محمد الدماطي: الدولار التحدي الأول.. ومن بعده مشاكل يمكن التعامل معها

غرامات أرضيات الموانئ تحتاج إلى حل جذري.. وصعوبات في التعامل مع الموردين الخارجيين

في حوار موسع.. حدد محمد الدماطي نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الصناعات الغذائية العربية – دومتي، عددًا من التحديات الرئيسية التي تواجه الصناعات الغذائية على وجه التحديد، وقطاع الصناعة عمومًا.

وقال الدماطي في الحلقة الرابعة من برنامج حابي بودكاست، إن نقص الدولار وتقلب سعره يأتي على قمة هذه التحديات، وهو الأكثر أهمية وتأثيرًا في الوقت الراهن، ونتج عن هذا التحدي سلسلة من المشكلات الأخرى في مقدمتها تأخر الإفراج عن المواد الخام من الموانئ وانعكاسات سلبية على الأسعار.

E-Bank

وقال الدماطي، إن الدولة تتبنى توجهًا لتقليل الفاتورة الاستيرادية، وتمتلك فرصًا زاخرة يمكن الرهان عليها، ولكن أزمة النقد الأجنبي تفاقمت بفعل تأخر الخطوات الاستباقية.

أضاف أن رسوم الغرامات والأرضيات عمقت الأزمات على المصنعين، وأكد ضرورة التفاوض مع شركات الشحن الأجنبية للحصول على خصومات أو جدولة مستحقاتها.

ولفت الدماطي الانتباه إلى مشكلة جوهرية أخرى، وهي ضغوط الموردين الخارجيين على السوق المحلية، وقال إنها نقطة مهمة غائبة عن الأنظار.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ورأى الدماطي أن عبور الأزمة الراهنة يحتاج لمحفزات مثل المساعدات الخليجية، وإعادة جدولة الديون الخارجية.

وتطرق اللقاء إلى الخطط التوسعية لشركة دومتي والتي توارت أمام تعاقب التحديات الاقتصادية التي تواجهها السوق.

وإلى تفاصيل اللقاء..

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من برنامج حابي بودكاست، والذي نستهدف من خلاله سلسلة من اللقاءات الصحفية العميقة، مع عدد من كبار رجال الأعمال في مصر، في وقت نحاول فيه نقل خبراتهم العملية للأجيال الجديدة.

ونستضيف في حلقتنا اليوم الأستاذ محمد الدماطي نائب رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة الصناعات الغذائية العربية دومتي.

الفترة الماضية شهدت عقد عدة لقاءات بين ممثلي الصناعات الغذائية والحكومة.. نود أن تطلعنا على أهم المحاور المثارة وأبرز المطالب أيضًا؟

محمد الدماطي: الحكومة تتبنى توجهًا لتقليل الفاتورة الاستيرادية، وتمتلك فرصًا زاخرة في عدة قطاعات تضعها الدولة في بؤرة الاهتمام، وهناك حرص شديد على أن تستحوذ هذه المجالات على الأولوية القصوى في أجندة العمل خلال الفترة القادمة.

محمد الدماطي: توسعات دومتي تنتظر حسم تحدي الدولار
محمد الدماطي نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الصناعات الغذائية العربية – دومتي

الدولة تتبنى توجهًا لتقليل الفاتورة الاستيرادية.. وتمتلك فرصًا زاخرة

الاجتماع الأخير الذي عقد بين غرفة الصناعات الغذائية ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، كان يستهدف في الأساس البحث عن حلول لتقليل الفاتورة الاستيرادية بجانب طرح خطط المصنعين للخروج من الأزمة، في حين أن اهتمام ممثلي الغرفة كان يتمحور أكثر حول معالجة المشاكل الراهنة.

ولكن أؤكد أن الحكومة أنصتت للمصنعين بشكل جيد، في وقت ملبد بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، وسط إدراك وتقدير من مجتمع رجال الأعمال للظروف الراهنة التي تمر بها الدولة بشكل عام.

الحكومة ليس أمامها حلول ميسرة للإفراج عن البضائع في الموانئ

فالدولة تحاول جاهدة أن تمنح حوافز للمصنعين من خلال الإعفاءات الضريبية، فضلًا عن مساعي الدولة لتوطين نحو 153 منتجًا لتعميق الصناعة المحلية، فهذا أمر جيد ولكن في النهاية المصنعين يرغبون في دوران عجلة الإنتاج مرة أخرى، مع عدم القدرة على التخطيط المستقبلي في الوقن الراهن.

أحمد رضوان: ما هي المشاكل التي يواجهها قطاع الصناعات الغذائية بشكل خاص؟ والصناعة على وجه العموم؟

محمد الدماطي: الدولار الدولار الدولار، هو أبرز مشكلة تواجه الصناعات الغذائية خلال الوقت الراهن، في حين أن كل المعوقات المخيمة على الصناعة بشكل عام ليست بجديدة، حيث أنها تتركز في توفير الأراضي والبيروقراطية وتعدد الجهات الرقابية، ومع ذلك كانت البيئة الاستثمارية في مصر مستقرة، ولكن الأزمة التي طرأت على مدار العام الماضي هي الدولار سواء من ناحية توافره أو حدوده السعرية.

أحمد رضوان: ما هو تقييمك لمعالجة الحكومة لحل أزمة توافر الدولار؟

محمد الدماطي: الحكومة تعمل على حل أزمة النقد الأجنبي ولكن الظروف الاقتصادية صعبة، وسط تعدد المتغيرات، فضلًا عن أن الخطوات التي اتخذتها في هذا الملف جاءت متأخرة، وكلما تأخر استباق الدولة للأوضاع كان الحل أصعب.

أزمة النقد الأجنبي تفاقمت بفعل تأخر الخطوات الاستباقية

ياسمين منير: ما هي المطالب التي طرحها المصنعون بشكل محدد في الاجتماع الأخير مع رئاسة الوزراء؟

محمد الدماطي: سأتحدث عن شخصي بشكل واضح وصريح، فليست هناك حلول ميسرة أمام الحكومة للإفراج عن جميع البضائع المحتجزة في الموانئ خلال الوقت الراهن، في وقت تحاول الدولة البحث عن مصادر دولارية، سواء من خلال بيع الأصول في برنامج الطروحات أو الانتهاء من إجراءات الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، أيضًا تحدثت عن الأمور التي تستطيع الحكومة أن تفعلها.

رسوم الغرامات والأرضيات عمقت الأزمات على المصنعين

ولكن هناك أزمة كبيرة للغاية تعصف بالمصنعين، وهي رسوم الغرامات والأرضيات في الموانئ، حيث يتحمل ممثلو مختلف الصناعات أعباء مالية إضافية جراء ذلك.

وأرى أنه لا يصح أن تتحمل الشركات نتائج عدم قدرة البنك المركزي على تدبير العملة، ومن ناحية أخرى تعاقب الحكومة المصنعين عن طريق فرضها رسوم الأرضيات للبضائع المحتجزة بالموانئ، فضلًا عن عدم قدرة الكيانات العاملة على توفير موارد دولارية بسبب الظروف التي تمر بها البلاد، بجانب توجيه جزء من الرسوم لشركات الشحن الأجنبية، فلقد ركزت على إثارة مسألة رسوم الأرضيات والغرامات في الاجتماع الأخير.

ضرورة التفاوض مع شركات الشحن الأجنبية للحصول على خصومات أو جدولة مستحقاتها

وأُود أن أُوضح أن بعض الخامات التي تستوردها الشركة تنعكس بنحو 15 إلى 20% زيادة في تكلفة المنتج بسبب الغرامات والأرضيات، فهذا تضخم لا جدوى منه تذهب ثماره لجيوب شركات الشحن الدولية.

وأرى أن هناك ضرورة لتفاوض الحكومة مع شركات الشحن الأجنبية للحصول على خصومات أو جدولة هذه المستحقات على مدة زمنية محددة، فضلًا عن تحصيل وزارة المالية الأرضيات، وبالتالي لا يجب أن تتحمل الشركات هذه العواقب لأنها ليست عنصرًا فاعلًا في هذه العملية.

السيطرة على التضخم وجنون الأسعار هدف أساسي لأن تفاقم الأوضاع يخلف زيادات جديدة

وأعتقد أنه لو قامت الحكومة بحل هاتين المشكلتين، فهذا يضمن امتصاص أي انعكاسات متوقعة في حالة صعود آخر لسعر الدولار أو حدوث تعويم للعملة المحلية، بحيث يتم السيطرة على اتجاهات الأسعار والحيلولة دون ارتفاعها بشكل كبير مرة جديدة.

وقد تحدثت عن هذا الأمر في الاجتماع الأخير أيضا، حيث إن هدف غرفة الصناعات الغذائية السيطرة على التضخم وجنون الأسعار، وهو ما يستدعي توفير حلول واتخاذ خطوات جدية في تنفيذها، لتهدئة وتيرة ارتفاع التضخم، لأن تفاقم الأوضاع يخلف زيادات جديدة.

رضوى إبراهيم: من المعروف أن جزءًا من التضخم الذي تعاني منه السوق المصرية هو تضخم مستورد بسبب الاعتماد على استيراد السلع الأولية ومدخلات الإنتاج بشكل كبير.. فكيف يدير كل كيان اقتصادي أزمة تكدس البضائع بالموانئ؟ وماذا عن كيفية حساب الكميات التي يتم الاحتياج إليها في عمليات التصنيع؟

ـ محمد الدماطي: بمنتهى الوضوح.. لا يوجد أي كيان اقتصادي قادر على التخطيط لفترة زمنية ولو كانت وجيزة، فإدارة الأزمة باتت الآن بشكل يومي وليس شهريًّا.

إدارة الأزمة في أي شركة باتت بشكل يومي وليس شهريًّا

رضوى إبراهيم: على مستوى الشركة.. إلى أي مدى تغطي الشحنات المتكدسة في الموانئ العمليات الإنتاجية؟

محمد الدماطي: تكفي قرابة شهرين.

رضوى إبراهيم: أي أن الشركة لم تتحوط من خلال محاولة استيراد كميات أكبر.

محمد الدماطي: لا.. مطلقًا.. ففي بداية الأزمة طبقنا هذا المنهج ولكن قرار الاعتمادات المستندية أجهض المحاولات الاستباقية للشركات.

الشحنات المحتجزة للشركة تغطي الإنتاج لقرابة شهرين

وأُشير هنا أيضًا إلى نقطة مهمة، وهي أن الموردين الخارجيين باتوا يفرضون قيودًا على التوريدات، لرغبتهم في تحصيل مستحقاتهم المالية، بجانب عدم تغطيتهم للكميات المطلوبة من جانب المصنعين المحليين في الوقت الراهن.

وأصبح الموردون الخارجيون يفرضون رسوم تأمين وبنودًا إضافية، وأود أن أُنبه على أن هذه النقطة غائبة عن أنظار الكثير، فاليوم المورد الخارجي خفض الكميات التي كان يوفرها للمستوردين إلى النصف.

رضوى إبراهيم: ما هو حجم الزيادة في الأعباء المالية التي تكبدتها الشركة جراء الضغوط الراهنة؟

محمد الدماطي: رسوم الأرضيات مارست ضغوطًا إضافية، حيث إن تكلفة سعر طن اللبن المجفف زادت بنحو 15% في صورة غرامات، فضلًا عن القفزات القياسية في أسعار الفائدة، والتي خلفت آثارًا سلبية، مع توقف مبادرة البنك المركزي للقطاع الصناعي 8%، لتصل معدلات الفائدة إلى 20 – 21% في الوقت الراهن.

تحوطنا في بداية الأزمة ولكن قرار الاعتمادات المستندية أجهض المحاولات الاستباقية للشركات

ياسمين منير: إلى أى مدى كانت هناك استجابة من الحكومة لمطالبكم خلال الاجتماع الأخير؟

محمد الدماطي: شعرت بحالة من الاستجابة والاقتناع من قبل الحكومة، حيث إن بداية الاجتماع كانت تتمحور حول الحديث عن الخطط المستقبلية والنظر إلى حلول المشاكل الراهنة، ولذلك رأيت أنه لا بد أن أطالب بمطالب واقعية وقابلة للتنفيذ.

