في اللقاء الثاني عشر من صالون حابي – نظرة على الصناعة والتجارة – الجزء الأول
فرص كبيرة لتنشيط الصادرات.. ومطالب بتسهيل المنظومة الجمركية
بعد مرور فترة من اتخاذ الحكومة سلسلة من الإجراءات التنشيطية لقطاع الصناعة، بجانب الإفراج عن الكثير من شحنات البضائع المكدسة، وتطبيق سياسة سعر الصرف المرن، اختارت جريدة حابي أن يلقي صالونها الشهري في لقائه الثاني عشر، نظرة واسعة على قطاعي الصناعة والتجارة، وإلى أي مدى يتعامل القطاعان مع التحديات الاقتصادية.
شارك في اللقاء المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق ورئيس شركة فودافون مصر، والمهندس محمد يوسف الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة نيلوس فودز، وطارق كامل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة نستله مصر.
ألقى اللقاء الضوء على الكثير من المحاور المهمة لقطاعي الصناعة والتجارة بشقيها الداخلية والخارجية، منها تسهيل الإفراج على مستلزمات الإنتاج وتقييم وضع المنظومة الجمركية، وبرنامج رد أعباء الصادرات، وتأهيل العمالة، والتسعير المناسب للسلع والخدمات، وتحديات تصدير العقار، وغيرها من المحاور.
وإلى نص اللقاء..
أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم أهلًا وسهلًا بكم في لقاء جديد من صالون حابي، نحاول اليوم إلقاء نظرة واقعية على وضع الصناعة والتجارة بمصر، وهل تحسنت الأوضاع بعد تبني سياسات جديدة سواء فيما يتعلق بإجراءات تعويم الجنيه وما تم الوصول إليه من تحديد سعر صرف مرن يتم التعامل على أساسه، وكذلك تحرك وسعي الحكومة لتدبير نقد أجنبي سواء من خلال المبادرات أو عن طريق طرح الشركات، وجميع الإجراءات المرتبطة بحل أزمة نقص العملة، وكيف كان لهذه الإجراءات تأثير على وضع الأسواق؟
نستضيف اليوم في صالون حابي المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق ورئيس شركة فودافون مصر، وهو له خبرة أيضًا في الصناعة من خلال رئاسته للشركة القابضة للغزل والنسيج، والمهندس محمد يوسف الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة نيلوس فوود، وطارق كامل رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة نستله مصر، وهو أيضًا له خبرات كبيرة في القطاع العقاري، وكان يشغل منصب الرئيس التنفيذي السابق لشركة أوراسكوم العقارية.
لنبدأ مناقشات اليوم مع المهندس هاني محمود.. إذا رغبنا في وضع تقييم سريع أو نظرة شاملة بعض الشيء عن وضع الأسواق في هذه الفترة فيما يتعلق بتدبير العملة الأجنبية على مستوى الصناعة، وأيضًا الفرص التي تراها فيما يتعلق بتنافسية الصادرات بعد الخفض الذي حدث للجنيه المصري أمام الدولار.
هاني محمود: بداية أعبر عن رأيي الشخصي من خلال الخبرات المتراكمة لديّ، كبلد تأخرنا كثيرًا في الاهتمام بالصناعة، أي اقتصاد في العالم لا بد أن يضع في اعتباره الصناعة للتصدير كجزء أساسي من خطة التنمية الخاصة به وكذلك الزراعة للتصدير، بما أن مصر دولة زراعية.
هاني محمود: يجب اعتبار الصناعة والزراعة بهدف التصدير جزءًا أساسيًا من خطة التنمية
يجوز أن مصر لم تهتم بالقدر الكافي بهذا الجزء ولهذا السبب ما زلنا نعاني من فاتورة استيرادية عالية جدًّا وفي المقابل فاتورة تصديرية قليلة، ونتيجة لهذا حدث عجز في العملة الأجنبية، ولكن ما يهم المستثمر سواء المصري أو الأجنبي ليس فقط سعر وقيمة العملة وإنما ضرورة معرفة اتجاهاتها خلال الفترة المقبلة.
