باسل الحيني: ضرورة الاستثمار في تحسين جودة المنتجات المحلية.. والسياحة ستمتص تأثير أحداث غزة

احتمالات حدوث موجات أخرى من التضخم.. وترشيد الإنفاق ضرورة

حابي _ قال باسل الحيني رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، إن تأثير الأحداث في غزة على النواحي الاقتصادية والمالية في مصر لا يثير القلق، وليس مدعاة لتغيير المسار الاقتصادي.

لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

وأوضح الحيني، في الحلقة السادسة من «حابي بودكاست»، أن تضرر السياحة «فترة مؤقتة للغاية» جاء بعد مرحلة ازدهار شديد «وأعتقد أنها ستعاود الانتعاش سريعًا عندما تتوقف الهجمات الغاشمة من إسرائيل على قطاع غزة»، مضيفًا: «أما سلاسل الإمداد والملاحة وأسعار الطاقة فلن تتأثر، ولذلك لم نلمس أي ارتفاعات سعرية» مقارنة بأحداث أخرى.

ويعتقد الحيني أن دعوات مقاطعة المنتجات الأجنبية ستشجع رواد الأعمال الشباب على التوسع؛ بدعم من الزخم تجاه المنتج المصري في الوقت الراهن، مضيفًا: «أتمنى أن يستغل القائمون على هذه العلامات الوضع الحالي بشكل إيجابي، من خلال ضخ استثمارات في تحسين جودة منتجاتها وعدم لجوئها لرفع أسعارها على المصريين”.

كما تحدّث رئيس بنك التعمير والإسكان عن الوضع الاقتصادي المصري، قائلًا: «ننتظر احتمالات حدوث موجات أخرى من التضخم»، مؤكدًا أهمية ترشيد الإنفاق، العمل بصورة أكبر وخلق الأفكار غير التقليدية.

وإلى تفاصيل اللقاء

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في حلقة جديدة من برنامج حابي بودكاست، الموسم الأول، ونسلط الضوء في هذا البرنامج على الرحلة، وبمناسبة هذا الموسم نرى أن هناك رحلة عظيمة وملهمة يخوضها الشعب الفلسطيني من أجل تحرير أراضيه وحماية بلاده، ونتضامن مع هذه القضية بكل ما أوتينا من قوة وسعة، ونفخر بأهلنا في فلسطين ونتمنى أن نبذل أقصى مجهود في سبيل مساعدتهم، كما نتمنى لهم النصر القريب ونحتقل جميعًا بتحرير أرض فلسطين الغالية.

نستضيف اليوم شخصية متعددة الخبرات، ولها باع كبير جدًّا في القطاع المالي، الأستاذ باسل الحيني رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان، أهلًا وسهلًا بحضرتك، سنتناول تفاصيل السيرة الذاتية الخاصة بالأستاذ باسل على مدار الحلقة، ولكن نود أن نبدأ بالتعرف على رؤيتك لانعكاسات الأجواء المحيطة بالمنطقة على الوضع الاقتصادي في مصر؟ وآخرها الأحداث الدائرة في قطاع غزة .. وكيف يتعامل ويتفاعل الشباب مع هذه القضية من منطلق إدارتهم لأعمالهم؟ وما هي الحسابات التي يضعونها في اعتبارهم في هذه المرحلة على المستوى الاقتصادي؟ ولو هناك رغبة من حضرتك لتوجيه كلمة مرتبطة بهذه الأحداث نتمنى أن نسمعها.

باسل الحيني: أولًا أود أن أشكركم على الاستضافة، فأنا دومًا أسعد بكم، فقد تخيلت في بداية الحديث أنه سيتم الإشارة إلى أنني صديق حابي سواء في الوقت الراهن مع تأسيسكم هذا الصرح العظيم أو عند بدايتكم في المدارس الأخرى، وأرى أن حابي بكل تأكيد من المؤسسات القليلة جدًّا التي تقدم صورة تحليلية للصحافة الاقتصادية، المبنية في الأساس على صحافة الخبر في مصر، وأستمتع بقراءة التحليل الخاص بكم في الحقيقة.

باسل الحيني رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان

أحمد رضوان: شرف لنا أن نستمع لهذا الرأي.

باسل الحيني: في البداية أرى أن تأثير الأحداث في غزة على النواحي الاقتصادية والمالية في مصر لا يثير القلق، وإنما ما يقلقني فقط هو ما ذكرته في بداية حديثك، حيث إننا نعاني من قهر عاطفي وحزن شديد نتيجة الأوضاع المتردية في فلسطين، وقد تكون هذه هي الميزة الوحيدة في هذا الموضوع، حيث فوجئت بأن الشعب المصري كله على قلب رجل واحد تعاطفًا وتضامنًا مع القضية الفلسطينية، وخصوصًا شريحة الشباب، فقد أذهلوني برد فعلهم وجعلوني أشعر أنا والجيل السابق بالإحراج من موقفهم الفعال على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي من أكس (تويتر سابقًا) وإنستجرام والمنصات الأخرى.

فوجئت بالشعب المصري بأكمله على قلب رجل واحد تعاطفًا وتضامنًا مع القضية الفلسطينية

وأعتقد يقينًا أن الشباب استطاعوا تغيير مفاهيم عديدة في الشعوب، وسط دعم عدد من الحكومات للأسف الشديد لهذا العدوان الغاشم على أهلنا في فلسطين، من خلال إجادة الشباب للغة التواصل والمشاركة الفعالة ونشر المقاطع المصورة المدمية للقلوب على وسائل التواصل الاجتماعي المحتلفة، ليلعبوا دورًا إيجابيًّا في هذه القضية.

تأثير الأحداث في غزة على النواحي الاقتصادية والمالية محليا لا يثير القلق

وأرى أن الوقت الراهن يقتضي التدبر والتفكير والدعاء لأهلنا في فلسطين، وإنما لا أرى عند المقارنة مع أحداث عديدة وقعت في العالم وقد أثرت على جميع اقتصاديات العالم سلبًا، بأن المجازر الدائرة في فلسطين لن يكون لها تأثير سلبي لهذا الحد، وبالتالي لا داعي للذعر فيما يتعلق بالأوساط المالية والاقتصادية، وخصوصًا بالنسبة للشباب، وأُحييكم على توجيه حابي بودكاست للشباب، مما يساعدهم في رحلتهم، وأود أن أقول لهم إنه ليس هناك مدعاة للذعر.

وأرى أن تأثير الأوضاع في غزة على اقتصاد مصر سينعكس على السياحة فقط، أما سلاسل الإمداد والملاحة وأسعار الطاقة فلن تتأثر، ولذلك لم نلمس أي ارتفاعات سعرية مقابل فترات سابقة مصاحبة لتحديات اقتصادية صعبة، شهدت قفزة أسعار الحبوب والبترول والطاقة بشكل عام لمستويات قياسية، وبالتالي أعتقد أن الأزمة الحالية ليست مدعاة لأي ذعر وليست مدعاة لتغيير المسار الاقتصادي.

شريحة الشباب أذهلوني برد فعلهم تجاه غزة

بل بالعكس، فعلى سبيل المثال دعوات المقاطعة وأنا لا أحب أن أصنف كمؤيد أو معارض، لعدة اعتبارات، حيث إن رؤية المعارضين لدعوات مقاطعة منتجات الشركات العالمية الداعمة لموقف إسرائيل بأنها غير فاعلة، وسط تضرر رؤوس الأموال المصرية المستثمرة والعاملين المصريين الذين يعملون في هذه الكيانات.

أما المؤيدون لدعوات المقاطعة، فينادون بشراء الشركات المصرية حق الامتياز التجاري ومن ثم تحويله لشيء آخر، على غرار تجربة روسيا حينما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن أستبعد الدخول في هذا الأمر.

الشباب استطاعوا تغيير مفاهيم عديدة في الشعوب وسط دعم عدد من الحكومات للعدوان الغاشم على أهلنا في فلسطين

وأرى أن هذا الاتجاه سيشجع رواد الأعمال الشباب على التوسع، بدعم من الزخم تجاه المنتج المصري في الوقت الراهن، وقد تردد على مسامعنا في الفترة الماضية أسماء ماركات خرجت من العدم.

وأتمنى أن يستغل القائمون على هذه الماركات الوضع الحالي بشكل إيجابي، من خلال ضخ استثمارات في تحسين جودة منتجاتها وعدم لجوئها لرفع أسعارها على المصريين.

الوقت الراهن يقتضي التدبر والتفكير والدعاء لأهلنا في فلسطين

والكلمة التي أود أن أوجهها الآن هي: من يرغب في تأسيس مشروع أو من يمتلك مشروعًا قائمًا، عليه أن يعظم استفادته من الزخم الحالي، وسط مساندة ومساعدة المستهلك المصري تعاطفًا مع القضية الفلسطينية بصفة عامة، واستنكارًا لمساندة الشركات الداعمة لموقف إسرائيل.

وفي الحقيقة أنا على المستوى الشخصي كنت متعاطفًا مع تضرر رأس المال المصري والعامل المصري نتيجة حملات المقاطعة، ولكن الوضع المدمي في غزة جعلني غير قادر عاطفيًّا.

ولكن أؤكد أن الوضع الفلسطيني لا يؤثر على الاقتصاد المصري بشكل كبير باستثناء السياحة.

نعاني من قهر عاطفي وحزن شديد نتيجة الأوضاع المتردية في فلسطين

فالسياحة كانت أحد مصادر الدخل المهمة للغاية لمصر، وأعتقد أنها ستعاود الانتعاش سريعًا، عندما تتوقف الهجمات الغاشمة من إسرائيل على قطاع غزة، لأن السياحة تلقت صدمات عديدة على مدار الزمان، حيث كانت أصداء تداعيات الحدث الواحد تستهلك فترة زمنية طويلة في الماضي، ومن ثم تتطور الأوضاع للأفضل تدريجيًّا.

تأثير الأوضاع في غزة على اقتصاد مصر ينعكس على السياحة فقط

وأود أن أطمئن الجميع بأن الحدث الحالي في غزة ليس مدعاة لأي ذعر على الأوضاع الاقتصادية في مصر.

ياسمين منير: بخلاف الأحداث الدموية والمؤسفة التي نراها في فلسطين.. كان الوضع الاقتصادي يعاني من عدة مشاكل هيكلية تفاقمت الفترة الأخيرة مع نقص العملة الأجنبية وارتفاع التضخم وتباطؤ تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي أو الخطط المستهدفة وفقًا للجدول الزمني المعد لذلك في مراحل عديدة سابقة.. إلا أن الفترة الماضية أتاحت فرصًا استثمارية أمام الشباب وسط الزخم الذي ذكرته في حديثك، ولكن هناك أيضًا تحديات اقتصادية ما زالت تمارس ضغوطًا متزايدة في وقت تضعف القدرة على كبح جماح التضخم، نتيجة عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة مما تتسبب في زيادته، غير أن ملف العملة لم يشهد أي انفراجة.. فما هي توصياتك لإدارة الوضع الاقتصادي أمام تخوف أصحاب الخطط الطموحة من التوسع بفعل المخاطر المسيطرة؟

باسل الحيني: أتفق معكِ في الرأي، ولكني أتخوف من أن النصائح في الوضع الراهن ستكون جميعها اجتهادات، لأننا لم نعاصر هذا القدر الكبير من العوامل المتضافرة التي تضغط على الأوضاع الاقتصادية، فقد شهدنا الفترات الماضية عدة ضغوط ولكنها لم تكن تأتي متلاحقة ومتشابكة ومتلاحمة بهذا الشكل، ولذلك في الوقت الحاضر نعاصر شيئًا جديدًا، مما يؤثر على قدرتنا في توجيه النصيحة الصائبة في وقت ملبد بأوضاع لم نعِشها من قبل.