رضوى إبراهيم: تقصد هنا تكلفة الأرضيات فقط.

محمد الدماطي: تكلفة الغرامات والأرضيات ليست قليلة، إلا أنني لمست استجابة من الحكومة للنظر في هذا البند، بما يتيح التقاط أنفاس المصنعين.

ضغوط الموردين الخارجيين نقطة مهمة غائبة عن الأنظار

وأود أن أُنبه هنا إلى انخفاض أسعار الخامات عالميًّا بشكل كبير، بعدما كانت قد صعدت بوتيرة قياسية في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، فكانت أصداء هذا الهبوط جيدة على الصناعة المصرية، نظرًا لأنه لو كانت الأسعار العالمية تمسكت بمستوياتها التاريخية وقت الغزو، لوجهت ضربات قاصمة للأوضاع الاقتصادية في مصر، إلا أن أسعار اللبن المجفف باتت اليوم تسجل متوسطًا تاريخيًّا معقولًا.

أحمد رضوان: وسعره مقوم بالدولار.

محمد الدماطي: بالطبع، ولكن ارتفاع أسعار صرف الدولار ورسوم الغرامات والأرضيات، كلها عناصر حدت من تعظيم الاستفادة من انخفاض أسعار الخامات العالمية.

15 % ارتفاعًا في سعر طن اللبن المجفف

رضوى إبراهيم: هل تمت مناقشة مشكلة العجز الدولاري في اجتماع رئاسة الوزراء الأخير؟ وما هي المطالب التي أثيرت في هذا الإطار؟

محمد الدماطي: الدولار من أبرز المتغيرات، وهناك عدد من ممثلي غرفة الصناعات الغذائية طالبوا البنك المركزي بتسهيل إتاحته للمصنعين، ولكن على المستوى الشخصي أنا أميل إلى الواقعية وعدم تضييع الوقت.

رضوى إبراهيم: ما هو رد الفعل الحكومي على هذه المطالب؟

محمد الدماطي: الحكومة أوضحت أنها ستدرس هذه المطالب وسيتم النظر فيها.

أحمد رضوان: ما هو تقييمك لقرار البنك المركزي بوقف العمل بمستندات التحصيل وإتمام العمليات الاستيرادية من خلال الاعتمادات المستندية؟

محمد الدماطي: أرى أنه أكبر قرار خاطئ تم اتخاذه، وهو ما تسبب في تضخم الأزمة بشكل كبير للغاية.

الفائدة البنكية قفزت من 8% إلى 21%

فالدولة عندما اتخذت قرار العمل بالاعتمادات المستندية في فبراير عام 2022، كان في ظاهره قرارًا خاطئًا، ولكن باطن القرار ساعد على بلورة الوعي لقراءة التقديرات الاقتصادية التي أشارت إلى أن مصرعلى مشارف وقوع أزمة.

ولكن للأسف الشديد، عدد كبير من رجال الأعمال ساعدوا في اشتعال الأزمة، وسط عدم تمتعهم بخلفية جيدة عن معرفة قراءة مؤشرات الاقتصاد الكلي، مما مارس ضغوطًا متزايدة على الحكومة لمدة 3 أشهر، وهو ما دفعها لاتخاد قرار بإلغاء مستندات التحصيل.

في المقابل، تداعيات قرار إلغاء مستندات التحصيل تسببت في تخوف المستوردين وسط إداركهم للأزمة القادمة، ليقوموا بالتحوط من النتائج المحتملة، عبر مضاعفة عملياتهم الاستيرادية 5 مرات.

وتم تفعيل قرار وقف العمل بمستندات التحصيل في مايو عام 2022، ومن ثم تكدست البضائع في الموانئ بحلول شهري أغسطس وسبتمبر من نفس هذا العام، وحتى الآن المشكلة قائمة ولم تستطِع الحكومة الخروج من هذه الأزمة.

ولكن أرى أن هناك ميزة في قرار العمل بالاعتمادات المستندية، حيث إنها تتيح الاحتياجات المالية للمستوردين بوتيرة بطيئة، وأؤكد أنه لا يصنف بالأصح ولكن الدولة في أزمة نقد أجنبي.

أحمد رضوان: بالطبع هذا القرار لا يصنف بالأصح، وأيضًا إلغاء مزايا الموردين.

محمد الدماطي: نظريًّا هي طريقة تقليدية لتقييد الواردات وليست طريقة عملية.

ياسمين منير: وأحدثت شللًا في مصانع عديدة وعطلت أعمال كثيرة.

محمد الدماطي: بالفعل قرار وقف مستندات التحصيل أحدث شللًا، ولكن قرار الحكومة بعد ذلك بإلغاء القرار وعودة العمل بالاعتمادات المستندية فاقم الوضع بعد مرور 3 إلى 4 أشهر من تفعيله مرة جديدة.

النظر في رسوم الأرضيات يتيح التقاط أنفاس المصنعين

وأرى أن الحكومة اتخذت هذه الخطوة بعد الضغوط التي تعرضت لها من قبل عدد من رجال الأعمال، بأن قرار وقف مستندات التحصيل تقييد للاستيراد، وهو أمر واضح ومعروف.

رضوى إبراهيم: هل من الممكن اختزال الأزمة كلها في إلغاء القرار؟ أم كان من المفترض اتخاذ خطوات أخرى بجانبه؟

محمد الدماطي: لا أُنادي بأن هذا القرار هو سبب الأزمة، ولكن أرى أنه ساهم في تفاقمها، بفعل ضغط عدد من رجال الأعمال، ولكن أؤكد أنهم ليس لهم علاقة بأزمة الدولار، نظرًا لأنها مرتبطة بمتغيرات كثيرة، ليأتي هذا القرار في ذيل قائمة المتغيرات.

أصداء انخفاض أسعار الخامات العالمية على الصناعة المصرية كانت جيدة

وقد طرحت فكرة شبيهة لقرار الاعتماد المستندي لحل الأزمة وقتذاك، وهي قبل إجراء المستوردين أي عمليات شحن للبضائع من الخارج يقومون بإخطار البنك وعلى أساس ذلك يتم التعامل سواء بالرفض أو القبول.

أحمد رضوان: هل ترى أن الشركات التي تمتلك إيرادات دولارية من جراء تصدير منتجاتها هي الأقل تأثرًا بالأزمة؟

محمد الدماطي: بالتأكيد

أحمد رضوان: ولكن الشركات التي تصدر منتجاتها تؤكد أنها أيضًا تواجه معاناة في تدبير الدولار.

محمد الدماطي: لأن القيمة المضافة في أغلبية الصادرات الغذائية ليست عالية، فضلًا عن أن العمليات التي تتم في مصر ما هي إلا تجميع محلي، ولكن هناك صادرات أخرى نسبة المكون المحلي بها كبيرة مثل الحاصلات الزراعية.

الدولار من أبرز المتغيرات الجديدة التي واجهت الصناعة بشكل عام

ولكن الوضع في الصناعات الغذائية مختلف، سأضرب مثالًا على ذلك بأن مصر تصدر عصائر بوتيرة جيدة، ولكن في المقابل يتم استيراد مدخلات الإنتاج الأساسية من الخارج وهي: الورق (تتراباك) وعدد كبير من المركزات.

واليوم مشاكل الاستيراد تقف عائقًا وحائلًا أمام التصنيع والتصدير، وبالحديث عن الأجبان نجدها نفس وضع العصائر، نظرًا لاستيراد لبن الأعلاف من الخارج وورق الكرتون أيضًا، ولذلك مصر لا تمتلك صناعة محلية بنسبة 100%.

ولذلك الشركات المصرية التي تصدر منتجاتها للخارج تعاني هي الأخرى ولكن بوتيرة أقل نسبيًّا.

ياسمين منير: يتكرر الحديث عن تعويم جديد، مع ذلك تتجه آراء الاقتصاديين إلى أنه شر لا بد منه شئنا أم أبينا؟

محمد الدماطي: التعويم فقد هيبته، في السابق كنا نربط حياتنا بالتعويم بداية من تعويم 2003، ولكن حاليًا الحكومة تتخذ القرار كل بضعة أشهر.

وقف العمل بمستندات التحصيل قرار خاطئ تسبب في تضخم الأزمة

ارتفع الدولار من 15.60 جنيه إلى 18 جنيهًا في شهر مارس 2022، ثم ارتفع في أكتوبر من نفس العام إلى 24 جنيهًا، ووصل في يناير 2023 إلى 31 جنيهًا، ولم نشعر بتحسن واضح على مستوى الإيرادات الدولارية.

في عام 2016 كنا نمر بظروف مماثلة بالإضافة إلى وجود نفس الاقتصاديين في الساحة، فعندما حدث التعويم قفز الدولار من 8.80 جنيه إلى 19 جنيهًا ثم عاد مرة أخرى إلى 18 جنيهًا، فعبرنا تلك الفترة بفضل الانطباعات وإيجابية التوقعات على الاقتصاد المصري في هذا الوقت.

تخوف المستوردين دفعهم للتحوط عبر مضاعفة عملياتهم 5 مرات

فعندما قمنا بتحريك السعر، استقبلت السوق المحلية استثمارات وسيولة جديدة، منها الأموال الساخنة. وقام المستثمرون العرب بضخ أموالهم، وذلك لأن الانطباعات عن السوق كانت إيجابية.

لكن في الوضع الراهن الانطباعات عن السوق ليست إيجابية، وذلك مدفوع بالانطباع عن الاقتصاد والتقارير الصادرة عن مؤسسات خارجية عن السوق المحلية، بالإضافة إلى تراكم الدين والمدفوعات التي يجب علينا سدادها ما بين العامين إلى 3 سنوات المقبلة، كل هذه العوامل قادت إلى الوصول لهذا الوضع.

رضوى إبراهيم: ما هو الحل الجذري حتى لا نظل عالقين في عبارة أيهما يسبق الآخر البيضة أم الفرخة، خاصة أن البعض منتظر تحريك أو تحرير سعر الصرف بمعناه الاقتصادي السليم؟

فكرة ترك تسعير العملة للسوق دون تدخل، دون أن يتبع ذلك تدفقات دولارية كافية، ثم تتخذ الدولة بعدها إجراءً يخص سعر الصرف، يترتب عليه عدم مجيء هذه التدفقات، ليعلق الناس على ذلك بأن قيمة التحريك تدهورت لأن قيمة التدفقات لم تكن كافية، فمن الذي يحدد الكفاية؟

محمد الدماطي: الذي يحدد الكفاية هو العرض والطلب، كدولة المطلوب منها تحديد حجم المطلوب سداده. فما هي فاتورتك الاستيرادية؟ وعلى الجانب الآخر ما مصادر الإيرادات بالعملة الأجنبية من التصدير والسياحة وقناة السويس وتحويلات المصريين بالخارج؟ اليوم لا يتوفر هذا الميزان في صالحنا.

قرار العمل بالاعتمادات المستندية جاء لتقييد حركة الوارادت

رضوى إبراهيم: من وجهة نظركم وبناء على آخر تحريك حدث للعملة، ما الرقم الذي يمكن أن نعتبره كافيًا لجذب تدفقات نقدية أجنبية للسوق المحلية؟ أم أنه من المفترض تأمين تدفقات دولارية أولًا قبل التعويم حتى يكون مفيدًا؟

محمد الدماطي: من الطبيعي بعد اتخاذ قرار التعويم أن نقوم بعمل «أوفر شوتينج»، وهو أن يكون السعر الذي تضعه البنوك أعلى من السوق السوداء لتجمع السيولة الدولارية الموجودة في السوق المحلية، وهذا لم يحدث في القرارات السابقة.

الشركات التي تمتلك إيرادات دولارية من التصدير أقل تأثرًا بالأزمة

ولكن هل الأوفر شوتينج هو حل المشكلة؟ الإجابة لا، لكن سيكون الوضع أرحم قليلًا، وإذا عدنا إلى عام 2016، كانت السوق السوداء قد وصلت إلى 18 جنيهًا للدولار، وقمنا بعمل أوفر شوتينج عند 19.90 جنيه، تبعها دخول تدفقات وأموال ساخنة، نتج عنها تراجع الدولار إلى 15.60 جنيه.

