قال الدكتور شريف الجبلي رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، ورئيس مجموعة شركات بولي سيرف للأسمدة والكيماويات، ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، إن «تعويم» الجنيه قرار «حتمي لا مفر منه» للتعامل مع أزمة وجود سعرين للعملة.
لمشاهدة اللقاء كاملا اضغط هنا
وأكد الجبلي، في اللقاء الخامس من برنامج حابي بودكاست، أن وجود سعرين لصرف العملة «مشكلة كبيرة»؛ موضحًا: «فطالما أن هناك سعرين لعملة أو حتى سلعة تصبح عرضة للمضاربة وهذا أمر بديهي، وطالما لم ير المصريون في الخارج سعرًا حقيقيًّا للجنيه فلن يحولوا أموالهم بالدرجة التي نتوقعها”.
كما نوّه بأن جزءًا كبيرًا من المستثمرين الراغبين في شراء حصص من الطروحات الحكومية يتمهلون لرؤية إلى أين ستصل مشكلة نقص العملة الأجنبية وسعر الصرف، فيما أشار إلى أن الاقتصاد المصري سيمر بـ«فترة انتقالية صعبة»؛ حتى تتزن الأوضاع وتعود السوق إلى طبيعتها بعدها.
وأشار الجبلي إلى وجود فجوة كبيرة بين الموارد والاحتياجات من العملة الأجنبية تشكل عبئًا على الدولة، وإن تراجعت نسبيًّا مؤخرًا؛ نتيجة للقيود المفروضة على الاستيراد، وانخفاض العجز التجاري بنسبة ليست قليلة، واستدرك: «ولكن على حساب أشياء أخرى».
يذكر أن اللقاء تم تسجيله قبل اشتعال العدوان الإسرائيلي على غزة، وبالتالي لم يتطرق إلى تداعيات الأحداث على الاقتصاد.
وشهد اللقاء رصد رحلة الدكتور شريف الجبلي من بدايتها، كما تطرق إلى خططه المستقبلية.
وإلى نص اللقاء
أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من حابي بودكاست، نحاور اليوم شخصية مؤثرة جدًّا في الحياة العامة عمومًا والقطاع الصناعي وعلى وجه التحديد صناعة الأسمدة، الدكتور شريف الجبلي رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، ورئيس مجموعة شركات بولي سيرف للأسمدة والكيماويات، ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية.
نحن سعداء بهذا اللقاء ونأمل أن يكون الحوار ثريًّا ونستطيع الاستفادة من رحلة د. شريف الجبلي المليئة بالخبرات والنجاحات.
بداية نود التعرف على نظرتك ورؤيتك للاقتصاد المصري بشكل عام خلال الوقت الراهن؟ وما هي التحديات التي تراها وعناصر القوة التي يمكن لرجال الصناعة والاستثمار المراهنة عليها؟ ثم ننتقل للحديث عن الصناعة عامة وقطاع الأسمدة بشكل خاص؟
د. شريف الجبلي: هذه الأسئلة ليست سهلة كبداية، وإنما من الناحية الاقتصادية للدولة المصرية، فنعلم جميعًا أننا نمر بأزمة اقتصادية منذ فترة، وأهم مكون في هذه الأزمة هو عدم توافر العملة الصعبة بالقدر الكافي، وفي الأساس نحن دولة مستوردة للعديد من الأشياء منها الغذاء وحتى المواد الخام ومستلزمات الإنتاج بالنسبة إلى المصانع.
ونتيجة لتعاقب الأزمات كورونا ثم الحرب الأوكرانية وغيرها حدث ارتفاعًا في الأسعار نتيجة لزيادة التكلفة ما أدى إلى صعود معدلات التضخم، وأصبح الاقتصاد المصري في موقف ليس سهلًا، ولكن لا يوجد موقف دون حل، فكل شيء له حل.
الحماية الاجتماعية لمحدودي الدخل ضرورية قبل تحرير أسعار الصرف
ويفترض على مصر كدولة أن تجد حلولًا لهذه المشكلة في المستقبل القريب، هذه الحلول ليست بالسهولة التي نتصورها بالطبع، كون مصر تمتلك موارد محددة من العملة الأجنبية ولديها في المقابل احتياجات تزيد على تلك الموارد، فهناك فجوة كبيرة بينهما دائمًا، صحيح أن تلك الفجوة تراجعت مؤخرًا نسبيًّا ولكن لا تزال تشكل عبئًا على الدولة.
أحمد رضوان: هل تراجعت الفجوة بسبب قيود الاستيراد أم لأسباب أخرى؟
د. شريف الجبلي: طبعًا بسبب القيود على الاستيراد، وانخفض العجز التجاري بنسبة ليست قليلة ما أدى إلى تخفيف الضغط، ولكن على حساب أشياء أخرى.
توقف العديد من المصانع بسبب نقص المواد الخام
أحمد رضوان: بالتأكيد، كمدخلات الإنتاج.
د. شريف الجبلي: نعم، كما ذكرت مشكلة استيراد المواد الخام، ومن المفترض في المرحلة الحالية التركيز على استيراد أشياء محددة فقط، والاستغناء عن المنتجات غير الضرورية خلال الفترة المقبلة، بمعنى أن المواد الخام للمصانع والغذاء والوقود تعتبر أساسيات، ولكن هناك أشياء يمكن الاستغناء عنها خلال الفترة الحالية.
فهذا الاستغناء يأتي في مقابل الحفاظ على الإنتاج وتشغيل المصانع التي أصبحت تعمل بطاقة إنتاجية 30% أو 40% بسبب نقص الخامات كما أن هناك مصانع توقفت عن العمل تمامًا، وهذا يؤثر بقوة على الاقتصاد، إذ إن الإنتاج هو الأكثر أهمية.
فجوة العملة الصعبة أهم عناصر أزمة مصر الاقتصادية
فمن الدورس المستفادة التي خرجنا بها من أزمة كورونا والتي أدت إلى قطع سلاسل الإمداد في كثير من الأحيان، أن من يتملك إنتاجًا محليًّا أيًّا كانت السلعة يكون تأثره بالأزمات أقل بكثير ممن يستورد.
لذلك تنمية الصناعة المحلية مطلوبة جدًّا في هذه المرحلة وأساسية، وسنعود لها مرة أخرى في الحديث، ولكن وددت التأكيد على أهميتها الشديدة في تلك المرحلة، فبالطبع نمتلك مصادر متعددة من العملة الأجنبية كدخل قناة السويس وعائدات السياحة والتي تحسنت جدًّا خلال الفترة الأخيرة بجانب تحويلات المصريين من الخارج والتي تراجعت خلال الفترة الماضية بسبب عدم استقرار سعر الصرف.
تراجع الاحتياج للعملات الأجنبية نسبيًّا نتيجة قيود الاستيراد
وجود سعرين لصرف العملة يعد مشكلة كبيرة؛ فطالما أن هناك سعرين لعملة أو حتى سلعة تصبح عرضة للمضاربة وهذا أمر بديهي، وطالما لم يرَ المصريون في الخارج سعرًا حقيقيًّا للجنيه فلن يقوموا بتحويل أموالهم بالدرجة التي نتوقعها.
ياسمين منير: لم تذكر فكرة الرهان على الاستثمار الأجنبي المباشر في المعادلة رغم وجود خطة لجلب حصيلة مناسبة من العملة الأجنبية من خلالها؟
د. شريف الجبلي: بالطبع هناك فرص فيه، فإفريقيا من أكثر المناطق جذبًا للاستثمارات الخارجية ومصر الأكثر جذبًا لهذه الاستثمارات ولكن معظمها في مجال الطاقة كالبترول والغاز.