السياحة ستعاود الانتعاش سريعًا عند توقف الهجمات الغاشمة على غزة

فنحن لم نؤهل لهذا الكم من التحديات في الماضي، ولذلك فلا بد أن أجتهد حيث إن هناك مدرستين في هذا الأمر، إذ إن هناك مقولة تقول: اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب، فطول الوقت كانت مسارًا للسخرية، إلا أنني أراها تطبق حاليًا خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها الآن، في صورة الإقبال الكبير على مطاعم الأكل والمشروبات، في حين أن الوضع الراهن يفرض اتباع سياسة ادخارية.

وأُرجع ذلك السلوك إلى أن المواطنين يشعرون بانخفاض قيمة العملة المحلية، مع استمرار ضغوط التضخم، مما يقلل من جدوى الاقتصار في توجيه المصروفات.

ولكن أُحذر من اتباع هذا السلوك على قدر تفهمي لصدمة المواطنين من هذه الأزمة لتتفاعل معها بشكل جديد، وأوجه أول اجتهاد وهو أننا لم نصل لنهاية المطاف، فنحن ننتظر احتمالات حدوث موجات أخرى من التضخم، وبالتالي لا بد أن يكون هناك ترشيد في الإنفاق، فضلًا عن أن هذا الوقت هو وقت العمل بصورة أكبر وخلق الأفكار غير التقليدية، فالاعتماد على ادرخار الأموال في شهادات بنكية لا يدر الفوائد النقدية المنتظرة حتى تتيح للشباب الانتقال من مكان لمكان آخر، ولكنه مطلوب أيضًا لعامل الأمان المتحقق.

ضرورة العمل بوتيرة أكبر من المعتاد في ظل الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة

وأُشدد على أن الوقت الراهن يتطلب العمل بوتيرة أكبر من المعتاد، نظرًا لأننا في ظروف اقتصادية بالغة الصعوبة، ولا تنبئ أي توقعات بتطورها للأفضل في المستقبل القريب، وبالتالي فليس هناك أي داع لليأس والإفراط في الإنفاق، ومن الضرورة الانصراف عن هذا السلوك الإنفاقي الخاطئ الذي يثير المخاوف والقلق.

وأرى أن أطر الإنفاق الخاصة بالشباب تحديدًا غير متسقة تمامًا مع شكل المشاكل الاقتصادية التي نعيشها، فهذا الوضع يثير التساؤل، ولكن أعتقد أنه كرد فعل، فأحذر فقط من هذه النقطة وأشدد على أن هذا الوقت هو وقت العمل بشكل أكبر، لأن خروجنا من هذا الوضع يتطلب هذا العمل وقدرًا أكبر من الادخار، بجانب بذل مبادرة في العمل الخاص وعدم اللجوء إلى الطرق التقليدية لسهولتها، فهناك مجالات قد تولد فرصًا استثمارية.

وأُوضح أننا أمام مرحلة جهد أكبر ولكننا نأمل في تحسن الأوضاع في القريب العاجل.

رضوى إبراهيم: حددت في حديثك إمكانية تضرر قطاع السياحة في مصر نتيجة تداعيات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.. فقطاع السياحة في مصر مر باختبارات عديدة ورأينا في بعض الأحيان أن أصحاب رأس المال في هذا القطاع لم يحسنوا التصرف في أصولهم في هذه الفترات، وكان هناك تسريح للعمالة ذات الكفاءة العالية والمدربة مع عدم تقديم عروض مناسبة تعوض التراجع الناجم عن السياح الخارجيين، فما هي التوصيات التي تقدمها للمستثمرين السياحيين للحفاظ على الانتعاشة التي تحققت في الإيرادات السياحية الفترة الماضية؟

باسل الحيني: أتعاطف بشكل كبير مع المستثمرين السياحيين، نظرًا لأنني شهدت الأيام الصعبة التي مرت على قطاع السياحة، من عدم التكافؤ بين تكلفة تشغيل الفندق مقابل عدد السياح النزلاء، حيث إنه لا يغطي ربع تكلفة تشغيل المنشأة الفندقية.

أتعاطف بشكل كبير مع المستثمرين السياحيين

فالوضع حينها كان يحتم اللجوء لتسريح العمالة، مع عدم توافر أي حلول بديلة أمام المستثمرين السياحيين، وأؤكد أن هناك عدة نماذج لم تتبع هذا الأسلوب ألا بعد استنزاف جميع مواردها، وفي المقابل كانت هناك نماذج معينة تسلك هذا الاتجاه بسهولة، بكل تأكيد.

وبالتالي أعتقد بأنه لم يكن هناك سوء تصرف، وإنما تحملوا أعباء أكبر من طاقتهم، أما الوضع في الوقت الحاضر فهو أكثر تفاؤلًا، لأنها فترة مؤقتة للغاية، وجاءت بعد مرحلة ازدهار شديد.

وأوضح أن هناك عوامل أخرى عوضت تراجع الإيردات السياحية، فعندما عادت حركة السياحة الروسية والأوكرانية لمصر بعد سنوات من الانقطاع، تفاءلنا خيرًا، ولكن الحرب الروسية الأوكرانية ألقت بظلالها القاتمة على السياحة المصرية، ليحل محلهم السياحة القادمة من الدول العربية.

إلغاء الحجوزات في هذه المرحلة أمر مؤقت

فمصائب قوم عند قوم فوائد، عندما أصبحت بعض الدول الأخرى المجاورة مناطق خطر وباتت طاردة للسياحة وليست جاذبة، تحولت حركة السياحة إلى مصر، التي أبدت إعجابها الشديد بالشواطئ المصرية الخلابة في منطقة الساحل الشمالي، فضلًا عن التواجد القوى للإخوة العرب في منطقة الشيخ زايد بالقاهرة.

وأوكد على أن إلغاء الحجوزات في هذه المرحلة هو أمر مؤقت.

رضوى إبراهيم: في موسم الصيف.. من المؤكد أن موسم السياحة بمصر أفضل من الدول المجاورة، ولكن في الشتاء أصبحت هناك دول أخرى عملت جاهدة داخل القطاع، لتقديم برامج متنوعة وجاذبة لعدد كبير من السياح، هل ترى أن هناك احتياجًا لتحركات محددة خلال الفترة المقبلة؟

باسل الحيني: لا أرى ذلك، فعندما ازدهرت السياحة في مصر، كانت الحجوزات في موسم الصيف على مدينة الأقصر كاملة العدد.

عقبة القطاع السياحي تتركز على عمل المنظومة وليس الفندق فقط

وفيما يتعلق بالسياحة، فالمقومات متوافرة، مشكلة القطاع لا تتوقف فقط على الفندق، إنما تتركز على عمل المنظومة بالكامل لحظة وصول السائح من المطار لحين وصوله إلى الفندق الخاص به، مرورًا بتجوله بالشوارع، وإن أمكن أن يجد مواصلات عامة جيدة.

فالسياحة تحقق طفرات ثم تخبو مرة واحدة مثل نبات المشروم، فيجب العمل على المنظومة كلها متضمنة المبادرات التي تم إطلاقها، فنحن كدولة نحتاج أن تكون منظومة الخدمات التي تقدم للقادمين من الخارج، متكاملة سواء أكان هذا القادم سائحًا أم زائرًا أم قادمًا للعمل، ليس فقط أنه شخص جاء ليرى البحر أو الآثار فقط، هنا تكمن المشكلة.

أما المستثمر السياحي، فنحن وصلنا إلى مرحلة من النضخ في الإنفاق على الفنادق والمنتجعات لا بأس بها على الإطلاق، وعلى العكس نرى أن الأسعار في طريقها للزيادة وهذا بالأمر الجيد، فكنا في فترات نبيع بالرخيص جدًّا.

الأسعار تتمتع بتنافسية سواء صيفًا أو شتاء.. ونحن جاهزون

الآن أصبحت الأسعار مرتفعة وتنافسية، سواء صيفًا أو شتاء، نحن جاهزون وحاضرون، لكن ما يؤثر في السائح البيئة المحيطة، فتجربة المطار أو تجربة التحرك في الشوارع تجعل السائح أحيانًا يقول إنه لن يعود مجددًا، في نظره للخدمات المحيطة، وليس المستثمر في قطاع السياحة تحديدًا.

أحمد رضوان: أريد العودة إلى السيرة الذاتية، وتحديدًا فترة عملك بوزارة المالية كمستشار للوزير، وقيادتك لواحدة من أهم العمليات وهي خصخصة بنك الإسكندرية، وتلاها المشاركة في طرح رخصة المحمول.

هل ترى أن برنامج الطروحات الذي أعلنت عنه الحكومة يسير وفقًا للأهداف التي نحتاجها على مستوى النقد الأجنبي؟ ولماذا لا يتم التفكير في أمور غير تقليدية منها رخصة المحمول، فسوق المحمول في مصر ضخمة سواء فيما يتعلق بالاتصالات أو بالإنترنت؟

هل ترى أنه يمكن التفكير في موضوعات غير تقليدية مثلما تم التفكير في اللحظات الراهنة بطرح رخصة جديدة؟ وفيما يتعلق ببرنامج الطروحات هل ترى أن ما تم الإعلان عنه يلبي الأهداف التي تم الإعلان عنها أم لا؟

باسل الحيني: الأمر ينقسم إلى مرحلتين، جزء منها مرحلة طرح بنك الإسكندرية وغيره، وإن كان الأول هو الحدث الأهم، لأنه كان أول بنك كبير يتم طرحه، مع العلم أنه في تلك المرحلة تم بيع حصص حكومية في عدة بنوك، وكان بالأمر الموفق.

هدف الخصخصة قديمًا كان جذب الخبرات الخارجية لتحسين الأداء والسوق

الهدف وقتها لم يكن اجتذاب عملات أجنبية، لكنه كان هدفًا أفضل بكثير، يتمثل في انتداب الخبرات الخارجية لتحسين السوق، فكان بنك الإسكندرية به مشاكل كبيرة، وأصبح يدار بحرفية كبيرة من إدارة جديدة، لكنه في الوقت نفسه مثقل بأعباء كبيرة، والحكومة وقتها أخذت اتجاهًا، عندما كنت داخل وزارة المالية، وأزعم أنني كنت من المحركين له، وهو أنها تقوم بشراء الديون المتعثرة لبنك الإسكندرية «كاش» وتجعل البنك «نظيفًا” بالمعنى المصرفي.

بالتالي عندما اشتراه البنك الإيطالي وجده بنكًا «نظيفًا” وتحسنت السوق المصرفية، ونفس الأمر بالنسبة للبنوك الأخرى التي باعت فيها حصصًا سوقية.

اصطدمنا في عام 2011 بأن الخصخصة أصبحت كلمة سيئة

اصطدمنا في عام 2011 بأن الخصخصة أًصبحت كلمة سيئة، مع العلم أنه لا يوجد برنامج ليس به سلبيات وإيجابيات، بالطبع كان بها سلبيات، لكن إيجابياتها كانت كبيرة، وفوجئنا بالهجمة على برنامج الخصخصة وصدرت أحكام غريبة من محاكم غير متخصخصة تسحب الاتفاقات السابقة، وتعيد الشركات إلى ملكية الدولة، هذا ما يؤثر سلبًا على مصداقية الحكومة.

بعد ذلك تم اتخاذ قرار بتحصين التعاقدات، بالتالي ابتعدنا على تلك الكلمة لأن الجميع يخاف منها، ما جعل البعض يشعر أن هناك تخوينًا لمن يفكر بها، إلا أن الحاجة دعت إلى العودة لها هذه المرة ليس لتحسين السوق فقط، لكننا في أمس الحاجة لإيرادات بالعملة الأجنبية.

برنامج الطروحات يحقق أحد أهداف الإصلاح الاقتصادي وهو مشاركة القطاع الخاص

وإذا نظرنا للناحية الأخرى، نحن متفقون على أنه لا بد أن تكون هناك مشاركة للقطاع الخاص بالاقتصاد، وهذا هو أحد الأهداف لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والتعاون مع المؤسسات الخارجية، فإن جزءًا كبيرًا من برنامج الطروحات هدفه أن يحل القطاع الخاص محل القطاع العام وهو الأمر الجيد والمحمود.