التجربة علمتنا أن سعر الصرف الثابت ليس منطقيًّا، نحن دولة لدينا عجز بالميزان التجاري ويجب عمل تحريك بنسبة تعادل نسبة التضخم، حتى لو كانت تتراوح بين 3 إلى 4% حتى لا يشعر المواطن بتلك الزيادة على دفعة واحدة، أفضل من أن تستمر لسنوات على سعر ثابت، ثم نفاجأ بضعف السعر الموجود حاليًا، ومع الأسف أصبح سعر الفائدة أعلى حاليًا.

صادرات الحاصلات الزراعية الأكثر استفادة بدعم من ارتفاع القيمة المضافة

في عام 1990 شهدنا صعودًا كبيرًا في سعر الدولار من 1 إلى 3 جنيهات ثم إلى 7 جنيهات، ليعاود الهبوط إلى منطقة 5 جنيهات عام 2002، وفي 2016 قفز إلى ما يزيد على 8 جنيهات، ليصل بعد ذلك إلى 19 جنيهًا ثم يعاود إلى 15 جنيهًا.

الفجوة الأولى 12 عامًا من 1990 حتى 2002، و14 عامًا من 2002 إلى 2016، و6 سنوات من 2016 حتى الآن فالفجوة في زيادة، وعلينا تقليل تلك الفجوة.

الحكومة تعمل على تقليل الفاتورة الاستيرادية، لكن يجب أن نضمن دخول أموال ساخنة، لأنه لا توجد موارد أخرى، خاصة أننا اعتمدنا عليها لسنوات كثيرة، فعندما تختفي بجانب المساعدات الخليجية لا يكون لدينا القدرة على الاستمرار.

الحكومة تعمل على الفاتورة الاستيرادية لكن يجب أن نضمن دخول أموال ساخنة

رضوى إبراهيم: المساعدات الخليجية بالفعل اختفت لمدة كبيرة، نجري في الوقت الراهن صفقات، والحكومة تتخارج من عدة قطاعات.

محمد الدماطي: لا يمكنك العبور من الأزمة بالطريقة التي يستوعبها الناس، إلا برجوع الحوافز القديمة.

رضوى إبراهيم: مثل ماذا؟

محمد الدماطي: المساعدات الخليجية أو مساندة بشكل كامل من الخليج وعودة الأموال الساخنة.

رضوى إبراهيم: إذا أردنا القول أن هناك فرصة للإصلاح دون الاعتماد على الغير فما هي؟

محمد الدماطي: ليس من السهل في الوقت الراهن لأن الفجوة أصبحت كبيرة، وليس من العيب أن نعلن احتياجنا إلى المساندة، نحن في مفاوضات لأكثر من عام مع صندوق النقد الدولي، وهي تعتبر مساعدات.

ليس عيبًا أن نعلن احتياجنا إلى المساندة

ياسمين منير: بالنسبة فكرة التخارجات.. نحن لدينا قائمة كبيرة مستهدفة؟ تحدثت مع حابي قبل عام تقريبًا عن وثيقة سياسة ملكية الدولة، كيف ترى مستوى تنفيذها الآن؟

محمد الدماطي: تنفيذ بطيء.

أحمد رضوان : هل كان تنفيذًا بطيئًا أم كانت هناك بعض الارتدادات العكسية؟

محمد الدماطي: أرى أنه عبارة عن تصوير بطيء.

أحمد رضوان: رأينا شركات كبيرة يتم الاستحواذ عليها أو مشروعات جديدة يتم الإعلان عن افتتاحها أو التوسع في قطاعات مختلفة منها الصناعات الغذائية، فهل عند حضورك في اجتماعات الحكومة، كان هناك مناقشات تخص سياسة ملكية الدولة؟

محمد الدماطي: وقت طرح الوثيقة للنقاش كنا متفائلين، وشعرنا أن جزءًا من المشكلة تم رؤيته، لكن كان المسار بطيئًا جدًّا، فلأكثر من عام نتحدث عن نفس الموضوعات «ومع الأسف نحن في مصر نحب نمسك الميكروفون».

صادرات الصناعات الغذائية لم تعظم مكاسبها لارتفاع نسبة المكون الأجنبي

وعلى الرغم من انعقاد العديد من الندوات والمؤتمرات لكن في النهاية ما زال المسار بطيئًا، وكما قلت إنه تم التخارج من بعض الكيانات وحدثت توسعات عكسية من الناحية الأخرى.

رضوى إبراهيم: على مستوى الاجتماع الذي حضرته، وبغض النظر عن الجزء الذي يشمل توسعات جديدة أو شراكات جديدة، التخارجات الجديدة التي تمت، هل كانت هذه الطريقة معتمدة وقت المناقشات عبر البيع المباشر، وكانت هناك كيانات متداولة بالفعل في البورصة؟

محمد الدماطي: نعم، وكان بالفعل الحديث على كيانات موجودة، فجذب المستثمرين للشركات يتطلب أن تكون هذه الشركات قوية، يجب أن نعلم أن الخصخصة ليست عيبًا، أما العيب فهو أن تباع الشركات بثمن بخس، أو يتم بيع كيان استراتيجي يجب أن تمتلكه الدولة.

مستوى أداء وثيقة سياسة ملكية الدولة عبارة عن تصوير بطيء

رضوى إبراهيم: كيف ترى مستويات الأسعار التي تمت عليها التخارجات الأخيرة؟

محمد الدماطي: الأسعار وتفاصيلها غير متداولة فلا نستطيع تقييمها، هناك بنود غير معلومة مثل سعر الدولار وقت الصفقة، والشروط بين الأطراف وغيرها.

ياسمين منير: طبيعة الظروف الاقتصادية الصعبة وفروق العملة بالتأكيد أثرت على التقييمات؟

محمد الدماطي: 100% أن المشتري هو من يفرض شروطه على مستوى سعر الصرف والشروط التي تتم بها الصفقة.

ياسمين منير: نحن كوضع اقتصادي ليس لدينا الرفاهية أن نختار التوقيت الذي يعطينا تقييمًا أفضل؟

محمد الدماطي: صحيح.

مصر لا تمتلك صناعة محلية بنسبة 100%

أحمد رضوان: إذا نظرنا إلى الأمر بنظرة واسعة، بالفعل توجد أزمة كبيرة بالدولار، لكن تاريخيًّا ربما يكون أحد أسبابها بغض النظر عن فكرة الديون، عدم وجود مناخ استثمار قادر على جذب المستثمر الأجنبي أو محفز للمستثمر المحلي ويدفعه للتوسع؟

محمد الدماطي: أختلف معك بعض الشيء.. مصر دولة ليست سيئة كاستثمار، بالعكس نحن لدينا 110 ملايين مواطن، ونحن شعب مستهلك بطبعه، ويحب أن يطور من نفسه ويحسن من مستوى معيشته وإن السوق المصرية سوق مهمة، مع التغاضي عن بعض المشكلات لتلك الأسباب.

أحمد رضوان: التغاضي عنها أمر نسبي، على سبيل المثال في إحدى السنوات نجحت مصر في تحقيق 13 مليار دولار استثمارًا أجنبيًّا مباشرًا، ومع تراجع هذه الاستثمارات كيف أظل متمسكًا بفكرة أن السوق كبيرة وجاذبة؟

محمد الدماطي: إذا تحدثنا عن الصناعات الغذائية ومنها صناعة الألبان، نجد أن جميع الشركات الكبرى توجد في مصر ولديها مصانع وتمثيل جيد بالسوق المحلية، وإذا سألت أيًّا منهم سيقول إن السوق المصرية هي سوق جيدة للأسباب التي ذكرتها أبرزها تعداد سكاني يصل إلى 110 ملايين مواطن.

التعويم فقد هيبته وأصبح أمرًا معتادًا

على الرغم من العيوب الموجودة بالسوق من تعدد الجهات الرقابية، ولا يوجد مناخ استثماري جيد، وأنك تحتاج لإصدار التراخيص عدة أشهر، كل تلك الأمور موجودة ونتعايش معها، إلا أنهم يتغاضون عنها لحجم السوق الكبير.

ودائمًا كان الشائع بين المستثمرين أن العملة في مصر يحدث لها إعادة تقييم ما بين 11 إلى 12 عاما، ونجري حساباتنا على ذلك، أما الآن فالقلق أن السير أصبح أسرع وانعدمت القدرة على الحساب.

فعلى الرغم من أن مناخ الاستثمار ليس عظيمًا إلا أن الأمور كانت تسير، أما الجديد الذي طرأ على السوق فهو أزمة الدولار.

أحمد رضوان: إذا أردنا طرح السؤال بشكل مختلف.. هل مناخ الاستثمار في مصر تطور كما حدث في تركيا والسعودية والمغرب؟

محمد الدماطي: بالتأكيد لا فالاستثمار تطور للأسوأ، فقد ازدادت التحديات، لكن كان بإمكاننا في الماضي تحمل ذلك لعدة أسباب منها حجم السوق، لكن اليوم مع مشاكل الدولار أصبح الأمر صعبًا.

الخصخصة ليست عيبًا.. أما العيب فهو البيع بثمن بخس

رضوى إبراهيم: هل كنا نتحمل هذا الأمر، أم كان الصناع يمتلكون حلولًا لفتح مسارات موازية وعمقت الأزمة، وبالحديث بصراحة بعض الشيء، سبب فاتورة الاستيراد هو إهمال متتالٍ لملف الزراعة والصناعة.

صحيح أن ملف الصناعة بالاقتصاد المحلي يشهد أعمالًا أسرع مقارنة بالزراعة، ولكنها في النهاية مؤقتة ووقت الأزمات الحقيقية ظهر ضعفها، فالسوق المحلية تمتلك صناعة بالاسم فقط، المصانع تستورد 70% من المنتجات النهائية وتضع الرتوش الأخيرة على المنتجات، ما جعلنا نتساءل عن الدولار فور حدوث أزمة.

وحال امتلاك السوق المحلية صناعة بمعنى الكلمة ستكون بديلًا قويًّا للمنتج الأجنبي الذي يضغط على نفقات الدولة في ظل أزمة الدولار.

محمد الدماطي: ليس ما ذكرتِه فقط، فدولة تركيا على سبيل المثال لديها نفس مشاكل السوق المحلية أو شبيهة لها، ولكن معاناة المواطنين هناك ليست مساوية لمعاناة المواطنين بالسوق المحلية لامتلاك تركيا قطاع صناعة بمعنى الكلمة، ومنتجات محلية الصنع بالكامل، ما يخفف من أثر التضخم هناك.

الانطباعات الإيجابية عن السوق وراء نجاح تحريك العملة في 2016

أحمد رضوان: بفضل صادراتهم الضخمة.

رضوى إبراهيم: أريد اكتشاف أخطائنا والتعرف على الدرس المستفاد كصناعة.

محمد الدماطي: هذه الأخطاء تعود لفترة سبعينيات القرن الماضي.

رضوى إبراهيم: مهما كانت المشكلة تاريخية، فيجب أن نضع لها حلولًا في وقت ما.

محمد الدماطي: المشكلة الحقيقية في الاقتصاد المصري تعود لفترة سبعينيات القرن الماضي، فمنذ التحول من الاشتراكية والأمور مغلقة تمامًا، ثم بشكل مفاجئ يتم رفع كل القيود والدعوة نحو الانفتاح، ومع هذا الانفتاح كانت هناك محاولات لرفع الدعم، ولم تكن هناك مقدرة لتنفيذ هذا الأمر، ليصبح الاقتصاد مشوهًا يعتمد على نظام الاشتراكية والدعم تارة، والانفتاح تارة أخرى، مع موظفين حكوميين يتقاضون رواتب هزيلة للغاية ويتم تركهم يحصلون على رشاوى وإكراميات ليصبح هناك نموذج مشوه من سبيعينيات القرن الماضي، وليس وليد الفترة الحالية.