مصر من أكثر الدول الإفريقية استقبالًا للاستثمارات الخارجية
ياسمين منير: ما قصدته هو خطة الحكومة للتخارج من الأصول وبرنامج الطروحات والتي تستهدف جمع حصيلة كبيرة بالعملة الأجنبية منه في أشهر قليلة.. هل ترى أن هناك تحديات تواجه هذه البرنامج بخلاف سعر العملة إذ إن مصر بالفعل قامت بأكثر من تعويم للجنيه خلال فترة الأزمة؟
د. شريف الجلبي: بالتأكيد جزء كبير من المستثمرين الراغبين في شراء تلك المساهمات، يتمهلون لرؤية إلى أين ستصل مشكلة نقص العملة الأجنبية وسعر الصرف، ولكن هناك أيضًا بعض العمليات تمت بالفعل مؤخرًا ومنها الشرقية للدخان ويعتبر أمرًا جيدًا.
التذبذب في قيمة الجنيه أدى لانخفاض تحويلات العاملين بالخارج
يتساءل البعض هنا لماذا يتم بيع حصة من الشرقية للدخان وهي شركة رابحة، أولًا المستثمر الأجنبي سيقوم بدفع الضرائب كما لو كانت مملوكة للمصريين، ولكن الشركة كانت تعاني من مشاكل في استيراد الدخان نفسه، وأصبحت اليوم تمتلك سيولة تمكنها من استمرار عجلة الإنتاج، وهذا رد على سؤال لماذا تقوم بيع شركة تحقق أرباحًا!
رضوى إبراهيم: كل الشركات التي تم بيعها تحقق أرباحًا.
شريف الجبلي: نعم، كل الشركات التي تم بيعها تحقق أرباحًا، لأن المستثمر الأجنبي في الأغلب لن ينظر لشراء شركات تحقق خسائر.
يجب الاستغناء عن المنتجات غير الضرورية والتركيز على الأساسيات
قد يكون لدى المستثمر المحلي نظرة مختلفة، ليفكر في شراء شركة ويحاول تغيير وضعها ويقوم بإعادة هيكلتها إلى الأفضل، لأنه يمتلك نفسًا أطول من نظيره الأجنبي الذي يريد الدخول للحصول على شركات جاهزة تحقق أرباحًا بعيدًا عن الإقامة في مصر أو الإدارة وتحسين الشركات، لذلك من الطبيعي أن تكون شهيته مرتفعة تجاه الشركات الرابحة والقوية.
رضوى إبراهيم: أود التوقف عند الصناعة.. قبل أن نرى القرارات الخاصة بتقييد الاستيراد كان هناك العديد من الشكاوى من قبل رجال الصناعة، نتحدث هنا عن محطات سابقة لتعويم العملة المحلية وارتفاع التكلفة وما شابه، ولكن منذ وضع قيود على الاستيراد بدأنا نشعر أنها نقطة الارتكاز والمحور الرئيسي في مشاكل المجتمع الصناعي، رغم أنه من المفترض شئنا أم أبينا أنه مجرد إجراء مؤقت، وحله مرتبط بالتعويم الجديد المنتظر للعملة المحلية والتي تعود بنا مرة أخرى إلى نفس الشكاوى من ارتفاع تكلفة الإنتاج وكل الأزمات التي واجهها الصناع في هذا التوقيت.. باعتبارك من رواد الصناعة في مصر فما هو المخرج الذي تراه للصناعة المحلية من هذه الأزمات المتتالية وما هي الحلول الواضحة لك؟
د. شريف الجبلي: الموقف صعب وليس سهلًا، فلا أستطيع القول بأن يتم تعويم الجنيه غدًا على سبيل المثال وستحل كل المشاكل في حينها.
وجود أكثر من سعر للعملة في السوق يعرضها للمضاربة
تحرير سعر الصرف قد يكون القرار الذي سيحل المشاكل الموجودة حاليًا ولكن سيمر الاقتصاد المصري بفترة انتقالية صعبة حتى تتزن الأوضاع وتعود السوق إلى طبيعتها بعدها.
ولذا لا بد من عمل برنامج حماية اجتماعية لمحدودي الدخل، فلا نستطيع تحرير سعر صرف الجنيه وترك الدولار أو العملات الأجنبية للارتفاع بنسبة 10% أو 20% أو 30% والتي ستتحدد بناء على موقف السوق ومدى قدرة البنك المركزي على التدخل لتوفير العملة، فمراعاة محدودي الدخل واجبة وضرورية، وكيفية إحداث التوازن في وقت واحد هو المعادلة الصعبة.
التواصل الدائم بين مجتمع الأعمال والحكومة أصبح ضروريًّا
وأرى أن قرار تعويم الجنيه غالبًا قرار حتمي لا مفر منه، فلا نستطيع الاستمرار والتعايش مع وجود سعرين للعملة.
رضوى إبراهيم: ما هي الحلول بجانب تعويم العملة؟ وكيف تستعد شركتك للتعامل مع هذه المرحلة؟
د. شريف الجبلي: هناك نوعان من الشركات، الأول يقوم بتصدير منتجاته ولا يعاني من مشاكل فيما يخص توافر العملة الأجنبية إذ تغطي احتياجاتها من العملة الصعبة من عوائد التصدير، فليس لديها مشاكل في هذه النقطة.
وهنا أؤكد أن زيادة التصدير موضوع مهم للغاية، وعندما قيل إن مصر تريد الوصول إلى 100 مليار دولار صادرات سنويًّا، كان قولًا رشيدًا ولكن المشكلة تكمن في كيفية الوصول إلى هذا.
أقترح تكوين لجنة تجتمع شهريًّا لمناقشة التحديات
التصدير فعلًا مسألة حياة أو موت بالنسبة لمصر، وإذا كانت السوق تصدر بقوة ما كنا لنواجه الكثير من المشاكل التي نواجهها اليوم، لأن معظم الشركات سيكون بمقدورها تغطية احتياجاتها من العملة الأجنبية، وبالتأكيد مصر لا يمكنها تصدير كل شيء إذ إن هناك صناعات مصر لا تنافس بها، ولكن أرى أن الشركات التي تقوم بالتصدير إلى حد كبير لا تعاني من مشاكل نظيرتها غير المصدرة.
أحمد رضوان: على فترات دائمًا وخاصة في الأوقات التي نمر فيها بضغوط اقتصادية تعلن الحكومة عن حوافز للصناعة، ومنذ أكثر سنتين يتم الحديث كل بضعة أشهر عن حوافز جديدة للصناعة وتوطين الكثير من مدخلات الإنتاج، كما أن مطالب المصنعين دائمًا مطروحة على مائدة الحكومة وأنت عضو بالبرلمان وأيضًا في اتحاد الصناعات.
كيف يتم إعداد هذه الحوافز؟ هل يتم رصدها من أهل الصناعة ثم تدرسها الحكومة؟ أم يتم وضعها بمعرفة الحكومة وتطبق على رجال الصناعة؟ والسبب في هذا السؤال هو أن كل مبادرة خرجت من الحكومة تم عمل تعديلات عدة عليها بعد صدورها.
فبعد إطلاق المبادرة نجد أن هناك مشكلة في مدى فاعليتها بالوضع الذي أطقلت عليه فيتم بعد ذلك إدخال بعض التعديلات عليها لتدارك هذا، مثلما حدث في مبادرة السيارات للمصريين في الخارج على سبيل المثال، والتي تم إدخال تعديلات عليها 4 أو 5 مرات خلال 4 أشهر وهذا يشير إلى عدم وجود تواصل.