لكن هذه الفكرة يجب أن يكون بجانبها أمور أخرى، ومن المفترض أن ننظر لها بواقعية، فعند القول إن برنامج طروحات يشمل 32 شركة ستطرح خلال سنة هذا لن يحدث، بالتالي عند إعلان ذلك فالمتلقي ينظر له بكثير من الشك، ثم سيتنهي العام دون أن يتم، وذلك لأنه يحدث بتلك السرعة.

فرويدًا يمكن معالجة الأمور بتعقل، أنا لا أعلم هل يمكن للسوق استيعاب رخصة محمول رابعة أو خامسة أم لا، لكن ما قلته صحيح 100%، لا يمكن أن يكون الأمر مقتصرًا على بيع الأصول، يجب أن تكون هناك أفكار أخرى بجانب بيع الأصول.

جذب العملة لا يجب أن يقتصر على بيع الأصول

عندما كنت رئيسًا للقابضة للتأمين قمنا بالتفكير بأمر خارج الصندوق تمامًا، وهو عمل وثيقة تأمين، وهناك واحدة نجحت بمشاركة شركة مصر لتأمينات الحياة بالتعاون مع البنك الأهلي، وحققت إيرادات غير طبيعية، فكانت الفكرة هي إصدارها بالدولار ونبيعها للمصريين بالخارج، بدأنا التفكير بها قبل عامين، وتم تنفيذها، وهي الأفكار التي نحتاج لتعزيزها لجذب عملة أجنبية بطرق أخرى غير بيع الأصول.

بيع الأصول في وقت من الأوقات سيتوقف، لأن المتعاملين سيتوقفون بدعوى أن العملة غير ثابتة، وهذه ضمن الضغوط التي تشهدها العملة، أنا أتفق معك أنه لا يجب الابتعاد عن برنامج بيع الأصول لأنه يحقق أهدافًا جيدة، بالإضافة إلى العملة الأجنبية، إنه يجذب القطاع الخاص ويوسع قاعدة الملكية.

لا أعلم مدى قدرة السوق على استيعاب رخصة محمول جديدة

علينا أن نفكر في أمور أخرى، فلا أعلم أن السوق تستوعب رخصة جديدة للمحمول أم لا لكن يجب أن يتم البحث بها، وأنا أرى أن رخصة السجائر كانت بالأمر الجيد على الرغم من أن المنتج لا يجب أن نشجعه لأسباب صحية، ولكن كان جيدًا.

أما على صعيد قطاع السياحة، فأتمنى أن نعود إلى الأفكار التي لعبت دورًا كبيرًا في خلق النشاط في مصر، مثل قرار تم اتخاذه في السابق ببيع المتر بدولار، كانت وقتها عبارة عن صحارى جرداء ليس بها سوى العقارب والزواحف، الآن بها قرى سياحية كاملة.

في مجال التنمية السياحية والعقارية كانت هناك أفكار غير تقليدية بالفعل تم تنفيذها قبل عقدين من الزمن، إلا أنهم توقفوا بعد ذلك عن تنفيذها خوفًا من ردود الأفعال بعد 2011.

أؤيد برنامج الطروحات.. لكن يجب أن يكون بتروي

أنا من أنصار برنامج الطروحات، لكن يجب أن يكون بتعقل والأهداف المعلنة يجب أن تكون قابلة للتحقيق، للمصداقية، وفي الوقت نفسه أؤيدك يجب أن تكون هناك ملفات أخرى بجانبه حتى لا يقف على جزئية واحدة.

ياسمين منير : أريد أن أستمر على نفس الحقبة الخاصة برحلتكم في وزارة المالية التي توليت بها الهيكلة المالية فيما يتعلق بالأصول أو بالمناحي المختلفة.

الآن بعد مرور تلك السنوات، نعمل على إعادة الهيكلة المالية والإدارية، ما رؤيتك خاصة أنك لست بعيدًا عن الوضع الاقتصادي، ما الأزمات المستمرة معنا سواء تاريخية أو مستحدثة، وما الحلول الأساسية التي يمكن التحرك خلالها؟

ذكرت أنك وضعت حلولًا قبل 20 عامًا كان لها نتيجة جيدة يمكن تكرارها؟ هل ذلك ينطبق على أشياء أخرى من الأزمات الاقتصادية التي نراها في الوقت الراهن؟

باسل الحيني: حينما قدمت أول ميزانية بالشركة القابضة واستخدمت كلمة إعادة هيكلة، كنت حريصًا على توضيح أن هذه الجملة أصبحت تستخدم في كل شيء، فعند السؤال ماذا تعني إعادة الهيكلة يعني الرد أنها يجب أن تستخدم كعبارة متداولة فقط.

في وقت طرح بنك الإسكندرية لم أكن مسؤولًا عن برنامج الخصخصة، لكن بسبب أن المالية تمتلك حصة الحكومة بالبنك فكنت موجودًا، ولم تكن المحاولة لإعادة الهيكلة لكن كان الهدف هو إدخال الحوكمة الحقيقية في الشركات المملوكة للدولة ولتقييم أدائها.

الوضع الخاص بالشركات الحكومية يحتاج إلى قيادات وليس إعادة هيكلة

تقييم الأداء في ذلك الوقت لم يكن بالأمر الدارج في العقول، وطبعًا أسهل شيء هو المال العام، ولا يسائل من ينفق المال العام إلا لو حدثت كارثة، ثم توقف هذا بعد فترة.

الآن سؤالك أنا ما زلت أراه «إكليشيه» وينصح بعدم استخدام الكلمة، لأن استخدام تلك الكلمة مستمر، فيجب أن تكون الأهداف الخاصة بنا محددة وواضحة، وقابلة للقياس، لكن إعادة هيكلة جملة كبيرة لا يمكن قياسها.

بمنظوري أن الوضع الخاص بالشركات الحكومية يحتاج إلى قيادات وليس إعادة هيكلة تُعطى قدرًا لا بأس به من المرونة، وأعتقد تجربتي في القابضة كانت واضحة، فهناك قرارات يمكن اتخاذها مع تلك القوانين ليس بها أي مشكلة، لكن يجب أن تكون هناك رغبة وإرادة حقيقية، وما أراه في بعض الحالات أنه ليست هناك إرادة للتغيير والتطوير، ففي بعض الأحيان المال ليس له صاحب.

حاولنا وقت الدكتور يوسف بطرس غالي أن تكون لوحدة تقييم الشركات كلمة مسموعة

حاولنا في وقت الدكتور يوسف بطرس غالي أن تكون للوحدة الخاصة بتقييم الشركات كلمة على هذه الشركات، لكن الأمور لم تسر في هذا النهج، والشركات الحكومية متفرقة بين وزارات مختلفة، وكل فترة يحدث بها تغيير، فالقابضة الغذائية تنتقل من قطاع الأعمال العام إلى وزارة التموين، والنقل البري والبحري تنقل إلى وزارة النقل، فأنا من أنصار الأفكار الجديدة لكن يجب الاستقرار عليها ونكملها حتى النهاية، ويجب القياس الكمي لما يقال.

هناك نماذج وتجارب موجودة على أرض الواقع أثبتت أنه لا بد من وجود إرادة حقيقية، ومع الأسف لا يتوافر ذلك في الغالب، كذلك لا بد من وجود الشخص المناسب بالمكان المناسب، وألا نحارب الناس لأسباب لا تتعلق بالعمل أو بالأداء بل يجب دعمهم، في النهاية المال العام مملوك للشعب، والحكومة مندوب الشعب في هذا الأمر، فمن المفترض أن الشخص يعمل لكي يحقق مكاسب للدولة أكثر من الموظف داخل القطاع الخاص، والذي يتركز هدفه في تحقيق أرباح للمستثمر.

ضرورة إعادة النظر في الأهداف بشكل دائم

رضوى إبراهيم: بالرجوع إلى الأهداف، فالجميع يعلم مدى احتياج مصر للنقد الأجنبي، ومن المفترض أن جزءًا من البيع المباشر للشركات وبعض الأصول سببه الأساسي هو توفير العملة، وجزءًا آخر له علاقة بتخارج الدولة من بعض الأصول، وإفساح المجال للقطاع الخاص المحلي والأجنبي.

ولكن مع التطورات الأخيرة، ألا ترى أنها تستدعي إعادة النظر في الأصول التي تم تحديدها، فبعض الصفقات تمت على شركات تعمل على توليد نقد أجنبي، مثل مجال الأسمدة، بالإضافة إلى وجود شركات أخرى مرشحة على نفس المستوى.

فهل من الصحيح الاستمرار في بيع نفس الأصول، مع تفهم ضرورة تنفيذ عمليات البيع لتوفير الدولار، ولكن هل يتطلب الأمر تغيير بعض الأصول، خاصة أن الحكومة تتحدث منذ سنوات عن توطين الصناعة والمنتج المحلي، ولكن في الفترة الحالية أصبح الجمهور –غير المقتنع سابقًا بالمنتجات المحلية– مستعدًّا ويرحب بالمنتج المحلي وينتظره مع حملات المقاطعة المنتشرة حاليًا.

هل ترى ضرورة للتراجع عن بيع شركات الصناعات الغذائية، أو إجراء أي تغيير عن برنامج الطروحات بشكل ما؟

باسل الحيني: هناك أمران، من الضروري أن يكون هناك تفكير وإعادة نظر بشكل دائم، فمن الممكن أن يكون الهدف الحالي ليس هو الصحيح بعد أيام، وبالتالي فالأمر يجب أن يكون ديناميكيًّا، لكن فكرة عدم بيع أصول لأنها تدر نقدًا أجنبيًّا لا أراها صحيحة.

أي أصل يدر نقدًا أجنبيًّا سيكون مطلوبًا بين المستثمرين

أرى أن أي أصل يدر نقدًا أجنبيًّا يجعله مطلوبًا بين المستثمرين، وفي النهاية نحن نريد بيع الأصل، وبالتالي لا يمكن طرح أصول غير جاذبة، فلن يكون هناك مشترون لها.

وطالما كان النقد الأجنبي الناتج عن عملية البيع سيساعد بجانب تخارج المال العام وإدخال القطاع الخاص، ليس هناك ما يمنع على الإطلاق الاستمرار على هذه الوتيرة، وعن الصناعات الغذائية لا أعلم تحديدًا الشركات المطروحة للبيع، ولكن هناك بعض الأمور تتطلب تفكيرًا عكسيًّا من جانب الدولة، خاصة أنها تعد القاطرة التي تقود القطاع الخاص خلفها.

قد تحتفظ الدولة بالاستمرار في صناعات بشكل أكبر، على أن تكون أكثر جاذبية للقطاع الخاص مستقبلًا، ومن معرفتي للبرنامج كنت على تواصل مع كل الشركات المطروحة فيه، خاصة في ظل مسؤوليتي عن شركتين منها، وهما مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياه.

لن يكون هناك مشترون حال طرح أصول غير جاذبة

والبرنامج الذي شاهدته لا أرى أي احتياج لخروج أي شركة منه حاليًا، لكونه برنامجًا جيدًا، وبالمناسبة ليست جميع الشركات مستعدة لعملية الطرح حاليًا، وبالتالي فبعض الشركات ستحتاج لإعداد قبل الطرح ما قد يستغرق بعض الوقت.

أما عن فكرة ضرورة أن نتسم بالمرونة، ونقوم بإجراء تغييرات أو تعديلات حال مواجهة أي أمر خلال تنفيذ خطة البرنامج، فهو أمر مطلوب وأوافق عليه تمامًا، ولكنني لا أرى ضرورة لتنفيذ تعديلات خلال الوقت الراهن.