المستثمر يهمه استقرار اتجاه العملة مستقبلًا وليس فقط سعرها الآن
المشكلة التي نواجهها وتقريبا منذ 3 سنوات أو ما يزيد على ذلك، هي أنه يوميًّا نحن في انتظار تعويم الجنيه، ما تسبب بطبيعة الحال في عدم استقرار سوق ومجال الاستثمار بمصر، إذ إن الحالة الضبابية حول مدى وفرة الدولار خلال الفترة الماضية جعلت هناك صعوبة شديدة عند المستثمرين وخاصة المستثمر الأجنبي من ناحية اتخاذ قرار بدخول السوق وضخ استثمارات به في ظل حالة عدم اليقين وصعوبة التوقع بما هو قادم.
الدولة عقدت اجتماعات كثيرة لتنشيط الصناعة وحل مشاكلها
وحقيقة خلال الفترة الماضية حدث من وجهة نظري نقلة نوعية في الاستراتيجية المتبعة من قبل الدولة، وبات هناك أولوية واهتمام ملحوظ بالصناعة وعقد العديد من الاجتماعات واللقاءات بين الجهات المعنية بالأمر، وقد حضر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بنفسه المؤتمر السنوي الخاص باتحاد الصناعات المصرية ووجه ومنح فيه مجموعة من التسهيلات والقرارات الهامة مثل تسهيلات منح الرخصة الذهبية وبعض القرارات الأخرى.
وفي الوقت نفسه أجرى رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي اجتماعًا مع مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية ، الذي أنا عضو به، واستفسر وسأل عن المشاكل التي تواجه الصناعة المصرية وبدأ بعمل لجان لحلها، وأعتقد أن هذا سيساعد كثيرًا على حركة وتنمية الصناعة في مصر.
سعر الأرض عائق أساسي أمام الاستثمار الصناعي.. وآليات مثل حق الانتفاع ستكون محفزة
الأمر الثاني من وجهة نظري أن واحدة من أكبر العوائق بالنسبة للمستثمر الصناعي هي سعر الأرض، إذ تمثل قيمة أرض المشروع عائقًا أساسيًّا أمام المستثمر، إذ يضطر المستثمر وقبل فعل أي شيء في استثماره يتطلب الأمر منه وضع تكلفة كبيرة حتى يستطيع شراء الأرض.
أما اليوم أصبح هناك مجموعة من الخيارات أمام المستثمر مثل حق الانتفاع وسداد ثمن الترفيق بنظام التقسيط، وهذه التيسيرات هي التي تسهل على المستثمر للبدء في تنفيذ خططهم الصناعية، خاصة أن هناك فارقًا واختلافًا كبيرًا بين كل من: المستثمر الصناعي والتجاري.
فالمستثمر التجاري دورة رأسماله سريعة إذ يجري طلبيات لمنتجات جاهزة الصنع تصل بعد نحو شهرين ليقوم ببيعها ويسترد أمواله بالإضافة إلى مكسبه، أما المستثمر الصناعي يضخ استثمارات كبيرة لمدة زمنية طويلة حتى يصل لبداية جني العائد، إذ يبدأ بالأول في بناء المصنع ثم التشغيل التجريبي ثم بداية الإنتاج الحقيقي بجانب مراحل أخرى كثيرة، مما يتسهلك وقتًا طويلًا، ولهذا لا يصلح إثقال الأعباء عليه ومطالبته بسداد كامل قيمة الأرض والتي قد تقدر بمليارات في بداية اتخاذه للقرار الاستثماري وذلك بجانب المطالبة برسوم لإصدار التراخيص بالإضافة لتفاصيل مالية أخرى، مما يجعل ذلك الأمر عائقًا أساسيًّا.
