أ ش أ – قال المهندس طارق الملا، وزير البترول، إن مصر بدأت في تنفيذ برنامج طموح بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية “إيني الإيطالية وشيفرون وإكسون موبيل وشل وبي بي” لحفر 35 بئرا استكشافية جديدة للغاز الطبيعي في البحر المتوسط ودلتا النيل خلال عامين من الآن حتى يوليو 2025، بإجمالي استثمارات قدرها 1.8 مليار دولار، بواقع 21 بئرا خلال العام المالي الحالي 2024/2023 و14 بئرا خلال العام المالي 2025/2024.
وقال الملا، في حوار مع وكالة أنباء الإمارات “وام” على هامش مشاركته في مؤتمر “أوبك” الدولي الثامن الذي ينطلق غدا في العاصمة النمساوية فيينا، إن مصر تعمل حاليا على تنمية حقول “نرجس وساتيس ونور” بالبحر المتوسط وشرق دمنهور بدلتا النيل و”فراميد والأبيض” بالصحراء الغربية وتمثل هذه الاكتشافات إضافة مهمة لإنتاج الثروة البترولية الحالي في مصر.
وحول إجمالي الاكتشافات النفطية وحجم الإنتاج، قال وزير البترول إنه خلال السنوات الخمس الماضية حفر قطاع البترول المصري والشركات العالمية عددا كبيرا من الآبار الاستكشافية بلغ 576 بئرا، وعلى إثرها تحقق 284 كشفا جديدا للبترول والغاز بواقع 217 للبترول و67 للغاز وأضافت تلك الاكتشافات احتياطيات بلغت 1320 مليون برميل زيت مكافئ بواقع 295 مليون برميل زيت خام ومتكثفات و5750 مليار قدم3 غاز.
وأضاف أن تلك الاكتشافات ساهمت في ظل الخطط السريعة لوضعها على خريطة الإنتاج في الحفاظ على معدلات الإنتاج ومواجهة التناقص الطبيعي فيه.
وحول حجم الإنتاج المصري من النفط والغاز ونسبته من احتياجات السوق المحلية من الطاقة، قال الملا إن موارد البترول والغاز الطبيعي تشكل نحو 93% من مصادر الطاقة الأولية في مصر، ويلبي إنتاجنا من البترول والغاز نحو 75% من الاستهلاك المحلي ونستكمل تلبية باقي احتياجاتنا من خلال الاستيراد الخارجي.
وأوضح أن الغاز الطبيعي يمثل الوقود الأهم حاليا والأكثر استهلاكا في مزيج الطاقة في مصر باعتباره الوقود الانتقالي النظيف الذي تبنته مصر خيارا رئيسيا في مزيج الطاقة للاستهلاك المحلى لديها كونه الوقود الأحفوري الأقل كثافة من حيث الانبعاثات الكربونية.
وحول رؤية لسوق النفط خلال العام المقبل والتداعيات المتوقعة لأسعار النفط حتى نهاية 2024 بعد قرار تمديد الخفض لـ “أوبك +”، قال وزير البترول إن هذا القرار يأتي في إطار الدور الفاعل لمنظمة أوبك والتعاون مع المنتجين خارجها تحت مظلة تحالف “أوبك +” في دعم الاستقرار والتوازن في السوق لمصلحة المنتجين والمستهلكين من خلال قرارات تتجاوب باستمرار مع ما يطرأ على السوق من متغيرات وديناميكيات العرض والطلب.
وأشار إلى وجود عدد من العوامل المؤثرة على تحديد أسعار خام البترول، منها على سبيل المثال؛ العرض من دول أوبك والعرض من دول خارج المنظمة والطلب من كبريات الدول المستهلكة أو بقية دول العالم ومستويات المخزون لدى الدول المستوردة وحالة أسواق المال العالمية وسعر الدولار لأنه العملة الأقوى عالميا ويتم على أساسها تحديد سعر النفط فغالبا عندما يرتفع “سعر الدولار” مقابل العملات الأخرى يحدث انخفاض لأسعار النفط.
وأضاف أن تحديد اتجاهات أسعار الخام في الأسواق العالمية مرهون بوضوح الصورة لبعض العوامل التي تتسم بدرجة مرتفعة من عدم اليقين مثل توقعات النمو الاقتصادي العالمي، وتوقعات نمو الاقتصاد الصيني أكبر مستهلك للبترول عالميا ومخاطر الركود في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ولفت إلى أن توقعات سوق البترول في الأجل القصير تواجه العديد من الاتجاهات المتضادة على جانبي الطلب والمعروض وذلك في شكل مخاوف ركود اقتصادي ونقص الإمدادات مع استمرار تداعيات الأزمة الأوكرانية.