بعض الأمور تتطلب تفكيرًا عكسيًّا من جانب الدولة لكونها قاطرة تقود القطاع الخاص

أحمد رضوان: حضرتك عملت بمؤسسات عديدة، كما توليت قيادة شركات عديدة مملوكة للدولة، بجانب تجاربك في الشركات التابعة للقطاع الخاص، نريد معرفة نقاط القوة في عملك بالقطاع الحكومي والنقاط التي ترى أن بها بعض المشاكل، وكذلك الأمر بالنسبة لمسيرتك بالقطاع الخاص ما هي المزايا المكتسبة والتي ساعدتك في العمل بحرية أكبر والمشاكل التي واجهتها هناك؟

باسل الحيني: تمامًا كما ذكرت، العمل بحرية أكبر، فلا شك أن القطاع الخاص يمنح حرية أكبر وتنافسية في السوق، خاصة في مجال العنصر البشري، والذي يعد مهمًّا للغاية في السوق المحلية، فالقطاع المالي والمصرفي كثيف العمالة وهو أمر جيد للغاية، كما أن القطاع الخاص يمنحك حرية أكبر في اجتذاب العنصر البشري من خلال إقرار المكافآت وغيرها من المحفزات.

الدولة يمكنها الاستمرار في صناعات بشكل أكبر لتصبح أكثر جاذبية للقطاع الخاص

أكبر ما يميز القطاع الحكومي هو شعور المواطنين بالأمان في التعاملات بينهم، فبيع أي سلعة أو خدمة أو منتج في شركة حكومية يحصل على دعم أكبر، ولكن بالطبع القوانين واللوائح أكثر تقييدًا من مثيلاتها الحاكمة للقطاع الخاص.

ومع ذلك حال توافر إدارة وقيادة سليمة لن تشكل أي عائق، فقد تكون الأمور أصعب مقارنة بالقطاع الخاص، ولكنها لا تكبل ولا تعطل مسيرة العمل بشكل زائد عن الحد.

لكنني أرى ضرورة تغيير بعض الأمور، وسبق أن طالبت بهذا الأمر منذ فترة طويلة، خاصة أن القطاع الحكومي ينظر لدخل الموظفين بنظرة ليست اقتصادية، إلا أن البنوك اتخذت هذه الخطوة منذ فترة، وبدأت تطعيم الجهاز الإداري بالبنك الحكومي بعاملين من القطاع الخاص، ولم تحقق البنوك هذه الطفرة، وإغلاق فجوة المخصصات المالية الرهيبة عام 2004، إلا من خلال دمج خبرات القطاع الخاص بالخبرات الحكومية.

وموظف القطاع الخاص لن يترك عمله الذي يتقاضى عليه أجرًا معينًا، ليذهب إلى بنك حكومي ويتقاضى أجرًا أقل، وهي طبيعة الحياه، وهي الطريقة التي يجب أن تتعامل بها كل الشركات الحكومية، وبالتالي يجب تغيير نظرة القطاع الحكومي لمدخلات الأفراد لديها.

اعتقد أن الشركات المدرجة في برنامج الطروحات الحكومية لا تحتاج لتعديلات حاليًا

وكل الأفكار التي أطالب بتطبيقها، أعمل على تنفيذها فور تولي المسؤولية، حيث طالبت مرارًا وتكرارًا عندما كنت أشغل منصب نائب في شركة مصر القابضة للتأمين، بضرورة تكرار تجربة البنوك ولم أجد مجيبًا.

وعندما توليت منصب رئيس الشركة نفذت هيكلًا موازيًا للأجور والمكافآت والمرتبات، تمكنت من خلاله من استقطاب بعض العناصر البشرية المميزة بالسوق المحلية، وتمكنت أيضًا من تغيير أجور ومكافآت الموظفين المتواجدين داخل الشركة بالفعل.

ولكن الأمر استغرق وقتًا ومجهودًا، وبالتالي فالأمر يحتاج لمرونة بشكل أكبر لنتمكن من المنافسة، وعدم التغيير يقود إلى أمر من اثنين، إما الاستمرار على النهج الحالي وعدم الوصول لتنافس حقيقي، وبالتالي لن نتمكن من تحقيق شيء، أو انسحاب الحكومة من النشاط وترك عملية الإدارة للقطاع الخاص.

العمل بالقطاع الخاص يمنحك حرية أكبر وتنافسية في السوق

أحمد رضوان: حضرتك ترى أن حل هذه الأمور يكمن في القوانين المنظمة للشركات المملوكة للدولة، والتي لا أعلم كم عددها حاليًا، سواء قطاع أعمال عام، أو قطاع عام، ومساهمات مشتركة، هل ترى أن هذه القوانين هي التي تمثل عقبة حاليًا وتحتاج للتطوير؟ هل الأمر يستدعي أن تكون هناك ملكية واحدة لجهة ما وتكون المسؤولة عن كل ما يتعلق بملكية الدولة، ما يفتح المجال لتداول الحديث وضمان عدم تعطل الأمور في تعدد الوزارات؟

باسل الحيني: نعم بالإجابة على السؤالين المطروحين، وبالمناسبة هناك مبادرة تم تنفيذها منذ سنوات طويلة ماضية، وأعتقد أنها مستمرة حتى الآن بشأن فلترة القوانين وإعادة النظر فيها نظرًا لكثرتها، كما أن هناك قوانين نتفاجأ بها موضوعة من ستينيات القرن الماضي ولا تزال سارية حتى الآن، وبالتالي فالمبادرة لا تزال متوفرة وسارية وهناك أشخاص يعملون عليها، ونتمنى أن نراها أسفرت عن شئ خلال الأيام المقبلة.

أكبر ما يميز القطاع الحكومي شعور العميل بالأمان

وفيما يتعلق بجهة الملكية الواحدة، فتحدثت عن هذه الأمور في أوقات مختلفة، حيث يفضل ألا تكون الجهات متعددة للغاية، ولكنها لن تكون جهة واحدة نظرًا لوجود تخصصات مختلفة، إلا أنها لا يجب أن تكون مفتتة بهذا الشكل.

أرى أن هذا الأمر يعد هدفًا قوميًّا، يتطلب تأسيس منظومة عمل لبحث ودراسة كيفية تنفيذه، وبحث إمكانية أن يكون لدينا سوبر قابضة بدلًا من الوزارات لتشمل كل الشركات القابضة، ومن الممكن الاستغناء عن الشركات القابضة تمامًا، على أن يكون التعامل من خلال الشركات الأصغر الناجحة مباشرة، وقد يتم وضع تلك الشركات في صندوق حكومي يدير الملكيات الحكومية.

ضرورة تغيير نظرة القطاع الحكومي لبعض الأمور.. ودخل الموظفين في مقدمتها

ونحن نفذنا محاولات بالفعل لإدارة مساهمات مشتركة فيما بيننا، عندما كنت في الشركة القابضة مع بنوك مصر والأهلي والاستثمار القومي، ولم نوفق فالأمر كان صعبًا للغاية، ولكن لا بد من أمور مثل هذه، ففي النهاية التفتيت والقرارات المختلفة والتي قد تصل إلى التناقض في بعض الأحيان، أو وجود أفراد لا يستمعون إلى بعضهم البعض ولا يرون إمكانيات للتكامل فيما بينهم، كما أن هناك وزارات ليست متخصصة ويجب أن تظل خدمية وليست مديرة لأعمال، ولكن الوزير المسؤول تولى إدارتها ولا يرى سببًا للتغيير، ولديه بالفعل ملفات عديدة يديرها.

ولذلك.. الأمر يتطلب توفير جهة ما في الدولة تبحث هذا الأمر بشكل مجرد واحترافي من ناحية مهنية بحتة، ثم تقدم النتائج للقيادة العليا للدولة من أجل تحسين أداء القطاع الحكومي، خاصة أننا شاهدنا نماذج جيدة، وأدعي أن الشركة القابضة من بينها، حيث شهدت طفرة كبيرة للغاية نتيجة الإدارة الصحيحة، كما أن البنوك من بين هذه النماذج أيضًا، فلماذا لا نعمل على تكرارها.

نفذت هيكلًا موازيًا للأجور والمكافآت بعد تولي منصب رئيس الشركة القابضة

أحمد رضوان: كم تبلغ نسبة ما حققته من أهدافك المأمولة خلال توليك قيادة الشركة القابضة؟

باسل الحيني: لم أحقق الـ100% على الإطلاق، خاصة أن شعاري الدائم، ماذا بعد؟ فعند الوصول إلى هدف ما يتم البحث عن الهدف التالي، وحتى آخر يوم عمل بالشركة القابضة أشعر بأنني لم أصل إلى ما أريده، ولا أقيس الأمر بالنسبة.

فعندما توليت الشركة القابضة كانت تضم 5 شركات، وبخلاف عمليات تطوير الشركات الخمسة، تركت الشركة القابضة وهي تضم 10 شركات، وكنت أستهدف الاستمرار في زيادة أعدادها في مجال القطاع المالي غير المصرفي على سبيل المثال.

المطالبة ببحث إمكانية إطلاق شركة سوبر قابضة تضم الشركات بدلًا من الوزارات

وتركت أبنائي العاملين بالشركة على هذا الأمر، وهو ماذا بعد، وضرورة التفكير بشكل مستمر عن الخطوة التالية فور إنجاز أي خطوة، وهو الفكر الذي يجب أن ينتشر في الدولة بالكامل، وعدم الاستقرار عند وضع معين، وهو أمر يعد من الاقتراحات الشديدة التي يمكن توجيهها إلى الشباب بعدم الاكتفاء والقناعة بما وصلتم له، والتفكير الدائم فيما هو أفضل، فهي رحلة لعدة سنوات يجب أن تحقق فيها أفضل شيء.

ياسمين منير: خبرات حضرتك متنوعة للغاية في القطاع المالي، سواء بنوك أو شركات بنوك استثمار أو كيانات غير مصرفية وقطاع التأمين بالطبع، فهل ترى القطاع المالي بأدواته المختلفة سواء حكومي أو خاص قادرًا على القيام بدوره خلال الفترة الحالية؟

وفي الوقت نفسه هل التوسع الحكومي في المجالات الاستثمارية مثل بنوك الاستثمار وخدمات التمويل غير المصرفي أضافت للسوق، أم أنها قامت بتحجيم القطاع الخاص بعض الشيء، حيث هناك بنوك تجارية كبرى تمتلك حاليًا بنوك استثمار تعمل على تنفيذ كل الصفقات والطروحات، كما لديهم أذرع تمويل غير مصرفي عديدة تقوم بالتخديم على كياناتهم وقاعدة العملاء لديهم، فهل أضاف هذا الأمر للسوق أم أن الأداء سيكون أفضل حال عدم وجود منافسة مع كيانات بهذه القوة؟

رضوى إبراهيم: خاصة أن البنوك التجارية دائمًا ما كانت من أهم العملاء لدى بنوك الاستثمار، وبالتالي شكل السوق تغير تمامًا.

باسل الحيني: نعم صحيح، ولكنني لا أستطيع الحكم على التجربة، وحتى نكون منصفين، عند استقدام إدارات اقتصادية لكيانات بغض النظر عن تبعية الكيان قطاع حكومي أو خاص، فالكيان الذي يستهدف النمو وحال كانت تفكر إدارته في التوسع والاستحواذات وتدير كيانًا حكوميًّا فسيكون قد تم ترك المساحة لهم لإدارة الكيان بالطريقة التي يرونها صحيحة، وبالتالي فهو يريد التوسع ودخول قطاع بنوك الاستثمار، ولا يمكن هنا منع الإدارة من هذا الأمر.

عدم الاكتفاء بما تحققه.. من الرسائل المهمة للشباب

كنت أرى فترة تخارج البنوك من هذه القطاعات كانت فترة أكثر معقولية، خاصة أنه بعد عام 2008 وعلى مستوى العالم يعد هناك دمج بين البنوك المختلفة، ولكن هذا الأمر لم يضر بالسوق بكل صراحة، وقد يكون لم يؤثر بشكل إيجابي، حيث كان المالك بنكًا خاصًّا وأصبح بنكًا عامًّا، الأمر واحد طالما استمر المشتري بنفس الطريقة واللوائح والموظفين والحصة السوقية الخاصة به، فليس هناك مشاكل.

