قمة كوب28 تتوصل لاتفاق على خفض الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري

رويترز – اتفق ممثلو ما يقرب من 200 دولة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) اليوم الأربعاء على البدء في خفض الاستهلاك العالمي للوقود الأحفوري لتجنب أسوأ تداعيات تغير المناخ، في أول اتفاق من نوعه يبشر بنهاية عصر النفط.

ويهدف الاتفاق الذي تسنى التوصل إليه في دبي بعد مفاوضات شاقة لأسبوعين إلى توجيه رسالة قوية إلى المستثمرين وصناع السياسات مفادها أن العالم متحد الآن في الرغبة في التوقف عن استخدام الوقود الأحفوري، وهو أمر يقول العلماء إنه الأمل الأخير لدرء الكارثة المناخية.

E-Bank

ووصف سلطان الجابر رئيس مؤتمر كوب28 الاتفاق بأنه “تاريخي”، لكنه أضاف أن نجاحه الحقيقي سيكون في تنفيذه.

وقال: “نحن ما نفعله، وليس ما نقوله”.

وأضاف “علينا أن نتخذ الخطوات اللازمة لتحويل هذا الاتفاق إلى إجراءات ملموسة”.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ورحبت عدة دول بالاتفاق لأنه حقق شيئا كان صعب المنال خلال محادثات المناخ المستمرة منذ عقود.

وقال وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدا عن الاتفاق “إنها المرة الأولى التي يتحد فيها العالم حول مثل هذا النص الواضح بشأن ضرورة التحول عن الوقود الأحفوري”.

وأضاف “كانت مشكلة كبيرة. وأخيرا نمضي في التعامل معها”.

وضغطت أكثر من 100 دولة بشدة من أجل إدراج صياغة قوية في اتفاق كوب28 تتعلق “بالتخلص التدريجي” من استخدام النفط والغاز والفحم، لكنها واجهت مقاومة قوية كذلك من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بقيادة السعودية الذين يقولون إن بمقدور العالم خفض الانبعاثات دون الاستغناء عن مصادر وقود معينة.

وأدت تلك المعركة إلى تمديد القمة حتى يوم الأربعاء وأثارت قلق بعض المراقبين من وصول المفاوضات إلى طريق مسدود.

ويسيطر أعضاء أوبك معا على ما يقرب من 80% من احتياطيات النفط المؤكدة في العالم إلى جانب حوالي ثلث إنتاج النفط العالمي، وتعتمد حكومات تلك الدول بشكل كبير على عائدات الخام.

وفي الوقت نفسه، كانت الدول الجزرية الصغيرة المعرضة لخطر تغير المناخ من بين أشد المؤيدين للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ونالت دعم منتجين كبار للنفط والغاز مثل الولايات المتحدة وكندا والنرويج إلى جانب الاتحاد الأوروبي وعشرات الحكومات الأخرى.

وقال المبعوث الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري بعد التوصل للاتفاق “هذه لحظة يتلاقى فيها العمل متعدد الأطراف ويتخلى الناس عن المصالح الفردية ويحاولون تحديد الصالح العام”.

إلا أن كبيرة المفاوضين في تحالف الدول الجزرية الصغيرة آن راسموسن انتقدت الاتفاق ووصفته بأنه لا يرقى إلى مستوى الطموحات.

وقالت “حققنا تقدما تدريجيا مقارنة بالعمل كالمعتاد، في حين أن ما نحتاج إليه حقا هو تغيير كبير في أفعالنا”.

لكنها لم تعترض رسميا على الاتفاق ولاقت كلمتها تصفيقا حارا.

وتعجب وزير المناخ والطاقة الدنمركي دان يورجنسن من ملابسات الاتفاق وقال “نحن هنا في بلد نفطي، ومحاطون بدول نفطية، واتخذنا القرار وقلنا دعونا نبتعد عن النفط والغاز”.

خفض الانبعاثات

يدعو الاتفاق على وجه التحديد إلى “التحول عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة… لتحقيق هدف صفر انبعاثات بحلول عام 2050 بما يتماشى مع العلم”.