والآن يتم الحديث عن حوافز جديدة للصناعة وعن صناعات بعينها سيتم منحها إعفاءات ضريبة كبيرة.. فهل اتحاد الصناعات له دور في تحديد تلك الصناعات؟ وهل موافق أن تكون الحوافز خارج ضريبة القيمة المضافة أم يريدها في نطاق القيمة المضافة؟ وما هي رؤية اتحاد الصناعات لهذه الحوافز؟
د. شريف الجبلي: اتحاد الصناعات له رئيس وهو من له الحق في الحديث في هذا الشأن وهو المتحدث باسم الاتحاد، ولكن دعني أعلق على موضوع الحوافز فهناك مجموعة من التيسيرات أعلن عنها الرئيس لعدد من الصناعات.
أحمد رضوان: الحكومة أعلنت أنها بصدد وضع مشروع قانون بتفاصيل المبادرة.
د. شريف الجبلي: نعم.. والذي تضمن خمس سنوات إعفاء للمستثمر، بالإضافة إلى تحمل 50% فقط من قيمة الأرض في حال كان المشروع يسير في وقته، وكل هذه الأشياء جيدة جدًّا، ولا يستطيع أحد رفضها لأنها تحفز الصناعة.
من الصعب بناء صناعة على إقراض بفائدة تصل إلى 22%
أرى ضرورة أن يكون هناك تواصل دائم بين مجتمع الأعمال ممثلًا في اتحاد الصناعات وفي الاتحاد العام للغرف التجارية وأيضًا اتحاد المستثمرين وجمعية رجال الأعمال، من خلال لجنة على سبيل المثال تجتمع شهريًّا لمناقشة التحديات لتحقيق عنصر التواصل.
وبناء على نتائج اجتماع اللجنة يعرض على أهل الخبرة لرصد آرائهم التي قد تكون مختلفة، لذلك أفضل أن تكون هناك لجنة للتواصل بين ممثلي مجتمع الأعمال والحكومة، لا يستطيع كل طرف العمل بمفرده، لا بد أن تستمع الأخيرة لآراء المستثمرين في مختلف القطاعات مثل السياحة والزراعة على سبيل المثال ورجال الصناعة والتجارة.
دائمًا كنت أرى ضرورة لتحقيق عنصر التواصل حتى لو كانت المبادرة أو القانون الصادر لدعم الصناعة عبارة عن رد فعل، وهذا يتحقق بلجنة تتكون من ممثلي مجتمع الأعمال والحكومة، وذلك استنادًا إلى النية الجيدة لإعطاء حوافز ومساعدة الاستثمار، وهذا جيد جدًّا خاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بذاته يشجع الصناعة، وأطلق مبادرة ابدأ لتشجيع الصناعة المحلية.
مبادرة الـ 8% شجعت على الاستثمار الصناعي
ولتحقيق هذا الهدف يتم دراسته بين الجانبين (ممثلو مجتمع الأعمال والحكومة) وبناء عليه يمكن أن تصدر قوانين عملية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.
ياسمين منير: في ضوء الحوافز أو التصريحات المعلنة في ما يتعلق بتشجيع الصناعة، هل ترى بعض الأشياء تم إغفالها أو إحدى النقاط كانت مطلبًا للمصنعين في حاجة لتداركه، بمعنى هل هناك نقاط واضحة اعتمادًا على تجاربك بالأسواق الخارجية أو التي تقدم حوافز للمستثمرين أو بناءً على الوضع الاقتصادي القائم؟
د. شريف الجبلي: بالنسبة للمستثمر المحلي في قطاع الصناعة على سبيل المثال، يواجه فائدة على الإقراض تتراوح ما بين 20% – 21%- 22%، فمن الصعب أن تبني صناعة.
لكن عندما كانت هناك فائدة 8% شجع ذلك بشكل كبير على الاستثمار الصناعي، لأنها نسبة تتراوح بين 8 إلى 10% جيدة، وذلك لأن أي مستثمر لا بد أن يتجه إلى الاقتراض.
أحمد رضوان: فائدة 8% التي كانت ضمن مبادرة البنك المركزي المصري لدعم الصناعة؟
د. شريف الجبلي: نعم التي كانت داخل المبادرة وتم إلغاؤها وإطلاق مبادرة جديدة بعائد 11%، ولكن المبادرة السابقة كانت مفتوحة وتعطي مجالًا كبيرًا لتوسيع الاستثمار الصناعي، وأؤكد على ضرورة وضع ضوابط حتى لا يسيء الناس استخدامها، ولكن رفع الفائدة الآن إلى 22% أدى إلى عزوف المستثمرين عن الاقتراض.
المبادرات لا بد أن تحاط بضوابط حتى لا يساء استغلالها
وأيضًا ما يخص الأراضي الصناعية، هناك فرق كبير في الأسعار بين الأراضي المباعة بين المطور الصناعي وبين الحكومة، لصالح المطور الصناعي والذي يبيع أغلى من الجهات الأخرى.
قابلت أحد المطورين في إحدى الندوات التي كنت أديرها، وتركزت مشكلته في إنفاق أموال كثيرة على البنية الأساسية.
أحمد رضوان: وهل البنية الأساسية التي يبيعها المطور الصناعي بأرضه بنفس المستوى لدى الحكومة، خاصة وأن المتداول أن الأخيرة تبيع أراضي قد ينقصها بعض المرافق مثل الكهرباء وغيره؟
د. شريف الجبلي: طبيعي لأن المطور الصناعي محترف، وعمله هو إنشاء مدن صناعية، فبالتالي ينشئها “كما يقول الكتاب” طالما قامت الحكومة بتوصيل حتى السور الخاص به الغاز والمياه والكهرباء، يقوم بعد ذلك بتوصيل كل تلك الخدمات إلى داخل المنطقة، فلا يمكن أن تكون هناك صناعة دون مرافق، وبالتالي يطلب المطور الصناعي مبلغًا أكبر لأنه دفع مصروفات أكثر من الحكومة.
فرق كبير في الأسعار بين أراضي المطور الصناعي والحكومة
الحكومة تسعى لوضع حد أقصى لهذا الأمر، لكن في النهاية العملية هي عبارة عن تكلفة، لذلك فإن الأراضي الصناعية التي تبيعها الحكومة أقل تكلفة، على الرغم من أن المتداول أنها ينقصها بعض المرافق، ولكن ستجد أيضًا أراضي جيدة، فعلى سبيل المثال مدينة السادات هي أرض حكومية وكانت الأرض مرفقة وجيدة.
يوجد على الحكومة أعباء كثيرة لا يمكنها القيام بكل شيء، فهنا يظهر المطور الصناعي.
الحكومة عليها الاهتمام بإنشاء أراض للصناعات الصغيرة والمتوسطة في المقام الأول، لأنها لن تستطيع تحمل تكلفة الأراضي التي يبيعها المطور الصناعي بسهولة.
المطور ينشئ مدنًا صناعية «كما يقول الكتاب»
على الحكومة التركيز على الصناعات الصغيرة والمتوسطة وتطويرها من خلال إنشاء مجمعات على سبيل المثال لصناعة البلاستيك، وترك المجال للصناعات التي تتحمل التكلفة للمطور الصناعي لأن المصنعين الذين يتحملون تكلفة وحدات المطورين يحتاجون إلى وحدات مرفقة ستوفر عليهم بعض الأمور.