مجموعة من القرارات المحفزة للصناعة والتصدير والاستثمار عمومًا صدرت خلال الفترة الأخيرة
وحقيقة حزمة القرارات الأخيرة لرئيس الوزراء المصري ساهمت بشكل كبير في تيسير الأوضاع في مجال الصناعة، ولم تعد الأرض المشكلة الرئيسية التي تواجه المصنعين، خاصة أننا كبلد تعتبر الأرض من أكثر المقومات المتوافرة لدينا، وهناك بعض البلاد مثل سنغافورة تقوم بردم البحر بغرض السعي لتكبير رقعة الأراضي لديها، أما مصر فلديها وفرة كبيرة في الأراضي.
ومن الملاحظ فعليًّا خلال الفترة القليلة الماضية حدوث واتخاذ مجموعة من القرارات التي من شأنها أن تساعد بشكل كبير على زيادة الاستثمارات وتنشيط حركة الصناعة المصرية، وبالطبع عندما نتحدث عن الصناعة لا بد أن نذكر الدولار، فعندما نقوم بزيادة التصنيع المحلي ستقل فاتورة الاستيراد وبالتالي يقل الاحتياج إلى الدولار، وهذا كشق أول خاص بالاحتياج الداخلي، أما إذا انتقلنا للشق الثاني وهو التصدير فسنعمل على تعزيز موارد الدولة من العملة الأجنبية في الوقت الذي نجحنا في تخفيف الطلب عليها للاستيراد من الخارج.
نعم، تأخرنا بعض الشيء في الاهتمام بالصناعة ولكن هذا أفضل من ألا نأتي مطلقًا، فالحكومة تنبهت إلى أهمية دور الصناعة في الاقتصاد، كما تنبهت إلى أنه لأي مدى الاقتصاد غير القائم على الصناعة والزراعة والتصدير لا يمكن له أن ينهض وينمو بشكل مستدام، لأن مدخلات العملة الأجنبية الأخرى في حالة تقلب شديد صعود وهبوط.
مدخلات النقد الأجنبي شديدة التذبذب باستثناء قناة السويس.. ولا بديل عن التصدير بقوة
فاليوم على سبيل المثال الأمر الوحيد الذي يتسم بالثبات في موارد النقد الأجنبي لمصر هو قناة السويس، وتزيد وتنمو ببطء كل عام بنحو 10 إلى 12%، أما إذا نظرنا إلى تحويلات المصريين في الخارج فهي متقلبة يومًا تصعد والآخر تتراجع بحسب الظروف السياسية، والسياحة أي حادث بسيط قادر على أن يوقفها ويعرقلها.
فمصادر الدخل الرئيسية للنقد الأجنبي لمصر ليست ثابتة، ولكن عندما تنجح مصر في إيجاد قوة تصديرية لها وفتح أسواق جديدة قوية، مع استغلال ميزة تواجد مصر بمنطقة شمال إفريقيا ووسط بلاد وأسواق كثيرة.
مندهش من ترك أسواق تصديرية مهمة مثل إفريقيا لسيطرة منتجات دول أخرى
كان لي تجارب عدة في بعض الدول الإفريقية، وأقمت وعملت هناك لفترات طويلة بعدد من الدول منها كينيا، وطوال الوقت أستغرب كيف نترك هذه الأسواق لبلاد أخرى تفرض سيطرتها عليها!! لا أحب أن أذكر أسماء، وأعتقد أن مصر ستبدأ العمل في هذا الاتجاه خلال الفترة القادمة.