أحمد رضوان: الضرر هنا لا يقصد به خسارة ما، ولكن يعني هل هناك تنافسية واضحة؟ بمعنى هل القطاع الخاص الذي يعمل في نشاط بنوك الاستثمار لديه نفس فرص وعدد الطروحات للقطاع الحكومي؟

باسل الحيني: هناك فرق بين الاثنين، وهو حصر الطروحات مع مستشار واحد قيل إنه المستشار الحصري للطروحات.

ياسمين منير: هل تقصد إن آي كابتال؟

باسل الحيني: نعم.

ياسمين منير: والتي تقوم بمنافسة كيانات أخرى.

عدد البنوك في مصر كاف للسوق ولا يستدعي طرح رخص جديدة

باسل الحيني: إن آي كابتال تقوم بدور مستشار الطروحات لكونها الشركة الأكبر في مجالها، بجانب كونها مملوكة من بنك حكومي، وحتى لو لم تكن مملوكة لبنك حكومي كانت ستتولى إدارة الطروحات، وهو ما جذب الانتباه إلى الشركات الحكومية مؤخرًا، وعلى الرغم من أنني من أنصار التعددية لكنني عندما توليت إدارة كيان حكومي بدأت في مزاحمة الشركات. حيث تمتلك الشركات الحكومية فوائض نقدية كبيرة في هذه الكيانات، ما يفتح الباب للتوسع، وأتمنى أن يكون الهدف في يوم من الأيام بعد تكوين كيانات كثيرة أو الاستحواذ عليها أن نخلق كيانات جديدة يكون بها اتساع لأن لدينا قصورًا في الخدمات المالية في مصر فنصيب قطاع التأمين منذ إنشائه لم يزِد 1% حتى وهو قصور شديد.

الشركات الحكومية تمتلك فوائض نقدية كبيرة تفتح الباب أمامها للتوسع

كذلك البنوك، ولكن الأمل هو لو كانت الكيانات الحكومية المملوكة للدولة بإمكانها القيام بهذا التوسع الكبير فإنه بمجرد وصولنا لهذه المرحلة بعد بضع سنوات نبدأ في توسيع قاعدة الملكية. وأنا على سبيل المثال أسست شركة تأجير تمويلي مملوكة بالكامل للشركة القابضة للتأمين وشركاتها التابعة بعد عامين إلى ثلاثة أعوام، يمكن أن يتم طرحها في البورصة، كذلك الشركات التابعة لبنكي الأهلي ومصر، والأمل في أن يحدث هذا في المستقبل، لكن في المرحلة الانتقالية لا أرى لها أي أضرار طالما أنها تؤدي نفس الدور الذي كانت تقوم به.

التوسع في البنوك يكون بالوصول لعدد أكبر من العملاء وزيادة منتجاتها

رضوى إبراهيم: بالانتقال للقطاع المالي وحديثي عن البنوك، فقد رأينا خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية تغيرًا كبيرًا في تعامل المصريين مع البنوك من ناحية زيادة الثقافة المالية وارتفاع أعداد العملاء وحجم الطلب على المنتجات البنكية، بالتزامن معها رأينا بنوك قطاع خاص خارجية تخارجت لصالح بنوك أخرى سواء لم تكن موجودة في مصر من قبل، أو كان لها بنوك في مصر وقامت بدمجها، هل هذا الوقت لم يكن مناسبًا لاستغلال هذه التغيرات لطرح تراخيص جديدة لبنوك جديدة بعيدة عن البنوك الرقمية أو المصارف الصغيرة والمتوسطة؟ هل ترى أن هذه الفرصة لم تكن موجودة؟

باسل الحيني: أرى أن عدد البنوك في مصر كاف للسوق الحالية ولا يستدعي طرح رخص جديدة، فالعدد الموجود الآن لا أرى معه سببًا لطرح رخص أكثر، وكما رأيت أن البنوك التي تخارجت من مصر كان نتيجة لمشاكل لها في بلادها وليس في مصر، واستطاعت جذب مستثمرين مقتنعين بالسوق المصرية، لكن المهم هو زيادة نشاط البنوك الحالية من خلال الوصول للعملاء في أقصى الصعيد والوجه البحري، بالإضافة إلى طرح منتجات جديدة، وهو ما ينطبق أيضًا على شركات التأمين من حيث الأهداف، لكن ليس هناك حظر على رخص شركات التأمين، ويجب أن يكون هناك تسهيل لجذب عملاء أكثر لزيادة أعداد الشركات وحجم السوق.

أتمنى خلق كيانات جديدة لتعويض القصور في الخدمات المالية والتأمين

رضوى إبراهيم: بالنسبة للبنوك الحكومية فقد كانت هناك أخبار عن دمج بعض البنوك الحكومية غير الكبيرة، هل ترى أننا بحاجة لذلك؟ وهل هذا واقعي أم مجرد أحلام؟

باسل الحيني: لم أسمع من قبل عن أي اندماجات.

ياسمين منير: هل ترى أن فكرة الدمج حتى لو يتم تطبيقها مفيدة؟

باسل الحيني: الدمج في حد ذاته لا يعالج أي شيء، هو وسيلة وليس غاية وفي حال كانت هناك فكرة مطروحة وتم تطبيقها خلال السنوات الماضية فأعتقد أن البنك المركزي مثقل بأعمال أخرى في الوقت الحاضر، ومن ضمن المشاكل التي تواجه البنك المركزي في القطاع المصرفي مطلوب منه أن يقوم بدوري الرقيب والمالك فيما يتعلق بالبنوك الحكومية، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا في الوقت الحالي تنوط بحمله الجبال وفي الظروف الحالية يتطلب من البنك المركزي ضبط السياسة النقدية، وهو ما يمثل تحديًا صعبًا جدًّا وفي الوقت نفسه متابعة رغبة البنوك حول الاندماجات، لذلك لا أرى أن الوقت مناسب للتفكير في الدمج، لكن يمكن أن يحدث هذا مستقبلًا حال انفراج الأمور في مجال السياسة النقدية وبدء التعاون بينها وبين السياسة المالية، حيث يمكن حل الأمور بطريقة أسهل بكثير في حال كان هناك من يمثل المالك أكثر مما هو عليه.

دمج البنوك في حد ذاته لا يعالج أي شيء

فالبنك المركزي كان بإمكانه القيام بذلك في حال لو كان غير مثقل بكل هذه الأعباء، دائمًا كانت مهمة البنك المركزي هي الاهتمام بالسياسة النقدية، ولكن في الوقت نفسه كان لديه متسع من الوقت والفكر في شؤون البنوك الحكومية، وقد أبلى بلاء حسنًا ومن ضمن المحافظين الذين أبلوا بلاء حسنًا المحافظ الحالي حسن عبد الله في جزء كبير من إعادة هيكلة القطاع المصرفي من بعد عام 2004، كما أن الوقت الحالي للأولويات.

أحمد رضوان: فكرة مدى تأُثير التعليم في الرحلة المهنية، هذه الفكرة بها جدل من العديد من الأشخاص الذين اكتشفوا أنهم لم يستفيدوا من رحلتهم التعليمية وقاموا بتغيير اتجاههم تمامًا، وآخرين يرون أن رحلتهم التعليمية لا تزال ممتدة حتى يومنا هذا ولا تزال تكتسب ما يفيدهم في حياتهم العملية، كيف كان التعليم في مسيرتك؟

باسل الحيني: حصلت على ماجستير في الاقتصاد وتوقفت من بعده، ولم أرغب في الحصول عليه لولا أمي التى نصحتني بذلك بعد تخرجي مباشرة قبل الانغماس في الحياة العملية، وبالفعل قمت بذلك بعد تخرجي بشهرين من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والتحقت بالجامعة الأمريكية للحصول على شهادة الماجستير.

التعليم الأكاديمي مهم أكثر للفئة التي ترغب بالتدريس

وأرى أن العلم ينقسم إلى ناحيتين من خلال تعليم الذات بالكتب والقراءة، أما التعليم الأكاديمي فهو يهم أكثر الفئة التى ترغب بالتدريس، أما العمل فيفضل له التدريب. قد يكون هناك إقبال شديد جدًّا على الدرجات العلمية لمجرد اللقب أو زيادة طفيفة جدًّا في الراتب، في حين أنه يمكن زيادة المهارات من خلال التدريب العملي، وهو ما يحقق نتائج أفضل، إلا أن بعض الأشخاص يكونون مضطرين لاستكمال دراستهم بسبب ظروف سوق العمل الحالية. بعد كل سنوات العمل السابقة الشيء الوحيد الذي كنت أتمنى فعله هو الموازنة بين العمل والحياة العائلية وهو ما أنصحكم به، فكلما فكرت فيه مبكرًا وتأخذه عقيدة داخلية، يتحقق لك التوازن بين العائلة والحياة العملية.

ياسمين منير: حضرتك ذكرت أن كلية السياسة والاقتصاد لم تكن أقل كفاءةً من الجامعة الأمريكية، هل ترى أن التعليم في مصر خلال الوقت الحالي يستطيع القيام بهذا الدور وبنفس الكفاءة، أم أصبح التعليم الأجنبي الإنترناشيونال واستكمال الدراسة بالخارج شيئًا أساسيًّا للدخول في سوق العمل بكفاءة، وعلى الجانب الآخر هل هناك فرق كبير في التدريب أو العمل في كيانات متعددة الجنسيات أو خارج مصر؟

باسل الحيني: نعم هناك فرق، ولكن أود الحديث في البداية عن التعليم الأكاديمي، وعلى سبيل المثال كلية السياسة والاقتصاد التي تطورت كثيرًا عن الماضي، وأصبحت الدراسة بها باللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية.

أنصحكم بالتوازن بين العمل والحياة العملية

فهي كلية تطوّر من نفسها، وخلال فترة التحاقي بالجامعة لم تكن لغة الدراسة في كلية السياسة والاقتصاد على درجة عالية من الأهمية بين الطلاب وعموم الشعب، ولكنها كانت ذات أهمية كبرى في أماكن العمل، ولذلك بدأت الجامعات المصرية في تبني هذا التنويع في لغة الدراسة في الكليات.

ودعونا نتحدث بصدق.. التعليم بمصر في مراحل متأخرة مقارنة بالعالم وفق الإحصائيات، وهذا ما يجعل القادرين يلجؤون إلى استكمال تعليم أبنائهم بالخارج، «وربنا يوفقكهم»، ولكن أرى أن التعليم الناشيونال في مصر ليس بهذا السوء، ويحدث به تطوير، ونرى الآن افتتاح مدارس جديدة تقدم مناهج دراسية مفيدة وتخرج طلابًا على درجة من الكفاءة.

أما التدريب، فأتفق مع حضرتك في أن ثقافة التدريب لدينا ما زالت متأخرة، ونرى أن هناك مؤسسات تقوم بالتدريب كإجراء روتيني، لتذكر فقط في آخر العام ساعات التدريب التي تم قضاؤها دون النظر إلى حجم الفائدة التي تم الخروج بها، ولذلك التدريب في الكيانات متعددة الجنسيات أفضل.

ثقافة التدريب في مصر ما زالت متأخرة.. ونطالب بتأسيس معاهد متخصصة

وأتمنى أن نسير على نهج سياسة الكيانات متعددة الجنسيات في شركتنا الحكومية للحصول على أجيال أفضل وأداء شركات مميز، بجانب تأسيس معاهد متخصصة فنحن نمتلك على مستوى القطاع المصرفي معهدًا مصرفيًّا فقط، والمفترض أن يكون هناك مثله في بنوك الاستثمار، والبورصة والتأمين، فالتدريب في مصر لا يزال قاصرًا، ولا جدال في هذه النقطة.