أما العقبة التي حدثت في بعض الأراضي الحكومية فكانت في الوسطاء الذين يقومون بحجز أراض كثيرة، ثم بعد ذلك يقومون ببيعها بسعر أعلى، لذلك لا بد من إيقافهم والسيطرة عليهم.
رضوى إبراهيم: فيما يخص الفرق الذي تقدمه الحكومة في سعر الأراضي بالمقارنة مع المطورين الصناعيين وهم يمثلون القطاع الخاص.
ما هو شكل المنافسة بين الحكومة والقطاع الخاص في النشاط الصناعي بمجالاته المختلفة؟ خاصة أن الصناعة كان لها نصيب كبير من تخارجات الحكومة التي أعلنت عنها في وثيقة سياسة ملكية الدولة، تم جزء منها وما زال جزء كبير لم ينفذ.
ما المتوقع بعد إتمام تلك التخارجات؟ كيف سيكون الوضع؟ وكيف ترى الوضع في الوقت الراهن على مستوى المنافسة بين القطاع الخاص والحكومة؟
د. شريف الجبلي: المنافسة بين القطاع الخاص والحكومة لا تكون عادلة، لأن الأول يتخذ قراراته بصورة أسرع، ودراساته تكون أكثر دقة لأنه يستثمر بأمواله، يبحث دائمًا عن الخيار الأفضل والأقل تكلفة.
على الحكومة أن تهتم بتوفير الأراضي للصناعات الصغيرة والمتوسطة
أما الحكومة فهي كيانات كبيرة، هناك بعض الأمور يتم التغاضي عنها، لذلك أرى أن القطاع الخاص هو الذي يقود التنمية في الوقت الحالي.
أحمد رضوان: ما هي أبرز الصناعات التي لها أولوية في الحصول على حوافز؟
د. شريف الجبلي: من وجهة نظري الشخصية، في الصناعة بشكل عام بعد جائحة كورونا والحرب والأحداث التي شهدتها الأسواق في الفترة الأخيرة، يجب أن يكون المكون المصري بنسبة كبيرة في الصناعة المصرية، بمعنى أن التكلفة بالجنيه المصري تمثل ما بين 60% إلى 70% على الأقل.
أقترح إنشاء مجمعات للصناعات الصغيرة والمتوسطة
توجد لدينا خامات كثيرة يمكن استغلالها ونصنعها بدلًا من تصديرها، منها الرمال البيضاء المصدر الأساسي في صناعة الزجاج، يتم تصدير جزء كبير منها ويوجد جزء منها يستخدم في الصناعة، لكن يمكننا تدشين مركز كبير لصناعة الزجاج على مستوى العالم.
أحمد رضوان: هذا يعني أن الحوافز مبنية على نسبة المكون المحلي؟
د. شريف الجبلي: طبعًا، يجب التركيز على الأشياء التي تمنحنا الميزة النسبية، فلا يمكن الدخول إلى صناعة نستورد 90% من الخامات الخاصة بها، فالظروف التي تشهدها الأسواق اليوم أثبتت هذا الحديث.
الوسطاء عقبة تواجه الاستفادة بالأراضي الحكومية
الحكومة تشجع سياسة إحلال الواردات ووضعت 152 سلعة وصناعة يمكن العمل بها، بالفعل هدف نبيل وجميل، ولكن ليس كل شيء يمكن إنتاجه في مصر على أسس اقتصادية، لأن بعض الصناعات تعتمد على استيراد كل شيء بها، فتكون التكلفة مرتفعة.
توجد بلدان مثل الصين والهند تعمل على جانب الكم، فتنتج سلعًا بكميات كبيرة، أما نحن في مصر فيمكننا التركيز على إمكانياتنا من ثروات ليست قليلة، ومنها مشروع الرملة السوداء يمكن أن نبني عليه صناعات كثيرة.
على مستوى الغاز أرى أن مشروع الغاز هو قاطرة للصناعة، هناك 80% منه يذهب لتوليد الكهرباء، وهذا ليس بصحيح لأنه يمكن الاعتماد على الغاز لبناء مجموعة من الصناعات الأساسية التي تخرج منها صناعات تحقق قيمة مضافة وتخلق صناعات صغيرة ومتوسطة عليها، منها صناعات البتروكيماويات وينتج منها خام البلاستيك الذي تحصل عليه المصانع الصغيرة وتحوله إلى منتج نهائي.
أهمية زيادة المكون المصري في الصناعة بنسبة كبيرة
ليس من الضروري أن يكون مصنعًا كبيرًا يحتوى على ماكينات حقن، على شرط أن تكون الخامات منتجة في مصر لتكون التكلفة مناسبة، فالغاز تقوم عليه صناعات مثل البتروكيماويات والأسمدة والحديد والصلب، والزجاج.
اليوم عند حرق الغاز بمحطات الكهرباء تضيع فرصة بديلة للنمو ولزيادة الناتج المحلي، ففي الوقت الراهن نقوم بتصدير الغاز لظروف نقص العملة الصعبة، لكنني أرى أنه يجب أن يوجه 50% من الغاز تجاه القطاع الصناعي كمدخل إنتاج.
حرق الغاز بمحطات الكهرباء يضيع فرصة بديلة للنمو
ياسمين منير: فيما يخص بيئة ممارسة الأعمال بدأت العمل في مصر فور عودتك من الخارج قبل سنوات طويلة وحضرت بداية الانفتاح في تسعينيات القرن الماضي ومررت بحقب عديدة.. كيف ترى وضع التشريعات وبيئة ممارسة الأعمال بعد كل هذه الرحلة الطويلة؟ وما هي الأمور التي لا تزال مستمرة حتى الآن؟ وما المستجدات التي تتطلب تدخلًا ما بناء على خبرتك الطويلة؟
د. شريف الجبلي: على سبيل المثال قانون الصناعة يجب أن يتم تغييره، حيث استمر لسنوات طويلة رغم الاحتياج لتعديله بالكامل، وأظن أنه بدأت مناقشة ذلك في مجلس النواب بلجنة الصناعة حاليًا.
لدينا خامات يمكن استغلالها بدلًا من تصديرها
أحمد رضوان: مناقشة مشروع أم الفكرة نفسها؟
د. شريف الجبلي: نحن نمتلك مشروع صناعة ولكنه قديم للغاية، فحاليًا نناقش مشروعًا جديدًا يعالج كل التطورات والتغيرات التي حدثت خلال السنوات الماضية.
ضرورة إطلاق شركات في دول إفريقيا وتنفيذ مراكز لوجيستية
أحمد رضوان: أقصد أن هناك مشروعًا بالفعل يتم مناقشته الآن، أم يجري مناقشة فكرة إعداد مشروع؟
د. شريف الجبلي: يجري مراجعة المشروع القديم والتعديلات المطلوبة فيه، على أن تتم إضافة أي تعديلات جديدة مطلوب إضافتها، وهو ما بدأنا تنفيذه مع نهاية الموسم التشريعي المنقضي، وبالتالي ستتم مناقشته بشكل أكبر خلال الموسم التشريعي المقبل.
البنوك المغربية فتحت فروعًا كبيرة في إفريقيا وتحقق مكاسب جيدة
قانون الاستثمار شهد العديد من التعديلات والمستمرة حتى الآن، كما أن هناك رئيسًا جديدًا للهيئة العامة للاستثمار قادم من القطاع الخاص، وبالتالي عليه دور كبير وهام في هذا الملف، من خلال الدراسات والتعديلات ومناقشة مجتمع الأعمال وهذه نقطة هامة ومن الضروري جدًّا ربط أعمال الهيئة مع مجتمع الأعمال، وأكررها مجددًا أن سياسة رد الفعل سيئة للغاية.