لدينا 110 ملايين مواطن.. ونحن شعب مستهلك بطبعه

رضوى إبراهيم: حال رغبتنا في وضع حلول لهذه المشكلات بشكل جدي، والاستعانة بتجربة من التجارب الناجحة بقطاع الصناعة حتى يمكن القول بأننا نمتلك صناعة محلية حقيقية يمكن الاعتماد عليها مثل باقي الدول الناجحة في هذا الأمر، ماذا نفعل؟

محمد الدماطي: ليس من السهل للغاية تنفيذ هذا الأمر حاليًا، فالأمر يجب أن يسير خطوة تلو الأخرى، لا يمكن مطالبة شخص بالسير مسرعًا وهو يعاني من كسر في قدمه، وبالتالي لا يمكن التفكير اليوم في أمور متعلقة بفترات طويلة مقبلة، وحرفيًّا لا أستطيع التفكير في أمور أبعد من الأسبوع المقبل.

العرض والطلب يحددان حجم كفاية التدفقات الأجنبية

نعم بالفعل هناك أفكار وحلول عديدة نمتلكها، ولكن التفكير الشاغل حاليًا هو كيفية الخروج من الأزمة، فهناك حلول ستستغرق وقتًا طويلًا للغاية، إلا أنه من الضروري توافر رغبة اقتصادية بالسير نحو الاتجاه الصحيح، ولكن المشكلة الحالية أننا لا نرغب في هذا الأمر.

أحمد رضوان: لا نرغب أم لا نستطيع؟

محمد الدماطي: ليست هناك رغبة، خاصة أن هناك مشاعر كراهية دائمًا تجاه رجال الأعمال، وإن كان الأمر تحسن بعض الشيء حاليًا في ظل نظر بعض الأشخاص لرجال الأعمال باعتبارهم نماذج ناجحة، ولكن هناك صورة ذهنية لرجال الأعمال منذ فترة خمسينيات وستينيات القرن الماضي بأنهم لصوص وإقطاعيون، وبالتالي لا يتم السماح لهم باقتناص فرص استثمارية بالأساس.

الجديد الذي طرأ على السوق هو أزمة الدولار

رجال الأعمال أنجح نموذج في مصر حاليًا، فالقطاع الخاص يوفر فرص عمل لما بين 22 و23 مليون مواطن، نعم هناك رجال أعمال فاسدون ويستغلون مناصبهم ولكن حتى الآن القطاع الخاص في مصر لم يحصل على فرصته كاملة، ويواجه تحديات عديدة وتتم محاربته ويشهد منافسة غير عادلة من الحكومة في كل الصناعات دون استثناء، كما يحارب إعلاميًّا، وحال ارتكابه أي خطأ يواجه عقوبات قاسية.

ياسمين منير: الحكومة ترفع شعار تمكين القطاع الخاص خلال الفترة الحالية، بجانب سياسة ملكية الدولة القائمة على أساس الحياد التنافسي وتمكين القطاع الخاص.

محمد الدماطي: نحن نتميز للغاية في فكرة إطلاق الشعارات.

ياسمين منير: بالرجوع إلى الاجتماع الأخير كانت هناك مطالب بحوافز معينة.

محمد الدماطي: نعم، هناك نية بالفعل خلال الفترة الحالية حتى لا أكون ظالمًا، ولكن سبب تواجد النية حاليًا هو الشعور بعدم السير نحو الاتجاه الصحيح طوال الفترة الماضية، وبالتالي الفترة الحالية فقط بدأنا نسير نحو الاتجاه الصحيح، ولا يمكن المطالبة حاليًا بتوطين صناعة كاملة في حين تعمل السوق المحلية حاليًا على تجميع المنتجات فقط كما ذكرتِ.

التجربة علمتنا أن قيمة العملة الثابتة ليست منطقية

واليوم يتم البحث عن الدولار بغرض تشغيل المصنع وشراء المواد الخام، ولا نسعى لتوفير الدولار بهدف شراء ماكينات جديدة وتوطين منتجات، فمع الوصول لمرحلة الندرة لا يكون هناك تفكير في التوسع.

ياسمين منير: ولكن طول الوقت يتم تجهيز البنية التشريعية التنظيمية وتهيئة المناخ من الممكن أن يفتح المجال.

محمد الدماطي: نعم، هذا حديث محترم ولا أختلف معه.

ياسمين منير: أريد معرفة ماذا تم على أرض الواقع، هل الاجتماع الأخير طرح مجموعة من الحوافز بشكل واضح؟

محمد الدماطي: ليس في الاجتماع الأخير فقط، وإنما في اجتماعات أخرى سابقة، وتم تطبيق حوافز وإعفاءات ضريبية بالفعل، وبالمناسبة الإعفاءات الضريبية في مصر ليست حلولًا صحيحة كل الوقت، فقد تشهد عمليات تهرب ضريبي وأمورًا أخرى.

المملكة هدف لكل الشركات الصناعية بجميع مستوياتها

ما يحدث حاليًا دليل على تقدير القطاع الخاص والظروف الحالية، ولكن سير تلك الأمور بطيء بعض الشيء، فمن الممكن أن تكون هناك أمور أخرى تسير بشكل سريع مثل القوانين والتشريعات، بعكس عمليات التخارج الحكومية التي تسير بوتيرة ضعيفة، وقد تكون هناك رسائل بعدم وجود تخارج وسيكون هناك إضافات، فهناك رسائل متنوعة، إلا أن هناك نية بالفعل لتمكين القطاع الخاص.

رضوى إبراهيم: ماذا تعني بإضافات؟

محمد الدماطي: بأن يكون هناك توسع من جانب الحكومة في نشاطات معينة، فهو أمر معلن وليس سرًّا، ورغم الحديث عن تطبيق سياسة ملكية الدولة والتخارجات الحكومية، على الجانب آخر تنتشر أخبار عن توسع شركات حكومية، وهو أمر مغاير لما يتم الحديث عنه.

أحمد رضوان: بهدف تلخيص ما قيل عن جهود الحكومة واجراءاتها، هل الأمر مجرد تأخر في عمليات التطبيق فقط، ولكن السياسات واضحة؟

محمد الدماطي: هناك سياسات أفضل ولكنها تأخرت.

مناخ الاستثمار في مصر تطور للأصعب

أحمد رضوان: نعم، وهل ترى أن السياسات والاستراتيجيات تتحول إلى إجراءات تنفيذية على الأرض؟

محمد الدماطي: لم نرها في ظل انشغال كل منا بتسيير الأعمال اليومية، ولتوضيح الصورة على سبيل المثال، حال اتجاهي لتنفيذ عمليات توسع وبناء مصنع جديد مع امتلاكي لأعمالي القائمة، أي اتجاه سيحصل على اهتماماتي وتركيزي؟

أحمد رضوان: الأعمال القائمة التي تواجه مشاكل.

محمد الدماطي: وحال توافر الدولار، سيتم توجيهه نحو بناء المصنع وشراء ماكينات جديدة أم سيتم توجيهه لشراء خامات المصنع القائم ؟

أحمد رضوان: شراء الخامات بكل تأكيد.

محمد الدماطي: كل المستثمرين يركزون في هذا الأمر حاليًا، وكيفية الاستمرار في عمليات تشغيل أعمالهم القائمة، وليس هناك من يفكر فيما هو أبعد من ذلك.

مشكلة الاقتصاد المصري الحقيقية تعود لسبعينيات القرن الماضي

رضوى إبراهيم: على مستوى أعمال حضرتك، حلول التوسع الخارجي وبناء مصانع في دولة ثانية بهدف دعم منتجات دومتي والتوسع الذي كنتم تأملونه، وتكون فرصة لزيادة الصادرات من خلال المصنع الجديد ما سينعكس على أصل رأس المال المصري؟

محمد الدماطي: نعم، نعمل على دراسة هذا الأمر بالفعل.

رضوى إبراهيم: ما هي الدول المستهدفة لديكم؟

محمد الدماطي: ليس هناك مستثمر في مصر يتلقى هذا السؤال ولا تكون السعودية ضمن الإجابة عليه.

رضوى إبراهيم: نعم بالتأكيد، ولكن البعض لديه تفضيلات أخرى.

محمد الدماطي: نعم، ولكن السعودية هدف لكل الشركات الصناعية بداية من الشركات الناشئة وحتى رجل الأعمال الذي يمتلك مصنعًا كبيرًا، وبالتالي فالسعودية رقم واحد بالنسبة للجميع خاصة أن التجربة مشوقة للغاية.

تجربة هاني برزي بدولة المغرب ملهمة

الشركة فكرت أيضًا في دولة المغرب، خاصة أن تجربة هاني برزي مع شركة إيديتا هناك كانت ملهمة، والمغرب جغرافيًّا بعيدة بعض الشيء عن مصر ولكنها فكرة تتم دراستها، كما فكرنا في الأردن خلال فترة من الفترات، هي دولة صغيرة بعض الشيء ولكنها قريبة وتمتلك الشركة اسمًا قويًّا هناك بالفعل بفضل صادراتنا، إلا أنني لا استطيع الجزم بصفاء ذهني للتوسع خارجيًّا حاليًا.

رضوى إبراهيم: هل يمكن التعامل مع هذه الفكرة باعتبارها جزءًا من الخروج من الأزمات الحالية؟

محمد الدماطي: لا.. على الإطلاق، لا أستطيع في ظل تشغيل كل أعمالي داخل مصر ويعمل داخل الشركة 4200 مواطن، فإلى أين أذهب، ما الاتجاه الذي يوازي تلك الأعمال المحلية حتى لو سيستغرق سنوات، ففي النهاية كل أعمالنا هنا في مصر، نعم ننتقدها أحيانًا ولكننا بلا شك نشعر بحب كبير تجاهها ونريد دفعها للأمام دائمًا ولا نرى فيها أي مكروه.

رضوى إبراهيم: نعم، ولكن خلال الفترة الماضية انتشر الحديث حول أهمية توليد كل كيان إيرادات بعملة أجنبية؟

محمد الدماطي: نعم بكل تأكيد، ولذلك يتم الاتجاه بقوة نحو التصدير، وهو أمر لا يتطلب إنشاء مصنع جديد، بعكس الاستثمار في دول المغرب على سبيل المثال الذي يتطلب رأسمال وشراء قطعة أرض وبناء مصنع ومجهودًا كبيرًا في الدراسات.

الاتجاه بقوة نحو التصدير أسهل في جذب النقد الأجنبي من الاستثمار بالخارج

ليس هناك شركة في مصر لا تفكر في تصدير منتجاتها وخدماتها، وهذا الأمر من مميزات تراجع سعر العملة حاليًا بزيادة قيمة التصدير، ولكن أزمة الخامات تمنع التوسع في هذا الأمر حاليًا، فبرنامج الحكومة الخاص بالمساندة التصديرية بطيء للغاية.

كما أن المبادرات الخاصة بتعجيل السداد، تكون على الصادرات التي تم تنفيذها خلال 3 سنوات ماضية، فأين التعجيل في ذلك؟ كما يتم خصم 15% وقتما كان الدولار يساوي 15 جنيهًا، وتتم تسمية الأمر بتعجيل الدفع.

أحمد رضوان: هل ترى أن المساندة التصديرية مؤثرة بالفعل؟

محمد الدماطي: بكل تأكيد، فبعد خروج الكونتينر من تركيا بيوم تصل قيمة الشحنة المصدرة للشركة بتركيا، ويوم آخر وتصل قيمة المساندة التصديرية من جانب الدولة هناك، وهو ما يؤثر بشكل إيجابي للغاية، حيث يتعرف المستثمر على قيمة الأموال التي يحصل عليها بشكل واضح.

ضرورة توافر رغبة اقتصادية بالسير نحو الاتجاه الصحيح

بعكس ما يحدث بالسوق المحلية، لا نعلم موعد استلام قيمة المساندة، هل سيستغرق عامين أم ثلاثة وتصل إلى 4 سنوات أحيانًا ويصعب معها معرفة القيمة الحقيقة للمساندة أو نسبة الخصم التي يمكن أن تنفذ عليها بالأساس.

ياسمين منير: لم يحدث تطور أو تحسن في وتيرة السداد خلال الفترة الأخيرة؟

محمد الدماطي: نعم، ما أتحدث عنه حاليًا والمبادرات التي يتم إطلاقها تعتبر تحسنًا، ولكن في الحقيقة يمكن اعتبار الأمر أننا نقوم بشراء الدولار الذي نتحصل عليه كدولة، فعند طرح أذون خزانة على سبيل المثال لجذب الأموال الساخنة كم تكلفتها؟ ما يعد شراء للدولار.