ياسمين منير: شركة نيلوس تعمل في مجال الزراعة والصناعة.. نود معرفة نبذة مبدئية عن نشاطها وأيضًا كيف أثرت التحديات الاقتصادية والمتغيرات الكثيرة التي حدثت الفترة الماضية على أعمالكم وفرص التصدير وفرص التوسع خلال هذه الفترة؟
محمد يوسف: نيلوس شركة زراعية تمتلك المزارع الخاصة بها وصناعية بغرض تصدير 100% من الإنتاج، أعمل بالمجال في شركات خاصة منذ أكثر من 20 عامًا، وفي عام 2018 قررت تأسيس الاستثمار الخاص بي ثم انضم إلي شريك آخر لديه نفس سنوات الخبرة بالمجال، والشركة تقع تحت مظلة الشركات الصغيرة لأن المبيعات ما زالت أقل من 50 مليون جنيه، والركيزة الأساسية لدينا هي أن أي منتج بغرض التصدير لا بد أن يكون مطابقًا للمواصفات العالمية.
محمد يوسف: تجربة نيلوس تقوم على الزراعة والتصنيع بهدف التصدير بنسبة 100%
بدأنا بالزراعة وتم تأسيس مزرعة حاصلة على التراخيص والشهادات اللازمة وبدأنا تصدير منتج طازج للسلاسل التجارية في أوروبا والخليج والشرق الأقصى، وفي أول عامين ولضيق الموارد المالية وعدم وجود التمويل الكافي حينها كنا نقوم بتأجير خطوط إنتاج خارجية، وقمنا بتكوين شبكة الأسواق الجديدة الخاصة بنا.
صادراتنا تستهدف أوروبا والخليج والشرق الأقصى.. وبدأنا العمل بتأجير خطوط إنتاج خارجية
بعد ذلك قررنا تأسيس مصنع وكانت تجربة في الحقيقة لها جوانب جيدة وأخرى كلها مشقة وعناء تواجه أي فرد يبدأ استثمارًا جديدًا في مصر، وما يتضمنه من أن التكلفة المبدئية للاستثمار عالية جدًّا، إلى جانب ظهور أمور مفاجئة في دفع الرسوم وما شابه، وهذه المعوقات تعرقل سير العمل ولها جوانب سلبية.
تجربة إنشاء مصنع الشركة واجهت الكثير من الصعوبات.. ونتواجد حاليًا في 14 دولة
ولكن على الجانب الآخر وجود هذا الكيان أتاح لنا التواجد في نحو 14 دولة، بنسبة 100% تصدير، الشركة متخصصة في منتج واحد وهو الفراولة، وقد نكون سبقنا شركات أخرى كبيرة إذ إن المستثمرين في مصر إما أن يتخصصوا في الزراعة وتصدير الطازج أو الصناعة فقط، وجود هذا التكامل منح الشركة ميزة مهمة رغم صغر حجمها بالقدرة على القيام بالدورة الكاملة، وبالتالي الاستحواذ على الشريحة المستهدفة التي نرغب في الوصول إليها، وفق الخطة الموضوعة مع الشريك الذي انضم إلى الشركة، لمدة 3 أو 4 سنوات مقبلة، ونحن الآن لدينا خطة للسنوات الثلاث القادمة.
ضخامة السوق والفرص الخارجية قادرة على امتصاص تأثير التحديات الداخلية
ياسمين منير: هل رغم التحديات المتواجدة حاليًا قادرون على وضع رؤية لفترة طويلة؟
محمد يوسف: نعم، فالسوق موجودة وأرى أن أغلب التحديات التي نواجهها تخص السوق داخليًّا وليست خارجية، التحديات الداخلية هي التي يمكن أن تكبلنا وإذا تم تجاوزها وتخطيها أو أنها أصبحت أكثر سلاسة وسرعة مع تدعيم الفجوات الموجودة حاليًا، أرى أنه يمكن مضاعفة المبيعات حتى 5 مرات في أقل من سنتين أو ثلاث سنوات.
هاني محمود: المجال الزراعي بالمناسبة مجال واعد جدًّا ففي أوروبا هناك دول كثيرة ليس لديها زراعة نتيجة طبيعة المناخ وبرودة الجو وعوامل أخرى كثيرة، واعتمادهم في المقام الأول على الاستيراد، كنت في إستونيا لفترة وكل احتياجاتهم من الحاصلات الزراعية مستوردة وليس لديهم أي منتج تتم زراعته محليًّا.