استمرار التعديل على قانون الاستثمار حتى الآن
رضوى إبراهيم: أريد الانتقال للحديث عن إفريقيا نظرًا لتوليك رئاسة لجنة الشؤون الإفريقية في البرلمان، فعلى مر السنوات الماضية يدور الحديث حول أهمية علاقتنا مع إفريقيا والتي من المفترض أن تكون منجم ذهب لمصر خاصة أنها القارة التي ننتمي إليها، كما أن أسواقًا عديدة قد تحتاج إلى الكثير من مصر، فهل ترى أن مصر اتخذت تحركات جادة على مستوى الحديث الذي يتم تداوله في هذا الملف أم لا؟ ولماذا؟
د. شريف الجبلي: على المستوى السياسي في إفريقيا مصر في وضع قوي في الوقت الحالي، فرغم بعدنا عن إفريقيا خلال فترة من الفترات، إلا أنه منذ قدوم الرئيس السيسي وتوليه رئاسة الاتحاد الإفريقي أصبحت لنا علاقات جيدة مع الكثير من الدول الإفريقية حاليًا.
الدور الأكبر لتعظيم التعاون الاقتصادي بالقارة يقع على القطاع الخاص
أما من الناحية الاقتصادية ينقصنا الكثير، خاصة أن بطبيعتنا حتى على مستوى المصدرين نهتم دائمًا بالدول الصناعية، أو دول آسيا بفضل سهولة التعامل معها مقارنة بدول إفريقيا والتي تمتلك طبيعة خاصة في التعامل، فالمستورد الإفريقي يمتلك ثقافة مختلفة عن أي مستورد آخر.
بدء مناقشة تعديلات قانون الصناعة في لجنة بمجلس النواب
في أوروبا على سبيل المثال يمكن التعامل عن طريق البريد الإلكتروني مباشرة في عمليات عرض السلع والمواصفات وتحديد الأسعار وإنهاء الاتفاقات وذلك بعد التأكد من وضع الشركة في مصر، بعكس المستورد في إفريقيا الذي يريد رؤية البضائع بعينه، وبالتالي يجب تنفيذ الفكرة التي أطلقناها منذ عدة سنوات بعمل مراكز لوجيستية في الدول الإفريقية لتصدير منتجاتنا إليهم ليروها جيدًا وبناء عليه يقومون بشرائها، فهناك لا يعملون إلا بهذه الطريقة وأي طريقة بخلاف ذلك ستكون صعبة.
التعليم الجيد وعدم التسرع في تنفيذ الطموحات أبرز النصائح
لهذا السبب الصادرات إلى دول إفريقيا تمثل 1% من الواردات من إفريقيا وهو رقم غير مفهوم بالطبع رغم امتلاك اتفاقية الكوميسا وغيرها، وذلك بسبب عدم المجازفة، حيث يجب إطلاق شركات في دول إفريقيا وتنفيذ مراكز لوجيستية، كما يجب على البنوك المصرية افتتاح فروع لها في دول القارة، هناك بنك مصري استحوذ مؤخرًا على بنك في كينيا، ولكن البنوك الرئيسية مثل الأهلي ومصر والقاهرة يجب أن تفتتح فروعًا وتنتشر في الأسواق الإفريقية، وعدم الاكتفاء بمكاتب التمثيل.
إذ إن اتخاذ قرار استثماري بالعمل في إحدى الأسواق الإفريقية في حاجة ملحة لتواجد بنك مصري في هذه السوق، فالبنوك المغربية على سبيل المثال منتشرة بشكل كبير في إفريقيا وتحديدًا في أسواق غرب إفريقيا ويحققون مكاسب جيدة.
أحد البنوك المغربية المنتشرة في إفريقيا ومتواجد في السوق المصرية يحقق هدفين، أولهما تحقيق مكاسب وأرباح جيدة وثانيهما تشجيع المستثمر والتاجر المغربي على التصدير للدول الإفريقية.
رضوى إبراهيم: نفهم من ذلك أن التعامل في إفريقيا كما يجب أن يكون يتطلب خطوة أولية من الحكومة حتى يتمكن القطاع الخاص القيام بدوره هناك؟ وأين نظرية العائد مقابل المخاطرة التي يتبناها القطاع الخاص إذ إنه كلما ارتفعت المخاطر زاد العائد من الاستثمار؟
د. شريف الجبلي: الدور الأكبر هنا على القطاع الخاص وليس الحكومة، كانت هناك تجربة للحكومة متمثلة في شركة النصر للاستيراد والتصدير خلال فترة سيتينيات القرن الماضي وكانت تجربة رائدة ونجحت، وتحولت النصر حاليًا إلى شركة جسور ويحاول وزير التجارة والصناعة إعادة إحيائها مرة أخرى.
ولكن القطاع الخاص له دور بالذهاب إلى إفريقيا حاليًا واتخاذ المخاطرة المطلوبة، حيث سيجد الدول مفتوحة أمامه للعمل، وفي هذا الأمر أوجه اللوم للقطاع الخاص وليس الحكومة.
أحمد رضوان: نود الخروج من محور إفريقيا إلى الحديث عن صلب رحلتك.. نريد توجيه رسالة إلى الشباب بناء على الخبرات التي اكتسبتها ونحاول تلخيصها لهم إما عن طريق طرح عدد من النصائح الواضحة أو تسليط الضوء على بعض النقاط التي كانت تمثل تحديًا أو عقبة أمامك وتمكنت من تجاوزها واختلفت الأمور من بعدها.
د. شريف الجبلي: الأمر الأول هو التعليم الجيد بالطبع، ثانيًا ضرورة عدم الإسراع في تحقيق الطموحات، فبكل تأكيد وجود طموحات أمر ضروري ولكن يجب ألا يكون أكثر وأسرع من اللازم، كما يجب الصبر على تنفيذه، فالسرعة في مثل تلك الأمور غير مطلوبة.
حصلت على بكالوريوس الهندسة ثم درجة الدكتوراه قبل العمل في الخليج 3 سنوات بمشروعات بتروكيماويات وغيرها
فعلى سبيل المثال بعد حصولي على بكالوريوس الهندسة قمت بالحصول على درجة الدكتوراه في الهندسة، ثم العمل في الخليج لمدة 3 سنوات في مشروعات بتروكيماويات وأمور أخرى، ثم بدأت أميل إلى ترك الخليج، ليتم قبولي في شركة متعددة الجنسيات وكانت من أكبر الشركات عالميًّا في مجال الكيماويات لأستمر فيها 8 سنوات، وميزة الشركات متعددة الجنسيات اكتساب الخبرات الكبيرة، كما أن الكفاءة هي المعيار الوحيد والأوحد في الترقي داخل الشركة.
وبالفعل تم قبولي في الوظيفة وعدت إلى مصر، والتقيت مدير الشركة صاحب الجنسية الإنجليزية، ومن الأمور الغريبة أن الشركة تنتج نحو ألفي منتج من المواد الكيماوية ومنها منتجات كثيرة يسهل بيعها، إلا أن المدير اختار منحي مادة “قاتلة” لا يوجد طلب عليها ولا يتم بيعها، بجانب ملف يخص المادة، ومع فتح الملف وجدت في الصفحة الأولى منه رسالة من مدير التسويق المسؤول عن إدارة المادة ومدى ربحيتها يقول فيها “أهلًا بك شريف الجبلي في مصر مقبرة هذه المادة”.
