا يوجد قلق على النظام المصرفي في البلاد.
وأضاف سوناك لشبكة آي.تي.في خلال زيارة للولايات المتحدة “بنوكنا تتمتع برأس مال جيد وسيولة قوية”.
وشهدت أسواق الأسهم انتشار الكثير من التوقعات المرتبطة بأسعار الفائدة، إذ يراهن المستثمرون على أن مجلس الاحتياطي الاتحادي لن يقدم على رفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.
ويقول المستثمرون إن هناك فرصة نسبتها 50% لعدم رفع سعر الفائدة في اجتماع الأسبوع المقبل، مع إمكان خفض أسعار الفائدة في النصف الثاني من العام.
وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عامين 55 نقطة أساس إلى نحو 4.09% وتتجه لتحقيق أكبر انخفاض يومي لها منذ عام 1987، وفقا لبيانات رفينيتيف.
ويأتي انهيار بنك سيليكون فالي في الوقت الذي أُعلن فيه عن إغلاق بنك سيلفر جيت الذي يركز على العملات المشفرة والذي كشف الأسبوع الماضي عن خطط لإنهاء العمليات والتصفية طواعية في أعقاب انهيار منصة العملات الرقمية “إف.تي.إكس” العام الماضي.