وتابع: “على الرغم من أن التعافي للاقتصاد الصيني يدعم نمو الطلب العالمي على البترول إلا أن مخاوف تباطؤ النمو الاقتصادي المستمرة مع ارتفاع معدلات الفائدة وتسارع التضخم تتسبب في حالة من عدم اليقين.. ولا تزال المخاوف المستمرة بشأن تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي في المناطق الرئيسية في العالم تسود الأسواق يقابلها عوامل ترشح أسعار النفط للصعود مثل عدم وجود توسع في إنتاج النفط الأمريكي وانخفاض مستويات الطاقة الفائضة بين أعضاء أوبك. ومن المتوقع في ظل المعطيات القائمة أن تستمر أسعار النفط متأرجحة عند مستويات تتراوح بين ما يزيد عن 70 دولاراَ للبرميل إلى نحو 80 دولاراً للبرميل.
وحول الاستراتيجية في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة وعدد المشاريع المزمع تنفيذها في هذا الصدد، قال وزير البترول إن الحكومة المصرية أقرت مؤخرا أن تكون نسبة الطاقات المولدة من المصادر الجديدة والمتجددة في مزيج الطاقة لقطاع الكهرباء 42% بحلول عام 2030 بدلا من عام 2035.
وأضاف أن مصر تحدث حاليا استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2040 في ضوء زيادة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة والتحول إلى الاقتصاد الأخضر مع إدخال استخدام الهيدروجين كمصدر نظيف للطاقة خاصة في ضوء ما تتمتع به مصر من مقومات وميزة تنافسية للتوسع في إنتاج الطاقة الجديدة والهيدروجين.
وقال الملا إنه يجرى حاليا الانتهاء من أول استراتيجية وطنية لاستغلال الهيدروجين، كما تم إطلاق شراكات مصرية وعالمية في هذا المجال منها الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي خلال قمة المناخ وكذلك الاتفاق بين مصر وألمانيا للتعاون في هذا المجال.
وأضاف: “أطلقنا مشروعات بواسطة قطاع البترول والغاز لإنتاج مشتقات الهيدروجين من الأمونيا والميثانول الأخضر بالتعاون مع شركة سكاتك العالمية”.
وأشار إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي طبقتها مصر مكنتها من مراجعة مزيج الطاقة وزيادة نسبة الطاقات الجديدة والمتجددة فيه خاصة أن مصر تمتلك بنية تحتية متنوعة وموقعاً جغرافياً متميزاً وهو ما يؤهلها لأن تصبح أحد أكبر الدول المنتجة للطاقات الخضراء في المنطقة.
وأشار إلى أن الدولة المصرية وقعت خلال مؤتمر الأطرافCOP27 نحو 23 مذكرة تفاهم لمشروعات الهيدروجين الأخضر ومشتقاته منها 9 اتفاقيات إطارية مع كبري الشركات العالمية بإجمالي استثمارات 80 مليار دولار.
وحول خارطة طريق قطاع الطاقة في مصر خلال العقد الحالي، قال وزير البترول إن قطاع البترول يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية في مصر والذي يساهم بشكل رئيسي في دفع عجلة التنمية ويتبنى قطاع البترول رؤية شاملة لتحقيق الاستفادة الاقتصادية المثلى من الإمكانيات والثروات الطبيعية كافة للمساهمة في التنمية المستدامة لمصر وتعزيز دور مصر كمركز إقليمي للطاقة وأن يصبح قطاع البترول نموذجا يحتذى به لباقي قطاعات الدولة في التحديث والتطوير.
وأضاف أنه ولتنفيذ هذه الرؤية يعمل قطاع البترول في مصر على استراتيجية متكاملة تشمل 3 محاور رئيسية تتضمن: “تأمين مصادر الطاقة وذلك من خلال زيادة إمدادات الطاقة وإدارة الطلب على الطاقة وتنويع مصادرها. إضافة إلى تحقيق الاستدامة المالية وتعظيم القيمة المضافة من موارد مصر من البترول والغاز. إضافة إلى تعزيز أساليب الإدارة المثلى للقطاع من خلال تحسين نظم الحوكمة والهيكل التنظيمي والاستثمار في الكوادر البشرية وتوفير المناخ المناسب لزيادة الاستثمارات في القطاع.