عملت بأكبر الشركات العالمية بمجال الكيماويات 8 سنوات
ونظرا لقدومي من الخارج حصلت على أجر أعلى من الموظفين المصريين المقيمين في مصر وكان المرتب بعملة الدولار حينها، فكان المدير الإنجليزي يتعجب من حصولي على هذا الراتب رغم أني مصري، فكان لديهم حينها نوع من العنصرية بعض الشيء.
وبعد التمعن في الملف والمادة التي سأتولى العمل عليها، وجدت أن لها مشتريًا واحدًا في مصر، فهي مادة هندسية قوية للغاية تستعمل في صناعة السيارات من الفئات العالية مثل المرسيدس وBMW لكونها ضد الصدأ، فهي متطورة هندسيًّا للغاية ولم يكن لها سوق كبيرة حينها.
بالاجتهاد والمثابرة أصبحت مدير عام الشركة في الشرق الأوسط بعد 3 سنوات عمل
هذه المادة لها عميل واحد فقط في مصر، وكان يوجد رجل أعمال يقوم بصناعة مواسير الصرف الصحي، فذهبت إليه وأخبرته عن تفاصيل المنتج في عدة زيارات متكررة، وبقيت لمدة 6 أشهر في محاولة لبيع هذه المادة، وخلال هذه المدة أحضرت مهندسًا لإجراء بعض التجارب، وفي أحد الأيام تواصل معي عميل وأخبرني عن قراره بصناعة الماسورة من المادة وقام بشراء 100 طن، وهذه كانت بداية الوصول لمكانة مرموقة في الشركة.
علاقاتي في وظيفتي السابقة ساعدتني في إنشاء مصنع السماد
ونصيحتي للشباب من حكايتي السابقة، هب أنني اجتهدت ولم أفقد الأمل طوال هذه الفترة مع المثابرة، وخلال 3 سنوات أصبحت مديرًا عامًّا للشركة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثم انتقلت للعمل في الإدارة الرئيسية بعد 7 سنوات من العمل، وقد خيرت بين العمل في سويسرا في الجزء الذي يدير أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا أو الذهاب إلى أمريكا، بعدها حدثت لى ظروف عائلية منعتني من السفر للخارج، واخترت أن أبدأ العمل في القطاع الخاص، وساعدتني علاقاتي في الشركة السابقة على إنشاء مشروع سماد جديد بالشراكة مع ابن عمي، وبدأت إنشاء مصنع صغير ثم انتقلنا للعمل في التجارة ثم الصناعة، وبدأ العمل في التطوير.
بدأت العمل الخاص بإنشاء مصنع صغير ثم انتقلت للعمل بالتجارة ثم الصناعة
وأهم نصيحة أوجهها للشباب هي: النمو تدريجيًّا في العمل مع وجود طموح، بجانب الابتعاد عن التفكير التقليدي والسعى للأفكار الخارجة عن المألوف والتي تتمتع بحلول مختلفة، وحتى الآن ما زلت أقرأ كثيرًا وأبحث عن الأفكار الجديدة في مجال عملي في الشركة من ناحية الإستراتيجية والتغيرات الجديدة، لذلك يمكن بدء أي طموح بخطوة.
أحمد رضوان: خطوة خطوة لطموح عال ويصل إليه.
د. شريف الجبلي: نعم.
ياسمين منير: د. شريف.. في اختيارك لكوادرك هل تفضل أصحاب الخبرات والتعليم بالخارج في الأساس؟
د.شريف الجبلي: لا، في بدايتي لم يكن لدي الإمكانيات لتعيين شباب من خريجي الجامعة الأمريكية وجامعات أوربا، وبدأت بتعيين خريجين جدد من جامعات مصرية، وعملت معهم خطوة بخطوة، حتى إن بعضهم لا يزال معي، وعلمتهم جيدًا كيفية إدارة الوقت، حتى إن أي اجتماع لنا يكون بحد أقصى ساعتين.
نصيحتي للشباب بالنمو تدريجيًّا في العمل والحفاظ على الطموح
رضوى إبراهيم: في إطار التوصيات والنصائح للجيل الجديد، هل يمكن أن تطلعنا على جزء من خبرة حضرتك بعد تأسيس الشركة والبدء من جديد بعد احتلالك مكانة مرتفعة جدًّا في شركة كبيرة، من ناحية عدد ساعات العمل في أول تأسيس الشركة؟ وبعد كم عام من عمر الشركة فكرت في تقليل مدة العمل.. وما تقييمك للراتب الذي كنت تستحقه، ما الذي كنت تعتمد عليه؟ كيف استطعت ألا تظلم نفسك أو الشركة؟
د.شريف الجبلي: في الشركة متعددة الجنسيات كنت أعمل كأنها شركتي من ناحية مصروفاتي، وأعمل 9 أو 10 ساعات يوميًّا، لأنني كنت أحب مهنتي ولا انتظر التقدير، لذلك لم أكن أعمل كموظف، خصوصًا لأنني كنت مدير الشركة الوحيدة الموجودة في المنطقة، لذلك كنت أتعامل معها كأنها شركتي، ثم فتحت أسواقًا في السودان وإثيوبيا وتعلمت.
أوجه الجيل الجديد بالابتعاد عن التفكير التقليدي والسعي للأفكار الخارجة عن المألوف
رضوى إبراهيم: في شركتك الخاصة كم عدد ساعات العمل؟
د. شريف الجبلي: في شركتي بلا حدود، منذ أن بدأت وحتى الآن.
رضوى إبراهيم: هل فكرت في تقليل ساعات العمل بعد فترة من الوقت، خصوصًا أن العديد من رجال الأعمال يرون أنه من الضروري إعادة الحسابات في مدة العمل؟
د. شريف الجبلي: هذا نظام الجيل الجديد ورأيه في العمل
رضوى إبراهيم: ما رأيك في هذا النظام؟
د. شريف الجبلي: هنا يختلف المؤسسون عن الجيل الجديد للشركة، فجيل الأبناء كثيرًا ما يتحدثون عن جودة الحياة والعائلة، لكن نحن زمان كنا نعمل طوال اليوم وتتولى الزوجة أمور تربية الأبناء ورعايتهم، فإذا لم أعمل زمان بهذه الطريقة لما أصبحت الأمور بهذا الوضع في الوقت الحالي.
رضوى إبراهيم: كل شيء وله ثمن؟
د. شريف الجبلي: بعد الاعتياد على أسلوب بعينه يكون من الصعب تغييره.
بدأت بتعيين خريجيين جدد من جامعات مصرية وعملت معهم خطوة بخطوة
رضوى إبراهيم: بالنسبة للجزء الثاني من السؤال.. كيف يمكن لصاحب القرار أن يقيم نفسه دون أن يضر باستقرار شركته؟
د.شريف الجبلي: مؤسس الشركة يقيّم نفسه قبل تقييم الشركة، من خلال وضع معايير للشركة ورؤية أرباح الشركة.
رضوى إبراهيم: هل تنصح رواد الأعمال بأن يكونوا حريصين دائمًا على بقاء جزء من الأرباح دون توزيعه؟ أم ترى أن إعادة استثمار الأرباح أفضل لضمان استقرار الشركة في مرحلة البداية؟
د .شريف الجبلي: في مرحلة معينة يجب إعادة استثمار الأرباح بكل تأكيد لمدة تصل إلى 4 أو 5 سنوات على الأقل إذا كانت الشركة في بداية النشاط، خاصة أنه في حال التقاعس عن العمل والتطور سيتجاوزها المنافسون.
أحمد رضوان: هل قدرة صاحب شركة في بداية نشاطها على مواجهة الأزمات تختلف عن آخر ذي باع طويل في المجال؟
د. شريف الجبلي: بكل تأكيد.