لا يمكن المطالبة بتوطين كامل والمصانع تعمل على تجميع المنتجات فقط

وعند منح قطاع مثل الصناعات الغذائية نحو 10% نقدًا فور تصدير المنتجات مقابل زيادة الصادرات بنسبة معينة، ستحقق الدولة المكسب الأكبر في هذا الأمر، في ظل اقتراض الدولار بنسب تتخطى الـ10% التي يمكن منحها للمصدرين.

ياسمين منير: في ضوء الأوضاع الاقتصادية التي نراها جميعًا ولا نعلم مداها بشكل واضح، وعلى مستوى الصناعات الغذائية ما هي توقعاتك بشأن تحرك الأسعار في الفترة المقبلة، وهل من الممكن أن تتجه دومتي لزيادة أسعار منتجاتها؟

محمد الدماطي: الأمور بالكامل مرتبطة ببعضها، حيث يجب الوصول في البداية لحل اقتصادي شامل، وهذا الأمر لن يتم إلا بالوصول إلى إعادة جدولة للديون خلال 3 أو 4 سنوات مقبلة، فليس هناك بدائل سهلة متوفرة.

أحمد رضوان: أود أن أطرح عليك سؤلًا فيما يخص جدولة الديون… لماذا نشعر دائمًا بالخجل من المطالبة بإسقاط جزء من ديون مصر أو إعادة جدولتها، رغم أن العالم بأكمله يعلم أن هناك أزمة اقتصادية؟

محمد الدماطي: مصر مرت بهذه التجربة في التسعينيات، وتمكنت من الخروج منها بسبب حرب الخليج، لذلك من المفترض ألا نشعر بالخجل، لكن هناك من يتعالى عن المطالبة بإسقاط جزء من الديون.

سير برنامج المساندة التصديرية بطيء للغاية

أحمد رضوان: العالم بأكلمه يعلم أن مصر تعيش في أزمة وهذا ليس سرًّا.

محمد الدماطي: هنا تكمن المشكلة أن مصر تنظر بمنظور مختلف عن العالم إلى هذه المسألة، لذلك لن نستطيع التغلب على الأزمة بسهولة إلا بإعادة جدولة للديون للخروج من الأزمة دون عواقب اقتصادية كبيرة.

بمقدورنا ترحيل جزء من الديون إلى 4 سنوات قادمة، ونتمكن من البقاء، ثم التغلب على هذه الأزمة بسعر دولار منخفض دون حدوث طفرات عنيفة في أسعار الصرف أو تضخم، ولا نلجأ إلى رفع أسعار المواد الغذائية، وفي النهاية هي سلسة مترابطة بعضها ببعض.

يمكن منح القطاع 10% مساندة نقدية فور تصدير منتجات بنسبة معينة

والحل هنا في أيدي الجهات العليا وقدرتها على إجراء إعادة جدولة للديون على مدار 3 أو 4 سنوات قادمة حتى نستطيع الصمود والتغلب على الفجوة الصعبة، كما أن المطلوب سداده خلال الـ 4 سنوات القادمة ليس سهلًا، ولا توجد طرق فعالة نقوم بها لتعويض هذه الفجوة.

ياسمين منير: في حال القياس على مستوى الأشهر القادمة… هل هناك زيادات أخرى مرتقبة؟

محمد الدماطي: نحن مرتبطون بسعر الدولار 100%.

أحمد رضوان: ما الفترة التي يتم خلالها مراجعة أسعار منتجاتكم؟ هل وصل الأمر إلى مراجعتها يوميًا؟

محمد الدماطي: لم نصل لدرجة يوميًّا كما أن رفع الأسعار ليس بهذه السهولة، تتم إعادة قياس الأسعار، وتحليل النتائج شهريًّا وقد تكون هناك خسائر في أصناف معينة ولكن يتم تحملها لفترة محددة لحين بداية الشهر القادم وبعدها تتم زيادة الأسعار، وتأخذ ظروف السوق في الاعتبار.

البحث عن الدولار بغرض تشغيل المصنع وشراء المواد الخام أولى من التوسع

أحمد رضوان: ماذا عن الحلول المرتبطة بتصغير حجم العبوة أو خفض تكلفة التغليف وما شابه من حلول تنتهجها بعض الشركات؟

محمد الدماطي: المستهلك في مصر ليس سهلًا كما يعتقد البعض ويدرك جيدًا هذه الأساليب، ونحن لا نلجأ لمثل هذه الطرق ونفضل رفع الأسعار، فالسلعة بسعر وحجم وجودة محددة ومن يريدها يدفع ثمنها وفق السعر المحدد.

كما أنها ليست عملية سهلة مثلما يحدث في سوق السيارات على سبيل المثال التي تسمح بتخزين السلعة، أنا لا استطيع أن أظل يومين دون بيع كصناعات غذائية ومصنع وإذا حدث ذلك نستعد لاستقبال كارثة.

الإعفاءات الضريبية ليست الخيار الأمثل كل الوقت

وفي حال كنت أمتلك سيارات أو سلعًا معمرة فليس هناك مشكلة في التخزين، إنما الصناعة تحتاج إلى مصروفات عالية جدًّا في الماكينات وسيارات البيع والعمالة والبنوك وأسعار الفائدة، فكل لحظة هناك مصروفات تحتاج إلى بيع لحظي لتغطيتها، وأمر طبيعي أن يقابل زيادة التكلفة رفع في أسعار المنتجات.

أحمد رضوان: ما هي أسوأ فترة مرت عليكم الفترة الحالية أم الماضية أم أنك تتوقع أنها لم تأت بعد؟

محمد الدماطي: الحالات الثلاثة في كل وقت نتوقع أننا انتهينا من الفترة السيئة لتأتي بعدها الأسوأ منها.

أحمد رضوان: هل تعمل بطاقة إنتاجية كاملة؟

محمد الدماطي: لا طبعًا هناك انخفاض.

أحمد رضوان: بنسبة كم تقريبًا؟

محمد الدماطي: هناك انخفاض في حجم إنتاج بعض المنتجات بنسب تتنوع بين 17% و15% و10% مقارنة بالعام الماضي.

أهمية الوصول لحل اقتصادي شامل بإعادة جدولة الديون

أحمد رضوان: وكم نسب الانخفاض في حجم الإنتاج وعدد الورديات؟

محمد الدماطي: كل معدلات التراجع كانت في نفس المستوى، ونحاول عدم اللجوء إلى تسريح العمال «والحمد الله» لم نقم بتسريح أي عامل منذ بداية العام بل على العكس قررنا زيادة الأجور في شهر يوليو الماضي، ونحاول المحافظة على العمالة قدر المستطاع.

رضوى إبراهيم: كيف انعكست تداعيات الأزمة الاقتصادية التي اشتدت عن المعتاد آخر سنتين على خططكم… وما هي المشروعات التي تعطلت وأخرى توقفت نتيجة لذلك؟

محمد الدماطي: كنا نتوسع بشكل كبير جدًّا في المخبوزات ولكن تم تعطيل هذا التوسع، لأن سعر الساندوتش كان يبلغ 5 جنيهات العام الماضي، وأصبح سعره الآن 8 جنيهات فهناك تراجع في الشراء، و 5 أو 8 جنيهات يعتبر مبلغ بالنسبة للمستهلك التلميذ أو الطالب الذي مصروفه اليومي لم يزد مع ارتفاع التضخم لذلك تسبب في تراجع القوة الشرائية للمخبوزات.

هناك نية لتمكين القطاع الخاص رغم توسع الحكومة في نشاطات معينة

رضوى إبراهيم: هل تعطل التوسع من ناحية الإنتاج بطاقة أكبر أم طرح منتجات جديدة؟

محمد الدماطي: تم تعطيل التوسع في الاثنين سواء طاقة إنتاجية أكبر أو منتجات جديدة.

رضوى إبراهيم: كم مدة الأجل الزمني لهذا التعطيل؟

محمد الدماطي: لأجل زمني غير مسمى.

رضوى إبراهيم: ما هي المؤشرات التي إذا تحققت ستعود لاستئناف خططك؟

محمد الدماطي: توافر واستقرار سعر الدولار فقط لا غير، ومصر دولة لا تستطيع العمل في ظل الظروف الحالية لسعر الدولار .

رضوى إبراهيم: هل ستظل متمسكًا دائمًا بالصناعة أم هناك نية لتنوع مجالات الاستثمار كما نرى من بعض رجال الأعمال؟

محمد الدماطي: إلى أين أذهب هل هناك مجال للاستثمار في مصر خلال الوقت الحالي مُغْرٍ للدخول فيه؟

طرح دومتي في البورصة أهم محطات حياتي المهنية

أحمد رضوان: قطاع العقارات كان من ضمن القطاعات الجاذبة منذ سنتين.

محمد الدماطي: قطاع العقارات الآن «كان الله في عونهم» لبيعهم وحدات بالتقسيط لمدة 8 و9 سنوات في ظل التغير المستمر في سعر الدولار، وعدم وضوح رؤية سعر الصرف يكون المجال أشد صعوبة.

أحمد رضوان: ما رأيك في الضريبة العقارية على المصانع؟

محمد الدماطي: الضريبة العقارية تم إعفاؤنا منها.

أحمد رضوان: لم يتم الإعفاء ولكن تم الدفع بدلًا عنكم لفترة محددة؟

محمد الدماطي: للأمانة الضريبة العقارية كانت من المسائل التي لم تكن مميتة، ونحن دائمًا نبالغ في الأمر كثيرًا، فهناك الأسوأ من هذه الضريبة كارتفاع سعر الفائدة من 8% إلى 21%.

دراسة التوسع بالسعودية والمغرب والأردن

أحمد رضوان: أنت الآن تقارن بين السيئ والأسوأ.

محمد الدماطي: بالظبط، لأن سعر الفائدة ارتفع العام الماضي من 8% إلى 20% أو 21% وهذا بمفرده كارثي، فالضريبة العقارية مقارنة بزيادة الفائدة شيء بسيط.

أحمد رضوان: هل تحصل على تمويل مصرفي؟

محمد الدماطي: بالتأكيد أحصل على قروض من البنوك ولدينا تحويلات على البنوك كبيرة، والفرق في سعر الفائدة من 8% إلى 20% يتم تحميله لميزانية الشركة مع فرق أسعار الخامات فكل شيء مرتبط بالدولار.

تغير سعر الصرف تسبب في تعطل توسعنا في المخبوزات لأجل غير مسمى

وفي النهاية عندما ننظر إلى فرق الفائدة بمفردة نجد أنه كارثة، وإعفاء الحكومة لنا من الضريبة العقارية مقارنة بالمبالغ التي تدفع نتيجة الارتفاع في سعر الفائدة شيء لا يذكر.

رضوى إبراهيم: لمسنا في حديثك أنك كما تشعر بالضيق من الأزمة والوضع العام، تشعر أيضًا بالضيق من ردود أفعال مجتمع الأعمال على بعض القرارات، وقد وصفت منها جزءًا بأنها «مبالغ فيها» والجزء الآخر شعرت أن جهودهم تركزت على أشياء لم تكن الأكثر إفادة… فما هي القرارات التي كانت تحتاج إلى الاشتباك من رجال الأعمال؟

محمد الدماطي: للأمانة لم أحملهم مسؤولية أي شيء، ما عدا تعاملهم مع مشكلة الاعتمادات المستندية غير ذلك ليس لهم يد في أي شيء.

لا بديل عن إعادة جدولة ديون مصر للتغلب على أزمة النقد الأجنبي

رضوى إبراهيم: وهل هناك قرارات أخرى كانت تستدعي تركيزًا منهم ولم يحدث؟

محمد الدماطي: هذا القرار فقط ما أغضبني كونه خطأ ساذجًا، لأن في حال السماح للناس باستيراد ما تحتاجه نجد أن هناك بضائع في الموانئ بمبالغ كبيرة فهذه المسألة لا تحتاج إلى ذكاء على الرغم من أن الموافقة جاءت من أسماء كبيرة وناجحة في عملها لذلك شعرت بالضيق لأنه خطأ ساذج.