رضوى إبراهيم: نود الحديث عن رواد الأعمال ولا سيما من الشباب في هذه الفترة، وتوجه لهم حضرتك ثلاث نصائح واضحة وثلاثة تحذيرات للابتعاد عنها في ضوء رحلتك وخبراتك الكبيرة، وللاستفادة من تجارب من سبقهم؟

باسل الحيني: مشاكل رواد الأعمال تكفيهم، فلا يزال أمامهم العديد من المشاكل على الرغم من المحاولات الكثيرة لدفعها للأمام، وأنا شخصيًّا عانيت من هذه المشاكل، وحاولت إدخال ثقافة التعليم والتدريب في الشركة القابضة والكيانات الحكومية الكبيرة التي كنا نتعاون معهم لمساعدة رواد الأعمال.

أطالب رواد الأعمال بعدم السير وراء الموضة والترندات

وأعتقد أننا أبلينا بلاءً حسنًا فيها، ولكنها لم تأخذ الاستجابة الكافية من الجميع، بل وعلى العكس كنا أحيانًا ينظر إلينا نظرة تعجب وحيرة ويتم توجيه هذا السؤال لنا: لماذا النزول لمثل هذه المستويات على الرغم من أنكم شركات كبيرة؟ والحقيقة لأن هذه المستويات إن لم نقم بمساعدتها ستفشل فشلًا ذريعًا.

ولذلك أول نصيحة هي الابتعاد عن التريندات والموضة، ولا نسير في اتجاه واحد، بحجة أن الجميع يمشي في هذا الاتجاه ونقوم بتقليدهم، فاجعل لنفسك أسلوبًا وتفكيرًا مختلفًا، لأن الحياة قائمة على التخصصات والتنويع.

فترة عملي بشركة أبيكورب الأفضل خلال مسيرتي.. وندمت على تركها

ومن لديه فكرة عليه التحقق إذا كانت قابلة للتطبيق على أرض الواقع أم لا، لأن هناك موضة وأحلامًا وحتى لا يضيع الوقت في بذل مجهود وراء شيء غير قابل للتطبيق وأنت مستمر في عنادك، والنصيحة الثانية هي الإصغاء والسمع وهذه نصيحتي التي أوجهها دائمًا للناس، لأننا كشعب لا نقوم بالإصغاء للغير.

وعلى سبيل المثال، فعندما أكون في حوار أو اجتماع ويقوم شخص ما بتوجيه سؤال لي وعندما أقوم بالرد، أجد شخصًا آخر قام بتوجيه سؤال ثان وغير مهتم بإجابتي عن السؤال الأول، لذلك لا بد من الإصغاء، وعندما أستمع لـ 10 أشخاص ولا أخرج بـ 10 أفكار أكون أنا الخاسر حتى لو كانت أفكارًا غير مجدية، ولكن في النهاية استمعت إلى شيء جديد.

لا أفكر في إنشاء مشروع خاص.. فأنا لست رجل أعمال

ولذلك النصائح الثلاث هي: عدم السير وراء الموضة والترندات، وأن تكون الفكرة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، والإصغاء وكسب المعرفة والتعلم ممن سبقك، والأصغر منك والمحيطين بك، والعكس هي التحذيرات.

رضوى إبراهيم: نود أن نسمع تحذيرًا واحدًا تتمنى عدم وقوع رواد الأعمل به؟

أحمد رضوان: أو شيئًا ما حضرتك فعلته في الماضي وأصبحت نادمًا عليه؟

باسل الحيني: أنا لم أقم بتنفيذ أي مشروعات خاصة إطلاقًا.

رضوى إبراهيم: حتى خلال إدارة فريق عمل أو كيان، فما هي الأشياء التي فعلتها وترى أنها كانت تحتاج إلى المراجعة؟

باسل الحيني: ذكرنا نصيحة عدم السير وراء الموضة والاتجاه نحو الأفكار القابلة للتطبيق على أرض الواقع، ولكن أرى أن فشل أي عمل يكمن في العناد، وأقصد أن الشخص يرى شيئًا ما أمامه يريد تحقيقه ولا يستطيع أن يرى سواه، وأنا شخصيًّا شاهدت ذلك.

لو عاد بي الزمن كنت سأقرر الاستمرار في القطاع المصرفي

وعلى سبيل المثال عندما يطرد الشخص من أكثر من حاضنة «التي تحتضن رجال الأعمال» وعلى الرغم من ذلك يرى نفسه أنه على صواب وهو الأفضل، أعتقد أن هذه النقطة هي العدو الأول.

وأحيانًا تمتلك فكرة عبقرية ولكن الوقت غير مناسب لها، ولذلك من حق رواد الأعمال أن يقنعوا أنفسهم بأنهم الأفضل، ولكن لا بد من فعل الشيء الذي يجعله شخصًا ناجحًا، وهذه أهم نقطة.

رضوى إبراهيم: وبالنسبة لتقييم النجاح على أساس القدرة على جمع التمويلات، ما رأي حضرتك في هذه النقطة؟

باسيل الحيني: التمويل هو أحد المعايير ولا نستطيع تجاهله، ودون تمويل لا يوجد مشروع، ولذلك أنا أعتقد أن تقييم النجاح على التمويل عنصر أساسي.

التمويل عنصر أساسي لتقييم نجاح المشروعات

رضوى إبراهيم: ولكن عندما يكون جمع التمويلات على حساب عدم التركيز الكافي على حجم الإيرادات، وصافي الأرباح وترشيد النفقات؟

باسل الحيني: كيف يمكنه الوصول لكل هذه الأشياء دون تمويل؟ فالتمويل رقم واحد، وهذه حقيقة “شئنا أم أبينا”، ونحتاج إلى جهات تدعم نمو المشروع، وهذا موجود في مصر ولكن على نطاق ضيق.

وأرى أن هذا القطاع يحتاج إلى دعم أكبر، لأنه يستوعب أعدادًا كبيرة من الشباب، ويجعل الناس تفكر في أفكار تعود بالفائدة على الاقتصاد، بعيدًا عن مشروعات الأكل والمشروبات.

لم أكن مرؤوسًا سهلًا.. وعملت بضمير في إنجاز التكليفات الموكلة

أحمد رضوان: سؤال الأستاذة رضوى لا يتعلق بأهمية التمويل، ولكنه يشير إلى فكرة التباهي، وخلال الفترة الماضية شاهدنا العديد من الأشخاص أصحاب منشآت تحقق خسائر، ولكن عنصر القوة بها هو الإعلان عن جولات تمويلية متتالية.

باسل الحيني: تود أن أقول لك الحقيقة؟

أحمد رضوان: نعم بالتأكيد.

باسل الحيني: لديهم الحق لأن التمويل أصبح شيئًا صعبًا، ولذلك من يمتلك القدرة في الحصول على تمويل لا بد من أن يتباهى به، ومن يقوم بتمويل مؤسسات تحقق خسائر عليه أن يتحمل النتائج، فالتمويل أصبح صعبًا جدًّا، وفي الأساس إقناع المؤسسات المالية بهذا القطاع يكاد يقترب من الصفر «مع الأسف الشديد”.

ولذلك الجهات التي تقبل تمويل مشروع تقوم بفرز المشروعات التي تعرض عليها، والعديد من المشروعات يتم رفضها، وتحدثت مع بعض نماذج المشروعات التي تم رفضها، ووجدت أنهم يمتلكون أفكارًا جيدة وقابلة للتنفيذ والدولة في حاجة لها، ولكن المؤسسات ترفض منحهم تمويلات، وفي النهاية لا يستطيعون تنفيذ مشروعاتهم، ولذلك التمويل مهم ومن يحصل عليه من حقه أن يتباهى به.

ومع الأسف ليست لدينا جهات كثيرة متخصصة في هذا المجال، ولذلك الجهات الموجودة يكون عليها إقبال شديد، وفي النهاية لا يعرفون ماذا يفعلون في زيادة الإقبال نظرًا لمحدودية مصادر التمويل، فهذا قطاع مهم ولا بد منه.

ولذلك عندما يأتي شخص ما ويطلب مني النصيحة في أخذ تمويل أم الحصول على وظيفة، يكون جوابي بحسرة في حال وجود وظيفة يكون أفضل لك.

أحمد رضوان: لهذه الدرجة؟

باسل الحيني: نعم، مع أنه لا يفترض ذلك، ولكن أنا حاولت شخصيًّا دعم هذا المكان، ولو أنك تتذكر برنامج الفرصة للميس الحديدي، ونحن لم نكن داعمين فقط لهم بل جلبنا 55 شركة للبرنامج وقمنا بتوزيعهم على مدار 3 أيام، وجلبنا أفضل أشخاص في هذا المجال لعمل تقييم ونقوم بالاختيار من بينهم ولكن في النهاية لم يقم أحد بمساعدتنا أو تشجيعنا، وذهبت للكيانات الكبيرة لإقناعهم بتقديم شيء معًا.

وعلى سبيل المثال لو وضعت كل مؤسسة من هذه المؤسسات 50 مليونًا، وهو مبلغ ضعيف بالنسبة لهذه المؤسسات، فالفوائد المالية الضخمة بالنسبة للمؤسسات الكبيرة كالقابضة، بنك مصر، صندوق مصر السيادي، وهي مبالغ قليلة بالنسبة لهذه المؤسسات ولكنها تستطيع تأسيس العديد من المشروعات المفيدة.

أحمد رضوان: ما الحل ونحن نتحدث عن فترة تم الإعلان فيها عن دعم وتحفيز المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال 5 أو 6 سنوات الماضية، وعلى الرغم من ذلك فالتحديات كبيرة ليس فقط على مستوى التمويل، ولكن أيضًا على مستوى الإجراءات، وكل ما يتعلق بإدارة التأسيس والتراخيص وممارسة النشاط، وجلب الكوادر والاستمرار في النشاط، والتعاملات التي تتعلق بالضرائب والرسوم وخلافه على الرغم من صدور تصريحات بأن جميع المشروعات ذات إيرادات أقل من 10 ملايين جنيه ضريبة مقطوعة، ولكن لم نر هذه التصريحات على أرض الواقع، هل أحد الحلول ما ذكرناه فيما يتعلق بفكرة الكيان القابض الأم فيما يتعلق بالمؤسسات المملوكة للدولة، وأن تكون هناك جهة أو وزارة مسؤولة عما يتعلق بالتشريع والتسهيل والتمويل؟

ياسمين منير: هذا تقريبًا تولدت منه فكرة نموذج أو جهاز المشروعات.

باسل الحيني: حضرتك ذكرت أنها 5 سنوات، ولكن أنا أقول لك إنها أكثر من 5 سنوات، ففي عام 2008 عندما كنت في بنك القاهرة، وتم الإعلان حينها عن أن بنك القاهرة سيكون بنكًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، نظرًا لاهتمام الدولة بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة وهذا منذ عام 2008 وليس من 5 سنوات وحتى الآن لا نزال نعافر.

وفي هذه الفترة كان يدور الحديث حول وجود كيان، ووقتها كان يوجد أيضًا الصندوق الاجتماعي، ثم استغرقنا بعدها وقتًا طويلًا جدًّا ليخرج جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة من الصندوق الاجتماعي، وهذا المنحنى لم يأخذ وقتها الاهتمام الكافي ولم يؤد بشكل جيد وقتها، ولكن خلال الوقت الحاضر أرى أنه بدأ يؤدي والاهتمام به والدعم الحكومي أصبح أكثر.

وأنا كنت عضو مجلس إدارة بهذا الجهاز الذي يترأسه رئيس الوزراء، فقد بلغ الاهتمام به هذا الحد، ولكنه لم يحقق النجاح الكافي، والبنوك لم تبدأ خطوات جادة في هذه النقطة إلا بعد إعلان البنك المركزي عن اشتراط حد أدنى من محافظ البنوك لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

والفكرة تحتاج لتطبيقها في أي مكان وليس بمصر فقط إلى مؤسس أو راع ويكون مسؤولًا قبل استعداده للتغلب على المخاطر، أو كيان مسؤول، والآن نشعر بتحسن في جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة ولكن بمفرده لا يستطيع تقديم شيء ويحتاج إلى تعاون من جميع المؤسسات، ولذلك لا بد من وجود جهات معينة للتخطيط والتفكير لهذه الأمور.