أوروبا زاخرة بفرص التصدير.. والتحدي الرئيسي في المواصفات الواجب التوافق معها
ياسمين منير: طوال الوقت مصر لديها بالتأكيد سوق كبيرة قادرة على التصدير إليها.
هاني محمود: نعم، الاهتمام بالتصدير الزراعي أصبح مهمًّا جدًّا بجانب أن مصر بات لديها خبرات، فمثلًا محصول كالفراولة أو العنب ولدينا شركات متخصصة فيه تقوم بزراعته بغرض التصدير.
التحدي الرئيسي هنا هو معايير ومواصفات الجودة الخاصة بأوروبا وإذا استطعنا الوصول لهذه المعايير المقبولة خارجيًّا مع الفلاح المصري أو المزارع الذي سيتولى إنتاج المحاصيل، ستسير الدورة بشكل أسرع وسنكون مؤهلين لاقتناص الفرص في أسواق أوروبا.
فالسوق موجودة وبها الكثير من الفرص كما ذكرنا سلفًا وكل شيء سهل وفي المتناول، ولكن الصعوبات دائمًا تتركز في الجزء الأول الخاص بإنتاج منتج مطابق للمواصفات والمعايير الأوروبية.
رضوى إبراهيم: أجدد الترحيب بالرئيس التنفيذي لشركة نستله مصر، نحن نتحدث الآن عن قطاع الصناعات الغذائية والشركة التي ترأسها في مصر لديها هيكل ونطاق عمل مختلف عن كثير من الكيانات المنافسة في السوق، أود التعرف على نظرتك للسوق في الوقت الراهن؟ وكيف ترى التحديات المتواجدة ومدى انعكاساتها على حجم الطلب وكذلك خطط الشركة؟
وأيضًا إذا أمكن أن تذكر لنا بعض المنتجات التي من الممكن أن يكون تأثرها مختلفًا وبدرجة أقل عن غيرها؟ إذ نرى أن أزمة ارتفاع الأسعار طالت جميع السلع حتى وإن كان هناك فروق في حجم التأثر الحقيقي!
طارق كامل: بداية أشكركم على الاستضافة وأرحب بالنخبة الطيبة المتواجدة هنا، وحقيقة الوضع الحالي يتسم بالضغوط وهي فترة عدم استقرار، ولكن أود أن أبدأ بالتأكيد على أن مصر سوق كبيرة جدًّا، يتواجد بها أكثر من 100 مليون مواطن يحتاجون إلى طعام وشراب وملبس وعلاج وتعليم، ولذا ستظل سوقًا جاذبة للاستثمار.
طارق كامل: مصر سوق ضخمة جدًّا وستظل جاذبة ومهمة للاستثمار المحلي والأجنبي
تحدثنا في اللقاء عن التصدير وكيف تستطيع مصر زيادة مواردها من النقد الأجنبي عن طريق الإنتاج بغرض التصدير، ولكن هناك أيضًا شق آخر لا بد ألا نغفل عنه، وهو فكرة الاستثمار وجاذبية السوق لكل من المستثمر المصري والأجنبي.
من الضروري التأكيد على فكرة أن السوق المصرية -ورغم التحديات المفروضة حقيقة على الاقتصاد العالمي ككل ومن ضمنه الاقتصاد المصري- بعد مرور عامين على جائحة كورونا ثم الحرب في أوروبا هي سوق جاذبة ومهمة.
دراسات تؤكد أن نمو ربحية الشركات في مصر خلال 15 سنة مضت أكثر من الأسواق المجاورة
هناك بعض الدراسات التي تم إعدادها الفترة الماضية وقامت بتحليل أداء الشركات المختلفة في مصر خلال فترة 15 عامًا الماضية، ومنذ عام 2008 والأزمة المالية العالمية ومرورًا بأزمات كثيرة قد مضت على مصر والمنطقة والعالم خلال 15 عامًا المذكورة.