أحمد رضوان: مع كل عملية تعويم يخرج تيار من رجال الأعمال يقولون إنه قرار جريء وجاء في وقته… هل تتوقع في حال حدوث تعويم آخر سنستمع لنفس الآراء؟

محمد الدماطي: نعم بالتأكيد فهناك أشخاص يحبون هذا الأسلوب.

أحمد رضوان: نود الدخول في رحلتك؟

محمد الدماطي: رحلة ماذا؟

انخفاض إنتاج بعض منتجاتنا بنسب 17% و15% خلال العام الحالي

أحمد رضوان: مشوار حياتك والعودة إلى الماضي والبدايات.

محمد الدماطي: عندما دخلت الشركة كان الدولار بـ 6 جنيهات عام 2005 منذ أكثر من 17 عامًا.

أحمد رضوان: كيف كانت طموحاتك قبل عملك في الشركة وما الدافع وراء الدخول في الشركة؟

محمد الدماطي: والدي من أسس الشركة في التسعينيات، وكنت أفضل استكمال مسيرته دون تردد أو حساسية ولم أقم ولو لمرة بالتفكير فيها من منطق «لن أعيش في جلباب أبي».

ياسمين منير: هل كان طموحك العمل في الصناعة منذ البداية؟

محمد الدماطي: ليس العمل في الصناعة، إنما العمل فيما أسسه والدي فلم أشعر يومًا بالحساسية من العمل مع والدي ولم يخطر ببالي أن أعمل بشكل مستقل عنه.

ياسمين منير: هل كان سبب دراستك إدارة الأعمال الحلم في استكمال المشوار؟

محمد الدماطي: كان أمرًا واقعًا أكثر من كونه حلمًا، ولم أفكر فيه منذ البداية من مبدأ أنه حلم، ولكن منذ نشأتي وأنا أريد العمل مع والدي ودراسة الأعمال في الجامعة الأمريكية كان مناسبًا لهذا العمل.

استقرار الدولار المؤشر الوحيد لاستكمال خططنا المستقبلية

ياسمين منير: ما هي أهم محطات حياتك المهنية؟

محمد الدماطي: طرح الشركة في البورصة.

ياسمين منير: أنت الذي خاض التجربة من البداية؟

محمد الدماطي: هذه محطة مهمة لأي رجل أعمال كما يحدث للاعب الكرة عندما يحصل على كأس العالم، فيمكنك تجربة كل شيء وتبادل الخبرات مع المستثمرين والسفر واستكشاف آفاق مختلفة لتنظيم الشركة من الداخل بطرق مختلفة.

لم نقم بتسريح أي عامل منذ بداية 2023 وقررنا زيادة الأجور

والطرح هو «الحد الأقصى من الخبرة التي يمكن أن يحصل عليها رجل الأعمال والنقطة الفارقة في حياتي».

رضوى إبراهيم: ماذا أضاف إليكم الطرح في البورصة على مستوى التمويل وقواعد الحوكمة ونظرة المستثمرين الأجانب والصناديق الخارجية إليكم؟

محمد الدماطي: تشهد ضغوطًا كبيرة للغاية، وأحيانًا ألوم نفسي بشكل داخلي، خاصة وقت التقلبات العديدة بالسوق، لكن الطرح في البورصة ساعد في إدارة الشركة بشكل جيد وبطريقة مؤسسية بشكل إلزامي بجانب التمويل ورفع رأس المال وقتها إلى 300 مليون جنيه في 2016، ما يوازي 32 مليون دولار.

الضريبة العقارية على المصانع لم تكن مميتة وارتفاع الفائدة هو الأسوأ

وكان من الضروري تنفيذ هذه الخطوة في هذا الوقت، خاصة أن حجم الشركة كان قد شهد نموًّا كبيرًا، إلا أن ذلك لا يمنع الضغوط الكبيرة التي شهدناها، مثل فكرة إعلان كل أرقام الشركة للجميع بمن فيهم المنافسون، إلا أنني لا أشعر بالندم تجاه هذا الأمر.

رضوى إبراهيم: كنت سأطرح سؤالًا خاصًّا بفكرة الندم من عدمه، لأسباب مختلفة عن الضغوط، وهي توجهكم لشراء الأسهم مرة أخرى؟

محمد الدماطي: لا، هي فرصة وليس ندمًا، فبعد وصول السهم إلى 3.5 و4 جنيهات خاصة أن البورصة المصرية لا تمتلك مقاييس محددة بعض الشيء، وبالتالي فهي فرصة جيدة.

لا طريق لي سوى الاستثمار في الصناعة

وعند طرح الشركة عام 2016 بنحو 9.20 جنيه حينما كان الدولار بأكثر من 8 جنيهات بقليل، في حين أنهينا الصفقة بـ5.5 جنيه وبالتالي فهي فرصة بالنسبة لنا.

رضوى إبراهيم: هل ستستمر في الإبقاء على الحصة التي اقتنصتها من هذه الفرصة باعتبارها الأفضل للعائلة، أم الأمور قد تختلف حال وصول سعر السهم لمعدلات جيدة؟

محمد الدماطي: سعر السهم وصل حاليًا إلى 9 جنيهات.

رضوى إبراهيم: ما يعني توجهك نحو الاحتفاظ بهذه الحصة بغض النظر عن سعر السهم الحالي؟

محمد الدماطي: الحصول على هذه الحصة كان من خلال صندوق يضم عددًا من المستثمرين ومدير الصندوق صاحب القرار في النهاية، فقد يكون قرار الاستمرار مقتصرًا على رأيي فقط ويرغب المستثمرون الآخرون في التخارج، وبالتالي فالقرار ليس ملكي.

الطرح في البورصة ساعد في إدارة الشركة بطريقة مؤسسية

رضوى إبراهيم: حال رغبتهم في التخارج، يمكن أن تتجه لشراء حصتهم؟

محمد الدماطي: بحسب الظروف وقتها.

أحمد رضوان: تحدثنا عن توقف التوسعات الجديدة المتعلقة بخطوط إنتاج أو منتجات جديدة بسبب مشكلة الدولار، هل يمكن التفكير نحو الاستحواذ على فرصة أكثر استقرارًا؟

محمد الدماطي: الأمر نفسه، لا يمكن التفكير في الاستحواذ على شركة أعمالها معطلة، فالأمر في النهاية مرهون بتوافر فرصة جاذبة للغاية، وهو أمر غير متوفر حاليًا.

ياسمين منير: شاهدنا إعادة هيكلة خلال الفترة الأخيرة مرتبطة بتأسيس شركة في جزر الكايمان، أود الحديث عن فلسفة تلك الخطوة؟

محمد الدماطي: الموضوع ببساطة يتلخص في عدم وجود شركة على مستوى العالم يتوزع هيكل ملكية العائلة المؤسسة على أفراد، ففي ظل استمرار عمل الجيل الثاني من العائلة حاليًا، وخلال عدة سنوات سيدخل الجيل الثالث، لا يمكن ترك أسهم كل فرد بالعائلة على حدة، حيث يجب أن تتحرك العائلة كوحدة واحدة، وبالتالي الأمر استوجب إعادة هيكلة حتى نكون سويًّا.

تنفيذ عملية استحواذ مرهون بتوافر فرصة جاذبة للغاية غير متوفرة حاليًا

العائلة كانت تخطط لهذا الأمر منذ طرح الشركة في البورصة عام 2016، إلا أن هيئة الرقابة المالية وقتها رفضت الأمر دون إبداء أسباب منطقية، وبالتالي فالخطة موضوعة منذ 2016 وليس الآن فقط.

كما أن سبب تنفيذها خارج مصر يعود لعدم سماح القوانين بعض الشيء بإنشاء شركات قابضة وسيتم فرض ضرائب عليها وستذهب في مسارات مختلفة، واليوم بعد مرور 6 سنوات من عمليات الطرح في البورصة اتجه بعض أفراد العائلة لبيع حصصهم بالفعل، وهو أمر معلن.

تحرك العائلة كوحدة واحدة وتنفيذ خططنا المستقبلية سبب دخول شركة جزر الكايمان

وصلنا إلى نقطة تستلزم تحرك العائلة كوحدة واحدة سويًّا من أجل خططنا المستقبلية، الأمر الذي عاد بنا مرة أخرى لما كنا نخطط له عام 2016.

الشركة المتواجدة في جزر الكايمان تم تأسيسها بالفعل من 2013 وكانت تمتلك ألف سهم في الشركة وبالتالي هيئة الرقابة المالية أبدت موافقتها نظرًا لكونها من المساهمين القدامى، لننفذ عمليات إعادة هيكلة عليها، ولولا امتلاك الشركة للألف سهم لم تكن الرقابة المالية لتوافق من الأساس.

ومجمل الحديث أن الخطة متواجدة منذ 2016 وتم رفضها دون إبداء أسباب، وكان لدينا وقتها شركات في دبي وكانت الخطة جاهزة للتنفيذ، إلا أن الفكرة قوبلت بالرفض لكونها ليست مالكًا أصليًّا بالشركة، وهذا الأمر حدث قبل الطرح بأيام ولم يسع الوقت للبحث عن بدائل حينها.

فصل خطوط إنتاج بعينها أو تنفيذ طروحات فرعية وارد عند استقرار الأوضاع

ونفذت العائلة على نفسها في ذلك الوقت إغلاقًا لمدة 4 سنوات منها عامان بشكل إجباري، وعامان آخران بشكل اختياري لضمان عدم تخارج أحد أفراد العائلة، إلا أنه بعد انتهاء المدة اتجه بعض أفراد العائلة لفكرة البيع وهو أمر غير صحيح، وكما ذكرت ليس هناك شركة على مستوى العالم ملكيتها تعود لأفراد، ليتم اللجوء لإعادة الهيكلة بهذه الطريقة.

ياسمين منير: هذا الأمر يضعنا عند نقطة أن كل الاستثمارات العائلية لها كيانات بالخارج.

محمد الدماطي: نعم هذه حقيقة، دومتي ليست الوحيدة التي اتجهت لهذا الأمر، فحال الدخول على البورصة حاليًا ستجد كل الشركات العائلية تمتلك مؤسسة بالخارج، وحال اتجاهي لنقل الملكية من الخارج لداخل مصر، ستتم مطالبتي بسداد ضرائب.

رضوى إبراهيم: ستتم مطالبتك بالسداد، ولكنك تستطيع تنفيذ عملية النقل.

محمد الدماطي: نعم، ولماذا أسدد 20% من خطوة لا تحقق أموالًا بالأساس، وهذه هي المشكلة في جزئية مناخ الاستثمار، فبالنسبة لي لم يكن هناك أي مانع ولكن لا يتم منحي وسيلة لتنفيذ الأمر داخليًّا.

تجربة قيد شركة محلية بسوق مال خارجي ليست ناجحة

رضوى إبراهيم: بالفعل شاهدنا تحركات عديدة في هذا الاتجاه خلال الفترة الماضية، فحتى آل خميس، الجميع ظن أنها عملية تخارج.

محمد الدماطي: ومن قبلهم أيضًا، يمكنك الدخول على أي سجل تجاري لأي شركة عائلية في البورصة لن تجدي منها شركة ملكيتها عبر أفراد أو شركات مصرية فجميعها عبر شركات خارجية، ليست من أجل شيء سوى توحيد ملكية العائلة ومصر لا تمتلك تلك القوانين، ولذلك يتم اللجوء لتنفيذها في الخارج.

ياسمين منير: هذا الكيان العائلي من المنتظر أن يتخذ خطوات أخرى؟

محمد الدماطي: الكيان الخارجي؟

تلقينا عروض استحواذ منذ عام 2010

ياسمين منير: نعم.

محمد الدماطي: لا، الكيان الخارجي لنقل الملكية عليه فقط.

ياسمين منير: نعم، ولكنها أصبحت وحدة واحدة ويتم الحديث من خلالها باسم العائلة، فهل هناك استثمارات أسرية ستنطلق من هذه النقطة؟

محمد الدماطي: لا، للوقت الحالي هدفها المحافظة على ملكية عائلة الدماطي في الشركة، والاحتفاظ بعملية الإدارة.

رضوى إبراهيم: كل شركات الكيانات العائلية بالخارج عادة ما يكون لها استثمارات في أسواق أخرى؟

محمد الدماطي: لا توجد خطط على الإطلاق.