أحمد رضوان: ما هي الرسالة الموجهة لأسرتك بعد رحلتك الطويلة من العمل؟
د.شريف الجبلي: أسرتي ساهمت في جزء كبير من نجاحي، وبالأخص زوجتي التي شاركتني الجزء الأكبر من هذا النجاح، حيث تحملت مسؤولية كبيرة خلال رحلة عملي، كما أنها أحسنت تربية الأبناء وأعدتهم لتحمل المسؤولية والتحلي بالأخلاق العالية، ما جعلهم يشعرون بأهمية الاجتهاد في العمل.
أسرتي ساهمت كثيرًا في مسيرة نجاحي والزوجة لها الفضل الأكبر
ياسمين منير: معني ذلك أن الزوجة ساعدتك في الانطلاق لتحقيق نجاحات العمل؟
د.شريف الجبلي: بكل تأكيد.. بنسبة مليون في المائة.. خاصة أنها دعمت قرار إنهاء عملي بالخارج والاستقرار في مصر، وكان صائبًا، لا سيما وأن الشركة الدولية التي كنت أعمل بها كانت ستستغني عن خدماتي فور بلوغي سن الـ 50 بحجة تقدمي في العمر، وبالتالي أفقد فرصة العثور على عمل آخر في هذا السن المتقدم.
وقت اتخاذ هذا القرار تملكني هاجس بأنني فقدت فرصة عظيمة في العمل، إلا أنني بعد تحقيق النجاح في مصر أدركت أن ذلك كان فضلًا من الله، بجانب صلاح حال الأبناء والتزامهم، وذلك هو الأهم.
في الماضي كنا نعمل طوال اليوم وتتولى الزوجة أمور تربية الأبناء
ترابط الأسرة والتفاهم فيما بينهم أمر مهم للغاية لتحقيق النجاح، عكس الأسر غير المترابطة والتي لا تستطيع تخطي الكثير من الأزمات، بالأخص إذا تعلقت بالأبناء، فضلًا عن القيود التي تفرضها عند اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالعمل.
أصعب مواجهة في الحياة هي التعامل مع مشاكل الإنسان، عكس الآلات والماكينات التي يمكن التعاطي مع مشاكلها وحلها، بينما من الصعب التعامل مع اختلاف توجهات البشر، خاصة إذا تعلق الأمر بالأبناء.
ألحقت ابني الأكبر بكلية الهندسة في القاهرة ورفضت دراسته بالخارج حفاظًا على هويته المصرية
فمثلًا قررت إلحاق الابن الأكبر بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، وعدم سفره للخارج مثل باقي زملائه، على عكس رغبته رغم حصوله على درجات مرتفعة، ما تسبب في خلافات كبيرة معه، وكانت رغبتي هي بقائه في بلده والدراسة بجامعة عريقة، والحفاظ علي هويته المصرية، لأن الاستقرار في المجتمعات الغربية سيجعله يفقدها.
الصعوبة في إقناعه بالقرار هي أن غالبية زملائه التحقوا بجامعات خارج البلاد في اعتقاد منهم أنهم سيحصلون على فرص أفضل في التعليم، ومن بقي منهم تم الحاقهم بالجامعة الأمريكية، وبالتالي أصبح الوحيد من دفعته الذي التحق بجامعة حكومية، ورغم ذلك تقبل قراري واندمج بدراسته والحياة في مصر، كما أنه أصبحت لديه القدرة في التعامل مع العمال بمصنعي في أبو زعبل، فضلًا عن تأديته الخدمة العسكرية.
أبنائي شرفوا بأداء الخدمة العسكرية وساهمت في ضبط بوصلة حياتهم
وبالنسبة للابن الأصغر رغم التحاقه بالجامعة الأمريكية وسفره لمدة عامين في كندا، إلا أنه عاد وتأقلم مع المجتمع المصري، بجانب تأديته الخدمة العسكرية التي ساهمت في ضبط بوصلة حياته.
وأخشى أن يتسبب التعليم في الخارج لمدة طويلة في تذمر الشباب علي الحياة في بلادهم عند عودتهم ورفضهم لنمط المعيشة.
أحمد رضوان: التعايش في مجتمعات ذات ثقافات مختلفة يجعل الشباب متأثرين بها.. هل ذلك صحيح؟
د.شريف الجبلي: صحيح.. هذا ما زاد تصميمي على إلحاق الابن الأكبر بجامعة حكومية مصرية، رغم عدم تقبله ذلك في بادئ الأمر، ونشوب خلافات كبيرة معه في محاولة لإقناعه بذلك، لا سيما مع تأثره بسفر زملائه للدراسة بالخارج أو التحاق بعضهم بالجامعة الأمريكية في مصر، ولم يكن هذا أمرًا يسيرًا، ولم يصدق أصدقائي أنني فعلت ذلك.
رضوى إبراهيم: قرارك هذا كان نابعًا من إدراك مجموعة الشركات لأوضاعها ومستقبلها لذلك فضلت عمل أبنائك في مصر.. وإذا لم يكن ذلك اتجاه حياتك وفي حال استمرارك بالعمل خارجيًّا لدى الشركات العالمية هل سيكون لديك نفس الإصرار على استكمال أبنائك دراستهم في مصر؟
د.شريف الجبلي: يمكن لا.. لأنه في حالة استمرار عملي خارج البلاد لدى شركات متعددة الجنسيات، فمن المؤكد أن أبنائي يتلقون تعليمهم بالخارج، ولن يحدث الانفصال الذي سعيت إلى تحقيقه حاليًا.
ميزة الشركات متعددة الجنسيات اكتساب الخبرات الكبيرة واعتمادها على الكفاءة كمعيار أوحد في الترقي
أحمد رضوان: ما هي الرساله الموجهة لجميع الموظفين وزملاء المجموعة؟
د.شريف الجبلي: أشكرهم كثيرًا على جهدهم معي وروحهم الجميلة، وكذلك دعمهم.. ولدي علاقات ممتازه مع جميع العاملين، ونحن حريصون على حمايتهم والحفاظ عليهم وكذلك دعمهم لأنهم يمثلون جزءًا كبيرًا من منظومة النجاح، لأنها ليست حكرًا على الإدارة بمفردها وإنما بمجموعة عمل قوية، ومن دونها فلن نستطيع تحقيق النجاحات أو الخطط المستهدفة.
رضوى إبراهيم: هل التوسع الخارجي ضمن خططك خلال الفترة المقبلة؟.. وما هي الأسواق التي من الممكن الدخول بها، سواء عن طريق استحواذات أو شراكات مع مستثمر محلي منها.. وما هي الأسواق التي من الممكن أن تأخذ مبادرة لتأسيس عمل جديد بها.. وما هي خطتك لزيادة صادرات مجموعة شركاتك والأسواق المستهدفة؟
د.شريف الجبلي: حتى نكون واضحين في هذا الأمر.. إذا كنا نفكر في استحواذات فسيكون في مجالنا وهو الأسمدة والكيماويات، ولا أستطيع التعامل بمجالات أخرى ليس لدينا خبرة بها.
نبحث الاستحواذ على حصص في أسهم بشركات في إفريقيا وآسيا
رضوى إبراهيم: هل هناك مشاريع محل دراسة حاليًا؟
د.شريف الجبلي: نعم.. هناك عدة أشياء في إفريقيا ندرسها حاليًا.
رضوى إبراهيم: كم عدد الفرص المتاحة؟
د.شريف الجبلي: أمامنا حاليًا فرصة واحدة في إفريقيا وأخرى في إحدى الدول الآسيوية.