ووجدت هذه الدراسات أن المستثمرين الذين قاموا بالاستثمار في مصر خلال 15 عامًا الماضية تمكنوا من تحقيق معدلات نمو وأرباح بالعملة الأجنبية تفوق المعدلات المتحققة في أسواق كثيرة من الدول المتواجدة في المنطقة ومحيطنا بما في ذلك الدول التي نراها اليوم أكثر انفتاحًا في الاقتصاد وترحيبًا بالاستثمار وتسير بخطوات متسارعة جدًّا في اتجاه الإصلاح الاقتصادي الخاص بها وما إلى ذلك.
حجم الطلب وضخامة السوق وفترات الاستقرار التالية للأزمات ساعدت الشركات على تنمية أرباحها
رضوى إبراهيم: هل ذلك بفضل حجم الطلب والسوق؟
طارق كامل: نعم بالضبط، بداية تحقق ذلك بفضل حجم الطلب وحجم السوق، بالإضافة إلى أن مصر خلال السنوات الماضية تمر بفترة ضغط وصعوبات وتحديات ربما لأجل عام أو عامين ثم بعد ذلك يكون هناك فترة استقرار من 3 إلى 4 سنوات، ثم يعود الأمر مرة أخرى لفترة اضطراب وضغط ثم استقرار وهكذا.
والحقيقة أنه مع ضخامة حجم الطلب وخلال فترة 3 أو 4 سنوات استقرار استطاعت الشركات أن تحقق معدلات نمو وأرباحًا عالية جدًّا تساعدها خلال فترة الأزمة أو فترة عدم الاستقرار والتي يبلغ أجلها نحو عام أو عامين، ما يساعد في تحمل الضغط لتعود وتستكمل وتنمو بأعمالها بخطوات أسرع ونسب أرباح أكبر من غيرها.
الشركات اكتسبت خبرة كبيرة من تعاقب الأزمات وصنعت نماذج ناجحة في التعامل معها
الأمر الثاني الذي أرغب في ذكره هو أنه بالإضافة إلى كبر وضخامة السوق المصرية الواعدة، فإن هناك تراكم خبرات تم بناؤه خلال الـ 15 عامًا الماضية.
رضوى إبراهيم: في إدارة الأزمات.
طارق كامل: نعم بالفعل، ومتخذ القرار في القطاعات الاقتصادية المختلفة الإنتاجي منها أو الخدمي أصبح لديه اليوم دليل متكامل للتعامل، في ضوء وقوع الأزمات بشكل متكرر، مما يساعدنا جميعًا على تخطي الأزمة وفترة عدم الاستقرار واليقين مهما كانت.
هذه فقط مقدمة كان لا بد منها حتى تأتي الفرصة أيضًا للحديث، فنحن تحدثنا عن التصدير وأهميته كما تحدثنا عن الاستثمار الآن وأهمية جذب واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وكيفية اجتذاب المستثمر المصري ذي الملاءة المالية لضخ مزيد من الاستثمارات داخل مصر.
أهمية إلقاء الضوء على خبرات الشركات في التعامل مع الأزمات والاستفادة منها
ومن المهم أيضًا من وجهة نظري أن نتناول في نقاشنا هذا، كيف نساعد المستثمرين الذين لديهم استثمارات في مصر للعبور من الأزمة وكيف يمكنهم استخدام وتوظيف أدواتهم المختلفة حتى يعبروا هذه الأزمة.
رضوى إبراهيم: في نهاية الأمر استقرار السوق يفرق مع كل اللاعبين فيه.
طارق كامل: قولًا واحدًا.
هاني محمود: نقطة تفاؤل، بالرغم من كل الظروف التي تمر بها مصر، عند قراءة تقارير بعض المؤسسات المالية الدولية نجد أنها ما زالت متفائلة وتتوقع معد