ياسمين منير: استراتيجية واضحة للدولة.

باسل الحيني: بالضبط، والدعم لا يكون مجرد شعار مع وجود خطة عمل واضحة، ويكون على من يأتي تنفيذ محددات معينة، وعليه القبول أو الرفض، والاستعانة بأشخاص آخرين في حال الرفض، ولكن في النهاية هناك تحسن ولكن بعيد جدًّا عن ريادة الأعمال.

أحمد رضوان: التحسن غير كاف.

ياسمين منير: على مدار رحلة حضرتك العملية.. هل فكرت في إنشاء مشروع خاص، ولو هناك نية لتنفيذ ذلك خلال الفترة الحالية في أي القطاعات سيكون هذا المشروع؟

باسل الحيني: لا لم أفكر في عمل مشروع خاص، فأنا لا أشعر أنني رجل أعمال.

ياسمين منير: ولكن حضرتك قمت بإدارة العديد من الكيانات.

باسل الحيني: بالطبع أنا أدير أموال الناس بشكل جيد، ولكن لا أعرف كيف أدير أموالي، ومن جانب آخر أنا رجل مؤسسي أفضل العمل في إطار منضبط، ولا أستطيع تحمل نزول السوق والتعامل مع الموردين والمستوردين، لذلك لم أفكر في تنفيذ مشروع خاص.

ولكن حينما فكرت في مرحلة ما في هذا أعطيت أحد أصدقائي الأموال الزائدة عن حاجتي لاستثمارها في مشروع مربح أو مشروع مشترك، ولكن هذه المحاولات لم تتطور قط.

وعلى سبيل المثال كان هناك أحد أصدقائي، وهو طبيب، وفكر في تنفيذ مركز للعيون، وذهبنا لعمل دراسة جدوى، ولكنها كانت دراسة غير جادة، وبالتالي لم تتم ترجمتها إلى مشروع على أرض الواقع.

وأيضًا كان لي صديق آخر بلغ سن التقاعد من أعمال المطاعم، فكرنا في تنفيذ مشروع مشترك، وحدث نفس سيناريو مركز العيون، ولكن أنا شخصيًّا لم أفكر في تنفيذ مشروع خاص بمفردي، وحاليًا أيضًا لا، لأنني تقدمت الآن في العمر، وعلى الأقل حقي بعد الرحلة العملية الطويلة أن أستريح.

أحمد رضوان: ممكن أن يسير المشروع في نهج تقديم الاستشارات؟

باسل الحيني: ممكن.

ياسمين منير: مشروع يعتمد على الخبرة.

باسل الحيني: لا أستطيع تحمل هذا أيضًا.

أحمد رضوان: ما هو الشيء الذي فعلته وندمت عليه؟

باسل الحيني: ليس ندمًا إنما لو عاد بي الزمن لم أكن لأفعله مرة ثانية على الرغم من كونها فترة ثرية جدًّا بالنسبة لي، وهي ترك العمل في البنوك لأكون مستشارًا لوزير المالية، وتعلمت في هذا المنصب الكثير، وأصبحت على مقربة جدًّا من العمل الحكومي ومن السياسة، وفي هذا الوقت كنت الأكثر حظًّا، نظرًا لأن المجموعة الاقتصادية كانت ذات ثقل كبير جدًّا وقتها.

«كن خير مرؤوس تكن خير رئيس».. أحد أهم رسائل والدي لي

وعلى سبيل المثال تجرية بنك الإسكندرية التي كانت تجربة رائعة، وتجربة بي بي دي في أولها كانت أيضًا تجربة رائعة، وأنا الذي بدأتها، وكانت تجارب جيدة جدًّا ولكن هناك شيئين كما ذكرت أنني دائمًا أقدم النصح للناس بأن يكونوا ديناميكيين، ولا بد من التفكير في العواقب وفي الغد.

وحتى حينما كنت أفكر في قبول منصب القابضة مرة أخرى بعدما كنت في القطاع الخاص، وابنتي وجهت لي هذا السؤال هل أنت تريد العودة من أجل تطبيق شيء ما كنت تحلم بتطبيقه ولم يحالفك الحظ في تنفيذه وبالتالي يمكن أن تقول إنك على صواب، ولكن عند دخولك إلى المكتب مرة أخرى كيف سيكون تفكيرك وقتها.

ولكن أنا لم أقم بالتفكير في الغد واكتفيت بالتفكير في اليوم، ولذلك لو أنني قمت بالتفكير جيدًا لأدركت وقتها حيادي عن المسار، فأنا خرجت من القطاع، والخروج من مكان والعودة له مرة أخرى أولًا ليس سهلًا، ثانيًا يمكن أن تجد أصدقاء العمل في هذا المكان تقدموا عليك، أو تأخرت محطات عنهم ولكن أنا حالفني الحظ عندما عدت لأكون عضوًا منتدبًا في بنك القاهرة.

بجانب أنني لم أجد الرغبة والشغف في العمل كمستشار، واكتشفت أنني لم أخلق لهذا، ولذلك لو قمت بتنفيذ مشروع يتعلق بالاستشارات سيكون من أجل الكسب منها فقط نظرًا لتراجع ضغط العمل مقارنة بالفترات السابقة خلال الوقت الحالي.

ولذلك يمكن أن أنفذ مشروع استشارات الآن، ولكن فعلًا أنا لم أخلق من أجل إعطاء الأفكار، وأرى من يقوم بتنفيذها أم لا، وهذا الوضع يضعني تحت حيرة وضغط.

وقرار عملي كمستشار على الرغم من كونه متسقًا مع ما نصحت به في التغيير والتفكير والحث على وجود ديناميكية، إلا أنه يظل القرار الوحيد الذي لا أفعله مرة ثانية في حال عودة الزمن مرة أخرى إلى الوراء، وأستكمل عملي داخل القطاع المصرفي حتى الوصول إلى النهاية.

وأيضًا هناك أماكن عمل تركتها مضطرًا، لأنني وصلت إلى طريق مسدود، ولكن هذه المحطات لم أشعر بالندم عليها إطلاقًا.

أحمد رضوان: القابضة للتأمين منهم؟

باسل الحيني: نعم القابضة للتأمين منها، فأنا لا أشعر إطلاقًا بالندم على هذا، لأنني طالما وصلت إلى طريق مسدود وأنا أدرك أنه لا تكويني ولا المبادئ تسمح لي بعمل شيء مختلف، وفي الوقت نفسه لا أفضل أن أتجاوز حدودي مع أحد، ولذلك ممكن أن أكون صلبًا ومقاتلًا إلى مدى معين وبعدها الأمور تتحول إلى شيء قبيح وأنا لا أفضل الوصول لهذه المرحلة، ولذلك لا أشعر إطلاقًا بالندم لترك هذه الأماكن.

رضوى إبراهيم: ما هي أكثر نصيحة أثرت في مسيرتك المهنية؟ ومن صاحبها؟

باسل الحيني: من والدي رحمة الله عليه.. وللأسف لم أعمل بها.. حيث دونتها في خطاب خلال فترة عملي بالسعودية، وهي: «كن خير مرؤوس تكن خير رئيس».

قرار ترك القابضة للتأمين جاء اضطرارًا بعد الوصول إلى طريق مسدود

في الحقيقة أنني استفدت منها جدًّا، بالرغم من أنني لم أكن مرؤوسًا سهلًا، بل كنت مشاغبًا نوعًا ما فيما يتعلق بتقبل أوامر العمل من رؤسائي، ولكن الحمد لله طوال فترة عملي كنت أعمل بضمير وأنجز التكليفات أكثر مما هو مطلوب لدرجة انشغالي بعض الأحيان عن حياتي الخاصة.

وللأسف عانيت من ذلك كثيرًا لدرجة أن أحد الأشخاص بعث لي برسالة باللغة الإنجليزية أثناء عملي لوقت متأخر من اليوم، مفادها أنني أمتلك ضميرًا في إنجاز مهام عملي، وأن المحيطين بي محظوظون لوجودي معهم، فمن هذا الجانب كنت مرؤوسًا جيدًا بالفعل، وإن كنت مشاغبًا في بعض الأحيان، وبعد أن أصبحت رئيسًا لا أعلم إذا كنت خير رئيس أم لا.

بعض الموظفين يرون أن التعامل معي صعب وليس سهلًا على الإطلاق، خاصةً أنني ألتزم في العمل بالجدية والاحترافية، وأحسب أنني لم أترك مكانًا إلا وكانت علاقتي بجميع الموظفين جيدة، لذلك فهذه النصيحة ظلت عالقة في ذهني ولم أنسها قط لأنها أثبتت صحتها.

امتثال الموظف الدائم للأوامر دون تفكير لا يجعله خير مرؤوس، وأتذكر ما قاله لي أحد المديرين خلال عملي بالكويت، وكان مصري الجنسية، إنه يؤلمه اختلافي معه في الرأي، فقلت له إنكم استعنتم بخدماتي لإبداء الرأي في طريقة العمل وهو ما أتقاضى عليه راتبي، ومن المفترض أن تكون سعيدًا بذلك.

رضوى إبراهيم: ما هو أكثر مكان عملت به وأثر فيك على المستوى المهني والإنساني؟

باسل الحيني: قولًا واحدًا الشركة العربية للاستثمارات البترولية «أبيكورب».

رضوى إبراهيم: هذه الشركة مقرها في السعودية؟

باسل الحيني: صحيح.. لسببين، الأول هو أنني التحقت للعمل بها في سن صغير فور سفري من مصر حيث كان عمري وقتها 24 عامًا.. والسبب الثاني هو أنني تعلمت عمليات تمويل المنتج منذ البداية، ولكن الفترة الأولى من عملي كانت صعبة للغاية، بسبب مرور المنطقة بفترة ركود، كما أن المشروعات لم تكن متوفرة بصورة كبيرة، بجانب تجميد المرتبات والترقيات.

لم أترك مكانًا إلا وكانت علاقتي بجميع موظفيه جيدة

وجراء ذلك قبلت بالعمل في الكويت بمرتب أعلى ولأول مرة أصبح مديرًا، إلا أنني ندمت على هذا القرار نظرًا لحدوث الغزو العراقي للكويت بعد شهر واحد من بداية عملي هناك، وكانت تجربة مؤلمة للغاية.

ياسمين منير: أعتقد أن ما حدث ما هو إلا سوء حظ؟

باسل الحيني: صحيح.. ولكنني ندمت على قرار ترك العمل بشركة «أبيكورب» نظرًا لرغبة الإدارة في استمراري بمنصبي، حيث تمسكت الإدارة بوجودي بكل السبل، لدرجة أنهم قاموا بتقديم عرض العمل ذاته الذي حصلت عليه في الكويت سواء من حيث المرتب أو الترقيات، إلا أن رغبتي كانت في خوض تجربة جديدة، لا سيما مع معاناتي من ظروف العمل في السعودية بسبب الأوضاع الاقتصادية المحيطة آنذاك، وعدم وجود حالة الانفتاح التي تشهدها حاليًا.

الغزو العراقي للكويت تجربة مؤلمة والأحداث اندلعت بعد شهر واحد من تسلمي عملي هناك

الظروف التي واجهتها في الكويت كانت صعبة ومريرة، لدرجة أنها شهدت ولادة ابني هناك خلال فترة الغزو يوم 15 اغسطس عام 1990، كما قمت بكتابة قصة تروي حجم المعاناة خلال تلك الحقبة، والصعوبات التي طالت عودتي إلى مصر عبر الطريق البري.. ومن الممكن نشرها يومًا ما.

