منى بدير: سيناريو رفع الفائدة.. الأقرب لآخر اجتماعات المركزي في 2023
3 محركات أدت إلى تغيير التوقعات بشأن قرار السياسة النقدية
رنا ممدوح _ توقعت منى بدير، خبير الاقتصاد الكلي، أن يستأنف البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة مرة أخرى في آخر اجتماعات لجنة السياسة النقدية للعام الجاري، بنحو 200 نقطة أساس كحد أدنى، لافتة إلى أن هذا يخالف توقعاتها منذ شهر بأن سيناريو التثيبت هو الأقرب.
وأوضحت بدير في تصريحات لجريدة حابي، أن الفترة الأخيرة شهدت تحولات كبيرة غيرت مسار التوقعات الخاصة باجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، سواء على مستوى نهاية العام الجاري والعام 2024، أو إستراتيجية التعامل مع الأزمة الراهنة.

وقالت بدير، إن التطورات التي قد تدفع البنك المركزي إلى تحريك سعر الفائدة صعوديًّا، تتمثل في ثلاث نقاط، أولها التحول الملحوظ في منظور صندوق النقد الدولي فيما يتعلق بالطبيعة الملحة للإصلاحات التي يجب على مصر الشروع فيها بشكل عاجل، والتي تؤكد على التحول نحو استهداف التضخم مقابل مرونة سعر الصرف سابقًا.
تحريك سعر الفائدة قد يتبعه طرح البنوك الحكومية أوعية بعائد مرتفع
وأضافت خبيرة الاقتصاد الكلي، أن هذا التعديل يعكس تحولًا في الأولويات ويرسل إشارات تستدعي مزيدًا من التشديد النقدي، متوقعة أن تتم مواءمة تشديد السياسة النقدية في المستقبل بشكل وثيق مع وتيرة انخفاض التضخم ومسار توقعاته.
وتابعت: هذا التوقع الجديد يبتعد عن توقعاتي السابقة بأن تعديلات السياسة النقدية ستتزامن مع التعديلات المرتقبة في سعر الصرف.
ولفتت بدير، إلى أن ثاني محور محرك لقرار المركزي، هو اتجاه التضخم في الولايات المتحدة والدول المتقدمة للتراجع، مع توقعات تشير إلى مزيد من التحسن في عام 2024.
ورجحت أن ينعكس هذا على ظروف التشديد النقدي العالمي، متوقعة أن تتجه معظم البنوك المركزية في الدول المتقدمة بما فيها الفيدرالي نحو تخفيف السياسات النقدية في وقت لاحق من 2024، ويدعم هذا توقعات الفيدرالي الأخيرة والتي تشير إلى الاتجاه نحو خفض الفائدة على صعيد ثلاث اجتماعات.
وأضافت بدير، أن المحور الثالث المؤثر في قرار المركزي يتمثل في أن السوق في الفترة المقبلة ستشهد استحقاقات للودائع مرتفعة العائد خلال شهر يناير القادم، وهذا يتزامن مع توقعات أن يستمر التضخم بالتراجع بوتيرة كبيرة مدفوعًا بتأثير سنة الأساس، ما قد يدفع المركزي للتحرك استباقيًّا برفع الفائدة بشكل يدعم العوائد الحقيقية للأصول المقومة بالعملة المحلية.
وأشارت بدير، إلى أن تحرك سعر الفائدة قد يتبعه على الأغلب طرح البنوك الحكومية أوعية ادخارية قصيرة الأجل أقل من عام بفائدة مرتفعة تتخطى حاجز 25%، لتحقق عوائد إيجابية مقارنة بمستويات التضخم المتوقعة خلال الربع الأول من عام 2024 في حدود 23%، ما يقلل الضغوط على الجنيه.
وأضافت أن تلك السياسات النقدية التشديدية المرتقبة، تتزامن معها سياسات مالية تشددية خلال الربع الأول من العام المقبل منها رفع أسعار الطاقة، إضافة إلى حصول مصر على تدفقات نقدية أهمها الشرائح المتأخرة من صندوق النقد الدولي، ما يعزز ثقة المستثمرين ناحية قدرة الاقتصاد على مواجهة الأزمة الراهنة، ويساهم في علاج التشوهات أو النقص في المعروض الأجنبي، خاصة أنه يساعد في تحجيم مستويات التضخم، وبشكل خاص التضخم المرتبط بشح المعروض من سلع معينة.
وذكرت بدير، أن هناك مجموعة عناصر سريعة التغير كالتضخم والتدفقات ومسار السياسة النقدية واتجاه الفيدرالي وجمعيها تواجه مخاطر، في مقدمتها توقيت ومقدار الخفض المتوقع في سعر الصرف، مشيرة إلى أنه لا يمكن معالجة الاختلال في سوق سعر الصرف دون تخفيض الجنيه، بما يؤثر بشكل كبير على التضخم.
ترجيح تراجع التضخم إلى 23% خلال الربع الأول من 2024
وأضافت أن ثاني تلك المخاطر هي وتيرة تشديد السياسة المالية المرتبطة برفع أسعار الكهرباء والمحروقات، وثالث تلك العوامل التي تمثل تأثيرًا على توقعات التضخم ومسار الفائدة والتدفقات وهي التوترات الجيوسياسية، والحديث هنا ليس عن المنطقة وحسب بل يتخطى ذلك إلى حرب روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى الانتخابات المرتقبة في أكثر من منطقة بالعالم، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة في ظل زيادة احتمالية أن تشهد هذه الانتخابات مواجهة أخرى بين بايدن وترامب، ونتائجها قد تكون مربكة للاقتصاد العالمي ولأمريكا، بالإضافة إلى تأثير التوترات الجيوسياسية على أسعار الطاقة.
وأكدت أن رفع سعر الفائدة لن يكون تأثيره إيجابيًّا على سوق المال والبورصة، وأن حركة الأسهم تكون أكثر إيجابية مع خفض سعر الصرف، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن هناك عدة عوامل تؤثر على السوق، منها إتمام برنامج الطروحات.
وعلى صعيد الأنشطة المالية غير المصرفية توقعت بدير، أن تتأثر سلبًا بارتفاع الفائدة وتراجع الطلب، خاصة التمويل الاستهلاكي الذي يتأثر بتراجع الطلب وارتفاع التكلفة.