رضوى إبراهيم: نظرتك لسوق المال باعتبارك الفرع الوحيد داخل العائلة الذي بدأ الاحتكاك بسوق المال والبورصة، أخرها فقط عملية طرح الشركة أم هناك تفكير في الشركات التابعة، أو فصل خطوط إنتاج بعينها، أو تنفيذ طروحات فرعية؟

محمد الدماطي: وارد التفكير في هذا الأمر الفترة المقبلة وعند استقرار الأمور، فالظروف الحالية تجعل الأمور ضبابية وتمنع رؤية ما هو قادم.

أشعر بحب كبير تجاه الشركة وكأنها أحد أبنائي

قد أكون راغبًا بشدة في إنشاء شركة في السعودية أو المغرب بكيان منفصل يمكن طرحه في البورصة المصرية أو خارجية.

أحمد رضوان: هل تفكر في قيد الشركة في سوق مال آخر؟

محمد الدماطي: لا، تجربة قيد شركة عاملة في مصر بسوق مال دبي على سبيل المثال لن تكون ناجحة، كما أن الشركة كانت مقيدة في بورصة لندن.

ياسمين منير: شهادات إيداع وليس قيدًا؟

محمد الدماطي: نعم بالضبط.

رضوى إبراهيم: هل تلقيت عروض استحواذ؟

محمد الدماطي: بالتأكيد، ولكن الفترات الطويلة الماضية كانت بشكل أكبر وتحديدًا قبل الطرح في البورصة، فالشركة بدأت منذ عام 2005 لتبدأ عروض الاستحواذ منذ 2009 أو 2010.

لا أرغب في استقطاب شريك جديد.. والمستثمرون يفضلون الاستحواذ على حصة الأغلبية

رضوى إبراهيم: في ظل وضع الصناعة الحالي، هل يمكن التفكير حال استقبال عرض استحواذ؟

محمد الدماطي: أشعر بحب كبير تجاه الشركة، ومن الممكن أن يكون شعوري الحالي بالضيق من الظروف الحالية، يجعل الإجابة بأني سأتخارج حال استقبال عرض جيد، ولكن عند دخول الأمور في مرحلة أكثر جدية قد لا أستطيع الاستمرار في تنفيذ الصفقة، وسأتمسك بالشركة.

فخلال عام 2014 تلقينا عرضًا من شركة تعد من أكبر 20 شركة في العالم بمجال الألبان، وكانوا يرغبون في اقتناص حصة أغلبية مع استمرارنا معهم في الشركة على أن يتركوا لنا حق الإدارة، إلا أننا عند دخول الأمور إطار التنفيذ ولم يتبق سوى توقيع عقود الصفقة لم استطع إكمال الأمر، وحتى مع الوضع الحالي ومشكلة الدولار أعلم تمامًا أني لن أتمكن من الاستغناء عنها.

المنافسة أمام الشركات الخاصة أسهل من الحكومية لكونها عادلة

أحمد رضوان: متى يمكنك الاستغناء عنها؟

محمد الدماطي: لا أعلم، أشعر أنها مثل أحد أبنائي، وبالمناسبة هذا تفكير خاطئ، ولكنها ضمن عيوبي.

أحمد رضوان: أريد طرح سؤال متعلق بشدة المنافسة خلال الفترة الحالية، هل تعد أقوى من فترة دخولك الشركة عام 2005؟

محمد الدماطي: نعم بكل تأكيد.

أحمد رضوان: ما هي أوجه المنافسة الحالية، وهل لها علاقة بأوجه الملكية، بمعنى أنك تواجه منافسة كبيرة وآلياتها مختلفة حال تواجد القطاع العام كمنافس، وترى أن منافسة القطاع الخاص لها حلول لمواجهتها؟

محمد الدماطي: منافسة القطاع الخاص أسهل بكل تأكيد، خاصة وأنها منافسة عادلة أمام منافس يعمل بنفس اقتصادياتك ويلتزم بنفس تكلفة الكهرباء والتأمينات والضرائب، بعكس منافسة القطاع العام لا ترى تكلفة هذه الأمور عليه، ولكن بشكل عام تجارب القطاع الخاص في قطاع الصناعات الغذائية الأكثر نجاحًا.

القطاع الخاص يستحوذ على 80% من حصة سوق الصناعات الغذائية في مصر

أحمد رضوان: التجارب الناجحة أكثر بالقطاع الخاص، ولكن ربما تكون هناك أسواق غير متاحة أمامه مقارنة بالقطاع العام، مثل الوجبات المدرسية؟

محمد الدماطي: نتمنى دخول هذا المجال بالطبع، ولكنها ليست من أعمال الشركة الحالية وبالتالي لا أشعر بخسارة شيء.

ياسمين منير: شاهدنا تطورات في مسارات عملك.. بداية من الألبان ثم دخول قطاع العصائر ومن بعده المخبوزات، فما كان يدور في الأفق بعيدًا عن الأوضاع الاقتصادية التي عملت على تجميد الخطط بشكل مؤقت؟

محمد الدماطي: سوق المقرمشات كان توجه الشركة، خاصة أن 40% أو أكثر من الشعب المصري لم يتخط الـ30 عامًا، كما أن المواطنين يبقون خارج منازلهم طوال النهار، كما أنهم مستهلكون ويفضلون الأفكار الجديدة، فمجال السناكس تسمح بتنفيذ أفكار جديدة، وبالتالي التوسعات كانت تتضمن هذه الجزئية بشكل أكبر.

مجال المقرمشات كان من بين أبرز خطط الشركة قبل ظروف السوق الحالية

أحمد رضوان: لم تفكر في اقتناص اسم شركة حالية عبر الدخول في شراكة معها أو تنفيذ عمليات إنتاج لصالحها؟

محمد الدماطي: نعم، فكرنا في هذا الأمر، كما أننا كنا ننفذ عمليات إنتاج لصالح راني وكوكاكولا، وخضنا أكثر من تجربة في هذا الشأن.

أحمد رضوان: هل عمليات الإنتاج لراني مستمرة أم توقفت حاليًا؟

محمد الدماطي: توقفت منذ نحو عام بعد إنشائهم لمصنع، ولكن هناك منتجات أخرى يتم تصنيعها.

أحمد رضوان: أي من الشركات كنت تخطط للإنتاج لصالحها في مجال السناكس؟

محمد الدماطي: ليست هناك حاليًا أسماء متاحة، فشركة إيديتا تعمل على الإنتاج بنفسها وتعد من أكبر الشركات في هذه الجزئية، وبالتالي لم تكن النية نحو هذا الأمر في مجال السناكس، ولكن قد تكون هناك أفكار متعلقة بإنتاج الحشو لبعض منتجات، وليس الإنتاج باسم شركة أخرى

لا أستطيع تحقيق التوازن بين العمل والمهام الأسرية

ياسمين منير: لماذا لا تفكر في الدخول في مجال تصدير المواد الخام المستخلصة أو التي تتضمن نسبة مرتفعة من المواد الخام مثل الخضراوات المجمدة؟

محمد الدماطي: أنا أعمل بمجال الصناعات الغذائية في مصر منذ 17 عامًا، ولم أشهد مثل هذا الاهتمام الكبير بالتصدير حاليًا، ولم أتوقع الارتفاع الكبير في سعر الدولار أمام الجنيه، وهو الأمر الذي لم يدفعني للتفكير في تصنيع منتجات مخصصة للتصدير فقط .

وعندما بدأت في التوسع كان الاهتمام الأكبر بمنتجات المخبوزات التي لا تتعدى مدة صلاحيتها 7 أيام، وهي بالطبع غير صالحة للتصدير في الأساس، فالأوضاع كانت مفاجئة وغير متوقعة لتصوراتي الشخصية.

الاهتمام بتصدير المنتجات الغذائية لم أجد له مثيلًا منذ 17 عامًا

أنا مهتم كثيرًا بالسوق المصرية لأن حجمها كبير من حيث الاستهلاك، كما أن غالبية السكان من الشباب ولديهم قدرة كبيرة على التطور، لذلك كانت فكرة تخصيص منتجات بغرض التصدير بعيدة عن مخيلتي.

رضوى إبراهيم: كيف تفكر حاليًا وخاصة بعد تغير الأوضاع؟

محمد الدماطي: الوضع الحالي جعلني أفكر جديًّا في التصدير.

رضوى إبراهيم: ما هي المنتجات التي بدأت في التفكير في تصديرها بشكل أكثر جدية؟

محمد الدماطي: أعمل على تطوير وتدعيم منتجات الشركة لتكون مناسبة للتصدير وفتح أسواق جديدة بالتعاون مع شركائنا.

رسالتي للعاملين بدومتي.. لديّ يقين بتخطي العقبات والأزمات الحالية

أحمد رضوان: هل تفكر في الدخول بمجال تعبئة وتجميد الخضراوات والفاكهة؟

محمد الدماطي: الدخول في مجالات جديدة يحتاج إلى تمويلات لتنفيذ تلك الأفكار.. والمشكلة أنه حال توفر تمويل بقيمة مليون دولار على سبيل المثال سيتم توجيهه للإفراج عن المنتجات المحتجزة بالموانئ .

رضوى إبراهيم: لماذا لا تفكر في تأسيس خط إنتاج مخصص للمنتجات المعدة التصدير عبر الاكتتاب العام في البورصة؟

محمد الدماطي: لا أفكر.. لأنها مسألة صعبة وليست سهلة كما يتصور البعض.

ياسمين منير: رأينا اهتمامًا خليجيًّا وإقليميًّا بالاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية بالرغم من الأجواء الحالية.. هل تتوقع اتفاقيات جديدة في الوقت الراهن؟

محمد الدماطي: العديد من الشركات الغذائية المصرية وقعت اتفاقيات ثنائية مع الشركات الخليجية في ظل الأجواء الحالية، من ضمنها الاستحواذ على شركة أطياب وأبو عوف وكذلك صافولا .

مهتم كثيرًا بالسوق المحلية لكبر حجمها وسرعة تطورها ونموها

ياسمين منير: هل هناك رغبة في استقطاب شريك جديد لفتح مجالات جديدة في قطاع الصناعات الغذائية؟

محمد الدماطي: الشريك يفضل دائمًا الاستحواذ علي حصة الأغلبية بالشركات المحلية، وأنا أفضل عدم الإقدام على تلك الخطوة حاليًا .

لديّ أمل في تحسن الأوضاع الاقتصادية مع عودة الأمور لما كانت عليه، ومصر بلد كبير وقادر على تخطي الظروف الصعبة .

رضوى إبراهيم: إذا نظرنا إلى الصناعات الغذائية في مصر.. كم تبلغ حصة القطاع الخاص من السوق مقارنة بالقطاع العام؟

محمد الدماطي: القطاع الخاص يمتلك حصة كبيرة من السوق.

تبعية هيئة الاستثمار لمجلس الوزراء غير منطقية

رضوى إبراهيم: كم تصل نسبتها؟

محمد الدماطي: لا تقل عن 80%.

رضوى إبراهيم: هل كانت تلك النسبة أقل أم أكثر منذ السنوات الثلاث الماضية؟

محمد الدماطي: مستقرة.. وهذا يعكس فشل القطاع العام وعدم قدرته على التطور، وهذه معلومة حقيقية.. والحكومة اعترفت من قبل بفشل شركات القطاع العام .

رضوى إبراهيم: ما هو نصيب دومتي من حصة الـ 80% المخصصة للقطاع الخاص؟

محمد الدماطي: حصتنا مستقرة، وهناك نمو في حجم أعمال الشركة والمبيعات، وأيضًا على صعيد تقديم منتجات جديدة.

أعمل على رفع كفاءة منتجات دومتي وفتح أسواق جديدة بالتعاون مع شركائنا

رضوى إبراهيم: هناك منافس كبير تعرض لأزمة خلال فترة سابقة وهي شركة «جهينة» الأمر الذي سمح للعديد من الشركات الأخرى بالاستفادة من ذلك؟

محمد الدماطي: ليس صحيحًا على الإطلاق.. أداء أعمال شركة جهينة لم يتأثر بالأزمة التي شهدتها في السابق وحجم مبيعاتها يعكس ذلك وهو معلن لجميع المتعاملين بقطاع الصناعات الغذائية.