وبعد عودتي إلى مصر ذهبت للاطمئنان على الراحل الدكتور فراج رئيس مجلس إدارة «أبيكورب» أثناء إجرائه عملية جراحية وقتها، وتساءل ضاحكًا عما إذا قامت الوالدة بتمزيق جواز سفري وإلقائه من النافذة بسبب معاناتي أثناء فترة عملي بالخارج وحتي لا أعيد التفكير في السفر مرة أخرى؟

بعد عام من الأزمة تلقيت عرضًا جديدًا من «أبيكورب» بمرتب كبير

وبعد عام من هذه الأزمة تلقيت عرضًا جديدًا من شركة «أبيكورب» بمرتب مغر وترقية كبيرة، لكن والدتي كانت رافضة تمامًا لفكرة سفري إلى الخارج مرة أخرى، الا أن والدي شجعني على قبول ذلك العرض والبحث عن تأمين مستقبلي.

والحقيقة أن الفترة بين عام 1992 وحتى عام 2000 عندما قررت العودة لمصر، كانت الأفضل في مسيرتي الوظيفية، لأنني كنت محبًّا للعمل، وشهدت تلك الفترة العديد من عمليات التمويل الهيكلي والصفقات الكبيرة، فضلًا عن قيام الشركة بتمويل مشروعات بترولية وبتروكيماويات وأسمدة وغيرها في العديد من الدول، سواء العربية أو دول جنوب شرق آسيا، وكانت بها رحلات سفر وتفاعل مع بنوك أجنبية وشركات متعددة الجنسيات باستمرار، وبالرغم من كل هذا كنت أرغب في العودة إلى مصر.

والدتي تخوفت من سفري للخارج مجددًا ووالدي شجعني على تأمين مستقبلي

أحمد رضوان: هل ترى أنك قمت بجميع واجباتك تجاه العائلة؟

باسل الحيني: نعم.. أديت واجبي تجاه العائلة من وجهة نظري.. ومن وجهه نظر أبنائي متأكد من شعورهم بأنني قمت بأداء واجبي تجاههم، وإن حدث بعض التقصير، لدي شعور أنني كنت مهتمًّا وملتفتًا لشؤونهم واحتياجاتهم، لدرجة دخولي في جدال مع ابنتي بشأن متابعة ما تقوم به من أنشطة في المدرسة رغم انشغالي الدائم وسفري بالخارج، فهي ترى أنه رغم أداء واجبي تجاهها إلا أنني في وقت ما كنت منصرفًا عنها تمامًا، فهي ترى أنها كانت بحاجة للحديث معي في العديد من الأمور وحل بعض المشاكل، وفي حال عدم وجود مشاكل فليس لدي دور تجاههم، أي إن دوري مقتصر على حل مشاكلهم فقط.

أشعر أنني أديت واجبي تجاه أسرتي.. وإن حدث بعد التقصير

وأنا حين أسمع مثل هذا الحديث أشعر بالضيق، خاصةً أنني فعلت كل ما في مقدرتي تجاه أبنائي، ورغم ذلك فإنهم يتذكرون كل ما فعلته معهم، سواء الجيد أو السيئ، وهذه طبيعة الجيل الجديد، حتى ابنتي ياسمين أعتقد أنها شعرت بالحزن على ما قالته لي وتسبب في بعض الضيق.

من منظوري فعلت كل ما في وسعي، وطالما من منظور المتلقي أنني فعلت كل شيء.. ولكن. فالإجابة على السؤال: نعم.. ولكن، من أجل ذلك فإن نصيحتي الأولى أنه يجب عمل توازن بين العمل والأسرة منذ البداية.

رضوى إبراهيم: ما هي رسالتك الموجهة للأسرة؟

باسيل الحيني: صمت.

أحمد رضوان: هل أنت خجول في توجيه رسائل مباشرة لأسرتك؟ وهل تستطيع التعبير صراحة عن حبك واحتياجك لهم؟

باسل الحيني: أنا رجل وأنت تعلم طبيعة الرجال، ودائمًا هناك شكاوى ضدنا بسبب عدم قدرتنا على التعبير بصراحة عن مشاعرنا.

أحمد رضوان: أنا كرجل صعيدي أواجه كثيرًا صعوبة في التعبير

باسل الحيني: أنا أيضًا رجل صعيدي.. وهناك شكوى دائمًا من تجاهلنا التعبير المباشر عن مشاعرنا تجاه أسرتنا، حيث نترك الأفعال تقوم بذلك.

مطلوب التوزان بين العمل والمهام الأسرية.. وقصرت في حق نفسي كثيرًا

وليس من الضروري تقبيل واحتضان أبنائي باستمرار للتعبير عن مدى حبي لهم، فهناك أفعال تعكس ذلك، ونحن كرجال التعبير عن مشاعرنا ليس بالكلام وإنما بالفعل.

ياسمين منير: الفعل لا يمنع الكلام.. هل ذلك صحيح؟

باسل الحيني: هذا حديث السيدات.

أحمد رضوان: دعنا نقدم لأسرتك رسالة.. فما تكون؟

باسل الحيني: رسالتي هي أنني حاولت وفعلت أقصى ما يمكن، ولا تنسوا أنني أهملت نفسي في وقت ما، وإذا كان هناك تقصير تجاهكم فسبقه تقصير في حق نفسي، وأعتقد أنه ضمن النصائح الأولى، وهي ضرورة الاهتمام بنفسك، وأنا في أوقات كثيرة أسأل عن مصدر سعادتي ولا أجد إجابة محددة لذلك.

 

باسل الحيني رئيس مجلس إدارة بنك التعمير والإسكان

رضوى إبراهيم: هل كانت نجاحات العمل تغذي الشعور بالسعادة لديك؟

باسل الحيني: نعم بالطبع.. إنجاز العمل أكثر شيء يسعدني، أو تقديم مساعدة لابني وانعكاس ذلك عليه بشكل إيجابي، ما يجعلني أشعر بالسعادة لمساعدته على تحقيق النجاح.

رسالتي لأسرتي هي أنه إذا حدث تقصير مني بالتأكيد فهو غير مقصود على الإطلاق، ولن يكون مبرر انشغالي عنهم هو جلب الأموال لهم.. هذا كلام فارغ.

أعتز كثيرًا بفريق عملي السابق في القابضة للتأمين وحققنا نجاحات كبيرة بفضل إخلاصهم

نحن نعمل من أجل أنفسنا لأننا أدمنا الإنجاز في العمل، إنما الرسالة هي إذا حدث تقصير في حقكم فأنا قصرت قبلها في حق نفسي، فيجب أن نكون رحماء فيما بيننا حتى تكون الأمور موضوعية.

رضوى إبراهيم: بإذن الله الفترة القادمة يكون هناك متسع من الوقت لتعويض ما فاتكم؟

باسل الحيني: يا رب. وأستطيع إسعاد نفسي قليلًا.

أحمد رضوان: نشكر حضرتك جدًّا على هذا اللقاء.

باسل الحيني: كانت قعدة جميلة.

أحمد رضوان: فعلًا لم نشعر أننا استغرقنا وقتًا في الحديث معك.. وكنا نأمل في استمرار الحوار أكثر للاستفادة من الجزء الإنساني الأخير الذي أثر فينا جميعًا.. وأتمنى أن تكون رسالتك للأسرة قد وصلت.. لكن ما هي رسالتك لأي شخص عملت معه سواء من زملائك أو العائلة الأكبر.. معك مطلق الحرية؟

باسل الحيني: أود أن أقول للشباب إن العقبات ستكون موجودة بكثرة، والحروب ستكون موجودة أيضًا والنفوس الضعيفة كذلك، وسيتم اكتشاف أشياء كثيرة خلال المسار الوظيفي.. وأنا آخر شخص يمكن أن يقول لكم لا يصح إلا الصحيح.. لأنه قد يأتي هذا الصحيح بعد استنفاد الشاب لكل طرق المقاومة.

وفي رأيي الشخصي ونتيجة لبعض الأشياء التي حاولت شخصيًّا استخدامها ولم أتمكن من ذلك لفترة طويلة، وعندما نجحت كان أمرًا جيدًا، وهو التعامل مع الظروف بمنظور مختلف، لأنه إذا ما نظرت للمشكلة فقط فلن أستطيع التعامل مع من حولي، وعلى مدار مساري الوظيفي تمت محاربتي خلال عملي، وواجهت صعوبات حقيقية أشبه بالحرب، ومع مرور الوقت أدركت أنه كان من الممكن النظر للأوضاع التي عانيت منها بمنظور أوسع، سواء مع اكتشاف الأصدقاء الجيدين أو الإنجاز الذي حققته في العمل رغم كل الحروب، إلا أنني للأسف ركزت فقط على المشاكل التي واجهتني.

أنصح الشباب بتنمية مهاراتهم جيدًا

فنصيحتي الحقيقية للشباب ليس العمل بمبدأ لا يصح إلا الصحيح، لأنه من الممكن التعرف عليه من خلال الكتاب أو الشيوخ أو حتي المديرين، وإنما عدم التركيز على هذا المنظور لأنه ليس بالسهل، بل يحتاج إلى جهد ومشقة كبيرة.

والنصيحة التي تعلمتها من أولادي هي ضرورة تطوير المهارات الذاتية والشخصية، فيجب على كل شاب أن يشتغل على نفسه، وألا ينشغل بأهداف أخرى حتى لا يقوم بالتركيز على هذا المنظور.

وأخيرًا أنا في الحقيقة أعتز كثيرًا بالأشخاص الذين عملت معهم في أي مرحلة من مراحل حياتي، وأكثر ما يسعدني عند مقابلة الناس في المؤتمرات أو الرسائل التي تصلني عبر الفيسبوك، والتي تحمل تقديرًا لما قدمته لهم سواء في العمل أو الدراسة، وفي إحدى المرات كنت بصحبة صديق عزيز من رؤوساء البنوك، وتقابلت مع أحد الموظفين هناك ولقيت ترحيبًا شديدًا منه، وقال لي إنني قمت بالتدريس له عندما كنت محاضرًا بالمعهد المصرفي.

ولكن أكثر ما يؤثر في هم الأشخاص الذين عملت معهم، والحقيقة أن آخر فريق عمل معي كان في الشركة القابضة للتأمين أو مصر للتأمين، لأنه لم يكن من السهل الاستعانة بموظفين خارج الشركة، لذلك قررت الاعتماد على عناصر من الداخل، وعدد أعضاء الفريق الذي اعتمدت عليه لم يكن كبيرًا مقارنة بآلاف من الموظفين الآخرين، وكان مكونًا من سيدات ورجال على أكبر قدر من الإخلاص، رغم أنهم لا يتمتعون بذات كفاءة الموظفين بالشركات متعددة الجنسيات، ولكن كان هناك إخلاص وجهد في العمل، وكنا نقضي أوقاتًا طويلة في العمل.

قطاع التأمين في قلبي وأحمل كل مشاعر التقدير لجميع العاملين

قطاع التأمين في قلبي، والشركة القابضة للتأمين لديها مكانة خاصة عندي إلى الآن وأحمل كل مشاعر التقدير لكل العاملين.

والنجاح الذي حققناه جاء بجهود هذا الفريق، خاصةً أنهم كانوا أناسًا مخلصين في العمل، ووجهت لهم الشكر خلال وعقب ترك العمل بالشركة، وأتمنى أن تتحسن ظروفهم في العمل وعودة الشركة لسابق عهدها مرة أخرى. وأنصح الجميع بالصبر والجلد إلى أن يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

أنا أشكركم جميعًا على هذا اللقاء.

أحمد رضوان: نتمنى لحضرتك كل الخير دائمًا، وأن يستمر شغفك ودائمًا ما يكون هناك جديد.. وإن شاء الله نلتقي مرة أخرى ونتحدث في الجديد وفي تطورات وظروف أفضل من الموجودة حاليًا، سواء على مستوى مصر أو المنطقة.

شكرًا لحضراتكم.. وإلى لقاء جديد من حابي بودكاست.

 

الرابط المختصر