رضوى إبراهيم: هل من الممكن التعرف على هذه الأسواق؟
د.شريف الجبلي: لا أستطيع ذكرهم حاليًا.. لكن كل ما أستطيع ذكره هو أن الفرصة الأولى ستكون في دولة بالجنوب الإفريقي والفرصة الآسيوية بإحدى الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقًا.
ندرس تنويع التمويلات بين ذاتية وخارجية
رضوى إبراهيم: هل سيتم اللجوء للتمويل الذاتي، أم أن هناك مفاوضات خارجية لتمويل تلك الاستحواذات؟
د.شريف الجبلي: سيكون جزء منها تمويلًا ذاتيًّا وآخر عن طريق تمويلات أخرى، لأنه من غير الممكن الاعتماد على التمويل الذاتي بنسبة 100%.
رضوى إبراهيم: ما هي النسبة المفضلة لاستحواذ التمويلات الخارجية على حجم الفرصة؟
د.شريف الجبلي: طبيعة المشروع هي من تحدد نسبة التمويلات، سواء كانت ذاتية أو خارجية ووفقًا للعائد الداخلي، فإذا كان المشروع يتميز بسرعة التنفيذ فمن الأفضل أن تكون نسبة التمويلات الخارجية 60% و40% للتمويل الذاتي، أما إذا كانت طبيعته بطيئة فالأفضل أن يكون نسبة التمويل الذاتي 60% والخارجي 40%، لأنه في هذه الحالة ستلتهم الفوائد جزءًا كبيرًا من عائد المشروع.
أفضل أن تكون نسبة التمويلات الخارجية 60% من قيمة المشروعات إذا كانت ذات عائد سريع
رضوى إبراهيم: هل هناك دراسة لطرح إحدى شركات مجموعة «بولي سيرف» في البورصة؟
د.شريف الجبلي: أرغب في إرجاء الإجابة عن هذا السؤال.
رضوى إبراهيم: لماذا؟
د.شريف الجبلي: لأنه بالفعل لدينا شركتان من المجموعة مدرجتان في البورصة.. ومن الممكن التفكير مستقبلًا في طرح شركات أخرى.
أحمد رضوان: هل هناك تفكير في زيادة حصص الشركات المدرجة في البورصة؟
د.شريف الجبلي: كيف ذلك؟
رضوى إبراهيم: من خلال طرح حصص إضافية؟
د.شريف الجبلي: في الوقت الحالي ليس في تفكيرنا طرح حصص إضافية من الشركتين المدرجتين في البورصة، خاصةً مع طرح 30% من أسهم كل شركة للتداول، وفي حال الحصول على فرص جيدة سيتم بلا شك طرح مزيد من الحصص للتداول.
وبالنسبة لباقي الشركات ندرس طرحها للتداول في البورصة هي الأخرى مستقبلًا.
رفضت عدة عروض لمستثمرين أجانب لأنها لم تناسب تطلعاتنا
أحمد رضوان: إذا ما تلقيت عرضًا مغريًا للاستحواذ على المجموعة.. هل ستوافق عليه أم ترفضه؟
د.شريف الجبلي: وفقًا لمدى أهمية العروض.
رضوى إبراهيم: ما هي المعايير الخاصة بقبول مثل هذا العرض؟
د.شريف الجبلي: أن تكون الشركه الراغبة في الاستحواذ تعمل بنفس المجال، وكذلك الحصول على موافقة أبنائي على تلك الخطوة، لأنهم من سيكملون المسيرة، وإذا كان العرض لا يمكن رفضه سيكون هناك حديث آخر، وبالتوافق معهم.
لدي صعوبة في مناقشة مثل هذا الأمر والتفكير في بيع جزء من حصة الشركة، خاصة أنني من القلائل الذين لا يعترفون بمبدأ “لا تقع في حب أملاكك”. وبالتالي من الصعب عليّ مناقشة مثل هذه العروض.
لدينا شركتان بالمجموعة مدرجتان في البورصة وندرس طرح شركات أخرى مستقبلًا
أحمد رضوان: هل تلقيت مثل هذه العروض؟
د.شريف الجبلي: بالفعل تلقيت عدة عروض للاستحواذ.
أحمد رضوان: هل كان ذلك في القريب أم قبل فترة طويلة؟
د.شريف الجبلي: كانت بعض العروض من فترة قريبة وأخرى قبل مدة بعيدة.
أحمد رضوان: هل هذه العروض من شركات قطاع عام أم خاص؟
د.شريف الجبلي: جميع العروض كانت من شركات تابعة للقطاع الخاص.
رضوى إبراهيم: هل كانت العروض لمستثمرين مصريين أم أجانب؟
د.شريف الجبلي: أغلب العروض كانت لمستثمرين أجانب، وتم رفضها كلها لأنها لم تناسب تطلعاتنا، وبالتالي لم تتم مناقشتها بالأساس.
بالطبع في حالة الحصول على فرصة جيدة بنظام المشاركة سيتم مناقشة العروض بهدف التوسع في حجم النشاط أو أن يكون الشريك مفيدًا لعملنا ويدعم عمليات التصدير وغيرها من أوجه الاستفادة، وفي هذه الحالة ستكون الشراكة جزئية.
رضوى إبراهيم: هل لديك اهتمام بالأصول التي أعلنت الحكومة أنها محل تخارج؟
د.شريف الجبلي: حتى الآن لا.. لأن الهدف من خطوة الحكومة هو جذب مستثمرين من الخارج لضخ دولارات بالبلاد، وفي حال تغيير السيستم من الممكن التفكير في الأمر.
لدي شروط خاصة لقبول عروض الاستحواذ على المجموعة
أحمد رضوان: ما هي الشركات المطروحة محل اهتمامك؟
د.شريف الجبلي: أي شركة تعمل في مجالنا أو القريبة منه، وبالطبع الأولوية ستكون للشركات التي ستقوم بضخ النقد الأجنبي لأنه المطلوب من تلك الخطوة.
وبسبب التوسعات التي نقوم بها في المجموعة خلال الفترة الحالية، فالأولوية ستكون لضخ استثمارات جديدة بالمشروعات التي نقوم بتنفيذها، مع التوسع في السوق الإفريقية أو البحث عن شراكة مع أحد المستثمرين لزيادة حجم النشاط.
رضوى إبراهيم: هل هناك بدائل مغرية؟
د.شريف الجبلي: بالتأكيد.. فالسوق الأفريقية لديها فرص جيدة وأدوات متنوعة للاستثمار.
أحمد رضوان: ماذا عن أسواق السعودية والإمارات؟
د.شريف الجبلي: السعودية والإمارات لديهما شركات عملاقة منافسة في مجالنا، وجميعها مملوكة للدولة، فضلًا عن طرحها في البورصة، والسعودية لديها شركة “معادن” للاستثمار في مجال الفوسفات وهي عملاقة ومنافس قوي، بالتالي فإن مجال الكيماويات والأسمدة لا يتمتع بفرص كبيرة متاحة للاستثمار.
قطاع الكيماويات والأسمدة لا يتمتع بفرص كبيرة للاستثمار.. ومنافسة قوية مع الشركات الإماراتية والسعودية
ومن الممكن التفكير في الاستثمار في قطاع الصناعات التحويلية والقيمة المضافة، حيث تتمتع بفرص أفضل، ولكن ليس في الوقت الراهن.
أحمد رضوان: نشكر حضرتك جدًّا وسعداء بهذا اللقاء ونتمنى أن نلتقي في ظروف أفضل.
د.شريف الجبلي: أشكركم جدًّا على هذا اللقاء اللطيف.