وتصف هذه اللغة بعض الشيء ما بدأ يحدث بالفعل، إذ وضع بعض الحكومات في السنوات القليلة الماضية سياسات للانتقال إلى اقتصاد أكثر مراعاة للبيئة.

وقررت أوروبا والولايات المتحدة إيقاف أعداد هائلة من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، ووصلت قدرات الطاقة المتجددة في العالم إلى مستويات قياسية، وأصبح لدى العديد من الدول سياسات تدعم مبيعات السيارات الكهربائية.

كما يدعو الاتفاق إلى زيادة قدرة الطاقة المتجددة على مستوى العالم إلى ثلاثة أمثالها بحلول عام 2030، وتسريع الجهود المبذولة للحد من استهلاك الفحم، وتسريع استخدام تقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه التي يمكن أن تحول قطاعات يصعب إزالة الكربون منها إلى قطاعات نظيفة.

ووصف مصدر مطلع على موقف السعودية الاتفاق بأنه “قائمة يمكن لكل دولة أن تختار منها مسارها الخاص”. وقال إنه “يظهر المسارات المختلفة التي ستسمح لنا بالحفاظ على هدف (الإبقاء على درجة حرارة الأرض عند) 1.5 درجة مئوية (فوق مستويات ما قبل الصناعة) وفقا لخصائص كل دولة وفي سياق التنمية المستدامة”.

ودعت عدة دول منتجة للنفط مثل الإمارات المضيفة للقمة، إلى دور لاحتجاز الكربون في الاتفاق. ويقول منتقدون إن التكنولوجيا لا تزال مرتفعة التكلفة ولم تثبت فاعليتها على نطاق واسع.

كما رحب نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور بالاتفاق، لكنه قال إن “تأثير الدول النفطية لا يزال واضحا في أنصاف التدابير والثغرات الموجودة في الاتفاق النهائي”.

والآن بعد التوصل إلى الاتفاق، صارت البلدان الآن مسؤولة عن تنفيذ اتفاقات من خلال سياسات واستثمارات وطنية.

واقترحت الصين، وهي أكبر مصدر للتلوث الكربوني في العالم، أن تقود الدول الصناعية الطريق.

وقال نائب وزير البيئة الصيني تشاو ينغ مين بعد الموافقة على الاتفاق “الدول المتقدمة عليها مسؤوليات تاريخية لا يمكن أن تتنصل منها فيما يتعلق بتغير المناخ”.

وفي الولايات المتحدة، أكبر دولة منتجة للنفط والغاز في العالم وأكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، تجد الإدارات المعنية بالمناخ صعوبة في إقرار قوانين تتماشى مع تعهداتها المناخية في الكونجرس المنقسم.

وحقق الرئيس الأمريكي جو بايدن انتصارا كبيرا العام الماضي بإقرار قانون يحد من التضخم ويتضمن دعما للطاقة النظيفة بمئات المليارات من الدولارات.

كما أدى تزايد الدعم العام لمصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية في السنوات القليلة الماضية، بالإضافة إلى تحسين التكنولوجيا وانخفاض التكاليف وزيادة الاستثمارات الخاصة، إلى سرعة انتشارها.

ويمثل النفط والغاز والفحم رغم ذلك نحو 80% من مزيج الطاقة في العالم، وتتباين التوقعات على نطاق واسع بشأن موعد وصول الطلب العالمي إلى ذروته.

وأشادت راشيل كليتوس مديرة السياسات في اتحاد العلماء المعنيين بمكافحة تغير المناخ بالاتفاق، لكنها قالت إنه لا يلزم الدول الغنية بتقديم تمويل إضافي لمساعدة البلدان النامية على تحمل تكاليف التحول عن استخدام الوقود الأحفوري.

وأضافت “مخصصات التمويل… غير كافية على الإطلاق ويجب زيادتها في المستقبل من أجل ضمان قدرة الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل على التحول إلى الطاقة النظيفة وسد الفجوة في إمدادات الطاقة”.

الرابط المختصر