وأشار إلى أنه ومن أجل ترجمة الاستراتيجية إلى نتائج ملموسة يتم العمل على عدة محاور في الأنشطة المختلفة لسلسلة القيمة لصناعة البترول والغاز حيث يتم العمل في مجال أنشطة البحث والاستكشاف على زيادة مناطق البحث والاستكشاف من خلال طرح مزايدات عالمية جديدة في مختلف الأحواض الجيولوجية وجذب استثمارات أجنبية جديدة من خلال تسويق المناطق الجديدة والواعدة عبر بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج الرقمية “EUG” واستخدام التكنولوجيا المتقدمة لزيادة الإنتاج بالمناطق والحقول المتقادمة كخليج السويس فضلاً عن العمل على زيادة نسب نجاح عمليات البحث والاستكشاف من خلال الاستفادة من نتائج الحفر في وضع التصورات الجيولوجية لعمليات الحفر.
وتابع: “فيما يخص أنشطة النقل والتوزيع والتخزين سيستمر التوسع في شبكات خطوط نقل الخام والغاز والمنتجات البترولية وتطوير الموانئ البترولية ومراكز الشحن البحرية لزيادة طاقات الشحن ورفع كفاءة الاستيعاب بالإضافة إلى زيادة السعات التخزينية للمنتجات البترولية والاستمرار في تعزيز دور مصر المحوري كمركز إقليمي للطاقة من خلال تعظيم الاستفادة من البنية التحتية المتطورة لقطاع البترول واستقبال المزيد من الغاز من منطقة شرق المتوسط لإعادة التصدير لتلبية طلب الأسواق الأوروبية المتنامي على الطاقة”.
وأضاف: “وفي أنشطة التكرير سيستمر القطاع في تنفيذ مشروعات لزيادة طاقة التكرير وتطوير ورفع كفاءة المصافي القائمة من خلال إضافة عمليات تصنيع جديدة لتحويل المنتجات منخفضة القيمة إلى منتجات عالية القيمة بما يدعم خطة وأهداف القطاع لتغطية احتياجات السوق المحلية من المنتجات الرئيسية “سولار- بنزين”.
وأشار إلى أن المشروعات الجديدة لمصافي التكرير الجاري تنفيذها ستسهم في زيادة الإنتاج المحلي من السولار والبنزين وتقليل استيرادهما بما يدعم تأمين وتلبية الاحتياجات المحلية من المنتجات البترولية.
وقال وزير البترول أنه في مجال صناعة البتروكيماويات والتي تعد من أهم السبل لزيادة القيمة المضافة من الموارد المحلية للبترول والغاز سيتم تنفيذ حزمة من المشروعات الجديدة مثل إنتاج الصودا آش والسليكون المعدني والتي ستساعد في تلبية احتياجات السوق المحلية من منتجات البتروكيماويات المتخصصة والحد من الاستيراد وبما يعزز من مساهمة قطاع البترول في دعم الاقتصاد القومي والتوسع في إقامة المجمعات الصناعية المتكاملة فضلا عن دعم عملية نقل وتوطين التكنولوجيا تماشياً مع توجهات الدولة المصرية.
وأكد المهندس طارق الملا أن خفض الانبعاثات وتعزيز التحول لأنظمة الطاقة المستدامة ومنخفضة الكربون يعد من العناصر الرئيسية في رؤية واستراتيجية قطاع البترول في مصر، وأن قطاع البترول يعمل على عدد من المحاور الرئيسية لتحقيق خفض الانبعاثات والتحول الطاقي والتي تتضمن اعتبار الغاز الطبيعي الاختيار الأول كوقود خاصة في مرحلة التحول إلى مصادر منخفضة الكربون تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، تنفيذ مشروعات لإزالة الكربون ووضع الإطار المؤسسي المناسب لتعزيز جهود القطاع في هذا المجال التوسع في إنتاج البتروكيماويات الخضراء واستخدام الطاقة المتجددة في مواقع وتسهيلات الإنتاج المختلفة فضلا عن إنتاج الهيدروجين منخفض الكربون.
وتابع: وفي هذا الصدد سيستمر قطاع البترول في تنفيذ مشروعات لخفض الانبعاثات بالتعاون مع كبرى شركات الطاقة الدولية للاستفادة من أفضل الخبرات والممارسات.