أحمد رضوان: المقصود هنا الأزمة المرتبطة بالإدارة.

رضوى إبراهيم: هل الأزمة التي حدثت لمجلس إدارة «جهينة» أثرت على الخطط التوسعية للشركة عكس باقي المنافسين؟

محمد الدماطي: إطلاقًا.. شركة جهينة مستقرة تمامًا، كما أنها تعد الأكبر من حيث حجم الأعمال من بين الـ 4 شركات الغذائية الكبرى المقيدة بالبورصة، وبالتالي فهي لم تتأثر بخروج أحد أعضاء مجلس إدارتها.

إزالة العقبات كافة أمام المستثمرين ضرورة قبل الترويج للاستثمار

رضوى إبراهيم : هل ترى أن هناك فرصًا لحدوث اندماجات بين الشركات العاملة في قطاع الصناعات الغذائية، بحيث ينتج عنها وجود كيانات ذات حجم اقتصادي ضخم؟

محمد الدماطي: بالطبع.. ولكن ليس من السهل تحقيق ذلك في مصر.. لأن تقييم المراكز المالية للشركات في الغالب غير دقيق، فعلى سبيل المثال مصنع قيمته السوقية 100 مليون جنيه، ويعاني من تراجع حجم الإنتاج ومثقل بالديون، في حين يتم تسعيره بنحو 300 مليون جنيه دون أي سند حقيقي.

رضوى إبراهيم: هل من الممكن أن يحدث ذلك على مستويات أقل؟

محمد الدماطي: من المستحيل أن يحدث ذلك لأنه لن يجد أي فائدة.

الدخول بمجالات جديدة يحتاج إلى تمويل كبير.. ومن الصعب تأسيس خط إنتاج عبر الاكتتاب في البورصة

أحمد رضوان: ما هي النصيحة التي تود أن تقدمها للأشخاص الذين لا يملكون خبرة كافية في المجال من رواد أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة للحفاظ على تواجدهم في السوق؟

محمد الدماطي: نشاط رواد الأعمال يقتصر على الشركات التكنولوجية، والتي ينحصر دورها في تقديم الخدمات، وبالتالي فهي تختلف كليًّا عن الصناعة.. وقد حققوا طفرة كبيرة خلال الـ 4 سنوات الماضية من خلال نجاحهم في استقطاب ملايين الدولارات والحصول على أعلى التقييمات، إلا أن الأوضاع الراهنة ودون سابق إنذار دفعت لتوقف كل ذلك تمامًا.

الوضع المفاجئ أصاب رواد أعمال الشركات التكنولوجية بالصدمة الشديدة، وهذا ليس نتيجة الأوضاع الاقتصادية في مصر فقط، وإنما انعكاس للمتغيرات العالمية أيضًا، لتنفجر فقاعة شركات التكنولوجيا التي كانت تحقق أرباحًا خيالية وأصبحت تتكبد خسائر ضخمة.

المشكلة الرئيسية أن التقييمات الخاصة بتلك الشركات لم تكن حقيقية، وهناك العديد من الكيانات الناشئة حجم أعمالها محدود للغاية ومع ذلك تحصل على تقييمات أعلى من شركة بحجم دومتي.

هناك شباب مصريون حاولوا الاجتهاد في مجالهم، إلا أن الظروف لم تكن مواتية لتحقيق أهدافهم، في المقابل تفرغ بعض أصحاب الشركات الأخرى للظهور الإعلامي وعقد مؤتمرات ترويجية لتحقيق أرباح دون النظر لحجم أعمالهم.

رضوى إبراهيم: ما أكثر نصيحة أثرت في شخصيتك مع بداية حياتك العملية في مجتمع الأعمال؟

محمد الدماطي: بعد عام من بداية عملي في الصناعة اكتشفت أنني لا أرغب في الاستمرار بهذا المجال.. وكنت أفضل العمل في البورصة وسوق الأوراق المالية لا سيما بعد حالة الحراك التي شهدتها في الفترة بين عامي 2006 و2007.

النصيحة التي وجهت إليّ هي ضرورة التفكير في المجال الذي استطيع من خلاله تحقيق بصمة واضحة عند الجمهور، بعد 50 عامًا من ترك العمل.

أحمد رضوان: من صاحب تلك النصيحة؟

محمد الدماطي: والدي وكذلك ابن عمتي الذي أعتبره في مقام أخي الكبير، حيث كانوا أكثر الشخصيات تأثيرًا في حياتي العملية.

أحمد رضوان: وحتى الآن هما أكثر شخصين مؤثرين في حياتك؟

محمد الدماطي: بالتأكيد.. بجانب عدد آخر من الأشخاص، ولكنهما هما الاثنان الأكثر تأثيرًا.

ياسمين منير: ما هي النصائح التي تقدمها للجيل الثالث في ظل الظروف الاقتصادية الحالية؟

محمد الدماطي: الجيل الثالث لا يزال الوقت طويلًا أمامه حتى ينهوا مراحلهم التعليمية ويندمجوا في سوق العمل، لأننا لا نعلم حينها إلى أي مدى سيصل مستوى سعر الدولار أمام الجنيه وتأثيره على الاقتصاد والصناعة.

أحمد رضوان: ما هو الأفضل لهم من وجهة نظرك.. الاستمرار في السوق المصرية أم البحث عن فرص عمل أخرى بالخارج؟

محمد الدماطي: بالنسبة لأبنائي بالطبع أفضل تواجدهم بجانبي في مصر، إلا أن في حال عدم تمتع أحد آخر بفرصة عمل مستقرة في مصر وتوافرت فرصة أفضل بالخارج، فبالتأكيد سأشجع على العمل بالخارج، وللأسف هذا هو الاتجاه السائد حاليًا.

أغلبية الشباب حاليًا أصبحوا يؤيدون بشدة البحث عن فرص أخرى بالخارج، وتجسد ذلك في دعم اللاعبين في رياضات المصارعة أو رفع الأثقال عند هروبهم للعب باسم دولة أخرى عبر تعليقات التأييد والمساندة لهم وهذا أمر محزن للغاية ويدعو للإحباط.

أما على مستوى الأجيال السابقة فإذا أقدم أي شاب على تلك الخطوة يتم اعتباره خائنًا.

أحمد رضوان: ما رأيك في هذا التغير؟

محمد الدماطي: في منتهى الخطورة وأسوأ أمر حدث في مصر، بغض النظر عن المشاكل الحالية، لأنه مؤشر على فقدان الانتماء .

أحمد رضوان: هل معنى ذلك أن كل من يبحث عن فرصة خارج مصر يتهم بعدم الانتماء؟

محمد الدماطي: بالطبع لا.. خاصة في ظل الظروف الحالية.

القرارات الصادرة عن المجالس الاستشارية بحاجة إلى آليات تنفيذ حقيقية

أحمد رضوان: هل كانت تلك الخطوة في السابق تعني عدم الانتماء؟

محمد الدماطي: الحصول على فرصة عمل أفضل بالخارج بمتوسط دخل مرتفع عما هو موجود حاليًا ليس له علاقة بالانتماء.. المشكلة الأكبر هي ترحيب الشباب بالحصول على تلك الفرص بطرق غير شرعية.

أحمد رضوان: الشباب يبحثون عن فرص حتى لو عرضهم ذلك للمخاطر.. كيف ترى ذلك؟

محمد الدماطي: الوضع الحالي هو نتاج المشاكل الاقتصادية التي نعيشها الآن والتي يمكن تخطيها في المستقبل، إلا أن فقدان الإنتماء يترك أثرًا سلبيًّا يدوم لفترات طويلة ولا يمكن تجاوزه سريعًا.

أحمد رضوان: ما هي الرسائل الأساسية التي تود أن توجهها لأسرتك؟

محمد الدماطي: كان الله في عونهم.

ياسمين منير: هل تستطيع إحداث توازن بين العمل والمهام العائلية؟

محمد الدماطي: أنا مؤمن بأهمية ذلك، إلا أنني لا أستطيع تطبيقه عمليًّا، نظرًا لانشغالي الدائم في العمل وسط التحديات الاقتصادية الراهنة وعلى رأسها أسعار صرف الدولار.. ورغم ذلك أجتهد في الحفاظ على الالتزامات الأسرية.

أحمد رضوان: ما هي الرسالة التي تود توجيهها للشركة والعاملين بها؟

محمد الدماطي: نمر بظروف صعبة ولكن لديّ يقينًا في قدراتنا على تخطي العقبات كافة والظروف الحالية مثلما تخطيناها في السابق.

أحمد رضوان: ما هي الرسالة التي تود تقديمها للحكومة؟

محمد الدماطي: السرعة والوضوح والشفافية مع الجمهور، لأن الأوضاع باتت مرئية للجميع وسط انتشار منصات السوشيال ميديا وقراءات التقارير الدولية.

ياسمين منير: ماذا تقول لمجتمع الأعمال؟

محمد الدماطي: كان الله في عوننا جميعًا، وأنا على أمل بأنها فترة وستمضي، لأن مصر مرت بأوضاع صعبة قبل ذلك وتمكنت من تجاوزها بفضل الله.

رضوى إبراهيم: كرجل صناعة.. هناك وزير صناعة في الحكومة ولا يوجد وزير للاستثمار.. هل ترى في حال تواجده كان من الممكن أن يسهم في سرعة حسم الملفات العالقة؟

محمد الدماطي: إلى حد كبير نعم، ولكنه ليس الحل الوحيد أيضًا، نظرًا لمشاكل عدم استقرار سعر الصرف، فالترويج للاستثمار في الخارج يتطلب في الأساس حل كل المشاكل القائمة حتى تكون السوق المصرية جاذبة.

ومع ذلك من المفترض أن يكون هناك وزير للاستثمار في ظل الظروف الراهنة، وأرى أن تبعية وزارة الاستثمار إلى هيئة مجلس الوزراء أمر غير منطقي.

أحمد رضوان: الحكومة أطلقت مجلسًا أعلى للاستثمار وآخر لتنشيط السياحة.. هل ترى أن هذه المجالس سيكون لها دور في تنشيط القطاعات الاقتصادية المختلفة؟

محمد الدماطي: وجود أسماء ذات ثقل في هذه المجالس أمر جيد ويبعث على الاطمئنان، وهناك بعض الشخصيات في المجالس الاستشارية لمجلس الوزراء تتمتع بقدر كبير من الثقة والمهنية.

أحمد رضوان: هل هناك تواصل مباشر معهم؟

محمد الدماطي: أتواصل معهم بين الحين والآخر.

أحمد رضوان: ما هو تقييمك للدور الذي يقومون به؟

محمد الدماطي: أرى أن آراءهم وأفكارهم تخدم القطاعات الاقتصادية المختلفة.

أحمد رضوان: هل المبادرات التي يتم الإعلان عنها مثل توطين الصناعة الوطنية على سبيل المثال تخرج بتوافق كامل من أعضاء المجالس الاستشارية؟

محمد الدماطي: المشكلة الحقيقية تكمن في آلية التنفيذ.

أحمد رضوان: هل هذه المبادرات يتم التوافق عليها؟

محمد الدماطي: أغلب هذه المبادرات يتم التوافق عليها وأرى أن معظمها ذو جدوى اقتصادية كبيرة، إلا أن المشكلة تكمن في آلية التنفيذ.

فعلي سبيل المثال برنامج المساندة التصديرية للعام الحالي تم صياغته على أفضل وجه، وهناك توافق جماعي على جميع بنوده، إلا أن الخطوات التنفيذية لا تزال معطلة.

أحمد رضوان: متي تم التوافق على برنامج المساندة التصديرية؟

محمد الدماطي: منذ عدة أشهر، وقد وافقت المجالس التصديرية على كل بنوده ومخرجاته، إلا أن التنفيذ وآلياته وتوقيت الصرف ليس تحت تصرفهم، رغم توافق الحكومة مع رجال الأعمال والتعرف على وجهات نظرهم.

والمشكلة في التعامل الحكومي على أن القرار يتم إصداره ولكن آلية تنفيذه تصبح رهنًا للبيروقراطية.

أحمد رضوان: نشكر حضرتك على تواجدك معنا.. وإلى لقاء جديد من حابي بودكاست.

الرابط المختصر